أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: رؤية عابرة في رواية أله المتاهة

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي رؤية عابرة في رواية أله المتاهة

    رؤية عابره في رواية
    إله المتاهة

    "إله المتاهة ، رواية تناقض السائد المتوارث ، وتدفع بالتأثير التغريبي نحو سياقات وفضاءات روائية واسعة ، خاصة وأنها اتخذت من أدب الجنس منطلقا حقيقيا ، للانطلاق بهذه الرؤى التغريبية نحو تلك الفضاءات الرحبة الواسعة .

    ومن هنا لا يمكن اعتبار هذه الرواية من روايات الأدب الداعر التي تسعى لتدمير التأثير التغريبي ، وقد جاءت على شكل مذكرات اعترافية ، تتخذ من الجنس منطلقا لأفكارها ورؤاها من دون أن يكون الركيزة الأساسية لبناءها الروائي ، وبذلك فقد شكلت بحق تحدي ممتع وكبير ، لان رواية الأدب الداعر أكثر صراحة من الناحية الشكلية من أي نوع روائي آخر ، إن الرواية تتمتع بشيء من الصراحة الرمزية التي تصف بها الباليه من دون أن تنتهك حرمة هذا الفن الراقي والرائع " .

    هذا ما كتبه الناشر على الغلاف الأخير للرواية ، ولا اعلم حقيقة كيف استطاع الناشر أن يصل إلى هذا التحليل المفترض ، عن فكرة الرواية وأسلوبها ، ولا اعلم يقينا ، كيف وصل إلى إثبات حقيقة أنها ليس من الأدب الداعر .

    مفهوم الأدب الداعر ، يختلف معناه باختلاف زاوية النظرة إلى الأحداث الواردة في العمل الأدبي ، بحيث ، يسعى بعض النقاد ، الر رؤية الأدب الداعر ، وهو يتخصص من الصفحة الأولى وحتى الصفحة الأخيرة ، بتواصل وصفي للمشاهد الجنسية الملتهبة ، والتي تستطيع أن تستفز غريزة القارىء ، فتنهضها من مكمنها ، وهذا رأي ، يحمل من السذاجة ، ما يكفي لعدم الرد عليه .

    وهناك من يعتقد ، بان استخدام المشاهد الجنسية بتفصيل معقول ، ضمن مساحة الفكرة التي تتضمنها الرواية ، ينأى بها عن أن تصنف بأنها رواية تعتمد الجنس كفكرة وأسلوب من اجل استفزاز غريزة القارىء ، وهذا رأي يتناوله أكثر النقاد ، ومعظم كتاب الأدب ، على المستوى العربي ، وعلى المستوى العالمي .

    على المستوى العالمي ، يمكننا فقط العودة للاستفادة من التاريخ الماضي للرواية العالمية ، والتي كانت تهتم بتفاصيل الإنسان ، من الناحيتين ، النفسية ، وما يعتورها من اختلاطات وتناقضات ، ومن الناحية المستقبلية ، التي تدفع العقل للعمل على الاتحاد مع عواطف القلب ، وتقلبات النفس ، وهواجس الشر الموزعة في الذات ، وكان هم الرواية ، ان تتجاوز المفهوم الإقليمي ، إلى مفهوم عالمي ، يتصف حقا بلفظ الإنسانية ، الإنسانية التي كان الحلم المستقبلي للروائي يعذبه ويضنيه ، من اجل صياغته برائعة ، ينحني القارىء لها إجلالا وإكبارا ، في أي مكان يتواجد فيه على سطح الكرة الأرضية .

    على سبيل المثال ، لو أخذنا رواية البؤساء ، بصفحاتها الممتدة إلى ما يقارب ألفان وخمسمائة صفحة ، فان القارىء ، يبدأ ومنذ الصفحات الأولى بالإحساس العميق للقيمة الإنسانية التي تتشكل داخل البناء الروائي الصاعد بوتيرة محسوبة ليرسم عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها شخوص الرواية ، دون الحاجة ، للإسفاف أو النزول إلى المشاهد الجنسية التي من شانها استفزاز الغريزة ، من اجل امتلاك القارىء ، وحين ينتهي القارىء من الرواية ، ستجده قد أضاف إلى إحساسه الإنساني بعدا جديدا ، تأصل فيه وتجذر ليصبح مكونا أساسيا من مكونات شخصيته ، مما يؤدي بالضرورة إلى صقل نفسيته وعواطفه بأداة الإنسانية التي رافقت الصفحات والأحداث والشخوص .

