أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: منولوجية الجدث وأكسجين الموت : حسين الهنداوي ـ حاتم قاسم

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين الهنداوي قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 49
    المواضيع : 37
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي منولوجية الجدث وأكسجين الموت : حسين الهنداوي ـ حاتم قاسم

    مونولوجيه الحدث و أوكسجين الموت
    في نص( رقصة الموت )
    للأديبة : إيمان الوزير
    الدارسان : حسين الهنداوي _ حاتم قاســم

    نص القصة القصيرة : رقصة الموت للكاتبة إيمان الوزير
    رقصة الموت

    أفاق فجأة من سبات طويل ، يجمع من الظلام الدامس بعض ضوء خافت كان ينبعث من جهاز معلق بقربه ، ترامى إلى بصره أشباح متدلية من أعلى السقف ، شحذ بصره نحوها فعرف أنها محاليل معلقة فوق رأسه ، بدأ يستجمع وعيه محاولا تذكر ما حدث ، انهالت عليه جموع الأسئلة تقارع جسده المصفد ، شعر بأجهزة التنفس كجنازير تلتف حول أنفه وفمه ، وأحس بشيء خفيٍ يتراقص


    في أوصال جسده المشلول ، وبدأ الخاطر يتحدث من جوفه نيابة عن لسانه الذي كان مسلوب الإرادة. يداعب ذاكرته بأحرف متلعثمة : ما الذي حدث ؟ كيـــــف وصلت إلى هنا ؟ ، كنت أمارس غواية القمع ، فهل انقلب السحر على الســــاحر وابتلعتني الأمواج ، تراجع الخاطر أمام أصوات أجهزة التنفس وأنابيبهــــا التي كانت تفرض على شرايينه مزيدا من الحصار . تقرع في أدنيه قرع الطبول ، راح خاطره يتساءل في غضب : ما الذي يضعون في هذه الخراطيم التي تقضـــم أنفي وفمي كسمكة قرش هل هو أوكسجين أم غاز مسيل للدموع ؟
    جفل فزعا من جملته الأخيرة ، أحس بصدره يعلو ويهبط كأفعى كوبرا تتلوى على إيقاع الطبول القادم من الأجهزة ، فصاح : : كفى ..كفى لا أريد أن أموت ، أين أنتم أيها الأطباء الملاعين ! أين أنتم يا معشر الأشكناز ؟
    ألم نشرب سوية نخب يهوه ؟ لأجلكم أفقدتهم هدأة الســـــــبات في هجيع الليل ، وبنيت لكم حوائط من أشلائهم . أنا الآن هاهنا مسجيا مهملا مشلولا لا يسمعني منكم أحد!
    توقف خاطره فزعا على قيئ يندفع من أمعائه ، يجتاز فمه وأنفه نحو الكمـــــامة الموصودة على فمه بمزلاجها كباب زنزانة ، تداخل خاطره مع قيئه في امــــتزاج موحل يشبه أرض الزنازين الانفرادية ، كان اندفاع القيء كافيا لاقتحـــــــــام باب الزنزانة في سيل جارف يجتاز مســـــاحة الخد المتجعد في وديان تندفع نحو أذنه وتخترق الطبلة ، بعض القيء عاد مرة أخرى إلى بلعومه فلامس لســــانه مرارة العصارات ، وانهالت دموعه تمارس الغواية مع القيء تحمله إلى عالم الهذيان ، أحس بالاختناق يفّحم جسده ، وانبرى خاطره يلهث بحثا عن طوق نجاة ، زاغت عيناه وتعلقت بسقف الحجرة فرأى جموعا غفيرة من الأشباح تتراقص أمامه في ابتهاج ، ازدادت مساحة الاختناق في جسده ، التفت جموع الأشـــــــــــباح حوله تراقصه( التانجو ) ، تدنو منه وتبتعد مطلقة صيحاتها ، كان الاختنـــــــاق قد بلغ أوجه فراح خاطره يبتهل بتضرع للحشود : كفوا عني ســــأرحل عنكم ، صدقوني إنها المرة الأولى التي لا أكذب فيها ، سأعود إلى بولونيا ، أعلم أنني لن أكفر عن ذنوبي التي تخطت الآلاف ، لم أشـــــــــأ يوما بناء هيكل الرب بقدر ما أردت هدم كبريائهم ، كانوا في مملكتي ذبابا متوحشا ، جنادب تتطاير من حولي ، كابوســـا فاسدا يجب تجريفه ، عدوى أخشى أن تنتقل إلى جيـــــــراني فيزداد كمّ الذباب من حولي، نفثت السموم في أوردة جيراني فأغلقت عليهــــم باب الأرض وســــــقف السماء .
    اقترب الراقصون منه وبدؤوا يمسكون جسده ويدغدغون رأســــــــــه ، يترنحون بأجسامهم مطبقين على صدره ، صرخ خاطره في فزع وراح يفتش عن مكــــــان آمن داخل قلبه ، طاردته الجموع إلى داخل جسده ، بدأ الخاطر يفر من شـــــريان إلى وريد ، اقتحم جدار المعدة ، وأحدث فجوات داخل أمعائه والراقصون يعبرون الطرقات يدوسون بأقدامهم أحشاءه ، يســـــــــــبحون في برك الدماء يغبون منها ويثملون ، والخاطر يفر منهم جزعا ، حتى وصــــــــــل إلى القلب لجأ إلى البطين الأيمن والراقصون يطاردونه ، يضيقون عليه الحصار ، يلتهمون المضغة بشره ،يترنح الخاطر بين أفواههم ، الأجهزة المعلقة تصرخ ، حشود الأطباء والممرضات تملأ المكان تحاول إنعاش القلب ، لتتسع مساحة الرقص من الداخل والخارج ، وهو يصيح ... يستجدي بلا كلمات ..بلا لسان ...بلا خاطر ...بلا قلب ، لا أحد يسمع الأنين في حلبة رقص مجنونة ، و الكل يلهث لإحياء ميت !!!!


