قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه:توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها.
قالوا: أمن قلة نحن، يومئذ، يا رسول الله؟..
قال: بل كثر ، و لكنكم غثاء، كغثاء السيل أو كما قال عليه الصلاة و السلام.
أسوق معنى هذا الحديث الشريف فضلا على أنه النبوءة الصادقة لرسول لا ينطق على هوى،فهو الصورة الأكثر وضوحا لمعالم الأمة العربية الإسلامية (هذا الكيان المهترىء) منذ غياب الحكم الراشد إلى عصر العولمة،مرورا بكذبة صراع الحضارات،التي استقرت في مفاصل الأمة، و العقول الواهنة..
وقديما قيل: من يهن يسهل الهوان عليه..
وهاهي أمة القردة و الخنازير وكل جمعيات الحيوانات الهجينة وقراصنة (الفاكينغ) يتداعون علينا من كل حدب و صوب. كل هذا لأننا الأمة الوحيدة المصابة بداء (الوعي المتأخر ) ..أمة جائعة..و الجائع كل الحواس معطلة لديه،إلا من قرقرة بطن خاوية،وبكاء الأمعاء( ملوكنا يموتون بمرض بالنقرس )..حتى لا ننسى شعار نحمله فوق البيارق في كل مناسبة وغير مناسبة،وعند كل خطب ..أو خطبة عصماء..مع كل هذا سوف ننسى..
ســوف ننســى ، وتخبو جذوة الغضب ( الذي لم يسطع) ولن تكون الإساءات المتكررة لشخص الرسول Fالأخيرة ولن يكفوا أيديهم عن الطعن في ديننا،و الاستهتار بكثير من قيمنا و مقاوماتنا حتى يردونا...رغم ذلك سوف(نغضب وننسى.. ).
سوف ننسى لأننا غرقنا في النفط حتى الذاكرة..هنا فقط تستفزني ذاكرة متعبة أن أذكر شيئا من أسباب ما نسيناه.أجزم،-وأنا مثلكم-،أننا سوف ننسى عند نهاية آخر سطر...
سوف ننسى لأن خطبة الحجاج في أهل العراق،لم تزل اشد وقعا في نفوسنا،و نفوس طلبتنا من خطبة..الوادع!
سوف ننسى لأننا لم نزل نكتب تاريخنا – نقلا– عما يكتبه الآخرون عنا وإن كانت يوميات سائح..أو إنطباعات صحفي مدسوس.
سوف ننسى،لأن مادة (التاريخ) في مدارسنا و جامعاتنا لا يحتفى بها كما يحتفى بمادة تسمى – تجـــاوزا – التربية البدنية،و لأنه مرتب ذو العقل لا يبلغ معشار ما تحصل عليه قدم لاعب مغمور في ناد آيل الى السقوط.. (لماذا أذكر- الآن- خيبات الرياضة؟...)
سوف ننسى لأننا امة لا تصدر خارج المحروقات طبعا – إلا معلبات (الرقص الشرقي) وبطاقات (داحس و الغبراء) البريدية.وطواحين (حرب البسوس) و بهارات (ألف ليلة و ليلة ).
و الأمة الوحيدة التي تهرب أصالتها و تبيعها في زهد،وبأبخس الأثمان (الآثار،التحف،و الجياد العربية المطهمة..) فكل الخوف أن يأتي علينا زمن نبيع فيه ما يجعل الله يسقط السماء علينا كسفا.
سوف ننسى لأننا – ببساطة معهودة – امة تأكل مما لا تنتج و لو كانت (بطاطا) و تلبس مما لا تنسج، ولو كان (شيفون).. أمة نسيت شكل وجهها، ولون عينيها (المناسبة العدسات اللاصقة،والأكثر رواجا عادة تكون زرقاء .. أو خضراء)..ويبهرنا نحن، كل أشقر ! كما انبهر (رفاعة الطهطاوي)
و لخص أبريزه في باريس وعادات أهلها.
سوف ننسى لأننا لم نزل نقايض حليب النوق،و صهيل القهوة العربية بالدخول إلى المنظمة العالمية للتجارة.. وكل المنظمات سوف ننسى لأننا – ببساطة كذلك – لا نملك مضاد أنفلونزا الطيور و العباد،وجنون البقر و كل الدواجن و الوحوش... وحتى إن استطعنا ان نقاوم سحر (الألبان و الأجبان )،فإننا – حتما – لن نصبر على طعام واحد .كذلك إن أستطاع الباحثون عن الفحولة الآنية عندنا مقاومة عطور باريس و إغراء مومسات الدانمارك و السويد..وأبقار هولندا.. فإنهم لن يستطيعوا مقاطعة عقار (الفياغرا) وبطاريات الشحن المنوي..أمة تفكر بنصفها الأسفل! ولذلك سوف ننسى..
ننسى خرقهم للمواثيق و نكثهم العهود (أنظر العهدة العمرية لأهالي القدس) كما نسينا ليلة سقوط غرناطة،وما تبعها من حملات التنصير و التهويد و الترهيب و الإبادة المتلاحقة و محاكم التفتيش و كل الهزائم (هم لم ينسوا حرب البترول)..
و نسينا نحن قبلة – عفوا قنبلة رقان النووية (كذلك اليابانيون لم ينسوا )و مذابح
ماي1945،صبرا,شاتيلا،دير ياسين،قانا..وقبلها صفعة
( هولاكو )..
وقبل أن أنضد عقد ذاكرتي .بادرني أحدهم:
عندما يضيق البلد (انظر جغرافيا البلاد الإسلامية) و يتسع الضياع،ليس في الإمكان إلا اللجوء إلى طلبات..اللجوء إلى المجهول (زوارق الحراقة ومشتقاتها من أساليب الموت في العدم.. و النسيان ). ثم أضاف:
سوف ننسى لأن صغارنا لا يمكنهم النوم إلا في أحضان(Barbie)الدمية الصماء..
لست أدري إن كان لما قاله صلة بالموضوع أم لا, غير أنني أظن
– ببساطة معهودة كذلك – أننا نسينا الله فأنسانا أنفسنا...
لست متحاملا،و لا رجعيا،
و لا حدثيا..و لكني مكلوم .
و ستذكرون أننا أمة جبلت على النسيان...
فلا تتحرجوا..و الرسول الكريم يبشركم ..أنه رفع عن أمته ثلاث...و ذكر من بينها النسيان