العرب والمسلمون ما كان ليفزعهم فيروس كورونا
فلماذا هم مساكين اليوم؟

لقد كان العرب والمسلمون سبّاقون في ميادين العلم والمعرفة، كانوا على قائمة الأمم من حيث التقدم العلمي والمعرفي في حينه، واستمر الأمر كذلك إلى أن بدأ الانحطاط، ثم تُوِّج بالاستعمار التقليدي، ثم تمخض عن الاستعمار التقليدي الاستعمار الحديث الذي تزعمته أمريكا في عصبة الأمم وامتد إلى الأمم المتحدة ولا يزال إلى يومنا هذا ليحصر العرب والمسلمين في دائرة الانحطاط ويمنعهم من أي تحرُّر سواء كان تحرُّرا اقتصاديا أو سياسيا أو علميا.
لقد بتْنا ذلك المارد الذي تم حبسه في قارورة زجاجية وأحكم غلقها عليه فعجز عن تحرير نفسه، والناظر إلى الواقع الذي نحياه ونعيشه يجد أن هناك آليات ممارَسَة في حقنا تمنع وصولنا إلى مصاف الدول المتحررة أو المتقدمة، ويمارس مساعدة المستعمِر على الإبقاء على وضعنا الذي نحن عليه حكامنا وساستنا ومثقفونا وأحزابنا..
وها قد ابتلينا بفيروس كورونا وسنبتلى بما هو أقبح منه لأننا مستهدفون أكثر من سائر البشر فما العمل؟
إن أول بدء لأي بدء يجب أن يكون من رفع يد الأجنبي عنا وعن مقدراتنا وقراراتنا السياسية بصرف النظر عن نوعية الأنظمة التي تحكمنا، صحيح أن الأنظمة في البلاد العربية علمانية، والأنظمة العلمانية فاسدة، ولكن إذا تحقق في ظلها سيادة القانون والتحرر من سيطرة الأجنبي عندها يتحقق التحرر ولو على غير أساس الإسلام، ولو على أساس أيّ نظام فاسد.
وإذن لكيلا يغلبنا فيروس كورونا، ولكيلا ننتظر غيرنا يمدُّنا بعلاج أو لقاح وجب رفع النداء بالتحرر الحقيقي في كل البلاد العربية والإسلامية، فالسيطرة الأجنبية على سياستنا واقتصادنا وتعليمنا ومقدراتنا لن تجعلنا نتحرر أبدا، وكيف يتحرر من كان القيد على يديه ورجليه؟ وأهم ما يجب القيام به هو العودة إلى التثقيف والتعليم، ولا يقال إن التعليم فاسد فكيف نعود إليه والتعليم يضيِّع المتخرِّجين إذ لا يوفر لهم وظائف، وليست للدولة مخططات لتصدريهم إلى بلدان إفريقيا مثلا أو غيرها للتدريس، فكيف نركز عليه؟ لا يقال ذلك لأن التعليم والتثقيف يجب ألا يرتبط بالتخرج أو أي شيء آخر إذ هو ظاهرة حضارية وظاهرة من شأنها استولاد النوابغ والعباقرة في ميادين المعرفة والسياسة حتى نخرج مما نحن فيه، صحيح أن النوابغ والعباقرة موجودون ولكن في ميادين العلم التجريبي ويستفيد منهم من يمنعنا من التحرر؛ الغرب، ولكن النوابغ والملهمين في التخطيط ووضع الخرائط وقراءة المستقبل لا يوجدون أو يكاد، انظر إلى وزرائنا في البلاد العربية والإسلامية تستطيع أن تنعتهم بالتفاهة لأنهم لا يبدعون في وزاراتهم وأعمالهم، وكيف يبدعون وأغلبهم لا هم لهم إلا جمع الثورة وإشباع نزواتهم وشهواتهم وممارسة النفاق السياسي مع الحاكم والشعب؟
الناس بدأت تجرِّب لقاحات، وشرعت منذ ما ظهر الوباء تشتغل ليل نهار، ومختبراتهم مدعومة بأموال ضخمة تقدر بملايين الدولارات، ونحن ننتظر وننتظر، ويا لنا من مساكين نقف مستعطين على أبواب الغرب والشرق، نتسول وبأيدينا أموال، وهذا هو الغريب، المستول يتسول ويشهر المال في وجه من ينتظر صدقته وشياطته.
كورونا فيروس تافه، والله إنه تافه بالنظر إلى الوعي عليه والوعي على آليات عدم الإصابة به والوقاية منه، ولكن عدم القدرة على مواجهته ومحاربته ووضع حد لانتشاره يجعل منا نحن التافهون.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 17 مارس 2020م
www.tanjaljazira.com