|
عز اللقاء فحّن الطير واقتربا |
وحام ينشد لحن الشوق والعتبا |
شدو اليمام إذا أمسى بمفرده |
على الغصون يغني عازفاً طربا |
يبدي الحنين، ويمضي مثل عادته |
محلقاً يشتكي الآلام والتعبا |
وكم طربت للحن بات ينشده |
وكم سعدت لمعنً جاد وانسكبا |
يبثني الود نهراً من مشاعره |
ويستحث خليلاً ناء واغتربا |
معاتباً، والأسى يكسوه، ما السببا؟! |
ماذا دعاك لتبقى الدهر محتجبا؟! |
وفي السؤال عبارات مؤثرة |
تجسد النبل والأخلاق والأدبا |
أما كفاك عزوفا طال أزمنة؟! |
ألا تظن بأن الوصل قد وجبا؟! |
مابالها يا ترى الأيام تحرمني؟! |
لقاء من يسكن الوجدان والُهدبا! |
ألا تحن لمن يجثو بخافقه؟! |
شوقا إليك، يمني النفس مرتقبا |
وعدُ يزف له البشرى برؤيتكم |
فهل أجبت منادِ عزز الطلبا؟! |
أبا العطاء، ومن ينسى مودتكم؟! |
فإن قرأت كتابي لا تقل عجبا |
جمعته من مروج القلب مرتحل |
أجدد العهد حيث الوصل قد نَضُبا |
وكم أتتك نداءاتي مسطرة! |
وكم أناخ خليلي صامتاً حِقَبا! |
فعانقتَه شغاف الروح قائلة |
لله در رجال مثلكم نُجَبَا |
تقول قصّرت، أرجو منك معذرة |
وعذركم من صفاء النفس مُكتسبا |
وكيف لا .. والوفا والجود ديدنكم ؟! |
وذا الشعور تجلى فيك عن كَثبا |
أما القصور فمني.. لست أُنكره |
فقد نأيت بعيداً عشت مغتربا |
أصارع الظلم والإجحاف في زمن |
أوآه منه، فما أقساه كم دأبا! |
يقسو عليّ بلا ذنب أتيت به! |
سوى الإباء، وما أسماه مُنقلبا |
وما الحياة لنفسي دون عزتها |
مهما اكتويت بنار الظلم والعَطَبا |
ولن أطأطئ للدنيا وقسوتها |
رأساً يعف عن الزلات، منتصبا |
ومن يسير بدرب تلك غايته |
فقد تجشم دربا شائكاً صَعِبا |
وذاك سر شقائي، تلك أوسمتي |
في عالم بات فيه العدل مُغتصَبا! |
عِقد مضى، والأسى يا صاح ممتلك |
قلبا يئن وفكراً شاخ مضطربا |
يجر في رحلة الأوجاع خطوتَهُ |
كأنما بات حُكماً نافذاً كُتِبا |
وهاهو الوقت يمضي مثل سابقه |
متمماً رحلة الآثام مذ نُدِبا! |
لكم سئمت عذاباتي بصحبته |
وكم مضيت أداري الهم والغضبا |
مذ أشعل الضيم في الأعماق موقده |
وراح ينفث ما يبقيه ملتهبا |
كأنما بات مفتونا بمسكنه |
ولا يود رحيلاً عنه، ما أجتُذبا |
كم استباح فؤادي دون معصية |
وحاصر الفكر بالآلام واغتصبا |
فلا الزمان كفاني من مغبته! |
ولا المكان وقاني جور من وثبا |
لا.. ليس لي غاية في البعد أو هدفا |
لكنه الحزن في جنبيّ قد غلبا |
فقد رُميت بسهم غار في جسدي |
يدمي الفؤاد زماناً عامدا رغِبا! |
وكلما قلت يُشفى، شن غارته! |
يعمّق الجرح، مسروراً بما ارتكبا! |
فهل ينال عليل القلب غايته؟! |
والجرح ينزف من جنبيه، واعجبا! |
أو يعرف الفرح في دنياه.. يدركه! |
والحزن يكبر والوجدان مُلتهبا! |
فإن تعّذر وصلي عن لقائكمُ |
فهل يلام أسير علّل السببا؟! |
يغالب اليأس والآلام تغلبه |
ويطلق الآه تلو الآه مُنتحبا! |
وهل عذرت محباً ناء.. معتكفا؟! |
يرعى الهموم ويخفي الضيم مُحتسبا |