لقــــــــــــاء ... !

1
" ... سَآتيكَ هذا المساءْ
سآتيك حتمَا..
سَنشْربُ نَخْبا وماءْ،
ونَزْرعُ في الأرْضِ نجْمَا..."

ورُحتُ أُرَدِّدُها في انْتِشاءْ
كطفْلٍ صغيرٍ يُكَوّرُ اسْمَا:
ستَاتِينَ هَذا المَساءْ
ستَاتينَ حتْمَا
سَنشْربُ نخبًا وماءْ
ونَفْتحُ بابَ الرّجاءْ
لأسْمى
لِقاءْ.

فأَنْتِ اخْتِصارُ الفُصولْ،
وأنتِ الهَواءْ،
وأنْتِ انْتِشارُ النّدى في الحُقولْ،
وأنْتِ اشْتِعالُ البَنَفْسج عنْد المَساءْ؛

وأنْتِ اخْتِراقُ الضّياءْ
لِليْلٍ يَطولْ
بغَيْر انْتِهاءْ.
وكُلِّي فُضولْ
لِهذَا اللّقاءْ،
لأَكْشِفَ هَذا الجَمالَ الخجولْ
وهَذا النّقاءْ.

وأَبْلغْتُ لِلأَصْدقاء اعْتِذاري،
لألاّ يظَلّوا هُنَا في انْتِظاري،
ونَظّمْتُ وقْتي
ورَتّبتُ بَيْتي
بكلّ اعْتِناءْ :
فرَشْتُ الزّهورْ
رَشَشْتُ العُطورْ
وأَحْضَرْتُ حتّى نُجوم السّماءْ؛
لأَنثُرَها في الهَواءْ.

تَدبّرْتُ كُلّ الأُمُورْ
لألاّ تُحِسّينَ بَعْضَ الجَفاءْ
وبعضَ النّفورْ :
هُنا تَجْلِسينْ
هُنا تَفْتَحينْ
ذِراعَيْكِ لي في ارْتِخَاءْ،
لأرْشِفَ منْكِ رَحيقَ الوَفاءْ..

هُنا تَنْظُرينْ
إليّ بِعَيْنيْن، نامَ المَساءْ
بِهُدْبِهِمَا تحْتَ فَيْء الحَنينْ.

هُنا تَرْقُصينْ
مَعي مثْل عُصْفُورةٍ في الهَواءْ؛
هُنا تَحْلُمينْ
بأنّا سَنَرْقى معًا في سُدومِ الفَضاءْ،
لِيَصْنعَ فينَا الهَوى ما يَشاءْ

هنا تُدركينْ
بأنّا أضَعْنا..أضعنَا سِنينْ،
ولمْ نَكْتَشفْ قَبْل هذا المَساءْ
بأنّا خُلِقْنا..
خُلِقْنَا..
لِهذَا اللّقاءْ.

وَأَتْعَبْتُ رَأْسي
وعاتَبْتُ نَفْسي
بِدونِ انْتِهاءْ:
تُرى هَلْ يَليقُ المَجالْ
لِهَذَا الجَمالْ
وهذا الدّلالْ،
لِشَمْسٍ تُؤثِّثُ وَجهَ الفَضاءْ
بِأدْنَى عَناءْ.

تُرى هَل يَروقُ المَكانْ
لِفَيْضِ الحَنانْ
لنَبْعِ الشّذى
وعَزْف الكَمانْ؟

سَتَاتينَ هذا المَساءْ،
ستاتينَ هَذا المَساءْ،
أَخيرًا
أَخيرًا..
سَيعْرفُ بَيْتي عَبيرَ الأنوثـَـــــةِ
..عِطْرَ النّســــــــــاءْ.
ستَشْربُ نفْسي
نَسيمَ الهَواءْ،
أخيرًا
أخيرًا
سَيُفْتح باب السّماءْ.

2
وجاءَ المَساءْ
وراحَ المَساءْ،
ومَا مرّ طيفٌ بِداري،
وطالَ انْتِظاري
وطالَ انْتَظاري
ومَا منْ رَجاءْ.

وَفي لَحْظةٍ منْ سُعارِ
تَذَوّقتُ طَعْم الشّقاءْ،
تَجرّعتُ سُمّ الرّياءْ
وأَدْركْتُ معْنى انْكِساري
ومِنْ كُوّةٍ في الجِدار،ِ
رَأَيْتُ الحَقيقَةَ.. ما مِنْ فرارِ
رأيْتكِ..أنتِ
تَمُرّينَ مِنْ خَلْفِ بيْتي،
وعانَقْتِ جاري
وقَبّلْتِ جاري،
وأعْلَنْتِ يَوْم انْتِحاري
وأعْلنتِ يوْم العَزاءْ.

- ..سآتيـــــــكَ هَذا المَســــــاءْ
سآتيكَ حتْمـــــــــــــــــــــ ـــــَا
سنَشْربُ نَخْبـــــًا وَمــــــــــــاءْ
ونَزْرعُ في الأَرْضِ لُغْمَــــــــا..!

كانت حكاية حب جميلة إلا أنَّها صدمةٌ مريرةٌ في نهايتها
شكرا لجمال حرفك الشاعري

الشاعرة براءة الجودي
شكرا لمرورك العبق
لك مني أجمل تحية