    ولو عدنا إلى رواية " كوخ العم توم " لوجدنا التوتر المتواصل ، المصحوب بالغضب والنقمة ، وأحيانا بالحقد العارم ، على ما حل بالزنوج من ظلم واضطهاد ، ويقينا بكينا من حرقة الألم ، ومن الدهشة التي تصل بما يسمى الإنسان ، إلى مراحل الانحدار والتردي ، حتى يتحول إلى " شيء " خارج عن نطاق التصور ، بما يلك من " أشياء " تعمي بصره عن رؤية تفاصيل الإنسانية التي تتغذى بالعذاب والهول ، لما يمارس ضدها من سلوكيات ، لا يمكن ان تدرج ، بوصف تعرفه الإنسانية ، أو حتى سبقت وعرفته ، وما يثبت صحة ما ندعي ، أن هذه الرواية ، وإذا كنا لا نستطيع أن نغامر بالقول الصريح ، بأنها بما ملكت من إيمان بقيمة الإنسان ، كانت هي الفتيل الحقيقي الذي أشعل الحرب في الجنوب الأمريكي ، فإنها على الأقل ، كانت ، والاهم أنها ستبقى ، رواية يمكن للتاريخ البشري ، الاحتفاظ بها كمعلم فاصل في العقل الإنساني ، يستحق أن يخلد ، وان يصنف ، على انه أكثر أهمية وعمقا وتأثيرا ، من اهرامات العبودية ، وبرج ايفل وبيزا ، وأكثر أهمية أيضا ، من صعود الإنسان إلى القمر ، لان الإنسان ، الذي دافعت الرواية عنه ، هو " الإنسان " في كل مكان ، وفي كل عصر مضى وسيأتي .

    وإذا ما استرسلنا في مثل ثالث ، فإننا سنتجه نحو دوستويفسكي ، صاحب الروايات التي عاشت الحالة الإنسانية بكل ما فيها من تناقض واختلاف وتنافر ، بكل ما فيها من خير متأصل وشر متأصل ، هذه الروايات التي استطاعت ان تضع العالم على ضرورة فهم النفس البشرية ، والتعامل معها ، بما تملك من تناقض وتضارب ، وهي التي أسست ، ودون أي مبالغة ، لمفهوم علم النفس الروائي القادر على وصف الحالات البشرية بطريقة قادرة في النهاية على التأثير بقبول الانقلاب النفسي ، من قطب الشر إلى قطب الخير ، وان لم يكن ذلك ممكنا ، فإنها ساهمت بتعريف الإنسان ، بما يملك من طاقات ، يمكن الاعتماد عليها في توجيه السلوك البشري نحو مستقبل قد يتشكل مع المستقبل .

    ورواية " رسائل من منزل الأموات " ، كانت نقطة من النقاط ذات التأثير القوي بنفسية القيصر الروسي الذي دعا بعد قراءتها ، إلى إصلاح السجون ، وهي أيضا ، كانت من الأساسات التي أطاحت بالحكم القيصري في روسيا .

    وأنا أستطيع الآن ، الاسترسال بأمثلة عالمية ، كبيرة وكثيرة ، تقود إلى مفهوم البناء الروائي من اجل الإنسان ، دون الحاجة إلى استخدام الجنس كعامل أساسي ، مقزز ، ومقرف ، فنجحوا وأبدعوا ، وخلدوا كمنارات إنسانية ، لا تقف ثقافة أو دين أو تقليد ، من قبولها وجعلها معلما إنسانيا ، يخص البشرية كلها ، بحاضرها ومستقبلها .