    رؤيوية الحوار الداخلي ( حاتم قاسم )
    بين انبثاق المفردات و بوح الحروف يتسلل ضوء الحدث إلى مرايـــا النفس المقعرة في قصة تسبر الذاكرة و ترتسم على حواشيها محفورة بدمـاء الأطفال الفلسطينيين لجسد مارس البطش و شرب نخب الدماء و رفع راية الوحش الذي لا يعرف الرحمة 0
    يفتح فمه في حمحمة السؤال ( هل من مزيد ) ، توصد الأسئلة أمام باب الزنزانة و تحت قيود السلاسل و يشرب القابعون على صدر فلسطين نخب الدماء 0
    على أشلاء فلسطين تقرع الحروف طبول الشمس و على نسغ يخضورها ينبعث الأمل من خلال ( رقصة الموت ) للأديبة القاصة إيمان الوزير التي تحـمل إلينا في ما وراء سطورها ذاكرة ( انقلاب السحر على الساحر ) إنها ذاكرة ليــست مسلوبة الإرادة لأنها تصارع وحوش بناء هيكل سليمان كما يزعم المارقون 0
    تتقاطع الأحداث في نقطة التمركز و تزداد مساحة الاختناق في رئتي المـوت و بين بوح الرغبة في هدم الكبرياء من عيون شعب لم يعرف المساومة على ذرة تراب من وطن و بين سموم تجاوزت الأوردة لتطبق باب الأرض و ســـقف السماء 0
    مونولوج داخلي و صراع نفسي لذاكرة تقضم أشلاء الطفولة بين ظهرانيها و أما السيل الجارف من الدماء فيبقى النخب الذي يعشقه هذا الصهـيوني المتجذر في أصوله الاشكنازية 0 صورة رسمتها لنا الأديبة إيمان الوزير مسـتلة من صدر ذلك المهاجر الوغد طموحاتها اللاإنسانية في تشريد وقتل الآلاف و الملايين من أبناء فلسطين و حتى في صراع هذا الاشكنازي يطبع اللون و يميز العرق 00
    طابع موسوم بوسم الحقد وممارسة القمع على الآخر 0000 هذا ما أطرته لنا الكاتبة إيمان الوزير بعباراتها الحنظلية المذاق ( لأجلكم أفقتهم هدأة السبات في هجيع الليل 00 و بنيت لكم حوائط من أشلائهم ) 0 ليبقى السؤال في مسـاحة ضيقة لاهثة يبحث في زفيرها عن جواب قاتل ( كيف وصلت إلى هنا ) 0
    إنها النتيجة التي تحمل معها أجهزة التنفس للجسد المشـلول الذي لم يعرف من الحياة إلا طعم الموت 0000000 و أما دموع التماسـيح التي تختنق في غيها أكانت تدرك هذا الطعم 0
    لسن حال القاصة التي شردتها طموحات المهاجــرين اليهود لتحل محلها يتمتم بحروف واعدة 000 لترحل أيها الاشـــكنازي عن قاموس لم تولد فيه و عن حروف نبذتك كما أنت تنبذ الموت ( كفى 00كفى 00 كفى 00لا أريد أن أموت )
    عد إلى موطنك الأصلي !!!0000
    ( سأعود إلى بولونيا ) 00000000
    أما الأوكسجين فلن تلوثه بزفراتك التي تجتاز مساحة الأسـئلة المعلقة في برك الدماء فأوكسجين الحياة لن ينعش الجسد الميت كما أبرزت الأديبة ذلك في معالم حدثها القصصي لأن دمه الملوث بغاز ثاني أكسيد الكربون لم يعرف أن الطفولة الفلسطينية هي التي تمتص أوكسجين الحياة و أن الشمس تكسر أصفاد القيود و هذه هي الرؤية التي حملها إلينا من قبل شاعر فلسطين سميح القاسم حين قال :
    أهون ألف مره
    أن تطفئوا الشمس
    و أن تحبسوا الرياح
    أن تشربوا البحر
    و أن تنطقوا التمساح
    أهون ألف مره
    من أن تميتوا باضطهادكم
    وميض فكره
    وتحرفون عن طريقنا الذي اخترناه
    قيد شعره
    إنها المعاناة نفسها التي جسدت روح الأديب الفلســطيني شاعراً و قاصاً إزاء مواقف الموت التي يتعرض لها الشعب الفلســـطيني حيث تنضج الكلمــات بأوكسجينها الحي بأوردة تتدفق منه الأنفاس ليــشرق صـدى البوح من على صهوة المجد 0
    هنا أطفال قانا 000 هنا أطفال صبرا 00 هنا أطفال جنين 00 هنا دير ياسـين 00 هنا كفر قاسم 00 هنا ملحمة الدماء المقدسية التي لا تجدد أوكسجين الحياة إلا برقصة الموت 0
    النبضة الشاعرية في مونولوجية رقصة الموت ( حسين الهنداوي )
    حين تتخطف الحروف أوهام الذاكرة و تسـتبر الكلمات أعماق الروح الفلسطينية المكتوية بنار الموت تبرز لغة الشاعرة و مفرداتها التي تصــطبغ بحنين الألم و همهمة الدماء حيث تبدو روح الكاتبة مفردات تتحدث بلغة المسلوبين الباحثين عن إعادة ما سلب منهم 0
    مفردات محشوة بصواعق الموت 0000 لا يمكن للذاكرة الفلسـطينية الأدبية إلا أن تقف على عتبات الصراع الحقيقي مع العدو الصهيونـي الذي تعدى منذ أول لحظة صراع الحدود إلى صراع الوجود و هذا ما أكدته الكاتبة إيمان الوزير منذ الحروف الأولى حيث طلعت علينا بعنوان نصها ( رقصة الموت ) وكم تحمل هذه القيمة التعبيرية و التصويرية في طياتها من معاني تثبت أن الشعب الفلسطيني لا يقبل أن يكون كالهنود الحمر 000 إنها مونولوجية الحدث الذي أبرزتـه عربة الخيال عند الشاعرة بتشبيهات حسية واقعية لا تتعدى ما تراه العين الفلسطينية التي تأبى إلا أن تنزف دماء الشهادة من أبنائها
    (( تراجع الخاطر أمام أصوات أجهــــزة التنفــــس وأنابيبها التي كانت تفرض على شرايينه مزيدا من الحصار ))
    (( أحس بصدره يعلو ويهبط كأفعى كوبرا تتلوى على إيقاع الطبول ))
    (( زاغت عيناه وتعلقت بسقف الحجرة فرأى جموعا غفيرة من الأشباح تتراقص أمامه في ابتهاج ، ازدادت مساحة الاختناق في جسده ، التفت جموع الأشباح حوله تراقصه( التانجو ) ، تدنو منه وتبتعـــد مطلقــــة صيحاتها )) 0
    (( بدأ الخاطر يفر من شريان إلى وريد ، اقتحم جدار المعدة ، وأحدث فجوات داخل أمعائه والراقصون يعبرون الطرقات يدوسون بأقدامهـــم أحشاءه ))
    أنها لغة القصة التي تحمل في ذاكرتها شاعرية المفردات فالأديبة تنقلنا من خلال الحدث القصصي إلى خيال شعري واع يحرض الروح و يحرك دوافع الشوق لاقتحام المجهول و إن أدى ذلك إلى رقصة الموت ناهيك عن إن قيم العبارات التعبيرية تزداد ألقاً بمفرداتها الواعدة التي تشحن النفس بأفانين الثورة من أجل إعادة الأرض 0
    نص متفرد يحتاج إلى قراءة أخرى تسبر أعماق روح الأديبة لاكتشاف ما تكتنزه من شوق إلى تراب الوطن 0
    تفضلوا بزيارة مدونتي

