الأساليب القرآنية- أسلوب الخبر والإنشاء
لا يشك أحد من أصحاب الحصافة ، والعقل ممن عرف أسرار الكلام العربي أن للقرآن الكريم أسلوب خاص به يتميز عن أساليب بلغاء العرب السابقين واللاحقين وإن جاء على أساليب العرب ، وقد قيل: إن أقسام الكلام عشرة: نداء، ومسألة، وأمر، وتشفع، وتعجب، وقسم، وشرط، ووضع، وشك، واستفهام. وقيل: تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسألة. وقيل: سبعة بإسقاط الشك، لأنه من قسم الخبر. وقيل: هي ستة: خبر، واستخبار، وأمر، ونهى، ونداء، وتمنّ. وقيل: خمسة: خبر، وأمر، وتصريح، وطلب، ونداء. وقيل: أربعة: خبر، واستخبار، وطلب، ونداء ، وقيل: ثلاثة: خبر، وطلب، وإنشاء، لأن الكلام إما أن يحتمل التصديق والتكذيب أولا. فالأول الخبر، والثاني إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء، وإن لم يقترن بل تأخر عنه فهو الطلب وقيل: الخبر: الكلام الذى يدخله الصدق والكذب. وقيل: الذى يدخله التصديق والتكذيب. وقيل: كلام يفيد بنفسه نسبة. وقيل: الكلام المفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور نفيا أو إثباتا. وقيل: القول المقتضى بصريحه نسبة معلوم إلى معلوم بالنفي أو الإثبات.
والإنشاء: ما يحصل مدلوله في الخارج بالكلام، والخبر خلافه . وقيل: الكلام إن أفاد بالوضع طلبا فلا يخلو إما أن يكون بطلب ذكر الماهية أو تحصيلها أو الكفّ عنها. والأول الاستفهام. والثاني الأمر. والثالث النهى. وإن لم يفد طلبا بالوضع. فإن لم يحتمل الصدق والكذب سمى تنبيها وإنشاء، لأنك نبهت به عن مقصودك وأنشأته: أي ابتكرته من غير أن يكون موجودا فى الخارج، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمني والترجي والنداء والقسم، أم لا، وإن احتملهما من حيث هو فهو خبر. والقصد بالخبر إفادة المخاطب، وقد يرد بمعنى الأمر نحو: { وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ} [ ]. وبمعنى النهى نحو:{ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.} [ ] ، وبمعنى الدعاء نحو: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أى أعنا. ومن أقسام الخبر: النفي، بل هو شطر الكلام كله. والفرق بينه وبين الجحد: أن النافي إن كان صادقا سمى كلامه نفيا، ولا يسمى جحداً، وإن كان كاذبا سمى جحداً ونفياً أيضاً. فكل جحد نفى وليس كل نفى جحدا. مثال النفي: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ. ومثال الجحد نفى فرعون وقومه آيات موسى، قال تعالى: { فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ } [ ].وأدوات النفي: لا، ولات، وما، وإن، ولم، ولما. وأصل أدوات النفي «لا وما» لأن النفي إما في الماضي وإما في المستقبل، والاستقبال أكثر من الماضي أبدا «ولا» أخفّ من «ما» فوضعوا الأخف للأكثر. ثم إن النفي فى الماضي إما أن يكون نفيا واحدا مستمرا، أو نفيا فيه أحكام متعددة، وكذلك النفي فى المستقبل، فصار النفي على أربعة أقسام، واختاروا له أربع كلمات: «ما، ولم، ولن، ولا» . وأما «إن» ، «لما» فليسا بأصلين، فما ولا، في الماضي والمستقبل متقابلان، ولم، كأنه مأخوذ من: لا وما، لأن «لم» نفى للاستقبال لفظا والمضي معنى، فأخذ اللام من «لا» التي هي لنفى المستقبل، أن في «لم» إشارة إلى المستقبل والماضي، وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن «لا» هي أصل النفي ، ولهذا ينفى بها في أثناء الكلام فيقال: لم يفعل زيد ولا عمرو. وأما «لما» فتركيب بعد تركيب كأنه قال: لم وما، لوكيد معنى النفي في الماضي. وتفيد الاستقبال أيضا ولهذا تفيد «لما» الاستمرار. ونفى العام يدل على نفى الخاص، وثبوته لا يدل على ثبوته، وثبوت الخاص يدل على ثبوت العام، ونفيه لا يدل على نفيه، ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به، فلذلك كان نفى العام أحسن من نفى الخاص، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام. فالأول كقوله: { فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ } [ ] لم يقل بضوئهم بعد قوله أضاءت، لأن النور أعم من الضوء، إذ يقال على القليل والكثير، وإنما يقال الضوء على النور الكثير ولذلك قال: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ففي الضوء دلالة على النور فهو أخص منه، فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس، والقصد إزالة النور عنهم أصلا ولذا قال عقبه: وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ. والثاني كقوله: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ولم يقل طولهن، لأن العرض أخص، إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس. ونظير هذه القاعدة أن نفى المبالغة في الفعل لا يستلزم نفى أصل الفعل. والعرب إذا جاءت بين الكلامين بجحدين كان الكلام إخبارا نحو: وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ والمعنى: إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام. وإذا كان الجحد فى أول الكلام كان جحدا حقيقيّا نحو: ما زيد يخارج. وإذا كان فى أول الكلام جحدان كان أحدهما زائدا، وعليه: فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ.