    أما بالنسبة للرواية العربية ، فإنها تنقسم إلى قسمين ، قسم استطاع أن يستخدم الفن الروائي ، يتقنية عالية ، مستسقيا مادته من المجتمع الذي يعيش فيه ، فنجح إلى حد ما ، وقسم حار بين قدرته على الصياغة من الواقع الذي يعيش فيه ، وبين تأثره بمد الثقافة الغربية بكل ما تحمل من تناقضات بيئية ومعرفية ، سيق إليها المجتمع الغربي ، تحت تأثير السطوة الديمقراطية التي استخدمت الإنسان كشيء لا قيمة له في أكثر المجالات الإنسانية التي تتعامل مع غرائزه ، على أنها المكون الإنساني لكينونته ، وكان تأثر الرواية العربية ، تأثر القزم الذليل ، أمام مارد الغرب المالك لكل أسباب القوة والسطوة والاكتشاف ، في جميع مجالات المعرفة .

    وهذا تحديدا ، هو الفارق بين الأدب العربي ، والأدب الغربي ، فإذا ما قرأت للطاهر بن جلون ، أو لحنا مينا ، أو لاحسان عبد القدوس ، أو غادة السمان ، أو نوال السعداوي ، فانك ستجد بوصلة ترشدك إلى أن جهة الجنس في الرواية العربية ، هي جهة منقولة بالتأثر ، لمعطيات العصر الجديد ، عصر الغرب بما يمثل من قوة عسكرية واقتصادية ، وقوة فكرية ، استطاعت أن تقنعنا بأننا دون أولئك الذين فتحوا الحرية ، بكل مجالاتها على حقيقة أن لا حدود أخلاقية تقف أمام الفكرة وأمام الكاتب .

    والمفارقة الواضحة ، أن الكتاب الذين يعيشون بالغرب ، وخاصة المشاهير في القدرة على صياغة الرواية والعقل والعاطفة ، نأوا بأنفسهم عن الحرية تلك ، والتزموا بما يملكون من مبادىء وأفكار ، بعكس العرب والمسلمين ، الذين أصبحوا منغمسين بتلك الحرية لإشباع عقدة النقص التي يحملون ، ولنيل رضا الغرب ووسائل إعلامه ، بل وامتدت الصورة ، لتصنع الأبطال القادرين على اختراق الاستعمار الصهيوني ، من اصل الدعارة الصرفة ، والانحلال من كل قيم الدين والأخلاق والإنسان ، مثال ذلك الهجان ، الذي غرق بالدعارة إلى حد يعلو قمة رأسه ، وكانت صورة المسلم ، او المجاهد العادي ، تأتي بصور منافية للذوق البشري والإنساني ، وترسخ من خلال مظهرها بدائية فكرة الأخلاق والدين .

    ما سبق يحدونا إلى الاستنتاج ، بان المفكر والمثقف العربي ، عاش الإحساس بالدونية ، بالتقزم - وهناك عوامل أخرى قد يأتي ذكرها في بحث خاص – وهذا ما دعاه إلى الاعتقاد ، بان ما يصدر عن الغرب ، هو بحد ذاته قيمه يمكن الاعتماد عليها والبناء على أسسها .

    وهذا تحديدا ما حدا بالناشر إلى قول ما قال عن رواية " إله المتاهة " لكولن ولسن .

    الرواية ، حاولت وبأسلوب ذكي أن تتعامل مع المفهوم الجنسي في الرواية ، على انه ليس الركيزة التي تقوم عليها الرواية ، وان البحث عن التأثير الجنسي هو الركيزة الحقيقية للرواية ، وهذا ما جعل الناشر يظن ذلك ، لكن الرواية الجنسية أسرفت وبشكل مدروس في وصف المشاهد الجنسية القادرة على استنهاض الغريزة بشكل كامل ، بل وتأملت مع المشاهد الجنسية ، بتصوير سينمائي متكرر ، وكانت الوصف دقيقا إلى حد الخجل ، وأحيانا إلى حد الشذوذ .

    الرواية ، لو كنت املك قدرة على نقل مشاهد اللحظة الجنسية ، هي رواية داعرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، ولا فرق بينها وبين روايات جيمس بوند ، التي غلفت بغلاف العميل السري المعاصر .

    وللقارىء الحق بالعودة إلى الرواية ومحاولة معرفة كم الوصف الجنسي الواضح ، تحت هدف البحث عن أصول الدافع الجنسي وتأثيره بالإنسان وسلوكياته ، بل وأنا ادعي ، بان الرواية قد وصلت إلى مرحلة الشهوة الحيوانية التي تعيش لحظة المتعة ، على أنها أسمى معاني الحياة وارفعها .