    hosn955.maktoobblog.com

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد إبراهيم الحريري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 6,296
    المواضيع : 181
    الردود : 6296
    المعدل اليومي : 0.95

    افتراضي

    الأخوان الكريمان ، أبو مؤيد الشاعر والأديب حسين الهنداوي ـ الأديب الناقد أبو محمد حاتم قاسم ـ تحية إجلال وإكبار لما قدمتما
    ومن الشكر تباشير الأمل
    تنثر الود على خد الخجل
    كلما هبت ترانيم الأماني
    بوميض الفجر من شمس الغزل
    سهر العشاق ليلا فأماط الوجد
    قرصان الزلل
    وسهاد الثغر لملم شهده
    ببيان سح طهر البوح من
    ريق الزجل
    وتحيات رفيق ضمختها
    بنمير الزهر أيات
    الوجل
    ـــــــــــ
    ماذا أقول وقد أبدعتما وقدمتما لنا أديبة ضمن رؤية نقدية طالت بيراع الصدق نجوم الفلق رقة وبيانا
    تحياتي لكما
    دمتما بخير
    أخوكما محمد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية حاتم قاسم شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 91
    المواضيع : 19
    الردود : 91
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    الأخ العزيز الأديب الشاعر / محمد إبراهيم الحريري / أبا القاسم
    الشــــــــــــــــــــــ ــاعر الشــــــــــــــــــــلا ل
    من يراع الحروف تبزغ الكلمات التي تحيط بهالة الشمس و كأن أقمار
    بصر الحرير تنزف خيوطاً حريرية تتعانق مع نجوم السماء اللامعة 00
    كلماتك تثير دفين الشوق في النفوس الطامحة و بصماتك الشـــــعرية
    تكحل بمرودها صفحات الواحة 00 دمت بود
    مع خالص المودة و التقدير
    حاتم قاسم - حسين الهنداوي

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة انطباعية في نص مراسم الزفاف للقاص خليل النابلسي بقلم حسين الهنداوي - حاتم قاسم
    بواسطة حاتم قاسم في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-02-2007, 06:00 PM
  2. مونولوجية الحدث و أبعاد الرؤى في نص المتفوق الأول/ الدارسان:حسين الهنداوي - حاتم قاسم
    بواسطة حاتم قاسم في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-10-2006, 09:23 PM
  3. حوار مع الناقد الأدبي حسين علي الهنداوي ///حاوره حاتم قاسم
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 15-10-2006, 06:58 PM
  4. الفجائعية المرة في نص ( القادم لن يأتي ) الدارسان : حسين علي الهنداوي - حاتم قاسم
    بواسطة حسين الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-09-2006, 11:33 PM
  5. قراءة في قصة ( درب أم الدويس ) للقاصة سارة النواف- الدارسان حسين الهنداوي- حاتم قاسم
    بواسطة حاتم قاسم في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-08-2006, 11:19 AM