تاسعاً-أشخاص القصة القرآنية:
يعد الأشخاص في القصة القرآنية رموز معبرة عن مواقف ومعاني ودلالات، ولا تذكر الشخصية إلا في مواطن التعبير عن معاني معينة دالة على أحداث القصة القرآنية، ولا تراد الشخصية بذاتها ، فالقرآن الكريم ليس قصة ولا رواية تاريخية، وليس ذلك من أهدافه، ولهذا اقتصرت الرواية على ما يدل على الهدف، وتركزت العبارات حول ذات الحدث المراد، والجزئيات الخارجة عن نطاق الهدف من القصة ليست مرادة وليست ضرورية، ولهذا جاءت القصة في القرآن موجزة، بآيات قليلة، وبإشارات واضحة، وأشخاص القصة القرآنية كما وردت في قصة موسى وفرعون، انحصرت في موسى وفرعون وأم موسى وهناك أشخاص عابرون في القصة القرآنية لا يذكرون إلا في معرض الإشارة إلى دورهم كالرجلين الذين يتقاتلان،{ هذا من شيعته، وهذا من عدوه، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه } [ ] ، وإغفال الأسماء للدلالة على أنها ليست مهمة في القصة وليست دالة، ويكفي أن تشير القصة القرآنية إلى وصف يحدد دور ذلك الشخص ومكانه { هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ، فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ }[ ]، وأحيانا لا تذكر الأوصاف، ويخفى الخبر أو الموقف لأنه المراد، كما في قوله تعالى: { وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى } ، وليس ذلك الشخص مهما لكي يذكر، هل هو من شيعته أو من عدوه، يكفي أنه ناصح، نقل خبره وأدى مهمته وانتهى أمره . وفرعون في القرآن الكريم دالة على معنى السلطة الظالمة الطاغية المستبدة التي تدعي الألوهية، وتستغل سذاجة الشعب لإذلاله وفرض الطاعة عليه، وجاءت لفظة فرعون في القرآن أربعا وسبعين مرة في سبع وعشرين سورة من سور القرآن، وأكثر ما وردت فيه في سورة الأعراف وسورة القصص وسورة غافر .. وارتبط اسم فرعون وملأه بأوصاف ذكرها القرآن، وأهمها ما يلي:
أولا: الكفر بآيات الله في قوله تعالى: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ} [الأنفال: 52].
ثانيا: التكذيب بآيات ربهم في قوله تعالى: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ } [الأنفال: 54].
ثالثا: سوم الناس سوء العذاب في قوله تعالى: { نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ } [البقرة: 49].
رابعا: العلو في الأرض في قوله تعالى: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً } [القصص: 4].
خامسا: الطغيان في قوله تعالى: { اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى } [طه: 24].وجاءت في عدة أماكن في القرآن الكريم .
سادسا: الفسق في قوله تعالى: { فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ } [النمل: 12].
سابعا: ادعاء الألوهية في قوله تعالى: { وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي } [القصص: 38].
وهذه الصفات التي وصف القرآن بها فرعون وقومه جعلت فرعون يمثل شخصية المستبد الطاغي المعاند الذي يكفر بآيات الله ويكذب بها، ويدعي لنفسه الألوهية والملك والسلطان، وسيظلم ويقتل ولذلك اتجهت دعوة الأنبياء والرسل لمقاومة هؤلاء الطغاة، لتحرير الإنسان الذي وقع عليه الظلم، ولتقويته ولشد أزره، لكي يقاوم ويرفض ويتمرد، ومن الطبيعي أن يستجيب الضعفاء لدعوة الأنبياء وأن يقف الأنبياء إلى جانب هؤلاء المستضعفين، لتخليصهم من سوء العذاب الذي يسلطه عليهم آل فرعون، لكي تستقيم مسيرة البشرية. وقال آل فرعون لموسى ما قاله المشركون لمحمد، واتهموه بالسحر، والاتهام بالسحر هو تسليم بالعجز، واعتراف بعظمة التأثير ولا يوصف بالسحر إلا من أتى بشيء خارق للعادات معجز لا يقدر البشر على مثله، وقال محمد للمشركين ما قاله موسى لآل فرعون قال لهم: إني رسول من رب العالمين، وجاءهم بالبينات وبسلطان مبين، وسخر فرعون من موسى كما سخر المشركون من محمد، { قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ } [غافر: 29]، وقال ساخرا: { وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (36) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً } [ غافر: 36 - 37] . وشخصية فرعون هي إحدى الشخصيات التي اعتمدت عليها القصة في القرآن الكريم، لأن دعوة موسى ومحمد واحدة، وما يلقاه «محمد» من قومه شبيه بما لقيه موسى من آل فرعون، وانتهت قصة موسى وفرعون بانتصار الحق على الباطل، وأغرق الله آل فرعون في اليم وامتن الله على بني إسرائيل بما أسبغه عليهم من نعمة فضّلهم به على غيرهم، قال تعالى: { وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ } [البقرة: 49]، ولا بد أن ينتصر «محمد» على قومه من المشركين كما انتصر موسى على آل فرعون، تحقيقا لقوله تعالى: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (51) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } [غافر: 51 - 52].
