أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الدّيْن ..!!

  1. #1
    الصورة الرمزية مهنا أبو سلطان قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Oct 2010
    المشاركات : 24
    المواضيع : 7
    الردود : 24
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي الدّيْن ..!!

    الدَيْن ..!!
    قصة قصيرة .. مهنا أبو سلطان ..!
    كعادته .. وحين أرخى الليل على جسد البسيطة سدوله مساء ذلك اليوم الصيفي .. توجه زيدٌ إلى بيت عشيقته (سناء) ، الأرملة التي رحل عنها زوجها الطيب حد السذاجة والهبل .. بعد أقل من عامين مضيا على زواجهما .. مورثاً إياها فقره البائس .. وطفلاً جميلاً .. حيث أصبحت لقاءاتها الساخنة مع زيدٍ الآن أكثر أمناً وحريةً .. بعكس ما كانت عليه خلال حياة زوجها المخدوع .. حين كانت تؤخذ هذه اللقاءات اختلاساً من بين طيات الزمن ، ونادر الفرص المتاحة .!
    وكعادتها استقبلته فاتحةً ذراعي قلبها قبل بابها ..
    لكن الأمر غير العادي هذه المرة أنها لم تسمح له باجتياح جسدها مثلما كانت تفعل دائماً، قائلةً بدلال :
    ـ زيد .. متى نتزوج ؟؟ لقد مرت سنةً كاملةً وأنت تعدني بالزواج .. ولم تفِ بوعدك ..
    حاول إقناعها -ككل مرةٍ- أن الأمر قريبٌ .. فقد استطاع وعلى مدار عامٍ كاملٍ إقناعها .. أن المسألةَ مسألةُ وقتٍ ريثما يستطيع تهيئة زوجته لهذا الأمر .. لم تكن أول الأمر تعرف أنه يكذب .. فهو يملك قدرةً كلاميةً بهلوانيةً كبيرة .. كان بفضل هذه القدرة قد استطاع إقناع زوجته طوال هذه المدة بمبررات تغيبه حتى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل ، في كل مرةٍ يغيب فيها ليروي شيطان الجسد ، من نبع تلك المرأة التي باتت لا تحتمل التلكؤ في إنجاز وعد الزواج ، بين نار شهوتها التي من أجلها خانت زوجها في حياته وبعد مماته .. ونار عيون وألسنة جيرانها في العمارة ، الذين باتوا يعلمون بأمرها وأمر عشيقها .. ولا ندري هل كانت الزوجة تقتنع فعلاً بما يسوقه لها من حججٍ وذرائع .. أم كانت تقتنع مُكرهَةً لأنها لم تكن تملك خياراً آخر ، أمام زوجٍ متجبرٍ طاغي الغطرسة .. لا يتورع عن استخدام العنف ضدها وأمام أولادهما الثلاثة فيما لو مارست نوعاً من الاحتجاج أو التذمر .. قال بتأكيد :
    ـ سناء .. حبيبتي .. لقد قلت لك دعيني أدبر الأمر مع زوجتي .. والمسألة مسألة وقتٍ لا غير ..
    قالت وقد برزت من بين كلماتها لهجة الشك :
    ـ بصراحة لم أعد قادرةً على تصديق هذه الوعود المطاطة .. الغامضة .. أرجوك حبيبي .. لا أريد أن أقضي العمر معك بالحرام .. وأنت تعلم أن سكان العمارة باتوا لا يقتنعون بقولي لنسائهم أنك خطيبي .. حتى أن إحداهن قالت لي مرةً بسخريةٍ شامتة : (وما هذه الخطبة التي تدوم العمر كله؟؟) ..
    قال بلهجةٍ تحمل الود والصرامة في آنٍ معاً ، وكأنه أصبح يستولي على حياتها بعد أن وصلت معه مرحلة اللاعودة :
    ـ بصراحة يا حبيبتي .. أريد أن نبقى عشيقيْن .. متيمَيْن ..!
    ـ لم أفهم ..
    ـ أنا أحبك .. أعشقك .. ولا أريد لحبنا أن تقتله مسؤوليات الزواج والأولاد .. والالتزامات .
    قالت بكل ما أوتيت من استهجان :
