أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 16

الموضوع: (( ... شهـــــــــــــــــادة وفاة ... )) قصة قصيرة

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    المشاركات : 8
    المواضيع : 3
    الردود : 8
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي (( ... شهـــــــــــــــــادة وفاة ... )) قصة قصيرة

    (( .. شهـــــــادة وفاة .. ))




    حينما لا مست قدماي رصيف الشارع كان قناع من جمود يكسو كل ملامحي وقد حجبت الرؤية أمامي غلالة حاولت جاهداً أن أزيحها عن عينيي وأنا أحاول أن أتغلب علي هذا الزحام الذي احتشد أمام منزل في بداية المنعطف الصغير حتى أني لم أشعر بذلك الشخص الذي اندفع نحوي كالسهم حاملا عني الحقيبة ولسانه يردد عبارات لم أتبينها ولم ألق لها بالا وإن كانت لا تبعد كثيرا عن (عنك أنت يا بيه) التي اعتدتها كثيرا بينما عني آخر بغلق باب السيارة التي هبطت منها للتو ... صوت واحد تردد في فراغ رأسي كما يترد الصدى في الحجرة الواسعة كان عامل الصحة الذي يدعي الحذق ويعشق الظهور والذي اندفع نحوي بدوره ثم راح يتقدمني بخطوات ضيقة موليا جانبه للزحام بينما راح يفسح أمامي نهر البشر وهو يميل نحوي قائلا:
    ـ عاوزين نخلص إجراءاتنا بسرعة يا باشا .. الراجل طول عمره بتاعنا .. و بعدين دا عضمة كبيرة .. وأنت عارف الصيف وبهدلة الحر .. ربنا يكرمك يا بيه أنت عارف إن عم مجاهد الله يرحمه ماكانش له حد غيرنا
    لا أدري لماذا شعرت بهذا الكم من الضيق علي الرغم أنها ليست المرة الأولي لذلك وأني لم أظهر له ذلك الشعور من قبل كل ما فعلت أن أومأت برأسي بلا معني ولا ريب عندي أنه قد فهم في ذلك تأكيداً مني لكلماته .. كان هذا بينما أخطو بقدمي للمرة الأولي داخل عتبة البيت علي الرغم من أن عم مجاهد يعمل معنا منذ سنوات ولا أدري لماذا وقتها طالعت بهو المنزل المتخم بالبشر بهذا الاهتمام كأنما أبحث بين الركام عن وجه مفقود بلا فائدة .. كان هذا قبل أن يستقر بصري علي الجدار المقابل حيث طالعتني صورة أبيض واسود اصفرت أوراقها بينما غلفها إطار قديم لعم مجاهد بعكازه الأثير وعلي وجهه ابتسامة فخورة بينما تعانق يده يد الرئيس أنور السادات في زيه الرسمي .. من منا لم يعرف قصتها .. !!
    ـ وسع يا أخينا منك له الدكتور وصل .. عاوزين نخلص تصريح الدفن عشان ننتهي .. إحنا ورانا لسه دفنة يا جدعان ..!
    قالها عامل الصحة وهو يدفعني بيده نحو حجرة عم مجاهد المغلقة

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    ـ عم مجاهد ده بركتنا كلنا يا دكتور
    قالها وهدان مختص التوظيف وهو يقدم لي عم مجاهد فرفعت عينيا نحو الرجل الذي تقدم نحوي بخطوات مترنحة كبندول مجهد تتقاسمها ساق إنسان وحيدة وعكاز خشبي غليظ .. والعجيب أني لم ألتفت إلي ملامحه للوهلة الأولي .. بل خطف انتباهي هذا العكاز الذي ارتكن عليه الرجل بينما امتدت يده نحوي فصافحته سريعا ولا ريب أن وهدان نفسه قد شعر بما يعتمل في رأسي فبادرني قائلا :
    ـ عم مجاهد من أبطال الحرب يا بيه .. كل الناس هنا يعرفوه كويس ..
    ثم أكمل بحذق كأنما يحاول ان يحتوي ما قد يتبادر لذهني من رفض قائلا:
    ـ بعدين ده هيشتغل معانا مؤقتا .. أصل ..
    هنا تحدث عم مجاهد للمرة الأولي وقد فهم بدوره ما يدور بخلدي
    ـ أصل الرئيس نفسه وعدني أنه هيوفر لي شغل يا بيه
    لفتت عبارته إنتباهي بشدة فاستدرت أطالع ملامحه الودودة للمرة الأولي وهو يتبع بحماس:
    ـ الرئيس السادات نفسه يا بيه وصي عليا المحافظ ووعدني أنه هيشوفلي شغلانة قريب
    وهنا التقط وهدان طرف الحديث من لسانه قائلا:
    ـ عم مجاهد الرئيس كرمه في احتفالات أكتوبر اللي فاتت باعتباره من أبطال الحرب ووعده أنه هيوفر له شغلانه ياكل منها عيش بس لسه المحافظ مبعتلوش .
    وحينما شخص بطرف عينيه نحو ساق الرجل الوحيدة فهمت ما يعنيه لكني لم أجد وقتها ما أقول فاستدرت بدوري نحو عم مجاهد قائلا:
    ـ أنت عندك ولاد يا عم مجاهد ..؟
    ردد وقد لانت ملامحه عن ابتسامة:
    ـ عندي علي يا بيه ربنا يحميه
    بادلته الابتسام وأنا أتبع:
    ـ دا عال قوي بس أنت تاخد بالك منه هو و مراتك
    لانت ملامحه عن ابتسامة من نوع آخر ثم أتبع :
    ـ أم علي تعيش أنت يا بيه
    تنحنحت في حرج:
    ـ تعيش وتفتكر يا عم مجاهد
    ثم استدرت نحو وهدان لأخفي حرجي
    ـ خلاص أنت تشوف إجراءاتك ... من النهارده عم مجاهد معانا .. وإن حب يفضل معانا علي طول أهلا بيه
    قلتها وانصرفت بينما شيعني الرجل بدعائه
    كان هذا منذ زمن بعيد يا عم مجاهد ..!

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    في جوانب الغرفة خافتة الإضاءة كانت الحياة تردد باقتدار عابث أنشودة الموت بينما تعبق رائحته جو الحجرة من حولي
    رائحة لا يدركها إلا من قدر له أن يعتادها
    وأنا أعتدت هذه الرائحة
    اعتدتها في هذا الصمت الذي لا يشوبه ضجيج
    وذلك السكون الخال من الحركة
    وذلك الجسد المسجي أمامي وقد فارقته الحياة

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    ـ أنت مش ناوي تموت بقي يا عم مجاهد..؟
    رددها وهدان في وجهه بلا مبالاة من باب المزاح الثقيل في جلسة مازحة
    لم تترك الكلمة تأثيرها المتوقع علي وجه عم مجاهد الباسم .. بل زادته ابتساماً حتى أني قد تعجبت لذلك قبل أن يقول برضا:
    ـ ربنا يديكوا طولة العمر يا سيادنا
    ثم استأنف بينما يستدير نحو وهدان متنهدا:
    ـ مأنت لو كنت معانا في الحرب من أول النكسة لحد معبرنا القنال مكانش همك الموت .. الموت كان متبت في رقبتنا كلنا وحالف ما يسيبنا .. والمحظوظ بس إللي نفد منه
    ثم صمت برهة عاد بعدها ليقول:
    ـ يووووووه هأقولك إيه ولا إيه .. كانت أيام .. كان ييجي علينا الليل ما نعرفش لو نمنا هنصحي تاني ولا لأ.. ولو جه النهار وصبحنا خمسة ولا ستة ييجي الليل واحنا بالميت إتنين ولا تلاتة .. دا إحنا شفنا أيام ما يعلم بيها غير المولي .. كل صبح يطلع علينا أقول مش هييجي المسا ولو جه المسا أقول مش هيطلع عليا نهار .. دا حتى مراتي وابني حسبوني مش راجع لهم تاني والولية حسبتني رميت عليها الحمل واتوكلت
    ثم هز رأسه في قلة حيلة قبل أن يتبع بأسي:
    ـ حداشر سنة من قبل النكسة وبعد ما عدينا القنال ولحد ما حبسوني ولاد الكلب في سجونهم .. ولحد الله يعمر بيته الرئيس مرجعني في اتفاقيات الأسري دي ولا اسمها ايه والله منا عارف..
    ثم تنهد مرة أخري حتى شعرت بحرارة زفيره تكاد تحرق وجوهنا قبل أن يتبع:
    ـ كانت أيام الله لا يعودها ولا يوريها لحد فيكم .. ولا حد يعز عليكوا
    قالها ثم استدار بنظره نحو وهدان وهو يستأنف حديثه:
    ـ وأديك زي ما أنت شايف .. مسكت في الدنيا زي الشبطة وأديني قدامك أهو ومراتي اللي ربنا افتكرها وسابت لي الواد في رقبتي .. الظاهر الدنيا هي اللي طلعت متبتة فيا
    قالها وأطلق ضحكة طويلة فضحكنا له

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    بينما كنت أكشف الغطاء عن جسد عم مجاهد النحيل المتخشب وقعت عيناي علي صورة ذات إطار مذهب لابنه علي يحتفظ بها بجوار فراشه .

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

    الواد يا بيه بقي له أربع أيام ما بياكلش .. من يوم ما عرف إن الكلية اختارت واحد غيره يتعين معيد .. أقوله يا بني دا أنت طول عمرك البريمو يقول اختاروا التاني عشان أبوه أستاذ في الكلية..
    طيبت بخطره وقلت له وإيه يعني أستاذ في الكلية ما أنت كمان أبوك مش شوية .. دا الوزير نفسه يعرفني .. هأروح له وأقوله علي اللي جري وهو هيتصرف
    هززت رأسي في مرارة بينما يتبع:
    الواد زعق في وشي يا بيه ... أول مرة علي يزعق في وشي وقال لي أنت ما تبتش من أيام الوظيفة اللي الرئيس وعدك بيها
    تصدق زعلت منه يا بيه ..و كله كوم ولما خلع صورتي مع الرئيس السادات الله يرحمه وعايز يكسرها ..!
    ولولا أني حلفته بروح الغالية كان عملها .. ومن يوميها وهو قافل علي نفسه باب أوضته ولا راضي ياكل ولا يشرب .
    والنبي تكلمه يا بيه .. هو بيسمع كلامك .. أصلك بتعرف تقول كلام كبير زى كلامه .. إنما أنا قليل الحيلة لا بأرد ولا بأصد معاه .. الواد طول عمره بيتكلم زي الناس الكبار اللي بييجوا في التليفزيون .. وأنت عارفني يا بيه دا أنا حتى مبعرفش أفك الخط .. قوله أبوك مش زعلان منك .. ولا عمره زعل منك .. دا أنت نني عنيه من جوا
    وقوله بس إن أنا صعبان عليا قلة أكله وشربه .. دا أنا مليش غيره .. وإن كان علي الشغل .. أنا هأروح للمحافظ وأكيد هيشوف له شغلانة .. وقوله مش هأقول للمحافظ إني من أبطال الحرب .. ولا هجيب له سيرة رجلي إللي اتقطعت .. أنا بس هأقوله إن ابني طول عمره البريمو في الكلية وهو هيجيب له شغلانة علي طول .. هما يطولوا واحد زيه .. ها يا بيه قلت إيه .. هتكلمه..؟

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    امتدت يدي تتفحص جثة عم مجاهد في آلية بحكم العادة .. وعلي الرغم من أن شعور الجميع أمام الموت سواء إلا أنها المرة الأولي التي أرتجف فيها أمام الموت بهذه الصورة حتى أني تراجعت للوراء وحتى أواري هذا التوتر الذي شملني عن عيني موظف الصحة التقطت واحدة من سجائري وأوليته ظهري ثم واستدرت باتجاه النافذة .. ثم نفثت دخان ثورتي مع دخان السجائر .. وعلي الرغم من ذلك فقد أتاني صوته بادي الأسى قائلا:
    ـ ربنا يديك طولة العمر يا دكتور .. عم مجاهد أثر فينا كلنا
    وفي آلية وبلا شعور سألته :
    ـ مفيش أخبار لسه عن علي ..؟
    بعد تنهيدة امتزج فيها الأسى والنقمة أجاب:
    ـ وهو حد عارف أراضيه من يوم مسافر .. يالله بقي ربنا يسامحه ..!

