مشاهدة النسخة كاملة : العودة إلى الله (للشاعر جمال مرسي ) دراسة تحليلية
عطية العمري
21-11-2005, 07:57 AM
العودة إلى الله (للشاعر جمال مرسي )
دراسة تحليلية
النص
1- يا نفسُ هل مِـنْ عـودةٍ ومـآبِ من قبل طيِّ صحيفتـي و كتابـي
2- مالـي أراكِ بظلمـةٍ ومتـاهـةٍ تستعذبيـنَ مَشَقَّـتِـي وعـذابـي
3- زَحَفَتْ جيوشُ الشَّيْبِ زَحْفاً فَاْعتَلَتْ عَرْشَ الفؤادِ تَدُكُّ صَرْحَ شبابـي
4- و الأربعونَ تُذيعُ سِرّاً ، لمْ أَكُـنْ مِـنْ قَبْلِهـا أدخلتـه بحسـابـي
5- هذا الشبابُ الغـضُّ راحَ زَمَانُـهُ وَ الدَّهْرُ كشَّر غاضباً عـن نـابِ
6- واْنقَضَّتْ الدُّنيـا علـى طُلاّبِهـا بزخـارفٍ بـراقـةٍ و ثـيـابِ
7- فسقتهمـو لمـا تَنَاسَـوْا غَدرَهـا كأسـاً مـن الآلامِ و الأوصـابِ
8- كم أنْشَبَـتْ أظفارَهـا بِلحومِهِـمْ فاستسلمـوا كفريسـةٍ لعُـقـابِ
9- وَلَكم هَوَتْ بالمُولَعيـنَ بسحرهـا من سامقاتٍ فـي السمـا لتـرابِ
10- ولكم تمنَّاهَا أخـو الدنيـا ، فَلَـمْ يظفـرْ طـوالَ حياتِـهِ بِطِـلابِ
11- أعيتهُ ركضاً خلفها ورَمَـت بِـهِ ظَمِئاً ، كمن أعيتهُ خلف سـرابِ
12- لا تدهشي يـا نفـسُ لا تتعجبـي لا تنظري ليْ نظـرةَ اْستغـرابِ
13- هذي هي الدنيا ، ألـم تتعلمـي ؟ أم أنتِ ممـنْ سفَّهـوا أسبابـي ؟
14- فتشدَّقـوا بالقـولِ أنِّـي يائـسٌ أبصرتُها مـن أضيـقِ الأثقـابِ
15- وبأننـي لمـا زهـدتُ أطايبـي أوصدتُ في وجه الدُّنـا أبوابـي
16- وحبستُ نفسي في قيـودِ تَغَرُّبـي و زجرتُهـا أن بَـادَرَتْ بعتابـي
17- كَلا َّ، فلستُ من الذيـن توهمـوا زوراً ، و لكن من أولي الألبـابِ
18- والمرءُ إنْ أعطاهُ ربـي حكمـةً كانـت كبـدرٍ ساطـعٍ خــلاّبِ
19- يسبي العقولَ بهـاؤهُ ، فيزينُهـا كالوشيِ يُبـدي زينـةَ الأثـوابِ
20- هذي هيَ الدنيـا كمـا أبصرتُهـا مرَّت أمام العيـن مـرَّ سحـابِ
21- حدَّقْتُ فيها ناظـريَّ ، فلـم أجـد إلا ذئـابـاً أَوْقَـعَـتْ بـذئـابِ
22- و الكلُّ فيها شاخِـصٌ مُتَرَبِـصٌ بقواطـعٍ مسلـولـةٍ و حِــرابِ
23- و رأيتُ خلقـاً يلهثـون وراءهـا فأنَخْتُ في وسَطِ الطريقِ رِكابـي
24- وعلمتُ أنَّ العمـرَ فيهـا لحظـةٌ قد تنقضي فـي جيْئَـةٍ و ذَهـابِ
25- و المـوتُ آتٍ لا يُفَـرِّقُ سيفُـهُ بين الصبيِّ و ذلـك المُتَصابـي
26- فأخذتُ حِذري بالرجوع إلى الذي خَلَقَ الدُّنا، أرجـو قبـولَ متابـي
27- فَوَجَدْتُـهُ ربّـاً غفـوراً راحِمـاً أنعـم بِـهِ مـن غافِـرٍ تـوّابِ
28- أنَّبتُ نفسـي ، لُمتُهـا ، وبَّختُهـا أن لم يكن مـن قبـل ذاكَ إيابـي
بين يدي النص :
يعالج الشاعر جمال مرسي في قصيدته قضية تهم كل مسلم ومؤمن موحد بالله ، وهي قضية التوبة إلى الله والرجوع إليه ، والندم على ما فرَّط في جنب الله ، كيف لا وكل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون . ويكون الأمر ملحّاً أكثر إذا تقدم الإنسان في العمر وجاوز الأربعين سنة ( أو الرابعة والخمسين مثلي ) ، وخَبِرَ الدنيا جيداً فوجد أنها لا تساوي شيئاً ، وأن التشبث بها هو من قبيل الجري وراء السراب والأوهام .
معاني المفردات :
الغض : الناضر الطري
انقضَّت : هوت ، أسرعت في طيرانها نحو صيدها
الأوصاب: جمع وَصَب ، وهو المرض والوجع الدائم ونحول الجسم ، وقد يطلق على التعب والفتور في البدن
سامقات : عاليات طويلات
بطِلاب : بما يطلبه ويتمناه
أعيته : أتعبته
ظمِئاً : عطشاناً
سفَّهوا : اتهموا بالجهل والطيش وعدم الحِلم
أسبابي : ذرائعي وحججي
تشدقوا : لووا أشداقهم للتفصُّح / توسعوا في الكلام من غير احتياط وتحرُّز
أطايبي : الأشياء الطيبة في حياتي
أوصدتُ : أغلقتُ
ساطع : مرتفع ومنتشر الضوء
خلاّب : يسلب العقل ويفتن القلب
بهاؤه : حُسنه وظُرفه
الوشي : نقْشُ الثوب
حدَّقتُ : نظرتُ وحددتُ النظر
مسلولة : منزوعة من غمدها
أنَخْتُ : جعلتُه يبرك على الأرض
رِكابي : إبلي
المتصابي : المائل إلى اللهو واللعب
أنعِم به : تعجُّب من كثرة نعمه
أنَّبْتُ : عنَّفتُ ولُمتُ
الفكرة العامة للنص :
دعوة للتوبة إلى الله واجتناب المعاصي والموبقات والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله تعالى .
الفِكَر الجزئية :
1- دعوة للنفس بالتوبة وزجرٌ لها بسبب ما اقترفت من معاصٍ . ( البيتان 1 ، 2 )
2- انقضاء الشباب وحلول المشيب . ( الأبيات 3 ، 4 ، 5 )
3- بطش الدنيا بطلابها والمتشبثين بها . ( الأبيات 6 ، 7 ، 8 ، 9 )
4- عدم حصول طالب الدنيا على ما يريد . ( البيتان 10 ، 11 )
5- نهي النفس عن التعجب من هذه الدنيا . ( البيتان 12 ، 13 )
6- استنكار الناس على الشاعر زهده في هذه الدنيا . ( الأبيات 14 ، 15 ، 16 )
7- رد الشاعر عليهم . ( البيت 17 )
8- فضل الحكمة الإلهية . ( البيتان 18 ، 19 )
9- حال أغلب الناس في هذه الدنيا . ( الأبيات 20 ، 21 ، 22 ، 23 )
10- زهد الشاعر في الدنيا . ( البيتان 24 ، 25 )
11- توبة الشاعر ورجوعه إلى الله وتأنيبه لنفسه . ( الأبيات 26 ، 27 ، 28 )
الأساليب اللغوية والغرض منها :
1- النداء في قوله : " يا نفسُ " ، الغرض منه لفت الانتباه إلى ما سيطلبه من هذه النفس .
2- الاستفهام في قوله : " هل من توبةٍ ومآبِ ؟ " ، الغرض منه حث النفس على العودة إلى الله .
3- الاستفهام في قوله : " ما لي أراكِ بظلمةٍ ومتاهةٍ تستعذبين مشقتي وعذابي ؟ " ، الغرض منه توبيخ نفسه على ما فعلت .
