مَابالُ قَلبِكَما بالُ قلبِكَ يستبدُ بعشقِهِ؟!
شعر / وليد حرفوش
(في رثاء الشاعر الكبير / محمود درويش.)
وبشعرِهِ
وبقربِهِ
وببعدِهِ
وبخفقِهِ
وبصمتِهِ
ما بالُ قلبكَ يستبدُ بموتِهِ؟!
يا من سكنتَ اليومَ في رحمِ القصيدهْ
أنتَ الذي تختارُ أشرعةً عنيدهْ
لتغيبَ في كُلِّ المتاهاتِ الشريدهْ
وعلى أكفِ الغيمِ محمولاً إلى أفقِ البداياتِ الجديدهْ
أَبَلَغتَ حَدَّ اليأسِ من قهرِ الشتاتْ ؟
ندري بأنكَ كنتَ تنزِفُ بالقصيدةِ والمنافي،
وتثورُ من قهرِ الحياهْ
يا أيها الوجهُ الجميلُ على المنابرِ كيفَ ، ضاقَ الكونُ من كُلِّ الجهاتْ
فمضيتَ مختاراً طريقَ الصمتِ مكتملَ الصفاتْ
وحِصَانُكَ المتروكُ عندَ البئرِ يُجهِشُ بالبكاءْ
من للحصانِ الحرِ بعدكَ ، كلما عَبَرَت جيوشُ الوقتِ وانتشرَ الظلامْ ،
وأحسَ أنكَ لَنْ تعودَ مع الصباحِ أوالمساءْ
وفتاةُ كنعانَ التي علقتَ عمركَ في ظفائِرِهَا،
وبَعَثتَ روحَكَ في خُدودِ الوردِ، في لونِ السفوحْ
نَظَرَتْ بعيني شوقِهَا صوبَ التِلالْ
لا أنتَ عُدتَ مع الضياءِ كومضةٍ
تروي العيونَ التائِقةْ
وبقيتَ حلماً غابَ في رحمِ القصيدةِ لَنْ يَعودْ
مِنْ خُبزِ روحِكَ كنتَ تأتي بالنشيدْ
أرهقتَ محبرةََ الدماءِ مِنَ الغِناءْ
كيفَ الحقيقةُ والقصيدةُ من بعيدْ ؟
أنتَ احترقتَ على حروفكَ ، كلما أشعلتَ نارَ الشعرِ في جسدِ الجمالْ
أقحمتَ قلبكَ في صراعِ الموتِ في كونِ الزوالْ
في البئرِ سرٌّ من عذاباتِ القصيدةِ صُغتَ منه الشوقَ للشرقِ القديمْ ،
وجعلتَ أحزانَ المكانِ تذوبُ في الماءِ الزلالْ
عطشُ الحروفِ على يديكَ يمدُ ظلاً للأساطيرِ العتيقةِ بابتهالْ
ونشيدُكَ الرقاقُ من عِنَبٍ وتينْ
كالزعترِ البريِّ في روحِ التلالْ
ستظلُ تُعشِبُ كالحقولِ قصائداً ،
( للبِروةِ ) الثكلى ،
لخبزِ الأمِ ، للدمعِ الحزينِ على الرغيفْ
أبداً ستخجلُ من دموعٍ لن تراكْ
ستسيلُ أوديةً وتُزهرُ في ثراكْ.
سنظلُ بعدكَ في عذابِ القفرِ والتيهِ الجديدْ
بينَ الصراعِ وبينَ محرقةٍ وبيدْ
حرموكَ أن ترتاحَ في أرضِ الجليلْ
حيث الترابُ يريدُ ، مجنونَ الترابْ
عيناكَ واللوزُ البعيدُ حكايتا جرحٍ يهاجرُ كالسحابْ.
للموتِ حرفٌ فوقَ صدرِكَ صاغَ ملحمةً وهامْ
أينَ القلوبُ على فؤادِكَ ترتمي؟
وينوحُ من ألمٍ هَدِيلٌ لِليَمَامْ
15/ 16-8-2008