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    الصغير بيكبر يا بيه .. والكبير بييجي له يوم ويسيبك .. والواد راسه وألف سيف لازم يسافر .. أقوله هتسيبني لمين..؟ يقول لي مش أحسن ما أقعد جنبك زي البيت الوقف .. ولا عايز تصرف عليا كمان بعد تخرجي .. قلت له يا بني خليها علي الله .. ورب هنا رب هناك .. والمقسوم هييجي لحدك .. سكت و مردش .. المرة دي لا بيرد ولا بيصد .. وأنا مش عايزه يسافر يا بيه .. قلت له يا بني الواحد كبر .. والأعمار بإيد الله .. وأنا مليش إلا أنت .. يرضيك أنام من غير ما أطمن عليك يا علي .. يرضيك ما أشوفش وشك كل يوم الصبح .
    سألته كمن يلقي التسائل عن كاهله:
    ـ وقال لك إيه..؟
    أجابني بينما يمسح دموعه:
    مردش يا بيه .. سبني وخرج .. الواد اتغير يا بيه .. مش دا علي .. اللي مزعلني إني مش عارف أعمل له إيه ... والنبي يا بيه وحياة ولادك تكلمه تاني .. دا جميل مش هانساهولك

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    كلمات كثيرة ألقيتها علي مسامعه ... عن الانتماء.. عن الوطن .. و عن أبيه

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    لم أنس بعد نظرته لي ... ولا كلماته التي أطلقها في وجهي كرصاص ..!
    ـ أما الانتماء .. فقد لفظته كما يلفظ المريض ما يعييه ... لابد لأحدهما أن يقضي علي الآخر ..
    ـ ولا تحدثني عن الوطن فلا وطن ... فبين أنياب الفقر وقواطعه تموت هذه الكلمة ... وتدفن في دروب الاحتياج ... و في النهاية تدهمها الأقدام في الزحام ...!
    أي وطن لمن أمضي حياته في حلم سلبه الوطن .. أي وطن لمن بذل أبوه فيه عمره وساقه بلا مقابل ..!
    ـ وأما أبي فقد أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه .. أصبحنا ككل الناس .. نفس الحكاية .. حكاية الطيور الصغيرة التي تشارك الجوارح عيشتها .. طيور لا عش لها .. ولا تعرف كيف تبني العش .. ولو عثرت عليه لبعثرت قشه .. إنها طيور لا تعرف لها مستقراً .. فلا كيف ولا أين تبقي .. ولا أين تحلق .. إنها حكاية رعب دائم .. ومطاردة أبدية .. ولو مع الذات .

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

    وسافر علي ... سافر بلا انتماء .. لــلا وطن .. وحيث لا أب له
    سافر لأنه لا أنا ولا غيري ملك وقتها ما يقال ..!

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

    وكما احتوت الغربة علي هناك غرق أبوه في بحارها هنا ..!

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    لم أجرؤ علي فتح النافذة فدهمت عقب السيجارة بقدمي .. واستدرت مرة أخرى نحو الجسد المنهك الذي قدر له أن يسترح أخيراً

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    مفيش أخبار عن ابنك يا عم مجاهد ..؟
    قلتها في آلية من لا يجد ما يقول
    من بين شفتين أرهقهما الزمن أتتني إجابته
    - بيبعت لي كل شهر جواب .. ادعيله يا بيه ربنا يخليلك عيالك ومتشوف فيهم حاجة وحشة

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

    مفيش أخبار عن علي يا عم مجاهد ..؟
    شرد طولا .. وبدا كمن تسيطر علي عقله غمامة قاتمة
    ـ فين وفين علي ما يفتكرني بجواب يا بيه .. ربنا يرد غيبتك يا ابني قادر يا كريم

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

    إيه أخبار ابنك يا عم مجاهد..؟
    هذه المرة دحر الصمت مقدرته علي الكلام .. ثم استدار يجر نفسه .. وقدمه الوحيدة
    ومضي ..
    كانت المرة الأخيرة التي أراك فيها يا عم مجاهد ...!!

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    معلش يا دكتور .. أنت عارف إن الوقت ضيق والناس عاوزين يشيعوا الجنازة عشان كل واحد يشوف مصالحه .
    قالها موظف الصحة وهو يمد يده نحوي بالقلم بينما تشبثت يده الأخرى بدفتر تصاريح الدفن
    فتناولته منه بلا حيلة .. خانات فارغة ملأتها بآلية من اعتاد هذا العمل .. ثم وقفت عيناي عند خانة فارغة تصدرتها عبارة سبب الوفاة..!!

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    ـ الرئيس نفسه وعدني أنه هيوفر لي شغل يا بيه ...
    ـ كان بييجي علينا الليل ما نعرفش لو نمنا هنصحي تاني ولا لأ.. ولو جه النهار وصبحنا خمسة ولا ستة ييجي الليل وإحنا بالميت إتنين ولا تلاتة ...
    ـ الواد يا بيه بقي له اربع أيام ما بياكلش ...
    ـ أنا بس هأقوله إن ابني طول عمره البريمو في الكلية وهو هيجيب له شغلانة علي طول .. هما يطولوا واحد زيه ...
    ـ أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه ...
    ـ ربنا يرد غيبتك يا ابني قادر يا كريم ...

