تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ** روايات الدكتور نجيب الكيلاني **



الصباح الخالدي
17-12-2005, 11:06 PM
رغم أنها ليست الروايات الأولى التي افتضضت بها عالمي الفكري
لكنها كانت روايات جديدة الطعم بالنسبة لي
اسلوب تصويري بديع مع سرد وربط جميل وممتع
ليال وقضبان - قاتل حمزة - مع الله - راس الشيطان - بائعة العنب منذ أول رواية منها وهي راس الشيطان حتى اقتنيت بعض الدراسات التي كتبت عنه
هل من باسط كفه ليناقش معي حول روايات الدكتور رحمه الله
انتظركم بشوق

د. محمد حسن السمان
19-12-2005, 09:42 PM
سلام الله عليكم
الاخ الفاضل الصباح
اشكر لك هذا الموضوع , الذي اشعرني بأزمة ضمير,
, فانا , تصور اخي الكريم لم اقرأ شيئا للدكتور
نجيب الكيلاني , ولكنني قرأت عنه , وعرفت عنه ,
وهناك فارق كبير بين ان تقرأ للاديب وتحس به وبين ان
تقرا عنه باحساس غيرك مهما يكن هذا الغير , لقد اهداني
صديق قديم رواية له بعنوان دم لفطير صهيون وقال لي
اقرا لهذا الكاتب فانه مفكر ومنظّر اسلامي , هل سمعت
بتشي جيفارا ؟ قلت طبعا
قال هو ثوري عالمي لم يقيد نفسه بوطن او موقع من الارض
, قال وهذا الروائي المفكر انه تشي جيفارا مسلم , اخذت
الرواية ووضعتها في مكتبتي على امل ان اقرأها ذات يوم ,
وغادرت بلدي وبقيت الرواية في البلد البعيد , وها انت اليوم
تعيدني الى الاديب الاسلامي المفكر الدكتور نجيب الكيلاني
رحمه الله , شكرا لك .

اخوكم
السمان

الصباح الخالدي
19-12-2005, 10:11 PM
سلام الله عليكم
الاخ الفاضل الصباح
اشكر لك هذا الموضوع , الذي اشعرني بأزمة ضمير,
, فانا , تصور اخي الكريم لم اقرأ شيئا للدكتور
نجيب الكيلاني , ولكنني قرأت عنه , وعرفت عنه ,
وهناك فارق كبير بين ان تقرأ للاديب وتحس به وبين ان
تقرا عنه باحساس غيرك مهما يكن هذا الغير , لقد اهداني
صديق قديم رواية له بعنوان دم لفطير صهيون وقال لي
اقرا لهذا الكاتب فانه مفكر ومنظّر اسلامي , هل سمعت
بتشي جيفارا ؟ قلت طبعا
قال هو ثوري عالمي لم يقيد نفسه بوطن او موقع من الارض
, قال وهذا الروائي المفكر انه تشي جيفارا مسلم , اخذت
الرواية ووضعتها في مكتبتي على امل ان اقرأها ذات يوم ,
وغادرت بلدي وبقيت الرواية في البلد البعيد , وها انت اليوم
تعيدني الى الاديب الاسلامي المفكر الدكتور نجيب الكيلاني
رحمه الله , شكرا لك .

اخوكم
السمان

اخي السمان
لن تعدم في النت من وضع بعضها فلنبحث عن طريق الباحث جوجل
ومع انتظاري للبقية
شكرا لك

زاهية
19-12-2005, 10:43 PM
رغم أنها ليست الروايات الأولى التي افتضضت بها عالمي الفكري
لكنها كانت روايات جديدة الطعم بالنسبة لي
اسلوب تصويري بديع مع سرد وربط جميل وممتع
ليال وقضبان - قاتل حمزة - مع الله - راس الشيطان - بائعة العنب منذ أول رواية منها وهي راس الشيطان حتى اقتنيت بعض الدراسات التي كتبت عنه
هل من باسط كفه ليناقش معي حول روايات الدكتور رحمه الله
انتظركم بشوق

أهلاً بك أخي الفاضل الصباح
موضوع جدير بالاهتمام
بحثت عنها تفضلت فوجدت بداية كلمة لابد منها لأحد قراء الكاتب


