أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: كلماتي ــ أقصوصة

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد الطيب قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Mar 2014
    المشاركات : 120
    المواضيع : 45
    الردود : 120
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي كلماتي ــ أقصوصة




    كلماتي


    رغم أني لا أميل إلى قضاء وقت الفراغ بين أحضان الأشجار
    وعلى الممرات الضيقة للأدغال .
    لأن قدري ربطني منذ طفولتي بأدراج السلالم الثابتة المتآكلة .
    وشدني إلى زحمة مسالك الأسواق المكتظة .
    حتى غدا الصخب جزءا مني .
    يتغذى من غدوي ورواحي .
    يقضم أطرافي .
    يمتص ماء عروقي .
    إلى أن أذوب على حافة لسانه الإسفنجي الملتهب .
    اليوم زلت قدمي التائهة فوطأت رقعة نقية .
    تزهو بخضرة الأغصان المنسدلة في انسياب تلقائي .
    تلامس رداء العشب المنتشر بلا حدود .
    وقفت بجوار صخرة ضخمة تتربع في السفح .
    تراقب في صمت ، مناجاة الخمائل ، وهدير أسراب الطيور .
    أبحث عن كلماتي المختفية .
    فقدتها في غمرة الصراع من أجل البقاء .
    أهملتها مدة ، فاختفت ، ولم تخلف أثرا يدل على وجهتها .
    أتوقع أنها رافقت الحمام البري إلى أحد المنتجعات .
    أقمت وقتا معتصما بالأدغال .
    أحتمي بدفء الصخر وظلاله .
    أشفق الصخر من حالي ودلني على موطن كلماتي .
    إنها جاثمة هناك ، كئيبة واجمة .
    انتصبت قائما بجوارها .
    نختلس النظر لبعضنا .
    نتبادل العتاب عبر رقة نسيم المساء .
    يحدث كل منا نفسه بما لا يدري الآخر .
    بادرتها بالقول :
    كنت أظنك مغرقة في ذهولك بين شذو الزهور وشجن هيام القمر .
    تنط بين مواقع الصخور بحبو طفل تائه .
    تهفو لملمس كف منعش ، وذبيب أنامل قمر شجي .
    تلملم أطراف رفات رمس دارس ،
    يقيك شظف الكر بساحة العنوسة القاتمة المبكرة .
    ألم يشفع لنا ، أننا عشنا نقتسم نفس النبض .
    نعب من عصارة قلب مثخن بجراح الفقد والألم .
    حتى تصاب أطرافنا بنزيف حاد مميت .
    فنموت ثم نحيا لنموت كيف نشاء ؟
    فردت مع خرير المجاري .
    - تبادلنا أول عشق على أباريق الصحو الدافئ .
    بنينا قصائد الحياة .
    رددنا زغاريد الانعتاق . لما اهتزت وربت سماء خيالك .
    وتناسلت بلورات الدمع المنسكب من مقل الغيم الناذر .
    فكنا نقتفي أثر الملهمين . نمشي فوق دروب الحلم .
    نسبح في مجاري المياه العابسة المتربصة .
    موكبنا يمخر بالجواري المجدفات إلى أعالي اليم المستلقي على مسافة مد البصر .
    فنكثت عهدك وانسحبت إلى الخلف ،
    متفرغا لتدبير مركب كسب عيشك .
    أغلقت منافذ النور .
    أظلمت جوانحك .
    اختنقت أحلامك .
    فانزويت أنا بعيدا ، أردد :
    - أتراها خاتمة المطاف ؟
    أجبتها :
    - لقد توهمت ردحا أن ما أقوله ، أكتبه
    ، كأنه وشم يرتسم أمامي على شاشة مخيلتي ،
    حتى تواريت في ضباب وهمي الكثيف .
    فصرت لا أبصر إلا ما أرى .
    ولا أسمع غير النعيق .
    وجدتني فريدا عاري الذهن .
    محدود القدرة على البوح والبث .
    أسكن وحدة الجنين ببطن أمه .
    أناجي صمتي .
    أسوق جرحي إلى مديته .
    اليوم وقد عثرت عليك .
    سأنسحب من وحدتي .
    وأمضي بك هاربا إليك .
    لأسترجع دفء روحي .
    وأودع غربتي وانفرادي .
    وأبصم بكل أناملي على
    أن كلماتي هي سر وجودي ووشاحه الوحيد .




    محمد الطيب




  2. #2
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    أخي الأستاذ محمد الطيب ..

    النص غلب عليه طابع التأمل ووجدته أقرب للنثر من القصة .
    الخروج من الصخب .. البحث عن عالم آخر - شعور ينتاب الكثيرين .. و يحفز القلم .

    " أسوق جرحي إلى مديته " هل قصدت" مدينته " ؟

    تحيتي .
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  3. #3