أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: صــــــــورته

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي صــــــــورته


    قصة قصيرة




    صــــــــورته

    بقلم : سمير الفيل


    ما الذي جعلني بغير إرادة مني أفز من نومي قبل أن تدق السادسة صباحا؟ أتحسس ذقني النابتة كشوك القنفذ . أرفع عن بدني الغطاء ، وأتجه من فوري إلى الحمام . أوارب ضلفتي الشباك ، وأضغط زر النور مغمضا عيني عن الضوء الباهر ، أمد يدي شبه منوم باحثا عن ماكينة الحلاقة على الرف الزجاجي ثم بعد دقائق أخرج مشدود القامة لأبصر أجسادهم الصغيرة ملتفة بملاءات رقيقة تعتذر للشتاء عن تأخره ؟
    أصفق الباب خلفي ، وأتحسس عظام الترقوة ، وثقل البيادة التي خلّــفتها منذ أزمان ؟ هل هو نداء خفي أم توق عارم أن أذهب إليه وأحدثه مثلما كنت أفعل حينها ؟
    لماذا هذا العسف وروحي مثقلة بنظرته المحددة ونداء متخاذل يشدني إلى قاع الجب؟
    حين انشق الصمت بقذيفة عمياء ، واجهت الموت والعجز ، إذ غلت الرمال ، وغطى وهجها وجهي . لم أر منه سوى أشلاء منثورة تصرخ مطحونة في كمد وغيظ ، والجنازير تدور ، والتروس العملاقة تصخب .
    يدي تهتز بفنجان القهوة البني ، وشمس الصحراء تدبغ جلدي . قالت لي نظرته الوجلة : " لا تنس أن تكفنني !" .
    لم أفعل لأن الزرقة بانت آفاقها المحترقة تضغط على صدورنا بنيران كثيفة . همس الشاويش فتحي :" كيف ننقل الموتى ، وهجومهم الضاري يكاد يفتك بنا ؟ "
    قماش الأفرول الكاكي تمزق تحت الأبط . إندلع ألم هائل في الحلق ومرارة ، قلت ولم يسمعني أحد : " نكفنهم ، هم لحمنا الغالي " .
    ارتجفت شفاههم اليابسة ، قال الشيخ يحيى : "الرمل غسيل طاهر، والرمل كفن ".
    إلتف شريط أسود حول الصورة في إطارها الخشبي . كانت نظرته حزينة ، وضعت يدها في حجرها وهزت الرأس : " ربنا يغفر له " . ولم تمسح الأم دمعة تسللت للوجه الشاحب الهضيم .
    هي ـ المرأة الشابة ـ التي تقدمت مني ، جلست في مواجهتي تماما . سألتني : " هل أحس (محارب ) بألم ؟ هل نطق اســـمي قبل أن يصعد ؟ ألم يتذكر أولاده، وبناته ؟ " .
    شفتان يابستان تتحركان باللوعة والأسئلة . اختلط لحمه في النقطة 145 بالأرض الرملية وشجيرات الصبار القزمية ، وخنافس سوداء تجري مجنونة بالضجيج ،وأربطة الميدان ، وجثث الدبابات الخرساء تفوح منها رائحة تزكم الأنوف .
    على عتبة البيت رفعت وجهه الصغير أتأمله . من فرط تشابهه مع أبيه محارب الصعيدي أنكرته !
    ضحك نفس الضحكة لكنها كانت خالية من خشونة ألفتها ، سألني وهو يتفرس في وجهي : " معك حاجة حلوة ؟ " .
    ندت عن صدري تنهيدة ، أخذته من يده وهبطت السلالم . عند البقال كانت صورته أيام الشباب مع أولاد الحتة بنفس ابتسامته الأخاذة خلف الزجاج مثبتة . تأملتها ، قلت لصاحب الكشك : " إعطني شيكولاتة بسرعة " .
    امتدت يدي بالنقود ، نسيت في اضطرابي أن آخذ الباقي . قلت في نفسي سوف أظل حريصا على زيارته .
    اليوم كم من الأعوام مرت ولم أره ؟
    جاء الجرسون وتناول حسابه سألني : " أتطلب شيئا آخر ؟ " .
    نظرت حولي ، كان يوم عطلة رسمية ، والراديو يذيع أغاني حماسية ، وحناجر تصرخ ، فتنهمر كلمات زنة ألف رطل . تناثرت شظاياها في عقلي ، تطحن مشاعري بضراوة لا قبل لي بها .
    هبت ريح باردة ودقت ساعة الميدان السابعة ، قلت : " لعله انتهى الآن من الجامعة ! "
    ناوشتني الذكرى ركبت المترو على غير إرادة مني ، وقهوة الصباح البنية حركت أحزاني القديمة .
    هبطت في الميدان ، وتهيأت لرؤية البيت . تفحصت المكان فلم أجد له أثرا .
    سألت وعلمت أن صاحب البيت استخرج رخصة بالهدد ، وأن أسرة محارب التي كانت تسكن بالإيجار نقلت عفشها منذ أعوام ورحلت إلى جهة غير معلومة .
    في المنحنى واجهني كشك البقالة . كانت الصورة مازالت مثبتة ، وقد أكلت الشمس نضارة الوجوه ، ومحت الملامح . اشتريت قطعة الشيكولاتة ، وسرت على غير هدى أبحث في الطرقات .