    _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


    لمحت بطرف عيني صورة علي بجانب الفراش .. وارتسمت في مخيلتي صورة أبيض وأسود بإطار قديم يتصدرها رجل بعكاز .. ثم جرت يدي بالقلم سريعا في الخانة الفارغة كأنما أفرغ عن كاهلي ثقلاً هائلاً بعبارة جافة اعتدتها .... لا جـــريمة ..!!



    تمت بحمد الله

  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    الأخ الفاضل الأديب /د. محمد الدسوقي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أولاً مرحبا ًبك في ملتقى القصة
    قرأت قصتك أكثر من مرة .. جذبني أسلوبك الشيق للمتابعة حتى النهاية ، ثم اعادة القراءة مرات أخرى.
    عمل يشير إلى قاص متمكن جداً من أدواته ، وبرغم أن العنوان قد لا يوحي بشيء جديد من أول وهلة إلا أننا ـ وبشكل تدريجي ـ نصل إلى مغزى هذا العنوان.
    لم يأت اسم "مجاهد " مصادفة ؛ فقد اخترته بعناية فائقة ، فهو رمز خطير لتحولات اخطر.
    أجدت بشكل رائع في عملية المزج بين الحاضر والماضي (اسلوب التقطيع أو الفلاش باك ) وتم هذا اكثر من مرة وبسلاسة تحسب لك.
    ومع التراوح بين الماضي والحاضر تزامنت عملية كشف تدريجي للموضوع ، وتصعيد للحدث حتى أتت ذروة الحدث مع الكشف النهائي ( لحظة التنوير ) التي اتبعتها بنهاية قوية موفقة تردنا إلى العنوان مرة اخرى فتكتمل الرؤية بالمزج بين العنوان "شهادة وفاة " ثم اسم عم "مجاهد " وكلمتك البليغة الأخيرة "لاجريمة ..!!" بعلامتي التعجب لتوحي إلينا بالعكس تماماً وكان تقول ..بل هناك جريمة في "وفاة " عم "مجاههد" الذي يرمز لكل من جاهد وضحى ولم يجد الا الجحود والنكران مع وعود كثيرة لا يتم منها أي شيء ، وحتى في حالة الوفاة يريد الكل انهاء الموضوع بسرعة واستخراج شهادة الوفاة ، كأنهم يريدون بهذا دفن هذا " المجاهد " واهالة التراب عليه وعلى تاريخ كامل مجيد ؛ فلم يعد مناسباً ظهوره في حيز الوجود في زمن الانتهازية والجحود.
    "ـ الرئيس نفسه وعدني أنه هيوفر لي شغل يا بيه ..."
    "ـ كان بييجي علينا الليل ما نعرفش لو نمنا هنصحي تاني ولا لأ.. ولو جه النهار وصبحنا خمسة ولا ستة ييجي الليل وإحنا بالميت إتنين ولا تلاتة ..."
    "ـ الواد يا بيه بقي له اربع أيام ما بياكلش ..."
    "ـ أنا بس هأقوله إن ابني طول عمره البريمو في الكلية وهو هيجيب له شغلانة علي طول .. هما يطولوا واحد زيه ..."
    "ـ أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه ... "
    "ـ ربنا يرد غيبتك يا ابني قادر يا كريم ..."
    رائعة هذه الطريقة في التصعيد مرة أخرى بتذكر مقاطعاً من حوار عم " مجاهد" وكانك تختزل أحداث القصة فيها لتمهد للنهاية.
    فقط هناك عبارتان كنت اتمنى لو أنك لم توردهما
    " كان هذا منذ زمن بعيد يا عم مجاهد ..!!"
    " كانت المرة الأخيرة التي أراك فيها يا عم مجاهد ..!!"
    وبرغم طول القصة نسبياً إلا أنك أدرت العمل بمهارة فقد اخترت لحظة قص مناسبة تماماً أعطت زمن القصة القصيرة الصحيح ، مع حوار قوي كشف عن الكثير ، وخاصة ردود الابن التي جاءت كملخص للحالة ككل .
    أمتعتنا بهذا العمل الراقي في وقت طغى فيه الغث على السطح.
    لتسمح لنا بتثبيت هذا العمل ؛ فهكذا يجب أن تكون القصة القصيرة.

    للتثبيت
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد سامي البوهي عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+ الكويت
    العمر : 46
    المشاركات : 1,087
    المواضيع : 110
    الردود : 1087
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله

    الدكتور الأديب / محمد الدسوقي

    اتقدم بالشكر الجزيل لأستاذي حسام على هذا التحليل القيم ، و تثبيت هذه القصة الرائعة .

    دارات القصة بحبكة مسبوكة ، مابين صوت الراوي ، والحوار البسيط الدائر بلغة عامية بسيطة تناسب حالة الشخوص ، والمكان .

    تحيتي لأول مصافحة لك

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    دكتور...

