بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا كان عنوان الأسباب والأوتاد في القرآن الكريم ؟
قبل أن أبدأ بيان السبب لابد من التذكير ببعض النقاط الهامة
1- القرآن الكريم كلام الله المعجز محفوظ حفظاً مطلقاً من عبث العابثين أياً كانوا لأن وليّه وقائله الذي تعهد بحفظه هو الله تعالى العزيز الجبار المتكبر القادر على ذلك حقاً وهو القائل (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ – 9 الحجر)
2- من يحاول الكيد أو العبث بالقرآن أو تطريبه على خلاف تلاوته الحق، فإنما يكيد ويعبث بنفسه ويضيع عمره سدى (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ 9 البقرة)
3- نزل القرآن الكريم عربياً فصيحاً وبلسان عربي مبين أي بلغة العرب التي يتكلم بها فصحاءهم محيطاً بكل أصناف كلامهم ومعجزاً لهم في الإتيان بمثله ظاهراً وباطناً. مؤكداً ذلك في نصوص آياته الكريمة في أكثر من موضع. إذ قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 2 يوسف) وقال أيضاً (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا 113 فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا 114طه) وقال (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 193 عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ 194 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ 195 الشعراء) وقال (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 58 الدخان).
4- القرآن الكريم هو المصدر الإلهي الجامع للعلوم كلها ومن بينها علوم اللغة العربية من نحو وبلاغة وقصص.. وبالاستناد إليه خرجت علينا آلاف الكتب والمصنفات التي تستمد علومها من القرآن الكريم ، ومن يأت بشواهده من القرآن الكريم كتبت له الغلبة على غيره من الشواهد.
5- لماذا أعرب القرآن الكريم رغم أنه هو أساس علم قواعد النحو ومصدرها؟
هل من قام بإعراب القرآن الكريم كان يعبث به أو يشكك الناس بسلامته من الأخطاء النحوية أو لإثارة البلبلة حول الإشكال في إعراب بعض آياته أم العكس تماماً فإن إعراب القرآن فتح أذهان الناس وفقههم حول ملابسات الإشكالات النحوية التي يحاول المشككون أن يدسوا شبههم لإثارة الشك لدى الجاهلين أو ذوي النفوس المريضة ؟ لقد كان إعراب القرآن الكريم وسيلة عون للضعفاء وفتحت الأذهان لآفاق من المعاني الجديدة عند تدبر اختلاف قراءاته المتواترة ، فجزى الله خيراً من أسس لعلم إعراب القرآن الكريم.
وهنا أتساءل طالما أن علوم اللغة العربية كلها مؤسسة من القرآن الكريم فهل علم العروض الذي أسسه الخليل وهو العالم بالقرآن الكريم والعالم باللغة العربية وعلم الأوزان العربية يخرج عن نطاق القرآن الكريم وبيانه ؟
لقد رأيت في لحظة تدبر أن جميع مصطلحات علم العروض اقتبسها الخليل من نصوص القرآن الكريم كالأسباب والأوتاد والميزان والموزون والوزن وهي في القرآن الكريم بمعانيها أوسع وأشمل من معانيها في علم العروض.
وهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أنني أقارن القرآن الكريم بالشعر ولكن كشف الحقيقة عن أن قوانين علم العروض الخاصة بالشعر لا تمثل إلا نزراً يسيراً من نظام تتالي الحركات والسواكن في القرآن الكريم تجلى بظهور أوزانها كلها في جزء يسير من التراكيب القرآنية المجتزأة من بعض الآيات الكريمة.ويضاف ذلك كشكل من أشكال الإعجاز القرآني التي لا يمكن حصرها بشكل معين، ومن أراد أن يطلع على أن جميع أوزان الخليل يحتويها القرآن فليراجع كتاب ( ميزان الذهب في صناعة شعر العرب) حيث احتوى على ميزانين لشواهد بحور الخليل أحدهما من الشعر لصفي الدين الحلي ، والآخر من القرآن الكريم للشهاب. ولو كان ذلك ممنوعاً لماذا لم توجد ضجة إعلامية حول ذلك ويسحب الكتاب من الأسواق وهو الآن موجود على النت وشواهد مفاتيح البحور التي وضعت من القرآن في الصفحة 103 ( أو 105حسب النسخة ).فهل هذه الشواهد مدسوسة على الكتاب وهو كتاب قديم يتداوله الناس ومتوفر بين أيديهم وعلى الشابكة؟
إن دراسة تتالي الحركات والسواكن في القرآن الكريم قد يفتح علماً جديداً في علم الصوتيات لم يسبق إليه أحد ، وقد أفاتدتني هذه الدراسات في دراسة بعض الاختلافات بين الحركات والسواكن في قراءات القرآن الكريم ، وكم شكرت الله تعالى عندما فهمت سر اتفاق روايات( كسْفاً) على سكون السين في سورة الطور.
أرجو أن تكون ملابسات الموضوع قد توضحت إذا أخذت الأمور بحسن نوايا ، والله من وراء القصد وهو يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم.اللهم ما كان من صواب فهو من فضلك ومنّك وكرمك ، وما كان من خطأ فهو مني وأنا أستغفرك وأتوب إليك ، والحمد لله رب العالمين.
ملاحظة
أنا أقدم اعتذاري عن كل كلمة جرحت شعور أحد فنحن مقبلون على شهر الصفاء والبر والخير ، اللهم بلغنا رمضان وأعنا على فعل الخيرات وما يرضيك فيه، وتقبله منا يارب العالمين. وطهر قلوبنا من الغل وكل ما لا يرضيك آمين.
ومن جهتي أنا مسامح جميع الأخوة وأشهد الله تعالى على ذلك. والحمد لله رب العالمين