أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 27

الموضوع: الركض في الضباب

  1. #1
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    المشاركات : 80
    المواضيع : 3
    الردود : 80
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي الركض في الضباب

    الركض في الضباب

    العالم تائه فيه الحسن يا زوجتي!




    ارتمت عيناه فوق زرقة البحر الصافية ، فمنذ زمن بعيد لم ير ارتعاشتها الرشيقة، لم يصغ لأمواجها المتهافتة ، لم يقف خارج دائرة وجوده .
    نبض الأعوام يتدفق كالسيل جارفا الذكريات والأمنيات ، خطوه لاهث ، أنفاسه متلاحقة. الدعة قلق ، والسكينة فناء ، والصمت انقطاع عن العالم ، والقلب في عناء ، أيما عناء!* ذاب في أتون العمل المتواصل وانصهر ، وها هو يجلس أمام البحر متبتلا ليبصر الأفق وقد التصق بسطح مياهه في غموض وانزواء ، والخريف تتساقط أوراقه فتعانق أديم الأرض في هوان وانكسار .

    بينما يضرب النسيم جذوره الراسخة فتنفض عن أطرافها وسن النسيان وتتذكر ، للرتابة ظل في كل ركن ، في كل غرفة ، في كل وجه ، يعود الى بيته ، لم تعد بعد من عملها .. في زمن مضى من أعوامهما الأولى كان ينتظر، ينتظر عودتها..
    - اشتقت إليكِ
    - أنا أكثر
    - ماذا أعددت على الغذاء؟
    - تعال لترى بنفسك
    في كثير من الأحيان نضن على أنفسنا بالسعادة ونرشف كؤوس الهموم في غبطة.
    دلف إلى المطبخ ، تناول غداءه البارد في صمت ..

    سرعان ما تفقد الأشياء حرارتها ونسأم معانيها .. ضقت بالغضب، خصام يتبعه صلح وصلح يليه خصام ، مللت مرور الأيام بين راحتيك في صرامة وحزم ، وكأن الحب لم يعد جديرا بحياتنا ، لم يعد يليق بسنوات عمرنا * !

    تسارع يده إلى وجنتيها لتمسح عنهما الغضب، ولكن الدلال يتفحم فيملأ أزمنة الحب ويزحم أروقة القلب ، ولم يبق متسع، وجمالك تتراكم فوقه طبقات من إهمال وانشغال وحنق وغضب وثوم وبصل وجد وعمل ، والليل موحش مقفر، والعالم تائه فيه الحسن يا زوجتي! فيجذبني في عنف ويشدني في حدة فلا أتراجع ولا أملك قوة الرفض. ومعالم الأشباح تتراءى لي حسنا ثريا والرغبات تستوي ألما حيا،وكبرياؤك فارغ أجوف والإحساس بك مسلوب معدوم ، والعالم تائه فيه الحسن يا زوجتي!

    مولع بأمس ذكراه قريبة يود لو .. يستبقيه ، ويعجب لشعوره أن تغيرا ما يحدث ! ما الذي تغير ؟ شعيرات بيضاء ؟ ينظر في المرآة مرة بعد أخرى ، يسابق قلبه أياما مهرولة ويحن الى لحظات مقطرة بندى الحب .. إلى غناء قديم .

    غادر البيت عائدا إلي عمله ، شيء ثقيل يجثم فوق الصدر فيختنق الشهيق وتشتاق العين ، ويهفو الإحساس ويطير الخيال محلقا متجاهلا ، وأنساك يا زوجتي ، فغضبك بغيض ونفورك كريه ، لم تعد يدي تقترب من وجنتيك لتمسح عنهما الغضب ، ويأنس الى حلاوة المرح .

