اذا ألقينا نظرة سريعة على نشاط اليهود الفنى والسينمائى لخدمة أهدافهم البعيدة والاستراتيجية ، لأصابنا الذعر من حجم الاهتمام والتغول اليهودى فى هذا النشاط بالغ الخطورة والأهمية ، وفى يوم 5 ابريل عام 1996م أدلى الممثل الأمريكى مارلون براندو أثناء حواره مع برنامج " لارى كينج شو " بتصريح أكد فيه أن " اليهود يحكمون هوليوود ، بل انهم يملكونها فعلاً " .
لم تكف السينما الغربية والأمريكية بصفة خاصة عن وصف العرب والمسلمين بأنهم مجموعة من الهمج والجهلة والارهابيين سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، يقول جاك شاهين " العرب يبدون متخلفين وخطرين عند النظر اليهم عبر عدسات هوليوود المشوهة " ، بينما تظهر الشخصية اليهودية ببطولات مبهرة ، ولا يظهر اليهودى الا كبارع وموهوب ومثقف ومتحضر ومتميز فى أى مجال يخوضه وفى شتى دروب الحياة ، كفيلم " يوم الاستقلال " ، الذى يقود فيه شخص يهودى العالم للاستقلال من غزو الكائنات الفضائية .
بعد مشاهدتها للفيلم الكارتونى " أمير مصر " قالت والدة مخرجه ستيفن سبيلبرج " الآن أنجبت نبياً يهودياً يمسك التوراة بيمناه والكاميرا بيسراه " !
جاك شاهين فى كتابه " العرب الأشرار فى السينما " يعدد الدوافع وراء تشويه هوليوود لصورة المسلمين والعرب ، لكنه يعتبر دور اليهود هو الأهم نظراً لسيطرتهم المكثفة فى هوليوود ، وارتباط شركات انتاج واخراج الأفلام الهوليوودية مالياً وسياسياً وادارياً باليهود ، فضلاً عن رأس المال الأمريكى الاحتكارى .
وعدد الناقد السينمائى أمير العمرى طرق دعم هوليوود لاسرائيل ، وذلك من خلال انتاج الأفلام الدعائية التى تجمل وجه اسرائيل وتبرر قيامها على اغتصاب حقوق الفلسطينيين ، واتخاذ هذه الأفلام أشكالاً متنوعة تبعاً لتطور الظروف السياسية من أشكال سياسية مباشرة تتغنى بانتصارات اسرائيل على الغرب ، وتصور اليهودى باعتباره مقاتلاً صلباً يستطيع الدفاع عن نفسه ، الى الأفلام التى تواصل على الدوام التذكير بموضوع الهولوكست وتربط على نحو مباشر بين ما وقع لليهود على يد النازية وبين اسرائيل باعتبارها " الوطن الآمن لليهود " ، الى الأفلام التى تشوه القضية الفلسطينية فى عيون الآخرين ، وتصورهم باعتبارهم ارهابيين ومصدر خطر حقيقى على الحضارة الانسانية .
فى فيلم " قبلة طويلة تصبح على خير " تلعب جينا دافيس دور عميلة سرية للمخابرات تفقد ذاكرتها لتكتشف أنها فى خضم مؤامرة لاسقاط الحكومةعن طريق تفجير ضخم تتوسط فيه احدى الأجهزة الأمنية ، ولا توجد شخصية عربية أو مسلمة فى الفيلم ، لكن ينسب التفجير الارهابى للمسلمين وهم منه براء وتوضع جثة عربى فى قلب التفجير ، ويدور هذا الحوار بين الممثلين ، حيث يسأل أحدهما الآخر " أتعنى أنك سوف تزيف عملاً ارهابياً فقط من اجل ابتزاز بعض المال من الكونجرس ؟ " ، فيرد ضابط المخابرات المتورط بالارهاب " للأسف لا أعرف كيف أزيف قتل أربع آلاف شخص ، ولذلك فان علينا أن ننفذ الأمر بالفعل ، ومن ثم نلقى باللوم على المسلمين طبعاً ، وبعدها أحصل على التمويل من الكونجرس " !
لم أشاهد بعد مسلسل " حارة اليهود " الذى تعرضه الفضائيات فى رمضان والذى أثار جدلاً واسعاً وردود أفعال متباينة ، لالتزامات كثيرة عندى ، وعندما أشاهده كاملاً سأصدر حكمى النهائى عليه ، لكن فضلاً عن ضرورة التزام الحيادية والحقائق التاريخية التى جعلت اليهود المصريين – صار ذلك حدثاً تاريخياً – جناة ومجنياً عليهم بعد قيام " اسرائيل " ، فاننا لابد ألا نغفل هذا الجانب المهم فى تاريخ الحركة اليهودية من خلال توظيف الفن والدراما لتشويه العرب والمسلمين وتزييف الحقائق التاريخية ، ولذلك لاحظنا الحساسية الزائدة لدى الاسرائيليين من تأثير مسلسل مصرى كهذا ، ولاحظنا قبل ذلك قوة تفاعلهم مع مسلسل الفنان محمد صبحى " فارس بلا جواد " ، لأنهم أول من يعرف مدى تأثير الفن فى تغيير قناعات الشعوب .
المهم الآن أن اليهود لم يعد لهم حارة بمصر وان ظلت عنواناً فقط بسبب ظروف وأحداث سياسية متشابكة ، لكن التاريخ بعد ذلك يشهد أنهم سكنوا واستوطنوا حارات كثيرة ، استخدموها كمنصة اطلاق للتزييف والتشويه والكراهية ضد العرب عموماً من هوليوود وغيرها ، وهم حريصون ألا ينقلب السحر على الساحر ، ليس باستخدام منهجهم فى التشويه وتزييف الحقائق ، انما استدعاء وعرض الحقائق التاريخية مجردة يدينهم .