6
كانت في اليوم التالي عائدة إلى المنزل أيضا .ولمّا كانت القَذارة معدن خالد وكل من يمشي إلى جنبه ، كان هو وصاحبه يقفان في نفس المكان يترصدان فَريسة جديدة ،إلا أنه يبدو أنّه قد كُتب على إيمان أن تقع للمرة الثانية فريسة للاثنين معا .
عادت إيمان إلى المنزل ، بعد أن تأخرت قليلا ، لتجد أمها واقفة على الباب تنتظرها ، بعد أن التهب القلق بداخلها .
- أين كنت ولمَ تأخرت ؟
- كنت ألعب مع خالد.
- خالد !
لم تتوقع الأم ما ستسمعه، ولم تتوقع إيمان ردة فعل والدتها ، وهي تقص عليها مجريات اللعبة، خاصة وأنها كانت المرة الأولى التي تُعَنِّفُها فيها ،وكأنها تريد منها أن تقول أيّ شيء غير ذلك، لتركنَ نفسها بعد ذلك إلى جدار الغرفة في شلل لا يستوعب الحدث بعد ، في حين اكتفت إيمان بتكرار سؤالها دون أن تلقى جوابا:
-ماما ماذا هناك ؟!
دخل الزوج وابنه ليجدا الأم جاثية على ركبتيها منهارة ..وبالكاد استطاعت أن تنطق بما سمعت. حمل الأب طفلته مصدوما غير مصدق لأقوال زوجته، وأخذ يسألها برفق، يريد هو الآخر أن يسمع أي شيء غير الذي سمعه .
وضع مصطفى ابنته على الأرض بعدما تأكد من أنّها قد تعرضت للاعتداء ..واتّجه نحو المطبخ ومن خلفه ابنه .
تَناول الأب سكين اللحم ، وحمل الابن عصاه الشائكة ،واتجهَا نحو دَار خالد يُريدان سَلخ روحه وتكسير عظامه ، ليلتقيا بوالده الذي صُعِقَ هو الآخر بالنبأ . لكنه أخبرهما أنه تبرأ من ابنه وطَردَه من المنزل قبل شهر واحد ، وذلك بعدما تعفنت أخلاقه وساءت تصرفاته وكثرت مصائبه ،ثم ما لبث أن قال : إذا وجدتموه فاقتلوه!
تدخَّل بعض الجيران الذين تجمهروا حولهم وحاولوا تهدئة أبي ايمان، ودعوته إلى تقديم بلاغ لدى مركز الشُرطة وعدم التهور في ارتكاب جريمة أخرى.
وبعد طول محاولة في إقناعه أخذ الأب بنَصيحة جيرانه ، ليعود الى بيته تُغَشِّيه سحابة الألم والأسى على مصيبة ابنته .
عاد فاستقبلته طفلته عند الباب : بابا ما بها ماما ، لماذا تبكي ؟اكتفى الأب لحظتها بحمل ابنته بعد أن ضمها إليه وأخذ يمسح على شعرها.. وهي تبتسم .
لم تمر أيام طويلة حتى وقع خالد وصاحبه في مصيدة الشُرطة بتهمة المتاجرة في المخدرات واغتيال أحلام البراءة .
يُتبع