المُشط
قصة قصيرة
محمد النعمة بيروك
في غمرة جلَبة الكراسي، لم يلحظ ذلك المعلّم الأنيق، عندما كان يسحب حزمة الكلينيكس من جيبه، سقوطَ مشط زهري اللون، أنثويّ الطراز..
استند المشط على حافة الحائط أسفل السبورة، واستقرّ هناك، فيما اتجه هو إلى المكتب يمسح الغبار عن حيّز يضع عليه أوراقه..
حينها كفّ الفصل عن الضجيج، إلا من همهمة التلاميذ الذين يتناقلون خبر المُشط، وبعضُ القهقهات ترشح على استحياء من هنا وهناك..
-سقط مشط المعلّم..
يقول أحدهم..
-يتساءل آخر:
-معلّمنا يمشط شعره بمشط بنات..
يتدخل تلميذ وقح:
-هل معلّمنا من الناس "إيّاهمْ"؟
يقول آخر ضاحكا:
-لا تظلم الرجل.. ربما هو مشط زوجته..
تقول تلميذة:
-لا.. يبدو صغيرا..
تقول أخرى:
-ربما هو مشط عشيقته اليافعة..
يهمس آخر:
-معلّمنا مراهق..
يشعر المعلّم بهمهماتهم، فيضرب بالعصا على الطاولة..
-شششششووووووتْ..
ثمّ يتجه نحو السبورة، وقبل أن يمسك الطبشور، ينتبه أخيرا إلى أنّ المشط قد سقط من جيبه، فينحني لالتقاطه، ودمعة حرّى تسيل على خدّه، وهو يتذكّر ابنته الصغيرة التي ماتت قبل أسبوع.