حديث ام مروان :
رواية أم مروان (أو رومان) التي رواها الدار قطني والبيهقي من طريقين بالإسناد عن جابر: "أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت عن الإسلام، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليها الإسلام فإن رجعت وإلاّ قتلت" وزاد الثاني في أحد طريقة: "فأبت أن تسلم فقتلت" (سنن الدار قطني3/93، سنن البيهقي: 8/203).
ويلاحظ على هذا الاستدلال:
أولاً: بضعف السند، نقل الشوكاني عن الحافظ قوله:"وإسنادهما ضعيفان" (نيل الأوطار 8/3) وقال البيهقي بعد أن نقل الخبر بسنده الأول: "في هذا الإسناد بعض من يجهل" واعترف بضعف الخبر الشيخ الألباني(إرواء القليل8/126).
ثانياً: لو كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أفتى بقتل المرتدة "أم مروان" وقتلت استناداً إلى حكمه صلى الله عليه وسلم لذاع الأمر بين الصحابة واشتهر وما كان ليخفى على مثل علي والأئمة من ولده، فإنهم قد حكموا بأن المرتدة لا تقتل أبداً، وإنما تستتاب فتحبس ويُضيّق عليها، كما نصّت عليه عدة من الروايات ، وقد روى أيضاً عن علي : "إذا ارتدت المرأة استرقت"(المجموع للنووي19/228)، فهل يخالف علي رضي الله عنه حكم رسول الله وأيضاً كيف يخالف حبر الأمة ابن عباس سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روي عنه أنه قال: "لا يقتلن النساء إذا هنّ ارتددن عن الإسلام"(السنن الكبرى للبيهقي8/203).
ووافق أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف أيضاً مذهب علي رضي الله عنه في عدم قتل المرتدة، وإنما تحبس فقط و"إذا لحقت بدار الحرب سبيت واسترقت"(المجموع 19/228 والخراج لأبي يوسف 180-181)، واستدل أبو حنيفة بأن النبي نهى عن قتل النساء في قوله :"لا تقتلوا امرأة" ورُدّ هذا الاستدلال: بأن هذا الحديث واردٌ في الحربيات لا المرتدات (فغني المحتاج للشربيني4/139. فقه السنة2/456، الفقه الإسلامي وأدلته8/5581).
وقد استدل بعضهم لمساواة المرتدة للمرتد في حكم القتل بقوله صلى الله عليه وسلم:"من بدّل دينه فاقتلوه" فإنه "عام في الرجال والنساء" (المجموع للنووي 19/228).
ويلاحظ عليه: أنه وبصرف النظر عما يرد على هذا الحديث ـ أعني "من بدل دينه فاقتلوه ـ من ملاحظات إن بالنسبة إلى سنده أو مضمونه، فإنه مطلق وقابل للتقييد بما دلّ على عدم قتل المرتدة، كما تقتضيه قواعد الجمع العرفي، فلا يجعل المطلق معارضاً للمقيّد ولا العام معارضاً للخاص.
حديث عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها :
من خلال ما تقدم يتضح ضعف الاستدلال بحديث آخر مذكور في المقام وهو ما أخرجه البيهقي في السنن عن عائشة: أن امرأة ارتدت يوم أحُد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت"(السنن الكبرى 8/203)، فإنه وإلى الملاحظتين السابقتين وهما: ضعف السند(كما اعترف الشوكاني في نيل الأوطار8/3)، واستبعاد خفاء هذا الحكم على أمثال علي رضي الله عنه وكذا على ابن عباس، قد يورد عليه: بأن هذه المرأة إنما قتلت ـ لو صحّ الحديث ـ لأنّ المسلمين آنذاك كانوا في خضم الحرب مع المشركين وربما كانت هذه المرأة تشكل خطراً عليهم بعد ارتدادها ورفضها التوبة فأبيح قتلها في هذه الظروف لضرورات المعركة، وهذا ما لا يستفاد منه إباحة قتلها في سائر الظروف.
* هذا ليس رأي شخصي و انما كلام منقول و صادر عن بعض العلماء أردت أن اعرف وجهة نظركم به