4- النهي في قوله : " لا تدهشي يا نفسُ لا تتعجبي لا تنظري لي نظرةَ استغرابِ " ، الغرض منه إرشاد النفس وبيان أن ما قاله آنفاً ليس بالأمر الغريب العجيب .
5- الاستفهام الاستنكاري في قوله : ألم تتعلمي؟ أم أنتِ ممن سفَّهوا أسبابي ؟ " ، الغرض منه الإنكار على نفسه أنها لم تتعلم ، أو على تسفيهها لأحلامه .
المحسنات البديعية :
1- الترادف في قوله : " عودة ومآب " .
2- الترادف في قوله : " صحيفتي وكتابي " .
3- الترادف في قوله : " الآلام والأوصاب " .
4- الترادف في قوله : " لا تدهشي " ، " لا تتعجبي " .
5- التضاد في قوله : " جيئة وذهاب " .
6- الجناس الناقص ( غير التام ) في قوله : " الصبيّ " و " المتصابي " .
7- تكرار الترادف في قوله : " أنَّبتُ نفسي " ، " لُمتُها " ، " وبَّختُها " .
الصور البيانية :
1- الاستعارة المكنية في قوله : " تستعذبين مشقتي وعذابي " ، حيث شبَّه المشقة والعذاب بالماء العذب بالنسبة للنفس ، فحذف المشبه به وأبقى لازماً من لوازمه وهو الفعل " تستعذب " .
2- التشبيه في قوله : " زحفت جيوش الشيب " ، حيث شبَّه الشيب بالجيوش الزاحفة ، أو شبَّه انتشار الشيب في رأسه بزحف الجيوش الجرارة ، كناية عن كثرة هذا الشيب وسرعة انتشاره في رأسه ( هنا أضيف المشبه به للمشبه ) .
3- الاستعارة المكنية في قوله : " فاعتلت عرش الفؤاد " ، حيث شبَّه فؤاده بمملكة لها عرش ، فحذف المشبه به وأبقى لازماً من لوازمه وهو العرش ، وهذه الاستعارة الغرض منها بيان شدة تمكُّن هذا الشيب وتأثيره على قلبه وفؤاده .
4- التشبيه في قوله : " تدكُّ صرحَ شبابي " ، حيث شبَّه الشباب بالصرح الذي تقوم جيوش الشيب بدكِّه ، والغرض من هذا التشبيه بيان أن الشباب مهما بلغ من قوة وجبروت فإن الشيب أقوى منه وسيتغلب عليه (هنا أضيف المشبه به للمشبه ) .
5-
يتبع بإذن الله
بندر الصاعدي
21-11-2005, 08:41 AM
الأستاذ عطية
السلام عليكم
دراسة ممتعة جيدة خفيفة تبرز جماليات النص ويمكن الإستفادة منها في تدريس البلاغة والنقد والتحليل
سأتابع
د.جمال مرسي
21-11-2005, 09:34 AM
جزاك الله الخير أخي الحبيب عطية العمري
و جعل ما تكتب في ميزان حسناتك
سأكون من المتابعين كأخي بندر لهذه الدراتسة الشيقة
و ليتك تتخير كل أسبوع لأحد شعراء الواحة مثلها
شكرا لك
و دمت بخير
عطية العمري
21-11-2005, 09:47 AM
أخي بندر الصاعدي
بارك الله فيك
وأشكرك جزيل الشكر على إطرائك
وللبحث صلة ، وستكون أكثر عمقاً إن شاء الله
فأنا أحب أن أبدأ بالسهل وبما هو ضروري لفهم ما بعده ( كأسلوب المدرسين طبعاً )
وأرجو أن تعم الفائدة
عطية العمري
21-11-2005, 09:57 AM
أخي الحبيب الدكتور جمال مرسي حفظه الله
اشتقت لك وإن لم أرك بعيني ولكن بلقاء الأرواح والقلوب
لقد اخترت هذه القصيدة بالذات لعدة أسباب من بينها :
1- أن موضوعها في غاية الأهمية بالنسبة لي .
2- أنها لك شخصياً فأردت من خلالها التعبير عن مشاعر الحب والتقدير لشخصكم الكريم .
وبالنسبة لاقتراحك فهو اقتراح جيد ولكنه صعب التحقيق لعدة أسباب منها :
1- قلة فراغي وانشغالي معظم وقتي في العمل الرسمي .
2- أن هذا البحث يمكن أن يطول لأنه سيتناول جوانب عديدة وسيكون لاحقاً أكثر عمقاً وبالتالي سيستغرق ربما عدة أسابيع .
بعد الانتهاء من هذا البحث إن شاء الله سأنظر في إمكانية دراسة قصائد أخرى لشعراء آخرين من شعراء الواحة .
وأنا من هذا المنبر أدعو إخواني في واحتنا العزيزة أن يقوموا بمثل هذه الدراسات .
ودمتم بألف خير
أخوكم في الله عطية العمري
زاهية
21-11-2005, 10:27 AM
بارك الله فيك وفي وقتك وأمدك بالعون
أختك
بنت البحر
عدنان أحمد البحيصي
21-11-2005, 03:59 PM
أخي الأستاذ عطية
يبدو لي أن قصائد الرائع د.جمال مرسي تحظى بالإهتمام
فلقد كتبت هنا أيضا ً نقداً للقصيدة ذاتها
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=8833
شكرا لك
عطية العمري
22-11-2005, 07:16 AM
الأخت الكريمة زاهية
أشكرك على مرورك ودعائك
وبارك الله فيكِ ودمتِ بألف خير
عطية العمري
22-11-2005, 07:22 AM
العزيز الغالي عدنان الإسلام
بارك الله فيك وقد قلقت عليك لغيابك عن الواحة بضعة أيام
أما بالنسبة لدراستك النقدية على القصيدة فقد طالعتُها وقمت بطباعتها مع القصيدة وهي التي كانت حافزاً لي على القيام بهذه الدراسة التحليلية إضافةً لاهتمامي بموضوع القصيدة وحبي لناظمها أخي وحبيبي الدكتور جمال مرسي
يبدو أنك قد نسيت الاتفاق !!!!!!!!!!
دمتم بألف خير
عادل العاني
22-11-2005, 09:39 AM
الأخ عطية العمري
وهذا ما يجب ألأن يكون , ويفترض أن يتبع كسياق أدبي .
فنشر القصائد لوحده لا يفيد , بل الإبحار بها وتفصيلها وشرحها بلاغيا ,
وتوضيح المقاصد والمرامي هو الذي يجب أن يكون .
ولقد اخترت قصيدة وشاعر , قصيدة مفعمة بالبلاغة , وبموضوع أشد مانكون بحاجة إليه الآن , وشاعر متمكن ... غني عن التعريف.
فبارك الله بكم جميعا وتقبلوا تحياتي
أسماء حرمة الله
22-11-2005, 09:57 PM
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
تحيـة مكتوبة برحيق الياسمين
أستاذي الكريم عطية العمـري،
بارك الله فيك، وكتب لك بكل ماتكتبه أجرا..سنتابع دوماً تحليلك الجميل للقصائد، كما تابعنا تحليلك الرائع والذي توغّلَ بلاغيا وأدبيا وفكريا في مسامّ قصيدة شاعرنا الرائع د. جمـال، ومرة أخرى، أشيد بقلمك الذي أمتعني وأفادني في الوقت ذاته...
حجزتُ مقعدا هنـا...وبالصف الأول...
تقبّل مني ألف باقة من الورد والمطــر
خالص التحايا والتقديـر
عطية العمري
23-11-2005, 07:40 AM
( تابع )
5- الاستعارة المكنية في قوله : " والأربعون تذيع سراً " ، حيث شبه الأربعين سنة من عمره بشخص يذيع سراً ، فحذف المشبه به وأبقى لازماً من لوازمه وهو الفعل (يذيع) . والغرض من هذه الاستعارة بيان عدم إمكانية إخفاء كبر السن وضعف الجسم .
