بسم الله الرحمن الرحيم.

ايها السادة ، ايتها السيدات .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

عندما تكرمت أمريكا على ضحايا تسونامي بـ 350 مليون دولار، طلع باول على شاشات التلفزيون يردد بفرح ومنة، أن المنحة ستغير نظرة العالم الإسلامي لأمريكا، وسيعرف هذا وجه الكرم الأمريكي·
وبعد أيام من ذلك، صارت أمريكا العظمى في ذيل قائمة الدول المانحة، التي تسارعت لتقديم مساعدتها للمنكوبين ليس لصون ماء الوجه، و لتلميع صورة سوداء، بل من أجل الإنسانية لا غير·

وها هو اليوم بوش يطلب من الكنغرس ميزانية إضافية لمواجهة مجهود الحرب في العراق بقيمة 80 مليار دولار لسنة 2005 وحدها·
وليس من وجه للمقارنة بين الرقمين طبعا، رغم أن الرقم الخاص بميزانية العراق هو جزء ضئيل من تكلفة الحرب التي دخلت سنتها الثالثة، ولا شيء في الأفق يؤكد على أنه قربت من نهايتها· ورغم أن الميزانية الأمريكية لهذه السنة تعرف عجزا بـ368 مليار دولار حسب آخر أرقام الكونغرس·
لكن أي الرقمين نحتفظ به في الذاكرة لأعظم قوة في العالم إذن؟ الرقم الخاص بالكرم والجود، أم قيمة العدوان والجباروت والظلم؟
وأي صورة تحفظ إذن لأمريكا؟ صورة المودة والإنسانية، أم صورة العدوان والكراهية؟ لا شك الأخيرة، لأنها هي المفضلة لدى أمريكا نفسها وهي تعترف لنفسها بذلك اذ تقتطع لها الجزء الأكبر من ميزانيتها، في حين تشح وتغل يدها عندما يتعلق الأمر بصورة الجود والإحسان·