  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    أديبنا الكبير الأستاذ / سمير الفيل
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حساسية مرهفة في التعامل مع هذا الموضوع
    الملح ..
    البون الشاسع بين من دفعوا ضريبة الدم على الجبهة
    ومن جنوا الحصاد..
    اختيارك اسم "محارب" لهذا الشهيد المنسي هوو أهله من بعده
    يرسخ لتلك الفكرة القديمة الجديدة ..
    جيل يقاتل ويضحي وجيل يبيع كل شيء حتى تراب الوطن
    تذكرت رائعتك تلك مع احداث دمياط ، فالتاريخ يعيد نفسه
    تعقيب سريع للرفع فقط ؛فعملك أكبر من تعقيب كهذا
    درس رائع وفريد من دروس القصة القصيرة.

    للتثبيت
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي مشاهدة المشاركة
    أديبنا الكبير الأستاذ / سمير الفيل
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حساسية مرهفة في التعامل مع هذا الموضوع
    الملح ..
    البون الشاسع بين من دفعوا ضريبة الدم على الجبهة
    ومن جنوا الحصاد..
    اختيارك اسم "محارب" لهذا الشهيد المنسي هوو أهله من بعده
    يرسخ لتلك الفكرة القديمة الجديدة ..
    جيل يقاتل ويضحي وجيل يبيع كل شيء حتى تراب الوطن
    تذكرت رائعتك تلك مع احداث دمياط ، فالتاريخ يعيد نفسه
    تعقيب سريع للرفع فقط ؛فعملك أكبر من تعقيب كهذا
    درس رائع وفريد من دروس القصة القصيرة.

    للتثبيت
    الصديق العزيز / حسام القاضي..

    ممتن لك جدا.
    من قصصي التي كتبتها منذ فترة.

    كل الأمنيات بالتوفيق..

  4. #4
    الصورة الرمزية عدنان القماش أديب
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 316
    المواضيع : 61
    الردود : 316
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    بسم الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أستاذنا الأديب سمير الفيل،،،
    قصة جميلة جدا، تذكرنا بأناس نسيناهم ونسينا تضحياتهم،
    كما أنها تحمل الكثير من اللمحات الإنسانية والمشاعر الرقيقة.
    أسلوبك جميل ومتمكن أستاذنا، ودائما أعجب بلقطاتك المتداخلة والتي تنقلنا بين الماضي والحاضر والعكس في سلاسة ويسر، ولا أنسى قصتك الجميلة "صديق العصافير".
    نشكر لك إبداعك أستاذنا وننتظر منك المزيد،،،

    وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

  5. #5
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان القماش مشاهدة المشاركة
    بسم الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أستاذنا الأديب سمير الفيل،،،
    قصة جميلة جدا، تذكرنا بأناس نسيناهم ونسينا تضحياتهم،
    كما أنها تحمل الكثير من اللمحات الإنسانية والمشاعر الرقيقة.
    أسلوبك جميل ومتمكن أستاذنا، ودائما أعجب بلقطاتك المتداخلة والتي تنقلنا بين الماضي والحاضر والعكس في سلاسة ويسر، ولا أنسى قصتك الجميلة "صديق العصافير".
    نشكر لك إبداعك أستاذنا وننتظر منك المزيد،،،
    وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
    عدنان القماش..

    لمحات نقدية مهمة ومفيدة لي ..
    شكرا لمروركم الجميل..

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    قصة مؤثرة ورائعة , وسردك فيها يجذب القارئ
    تحياتي لك

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    مهارة في السرد وقوة في الحبكة وتنقلات مشهدية تزيد النص تشويقا وترفع من وتيرة تفاعل القارئ مع نبضه

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  8. #8
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    قصة رائعة عن من دفعوا الثمن وضحوا وماتوا
    ومن جنى الحصاد وتنعموا وعاشوا
    والتاريخ يعيد نفسه في كل مكان على أرضنا العربية
    بسرد شائق وأداء ماتع أوصلت الفكرة المؤلمة حد القهر
    نصك موجع ويعكس واقعا مرا تكررت شخوصه وأحداثه
    أبدعت وأكثر ـ سلمت يداك.

  9. #9
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.01

    افتراضي

    هناك صور لا تموت وإن بهتت ألوانها
    وهناك حرف معتق يزداد جمالا في كل مرة
    قصة رائعة بكل أركانها
    بوركت

  10. #10
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.15

    افتراضي

    فئة تدفع الثمن عمرها لتعيش أخرى وتدثر الذكريات الأولى تحت رمال الزمن
    عودة لواقعنا وإن اختلف الرداء بلغة أنيقة وسرد ماتع وحبكة قوية أبدعت أديبنا الفاضل نسجه
    تقديري الكبير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة