أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: توبة

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 271
    المواضيع : 44
    الردود : 271
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي توبة

    توبة* .

    الموت ؟! لم يكن يشغلني كثيرا ..الخوف من الموت ؟ ..تماما مثل أي إنسان عادي..أحيانا ،كنت أتمنى الموت وأنا في المسجد..أو بعد ليلة أنهيت واجباتي كاملة ..

    تقيا كنت، أصوم،أصلي،أتصدق، يحترمني إمام المسجد ، يتجنبني العصاة والمقصرين..ولي هيبة في البيت، العمل، الأقارب، الأصدقاء..

    حالتي المادية جيدة، اقرب للغنى ، ورثت عن جدي مئتي شجرة زيتون ، وورثت عن أبي مصنع صغير للجوارب..كما أني املك بعض العقارات كبنك ادخره للأيام السوداء...

    ولكن ...كانت لي عادة سيئة..حبي للملاهي الليلية. ومراقبة بنات الليل ..لا أدخن ولا اتعاطى الخمر .فقط كنت كل شهر انسل بعد الساعة العاشرة ليلا ..إلى احد ملاهي حلب، اجلس بعيدا عن المسرح..افتح زجاجة كولا وأتفرج على (الروسيات) يتجردن من ملابسهن ويقدمون عرضا يسمونه( الستربتيز).. إلا أن العرض كان بملابسهن الداخلية..ليس مثل أوربا كما حدث وذهبت مرة إلى فرانكفورت حيث أخذني قريب لي يعيش هناك إلى مكان قرب محطة القطار يطلق عليه (live show ( حيث استمتعت بالتفرج على بنت روسية تجردت من كل ملابسها . وكم ضحك قريبي حينما رمت البنت الروسية سروالها الداخلي نحوي فشممته مقلدا الأفلام..فشممت رائحة البوليستر المصنوع منه السروال...

    مرارا..حاولت التخلص من هذه العادة البشعة..إلا أنني كل شهر تجدني انساق إلى الملهى..وحين ينتهي البرنامج أعود نادما ..مقررا ترك العادة .إلا أنني أعود من جديد.. حتى جاء الشهر الماضي..

    كنت كعادتي استعد إلى الدخول فلمحت احد أصحابي القدماء يدخل إلى الملهى فهربت..وبدلا من أن أتوجه إلى المنزل، سرت نحو ملهى آخر مجاور..ودخلت وكان العرض لم يبدأ بعد.. جلست قرب المدخل تحسبا لدخول احد اعرفه فاهرب قبل أن يكتشفني.. وبدأ مقدم العرض يزف نبأ وصول دفعة من اللحم الأبيض الأوكراني ..حين سمعت ضجة من الطاولة الضخمة قرب المسرح..كان شخصا بدينا يحوطه رجال يبدو عليهم هئية موظفين ..هذا الشخص سقط من كرسيه وشخّر ..وأسرع (الكرسون) إلى الخارج، حصل هرج ، وحمل الرجالُ البدينَ وخرجوا ،فسمعت أحدهم يقول :
    - لقد مات ..
    ولم تمضي لحظات ..حتى شَغُرت الطاولة بمجموعة جديدة .كرر مقدم البرنامج بشارته باللحم الأبيض وحين بدأت موسيقى البداية ..كنت في الشارع ابحث عن سيارتي تعيدني إلى بيتي..

    وبدأت الأسئلة المقلقة تتدفق علي كنبع ماء أحدثه زلزال مفاجئ..
    - ترى ماذا يحدث لو مت هنا؟

    انقبض قلبي ولمت نفسي على السؤال السخيف
    - ولكن الاحتمال وارد؟

    شعرت .بصعوبة القيادة..فخففت من سرعتي..
    - لو مت ؟ أية كارثة كانت..؟ رجل في الخمسين ،يصلي ، يزكي ، ويذهب ( للتعريص)..
    حمدت ربي على هذا الإنذار وقررت أن اعتمر في اقرب فرصة...

    لم انم تلك الليلة ..وتحولي قلقي إلى خوف حقيقي من الموت ..وامتد خيط الموت ليلف حياتي كلها..
    - ماذا يحدث لو توقف قلبي..

    توقفت عن المضاجعة .. وقد سمعت أنها متعبة للقلب..

    - من ينقذني إذ تعطلت الفرامل..

