داعش .. دين من لا دين له

الطغاة الجدد ..
لطالما وجد اليمينيون أتباعاً كثر، والتعصب ذاته كان هو سمت الجنوب إفريقيون البيض في زمن الفصل العنصري، وكان هو ذاته مع ولايات أمريكية شهدت حرباً أهلية عندما قرر لينكولن وقف انتشار الرق، وفعل ما فعله الإسلام تقريباً ، فلم يمنع الرق تماماً لكنه حاول تجفيف منابعه، ومنعه من الانتشار في الولايات الجديدة ..
لم يكن لينكولن شعبوياً ، بينما كان هتلر كذلك، لهذا فان كل حالم بالعظمة ، ومجنون بالتفوق، ومريض نفسي، انضم لركاب هتلر، وهتف للطغاة على مر التاريخ ..
الدولة المسماة زوراً وبهتاناً بالدولة الإسلامية اليوم، المكناة مجازاً بداعش، لها من الأتباع ما لها، من المهمشين في مجتمعاتهم، المرضى الاجتماعيين، الحالمين بحياة الرق مرة أخرى، مجانين الجنس المجاني، أو ربما البعض منهم، الذين يعتقدون أن إقامة الدولة الإسلامية العظيمة سيكون بفتحٍ عظيم يقوده بين أفخاذ امرأة قتلوا زوجها وأبنائها وأحرقوا قريتها، فلا هم انشغلوا بعدو معروف واحد، أو هم انتصروا لأهل السنة كما نأمل، كأني بتنظيم كامل قد تحول إلى شخص، طاغية واحد، كاليجولا واحد يمثله التنظيم، ويملك ذات الاضطراب النفسي والذهني والشر المجسد ، فالتنظيم أو كاليجولا العصر الحديث، يريد أن يرى العالم كله يعاني باستثنائه، كل من لم يبايعني عليه أن يموت، وكما يذكر التاريخ عن كاليجولا عندما جلس يفكر مرة ، جربت على شعبي كل شيء إلا الكوارث والأوبئة، فقام صباحاً ليأمر بإغلاق مراكز الغلال ، مستمتعاً برؤية أهل روما يتعذبون جوعاً .. فلو استطعت أن تجبني لم فعلها كاليجولا ، أو لماذا استمتع نيرون وهو يرى روما تحترق وأجساد أبناء شعبه تشوى ؟ سأجيبك لماذا يفعل الدواعش ما يفعلون .
إنهم إنما يتفننون في تشويه صورة المسلم التي رسمها كل إنسان عاقل لسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم .
يحرص الغرب دائماً في هوليود بل وحتى في السينما المصرية عبر تاريخها ، أن يصور المسلم بذلك الملتحي المجنون الذي يلبس الجلابية ويقصر أكمامه ويحمل سيف صدئ ، فيقطع الرؤوس دون أن يطرف له رمش، وعندما يرى راقصة أو فتاة عارية يخرج لسانه ويلهث وراءها، وهو نفسه الذي ينادي ويهتف دوماً الله أكبر، لا يتورع عن وضع يده في يد الشيطان ذاته، من أجل مصالحه الشخصية ..
هذه الصورة النمطية ذاتها يحرص الداعشيون على تنفيذها حرفياً ، متفننين بقطع الرؤوس وطرق الذبح، مشجعين لكل راغب في المتعة بالانضمام إلى سوق المتعة الحلال ، ليختار الايزيديات الجميلات، والكرديات الفاتنات ، يرضين شهواته المريضة ، ونزواته المجنونة ورجولته الناقصة، التي بالتأكيد لن تعيدها قطع رأس أو اغتصاب فتاة قسراً ، ولا يحاول إعلامهم أن يسوق لفكرهم ، أو يدافع عن أفعالهم أو حتى يستنكر أفعالاً تنسب زوراً لهم، وكأن نسب هذه الأعمال بأي حال من الأحوال لن يضرهم، بل سيزيدهم فخاراً واقتراباً من تحقيق هدفهم، أن يجعل من يفكر في دخول الإسلام يتراجع ألف مرة قبل اتخاذ قرار كهذا.

فهل كان الاسلام حقاً دين العنف ؟
قام منهج الدعوة دائماً على الرفق، والرقة والرحمة، )ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) )ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
ولم يكن القتل بتفجير الرؤوس من الحكمة حتماً ، أما رسول الله فقد دعى دائماً الى الرفق كما ورد في حديث عائشة: "إن الله رفيق، يحب الرفق في الأمر كله" وعن عائشة أيضاً : "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه"
كان الاسلام دائماً ينهى عن القتل، وحتى في حالات الحروب كانت وصايا رسول الله لقواده ألا يقتلوا شيخا أو طفلا أو امرأة ، وكان يقول لعلي بن ابي طالب : انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ"
ذلك هو رسول الله، وتلك هي وصاياه، وكان يوصي أيضاً بأن تحسن القتل والأدلة في ذلك واضحة ، عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته ) رواه مسلم .
فهل قرأتم وصايا رسول الله أيها الداعشيون وأنتم تقتلون الشيخ محمد المنصوري إمام جامع الموصل الكبير، أو الدكتور أحمد القيسي الأستاذ بجامعة صلاح الدين ورئيس كلية أصول الفقه وهو العالم السني المعروف، مهما اختلفتم معه ؟ أم أن رفض مبايعتكم يعني بالتالي استحقاق العالم كله للقتل ؟
فهل بايعكم أوباما أو نتنياهو ؟ فلماذا اذن لا تحلون دماء الأمريكان والاسرائيليين كما تحلون دماء كل سني وشيعي وكردي ومسيحي عربي ؟؟



تكفير حماس .. رابعة الأثافي
من يرى تكفيرهم لحماس والإخوان، ورغبتهم المحمومة في إقامة الدولة الإسلامية العظيمة ، لن يصدق الموقف التالي الذي حصل معي شخصياً ، سيدة تحاول طلب مساعدة مني بحكم عملي ، فتطلب من زوجها الداعشي أن يزورني، فيخبرها تخوفه أن أكون من مؤيدي حماس، فترد عليه كاذبة حتى يسمع ما يحب أن يسمع كما أخبرتني بنفسها : بل هو علماني ولا يصلي أصلاً .. فيتنهد الداعشي ارتياحاً ، ويخبرها أنه يمكن أن يضع يده في يدي الآن ..
هؤلاء هم يا سادة من ينتظرون التمكين في غزة ، ليقطعوا اللحى الزائفة ، ويقصدون بها كل لحى لا تشبه لحاهم، وهكذا أخبرني الداعشي بنفسه وهو يتوعد حماس ويسبل عينيه حالماً بلحظة التمكين، التي لا ولن ينالها هو ولا أسياده ، لأن غزة ستبقى عصية عليهم حتى لو سيطروا على العالم كله ..

ما يجمع داعش غزة وداعش سوريا وداعش سيناء أنهم لا علاقة بينهم تقريباً ، لكل مكان ظروف، وليس إقامة الدولة هدفهم، ولا الذود عن أهل السنة، أو محاربة اسرائيل كما بدأت "داعش سيناء"، لتتحول إلى مهاجمة مقرات الجيش المصري، مقتربة من السيطرة على حدود غزة، سيطرة قد تعني الكثير ، وقد تعني دق ناقوس الخطر الحقيقي، ليس بالنسبة لإسرائيل للأسف ، بل بالنسبة لغزة وأهل غزة وحكومة غزة ومقاومة غزة ، لأن داعش غزة كما نعرفهم بعض الساقطين أخلاقياً ، الفاشلين اجتماعياً مثل الشاب اللقطة الذي ظهر في فيديوهين متناقضين ، الأول قديم قبل بضع سنوات وهو يحاول ركوب جمل فيرتعب بمجرد الاقتراب منه، ويحاول أصدقاؤه تشجيعه على ذلك بينما ينعته أحدهم بالجبان، وهو يقترب من الجمل فيقترب ويجفل /الشاب/وليس الجمل، ثم يهرب وهو يردد عبارة : الجمل غدار , بينما في الفيديو الآخر، يظهر بين ملتحيين اثنين وهو يلوح بإصبعه ويهدد متبعاً كل تهديد بنون التوكيد المشددة ، لننتقمن منكم ، ثم لنقتلنكم ، ثم لنقطعنكم ، معطياً لهم فرصة التخلي عن تحاكمهم لهذه الآلهة " المتحركة" "العفنة" ثم يتفاخر هذا الولد الخائف من الجمل الأليف، بما فعلوه بأبناء حماس في مخيم اليرموك، مهدداً بأنهار من الدماء في غزة، وعبارته الغريبة تدوي في أذني بتصرف: "الداعشي غدار"
وليس الجمل بكل تأكيد، الداعشي الذي أكل من خير غزة وعاش في كنفها وارتوى من تضحيات أبطالها ، الداعشي الذي عاش طفولته في أزقة المخيمات يسمع عن بطولات عماد عقل، وعبقرية يحيى عياش، وعمليات الثأر المقدس لسلامة، ورأى بأم عينيه اشتعال مدن فلسطين المحتلة ناراً تحت أقدام المحتل، بدءاً من العفولة والخضيرة والقدس المحتلة وصولاً إلى حروب غزة الثلاث والاختراقات خلف صفوف العدو والالتحام من المسافة صفر، هذا الطفل كبر ليهدد غزة ، متناسياً كل ما شهد عليه في طفولته ومراهقته، ولو تذكر لعرف أن آخر مكان بالعالم كله يمكن أن يخضع أو ينكسر أو يلين أو يسقط في فخ الفتنة هو غزة .
فكنائس غزة ومساجد غزة وحواري غزة تنبذكم يا أبناء الدولة، وكل فتحاوي وحمساوي وجبهاوي سيحمل سلاحه في وجهكم، ليقتص لجراحات الأمة الاسلامية منكم، كلهم يداً واحدة لأن من يكفر حماس لن يرحم فتح، ومن يحل دم الجهاد لن يعفو عن الجبهة ، وكما تتوحد الفصائل ضد المحتل ستكون دائماً كذلك ..
أما من خالف فلا حاجة لغزة به .


***
أحمد عيسى