6- الاستعارة المكنية في قوله : " هذا الشباب الغض " ، حيث شبه الشباب بنبات غض طري ، فحذف المشبه به وهو النبات ، وأبقى لازماً من لوازمه وهو كلمة (الغض) . والغرض من هذه الاستعارة بيان حال الشباب قبل سن الأربعين .
7- الاستعارة المكنية في قوله : " والدهر كشَّر غاضباً عن نابِ " ، حيث شبه الدهر بحيوان مفترس ، فحذف المشبه به وأبقى ما يدل عليه وهو التكشير عن الأنياب . والغرض من هذه الاستعارة بيان أن الدهر لا تؤمن نوائبه .
8- الاستعارة المكنية في قوله : " فسقتهمو لما تناسَوا غدرها كأساً من الآلام والأوصابِ " ، حيث شبه الآلام والأوصاب بالشراب الذي يُسقى ، فحذف المشبه به وهو الشراب وأبقى لازماً من لوازمه وهو كلمة (كأساً) .
9- الاستعارة المكنية في قوله : " كم أنشبت أظفارها بلحومهم " ، حيث شبه الدنيا بحيوان مفترس ، فحذف المشبه به وأبقى ما يدل عليه وهو الأظفار . والغرض من هذه الاستعارة بيان غدر الدنيا بطلابها ، وبالتالي التحذير من الاطمئنان لها والجري وراء زخارفها .
10- التشبيه في قوله : " فاستسلموا كفريسةٍ لعُقابِ " ، حيث شبه حال من تشبثوا بالدنيا ففتكت بهم بحال الفريسة التي افترسها العُقاب فلم تستطع منه فكاكاً فاستسلمت لقدرها المحتوم . وفي هذا تحذير من الاطمئنان للدنيا والافتتان بمفاتنها وزخارفها .
11- الاستعارة المكنية في قوله : " أعيته ركضاً خلفها " ، حيث شبه الدنيا بشخص يركض مسرعاً ، وشبه طالب الدنيا بشخص آخر يركض وراء الشخص الأول ليلحق به ولكن هيهات . وقد حذف المشبه به في الحالين وأبقى ما يدل عليهما وهو الركض والإعياء . والغرض من هذا التشبيه التيئيس من الحصول على كل ما نتمنى في هذه الدنيا ، والحث على عدم التشبث بها .
12- التشبيه في قوله : " كما أعيته خلف سرابِ " ، حيث شبه من يجري وراء الدنيا بشخص ظمآن رأى سراباً فركض إليه ( ظناً منه أن ماء ) فلما جاءه لم يجده شيئاً. وفي ذلك تيئيس من الحصول على كل ما نتمنى في هذه الدنيا الفانية ، وبالتالي الحث على عدم التشبث بها وجعلها شغلنا الشاغل ، وهذا يقتضي الاهتمام بما يقابل الدنيا وهي الآخرة .
13- الاستعارة المكنية في قوله : " أوصدتُ في وجه الدُّنا أبوابي " ، حيث شبه الدنيا بإنسان يريد أن يقتحم على الشاعر منزله ، ولكنه قام بإغلاق جميع الأبواب لمنعه من تحقيق غرضه . وقد حذف الشاعر المشبه به وأبقى ما يدل عليه وهو قوله " وجه الدُّنا " .
14- التشبيه في قوله : " وحبستُ نفسي في قيود تغرُّبي " ، حيث شبه عزوفه عن كثير من مباهج الدنيا بالعيش في غربة ، ثم شبه هذه الغربة بالقيود التي تقيده ، وبالتالي فإنه قد شبَّه عزوفه عن مباهج الدنيا بتقييد نفسه بالقيود التي تمنعه من أن يستمتع بالحياة . وفي هذا دلالة على أن الزهد في الدنيا والاهتمام بالآخرة ليس بالأمر الهيِّن السهل ، ولا يقوى عليه إلا ذوو العزم والإيمان القوي .
( يتبع )
د.جمال مرسي
23-11-2005, 06:08 PM
بارك الله بهمتك أخي المبدع عطية العمري
أتابعك بشغف و كلي حب
د. جمال
عطية العمري
26-11-2005, 09:42 AM
تابع (3)
15- الاستعارة المكنية في قوله : " وزجرتُها أن بادرَتْ بعتابي " ، حيث شبه الدنيا بإنسان لا يكف عن معاتبة الشاعر على عدم اهتمامه به ، ولكنه قام بزجره وتوبيخه ، فحذف المشبه به وأبقى ما يدل عليه وهو إمكانية الزجر . وفي هذا دليل على أن الدنيا تحاول أن تغري الإنسان بزينتها ومباهجها وشهواتها ، مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حُفَّت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " .
16- التشبيه في قوله : " والمرء إن أعطاه ربي حكمةً كانت كبدرٍ ساطعٍ خلاّبِ " ، حيث شبه الحكمة التي يمنحها الله للبشر بالبدر الساطع في جماله وجلاله وبهائه ؛ مما يقتضي التمسك بها ، بعكس الحكمة التي تصدُر عن البشر ومنهم الفلاسفة .
17- الاستعارة المكنية في قوله : " يسبي العقول بهاؤه " ، حيث شبه بهاء هذا البدر ( الحكمة الربانية التي يمنحها الله لعباده) بجيش قوي ، وشبه العقول بأسير لدى ذلك الجيش ، فحذف المشبه به ، وأبقى ما يدل عليه وهو الفعل " يسبي " . وفي هذا دليل على أن من تحل عليه هذه الحكمة لا يستطيع مفارقتها .
18- التشبيه في قوله : " فيزينها كالوشي يبدي زينة الأثواب ِ" ، حيث شبه ما تفعله الحكمة الإلهية بالعقول بالوشي الذي يزين الأثواب .
19- الاستعارة المكنية في قوله : "هذي هي الدنيا كما أبصرتُها " ، حيث شبه الدنيا بفتاة أو امرأة ، فحذف المشبه به وأبقى ما يدل عليه وهو إمكانية الإبصار . والغرض من ذلك التأكيد على ما سيصف به الدنيا في الشطر الثاني ؛ لأنه سيصف ما يراه وكأنه يراه رأي العين .
20- التشبيه في قوله عن الدنيا : " مرت أمام العين مرَّ سحابِ " ، حيث شبه سرعة هذه الدنيا بسرعة السحاب في السماء . والغرض من هذا التشبيه التقليل من قيمة هذه الدنيا ، وكأنها لا تستأهل أن يقف عندها الإنسان أو يفكر في متاعها .
21- الاستعارة المكنية في قوله : " حدَّقتُ فيها ناظري" ، حيث شبه الدنيا مرة أخرى بفتاة يحدق فيها ليتعرف عليها عن قرب .
22- الاستعارة التصريحية في قوله : " فلم أجد إلا ذئاباً أوقعت بذئابِ " ، حيث شبه بني الإنسان بالذئاب المفترسة التي بلغ من شدة افتراسها أنها تحاول الإيقاع بعضها بالبعض الآخر . وقد حذف المشبه وصرَّح بالمشبه به . والغرض من ذلك بيان مدى الوضع المزري الذي وصل إليه البشر في تعاملاتهم ، وهو أشبه ما يكون بقول الشاعر :
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
23- الاستعارة المكنية في قوله : " بقواطعٍ مسلولةٍ " ، حيث شبه القواطع بالسيوف المنزوعة من جرابها ، دليلاً على جاهزيتها للافتراس . وقد حذف المشبه به أبقى ما يدل عليه وهو كلمة " مسلولة " .
24- الاستعارة المكنية في قوله : " ورأيتُ خلقاً يلهثون وراءها " ، حيث شبه الدنيا بفتاة تجري بأقصى سرعة وخلفها طلاّب هذه الدنيا يجرون ليلحقوا بها وكل منهم يطمع أن يظفر بها . دليلاً على شدة إقبال الناس هذه الأيام على الدنيا ومسارعتهم في طلبها وتنافسهم عليها . وقد حذف المشبه به وهو الفتاة وأتى بما يدل عليها وهو الجري .
25- الكناية في قوله : " فأنختُ في وسط الطريق رِكابي " ، وهذا كناية عن زهده في هذه الدنيا ؛ فقد كان يستطيع الوصول إليها وهو صاحب الرِّكاب ، لأكنه ليس كبعض اللاهثين وهم يجرون على أقدامهم .