    أنا لا اشكك بنوايا كولن ولسن ، لان له فكرا يلتصق بما يحصل بمجتمعه والمجتمع الغربي كله ، فالشذوذ الجنسي المنتشر إلى حد كل بيت وأسرة ، وكل مدرسة وجامعة ، والانحلال المسيطر على مفهوم الكوابح الأخلاقية الإنسانية ، يجعله يعتقد اعتقادات ناشئة من تأثره بما هو حوله .

    أما نحن العرب ، فإننا بسبب تقزمنا ، نُشْدَه ، وننبهر ، مما يذهب إليه الغرب ، فتأثرنا السابق ، بفلسفة سارتر ، هو تأثر القزم بالمارد ، وإلا ، فماذا تعني الوجودية للمواطن العربي والمفكر العربي ، الذي لم يصب بصدمة الانتقال من المجتمع البسيط إلى مجتمع الآلة الضخم المكتسح الفرد والجماعة من طريقه ، أنا افهم ، وأستطيع أن أتصور تأثر الإنسان الغربي بفلسفة سارتر لعمق التغير الذي انفجر وغير المجتمع بأسره ، لكني ارثي ، حماقة المفكر والمثقف العربي ، الذي حمل الفلسفة الوجودية ، محمل الجد والتأثر .

    وبنفس القدر ، ارثي حماقة المفكر والمثقف العربي ، الذي يستطيع أن يرى برواية " إله المتاهة " رواية إنسانية أو رواية يمكن الاستفادة مما ورد فيها من أفكار تنهض على تأليه اللحظة الجنسية المتصلة بذروة اللذة والشبق .

    وعلينا كعرب ، أن نتناول الأدب الغربي والفكر الغربي ، بشخصية الندية ، التي تستطيع أن تفصل القشور عن اللباب ، بروية الواثق من تاريخه وقدرته واقتداره ، لا بروية القزم المتلقي والمتأثر بخزعبلات تأتينا على أنها روافد للفكر المعاصر والحديث .

    كولن روائي ناجح ، لكنه باحث فاشل ، برغم ما قيل عنه ، وخاصة بعد كتابه اللامنتمي ، الذي يعتبر بحثا عن وجودية جديدة ، يمكن أن تنجح بالغرب ، لأنها تتصل بواقعه ، تتأثر وتؤثر فيه ، لكن ما قلناه عن فلسفة سارتر ، نعود لنقوله عن كولن نفسه .

    فقراءة سريعة ، وأقول سريعة عن قصد وتبصر ، لمجموعة من كتب كولن ولسن ، مثل كتاب " موسوعة الألغاز المستعصية " و " الحاسة السادسة " و " والإنسان وقواه الخفية " و غيرها ، يقودك إلى استنتاج واضح ، بان كولن ولسون يطارد الهباء ، فماذا يعنيني من لعنة الفراعنة ، غير حماقة من كتب عنها وسخف من امن بها ، وماذا يعنيني من السحر الأسود ، أو الاستنباء بالعصا ، واختفاء أغاثا كريستي مدة أيام ، ثم ظهورها بدون أن تقدم تفسيرا لفترة غيابها بأحد الفنادق ، ولماذا علي أن أطارد وهما يسمى بالأطباق الطائرة ، أو مثلث برمودا ؟

    القضايا التي يطاردها كولن هي قضايا غريبة ، لذلك يشعر الإنسان بالمتعة والاستهجان والغموض حين يقرأها ، تماما كالخرافات المنتشرة بالوطن الإسلامي عن الجن وتحركه بجسد الإنسان وتدمير المجتمع بلحظة غضب ، مثل هذه الأمور الغيبيبة ، تستهوي النفس ، لكنها في الحقيقة ، ليست سوى خرافات ، يأنسها الجاهل ، واقصد الجاهل الذي تؤثر معرفته بطريقة تفكيره .

    لكننا نقر له بقدرته الروائية في " طقوس في الظلام " و " القفص الزجاجي " و " الشك " .

    رواية " اله المتاهة " رواية جنسية صرفة ، نستطيع تصنيفها بالأدب الداعر ، تماما كما نستطيع تصنيف بعض روايات حنا مينا بالأدب الداعر ، مهما كانت حجة الكاتب أو الناقد للدفاع عن فكرة الجنس ، لان رواية " كيف سقينا الفولاذ " قد وظفت مفهوم الجنس ، بصفة إنسانية ، تساوقت مع الفكرة الثورية للإنسان الباحث عن حريته ، وكذلك رواية " الجريمة والعقاب " وظفت الفكرة الجنسية ، لمفهوم إنساني سام ونبيل ، فاستطاعت الروايتان ، أن يجعلانا نقف احتراما ، لمفهوم الجنس الملتصق بالفكرة الإنسانية .

    وليس بمفهوم الانحطاط بفكرة الجنس ، إلى مستوى الشهوة التي تنزل من مرتبة الحيوانية إلى درك أسفل من ذلك ، كما صورت رواية إله المتاهة ، وروايات أخرى .

    في إحدى قراءتي للدكتور زكي نجيب محمود ، فيلسوف مصر ، تحدث عن احد مدرسيه في الجامعة ، فقال : إن الأستاذ كان يخرج في كل يوم وفي جيبه بعض النقود المعدنية ، لكنه كان يصاب بالدهشة والمفاجأة حين يحتاجها فلا يجدها ، كانت تتبخر ، تتلاشى ، وكأن قوة خفية متخصصة بإزالتها من مكانها وبشكل ، وبعد دراسة مطولة وتحليل مضن ، لم يصل إلى نتيجة ، فحار في أمره ، واستعان بقدراته وحاول أن يصل للسبب الذي يخفي النقود من جيبه بشكل يومي ، لكنه فشل .

    وذات يوم ، حين حاول غسل السروال بنفسه ، اكتشف أن جيبه مخروق ، وان الفتحة التي به تكفي لتسرب النقود من جيبه ، فحزن وتأثر على الوقت الذي قضاه وهو يخوض مراحل التحليل النفسي والاستكشاف الداخلي التي كان يظن بأنها ستنهي مشكلة ضياع النقود المتأصلة بحياته .

    هذه الرواية تتعلق وبشكل رئيس بنظرية فرويد ، التي قامت على تأسيس الجنس يمكن أن ترد إليه السلوكيات البشرية ، وهي تكشف عن فذاذة الأستاذ بطريقة طرحه لتفاهة النظرية الفرودوية ، وتدل وبشكل واضح على سخريته من المثقفين والمفكرين الذين تعاملوا بتسليم مطلق .

    وهذا مفصل من مفاصل الشخصية القوية ، التي باستطاعتها أن تميز بين القدرة النابعة من خصوصية الفكرة وتفردها ، وبين الفكرة المروج لها إعلاميا لتسود وتكون ضمن المحرمات التي يصعب مسها أو نقدها .

    وللتدليل على ذلك ، نأخذ فترة العقاد رحمه الله ، تلك الفترة التي منحت طه حسين ، مرتبة عميد الأدب العربي ، مع العلم إن قراءة متأنية للعقاد ، وقراءة سريعة لطه ، تدل على البون الشاسع بين امكانات الرجلين ، وهو بون نستطيع أن ندعي وببساطة وثقة ، بون المفكر من الذي ما زال يسعى للوصول إلى منزلة المفكر ، لكن الوضع السياسي ، هو الذي قرر ، وليس منطق الحق والقدرة والاقتدار .

    وهذا ما يجب الآن التنبه له ، لان الناس ما زالت تؤله الشهرة ، وتقدسها ، فكيف إذا كانت هذه الشهرة من كاتب ، تملك بلاده من أسباب القوة والسطوة ، ما تجعلنا نشعر بعجزنا وذلنا في الحياة ؟


    مأمون احمد مصطفى
    فلسطين – مخيم طول كرم
    النرويج – 20 – 11- 2008

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.10

    افتراضي

    على سبيل المثال ، لو أخذنا رواية البؤساء ، بصفحاتها الممتدة إلى ما يقارب ألفان وخمسمائة صفحة ، فان القارىء ، يبدأ ومنذ الصفحات الأولى بالإحساس العميق للقيمة الإنسانية التي تتشكل داخل البناء الروائي الصاعد بوتيرة محسوبة ليرسم عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها شخوص الرواية ، دون الحاجة ، للإسفاف أو النزول إلى المشاهد الجنسية التي من شانها استفزاز الغريزة ، من اجل امتلاك القارىء ، وحين ينتهي القارىء من الرواية ، ستجده قد أضاف إلى إحساسه الإنساني بعدا جديدا ، تأصل فيه وتجذر ليصبح مكونا أساسيا من مكونات شخصيته ، مما يؤدي بالضرورة إلى صقل نفسيته وعواطفه بأداة الإنسانية التي رافقت الصفحات والأحداث والشخوص .

    ولو عدنا إلى رواية " كوخ العم توم " لوجدنا التوتر المتواصل ، المصحوب بالغضب والنقمة ، وأحيانا بالحقد العارم ، على ما حل بالزنوج من ظلم واضطهاد ، ويقينا بكينا من حرقة الألم ، ومن الدهشة التي تصل بما يسمى الإنسان ، إلى مراحل الانحدار والتردي ، حتى يتحول إلى " شيء " خارج عن نطاق التصور ، بما يلك من " أشياء " تعمي بصره عن رؤية تفاصيل الإنسانية التي تتغذى بالعذاب والهول ، لما يمارس ضدها من سلوكيات ، لا يمكن ان تدرج ، بوصف تعرفه الإنسانية ، أو حتى سبقت وعرفته ، وما يثبت صحة ما ندعي ، أن هذه الرواية ، وإذا كنا لا نستطيع أن نغامر بالقول الصريح ، بأنها بما ملكت من إيمان بقيمة الإنسان ، كانت هي الفتيل الحقيقي الذي أشعل الحرب في الجنوب الأمريكي ، فإنها على الأقل ، كانت ، والاهم أنها ستبقى ، رواية يمكن للتاريخ البشري ، الاحتفاظ بها كمعلم فاصل في العقل الإنساني ، يستحق أن يخلد ، وان يصنف ، على انه أكثر أهمية وعمقا وتأثيرا ، من اهرامات العبودية ، وبرج ايفل وبيزا ، وأكثر أهمية أيضا ، من صعود الإنسان إلى القمر ، لان الإنسان ، الذي دافعت الرواية عنه ، هو " الإنسان " في كل مكان ، وفي كل عصر مضى وسيأتي .
    أحسنتَ الطرح بأسلوب قوي وراقي في نفس الوقت , إن لم يكن لنا هدفٌ خلف مانكتبه من رواية وغيره فلماذا نكتب ؟
    هناك نوعين من يكتب للنفع وإنارة العقول , ومن يكتب للجسد وشهواته وإثارة غرائزه تحت مسميات مبطَّنة خفية قد لنعيها أحيانا إلا بعد قراءة مايكتب
    أمَّا حديثك عن بعض القضايا الغريبة فنحن لانكذبها ونقول عنها خرافات ولانصدقها علمها يبقى عند الله , فقد تكون منها أمور صحيحة كمثلث برمودا وقد تون كذبة ووهم الله أعلم , صحيح أنها حوادث تثير فضول الإنسان لكن لانبالغ في اكتشافها ومعرفة حقيقتها إلا إن مرَّت فرصة سانحة توفرت لمعرفتها..
    وكذلك عالم الجن ليس أمر خرافي الإنس والجن من مخلوقات الله وقد تحدث عجائبا وغرائبا لفئات من الناس ولكن البعض يزيدُ في القصص بهارات وكذبات ويجعلون منها قصة خرافية واسطورات وهمية يأخذون شيئا من الواقع والباقي مجرد أسطرٍ فارغة لإثارة الفضول أو الرعب أو ... إلخ
    تقديري

المواضيع المتشابهه

  1. المتاهة
    بواسطة رافت ابوطالب في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-08-2016, 07:44 PM
  2. لسه سرقاكي المتاهة .. رباعيتان لمحمد محمود شعبان
    بواسطة محمد محمود محمد شعبان في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-02-2014, 09:12 PM
  3. المتاهة
    بواسطة الجامعي بوشتى في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 05-10-2013, 07:35 PM
  4. ( المتاهة )
    بواسطة فيصل محمود في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-05-2009, 01:32 AM
  5. لحظات عابرة لصورة ... واشياء اخرى
    بواسطة الجوهرة القويضي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-09-2005, 01:27 PM