    اسمح بهذا الهذيان..
    عشت القصة حرفا حرفا..احيانا وجدت نفسي تصاب بحماسة غير معهودة، واحيانا كنت اصاب بنوع من الحنين لااعرف مكامنه، ومرة اخرى كنت اصاب بسخط لم ازل ابحث عن منبعه، وتارة كنت استهزء بالواقع الذي بات هو الشريعة الجديدة في عصر التجدد اللاانساني.
    كنت اصاب بالحماسة كوني اجد رجلا يفتخر بما بذل،لكني كنت في الحماسة اشعر بكوني انسان غير واقعي، بعيد كل البعد، عن لغة الانسانية الحديثة،لغة التمكين والقوة والسلطة والمال، فكنت اراجع سبب حماستي لاجد بان البذل كُرم بعهد وكلمة وصاحب الكلمة لم يعد موجودا، اذا ليس له الا ذكرى عهد لم ولن ينجز وصورة معلقة على جدران رطبة بالية متشققة، فكنت اواسي نفسي بالحنان الذي لامسته من شخصين في القصة، العم مجاهد والدكتور، حيث الاول في كل كلامه يتقطر عاطفة جياشة صادقة نقية،واظنها كانت سبب بلائه ونهايته، والدكتور الذي وجدته في اعماقه لايستطيع تجاهل العم مجاهد،لكونه كان صادقا والصدق في الصدق اكثر الفضائل ظاهرة على الانسان،وليس بعجب من صاحب مهنة انسانية قدر له ان يحترم مهنته ليحافظ على انسانيته ان يكون بهذا القدر من الصدق في تعامله مع الاحياء والاموات،مع انه في الاخير بقوله لاجريمة قد اتى على الكثير من ما قدمه، لكن احيانا يفكر المرء ماذا عساها تغير البيانات الادارية في مثل هذه المواقف انها لاتزيد الطين الا بلة.
    اما السخط فقد كان ينتابني على ما اظن من نمط الحياة السائدة في الاجتماع حيث البقاء للاقوى ظاهرة خلقت مع الخليقة الاولى وظلت تمارس فعلتها القوية فينا الى وقتنا هذا واظنها باقية ببقاء الانسان،هذا الاجتماع الذي نراه قد لف بعباءة اخطبوطية متمثلة بالساسة والسلاطين، اصبحت تقتل في الانسان البسيط كل امل في الاستمرارية،بل تعدت حتى على حقوقهم القانونية وكأنها تؤكد مقولة لاقانون الا على الضغفاء،ولعل ما حدث لعلي خير دليل على قولنا هذا، فالكفاءة لم متكن لتشفع له في الحصول على الوظيفة الجامعية، لان هناك من توسط الوزير وهو ابن فلان وووو..هذا السخط اظنه مغروس في كل انسان يعي الحق ويراه يدفن امام عينه دون ان يكون له حول ولا وقوة..سخط يبدأ بشرارة ومن المفروض ان تكبر وتنتهي بثورة الا انها فينا تبدأ بشرارة لتنتهي في جوف بئر فتنطفئ دون رجعة،سخط يولد ويستمر لينتهي بما ولد عليه.
    ولااعلم لماذا كنت استهزء واسخر من نفسي اولا ومن ثم بالواقع المر الذي وصفه على للدكتور وصفا ليس مبالغ فيه ابدا بل هو وصف انسان واعي ذا عقل مدرك للواقع،(( ـ أما الانتماء .. فقد لفظته كما يلفظ المريض ما يعييه ... لابد لأحدهما أن يقضي علي الآخر ..
    ـ ولا تحدثني عن الوطن فلا وطن ... فبين أنياب الفقر وقواطعه تموت هذه الكلمة ... وتدفن في دروب الاحتياج ... و في النهاية تدهمها الأقدام في الزحام ...!
    أي وطن لمن أمضي حياته في حلم سلبه الوطن .. أي وطن لمن بذل أبوه فيه عمره وساقه بلا مقابل ..!
    ـ وأما أبي فقد أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه .. أصبحنا ككل الناس .. نفس الحكاية .. حكاية الطيور الصغيرة التي تشارك الجوارح عيشتها .. طيور لا عش لها .. ولا تعرف كيف تبني العش .. ولو عثرت عليه لبعثرت قشه .. إنها طيور لا تعرف لها مستقراً .. فلا كيف ولا أين تبقي .. ولا أين تحلق .. إنها حكاية رعب دائم .. ومطاردة أبدية .. ولو مع الذات .)).
    ومن يريد ان يعتبر من هذه الفلسفة العظيمة فليعتبر ومن لا فيظل يعيش وهم الامل، ويعيش مستعبدا لا من الوطن انما اخطبوطات ان صح اللفظ الوطن..حيث اصبحت الاوطان سلعة تباع في الاسواق فمن يزيد من رصيد الحكام يكون الوطن بمن فيه عبيد له.
    القصة بمجملها طرحت في الوقت نفسه افكارا كثيرة منها ما يتعلق بالاجتماع والعادات السائدة فيه من الخضوع للمسؤولين وكذلك احترام المصلحة لهم ومن ثم الانكسار امامهم،وكذلك نمط الحياة السائدة لدى البعض الذي يقتات على موت الاخرين، ولعل نظرتهم للموت اصبحا مصدر رزق لهم فكأنه لاشيء اسرع يادكتور لان وراءنا جنازات اخرى،حيث لاقيمة للانسان..فالعم مجاهد كان فردا منهم ولكن مان ان وافته المنية حتى اصبح همهم اخراج شهادة وفاة له..ولعل التأملات الانسانية التي وجدتها تداهم ذهن الدكتور توضح الكثير من ما قدمه هذا الرجل وعاناه..ومعها الآفة الاجتماعية الكبرى والتي لها علاقة مباشرة بالسلطة، حيث الفقر واسبابه يجب ان يكون مفتاح الولوج في الاجتماع لان هناك من اصيب وهو في مهمة حكومية وغيرها من هذه المسائل التي يمكن ان يستنبطها المرء اثناء قرأته للنص..ولعل نمط تفكير الانسان المتعلق بالامال الكاذبة يجعل منه اداة سخرية بيد القدر والاجتماع ايضا،وسلطة الكبير تبقى والضعيف يصير خبر كان...والنهاية تؤكد ذلك..لاجريمة..!
    القصة رائعة بحق وتتطلب وقوفا موضوعيا عليها لانها تستحق ان تكون موضوع نقاش.
    عذرا ان كنت اطلت وحرفت الكلم عن مواضعه...
    محبت وتقديري
    جوتيار

  5. #5
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الأخ الفاضل الأديب الدكتور محمد الدسوقي

    لقد حدثني الأديب القاص حسام القاضي , أن أديبا متميّزا , حلّ بيننا في الواحة المباركة ,
    وهو قاص متمكن , وفي الحقيقة , فإن الكلمات حفّزتني لأقرأ لك , أردت أن ألمس سر
    اعجاب الأخ الاستاذ حسام القاضي بك , والآن عرفت السبب .
    وأغتنم فرصة وجودي هنا لأرحب بك , في الواحة المباركة , واحة الخير والعطاء , بين
    النخبة الاعلام من أهل الأدب والشعر والفكر والعلم .

