... حب الزمن الماضي يقصف قلبي، كنت أود أن تصلها أحلامي وتعشب في قلبها من جديد، لكن .. من أعلى الهضبة صرخت في وجه اللانهائي،
لاحقت صوتي وهو يتسلل عبر نوافذ القطار المار وسط قريتي، وقفت في المحطة وعيناي معلقتان بالأبواب. لم تنزل، استأنف سيره في صمت وعلى مهل. لا أحد، ها أنا، ولست أنا.. ؟! لم تنزل من القطار،
كنت كمن يبحث عن خاتمه في الظلام.
عدت أعجن خطواتي بين الحفر، انتزعت تراتيل دافئة من نفسي أجبرتني على الضياع، طيور عابرة تخرق الهواء بأعناقها الممتدة، تمنيت لو حملت رسالتي إليها. ما عدت أملك سوى قلب نابض يتسكع بين طرقات وعرة المسالك، خفت أن تنتفض أسراري داخل عقلي، فتتلاعب بها الرياح في شجرة المسجد الوحيدة. ضاقت بي الدنيا، ضاع عمري بين صفير القطارات المتكررة. سئمت من الجري وراء حياة أنهكت حذائي المثقوب.
لملمت أحزاني في صدري، ازدادت زفرات أنفاسي ، رسم العرق على جسدي ملامح تعب شديد. قعدت أستريح ورضاب عطر غريب يسيح في حلقي.
من بعيد ، سمعت صوتا يناديني من تلك الهضبة التي تشهد على لقائنا ، على حبنا ..النداء يتكرر: عد، فأنا ما زلت أحبك.
اشتبكت مع حذائي، مع لباسي، نفضت يدي من الحصى ، وقفت منتصبا. أرهفت السمع ، لكن رياحا كانت تغيب ذلك النداء الشجي، جريت مسرعا والغبار يتطاير من خلفي، وجدت ذراعي أمي مفتوحة لاحتضاني.