عطية العمري
26-11-2005, 09:44 AM
تابع (4)
نثر الأبيات :
1- يا نفسي ، يا من عملتِ الموبقات ، وارتكبتِ المحرمات ، وعصيتِ الله بكرةً وعشياً ، ألا ترعوي ؟ ألا تتوبين إلى الله ؟ ألا تذكرين أن هناك حساباً وعذاباً ؟ يا نفس ، توبي إلى الله ، وعودي إليه ، واندمي على ما فات ، قبل أن يأتيكِ هادم اللذات ومفرِّق الجماعات ، قبل تطوى صحيفة عملكِ ، فلا مجال عندها للتوبة والندم ، فلاتَ حين مندم .
2- ما لي أراكِ أيتها النفس تائهةً هائمةً لا تدرين أين السبيل ، وكأنكِ تسيرين في ظلامٍ دامس أو في متاهة تحيِّر العقول والأفهام ، وما هذا الظلام الدامس وهذه المتاهة المحيرة إلا ظلام المعصية والخطيئة ومتاهة الضلال والفجور . إن ما تقومين به أيتها النفس من معاصٍ وموبقات سيوردني موارد المهالك ، وسيؤدي بي إلى المشقة في الدنيا والعذاب في الآخرة ، فكأنكِ يا نفسُ تستعذبين أن تحل بي هذه المشقة وهذا العذاب .
3- لم يبقَ أيتها النفس من العمر إلا القليل ، وقد اشتعل الرأس شيباً ، وانتشر الشيب في رأسي كانتشار الجيش القوي في أرض عدوه الضعيف ، فأثر انتشار هذا الشيب في القلب فجعله لا يعبأ بالدنيا وزخارفها ومباهجها ومفاسدها ، فحقَّ لكِ أيتها النفس أن تتركي الدنيا فينصبُّ جُلُّ اهتمامك على الآخرة وعلى مرضاة الله ، قبل تأتي لحظة مفارقة هذه الدنيا والمبيت في ليلةٍ صبحها يوم القيامة .
4- ولئن كنتُ أحاول أن أقنع نفسي وأقنع الآخرين بأني لا زلتُ فتياً ، وأن العمر فيه فسحة ، ونسيت أن العمر يمضي بسرعة ، فقد جاء هذا الشيب عند حلول سن الأربعين ليُظهر ما كنتُ أخفيه وما كنتُ لا أحسب حسابًا له ، فلا مناص من معرفة هذه الحقيقة والرجوع إلى الله رجوعاً حميداً .
5- ها قد ولَّى الشباب وانقضى بنضارته ونعومته وحلاوته ، وأثرت سنوات العمر فيَّ ؛ فحل المشيب محل الشباب ، وحلت تجاعيد الوجه محل النضارة ، فالدهر لا تؤمن نوائبه ، فكأنه حيوان كشر عن أنيابه فأفزعني ، وأثر هذا الفزع في رأسي فصبغه بالبياض ، وأثر في ملامح وجهي فجعله متجعدًا . فلا بد من التوبة وقد بلغتُ ما بلغت ، وحلًّ بي ما حل .
6- ثم ما لي أتمسك بهذه الدنيا وأنا أراها لا ترحم طلاّبها ولا تشفق على محبيها ، فهي تفتك بهم صباح مساء برغم المفاتن والزخارف البراقة والثياب الفاخرة التي تغري طلابها بها ، فينسون المصائب التي تحل بالبشر كل يوم وكل ليلة . فكأن هذه الدنيا أحد الطيور الجارحة حين ينقض على فريسته بأقصى سرعة فيفترسها ويفتك بها ، وكذلك مصائب الدنيا إذا أتت كان قدومها سريعاً وفتكها عظيماً ، فلماذا تفضلين أيتها النفس هذه الدنيا ـ وهذه أوصافها ـ على الآخرة ، والآخرة خيرٌ وأبقى ؟!!
7-
يتبع
د.جمال مرسي
26-11-2005, 01:40 PM
تحليل و شرح واف للأبيات أخي عطية
أتابعك عن كثب و أنا مبهور و ممتن لما تكتبه من شرح و تحليل .. و سأنتظر النقد للقصيدة كمرحلة تاليو من دراستك النقدية هذه
أفادك الله و زادك من علمه و من فضله
شكرا لك
و دمت بخير
عطية العمري
29-11-2005, 07:31 AM
تابع ( 5 )
7- إن هذه الدنيا غدارة حتى بمحبيها وعاشقيها ، فقد ألهتهم بمفاتنها وزخارفها حتى أنستهم ما يمكن أن تقوم به من فتك وتدمير ، أو أنهم من شدة إعجابهم بها لم ينتبهوا لمخاطرها ومصائبها فتناسوها . وعندما وصلوا إلى تلك المرحلة أخذتهم على حين غرة ، فغدرت بهم غدراً عظيماً ، وكأنها سقتهم كأساً من الآلام والمتاعب التي تجرعوها غصةً في حلوقهم .
8- وكأن هذه الدنيا حيوانٌ مفترس قام بغرز مخالبه في لحوم طالبيها ومحبيها ، فلم يستطيعوا الخلاص من المصائب والنكبات التي حلت بهم ، فاستسلموا لقدرهم المحتوم كما تستسلم الفريسة للعُقاب الذي ينقضُّ عليها ويفترسها . وما دامت الدنيا هذه حالها فكيف لنا أن نحبها ونتكالب عليها ،فنفضلها على الآخرة ، فالآخرة خير وأبقى .
9- هذه الدنيا بلغ من فتكها بطلابها ومحبيها والمعجبين بها ، أنها كما لو حملتهم إلى عنان السماء والسامقات من الجبال ، ثم ألقتهم إلى الأرض دفعة واحدة ، دون رحمة أو شفقة ، فهم كمن تخطفه الطير أو تهوي به الريح من مكانٍ سحيق ، فلقوا مصيرهم المحتوم من الموت أو الإصابات البليغة التي تجعلهم في عجز دائم وإعاقة لا تزول . فالعجب العجاب ممن يرى ويسمع كل يوم هذه الأمور العظام والفتك الكبير ببني الإنسان ، ثم يصر على التعلق بهذه الدنيا والتمرغ تحت قدميها .
10- ثم إن من يأمل في هذه الدنيا خيراً ، ويركن إليها ، ويبني عليها الآمال العظام ، فإنه سيُمضي عمره في انتظار تحقُّق أمنياته ، وتحقيق أحلامه ، ولكن هيهات هيهات ، فلن يظفر مما كان يتمنى بشيء .
11- فكأن هذه الدنيا فتاة جميلة تجري بأقصى سرعة ، وخلفها مُحِبّوها وعاشقوها ، كل منهم يريد الظفر بها ولكن دون جدوى ، حتى حلَّ بهم التعب والإعياء ، فلا هم استراحوا ولا هم حققوا أمنياتهم وظفروا بمطلوبهم ، وهم في ذلك أشبه ما يكونون بالظمآن الذي يرى سراباً بقيعة في الصحراء فيحسبه ماءً ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، فبقي بظمئه ، ولم ينله إلا التعب والنصَب .
12- كل ذلك أقوله لكِ أيتها النفس ، لتعتبري وتثوبي إلى رشدك وتعودي إلى ربك ، فلا تندهشي يانفس مما أقول ، ولا تتعجبي ، ولا تنظري لي نظرة استغراب ، فما أقوله لكِ هو عين الصواب، وحق اليقين .
13- وما أقوله لكِ أيتها النفس هو واقع هذه الدنيا وحقيقتها ، فهذه هي الدنيا : مصائب ونكبات وغدر وظلم ، حتى وإن تزينت بالبهارج الكاذبة والمفاتن المزيفة . فلماذا لا تتعلمين أيتها النفس ، وتأخذين العبر مما يقع في هذه الدنيا صباح مساء ؟ أم أنتِ يا نفسُ كالباقين الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ؟! وهل أنتِ يا نفس ممن سفهوا أحلامي واتهموا عللي وحججي بأنها قاصرة ، جاهلة طائشة ، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب من التفكير والنضج ؟
14- هؤلاء القوم الذين اتهموني واتهموا حججي وذرائعي بالجهل والطيش ـ فسِرتِ أنتِ في ركبهم أيتها النفس ـ أطلقوا لألسنتهم العنان ، ولووا أشداقهم بالكلام ، استخفافاً بي واستهزاءً ، واتهموني بأني متشائم متذمر ضيق الأفق ، أنظر إلى الدنيا من أضيق المنافذ بمنظار أسود ، ولا أنظر إلى الدنيا نظرة متفائلة فسيحة ملؤها السعادة والفرح .