    ـ وأنا ؟؟ ماذا أجني من هذا الحب ؟ بل من هذه الخيانة المستمرة ؟ ماذا أقول للجيران ؟؟ بل كيف سأبدو غداً أمام طفلي هذا الذي سيغدو فتىً وشاباً ورجلاً ؟؟
    ـ سناء .. افهميني .. أنا .....
    قاطعته غاضبةً :
    ـ لا أريد أن أفهم .. ولا أريد مزيداً من الخداع ..
    وأخذت تصعّد من الموقف :
    ـ إذن أنت تسخر مني ، اسمعني جيداً .. يجب أن تنجز وعدك لي بالزواج .. وإلا .. فضحتك أمام زوجتك وأولادك ..
    لم تكد تكمل عبارتها الأخيرة .. حتى صفعها بشدةٍ على وجهها .. أسقطها أرضاً .. صائحاً بها :
    ـ إياك أن تقتربي من بيتي ..
    وتركها تنوح وتندب حظها العاثر .. وخرج يكلم ذاته (هل مسها الجنون ؟ تتخيل أن أتزوجها تلك الخائنة الساقطة ؟ وما أدراني أنها لم تضاجع غيري ، وهي التي ضاجعتني بكل عهر الأرض أثناء حياة زوجها ؟؟!).. ثم بصق ..
    وراح يتمشى في شوارع المدينة المقفرة .. الخالية إلا من المتسكعين والمشبوهين .. حتى بعد منتصف الليل .. ثم قفل عائداً إلى البيت .. الزوجة نائمةٌ .. والأولاد كذلك .. استلقى يستعرض أحداث الليلة .. وتهديد تلك المرأة له .. ولم يدم تفكيره طويلاً .. حتى سمع طرقاتٍ قويةٍ على الباب ..
    من ذا الذي يأتينا في مثل هذا الوقت ؟ .. قال في نفسه .. هل فعلتها تلك الخائنة ؟؟
    توالت الطرقات فوق جسد الباب حثيثةً .. فاستيقظت الزوجة .. وتسرب الأولاد كالرمل من بين أصابع أحلامهم الصغيرة فزعين .. نهض مرتبكاً .. فتح الباب ليجد نفسه وجهاً لوجه أمام سناء التي كانت تحمل طفلها .. والشرر يتطاير من عينيها كلبؤةٍ جريحة .. وقبل أن تتفوه بكلمة .. قال لها بصوتٍ خافتٍ لكنه ينم عن تحذيرٍ شديد :
    ـ انصرفي من هنا حالاً .. وسنسوي الأمر لاحقاً ..!
    صرخت بصوتٍ أيقظ أكثر الجيران :
    ـ لن أغادر حتى تفي بوعدك .. وأحذرك .. إن أقدمت على أي فعلٍ أحمق .. فسوف تندم ..
    لم يتمالك نفسه .. لطمها بقوةٍ .. فصرخ الطفل رعباً وفزعاً في حضنها .. بينما هرعت الزوجة والأولاد نحوهما ..
    ـ ما الذي يجري ؟ قالت الزوجة .. ومن هذه المرأة .. وماذا تريد ؟؟؟
    قال زيد بلهجةٍ حاسمةٍ حازمة :
    ـ لا دخل لك أنتِ .. خذي الأولاد وادخلي .. حاولت الزوجة أن تبقى لتعرف ما يدور .. فأخذها عنوةً مع الصغار إلى عمق البيت ..
    في هذه الأثناء كانت سناء قد اتصلت بالشرطة .. وما هي سوى دقائق حتى كان رجال الشرطة يصطحبونهما إلى المركز ..
    في المركز .. ادعت أن زيداً قد تزوجها عرفياً .. وأن هذا الطفل ابنه ..
    دهش زيدٌ .. (هل بلغت الجرأة بها أن تلصق به طفلاً ليس من صلبه ؟) .. فأقسم أغلظ الأيْمان أنه لا يعرف هذه المرأة إلا معرفةً سطحيةً من خلال عمله في دار الأيتام .. حيث كانت تحضر باستمرار لطلب معونة لطفلها اليتيم ..
    وحين طالبها رئيس القسم بدليلٍ على ما تقول .. ادعت أنه خدعها وأخذ كافة الوراق التي تثبت ذلك .. فما كان من رئيس القسم إلا أن أمر بتحويل زيدٍ إلى طبيبٍ مختصٍ ، لتحديد ما إذا كان الطفل ابنه كما تدعي المرأة أم لا ..!
    عند الطبيب .. وقف زيدٌ مذهولاً .. والدنيا تدور به .. أحس بحاجةٍ للتقيؤ .. بل ودّ لو مات قبل ذلك وكان نسياً منسياً .. حين علم أن نتيجة الفحص تفيد أنه عقيم .. لا يمكنه الإنجاب ..!
    كم أحسد الأطفال .. فلهم وحدهم حق الصراخ في زمن الصمت ..!

