علاقة المقتضب بالمتدارك
بحر المقتضب كما ورد في دائرة المشتبه التي أوجدها الخليل رحمه الله هو :
مفعولات مستفعلن مستفعلن * مفعولات مستفعلن مستفعلن
وكما ثبت في استخدامه أنه يأتي مجزوءا وجوبا أي :
مفعولات مستفعلن * مفعولات مستفعلن
ثم الشرط الثاني أن تأتي العروض والضرب مستفعلن مطوية وجوبا أي :
مفعولات مفتعلن * مفعولات مفتعلن
وهنا تظهر إحدى الإشكاليات والتي على ما أعتقد أدت إلى عدم اعتماد المتدارك على أنه البحر السادس عشر في بحور الشعر العربي من قبل الخليل.
علما بأن هذا البحر لم يكن هناك عليه أي شعر عربي , بل وشاهده الذي اعتمد عليه الخليل هو من وضعه كما قال عنه المعري (هامش 1 ص 160 في مخطوطة أبي الحسن العروضي – الجامع في العروض والقوافي - (ذكر المعري هذا البيت على أنه من وضع الخليل في الفصول والغايات 132 " أعرضت فلاح " وانظر العقد 5 / 493)
والشاهد الموضوع من قبل الخليل:
أقبَلت فَلاحَ لَها * عارِضانِ كالبَرَدِ
فاعلاتُ مفتعلن * فاعلات مفتعلن
ولأنه من وضعه فقد أتى بالزحاف الذي يريده ليحدد فيه الوزن. أي الحفاظ على مفعولات وأن تظهر بعد الزحاف إما فاعلاتُ أو مفعلات ُ ... ولي على هذا تعليق ذكرته سابقا عن هذا البحر في موضوع يخص دائرة المشتبه سأذكره لاحقا.
وبإعادة صياغة الوزن الذي اعتمد في علم العروض من وضع الخليل يكون :
فعْلن فاعلن فعِلن * فعْلن فاعلن فعِلن
وهذا يمثل وزن المجزوء في بحر المتدارك .
وإذا خبنا فاعلن يكون :
فعْلن فعِلن فعِلن * فعْلن فعِلن فعْلن
وهو مجزوء المتدارك أو الخبب ...
وما يثير احتمالات عديدة وهي :
1 – عدم وجود بحر اسمه المقتضب.
2 – وجود شعر كثير من المتدارك والخبب قبل ظهور علم العروض.
3 – احتمال اعتماد العرب على تسكين المتحرك في ( فعِلن ) لتصبح ( فعْلن ) أو تحريك العين الساكنة في ( فعْلن ) لتصبح ( فعِلن ).
4 – لا يوجد شعر عربي على وزن المقتضب والذي اعتمده الخليل ووضع شاهده.
5 - وسؤال عن الذائقة العربية في اعتماد هذا الوزن : هل اعتماده هو من الذائقة العربية أو اجتهاد الخليل رحمه الله ؟.
6 – وسؤال آخر عن منهاج الخليل: ماهي مبررات الإشتراطين في استخدام المقتضب وهما (مجزوء وجوبا , ثم العروض والضرب مطويتان) على الرغم من عدم وجود شعر عربي على وزنه قبل ظهور علم العروض ؟.
7 – أما ما ذكرته عن الزحاف فلو افترضنا الآتي :
بيت منه على وزن :
أتانا مُبَشِّرُنا * بِالبيانِ والنُّذُرِ
مفاعيلُ مفتعلن * فاعلات مفتعلن (وهذا جائز حسب المسموح من الزحافات في مفعولات)
وهذا يكافئ :
فعولن مفاعلتن * فاعلن مفاعلتن
ورياضيا بحذف مفاعلتن لأنها المقطع الذي لا يتغير في أي شعر على هذا الوزن من الطرفين فهل يتساوى :
فعوان = فاعلن ؟
طبعا لا يتساوى الإيقاع وهذا يثير تساؤلا مشروعا عن صحة هذا الوزن واعتماده !
8 – البيت الذي وضعه الخليل ألا يحتمل ما يلي :
أقبَلت فَلاحَ لَها * عارِضانِ كالبَرَدِ
ويكون وزنه : فاعلن مفاعلتن * فاعلن مفاعلتن ؟ وهو وزن لم يرد في عروض الخليل !
وبهذا الإحتمال لا يوجد وتد مفروق فيه , فما علاقته بدائرة المشتبه ؟
9 – ويمكن أن نخلص بالنتيجة التي ذكرتها سابقا أن وزن المقتضب المعتمد بدون زحافات ما هو إلا شكل من أشكال المتدارك والخبب.