    توقفت عن قيادة السيارة..
    بات شبح الموت يطاردني ..حتى الثريا التي تزين غرفة النوم قلعتها ..أخاف أن تسقط فوقي.
    لم اعد أتفرج من بلكون بيتي ..أخاف أن تصيبني رصاصة طائشة..كثيرة هذه الأيام الإطلاق على الهواء..
    حتى دخول الخلاء أخافني..ماذا لو خرج جرذ وقضم أعضائي..

    أقنعت زوجتي بالمرض فعذرتني ..إلا أنها بدأت تتضايق من بقائي في المنزل وتصرفاتي الغريبة وتدخلاتي العجيبة ..تأكدي من اسطوانة الغاز ..هذا الطبق وسخ..رائحة الطعام غريبة ..حاذري من السكين ..

    - نعم العبد أنت
    هكذا قال لي إمام المسجد حينما جاء يتفقدني وقد غبت عن الصلوات في المسجد.شرحت له خوفي من الموت وان لم اقل سبب ذلك ..

    أصفرار وجهي جعل أولادي يحضرون الطبيب بعد تمنعي من مغادرة المنزل..وسمعت الطبيب يقول لعادل اكبر أبنائي:
    - المشكلة في الكبد ..يجب إجراء تحاليل ودخول المشفى ...

    شعرت بقرب نهايتي ..توضأت ،صليت ركعتين لله تعالى ..بكيت كثيرا ..استغفرت ربي..وعندما لمحت ارتياحا في قلبي ودفئا في أطرافي..عدت إلى سريري وطلبت عادل وأوصيته فسمعني وهو يبكي ومن ثم أخذوني إلى المشفى ..

    هنا في المشفى أحسست بالراحة ..وطلبت قلما و ورقة .. كتبت ما شرحته من قبل .. وطلبت من ابني في الورقة دفنها في قبري إن مت..لكن بعد أن يقرأها لوحده لأنه سيكون وريثي..المسؤول عن أمه وأخوته ولا أريد منه أن يكون مثل ذلك الذي شغر طاولة البدين في الملهى ..وبعد أن أعطيته الوصية الأخيرة..طلبت منه أن يقرأها بصمت وطفقت أراقب السقف وشعرت بهدوء قلبي، وشممت رائحة النعناع وعندها، لحظتها، فُتح السقف، وهبط غريب شق صدري، وسكب فيه زيت زيتون قال انه عصره من أشجاري....

    &
    نشرت هذه القصة تحت في مواقع اخرى تحت عنوان(منافق يعشق الجنس) رأيت عنوان توبة انسب.

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    العزيز علاء...
    ملاحظتك في الاخير بعثرت اوراقي هنا/ حيث كنت احاول ان الج النص من العنوان/ باعتباره ذا دلالة صوفية/ وعظية/ لكن العنوان القديم كان في نظري اسلم/ لان يضع الحرف اولا ومن ثم يجلب عنوة النقط/ لتركب معا صورة مجسمة للواقع الذاتي العياني/ ومن الصورة نفسها تبدا الرحلة/ التي طفقت هنا تجوب الذات/ الرغبة/ الرؤية/ الاجتماع/ الخاص / العام/ من اجل سكب الواقع في قالب اكثر مرونة/ من القوالب التي لاتسمح بالتفكير حتى في هذا الامر/ النص من حيث البناء وجدته محكما / والسردية سارت وفق معيار رائع/ وترابط جميل/ وحدث مترابط/ الرؤية واضحة المعالم/ الدافع واضح/ التناقض الحاصل في الامر ليس وليد تمرد/ تعنت/ او تحدي/ انما هو وليد الطبيعة الطبيعية للنفس الانسانية/ التي لاتتجنب السوء كثير/ بل تعيش وفق معيار امارة بالسوء/ لذا نجده هنا لايمحي الطبيعية الانسانية بتاتا/ فقط يحدد بعض النقط التي يجب ان تلزم الطبيعية هذه/ فالعقل هو الذي يفصل في مثل هذه اللحظات لا الر غبة/ لا القلب الذي يضعف امام الرغبة ذاتها/ لذا جاءت اللحظة الحاسمة لتؤكد ذلك/ والروح الصوفية التي لامستها هنا تعيش حالة من الرغبة الجسدية/ والرؤية الروحانية/ وجدتها تعيش التناقض لانها تعلم بان الامران هما مكملان للوجود الانساني/ لكن تحقيق الامرين دائما هو مثار الاحتلاف/ لقد ابدعت في رسم الصورة/ والوصوف جاء دقيقا/ وهنا اود الاشارة الي الظاهرة الابرز في مجتمعاتنا/ حيث ذكر الروسيات والاوكرانيات يجب لانعبر عليه عبوا سطحيا لكون الامر هنا يحتاج الى تساؤل ماذا يفعلن هنا/ وليس تحت مسميات الحرية والتحرر/ وانما وفق المعطيات الموجودة/ والتي تؤكد وجود تجارة الرقيق البيض في بلداننا الشرقية/ اي اننا لم نزل نعيش الحالة القديمة/ حالة الصحراء التي يؤكد المختصين بانها كانت اكثر اثارة للجنس بسشبب الطبيعة / فهل نحن امتداد جنسي لثقافة الصحراء القديمة...أم اننا نمثل حالة استثنائية هنا..؟
    اعجبني النص/ بالاخص النهاية التي وجدتها هنا وعظية اكثر وتحمل رسالة سامية.

