بسم الله الرحمن الرحيم


وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


وارض اللهُم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي


وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


ثُم أما بَعد


ظاهرة أردتُ أن أتكلم عنها منذُ سنوات مضت ولكن لم يُقدر لي ذلك لأسباب كثيرة ليس هذا موضع ذكرها، وتلك هي ظاهرة الإستعاذة من الشيطان عند التثاؤب ومما يُحزنني أكثر تطبيقها من بعض الناس الذين يعالجون بالرقية الشرعية والذي من المُفترض أن يكونوا أكثر خلقِ الله إطلاعاً على الآثار النبوية التي تتناول مواضيع الجن والشياطين حيث أنهم يجاهدون الشياطين آناء الليل وأطراف النهار ويجب أن يكونوا على علم تام بأمورهم وما يختص بهم ليتفادوا تفلتهم وتسلطهم عليهم وعلى إخوانهم وأخواتهم المسلمين وليعلموا كذلك العلاجات النبوية والأدوية الإلاهية التي تُعالج من ابتلي بأذاهم وشرهم من المسلمين، وهذه نصيحة أوجهها لكل من ابتُلي بهذه البدعة من إخواننا وأخواتنا والتي أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم




كما هو معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترُك أمراً من الأمور التي تنفع أُمته في الدنيا والدين إلا وحث عليه، ولم يدع أمراً يؤذي أُمته في دينها ودنياها إلا وحذر منه تحذيرا شديدا


قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا تثاءب أحدُكُم فليُمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخُل)) (صحيح مُسلم) حديث رقم 2995 ، كتاب الزُهد والرقائق، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

نستنتج من هذا الحديث الصحيح أن الرسول أمرنا بإغلاق الفم بوضع اليد عليه ولم يأمُرنا بالإستِعاذة وفي رواية أخرى موجودة أيضا في صحيح مُسلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(( إذا تثاءب أحُدُكم في الصلاة فليكظِم ما استطاع فإن الشيطان يدخُل))

إذاً خُلاصة ما أُمرنا به هو سد الفَم لكي لا يسلُك الشيطان في أجسادنا ونَدخُل في دوامة لا يعلم مدى خطورتها إلا الله ألا وهي التَلَبُس- أي تلبس الجان لأجسادنا- وحري بمن خالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أي يبتليه الله بالمصائب وأن يَسُومهُ سوء العذاب بما كسبت يديه ولا عجب ، إذاً نقول لكل من تعاطى هذه البدعة - ((الإستعاذة عند التثاؤب )) - أن يَتقي الله في نفسه أولاً ومن ثَم أن يتقيه سُبحانه وتعالى في إخوانه بالتوقف عن نشر بدعته بينَهُم بِحُجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أو دلنا عليها وهذا من التدليس والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم في أمثال هؤلاء الكَذَبة : ((من يَقُل عليَ ما لم أقُل فليتبوأ مقعده من النار )) وهذا في صحيحح البخاري، فأُبشِرُك يا من تتقول على رسول الله بالعذاب الأليم وجهنَم من أوسع أبوابها، ولكن الحديث طبعا ليس على إطلاقه - أي هناك من الناس من يُعذر بالجَهل- أما من أقُيمت عليه الحُجة واحتج بما لا يصِح أو احتجَ بأقوال أهل البدع والأهواء ليُدَعِم قوله والأدهى من ذلك من عاند لمُجرد أنه أخذته العِزةُ بالإثم فهذا له الويل كلُ الويل يوم القيامة لِتَكبُرِه على الحقِ وأهله وعليه من الله ما يَستَحِق في الدُنيا والآخرة

أضِف إلى هذه البدعة قِلة أدب بعض الناس بالذات أثناء الصلاة فتَجِدُهُ يتثاؤب ثُم لا يكتفي بعدم وضعه يده على فيه بل يزيد الطين بلة بإصدار صوت أشبه بِثُغاء الماعز أو إن شئت فَقُل صوت يُشبِه نعيق الغُراب ، قلة حياء مع الله وعدم إحترام لزوار بيته من المُصلين الذي جاءوا ليُأدوا صلواتِهُمُ المفروضة خاشعين لله لا يبتغون إلا وجهه الكريم ، فيقوم ذلك الناعق بإزعاجهم بصوته القبيح ذاك ولا حول ولا قوة إلا بالله ، قال صلى الله عليه وسلم : (( إن اللهَ يُحِبُ العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاؤب أحدُكم فلا يقُل هاه هاه فإن ذلكم من الشيطان يضحكُ مِنه )) رواه مُسلم ، فيدُل هذا الحديث أن هذا البهيم الذي يُصدِر هذه الأصوات قد أصبح مُهرِجاً لإبليس وأعوانه يضحكون منه متى يشاؤون وإنا لله وإنا إليه راجعون ، إذا لا خير إلا في اتباع سُنة المُصطفى والابتعاد عن أقوال أهل البدع والأهواء ، حتى لا نكون ممن تتخبطه الشياطين وتصرعه وتضحك منه وبالله التوفيق

وكتبه / أبو راكان واصف عميره
الإمارات العربية المُتحدة حفظها الله وحماها
العاصمة أبوظبي