    العاشرة مساء ، البيت مظلم ، لا صوت ، ضوء خافت يطل من غرفة ريم ودانا، وضع أكياس الخبز فوق المنضدة متجها صوب غرفتهما محاذرا أن يحدث صوتا ، تغطان في سبات ناعم ، وزوجته بجانبهما نائمة ، استدار وغضب يستبد به .. نبض الفؤاد يتضاءل ويصيبه أرق مهمل .. دائما.. لا أحد ؟

    ضغط على زر التلفاز نافخا ، العالم تائه فيه الحسن يا زوجتي ، والألم لاتحصره جدران الجسد ، سحب تتجمع ورياح تقبل وأمطار لا تسقط ، ترك المكان خاليا ، والتلفاز دائرا ، وانطلق الى الطريق ، برودة الهواء تخفف جفاف الحلق وحرارة القلب لا تبرد ، لن أدور في دوامات صفحك ورضاك ، لن أسعى لدلالك ارتجيه.

    في فراغ الصخب أحتسي قطرات سعادة بها لا تشعرين ، في حمأة المجهول أمضي ولا تنظرين فأبقي حيث أنت معهما وأنا عندك لا وجود لي ، كأنما حملتك فوق جناحي إلى مكان تعشقينه ثم أبديت شكرا وحبا ووليت عني إلى صغيرتين أحبهما ، لاهية بهما ، وكلما رأيتني تحجبينني عن عينيك .. وماذا تنتظرين ؟ أن أقدم فروض الصدق والولاء وما زلت في سذاجة دلالك ترفلين ؟!! هيهات فالعالم تائه فيه الحسن عزيزتي!

    استيقظ مثقل الرأس ، ورنين المنبه يدوي ، لا أحد ، خرجن جميعا هي إلى عملها ، وابنتاه إلى مدرستهما ، للقلب أهواء تستعبده ما ذلك العناء يا قلبي! ما ذلك العناء؟

    لو يتغير اللون ، ويحمل أريج كل لحظة مذاقا مختلفا ، لو ألتفت فأراني فوق عرش ذهبي وأركلك بعيدا، أنبذك في قسوة ، لو تتغير الأشياء * !

    يتجه صوب المنضدة ليتناول إفطاره الذي أعدته زوجته، والغضب في عمق النفس خمار ملتهب ، والكيان نزوع قائم .. وإذا بوريقة بجانب فنجان الشاي ، رأى مثلها من قبل ، تحترق رغبة وتبرد أمنيات حارقة ، ويقرؤها في تمعن :
    شكرا يا بابا على الخبز
    ربنا يخليك لنا
    ريم ، دانا ..

    فيمضي إلى عمله مترعاً بالحب !!



    علا حسّان





    نشرت في جريدة القبس الكويتية في 7/2/ 1996 .

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    المبدعة علا..
    عنوان صاخب ، غارق في الضبابية ، ركض لاينتهي ولن ينتهي..نص مليء بالصور الآسرة..غارق في فضاء اللغة الإبداعية الواعية التي تعري الرؤية الفنية العميقة ..الحركة الداخلية المتنامية للشخصية والتي تتوازى مع حركة خارجية تتغير فيها المواقف،الأمكنة،الوجوه،ال لحظات ،جسدت نموا دراميا متراكبا مميزا للنص.. تبدأ الشخصية في المسك بالخيوط المتشابكة التي تقيد أعماقه، لتبحث عن باب لتنجو من دوامة اللااستقرار الذاتي الوجداي،فتستحضر الصور مع الاخر في مشهد درامي ،وتبدأ الاحاسيس بتفعيل المكنون الملصق في اللاوعي ، فينتعش ولكن سرعان ما تطيح الواقعية بالصور تلك فيعود الى دوامة لانهاية لها ، و في النهاية يبحث عن الخلاص عبر أجنحة مثقلة بالضوء نحو حرية ينشدها / انعتاق / تلاشي / لكنه يجابه بصورة سامية مليئة بالبراءة فتغمد تلك الصور ثورته وهيجانه ، فيعود كالطفل الى احضان الحياة.