    محبتي لك
    جوتيار

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 271
    المواضيع : 44
    الردود : 271
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    اشكرك اخي جوتيار وما عن تجارة الرق فلي نظرة خاصة بان هذه المهنة لم تنقرض بل تطورت كمثال شراء الاندية للاعبين وعارضات الازياء ..

    وجمالية و فلاح نقد النص يتم عن قراءة النص بعيدا عن الشخص لان المبدع يطرح شخصيات لها موقفها الخاص وهذه ميزة نلمسها عندك ويفقتدها الكثيرين الذين يفرضون النص كما يرغبون ويفهمون ..تحية خاصة

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    سرد رائع وحبكة قوية لصراع بين مايحمله البطل داخله من خير وشر انتصر فيها الأول ونص حمل الموعظة
    بوركت واليراع المبدعة أديبنا الفاضل
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    نص قصّي محكم البناء متقن الحبكة محدد بتوجهه اعتبارا من عتبته الأولى بعنوان بين الدلالة في ضوء الموضوع، غاص ببراعة واقتدار في تفاصيل الصراع الجواني بتناقضات نداءات الروح والجسد في نفس البطل ، والبراني بالتفاصيل الحدثية والتعريجات الذكية على المؤثرات الخارجية قالت أكثر من مساحتها، وأثثت النص بما يتواءم وزخم محموله وثقيل فكرته
    السرد جاء شائقا والأداء رائقا

    أبدعت أديبنا لا حرمك البهاء

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  6. #6
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    قصة ذات بعد صوفي جميل
    منحتها فرصة من متعة التأمل في الصراع الداخلي الذي يعيشه البطل بين روحه التي تطلع للعلياء وجسدة الذي يريد الأرض وحاجاتها

    رائعة امتعتني قراءتها

    شكرا لك أخي

    بوركت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    لعن الله الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم بإغوائه ووسوسته
    وقد وجد صاحبنا رجلا تقيا يعرف ربه فغواه بزنى العين وحبب له هذه العادة الخبيثة
    فلما مات شخص أمامه فخاف من مثل هذا الموت والفضيحة وفر هاربا.
    لتتحول وسوسة الشيطان إلى خوف من الموت ـ ولو كان يؤمن بالله حقا
    لما خاف من الموت ـ ولكان لقاء الله أحب إليه من حياته.
    قصة فنية ناضجة تحمل سمات الإبداع وهوية التميز
    وتحمل أفكارا رائعة استمتعت بقراءتها سردا وحبكة.
    دمت مبدعا ـ ودام عطاؤك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. توبة أرنب
    بواسطة سلاف في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 27-04-2007, 10:39 PM
  2. [ أ ُمـْنـُنْ عليَّ بـ توبة ٍ .. تمحو بها ..!!! ]
    بواسطة بكاء الياسمين في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-10-2005, 11:42 AM
  3. توبة في رمضان ....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-11-2004, 09:07 PM
  4. عايزين توبة
    بواسطة على درويش في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-11-2004, 11:48 AM
  5. توبة عاصية .. وانتقالها من ضيق الجاهلية الى سِعة الاسلام ..
    بواسطة صدى الصمت في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-08-2003, 04:50 PM