????رمضان طاعة جليلة ومسبغة الفضيلة ، يعين على تحمل القول الثقيل لمكارم الأخلاق كي تتم????
فلوذوا إلى حياضه، وانهلوا من رياضه، فقد فتحت أبوابه لترتشفوا أكوابه؛ فأنتم من دون العالمين أنسابه وأحبابه.
فكما أنه شهر الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن، فهو شهر البذل والإحسان والسخاء والإنعام سواء بسواء.. فصنائع المعروف وإغاثة الملهوف وإشباع الجائع وإغناء الفقير ولين الكلام وبذل السلام والنصح لكل مسلم وسائر الأخلاق ، لا تقل أهمية عن الصيام والقيام إن لم تفوقها ولكلٍ واجب وقته فإن الطاعات تكمل بعضها بعضاً .
قال تعالى: "قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا" لماذا؟ "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا" إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلا "
فناشئة القيام هي أقوم على أن تقيل صاحبها وتنهض بحاملها لتحمله عليها ، وهو القول الثقيل وما يترتب عليه من عمل مضنٍ وعناء وأذى في سبيله.
فهو عمل ثقيل يحتاج صاحبه إلى طاقة روحية هائلة والطاقة تحتاج إلى اتصال، ولا بد للاتصال من موصل يربط بين الأرض والسماء، والقيام هو الموصل . أي الشاحن والرابط لتلقي طاقة السماء ليتحرك بعدها وإن كان مثقلاً خفيفا يؤدي دوره المنوط به والذي خلق لأجله باقتدار ، كما تؤدي الآلات والأجهزة بعد شحنها دورها، مع الفارق ولله المثل الأعلى..
ولا بد من تكرار الشحن ودوامه فمن الناس من يكون سِلك اتصاله مهزوزاً ومتقطعاً يشحن حينا و ويفصل حينا .
أي حضوره وخشوعه ضعيف فتكون التعبئة ضعيفة والعطاء ضعيف .
ومنهم من يكون سلك قلبه مشبوكاً لكن بلا شحن فيدخل في محطات التزود ويخرج كما دخل - عافانا الله وإياكم - فلا يحمل كلّاً ولا يقيل عاثراً ولا ينصر مظلوما ولا يصنع معروفا ولا يغيث ملهوفا ، اللهم سلمنا وعافنا واجعلنا فاعلين ننفع وننتفع.
ومن الناس من يكون مثل الكلمة الطيبة والشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء يؤتي أكله كل حين بإذن ربه. اللهم اجعلنا منهم برحمتك .
فالناشئة عبادات متنوعة ومنها القيام، هي الأقوم إقالة للعبد على تحمل القول الثقيل وهو حمل مكارم الأخلاق وتجسيدها وإتمامها وإبلاغها للناس قولًا وعملًا ..
اللهم أتم لنا وبنا مكارم الأخلاق وجنبنا مقتك وقنا عذابك .. نسألك النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وأن تجمع لنا الخير كله في كل وقت وحين????
رمضان شهر طي الرذائل، وانتعاش الفضائل وأثقلها الأخلاق فعض عليها بالنواجذ لأنك ستبلغ بها ما لا تبلغه بسواها، ولن تقوى عليها إلا بمولدات الطاقة التي هي العبادات فإن اجتمعت لك في رمضان فذلك من التوفيق نسأله التوفيق.
فبادر لاغتنام أوقاته والتعرض لرحماته ولثم نفحاته. فهو ممحاة لعام مضى، وزاد وطاقة لعام أتى، فلا تتعثر فيه فتتعثر أعوامك، بل تزوَّد ما استطعت من أيامه المعدودة وأنواره المولودة لتقوى فيخف حملك فلا تشعر بأثقال الحياة وضنكها، بل تحيا حياة طيبة .
عليك أن تنفض بالوعي غبار الأوهاق..
وتركل بالجد شبح الإطراق
وتحيي بالجود خلق الإنفاق.
وإذا رمتَ الصعود في سلم الآفاق ! لتخترق السبع الطباق.
تدثَّر برداءَ العبادات، واحتسِ نعيم الأخلاق وتمم مكارمها.
فما بعث الرسول عليه الصلاة والسلام إلا ليتمم مكارم الأخلاق فهي القول الثقيل الذي تعددت الشعائر لتقوي الحامل فلا يشعر بثقل المحمول فيقوى على حمله..!
وهي الأمانة التي تبرأت من حملها السماوات والأرض والجبال لعدم قدرتها عليها؛ رغم أنها لم تفتر عن التسبيح ليلًا ولا نهارًا، ومع ذلك اعتذرت وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، ظلوما بإعراضه عن مصدر صلته ومنبع طاقته جهولا بتبعات ثقل هذه الأمانة وما يترتب عليها من عواقب النكوص والتعثر بعد حملها والقبول بها.
فعلينا بنواصي الأخلاق ومجامعها، فهي مراقي أهل الجنة، وفاكهة أنسهم.. وبيدر سعادتهم..
وهي ملاك الفضائل ونظام عقدها، ومرتع مجدها، ومحور فلكها..
بها تكتسب المحامد، ويوسم الأماجد، وتطوى الخطوب و المكائد، ويعرف بها الناكص من المجاهد..
تُفتح بها مغاليق القلوب، وتشقُّ بها أصعب الدروب، وتُساس بأحسنها الدول والشعوب ..
فحقول الإدارة المؤثرة مبعثه الأخلاق وبستان العلاقات.. النظيفة المؤثرة بيدره الأخلاق.. وكل شيءٍ في الأرض والسماء ليس له صلة بها
فهو أبتر متور ..لا قيمة له ولا وزن..
اللهم أهدِنا لأحسنِها وقِنا سيئِها
22 /4 / 2020
بقلم / هائل سعيد الصرمي
https://t.me/asarme