عاشراً-الحوار في القصة القرآنية:
يعتبر الحوار عنصرا أساسيا في القصة القرآنية، وهو يجري الحوار بين شخصيات القصة معبرا عن المعنى المراد مشيرا إلى بعض ما ترمز إليه القصة من أهداف، والحوار يبعث الحياة في القصة القرآنية ويجعلها أكثر تعبيرا عن المعنى المقصود، ولا يمكن لأسلوب العرض التقريري أن يغني عن الحوار في بعض المواقف، فهو أداة التعبير المباشر عن الشخصية، والحوار يوضح ملامح الشخصية الإنسانية ويعبر عن أسلوبها وطبيعتها ويكشف خفايا تلك الشخصية الإنسانية من حيث الاستعدادات والانفعالات ، ويأتي الحوار في إطار السرد التاريخي للقصة، ويبرز هذا في قصة يوسف عند ما تحدث القرآن عن المرأة وراودته التي هو في بيتها { وقالت: هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } [ ] ،وهناك علاقة بين الحوار والشخصية لأن لكل شخصية أسلوبها المعبر، فالملك يعبر بأسلوب يعبر عن شخصيته : { ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي، إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ والأمر } [ ] ؛ واضح في خطاب الملوك، وفيه شدة ويلاحظ في الحوار أسلوب الرجاء : { يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا} [ ] ، وأسلوب النصح في خطاب الأب لأولاده { يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ } [ ] ، وليس هناك كلمة أبلغ في التعبير عن الاطمئنان وإزالة الخوف من كلمة يوسف لأخيه { إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ } [ ] ، وتأتي كلمة امرأة العزيز حاسمة صادقة: { الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ } [ ].
والحوار متعدد الأساليب، فهناك من الحوار ما يفيد معنى التهديد والوعيد، وهناك ما يفيد معنى الازدراء والاستخفاف وهناك ما يفيد معنى التلقين والتقرير، وهناك ما يفيد معنى النصح أو الاعتراف .. والقصة في سورة يوسف غنية بدلالاتها ومعانيها وألفاظها ومفرداتها، والحوار فيها مؤثر ومعبر وبليغ، يتميز بقوة الألفاظ وبجمالها وبقدرتها التعبيرية عن الموقف، حتى أن القارئ يشعر كأنه يعيش الحدث ويتفاعل معه ويتأثر به، وكأنه يراه أمامه نابضا بالحياة .. ويتميز الأنبياء في الحوار بالرفق والنصح والتوجيه وسعة الصدر، لأنهم أصحاب رسالة، ومن الطبيعي أن يكون حوارهم معبرا عن قيم أخلاقية رفيعة وداعيا إلى عبادة الله والاحتكام إليه والاعتماد عليه، وتبرز معجزاتهم الدالة على صدق رسالتهم من خلال ما يمثله الحوار وما يعبر عنه من قدرات خاصة، كتأويل الأحاديث بالنسبة ليوسف، ومعجزات واضحة بالنسبة لموسى .. والحوار في القرآن متعدد الجوانب، فقد يخاطب الإنسان نفسه ويحاورها في نوع من أنواع التعبير عما يجيش في النفس من خواطر، لتفسير بعض المواقف، وأحيانا يجري الحوار بين الله والملائكة أو بين الله والإنسان، كقوله تعالى: { وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ } [البقرة: 30]، وأحيانا يجري الحوار بين الملائكة والإنسان أو بين الإنسان والشياطين أو بين الإنسان والحيوان. وغاية الحوار في كل ذلك تقريب الأفكار وتوضيح المعاني وإغناء السامع بالحجة وتمكينه من الوصول إلى الحقيقة، والإجابة عن طريق الحوار إلى ما يجول في ذهنه من تساؤلات وشكوك، ويتضمن الحوار في معظم الأحيان ما يراد أن يصل إلى السامع من إقرار مبادئ الإيمان، ومن انتصار الخير على الشر، ومن الاعتراف بنعمة الله وشكره والتخويف من عذابه ..