    دمت بخير
    محبتي
    جوتيار

  3. #3
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    وأنا عندك لا وجود لي

    تضعنا الأديبة هنا أمام مرآة ... نأبى أن نرى من فوق سطحها الصقيل فواجع وفوازع وقوارع .. واقعنا

    ثم تقترح حلاً مدهشاً ... التأمل في وجه البحر الصقيل كأنه مرآة روحنا


    \

    هذا نص ثري ونقي
    الإنسان : موقف

  4. #4
    الصورة الرمزية حنان الاغا في ذمة الله
    أديبة وفنانة

    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    الدولة : jordan
    المشاركات : 1,378
    المواضيع : 91
    الردود : 1378
    المعدل اليومي : 0.22
    من مواضيعي

      افتراضي

      ونص مترع بالشاعرية والحب حتى لو كان في صيغة عتب أو غضب .

      د. علا العزيزة ، تلك المرة الأولى التي أقرأ لك نصا ، وأعتقد أنه فاتني الكثير .

      لن أحلل ولن أمدح بل يكفيني أن أقول إنني حصلت على متعة القراءة .

      شكرا.

    • #5
      الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
      في ذمة الله

      تاريخ التسجيل : May 2006
      الدولة : محارة شوق
      العمر : 64
      المشاركات : 3,523
      المواضيع : 160
      الردود : 3523
      المعدل اليومي : 0.54

      افتراضي


      =======
      أديبتنا المتألقة المحلِّقة الدكتورة: علا حسان

      أسمى آيات الشكر لهذه القصة المتميزة بأسلوبها الشاعري، وسردها المصوِّر، وحوارها المعبِّر عن السياق القصصي والأحداث الجارية ، والمشاعر الإنسانية بلغةٍ رمزية واقعية موحية.

      ومن الجديد في هذه القصة أن هذه العناصر جاءت متضافرة متآزرة في بناء شديد التماسك والانسجام ، بين الخطاب القصصي (الشكل الفني ) ، والرسالة القصصية(المضمون) ،
      كما يتجلى على سبيل المثال هنا :


      "بينما يضرب النسيم جذوره الراسخة فتنفض عن أطرافها وسن النسيان وتتذكر ، للرتابة ظل في كل ركن ، في كل غرفة ، في كل وجه ، يعود الى بيته ، لم تعد بعد من عملها .. في زمن مضى من أعوامهما الأولى كان ينتظر، ينتظر عودتها..
      - اشتقت إليكِ
      - أنا أكثر
      - ماذا أعددت على الغذاء؟
      - تعال لترى بنفسك
      في كثير من الأحيان نضن على أنفسنا بالسعادة ونرشف كؤوس الهموم في غبطة.
      دلف إلى المطبخ ، تناول غداءه البارد في صمت ..
      سرعان ما تفقد الأشياء حرارتها ونسأم معانيها .. ضقت بالغضب، خصام يتبعه صلح وصلح يليه خصام ، مللت مرور الأيام بين راحتيك في صرامة وحزم ، وكأن الحب لم يعد جديرا بحياتنا ، لم يعد يليق بسنوات عمرنا".

      حيث *المدخل يعبر عن صراع محتدم بين شاعرية النسيم، وواقعية الرتابة ‘ ليفضي إلى حوارٍ ذكيّ يوحي بالشوق قبل أن تهجم عوامل الملل والسأم ، ثم يُسْلمُ الحوار عن الطعام إلى تأمل معنى فقدان الأشياء الحميمة لحرارتها وإصابتها بالبرودة والسأم .

      وهكذا جاءت مشاهد الطبيعة في السرد معادلا موضوعيا موفقا لمضمون القصة كما نلمح في :
      "سحب تتجمع ورياح تقبل وأمطار لا تسقط "
      كناية تمثيلية عما أصاب الحياة في عيني البطل من جفاف وجفاء.