15- كما اتهموني بأني ما وصلتُ إلى ما وصلتُ إليه إلا بعد أن استمتعتُ بالدنيا أيما استمتاع ، وحصلتُ منها على كل ما لذَّ وطاب ، فإذا ما كبر سني ، ولم يبقَ لي في هذه الدنيا من مطمح ، وعجزتُ عن مجاراة الآخرين ، ادعيتُ الفضيلة والزهد في هذه الدنيا ، وكأني أقفلتُ على نفسي كل الأبواب والمنافذ التي يمكن أن تتسلل منها هذه الدنيا إليَّ .
16- وقالوا ـ زوراً وبهتاناً ـ بأني حبستُ نفسي في قيود وهمية نسجتُها بنفسي ، فصرتُ كالغريب في وطنه ، الغريب بين أهله وأحبابه ، الذي يمتنع عن الاستمتاع بالطيبات وهي بين يديه . وقالوا بأني لمّا عاتبتني نفسي ولامتني على فعلتي زجرتُ نفسي ووبختُها ولم لأستمع لنصيحتها .
17- كلا والله . فما أنا من الواهمين الذين لا يرون الأمور على حقيقتها ولا يملكون التفكير السليم والعقل الراجح الرزين . بل بالعكس ، فأنا من أولي النُّهى والأحلام ، والعقول النيِّرة ، والتفكير السديد .
18- وهذه النعمة التي لديَّ هي نعمة إلهية فلا أدعي لنفسي فضلاً ، وهي حكمة من الله سبحانه ، الذي إن وهبها لأحد من خلقه كان أثرها ونورها واضحاً جلياً لا يمكن إخفاؤه ، تماماً كالبدر المنير ، الساطع في ضيائه ، الذي يسلب العقول في جماله وجلاله . فكيف تريدون مني أن أخفي هذه الحكمة التي منحني إياها رب العالمين ، وهو الذي يقول : فأما بنعمة ربك فحدِّث .
19- هذا البدر الذي شبَّهتُ به الحكمة الإلهية ، ليس بدراً عادياً ، إنما هو في حينه وجماله وجلاله قد بلغ حداً يسبي العقول ، ويسلب الألباب ، ويؤثر فيها تأثيراً عظيماً ، فيزيدها جمالاً وروعةً ، تماماً كالنقوش التي توضع على الثياب فتزيد من جمالها وقيمتها .
20- كل ذلك ، بما فيه حقيقة هذه الدنيا ، فكرتُ فيه ، وتخيلته ، وكأني أرى شريطاً سينمائياً أو تلفزيونياً مر من أمام ناظرَيَّ بسرعة كبيرة كسرعة السحاب في يومٍ ماطر شديد الرياح .
21- ولما مرَّ هذا الشريط من أمام عينيَّ ، رحتُ أحدِّق فيه كي أرى كل تفاصيله ، وأرى حقيقته بصورة أدق. فماذا رأيت ؟ ويا لهول ما رأيت !! رأيت الناس كل منهم لا يهتم إلا بمصالحه الشخصية ومصالحه الخاصة ، ولو كان في ذلك تعدٍّ على الآخرين وظلمهم وأكل حقوقهم ، رأيت القوي منهم يأكل الضعيف دون هوادة أو رحمة ، وكأنهم ذئاب مفترسة أشد افتراس ، بلغ من وحشيتها أن أكل بعضها بعضاً ، وهذا ما لم يحصل في عالم الواقع :
فليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ ويأكل بعضُنا بعضاً عيانا
22-
عطية العمري
01-12-2005, 08:45 AM
تابع ( 6 )
22- وكل إنسان في هذه الدنيا ينظر إلى ما عند غيره نظرة شاخصة ، فيها الحسد والطمع ، يتربص بأخيه متمنياً أن تسنح له الفرصة فيسلبه كل ما يملك ، وكأنه حيوان مفترس ينتظر الفرصة لكي ينقضَّ على فريسته ويفترسها بأنيابه الحادة ، أو كأنه محارب ينتظر الفرصة فيهجم على عدوه بحِرابه ويعود بالغنائم الكثيرة .
23- ورأيتُ خلقاً كثيرين يسارعون في طلب الدنيا ، يجرون وراءها جري الوحش في البرِّيَّة يلهثون من شدة الجري ، فكأن هذه الدنيا فتاةٌ تجري بأقصى سرعة ووراءها خلقٌ كثيرون ، يجرون وراءها ، وكل منهم يتمنى أن يظفر بها دون باقي الخلق . فماذا فعلتُ أنا ؟ لقد تركتُهم يجرون لاهثين ، ووقفتُ مكاني لا أعيرها أي اهتمام ، فلم أمشِ وراءها خطوةً واحدة ، فكنتُ كمن أناخ راحلته وجعلها تبرك على الأرض ، دليلاً على عدم رغبته في المسير .
24- وعلمتُ علم اليقين أن العمر مهما طال ، فإنه كلحظة قصيرة ، لا تلبث أن تمر وتنقضي ونحن نسير هنا وهناك جيئة وذهاباً ، ولم نغتنم فرصة للاستفادة من كل دقيقة فيه ، فنعمل ما ينفعنا في حياتنا الحقيقية في الآخرة ، فالدنيا مزرعة الآخرة ، والدنيا ممر ، والآخرة هي المقر .
25- ومهما طال العمر فإن الموت آتٍ لا محالة ، لا يسلم منه صغير ولا كبير ، فهو كالمحارب الذي يحمل سيفاً يضرب به كل من يقابله ، لا يفرق بين صبي صغير وشابٍّ لاهٍ وشيخ فانٍ .
26- فأخذت حذري من هذه الدنيا الغادرة ، التي تفتك بالناس دون رحمة أو شفقة ، ولم أجد لي نجاةً منها إلا بالعودة إلى الله خالق هذه الدنيا ، أطلب منه ـ سبحانه ـ أن يقبل توبتي ، ويقيل عثرتي ، ويعفو عن زلتي ، ويغفر خطيئتي ، فلا أحد يستطيع ذلك ويقدر عليه إلا هو سبحانه .
27- فوجدتُه ـ سبحانه ـ رباً غفوراً رحيماً ، يقبل التوبة من عباده ، ويعفو عن السيئات ، يفرح بتوبة العبد المذنب أشد ما يكون الفرح ، وهو أرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، يغفر الذنوب ويستر العيوب ، فما أحسن نعمه ـ سبحانه ـ وما أروعها ، وما أجملها ، كيف لا وهي من عند الله الغفار التواب الرحيم ؟
28- ووجدتُ أن أفضل شيء للعودة إلى الله والتوبة الصادقة إليه ، أن أزجر نفسي عن ارتكاب المعاصي ، وأن ألومها على ما فرَّطَت في جنب الله ، وأن أوبخها على أنها لم تتب إلى الله وتعود إليه من زمنٍ بعيد ، إنما التوبة على الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب . اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
( يتبع )
عطية العمري
01-12-2005, 09:09 AM
أخي الحبيب الشاعر الدكتور جمال مرسي ( أبا رامي ) حفظه الله ورعاه
الإخوة والأخوات الأفاضل ، يا من تحبون متابعة هذه الدراسة التحليلية
السلام عليكم ورحمة الله
أضع بين أيديكم خطة هذه الدراسة وما ستتناوله بإذن الله ، قبل أن أتابع ، وذلك حتى يكون بالإمكان أخذ تصور شامل لها ومعرفة الجانب والسياق الذي يدور فيه ما يتم نشره تباعاً
ولي رجاء حار جداً من الجميع :
أرجو تزويدي بملاحظاتكم القيِّمة على ما يتم نشره حتى أقوم بالتعديل والتنقيح قبل اعتماد الصورة النهائية لهذه الدراسة
وبارك الله فيكم
المحتويات
• تقديم .................................................. .............................