    د. محمد حسن السمان

  6. #6
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 52
    المواضيع : 14
    الردود : 52
    المعدل اليومي : 0.01

    Exclamation

    عزيزى ( محمد ) .. سلام الله عليك و رحمته و بركاته ..

    بدون مبالغة .. أجمل أعمالك على الاطلاق ، و من أجمل ما قرأت فى الفترة الأخيرة لا على مستوى الشبكة فقط ، بل على مستوى الأدب المطبوع ايضا ..

    رائع رائع رائع .. فعلا عمل فذ أشكر أستاذنا الفاضل ( أ . حسام ) على تثبيته ، و أشكره مرة أخرى مع لفيف أدباء الواحة العظام على تحليلاتهم المتقنة ..

    حقا لا أجد ما يمكننى اضافته بعد كل ما قيل .. فقط لى ملحوظة بخصوص الانتقال من العاميّة ( فى حديث الأب ) الى الفصحى ( فى حديث الابن ) .. هل قصدت بها التمييز بين ثقافة الأب البسيطة و ثقافة الابن المركبة أم ماذا ..؟؟..


    فى النهاية عملك يا صديقى جدير بأن ينضم الى سجل الأعمال التى تؤرخ لمأساة جيل الهزيمة و النصر ، الّذى دفع فاتورة الدم كاملة ، و لم يحصد سوى السراب ممثلا فى الآمال و الوعود .. و هو يذكرنى بالفعل بأفلام مثل ( سواق الأوتوبيس ) و ( بيت القاضى ) ..


    ننتظر منك يا صديقى أعمالا عظيمة بنفس المستوى ، فلا تتأخر علينا ..


    وفقك الله و أعانك ..

  7. #7
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 1
    المواضيع : 0
    الردود : 1
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

      افتراضي

      دكتور . محمد الدسوقي

      ليس الإبداع بشئٍ جديد على موهبتك الأدبية الفائرة ...

      دُمت مبدعاً .. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    • #8
      عضو غير مفعل
      تاريخ التسجيل : Mar 2007
      المشاركات : 8
      المواضيع : 3
      الردود : 8
      المعدل اليومي : 0.00

      افتراضي

      أساتذتي الأعزاء

      السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته

      والله الذي لا اله إلا هو إنني لأعاني الآن وأنا بصدد الاقدام علي كتابة ما أجلته من ردود كما يعاني من يجهل العربية كلها ... وحالات أشبه بالهذيان تتخلل عقلي وتهز كياني وتعصف يأفكاري ... فلا أدري إن كان مقدورا للكلمات أن تنصفني أم لا ... ولا عجب أن تكون تلك حالتي بعد قراءتي لأول رد كتبه أستاذي الفاضل المبجل الأديب المميز "حسام القاضي" ... ثم ما كان من بقية الردود التي أصابتني بما يشبه الدوار ولن أبالغ إذا ما وصفت ما انتابني وقتها بما يشبه الإغماءة التي قد تصيب العليل أحيانا ..!!
      ولما لا وقد أنصفتني ردودكم وتفاعلاتكم مع نصي كما لم يحدث من لي قبل .. وانا الذي عدت للقلم بعد فترة توقف إجبارية أثناء الدراسة..!!
      فبت ألج إلي المكان كلما انتابتني مشاعر الاحباط لأقرأ هذه الردود ثانيةً ... ففيها وقود كاف لدفع قلمي للكتابة ... وأصبحت منذ ذلك الحين كمن يود ألا يستفيق من تلك الحالة التي خلفتها انطباعاتكم عن النص ... ولكني مدين بالاعتذار ..!!



      سلام الـلـه عليكم
      الأخ الفاضل الأديب القاص الدكتور محمد الدسوقي

      لقد قدمت لنا عملا جديدا , يستحق التقدير والاشادة , وقد تمنيت لو أقوم بقراءة نقدية لهذه القصة , أو أن يقوم غيري بمثل هذه القراءة , ولكن لفت نظري , أنك لم تلتفت الى عملك السابق المنشور في الواحة المباركة , فلم تساهم في الرد والحوار , وحيث أننا في الواحة المباركة , لسنا دار نشر , وإنما دار تفاعل وتواصل , للرقي باللغة والأدب , بين النخبة من الأدباء , خفت أن لاتطلع على القراءة , وبالتالي يضيع قسم كبير من المرجو .
      أنتظر ردا للتواصل .
      تقبل احترامي وتقديري

      د. محمد حسن السمان

      سيدي وأستاذي العزيز د . محمد حسن السمان

      لا أجد في داخلي من الكلمات ما يعبر عما بداخلي من أسف
      والله الذي لا اله الا هو ما منعني من التفاعل مع ردودكم إلا إحساسي العارم بأني أقل من مستوي المحدثين ... وبت أترهب الحوار كما يترهب ضوء القمر الواهي الشمس .. وكلما أقدمت علي النقاش تراجعت متخوفاً ألا أكون في حجم النقاش ... فقد باغتتني ردودكم ... حتي أني لم أعد أقوي بعدها علي رد ...ربما بدوت مبالغاً ... ولكنها كانت الحقيقة ... ثم دفعتني هذه الأراء دفعاً مولدة بداخلي شعوراً كاسحاً بأنه لا ينبغي أن أكون دون هذه الثقة التي أودعتموها في عملي الأول هنا فعكفت أدون عملاً آخر علي أجد مدخلاً جديداً للحوار ... ويعلم الله أنني بينما أضع العمل في الواحة المبجلة اليوم كان قرار بدء التفاعل واحياء النقاش في هذه القصة .
      أعلم سيدي أني تأخرت .. ولكن التمس لي الأعذار ... فانا بعد في بداية فترة الإمتياز الإجبارية التي تفرض علي خريجي الطب وكم كان لهذا ماله من انشغال
      لكل هذا لا أملك إلا كلمة واحدة سأودعها ما في أعماقي من أسف
      نعم سيدي أنا آسف لتأخري .. آسف لأنني لم أجد في داخلي ما يقال في وسط هؤلاء الصفوة من خيرة الأدباء والنقاد وعلي رأسهم سيادتكم .
      تقبل مني أسف المقصر ممن وجد فيكم أساتذة أجلاء شعر في قرارة نفسه أنه دونهم جميعاً
      سيدي ... أنا بحق آسف ... فتقبل اعتذاري أرجوك
      وأمهلني مهلة لالتقاط أنفاسي ثم العودة
      من يشرف أن يكون تلميذكم .. محمد الدسوقي