      أما تيار الوعي فقد نهض بدورٍ بارز في تصوير ما يمور في نفس البطل من قلقٍ وأرق واضطراب.
      "للقلب أهواء تستعبده ما ذلك العناء يا قلبي! ما ذلك العناء؟
      لو يتغير اللون ، ويحمل أريج كل لحظة مذاقا مختلفا ، لو ألتفت فأراني فوق عرش ذهبي وأركلك بعيدا، أنبذك في قسوة *" !
      فهذا حديث نفسي يدور في باطن الوعي كأنه يلجأ إليه من باب التنفيس والتعويض.
      وكذلك أسهمت الأدوات الفنية الجامعة بين التشكيلية (جماليا) والوظيفية(دراميا) في رسم المشهد مثل :
      الصوت(رنين المنبه المدوي) ، كأنه يشير إلى ما يعتمل داخله من ثورة مكتومة فهذا هو الصوت الوحيد في عالم خيم عليه الصمت.
      والضوء :(ضوء خافت يطل من غرفة ريم ودانا) وكأن هذا كل ما بقي : ضوء خافت
      واللون والرائحة (لو يتغير اللون ، ويحمل أريج كل لحظة مذاقا مختلفا ) فقط الرغبة في التغيير دون امتلاك رفاهية التحديد!
      ومن هنا نجحت القصة بتضافر هذه العناصر الفنية المتضافرة المتآزرة في أخذنا أخذًا إلى تأمل البطل وهو يركض في ضباب خارجي من الواقع الذي تاه فيه الحسن، وضباب داخلي في القلب الهائم في حمأة المجهول بينما الأيام مثله تهرول في دوامات الأرق والسأم.
      هذا الضباب التي كانت يداه تسارع حتى لا يتراكم ولكن هيهات!
      وكما كان الارتقاء فوق زرقة البحر مخرجا من ضباب الحيرة والاضطراب ، جاءت الرسالة الصغيرة منفذا إلى الحب المفقود !
      وقد تساءلتُ :
      لماذا كان شكر الصغيرتين البريئتين على الخبز ، ولم يكن على الحلوى التي هي أجدر بشكرهما وفرحهما؟

      هل أدركتا بإحساسهما المرهف ، ومن الجو المخيم عليهما من أثر الضباب : أن الحياة هنا صارت مجرد حياة ، يناسبها الخبز الذي يكفل مجرد الاستمرار لا الحلوى التي تبعث على البهجة ؟!

      رغم كل شيء يجد الراكض في الضباب منفذا لضوء حملته له الرسالة (الوريقة) التي صاغتها أديبتنا البارعة بالتصغير الصرفي بصورة إبداعية تعبر عن مدى صغر الرسالة وقربها من قلبه، كما تتسق مع نضارة كاتبتيها بما يدل على حيوية اللغة في التعبير عن السياق القصصي .

      ورغم صغر هذه (الوريقة) - أو ربما بسببه - يشعر صاحبنا بالحبِّ يملأ قلبه ، كأنه يريد أن ينتصر بهذا الشعاع الدقيق على ضبابه الكثيف ، قبل أن يعود إلى دوامته كرةً أخرى!

      أديبتنا الرائعة،

      أرجو أن تتقبلي أسمى آيات التقدير .

      ودمت بكل الخير والسعادة والإبداع
      مصطفى
      [/size]
      نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

    • #6
      الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
      تاريخ التسجيل : Mar 2006
      الدولة : مصر+الكويت
      العمر : 63
      المشاركات : 2,213
      المواضيع : 78
      الردود : 2213
      المعدل اليومي : 0.34