• نص القصيدة .................................................. .....................
• التحليل اللغوي :
أ - بين يدي النص .................................................. ...........
ب - معاني المفردات .................................................. .........
ج - الفكرة العامة للنص .................................................. .....
د - الفِكَر الجزئية .................................................. ............
هـ الأساليب اللغوية والغرض منها .............................................
و - المحسنات البديعية .................................................. .......
ز - الصور البيانية .................................................. ..........
ح - نثر الأبيات .................................................. .............
• التحليل الأدبي :
أ*- التمهيد :
- نوع النص .................................................. ........
- صاحب النص .................................................. .....
- العصر والبيئة التي ظهر فيها النص ................................
- مناسبة النص .................................................. .....
ب – تحليل المضمون تحليلاً أدبياً :
أ - الموضوع وأهميته .................................................
ب – الأفكار وترابطها ..................................................
ج – عمق المعاني .................................................. ...
د – سمو المعاني .................................................. ....
هـ شمولية المعاني .................................................. .
و – جِدة المعاني وأصالتها ............................................
ز – العاطفة .................................................. .........
ح – الخيال .................................................. ..........
ج – تحليل الشكل تحليلاً أدبياً :
أ – الألفاظ : فصاحتها وحسن اختيارها وإيحاءاتها وتآلفها .............
ب – التراكيب : فصاحتها وبلاغتها وقوتها .............................
ج – الأسلوب : نوعه وجماله وطبيعته وقوته وبيانه ..................
• التحليل السيميائي :
أ - السيميائية والتحليل السيميائي ..............................................
ب - سيميائية العنوان .................................................. ........
ج - سيميائية الشخصيات .................................................. ....
د - سيميائية الزمان .................................................. .........
هـ سيميائية المكان .................................................. .........
و - سيميائية الأحداث .................................................. .......
ز – سيميائية بعض عبارات النص ............................................
• التحليل النقدي :
أ - نقد اللغة .................................................. ............
ب - نقد الأفكار والمعاني .................................................
ج - نقد الأسلوب .................................................. .......
د – نقد الصور والأخيلة ..................................................
هـ نقد الموسيقى .................................................. ......
• الخاتمة .................................................. ....................
عطية العمري
03-12-2005, 08:59 AM
الإخوة والأخوات الكرام
إليكم مقدمة الدراسة ( والتي كان يجب أن تكون قبل عرض القصيدة والبدء في تحليلها )
فأردتُ التنويه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه واستنَّ بسُنَّته إلى يوم الدين ، وبعد :
ما أجمل أن يجدد المسلم إيمانه بين فترة وأخرى ، وأن يرجع إلى نفسه فيحاسبها على ما بدر منها من معاصٍ وآثام ، وما قصرت فيه من فرائض وطاعات ، وما اقترفته من ظلم بحق نفسها وبحق الآخرين ، فيجد هذه النفس ستورده المهالك والمصائب ، وتجره إلى الشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة .
وهنا تنتاب هذا المسلم نزعتان لا غنى له عنهما : الخوف والرجاء . . الخوف من الله وعقابه ، والرجاء في عفوه ورحمته ، فيبحث عن الملجأ والنجاة ، فيجد أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، وأن الله تواب رحيم ، وأنه ـ سبحانه ـ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، وأنه ينادي على عبده العاصي قائلاً : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعاً ، إنه هو الغفور الرحيم " ( الزمر 53 ) .
عند ذلك يبادر هذا المسلم إلى العودة إلى الله بالتوبة الخالصة النصوح ، وأولى خطوات هذه التوبة الندم على ما فات ، ولوم النفس وتأنيبها ، بل وتوبيخها على أنها لم تبادر إلى هذه التوبة منذ أمدٍ بعيد ، خاصة إذا كان هذا المسلم قد جاوز الأربعين ، وغزت رأسه جيوش الشيب الجرارة ، وقاربت نفسه على الرحيل إلى بارئها وخالقها ، كما أنه خَبِرَ الدنيا فوجدها تغدر بطلابها ومحبيها قبل مبغضيها ، فتفتك بهم وتدوسهم بأقدامها دون رحمة ، وقارن بينها وبين الآخرة فوجد أن الآخرة خير وأبقى .
هذه المعاني السامية ، والحِكَم الجليلة ، والدرر الثمينة ، يستعرضها الطبيب النطاسي والشاعر الألمعي الدكتور جمال مرسي ، وينقلها لنا شعراً عذباً مؤثراً ، يسيطر على القلوب والعقول ، في عبارة رقيقة ، وأسلوب أخّاذ ، وصور بديعة ، وخيال محلق ، فينتقل بك من عالم المادة إلى عالمٍ روحاني علوي تشعر فيه براحة نفسية وأنت تجد لك رباً غفاراً للذنوب وستاراً للعيوب ، فلا تتردد حينها من أن تجأر إليه بالدعاء وتقول له : يا رب ، فيقول لك : لبيك عبدي ، فتقول له مناجياً دون واسطة أو ترجمان : اللهم إني تبتُ إليك ، فيقول سبحانه : وأنا يا عبدي قبلتُ توبتك .
كل ذلك عايشتُه وأنا أقرأ قصيدة ( العودة إلى الله ) التي نشرها صديقي وحبيبي الدكتور جمال مرسي ـ حفظه الله ـ في منتدى رابطة الواحة الثقافية على شبكة الإنترنت ، فقررت أن أرد له بعض جميله عليَّ ، وأن أعمم الفوائد الجمة من قراءة هذه القصيدة والإبحار فيها على سفن التحليل بأنواعه : اللغوي والأدبي والسيميائي ، إضافة إلى النقد البنّاء الذي يُبرِز أهم إيجابيتها ، ويُلمح إلى بعض المآخذ التي لا يخلو منها أي عمل بشري .
اللهم عافنا واعفُ عنا ، وتب علينا وارحمنا ، وتجاوز عن سيئاتنا يا غفور يا تواب يا رحيم . آمين .
عطية العمري
04-12-2005, 08:44 AM
تابع ( 7 )
ثانيًا : التحليل الأدبي
أ ـ تمهيد
نوع النص :
القصيدة من الشعر الغنائي الذي يقوم على التعبير عن الحالات الوجدانية من عواطف وانفعالات ؛ فهي تعبِّر عن عواطف الشاعر وانفعالاته حين وجد نفسه فجأة قد بلغ الأربعين من عمره ، وغزا رأسه الشيب ، ووجد أنه لاهٍ عما ينتظره وينتظر البشر جميعاً ، ووجد أن الدنيا لا فائدة من الركون إليها ، فأخذته رعدة وخوف من أن يلقى الله وهو عليه غضبان فلام نفسه وأنبها على تقصيرها ، وقرر أن يتوب إلى الله توبةً نصوحاً ، وأن يعود إليه سبحانه عوداً حميداً .
من جهة أخرى فإن القصيدة من الشعر الديني ، فهي تتحدث عن التوبة إلى الله والعودة إليه ، وعن ذم الدنيا ووجوب تفضيل الآخرة عليها ، كما أنها تدعو للتمسك بالحكمة الإلهية متمثلةً في القرآن الكريم ، والاستعداد للموت وانتهاء الأجل .
من جهة ثالثة فإن القصيدة من شعر الزهد ؛ فهي تذم الدنيا وتدعو للزهد فيها وعدم الركون إليها ، وتبين سوء مآل من يلهثون وراءها ، ويستحبونها على الآخرة .
صاحب النص :
القصيدة للشاعر الدكتور جمال مرسي ، من جمهورية مصر العربية ، بكالوريوس العلوم الطبية البيطرية ، شاعر من الطبقة الأولى ، له ديوان مطبوع بعنوان "غربة" ، وآخر تحت الطبع بعنوان "أصداف البحر ولآلئ الروح". يكتب المقالة والقصة القصيرة وله منشورات عديدة في الصحف والمجلات العربية .
