نشرت جريدة القبس الكويتية اليوم
الخميس :3/5/2007
قصة بعنوان (حقيبة متربة وجورب أبيض ) للأديب / حسام القاضي وهي من قصصه الجديدة التي لم تنشر من قبل.
فهنيئاً له ولنا ، ولجريدة القبس ، والشكر موصول للشاعرة القديرة / سعدية مفرّح.
.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
لوحة للفنان سعود الفرج
قصة قصيرة:
حقيبة متربة وجورب أبيض
03/05/2007 وضع اذنه اليمنى على الباب، استرق السمع، ثم وبحذر متناه امسك بالمقبض واداره، تحرك الباب تاركا فرجة صغيرة سمحت له بإلقاء بصره الى الداخل، ظلام دامس، انحنى ليسمح لضوء الردهة خلفه بالسقوط حدق مليا، كانت هناك في فراشها، وقد انحسر الغطاء عن ساقيها اللامعتين، حرك الباب ببطء شديد حرص فيه ان يند صريره قبل مولده.
بخطوات حذرة اتجه صوبها، تبدت امامه كاملة، ثنت ساقها اليمنى فانزاح الغطاء اكثر، امسك طرف الغطاء وهم ب.. ولكنه خشي ان.. تركه وتراجع، جثا على ركبتيه يتأملها.
غاص رأسها في الوسادة، انتشر شعرها عليها محيطا برأسها في فوضى جميلة، قسمات وجهها الناعمة مستكينة مع ابتسامة.
ابتسامتها كانت تزلزل كيانه دائما، تدك حصون قسوته المصطنعة، تنسف جبال انفعالاته الغاضبة، فيتبدل من حال الى حال، يسرع متواريا عن عينيها كي لا تلمح الشلال المنهمر من قمة الجبل.. من قطرات ساخنة.
شعر بسخونتها على وجنتيه، حاول ايقاف جريانها فازداد انهمارها.
'سامحيني فقد اجرمت في حقك، لكني لم اقصد والله، ما حدث كان رغما عني..
- رأسك الحجري هذا هو السبب.
- لا يصح الا الصحيح.
- اذا وداعا.. لا تنس الحقيبة.
بيديها كانت تحرص على تنظيفها، وتلميعها له، ليحملها ويخرج.
في طريقه كان ينظر الى النافذة مبتسما، ثلاثة كفوف تلوح له، اثنتان صغيرتان بينهما واحدة كبيرة.
الآن هي في مكانها الدائم، ضاعت معالمها تحت امواج الاتربة المتراكمة عليها، يدها تظهر بالكاد، باقي تفاصيلها انسحبت تحت وطأة هذا الهجوم المتكرر المزمن.
تحركت يدها لا اراديا تبحث تحت الوسادة عن شيء ما.
انهمرت دموعه بغزارة 'آه.. هل تكررين هذه الفعلة دائما؟ هل تبحثين عن قالب الشيكولاتة؟ رحماك يا ربي.. سامحيني.. كنت اريد لك الافضل دائما.. لم يكن بيدي.. لم استطع ان اصير مثلهم.. ليست بطولة مني، ولكن هكذا خلقني الله.. يوما ما ستدركين كم كنت احبك رغم كل ما جرى'.
تململت، انكمشت متكورة على نفسها.. مد يده امسك بطرف الغطاء، جذبه لم يخش ان يوقظها هذه المرة.. سحبه على جسدها، واحكمه عليه.. راوغ يدها الممتدة الباحثة في الظلام، افلت منها واقفا، قفل عائدا للباب بظهره تتبعه قطرات ساخنة منهمرة عندما لمح تحت فراشها حذاء صغيرا ممزقا.. وجوربا ابيض.
حسام القاضي

http://www.alqabas.com.kw/Final/News...ticleID=271135