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    كما تدين تدان
    والجزاء من جنس العمل
    رائعة أستاذي تابعت تصاعد الأحداث فيها بشوق وترقب
    رغم أن الفكرة تكررت في السينما المصرية
    راق لي الأسلوب الذي أعددت به العمل
    كن بخير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    بذكاء دخلت الى جو النص عبر مشهد هيأ ذهن القاريء لاستقبال موضوع الحبكة، حيث تتصاعد وتيرة الحدث متناغما مع بيئة من المشاعر بهيمية الإنفلات، وصولا الى قفلة جاءت مباغتة رغم أن الفكرة الأساس تكاد تكون مستهلكة، وفي هذا شهادة للكاتب بالتمكن من أدواته ...

    وودت فقط أن أشير لما يلي ..
    * يحبذ في القصة القصيرة تحق وحدة الزمان والمكان، ولهذا تعمد معظم نصوص القصة القصيرة على فكرة الإسترجاع، في حال الحاجة لتعدد الأزمنة أو الأمكنة أو كلاهما.
    * أحسست بنفس الراوي يضفي نكهة إخبارية على النص جاءت ضد جمالية انسياب السردية واحكام الحبكة وذلك في قولك ..
    ولا ندري هل كانت الزوجة تقتنع فعلاً بما يسوقه لها من حججٍ وذرائع .. أم كانت تقتنع مُكرهَةً لأنها لم تكن تملك خياراً آخر ، أمام زوجٍ متجبرٍ طاغي الغطرسة .. لا يتورع عن استخدام العنف ضدها وأمام أولادهما الثلاثة فيما لو مارست نوعاً من الاحتجاج أو التذمر
    وهنا أيضا وصفت الزوجة بالخنوع والاستكانة والرضوخ بل وحتى القنوت وهي تقتنع مكرهة ولا تمارس احتجاجا ولا تذمرا، مما خلق عند القاريء تعاطفا معها يفترض أن يكون مقصودا ومتعمدا من جهة القاص ... ثم فجأة نكتشف أنها كانت الشر تجسد امراة، حتى وصلت بشاعتها حد خلط الأنساب في بيت زوجها، وفي هذا تناقض ينم عن وصف غير دقيق للشخصية، فالمفروض في الكاتب أن يحيط بملامح شخصيات النص ودخيلة كل منهم وأن يجيد رسمها لتتسق سلوكياتها عبرالحدث مع تم شرحه من طبيعتها ...

    هذه عموما سقطة يتعرض لها -بكل أسف- كثير من كتاب القصة والروائيين بل وحتى كتاب السيناريو للأعمال الدرامية، وهي التداخل بين ما هو معلوم لدى الراوي /الكاتب/ الجمهور وما يفترض أن يكون معلوما لدى شخوص النص، بمعنى أن الأحداث وملامح الشخصيات وركائز الحبكة يجب ان تكون واضحة لدى الكاتب والقاريء، حتى وإن اقتضت فكرة النص أوأحداثة تغيببها عن شخوصه ...

    قصة رائعة وقلم قاص ننتظر منه إبداعا متواصلا

    بانتظار جديدك

    دمت بالق
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  4. #4
    الصورة الرمزية مهنا أبو سلطان قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Oct 2010
    المشاركات : 24
    المواضيع : 7
    الردود : 24
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الأخت رنيم الغالية ..!
    نعم .. ربما تكون الفكرة مكررة .. لإانا قليل المتابعة للأفلام العربية عموماً ..
    أشكر لك مرورك الغالي يا غالية ..!
    باقات الفل ..!

  5. #5
    الصورة الرمزية مهنا أبو سلطان قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Oct 2010
    المشاركات : 24
    المواضيع : 7
    الردود : 24
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    ولعل كون زوجها متغطرساً ظالماً هو الذي دفعها لكرهه ومن ثم خيانته مع أننا لا نبرر الخيانة ..!
    سعدت بمرورك ربيحة الغالية ..!
    محبتي ..!

المواضيع المتشابهه

  1. ان الدين عند الله الاسلام
    بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-12-2010, 08:56 PM
  2. مؤرخ صلاح الدين الأيوبي - بهاء الدين بن شداد
    بواسطة سها جلال جودت في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-07-2007, 03:28 PM
  3. احب ان أقف تحت شجرة الدين وأعبد الله،ولا اقف في صحراء وأعبدشجره الدين
    بواسطة فاطمه عبد القادر في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 12-02-2006, 01:36 AM
  4. فلنرحب بالشاعر والباحث الحر (علاء الدين رمضان)
    بواسطة نسرين في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-01-2003, 10:58 AM
  5. علاء الدين والمصباح السحري!
    بواسطة د. ندى إدريس في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-12-2002, 05:07 PM