      افتراضي عندما يكون للغة دور البطولة

      أختي الفاضلة الأديبة / د. علا حسان
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      من كتاب القصة من يهتم بالحدث على حساب اللغة (وأعتقد أني منهم )، ومنهم من ينشغل باللغة فتطغى على الحدث الذي هو عماد القصة؛ فتتحول القصة إلى مجرد زخارف لفظية تاهت الفكرة في دهاليزها..
      قليلون هم من استطاعوا الجمع بين الحسنيين ، وأرى قصتك الرائعة هذه مثالاً لهذا؛فقد لعبت اللغة هنا دور البطولة؛فلم تأت صورها متكلفة أو زائدة بل جاءت لتكون نسيجاً للنص ، ولا وجود لنص بلا النسيج الذي يحوي خيوط الفكرة والعناصر الأخرى..
      نبض الأعوام يتدفق كالسيل جارفا الذكريات والأمنيات ..
      مجرد مثال في البداية لا يحتاج إلى شرح
      والخريف تتساقط أوراقه فتعانق أديم الأرض في هوان وانكسار ...
      تسارع يده إلى وجنتيها لتمسح عنهما الغضب، ولكن الدلال يتفحم فيملأ أزمنة الحب ويزحم أروقة القلب..
      ومعالم الأشباح تتراءى لي حسنا ثريا والرغبات تستوي ألما حيا،وكبرياؤك فارغ أجوف والإحساس بك مسلوب معدوم ..
      في فراغ الصخب أحتسي قطرات سعادة بها لا تشعرين ...
      مجرد أمثلة فقط
      أجدت في اقتناص لحظة القص المناسبة وقد اتخذتها متكئاً؛ فمنها تذهبين
      للماضي في ومضات سريعة لتسلطينها على ما كان؛ ثم ترتدين إلى الحاضر لنعرف ما صار عبر
      مقارنات غير مباشرة أسهمت في إثراء العمل:
      في زمن مضى من أعوامهما الأولى كان ينتظر، ينتظر عودتها..
      - اشتقت إليكِ
      - أنا أكثر
      - ماذا أعددت على الغذاء؟
      - تعال لترى بنفسك
      في كثير من الأحيان نضن على أنفسنا بالسعادة ونرشف كؤوس الهموم في غبطة.
      دلف إلى المطبخ ، تناول غداءه البارد في صمت ..
      ويستمر التراوح بين الماضي والحاضر في سلاسة ونعومة ؛فنحيط بتفاصيل العمل .. نعيش مشاعر هذا الزوج
      الذي يعيش مشاعر الفقد..فقد السعادة .. فقد الاهتمام تحت ذرائع الأولويات :
      كأنما حملتك فوق جناحي إلى مكان تعشقينه ثم أبديت شكرا وحبا ووليت عني إلى صغيرتين أحبهما ، لاهية بهما ، وكلما رأيتني تحجبينني عن عينيك ..
      وتعبيرك بهذه المقدرة العالية عن الزوج لا الزوجة ( المفترض أن تمثليها كأنثى) يدل على عين راصدة محايدة
      وهي عين الفنان المجردة التي تبحث عن الجمال أينما كان وتصوره ، وربما يكون هذا إسقاطاً عكسياً على مشاعر الزوجة التي تعيش نفس المشكلة بطريقتها .. عند إهمال الزوج لها ، واعتبار كل ما تفعله بديهياً ..من عمل ، وانشغال بالبيت والأبناء ..إلخ .
      رأيت القصة وكأنها سؤال لا يطرحه الزوج مباشرة، ولكننا نعيشه في حيرته وفي بحثه اللانهائي عن السعادة
      المفقودة ، والحب الذي كان ، والذي تحول مع أولويات الحياة إلى شكل مختلف يقنع به كما جاء في النهاية البليغة
      والتي تمثل الجواب على السؤال الدائر منذ البداية؛ فإذا كان السؤال هو نصف القصة فقد أتت الإجابة (الخاتمة)
      لتكون النصف الآخر من القصة على الرغم من أنها جملة واحدة ، ولكنها تقول الكثير والكثير ...
      فيمضي إلى عمله مترعاً بالحب !!
      عمل أكثر من رائع أراه نموذجا للقصة القصيرة كما يجب أن تكون .
      للتثبيت.
      حسام القاضي
      أديب .. أحياناً

    • #7
      الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
      تاريخ التسجيل : May 2006
      الدولة : موطن الحزن والفقد
      المشاركات : 9,734
      المواضيع : 296
      الردود : 9734
      المعدل اليومي : 1.48

      افتراضي

      أديبتنا الأستاذة / د. علا حسان ..
      تأملت هذا السرد الذي يعالج مشكلة اجتماعية أسرية عميقة وهامة ، بتصويره الشيق ، ووصفه الدقيق لانفعالات النفس حين تسقط تحت وطأة الملل والروتين ، والفتور في العلاقات الزوجية ، والنفس تهبط وتهبط غارقة في كآبتها ، تبحث عن شخص تحمله المسؤولية لتبرر لنفسها ..
      الحوارية الذاتية أتت بتسلسل تدريجي ذكي يشرح الحالة الذاتية لبطل القصة ، وتوتراتها ، حيث يغرق الإنسان بالعمل ومسؤوليات الحياة ، ويبدأ دفء الحياة بالإختفاء شيئا فشيئا ، فتكتسي المشاعر بجليد الإهمال من الطرف الآخر ..
      أتت النهاية جميلة ومفاجئة حيث تستيقظ المشاعر ، ويتقد الفكر ، فتظهر الصورة الحقيقية للحياة ، وفيها الحب ظاهر بشكل آخر لم يكن يراه ..