خصائص الحوار في القصة القرآنية: وأهم ما يتميز به الحوار في القصة القرآنية ما يلي:
أولا: الإقناع العقلي، وهذه هي خصوصية الحوار، فالحوار وسيلة للإقناع، وربما يعتبر من أهم وسائل الإقناع، ولهذا اتجه الحوار إلى مخاطبة العقول وطرح التساؤلات العقلية التي يمكن أن يثيرها العقل، وبخاصة في القضايا التي تتصل بالعقيدة والإيمان، وإذا لم يحقق الحوار في بعض المواطن أغراضه بطريقة مباشرة فإنه على الأقل يساعد العقل على تلمس بعض الحقائق الإيمانية التي لا تدرك إلا بالذوق الإيماني وصفاء النفس وطهارة النفس ونقاء الفطرة، والمنهج العقلي في القرآن واضح وبين، ويخاطب القرآن العقل البشري، وينيط به مهمة التفسير والفهم، ويجعل المخاطب الموثوق بحسن إدراكه وعمق فهمه والعقول السليمة تستجيب لمنهج القرآن في الحوار، لأن القرآن الذي يخاطب العقول لا يمكن أن يقرر حقائق منافية للعقول والقصة القرآنية هي إحدى أدوات القرآن للإقناع والتأثير.
ثانيا: استخدام اللغة لإحداث التأثير النفسي، ومفردات القرآن متميزة في قوة تأثيرها، وفي دقة تعبيرها، وفي إحداث التأثير المطلوب منها، ولو استبدلت لفظة قرآنية بأخرى لضعف التأثير واختل المعنى، وترهلت العبارة، ومن اليسير علينا أن ندرك عند قراءتنا للقرآن أثر اللفظة القرآنية في إحداث التأثير النفسي ولو حاولنا أن نعيد كتابة قصة يوسف، أو استبدال لفظة بأخرى من ألفاظ الحوار لفقدت هذه القصة كل تأثير، ولكانت مملة، لأن القصة معروفة، واللفظة القرآنية هي أداة التعبير المؤثر، حتى أن السامع عند ما يسمعها يظن أنه يسمعها لأول مرة، ويتأثر بها، واللفظة المفردة ليست لها قيمة متميزة إلا في إطار المكان الذي جاءت فيه من النظم والتركيب، ولو تتبعنا بعض الكلمات القرآنية لاكتشفنا عظمة النظم المؤثر.
{- وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ ..}
{- وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ ..}
{- وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ ..}
{- قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ ..}
{- وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ ..}
{- قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ.}
{- يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ..}
{- وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ.}
{- قَدْ شَغَفَها حُبًّا ..}
{- وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ.}
{- وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ .}
{- وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ.}
إن كل كلمة مؤثرة، ولا تغني عنها لفظة أخرى، وهذا مظهر من مظاهر الإعجاز البياني، والقصة القرآنية في شخصيتها وفي الحوار الذي يجري على لسان تلك الشخصيات هي أداة من أدوات الإقناع ولا تختلف من حيث الأثر عن الآيات الأخرى التي تقرر فيها مبادئ العقيدة بطريقة مباشرة .. ونلاحظ أن شخصيات القصة من خلال الحوار تنطق بما ينسجم مع دعوة الأنبياء في هداية البشر وإرشادهم إلى طريق الخير وتدعيم قيم الفضيلة في المجتمع الإنساني ... ويتمثل هذا في قول يوسف لرفيقيه في السجن: { يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (39) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } [يوسف: 39 - 40].
وقول يعقوب لبنيه: { وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } [يوسف: 67]. ويحرص القرآن الكريم في مجال القصة القرآنية إلى أن يدعو أثناء عرض القصة أو بعد الانتهاء منها إلى استخراج العبرة منها، وأحيانا يبتدئ القصة بذكر العبرة منها. ويؤكد هذا ما جاء في بداية قصة يوسف: { لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ } [يوسف: 7]، وهذا بيان وتوضيح لأسباب عرض القصة في القرآن، فالقصة ليست مرادة، ويراد بها بيان الآيات التي تؤكد نبوة الأنبياء، وأن الله تعالى أعدهم لأمر وتكفل بأمرهم وجاء هذا في قوله تعالى: { وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } [يوسف: 21]، وجاء هذا المعنى واضحا في قصة موسى وفرعون في سورة القصص في قوله تعالى: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص: 5 - 6] . وكثيرا ما تأتي الآيات في القصة موضحة العلة من إنزال العلة في الظالمين، كما في قوله تعالى في حق فرعون: { وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [القصص: 39 - 40] . وهذا يؤكد خصوصيات القصة القرآنية من حيث الموضوع ومن حيث الأسلوب ومن حيث الغاية والهدف، وأهم خصوصياتها تداخل القصة بالحكم والعبر المستفادة منها، حيثما دعت الحاجة إلى ذلك في بداية القصة أو في نهايتها، أو على لسان شخصيات القصة أثناء الحوار. ونخلص من هذا أن القصة في القرآن هي إحدى أبرز معاني الإعجاز، من حيث إخبارها عن الأمم السابقة مما لم يكن معلوما أو من حيث وضوح الالتزام بالأهداف القرآنية، أو من حيث الأسلوب البليغ المؤثر في إحداث الغاية المطلوبة من عرض القصة ..


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)