طبيعة الأدب
المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
صاحب الموسوعة الأدبية (النرصدالأدبي )
حجم الموسوعة( خس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا-

ما الذي يعد أدبا ؟
وما الذي لا يعد أدبا ؟
ما طبيعة الأدب ؟
هل نعتبر كل شيء يكتب في أي لغة وله صلة بحضارة الإنسان من الأدب ؟
هل نقصر مصطلح الأدب على فن الأدب ؟
بادىء ذي بدء يجب أن نشير إلى أن كل ما هو قائم على الأدب التخيلي الابتداعي هو موضوع الأدب ذلك أن كل ما خلا من العنصر الجمالي الفني لا يمكن أن يعد من الأدب وقد أجمع الكثير من النقاد أن فنون الشعر والقصة والمسرح والمقالة والخاطرة والرسالة والمقامة والسيرة هي المقصود بالأدب .
وأهم ما في الأدب ( اللغة ) التي هي أداة الأديب التي يعبر بها عن تجربته الأدبية وهي مادة حية مشحونة بالتراث الثقافي وتختلف طرائق استعمالها في فنون القول (الأدب ) . ونظرة متفحصة للغة الأدب ، ولغة الحياة تبرز الفوارق الكبيرة بين اللغتين لغة القاموس ولغة الأدب ، حتى إنه يمكن إيجاد فوارق بين لغة الشعر ولغة المسرح و لغة القصة . ففي لغة الشعر كما يقول الناقد الأمريكي (ستوفر): نعني بنقل أمين لمحتوى فردي أكثر حيوية من لغة المعاجم حيث تحقق هذه اللغة ثلاثة أغراض
1 - المحتوى العقلي
2 -الاتحاد عن طريق المخيلة
3 - الإيقاع الصوتي .
وفي نظرة عمود الشعر عند العرب اهتم العرب بــــ (الإصابة في الوصف والمقاربة في التشبيه ) كعنصر جمالي يضفي على الأدب هالة خاصة به . والفصل بين اللغة اليومية واللغة الأدبية أمر ضروري لأن الأدب يحتوي على فكر على حين أن اللغة اليومية ذات دلالات غير فكرية مخالفة للدلالات التعبيرية التي تملكها لغة الأدب . لقد كانت قضية تحديد طبيعة الأدب وحدوده همّا نقديا تعرّض له المنظرون الأدبيون وعلماء الجمال و الفلاسفة ، حيث اختلط مفهوم طبيعة الأدب بمفهوم وظيفته ذلك أن استعمال الشعر ينتج من طبيعته ولم يتضح التمييز بين المفهومين إلا حديثا بسبب إسهام فلاسفة الغرب في نظريات النقد الأدبي وعلى رأسهم ( كنت ) ولم يتبلور اتجاه البحث في طبيعة الأدب إلا باستواء النظرية الشكلية وتفاقم الخلاف بين أنصار الفن للفن والفن للحياة . فالشاعر (عزرا باوند) يمكن اعتبار منطلقه شكليا في دعوته إلى تحطيم الأوزان والبنى التقليدية . صحيح أن الأدب فعالية إنسانية خاصة قائمة بذاتها ولها قوانينها التي تحكمها والتي يمكن إرجاعها إلى مبدأ واحد هو (الإتقان الصحيح للعمل الأدبي) ، ولكن الأدب عند الشكليين نوع من التأمل المحايد الخالص وقيمته متميزة تماما عن القانون الأخلاقي والاجتماعي لأنها نابعة من ذاتها ويعتبر (كنت ) أول من نظّر للأدب شكليا حيث وضع قواعد محددة لفلسفة جمالية وألح على أن شكل العمل الفني بقوانينه الداخلية هو العامل الوحيد في الحكم عليه بالجمال والقبح فالجمال عنده الشكل الخالي من الغرض و جاء بعد كنت ( شيلر ) واعتبر أن غاية العمل الفني هي الجمال ثم جاء (سبنسر) الذي اعتبر(أن الفن لعب يحدث لنا لذة ومتعة) ، ثم جاء (غوتييه ) ونادى بدعوة ( الفن للفن ) من خلال قوله : (إن حبي للأشياء والناس يتناسب عكسا مع ما يمكن أن يقدموه من فائدة) واعتبر المضمون النافع ضارا بالشكل . إن النظر إلى طبيعة الأدب كقضية هامة لم تحسم حتى يومنا هذا يقودنا إلى التطلع إلى العمل الأدبي من خلال النقاط التالية :
1- ضرورة الفصل في العمل الأدبي بين المفيد النافع و الجميل .
2 - ضرورة الفصل بين شكل العمل الأدبي ومضمونه .
3 - ضرورة التأكيد على الطبيعة الذاتية للجمال .
على أنه يمكن التركيز على الأمور الآتية كنقاط ارتكاز يستند إليها العمل الأدبي أيا كان نوعه حتى يحقق فعاليته وقدرته على الديمومة والبقاء والقبول لدى القارىء على مر العصور .
1- إن العمل الأدبي يجب أن يكون كاملا لا أجزاء متفرقة ( الوحدة العضوية )
وهذا ما دعا ( إدغار ألان بو )إلى القول :( إن القصيدة الطويلة لا وجود لها و أن القصائد الطوال تتألف من مجموعة قصائد قصار ).
2- التناسب والانسجام والترابط بين أجزاء العمل الأدبي وفق متطلبات الموضوع ومنطقه الذاتي
3- التألق الجمالي النابع من الاستعمال الخاص للغة أو سحر الجمال كما في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لوقع الكلام الأدبي في النفوس(( إن من البيان لسحرا )