      ربما لم أستطع أن أفي هذه اللوحة الدرامية حقها في التعليق ..
      لكنها بحق لقطة رائعة جداااااااااااااااااا ..

      ننتظر المزيد من هذا الإبداع الأدبي ..
      تحيتي وباقة ورد ..
      //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

    • #8
      أديبة
      تاريخ التسجيل : Mar 2007
      المشاركات : 80
      المواضيع : 3
      الردود : 80
      المعدل اليومي : 0.01

      افتراضي الركض في الضباب

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوتيار تمر مشاهدة المشاركة

      عنوان صاخب ، غارق في الضبابية ، ركض لاينتهي ولن ينتهي..نص مليء بالصور الآسرة.
      .غارق في فضاء اللغة الإبداعية الواعية التي تعري الرؤية الفنية العميقة ..
      الحركة الداخلية المتنامية للشخصية والتي تتوازى مع حركة خارجية تتغير فيها المواقف،الأمكنة،الوجوه،ال لحظات
      جسدت نموا دراميا متراكبا مميزا للنص..
      تبدأ الشخصية في المسك بالخيوط المتشابكة التي تقيد أعماقه، لتبحث عن باب
      لتنجو من دوامة اللااستقرار الذاتي الوجداي،فتستحضر الصور مع الاخر في مشهد درامي،
      وتبدأ الاحاسيس بتفعيل المكنون الملصق في اللاوعي ، فينتعش ولكن سرعان ما تطيح
      الواقعية بالصور تلك فيعود الى دوامة لانهاية لها ، و في النهاية يبحث عن الخلاص
      عبر أجنحة مثقلة بالضوء نحو حرية ينشدها / انعتاق / تلاشي / لكنه يجابه بصورة سامية
      مليئة بالبراءة فتغمد تلك الصور ثورته وهيجانه ، فيعود كالطفل الى احضان الحياة.




      الناقد المتميز / جوتيار تمر


      أقدر لك إبحارك العميق في مكونات النص ، والإلمام بعناصره ،
      وهو ما يؤكد الدربة النقدية
      وبراعتك في التحليل ، ورؤيتك الثاقبة


      لك كل المودة والتقدير



      علا حسّان

    • #9
      أديبة
      تاريخ التسجيل : Mar 2007
      المشاركات : 80
      المواضيع : 3
      الردود : 80
      المعدل اليومي : 0.01

      افتراضي

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي مشاهدة المشاركة
      يعيش مشاعر الفقد..فقد السعادة .. فقد الاهتمام تحت ذرائع الأولويات


      وتعبيرك بهذه المقدرة العالية عن الزوج لا الزوجة ( المفترض أن تمثليها كأنثى) يدل على عين راصدة محايدة
      وهي عين الفنان المجردة التي تبحث عن الجمال أينما كان وتصوره ، وربما يكون هذا إسقاطاً عكسياً على مشاعر الزوجة التي تعيش نفس المشكلة بطريقتها .. عند إهمال الزوج لها ، واعتبار كل ما تفعله بديهياً ..من عمل ، وانشغال بالبيت والأبناء ..إلخ .
      رأيت القصة وكأنها سؤال لا يطرحه الزوج مباشرة، ولكننا نعيشه في حيرته وفي بحثه اللانهائي عن السعادة
      المفقودة ، والحب الذي كان ، والذي تحول مع أولويات الحياة إلى شكل مختلف يقنع به كما جاء في النهاية البليغة
      والتي تمثل الجواب على السؤال الدائر منذ البداية؛ فإذا كان السؤال هو نصف القصة فقد أتت الإجابة (الخاتمة)
      لتكون النصف الآخر من القصة على الرغم من أنها جملة واحدة ، ولكنها تقول الكثير والكثير ...
      فيمضي إلى عمله مترعاً بالحب !!
      عمل أكثر من رائع أراه نموذجا للقصة القصيرة كما يجب أن تكون .

      أيها الصديق الأديب حسام القاضي
      قراءتك تعيد الحياة للنص
      كأنما تعيد كتابته
      رغم ضبابيته

      كلنا ذلك الإنسان
      نركض في ضباب
      تغتالنا الحياة دون أن نشعر
      تمزق أشياء بداخلنا دون أن ننتبه
      فنركض في الضباب
      لا نتوقف لتأمل حياتنا ، للنظر في الماضي أو التفكير في المستقبل
      فقط نركض ..

      كانت تقتحم مخيلتي ـ وما زالت ـ
      صورة الراكض في الضباب الذي لا يرى شيئا
      إذا نظر إلى الخلف لا يبصر شيئا وإن نظر إلى الأمام تتعب عيناه
      لم يفكر في التمهل لحظات ربما تتضح معالم الأشياء رويدا
      أو يتمكن من تحديد هدفه الحقيقي أو غايته من الركض أو ليعيد ترتيب خطواته اللاهثة
      مستمر في ركضه وإن يكن من أجل أشياء بعيدة عن الغاية وأبعد ما تكون عن الهدف
      وتنتهي الحياة بانتهاء الركض

      كلنا ذلك الإنسان
      نركض في الضباب

      الإنسان ليس رجلا أو امرأة
      المهم هو التجربة بغض النظر عن صاحبها
      بغض النظر عن الجنس
      ودون الوقوف في صف أحد أو الانحياز لأحد
      إنها تجربة إنسانية
      نستشعرها ونعبر عنها
      قد تكون منحازا للرجل أحيانا
      وقد تكون متعاطفا مع المرأة فى أحيان أخرى
      وكثيرا ما تطمح إلى بلوغ الحيادية
      ولكن الأكثر صدقا هو التعاطف مع الإنسان
      ورفض الاتجاهات التي تحاول محوه أو تصنيفه
      أو تحقيق انهزاميته
      وقطع جذوره
      وإزالة مرجعياته
      لتجعل منه مجرد شيء
      فاقد المعنى


      مع خالص شكري

      علا حسان

    • #10
      أديبة
      تاريخ التسجيل : Mar 2007
      المشاركات : 80
      المواضيع : 3
      الردود : 80
      المعدل اليومي : 0.01

      افتراضي

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل حلاوجي مشاهدة المشاركة

      تضعنا الأديبة هنا أمام مرآة ... نأبى أن نرى من فوق سطحها الصقيل فواجع وفوازع وقوارع .. واقعنا

      ثم تقترح حلاً مدهشاً ... التأمل في وجه البحر الصقيل كأنه مرآة روحنا


      هذا نص ثري ونقي

      مشرف عام الفكر الأديب
      الأستاذ / خليل حلاوجي



      أشكر لك حضورك البهي
      الذي زاد حروفي إشراقا
      وبصيرتك الثاقبة التي
      منحت قصتي نورا ونقاء



      دمت بخير وسعادة


      علا حسان

    صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

    المواضيع المتشابهه

    1. رواية "الركض" للفرنسي جان أشنوز
      بواسطة نبيل عودة في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 14-01-2012, 08:03 PM
    2. سنين خلف الضباب
      بواسطة عبدالسلام حسين المحمدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
      مشاركات: 14
      آخر مشاركة: 04-12-2011, 07:41 AM
    3. من محبرة الضباب والسراب
      بواسطة أحمد الرشيدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
      مشاركات: 14
      آخر مشاركة: 20-04-2010, 12:49 AM
    4. أرجوحة وسط الضباب
      بواسطة مجذوب العيد المشراوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
      مشاركات: 11
      آخر مشاركة: 21-12-2007, 12:39 PM
    5. الركض خلف أحلام وردية
      بواسطة كمال عوض في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 10-11-2004, 08:35 PM