من قصائده : الشاعر جمال مرسي يرثي نفسه ـ عاشت رفح ـ ماذا ستفعل لو غدوتَ وزيرا ـ أبهى قصائد شعري ـ ما كنت محض قصيدة ـ لنا وحدنا قد تغني الطيور ـ الروح ـ من وحي الحج ـ الديك المغرور ـ اللقاء على خارطة الجراح ـ الشيخ يرثي الشيخ ـ القفاز ـ كيف الهروب ـ رمضان هلَّ ـ أتى رمضان يسعى .
العصر والبيئة التي ظهر فيها النص :
نظم الشاعر جمال مرسي قصيدته هذه في خريف عام 2005 م ، أي أنها من الشعر المعاصر . وقد نُظمت في جمهورية مصر العربية ، حيث يميل معظم أفراد الشعب المصري بفطرتهم السليمة إلى التدين ، وإلى خشية الله والخوف من عذابه . كيف لا وفيهم الأزهر الشريف منارة العلم في العالم الإسلامي ، ولديهم العلماء الأجلاء الذين يجوبون أنحاء المعمورة لينشروا العلم الشرعي ومبادئ الدين الحنيف .
مناسبة النص :
قدّم الشاعر جمال مرسي لقصيدته بكلمة يوضح فيها مناسبة القصيدة والداعي إلى نظمها فقال :
" هذه الزهدية كنت قد كتبتها و أنا على أعتاب الأربعين ، فيا تُرى ماذا سأكتب وأنا على مشارف الخمسين
... الله أعلم " .
ب ـ تحليل المضمون تحليلاً أدبياً
الموضوع وأهميته :
تعالج القصيدة قضية في غاية الأهمية بالنسبة للمسلم ، ألا وهي قضية التوبة ، فقد اهتم بها الإسلام أيما اهتمام . قال تعالى : " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " ، وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نَصوحاً " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مائة مرة " . وما دام المسلم لا يسلم من الخطأ ، فلا بد له من التوبة إلى الله والعودة إليه ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل ابن آدم خطّاء ، وخير الخطّائين التوابون " .
الأفكار وترابطها :
جاءت أفكار القصيدة مترابطة متآلفة ، في وحدة شعورية واحدة ، تنتقل بك وأنت تطالعها من فكرة إلى أخرى في تسلسل طبيعي رائع .
تبدأ القصيدة بمناداة النفس والطلب منها أن تعود إلى الله وتتوب إليه قبل أن تأتي ساعة النهاية (ب1) ، فقد رأى شاعرنا تلك النفس غارقة في ظلمة الجهالة والمعصية ؛ فتعجب من ذلك واعتبر أن نفسه تريد أن تورده المهالك (ب2) ، ثم إنه قد غزاه الشيب وحلت الشيخوخة محل الشباب ودنت ساعة النهاية فلا بد من التوبة والعودة إلى الله (ب3 ، 4 ، 5) ، هذا بالإضافة إلى أن هذه الدنيا لا أمان لها ، فهي تفتك بمحبيها قبل مبغضيها ( ب 6 ، 7 ، 8 ، 9 ) ، ولا تحقق أمل من يأمل فيها خيراً ( ب10 ، 11 ) . تذكر شاعرنا كل ذلك ، ولكنه وجد نفسه لم تطاوعه ، وتستغرب أن يغير مجرى حياته فيتوب بعد كل تلك الذنوب والمعاصي ، فطلب منها أن لا تستغرب (ب11) وأصبح في شك من أن نفسه هي أيضاً ممن يسفهون أحلامه ويتهمونه بالطيش والجهل (ب13) ،أولئك النفر الذين تشدقوا قائلين بأنه يائس متشائم ( ب14) وأنه لما كبر سنه وزهد في الدنيا ادعى الفضيلة وانقطع عن هذه الدنيا (ب15) ، وقالوا بأنه حبس نفسه في سجن وهمي ، وأنه زجر نفسه عندما عاتبته على أفعاله (ب 16) . ولكن الشاعر ينفي عن نفسه كل هذه التهم ويقول بأنه ذو عقل راجح وتفكير سديد (ب17) ، ويعلل ذلك بأن الله أعطاه حكمة وعلماً أنارا عقله وقلبه فأصبحا كالبدر الساطع الذي يسبي العقول بنوره وجماله وجلاله (ب18 ، 19 ) . ثم يترك الشاعر نفسه التي كان يخاطبها ، ويلتفت إلينا قائلاً بأنه قد عرف حقيقة هذه الدنيا عندما مرت كل تلك الأفكار أمام ناظريه كالشريط السينمائي (ب20) ، فوجد في هذه الدنيا يأكل القوي الضعيف (ب21) وكل شخص فيها يتربص بالآخرين الدوائر (ب22) ، ووجد الكثيرين يلهثون وراء هذه الدنيا فلم يتبع سبيلهم (ب23) ، فقد وجد أن العمر ينتهي في لحظة قصيرة قد تحين في أي وقت (ب24) ، ووجد أن الموت قادم لا محالة (ب25) ، فلم يجد بداً من التوبة إلى الله والعودة إليه (ب26) ، ويا لفرحته عندما وجد ربه يقبل توبته ويغفر زلته ( ي27) ، ولام نفسه وأنبها ووبخها أنه لم تبادر إلى هذه التوبة منذ زمن بعيد .
عمق المعاني :
اتسمت كثير من المعاني في القصيدة بالعمق وعدم السطحية ، كتصويره للدنيا بالطائر الجارح الذي ينقضُّ على فريسته بسرعة فائقة فلا تفلت منه أبداً ، دليلاً على أن الدنيا لا أمان لها وأن مصائبها تأتي بسرعة ولا يفلت منها إنسان ، وكل ذلك أدعى إلى عدم التمسك بها وتفضيلها على الآخرة .
ومن ذلك أيضاً تصويره لمحبي الدنيا بأشخاص يركضون وراء هذه الدنيا ، ولكنهم لم يستطيعوا الظفر بها حتى صاروا يلهثون من شدة التعب ، وهذا يدعو إلى عدم إعطاء الدنيا كل وقتنا وجهدنا على حساب الآخرة
وأنك يا ابن آدم لا تحصل من الدنيا إلا ما قسمه الله لك .
ومن ذلك أيضاً تصويره لنفسه الأمّارة بالسوء وهي ترفض التوبة والعودة إلى الله بإنسان يسير في ظلام دامس فلا يبصر طريقه ولا يهتدي بهدى ، وتصويره للمشقة والعذاب بشراب تستعذبه تلك النفس الأمارة بالسوء ، فتشرب منه وهي في تخبُّطها في ذلك الظلام الدامس . كل ذلك فيه تنفير شديد من عدم التوبة والبقاء في الغي والضلالة ، وتحفيز شديد للتوبة إلى الله والعودة إليه .
سمو المعاني :
دعت القصيدة إلى الكثير من المعاني السامية النبيلة مثل :
1- المسارعة في التوبة إلى الله والعودة إليه .
2- تذكُّر اليوم الآخر والاستعداد له بالأعمال الصالحة .
3- عدم الركون إلى الدنيا والاغترار بزخارفها ومباهجها .
4- أخذ العبرة والعظة مما يحصل مع الآخرين .
5- القناعة والرضا بما قسمه الله لنا من رزق في هذه الدنيا .
6- طلب الهدى من كتاب الله وسنة رسوله وما ورد فيهما من خير وحكمة .
7- شكر الله على مغفرته لذنوبنا وستره لعيوبنا .
شمولية المعاني :
د.جمال مرسي
05-12-2005, 06:49 AM
أخي الحبيب الأستاذ الشاعر الناقد عطية العمري
لي عودة تليق بكم إن شاء الله
تقبل تحياتي و ودي
و طاقة ياسمين
د. جمال
عطية العمري
05-12-2005, 07:52 AM
ههههههههههههههههههه
أضحك الله سنك يا دكتور جمال
شاعر وناقد مرة واحدة
بالنسبة للشعر فمن المستحيل أن أكون شاعراً ، يمكن أن أكون متذوقاً للشعر الجميل كقصائدك الرائعة
وبالنسبة للنقد فإنما هي محاولات أولى فقط
إنما الذي شدني إلى القصيدة أشياء :
1- أهمية موضوعها
2 ـ روعة نظمها
3 ـ مقدار تقديري واحترامي لناظمها
ودمتم بألف ألف خير
وبانتظار ردكم المفصل على الدراسة
والسلام عليكم ورحمة الله
نزار الكعبي النجفي
07-12-2005, 04:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أخي الكريم العمري
جهدٌ لايُنكر،وأُسلوبٌ أكاديمي منهجي،ولكن عليهِ(لكن)؟لو ذَكَرتَ عيباً واحداً
من وجهةِ نظركَ حتى وإن كُنتَ على خطأ،لما كان لِــ لكن هذه مكان.