ومن أقسام الإنشاء:
الاستفهام : وهو طلب الفهم، وهو بمعنى الاستخبار. وقيل: الاستخبار ما سبق أولا ولم يفهم حق الفهم، فإذا سألت عنه ثانيا كان استفهاما. وأدواته: الهمزة، وهل، وما، ومن، وأي، وكم، وكيف، وأين، وأنى، ومتى، وأيان. ما عدا الهمزة نائب عنها، ولكونه طلب ارتسام صورة ما في الخارج في الذهن لزم ألا يكون حقيقة إلا إذا صدر من شاكّ مصدق بإمكان الإعلام، فإن غير الشاكّ إذا استفهم يلزم منه تحصيل الحاصل، وإذا لم يصدق بإمكان الإعلام انتفت عنه فائدة الاستفهام. وما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام، فإنما يقع في خطاب اللَّه على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل. وقد تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازا. وقد توسعت العرب فأخرت الاستفهام عن حقيقته لمعان، أو أشربته تلك المعاني.
الأول: الإنكار، والمعنى فيه على النفي، وما بعده منفى، ولذلك تصحبه إِلَّا كقوله: { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ} [ ] . وكثيرا ما يصحبه التكذيب، وهو في الماضي بمعنى لم يكن، وفى المستقبل بمعنى لا يكون نحو:{ أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ } [ الآية: ] أي لم يفعل ذلك.
الثاني: التوبيخ، وجعله بعضهم من قبيل الإنكار، إلا أن الأول إنكار إبطال وهذا إنكار توبيخ، والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفى، فالنفي هنا غير قصدي، والإثبات قصدي ، عكس ما تقدم، ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضا نحو: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي. وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت ووبخ على فعله. ويقع على ترك فعل كان ينبغي أن يقع كقوله: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ.
الثالث: التقرير، وهو حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقرّ عنده: ولا يستعمل ذلك بهل، كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام. وذهب كثير من العلماء في قوله: { هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ } [ ] إلى أن هَلْ تشارك الهمزة في معنى التقرير أو التوبيخ. وقيل: إن استفهام التقرير لا يكون بهل، إنما يستعمل فيه الهمزة، إذ أن هل تأتى تقريرا كما في قوله تعالى: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ والكلام مع التقرير موجب، ولذلك يعطف عليه صريح الموجب ويعطف على صريح الموجب. فالأول كقوله تعالى: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ} [ ]. والثاني نحو: { أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً.}[ ] وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار، والإنكار نفى، وقد دخل على النفي، ونفى النفي إثبات، ومن أمثلته: { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} [ ] .
الرابع: التعجب أو التعجيب نحو: { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [ ] . وقد اجتمع هذا القسم وسابقاه في قوله: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ فالهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم. ويحتمل التعجب والاستفهام الحقيقي : ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ.
الخامس: العتاب كقوله: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } [ ] ، فما كان بين إسلامهم وبين أن عوتبوا بهذه الآية إلا أربع سنين.
السادس: التذكير، وفيه نوع اختصار كقوله: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ } [ ] .
السابع: الافتخار نحو: { أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [ ] .
الثامن: التفخيم نحو: { مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً }[ ].
التاسع: التهويل والتخويف نحو: { الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ } [ ] .
العاشر: عكسه، وهو التسهيل والتخفيف نحو:{ وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا.}[ ]






المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)