بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقال آن المكوجي يعرف شخصيات زبائنه من ثيابهم فصحاب البنطال المثقوب هو كادح عامل بسيط رضي بما قسمة الله له من رزق ( ومن ورشة لورشة يا قلبي لا تحزن )

وصاحب الثوب الذي نسي صاحبة آن يخرج جميع مقتنياته الشخصية منة ونسي بداخل جيبة وصل من آلة الصراف الآلي تبين له رصيده البنكي الذي لن يتجاوز في أحسن الحالات آلف ريال
فهذا موظف في احد دوائر الدولة معروف طموحة ( 30 سنة خدمة ثم يرحل من مواطن نشط إلى مواطن خامل يقتات في نهاية كل شهر بما يسمى الراتب التقاعدي )
هذه المقدمة إنما هي كالموسيقى التصويرية التي تسبق بداية المسلسل التلفزيوني
شأت الصدف آن التقي بة في الصباح الباكر وأنا احمل كيس الزبالة متوجهاً إلى الحاوية المخصصة لذلك ورأيت تلك البدلة البرتقالية التي يرتدي لتميزه عن بقية الخلق بأن هذا البرتقالي ماهو سوى عامل نظافة يكنس أوساخكم ويحمل زبالتكم ولكي لا يقوم مراهق بدهسه بسيارته الرياضية ذات ألثمان سلندر
سلم علي وهو يتجه نحوي ليحمل عني كيس الزبالة طامعاً في بقشيش أهبة إياه ولكن لفت نظري نباهته وذكائه من خلال تحركاته السريعة ونطقه للعربية بشكل اقرب إلى الصواب
وبما إنني كما تعلمون جميعاً حبي للفضول رأيت أن استخرج منة بعض المعلومات التي تغيب عن الكثير بواقع عملة في جمع النفايات وكم دُهشت من السيل الوفير من الحقائق الغائبة عني والتي لا يعرفها سوى الزبال
فقد استخلصت منة ما يلي وبالطبع عربت الكلمات ونسقت الجمل وأضفت بعض البهارات لكي تستسيغوا تقبل الدخول في هذا الموضوع


إنني اعرف المستوى المعيشي لكل منزل من خلال نظرة ثاقبة في زبالتهم بهذا بداء العامل البرتقالي حديثة معي
فلمنزل الذي ربة من الموظفين وهم النسبة الكبيرة التي يتكون منها الحي تكون دائما زبالتهم قليلة وليست مجدولة بشكل يومي بل متقطعة ولكنها تنشط فقط آخر كل شهر وعادة تحتوي على بقايا قليلة من الطعام ولا أرى العظام إلا في نهاية الشهر مع استلام الراتب وعادة يكون العظم مجرد من أي اثر للحم مكسور إلى نصفين فقد شفط المخ من العظم الذي كان يكسوه لحماً قبل أن يقع في أيادي هذا الوحش ومن النادر آن أجد بقايا مشروبات غازية أو بقايا قشر الفواكه بل فتات من خبز ناشف والقليل من بقايا الفاصوليا وحبات قليلة من الكوسة التي مضى على وجودها في الثلاجة ما يقارب الشهر فهذا اعرف انه من أصحاب الدخل المحدود والتي تشكل نسبة كبيرة جداً فعادة القطط لا تسكن في نفايات الزبالة لهذه الفئة الكحيانة إلا من بعض القطط المشردة واللقيطة بل انك تعرف المستوى المعيشي لهذا الحي من منظر القطط التي تجزم بأنها جأت من جنوب إفريقيا المركز الرئيسي لمجاعة العالم الثالث والرابع ولك آن تعد حتى تصل العاشر وقد أصابها الجفاف وأمراض اللوزتين والأنفلونزا ولين العظام
لافتقادها إلى الطعام الغني بالفاتمينات والسكريات والدهنيات والشحميات واللحميات

أما الموظف الأعلى منة درجة أو اثنتين فزبالته لا تختلف كثيراً عن الموظف العادي إلا في وجود بعض الكراتين من مطاعم المدينة في آخر الشهر لمرة واحدة فقط مع وجود بقايا للعلب الفارغة من المشروبات الغازية إضافة إلى وجود بعض قشور البرتقال والبطيخ وبعض العظام والتي بها القليل جداً من اللحم بالكاد تراة العين المجردة بل تحتاج إلى مكبر لترى أثار الحم الذي كان ملصقاً فيه
فعادة تكون قطط هذا الحي أفضل من سابقيها من ناحية الصحة وكثرة التناسل (العور ولا العمى ) وان كانت اغلبها تضع نظارات طبية لترى قطع الحم الصغيرة المتناثرة في كيس الزبالة والبعض منها مصاب بعمى الألوان من كثرة ما يحدق في الزبالة لكي يستخرج منها ماهو صالح للأكل

أما حي سعادة الوزير ورجال الأعمال والحرامية والمرتشين إلا من رحم ربي
فهذه زبالة نخب أول مجدولة يومياً على مدار الشهر بمعدل ثلاث مرات في اليوم وتظم زبالة سعادته جميع أنواع كراتين المطاعم المشهورة من كنتاكي إلى بيتزا هت مروراً بكودوا والكثير من المطاعم الراقية والماركات المعروفة ( والتي لم أتشرف بزيارتها منذ ما يقارب العام ) وبها جميع أنواع الفواكه الطازجة التي لم تمتد إليها يد احد بل إنها صالحة للاستهلاك الآدمي وبما أن أصحاب هذا الحي مشهورين بكثرة الولائم فأنك سستفاجاء حينما أخبرك آن تجد في بعض الأحيان الكثير من الأرز واللحم الشهي المحمر والمشمر والذي لم ينقص منة شيء بل كما هو حينما قُدم للضيوف هذا عدى
أنواع الحلو من كنافة بالقشطة ومروراً بالبقلاوة وانتهاء بالست أم علي
وأنواع من بقايا زجاجات فارغة وهي الوحيدة التي دائما أراها فارغة والغريب في الأمر أن تاريخ إنتاجاها يكون قديم جداً 1962 وهذا تاريخ منتهي الصلاحية بلا شك من يشربها سيكون منتهي ( مسكين ما يعرف شيء هذه الزجاجات يدفعون عليها الألوف ) ويجتمع عليها اوسخ القوم واقذرهم
وعادة تجد قطط هذا الحي من القطط المدللة والتي لا تأكل سوى اللحم الخالي من الشحم وتكون سمينة كسولة بالكاد تدخل برميل الزبالة وبالكاد تخرج منة مصابة بالتخمة ولا خطر على الفئران منها بل انها اسمن من علوج الأمريكان

فبعد أن فرغ من شرحه الوافي والكافي وتشخيصه للمستويات المعيشية لبعض طبقات المجتمع اعطيتة
ريال مهتري بة أكثر من لصقه لتبقيه متماسكاً أخذة بكل كبرياء واقفيت عائداً لمنزلي
وبسرعة فتح كيس زبالتي وألقى نظرة سريعة متفحصة من خبير رمى بالكيس بتأفف وتقزز
ولحقني وهو يمد يده بريالي قائلاً
إنا ما فيه يأخذ فلوس من مسكين خذ هذا ريال حقك أنا فيه معلوم أنت

وحتى هذه اللحظة أنا اسأل نفسي لماذا لم يقبل عطيتي هل لأن الريال مهتري
أم اكتشف من أي نوع أنا من خلال زبالتي ؟
أليست زبالتي اقل وأنظف من زبالة سعادة الوزير
عنترنيت