ذكرتَ أساليب البلاغة من الكناية والإستعارة والتشبيه وووإلخ.
وشرحتَ الكلام،أو لنقُل معناه.
وجئت بواحد،إثنان،ثلاثة ذاكراً الفكرة والمراد وووإلخ.
لكنك لم تتطرق أو تذكر عروض القصيدة ولم تتطرق أو تذكر عيباً واحداً فيها
وهذا أفقدكَ المصداقية والحيادية في تحليلك لكامل القصيدة وأوقعكَ في شُبهَة
المحاباة؟فمن غير المعقول أن لاتجدَ عيباً واحداً فيها؟
طيب،لنقُل أن القصيدة تامة السبك تامة المبنى تامة المعنى،أينَ رأيُكَ؟ لابُدَّ للناقد
من رأي في النهاية.
طيب،قد يسألك سائل ما وجه استحسانك للمترادفات في البيت الأول؟وماهو الغرض
منها؟
1- يا نفسُ هل مِـنْ عـودةٍ ومـآبِ ***من قبل طيِّ صحيفتـي و كتابـي
كلامك:
المحسنات البديعية :
1- الترادف في قوله : " عودة ومآب " .
2- الترادف في قوله : " صحيفتي وكتابي " .
أولاً:الصحيفة وجمعها صحائف للقلة وصحف للكثرة ليست رديفَ الكتاب،كما هوَ الحال
معَ الرجوع،العودة،المآب.على أنَّ لكل مُفردةٍ منها معنىً خاصٌ بها؟قد لايقبل الرديف.
طبعاً لو رجعتَ إلى أي قاموس في اللغة ستجد أنَّ الصحيفة بمنعى الكتاب؟هذا لايعنى
أنها رديفٌ للكتاب؟بما أنَّ الصحيفة مكتوبٌ عليها فهي كتاب بالتأكيد؟ لكن لو بحثتَ عن
الكتاب لن تجدهُ بمعنى صحيفة بالقطع.
ستقول لستَ على حق في ما جئتَ بهِ وسَيَتَّفِقْ معكَ الجميع،تَمَعَّنْ فقط ، وستجدني مُحق.
ثانياً:تعال إلى المطلوب من عودة ومآب وصحيفة وكتاب
من قبل طيِّ صحيفتي و كتابي:إذا أخذنا أن الكتاب جامعٌ للصحف كما هوَ معروف
سيكون الكلام هكذا:من قبل أن تطوى صحيفتي ومن ثم كتابي،وسيكون الغرض
هنا نهاية للشيء وهذا معقول؟أما إذا ذهبتُ مذهبك في ترادف الصحيفة والكتاب،
سأقول للشاعر لماذا؟
والسؤال هنا لأي شيء جاء الشاعر بعودة ومآب؟بعد ياء النداء والنفسُ المناداة
يا نفسُ هل مِـنْ عـودةٍ ومـآبِ
هيَ هنا كمن يناديكَ:ياعطية هل من عودة ومآب إلى البيت
قطعاً لاأقطعُ بصواب رأيي،ولاأجد حرجاً لأنَّ الشاعر أخي وهوَ كريمُ السريرة.
سأعود عندما أجد وقت هوَ تنويه فحسب
مودتي أخي الكريم
الكعبي
عطية العمري
07-12-2005, 08:03 AM
أخي الكريم نزار الكعبي النجفي حفظه الله
أشكرك أولاً لتفضلك بقراءة هذا الموضوع ( الذي لم يكتمل بعد ) مما أخذ منك وقتاً وجهداً .
وأشكرك ثانياً لتفضلك بالرد والتعقيب والتعليق على ما ورد فيه،وهذا ما أرجوه من جميع الإخوة والأخوات
وأشكرك ثالثاُ لأن تعقيبك يدل على حرصك على وضع الأمور في نصابها الصحيح ، وليس مجرد كيل المديح بحق وبغير حق .
ولكن . . .
اسمح لي بأن أقول : لو أنك طالعت المشاركة رقم ( 19 ) حيث وضعتُ تصوراً وخطة للدراسة ككل ، لوجدت أن ما كنت تصبو إليه سيكون في نهاية هذه الدراسة . وانظر معي إلى ما ورد في نهاية الخطة التي وردت في تلك المشاركة :
أ - نقد اللغة .................................................. ............
ب - نقد الأفكار والمعاني .................................................
ج - نقد الأسلوب .................................................. .......
د – نقد الصور والأخيلة ..................................................
هـ نقد الموسيقى .................................................. ......
• الخاتمة .................................................. ....................
فإن انتهت الدراسة وتم إغفال الجوانب التي أشرت إلى بعضها ، فلك أن تقول ما تشاء
وأنا من طبعي أن أبدأ دائماً بالحسنات قبل تناول المآخذ والهفوات
وهذا ما أتبعه مع المعلمين عندما أزورهم زيارة صفية ( أنا أعمل مدير مدرسة ) ، فمهما كانت الحصة فإني عند مناقشة المعلم أبدأ بالإيجابيات وأشجعه ، ثم أقول له : ما رأيك في الموقف الفلاني ؟ وأبدأ في طرح الأسئلة السابرة عليه ليستنتج هو بنفسه الخطأ في ممارساته ويقوِّم نفسه بنفسه .
أرجو أن يتسع صدرك وعقلك وقلبك لكلامي
وأنا على أحر من الجمر لسماع ( لكن ) منك ومن الزملاء الآخرين ، و( لكن ) بعد انتهاء الدراسة
ودمتم بألف خير
عطية العمري
09-01-2006, 10:53 AM
الإخوة والأخوات نقاد الواحة وأدباؤها وشعراؤها ومتذوقو الأدب فيها
السلام عليكم ورحمة الله
مرفق ملفان يحتويان على ما أنجزته من هذه الدراسة التحليلية لقصيدة أخي وحبيبي الدكتور الحاج جمال مرسي حفظه اللـه ورعاه وتقبل حجه وأعاده إلى أهله سالماً غانماً
أرجو من الجميع الاطلاع عليهما وإبداء رأيهم في محتوياتهما قبل أن أكمل هذه الدراسة ( كتقويم مرحلي كما يقول أهل التربية ) مع التركيز على السلبيات لتعديلها وتلافيها قبل فوات الأوان فأنا لا زلت مبتدئاً في مجال الدراسات الأدبية
دمتم جميعاً بألف خير
وكل عام وأنتم بألف عافية
سعيد أبو نعسة
02-02-2006, 07:50 PM
الأخ العزيز عطية العمري
أشكرك على هذه الدراسة التوضيحية لجماليات القصيدة و كما تفضلت يمكنك التغلغل إلى أعماق الحروف و التحليق في سماء الدلالات لأن القصيدة رائعة المعنى و إن كنت أفضّل في المبنى أن يكون كل بيت حاملا فكرةً لا يكملها البيت الذي يليه و عدم الإكثار من حرف العطف الواو في أول البيت للسبب عينه .
كنت أقرأ نفسي في كل بيت و أدعو للشاعر بالخير إذ هداه الله إلى سواء الصراط.
مع عتبي عليه لأنه غادرنا إداريا قبل أن أتعرف إليه عن كثب ؛ فهو من المبدعين الذين أعتزّ بهم .
دمتم في خير و عطاء
عطية العمري
08-02-2006, 09:25 AM
الأخ العزيز سعيد أبو نعسة
السلام عليكم ورحمة الله
بارك اللـه فيك على مرورك واهتمامك وإطرائك
والدراسة لم تكنمل بعد
دمت بألف خير
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir