أين أنتِ منّي ؟
بعثت له مع هدهد العشق رسالة فارغة إلاّ من سؤال : أين أنا منكَ ؟
فردّ لي الجوابَ سؤالاً: أين أنا منك أنتِ.؟ ففي جوابك الجوابُ..
حيرة بل حيرتان ، دهشة و دهشتان..
كان سؤالا .فصار سؤالين يبحثان عن جواب..
أين أنت مني؟ يلدغني السؤال فأنتفض أبحث بين ضلوعي عن طيفك،اسمك،صوتك،نبضك
أين أنت مني؟ ومتى صرت مني؟
سؤال يتمدّد إلى مائة سؤال..
و تنطق الرّوح هو منّي ، نديمي، وميض النور في مدني،نافخ الروح في زهري مذ أتى هنا..
فيأتيني سؤال:
كيف أنا منذ زمن قبل أن تكون هنا الآن؟
بضع سنين من قبل،قاحلة صحرائي،بكماء مُزَني لا تفتح فاها و لا تجود بسيل..
رمال و رمال، جفّت بئري ،لا ناي يشدو بقلبي إلا عواء الحزن يطربني. ريح النواح تسقط نخلتي.
مثقلة الخطى بسمتي مازالت تحبو تسبقها في الركض دمعتي..
أحلام عجاف و الفرح تشربه حسرتي..
هواجس الظنون تلفّني ،و خيبة الرجاء تصفعني..
تنحدر الدمعة تغسل ثوبي و تغرق في لجّتها نرجسيتي..
فتخنقني الشهقة و تصرعني الرغبة، ينطق الصمت مستجديا عنقاء الروح احترقي لتخرج من رمادك روح عنقاء تخترق اللهيب.
عشتار جفت ينابيعك فيا تمّوز أين أنت ؟
اقترب و لامس القلب،يكفي مرورك فترقص الغيمات ،يكفي نسيمك فتهتز الرمال.
كن نهرا جاريا يبعث الحياة في جسد آيل للفناء.،فاسكب زلالك و اخرج من أرض بور نخلاً .
و زيتونا و فاكهة و أبا،عسلا مصفى ، كرزا و عنبا..
أتيتني فكنت تمّوز الروح،ربيع عمري ،غابات شعري ،أذقتني عشقا يثملني نبيذه و وجدا يبعث في الميت مني الحياة..
أموت مرة و مرتين،و في جسدي تبعث الحياة مرتين.
من رحم الحزن تولد الأفراح..من الموت تنبعث الحياة...
تموز أنت و هل لي دونك حياة؟
كنْت عودا بلحن يكْسِره الهَمس و نغْمة يسْرقها الصّمت ، كَان ينْقصني وتــَر، فكنت أنْت زِريابا أتيْتني بوتر أخْرج قَلبي مِن نشَاز الأنين إلى تغْريد الفَرح.
أنت مني الروح هذا جوابي و فيه فصل الخطاب .