رجال وذئاب وحمامة وسلام

أصبحت مغرما بقراءة الروايات وخاصة روايات الدكتور نجيب الكيلاني وقد انتهيت قبل أسابيع من روايتين له كانتا في غاية الإبداع في تصوير الاحداث ووقعيتها في آن واحد لمسها هو في واقعه ونلمسها نحن اليوم في واقعنا المؤلم الذي تكاثرت فيه العدوى وأصبح الإسلام بين أنياب الدول من الداخل والخارج ، في الداخل إعتقالات لأولئك الذين يدعون الناس لتصحيح المنهج الذي يعيشون من أجله أو الهدف الذي يحون لتحقيقه حتى ينطمس صوت الإسلام وتنطمس صورته ولم يبقى للإسلام صوت حتى صوت الضمير أصبح يغالط فيه ويشكك في صحته ،فأصبح يحاكم الناس على ما في ضمائرهم وأنا لهم أن يعرفوه ،واستخرجوا ما أرادوه منهم بقوة السلاح التي لا تبقي على أحد ولا تطيقها أجساد، وهكذا فعلوا ويفعلون ، وما عانا منه الاولون يعاني منه الناس اليوم وهذه سنة الحياة ، (أفحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) وهكذا القوة الظالمة صنعت بأولئك المستضعفين في الأرض وتصنع بهم اليوم ،حتى غن الفقراء الذين يصرحون بفقرهم ويرجون من الأغنياء أن يأدوا زكاة أموالهم أصابهم الظلم ولاحقوهم وعانوا منهم النكد وشضف العيش ، وهذا ما اقوله وما قاله آخرون لا يدل على غن لا يوجد في هذا العالم من هو صاحب خير وفيه ولو ذرة من الإيمان بل الخير موجود في كل الناس بل بحاجة الى أن تسقى تلكم البذور حتى تنموا وتترعرع ، ونتمنى من تلك البراعم أن لا تقتلع من جذورها من أولئك الذين لا يبقون على الأخضر واليابس

بواسطةناصر الحسني

الصباح الخالدي
19-12-2005, 11:01 PM
بوركت زاهية
اسعدك الله في الدنيا والآخرة
افرحني هذه المداخلة على مشاركتي
شكرا جزيلا بنت البحر

زاهية
19-12-2005, 11:11 PM
بوركت زاهية
اسعدك الله في الدنيا والآخرة
افرحني هذه المداخلة على مشاركتي
شكرا جزيلا بنت البحر

أخي الفاضل الصباح
أنت دائما من أصحاب الفضل
والآن تثبت لي ذلك فأنا لم أقرأ للدكتور
الكيلاني سابقاً
وبفضل الله ومن ثم أنت بهذا الموضوع
فتحت نافذة للاطلاع أمامي
أرجو أن أجد من خلالها الخير
الذي أدعولك به دائما
أختك في الله
بنت البحر

الصباح الخالدي
19-12-2005, 11:16 PM
أخي الفاضل الصباح
أنت دائما من أصحاب الفضل
والآن تثبت لي ذلك فأنا لم أقرأ للدكتور
الكيلاني سابقاً
وبفضل الله ومن ثم أنت بهذا الموضوع
فتحت نافذة للاطلاع أمامي
أرجو أن أجد من خلالها الخير
الذي أدعولك به دائما
أختك في الله
بنت البحر
وفقك الله لما يحب ويرضى
فالفضل لأهلا لفضل
ومن له قلمك فليحمد الله ان يوفق بمن يدلونهم على الخير
كوني بخير ودومي على العافية
اخوك

زاهية
20-12-2005, 12:45 AM
تعريف بالدكتور نجيب الكيلاني

الدكتور نجيب الكيلاني في سطور :

ولد في أول حزيران (يونيو) عام 1931م بقرية (شرشابه) محافظة الغربية، وفي سن الرابعة أدخل مكتب تحفيظ القرآن، حيث تعلم القراءة والكتابة والحساب وقدراً من الأحاديث النبوية وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الأنبياء وقصص القرآن، التحق بالمدرسة الأولية، ثم انتقل منها إلى مدرسة الإرسالية الأمريكية الابتدائية بقرية (سنباط) التي تبعد عن قريته خمسة كيلو مترات كان يقطعها مشياً على الأقدام ذهاباً وإياباً. نشأ في أسرة تعمل بالزراعة، وكان منذ صغره يمارس العمل مع أبناء الأسرة في الحقول. وقضى المرحلة الثانوية في مدينة (طنطا) عاصمة محافظة الغربية، ثم التحق بكلية طب القصر العيني (جامعة القاهرة) عام 1951، وفي السنة الرابعة بالكلية، قدم للمحاكمة في إحدى القضايا السياسية وحكم عليه بالسجن عشر سنوات، وفي تلك الفترة جمع ديوانه الشعري الأول (أغاني الغرباء).