    • #9
      عضو غير مفعل
      تاريخ التسجيل : Mar 2007
      المشاركات : 8
      المواضيع : 3
      الردود : 8
      المعدل اليومي : 0.00

      افتراضي

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي مشاهدة المشاركة
      الأخ الفاضل الأديب /د. محمد الدسوقي
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أولاً مرحبا ًبك في ملتقى القصة
      قرأت قصتك أكثر من مرة .. جذبني أسلوبك الشيق للمتابعة حتى النهاية ، ثم اعادة القراءة مرات أخرى.
      عمل يشير إلى قاص متمكن جداً من أدواته ، وبرغم أن العنوان قد لا يوحي بشيء جديد من أول وهلة إلا أننا ـ وبشكل تدريجي ـ نصل إلى مغزى هذا العنوان.
      لم يأت اسم "مجاهد " مصادفة ؛ فقد اخترته بعناية فائقة ، فهو رمز خطير لتحولات اخطر.
      أجدت بشكل رائع في عملية المزج بين الحاضر والماضي (اسلوب التقطيع أو الفلاش باك ) وتم هذا اكثر من مرة وبسلاسة تحسب لك.
      ومع التراوح بين الماضي والحاضر تزامنت عملية كشف تدريجي للموضوع ، وتصعيد للحدث حتى أتت ذروة الحدث مع الكشف النهائي ( لحظة التنوير ) التي اتبعتها بنهاية قوية موفقة تردنا إلى العنوان مرة اخرى فتكتمل الرؤية بالمزج بين العنوان "شهادة وفاة " ثم اسم عم "مجاهد " وكلمتك البليغة الأخيرة "لاجريمة ..!!" بعلامتي التعجب لتوحي إلينا بالعكس تماماً وكان تقول ..بل هناك جريمة في "وفاة " عم "مجاههد" الذي يرمز لكل من جاهد وضحى ولم يجد الا الجحود والنكران مع وعود كثيرة لا يتم منها أي شيء ، وحتى في حالة الوفاة يريد الكل انهاء الموضوع بسرعة واستخراج شهادة الوفاة ، كأنهم يريدون بهذا دفن هذا " المجاهد " واهالة التراب عليه وعلى تاريخ كامل مجيد ؛ فلم يعد مناسباً ظهوره في حيز الوجود في زمن الانتهازية والجحود.
      "ـ الرئيس نفسه وعدني أنه هيوفر لي شغل يا بيه ..."
      "ـ كان بييجي علينا الليل ما نعرفش لو نمنا هنصحي تاني ولا لأ.. ولو جه النهار وصبحنا خمسة ولا ستة ييجي الليل وإحنا بالميت إتنين ولا تلاتة ..."
      "ـ الواد يا بيه بقي له اربع أيام ما بياكلش ..."
      "ـ أنا بس هأقوله إن ابني طول عمره البريمو في الكلية وهو هيجيب له شغلانة علي طول .. هما يطولوا واحد زيه ..."
      "ـ أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه ... "
      "ـ ربنا يرد غيبتك يا ابني قادر يا كريم ..."
      رائعة هذه الطريقة في التصعيد مرة أخرى بتذكر مقاطعاً من حوار عم " مجاهد" وكانك تختزل أحداث القصة فيها لتمهد للنهاية.
      فقط هناك عبارتان كنت اتمنى لو أنك لم توردهما
      " كان هذا منذ زمن بعيد يا عم مجاهد ..!!"
      " كانت المرة الأخيرة التي أراك فيها يا عم مجاهد ..!!"
      وبرغم طول القصة نسبياً إلا أنك أدرت العمل بمهارة فقد اخترت لحظة قص مناسبة تماماً أعطت زمن القصة القصيرة الصحيح ، مع حوار قوي كشف عن الكثير ، وخاصة ردود الابن التي جاءت كملخص للحالة ككل .
      أمتعتنا بهذا العمل الراقي في وقت طغى فيه الغث على السطح.
      لتسمح لنا بتثبيت هذا العمل ؛ فهكذا يجب أن تكون القصة القصيرة.

      للتثبيت

      لنا أن ندون في ملامح الحياة مانشاء من الجرائم .. لك ولي أن نفعل .. ولكن لا تنس أن تقرنها باسم مجاهد في النهاية
      ولكن لا تنس أيضا أنه لا مجال فيها للاسئلة.. ولا للاسماء .. فلا من أجرم .. ولا من أجرم في حقه..!!
      ولا تسألني عمن يكون مجاهد .. فكلنا مجاهد ..!
      فبين أنياب الوطن وقواطعه لم يمت سوي المجاهدون .. ولم يغتل غيرهم ... ولم تسرق سوي أحلامهم .. وفي النهاية دهمتهم أقدام اللاهين في كل ميدان ..!
      ولا تسأني عن الوطن .. فلا وطن .. لا وطن .. لا وطن ... كلمة أصبحنا نخاف ترديدها لأنها باتت جريمة الوطن ذاته ..!

      الرائع بكل ما في الكلمة من معان أستاذ حسام

      كان لكلماتك سحر عجيب ... سحر قذف بدفقة من ثقة في فؤاد اعماه الإحباط وكبل كل أقلامه
      وبت أفخر يومها كلما طالعت كلماتك ... كظمآن يهنأ بشربة ماء
      قد لا تكفي كلمات الشكر فهي حتما قليلة عليك..


      فقط هناك عبارتان كنت اتمنى لو أنك لم توردهما
      " كان هذا منذ زمن بعيد يا عم مجاهد ..!!"
      " كانت المرة الأخيرة التي أراك فيها يا عم مجاهد ..!!"
      في العبارة الأولي
      أردت أن أوحي بطول العمر الذي قضاه مجاهد يعمل مع الدكتور في نفس المكان مما يوحي في نظري بالألفة بينهما ومبرراتها
      وفي العبارة الثانية
      أردت أن أوحي بما ألم بالرجل من تقوقع علي نفسه بسبب غياب ابنه ... كأنما قدر علي الدكتور ألا يراه قبل وفاته بزمن

      في النهاية
      أشكرك بكل معان الشكر السامية علي عبق كلماتك وشذاها الذي عطرت به النص
      ولا تحرمني مرورك
      فهو لكل اعمالي شهادة
      ولكن

      شهادة حياة


      دمت بكل خير

    • #10
      الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
      تاريخ التسجيل : Mar 2006
      الدولة : مصر+الكويت
      العمر : 63
      المشاركات : 2,213
      المواضيع : 78
      الردود : 2213
      المعدل اليومي : 0.34

      افتراضي

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي مشاهدة المشاركة
      الأخ الفاضل الأديب /د. محمد الدسوقي
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أولاً مرحبا ًبك في ملتقى القصة
      قرأت قصتك أكثر من مرة .. جذبني أسلوبك الشيق للمتابعة حتى النهاية ، ثم اعادة القراءة مرات أخرى.
      عمل يشير إلى قاص متمكن جداً من أدواته ، وبرغم أن العنوان قد لا يوحي بشيء جديد من أول وهلة إلا أننا ـ وبشكل تدريجي ـ نصل إلى مغزى هذا العنوان.
      لم يأت اسم "مجاهد " مصادفة ؛ فقد اخترته بعناية فائقة ، فهو رمز خطير لتحولات اخطر.
      أجدت بشكل رائع في عملية المزج بين الحاضر والماضي (اسلوب التقطيع أو الفلاش باك ) وتم هذا اكثر من مرة وبسلاسة تحسب لك.
      ومع التراوح بين الماضي والحاضر تزامنت عملية كشف تدريجي للموضوع ، وتصعيد للحدث حتى أتت ذروة الحدث مع الكشف النهائي ( لحظة التنوير ) التي اتبعتها بنهاية قوية موفقة تردنا إلى العنوان مرة اخرى فتكتمل الرؤية بالمزج بين العنوان "شهادة وفاة " ثم اسم عم "مجاهد " وكلمتك البليغة الأخيرة "لاجريمة ..!!" بعلامتي التعجب لتوحي إلينا بالعكس تماماً وكان تقول ..بل هناك جريمة في "وفاة " عم "مجاههد" الذي يرمز لكل من جاهد وضحى ولم يجد الا الجحود والنكران مع وعود كثيرة لا يتم منها أي شيء ، وحتى في حالة الوفاة يريد الكل انهاء الموضوع بسرعة واستخراج شهادة الوفاة ، كأنهم يريدون بهذا دفن هذا " المجاهد " واهالة التراب عليه وعلى تاريخ كامل مجيد ؛ فلم يعد مناسباً ظهوره في حيز الوجود في زمن الانتهازية والجحود.
      "ـ الرئيس نفسه وعدني أنه هيوفر لي شغل يا بيه ..."
      "ـ كان بييجي علينا الليل ما نعرفش لو نمنا هنصحي تاني ولا لأ.. ولو جه النهار وصبحنا خمسة ولا ستة ييجي الليل وإحنا بالميت إتنين ولا تلاتة ..."
      "ـ الواد يا بيه بقي له اربع أيام ما بياكلش ..."
      "ـ أنا بس هأقوله إن ابني طول عمره البريمو في الكلية وهو هيجيب له شغلانة علي طول .. هما يطولوا واحد زيه ..."
      "ـ أصبحنا مرادفين لكلمة واحدة في أقصوصة الوطن الذي تزعمه ... "
      "ـ ربنا يرد غيبتك يا ابني قادر يا كريم ..."
      رائعة هذه الطريقة في التصعيد مرة أخرى بتذكر مقاطعاً من حوار عم " مجاهد" وكانك تختزل أحداث القصة فيها لتمهد للنهاية.
      فقط هناك عبارتان كنت اتمنى لو أنك لم توردهما
      " كان هذا منذ زمن بعيد يا عم مجاهد ..!!"
      " كانت المرة الأخيرة التي أراك فيها يا عم مجاهد ..!!"
      وبرغم طول القصة نسبياً إلا أنك أدرت العمل بمهارة فقد اخترت لحظة قص مناسبة تماماً أعطت زمن القصة القصيرة الصحيح ، مع حوار قوي كشف عن الكثير ، وخاصة ردود الابن التي جاءت كملخص للحالة ككل .
      أمتعتنا بهذا العمل الراقي في وقت طغى فيه الغث على السطح.
      لتسمح لنا بتثبيت هذا العمل ؛ فهكذا يجب أن تكون القصة القصيرة.


    صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

    المواضيع المتشابهه

    1. لغز الشعوب التي لا تعرف كيف تعلن وفاة قادتها!!!
      بواسطة عمرو اسماعيل في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 22-11-2004, 05:09 PM
    2. متى يعلنون وفاة العرب ؟ اليوم نعلن وفاة العرب
      بواسطة جمال النجار في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 10-11-2004, 07:34 PM
    3. متى يعلنون وفاة العرب
      بواسطة محمد السوالمة في المنتدى الاسْترَاحَةُ
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 30-06-2004, 04:14 PM
    4. وفاة الشاعرة فدوى طوقان رحمها الله
      بواسطة محمود مرعي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 16-12-2003, 02:44 PM
    5. وفاة أم
      بواسطة نبيل شبيب في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 19-10-2003, 11:57 PM