"حضور ملء أنفاس الغياب "
حَضَرْتُ وَلَمْ أَحْضُرْ فَمَا زِلْتُ غَائِبَا
وَإِنْ كُنْتُ مَا بَيْنِي وَبَيْنِكِ ذَاهِبَا
نَعَمْ جِئْتُ لِلْمِيعَادِ يَحْمِلُنِي الهَوَى
إِلَيْكِ ، وَقَلْبِي عَنْكِ أَصْبَحَ رَاغِبَا
إِذَا غَرِقَتْ فِي يَمِّ نَأيِكِ لَوْعَتِي
دَفَعْتُ رَجَائِي فَوْقَ مَوْجِكِ قَارِبَا
وَأُدْلِقُ دَمْعِي فِي فَرَاغِكِ كَي أَرَى
سَرَابَكِ فِي جُبِّ التَّوَجُّسِ نَاضِبَا
أُخَالِفُ ظَنَّي فِيكِ مِلءَ صَوَابِهِ
وَأَرْجُو يَقِينِي فِيهِ لَوْ كَانَ خَائِبا
وَأَغْلبُ نَفسِي كَي تَفُوزَ بِنَفْسِهَا
وَأَنْزِعُهُا مِنِّي لِأَلْقَاكِ غَالِبَا
وَأَعْلَمُ أَنَّي مَا كَفَرْتُ بِكُفْرِهَا
وَقَدْ عَلَّمَتْنِي كَيْفَ أَنْسَلُّ تَائِبَا
وَكَيْفَ إذَا مَا القَلْبُ أَرْهَبَهُ الجَوَى
رَمَتْهُ عَلَى ضَعْفِي فَفَزَّ مُحَارِبَا
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ يَخْشَى نَوَاكِ وَإنَّهُ
بِنَبْضِي لَهُ خَوْفٌ يُخِيفُ كَتَائِبَا
فَهَذَا أنَا بَيْنِي وَبَيْنِيَ عَالِقٌ
أُجَمِّدُ بِيْ ظِلِّي فَيَمْتَدُّ ذَائِبَا
أُحِبُّكِ خَوْفًا يَمْنَحُ الرُّوحَ أَمْنَهَا
وَأَنْسَاكِ ذِكْرى تَجْعَلُ القَلْبَ وَاثِبَا
فَهَيَّا امْزجِي ظِلِّي بِظَلِّكِ وَانْظُري
أَجَاءَتْ بيَ الأَشْوَاقُ أَمْ عُدْتُ هَارِبَا
فِإنْ كُنْتُ حَقًّا جِئْتُ صَوْبَكِ صَدِّقِي
حُضُورِي .. لِأَبْقَى فِي حُضُورِكِ كَاذِبَا !!