كان يعشق نعتها ببائعة الورد التي فقدت حاسة الشم...صوب نحوها اهتمامه و حدق بداخلها بل بأعماقها ..نظف عتبة الأوجاع التي كانت تتقاذفها لأيام طوال ..ألقت عليه التحية و انهمرت بعدها مباشرة كأنها تعرفه منذ آلاف السنين ..لم تحس معه بالخجل أو أنها من المفروض أن تضع التكلفة بينها و بينه ..قفزت كما قفز سريعا نحو برجها ..تعانقا منذ أول لحظة ..كيف حصل ؟ ألانها فقط تريد أن تنسى صدمتها في الآخر ؟ ألانه فتح ذراعيه كي ينقذها من براثين الإحساس بالذل و المهانة التي تربعت عرش لحظاتها ...كانت بالنسبة له جسرا يوصله إلى الطريق فيسمع صدى حطامه من ورائه..
كانت تتحدث إليه بكل عفوية منذ بداية الحوار بينهما ..طلب منها أن تكثف مجهوداتها لكي تساعده على فك لغز ما يدور حوله من أوضاع محيرة ..جميل كان حبل التواصل بينهما و الأحلى اختلاف وجهات النظر التي كانت تؤجج الحوار و تعطيه وقعا ..كانت كالسيل الجارف و هي تحكي له عن إعجابها بآرائه في الحياة..في لحظة تداخل ما هو شخصي بما هو عملي بدأ بطرح أسئلة يعرف مسبقا أن لا إجابة لها و أنها لا تملك الإجابة لأنها أسئلة غارقة في الشجن في الغموض غارقة في الاستحالة لا مصداقية لها ..يعرف جيدا مدى نضج المقاومة و الصمامات التي لديها و أن الذبذبات التي تعمل بها شحنتها من تجربتها الفاشلة ..هكذا و في خضم استرجاعاتها المريرة تأتيها ومضات الماضي المر برسالة تافهة عابرة لا نية منها سوى ردها إلى ذكريات تود كل يوم استئصالها ..انهمرت عليه كما يفعل هو دون تفكير ..رد بكل برود بكل اللاتوازن الذي ممكن أن يتعرض إليه الفرد في لحظة اللانتماء للعقل.. للنضج تصبحين على خير..ردي عليه و أخبريه أنك تحبينه... ..ظلت على الخط وحيدة مثل طائر مثخن ..تتألم من فرط سلوكين غامضين ..حاولت أن تكتم بداخلها و ألا تعير للأمر أكثر ما يستحق ..تجاهلت رد فعل الاثنين ..استهجنت ..لعنت اليوم الذي أدخلت في النت إلى بيتها ..سرعان ما انتبهت أنها غير مسؤولة عن ردود أفعال الآخرين و أنها ستظل وفية لما تؤمن به من قيم و لو على حساب هروب الناس منها و عدم رضاهم عنها ...بدأت تتسرب من بين أيديها كل الأشياء الثمينة ها هو الصديق الموالي في لائحة من يغادروها بحجة و تحت ذريعة أنت إنسانة غير عادية ...
ندى يزوغ
المغرب