ثم كتب روايته الأولى (الطريق الطويل) التي فازت بجائزة وزارة التربية، ونشرتها وزارة الثقافة والإرشاد آنذاك، وقدمها له وزيرها المرحوم فتحي رضوان، ثم قررت على الصف الثانوي في عام 1959، وفي المسابقة نفسها فاز بجائزة التراجم والسير عن كتابه (إقبال الشاعر الثائر) 1957. وفي عام 1958 فاز مرة أخرى بعدد من جوائز وزارة التربية والتعليم، ففي مجال الدراسات النفسية والاجتماعية فاز كتابه (المجتمع المريض) وهو دراسة متميزة عن مجتمع السجون، وفي مجال التراجم والسير فاز كتابه (شوقي في ركب الخالدين) وفي مجال الرواية فازت قصته (في الظلام) كما فاز بجائزة مجلة الشبان المسلمين في مسابقة القصة القصيرة التي أعلن عنها عام 1957، وكانت جائزة خمسة جنيهات مصرية كاملة في عام 1959 فاز بجائزة القصة القصيرة لنادي القصة القصيرة(اتحاد الكتاب) والميدالية الذهبية المهداة من الدكتور طه حسين، كما فاز في العام التالي بجائزة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والأدب عن روايته (اليوم الموعود) والتي قررت على طلبة المرحلة الثانوية عام 1960، وأخرجت مسلسلاً إذاعياً 1973 بإذاعة الكويت، وقد أعدت كمسلسل تلفزيوني (إنتاج ليبي مشترك) لتعرض في شهر رمضان (1414هـ) تحت اسم (ياقوته ملحمة الحب والسلام) والرواية تدور أحداثها حول الحروب الصليبية أيام الملكة شجرة الدر. نال جائزة مجمع اللغة العربية في أوائل السبعينات عن روايته (قاتل حمزة) التي تعرض قضية الحرية عرضاً درامياً من خلال التصور الإسلامي، وحولت روايته (ليل وقضبان) إلى فلم سينمائي، وقد نال الفيلم الجائزة الأولى في مهرجان طشقند الدولي. نال ميدالية العلامة الفيلسوف الشاعر محمد إقبال الذهبية، مهداة من الرئيس الشهيد ضياء الحق، في الذكرى المئوية للشاعر’ بسبب كتاباته الكثيرة عن هذا المفكر الإسلامي الكبير الذي دعا إلى إنشاء دولة باكستان. ومن أهم منجزاته الدعوة إلى قيام أدب إسلامي منذ أواخر الخمسينات، في إطار من الإدراك الواعي، والفهم المستنير، لماهية هذا الأدب ورسالته وأهدافه البناءة، في خدمة الأمة الإسلامية والعالم أجمع، دون تعصب أو جمود، مع الحفاظ على القيم الجمالية والإنسانية الصحيحة التي نادى بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد أصدر في هذا المجال عدداً من الكتب النظرية(ثمانية كتب) وعدداً من الإبداعات الفنية التطبيقية في الرواية والقصة والشعر، وشارك بصورة أساسية فعالة في مؤتمرات الأدب الإسلامي التي عقدت في المملكة العربية السعودية كما شارك في العديد من الندوات والمحاضرات حول هذا الموضوع طوال الربع قرن الماضي.

وقد ترجم الكثير من مؤلفاته إلى اللغات التركية والأوردية والفارسية والإندونيسية والإنجليزية والإيطالية والروسية والسويدية وغيرها. أصدر أول سلسلة من نوعها في الأدب العربي المعاصر عن بعض قضايا ومشكلات العالم الإسلامي، منها (ليالي تركستان) و(عذراء جاكرتا) و(عمالقة الشمال) عن نيجيريا و(الظل الأسود) عن أثيوبيا وغيرها. قال عنه الأديب الكبير نجيب محفوظ، في مجلة المصور (أكتوبر 1989): "إن نجيب الكيلاني هو منظر الأدب الإسلامي الآن"، وأشاد بصدقه وموضوعيته، أثبت بالتجربة الناجحة أن الأدب الإسلامي لا يعني الانحصار في دائرة الموضوعات التاريخية، وإنما يعنى أساسًا بقضايا العصر، وواقع الحياة ومشكلاها من خلال الرؤية الإسلامية الصحيحة وفي إطار الشكل الفني الجميل والمتطور. تميز باهتمامه بقضايا الإنسان كالحرية والكفاية والعدل والمحبة والتسامح، وأحاط في دقة بتفاصيل ودقائق الحياة في السجون، ومشاعر المقهورين ومعاناتهم في أنحاء العالم الإسلامي. تناول عدد كبير من النقاد في العالم العربي والإسلامي كتاباته بالنقد، وقدمت عنه دراسات ماجستير ودكتوراه في مصر والأردن والمملكة العربية السعودية وغيرها، وفي بعض الجامعات الأوربية. شارك في عدد كبير من المؤتمرات الأدبية والعلمية والإسلامية (أكثر من عشرين مؤتمراً)، وهو عضو باتحاد الكتاب ونادي القصة بمصر، وعضو برابطة الأدب الإسلامي العالمية، والذي دعا إلى إنشائها منذ عام 1960 في كتابه (الطريق إلى اتحاد إسلامي) من كتبه المهمة كتاب (لمحات من حياتي) وهو عبارة عن سيرته الذاتية، وقد صدر منه خمسة أجزاء، وهو وإن كان سيرة ذاتية إلا أنه مرآة لمجتمع بأسره، وصدى لما يجري على الساحة المحلية والإقليمية. أقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية مهرجاناً في القاهرة لتكريمه رائداً للأدب الإسلامي، وذلك في الفترة من 15-18 شعبان 1414 الموافق 17-30 كانون الثاني (يناير) 1994. توفي الدكتور الكيلاني بعد مرض عضال عانى منه أشد المعاناة، وكان في أثناء مرضه مثال المؤمن المحتسب وكانت وفاته في 5/10/1415هـ الموافق 6/3/1995م رحمه الله رحمة واسعة كفاء ما قدم للإسلام والمسلمين.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

نشر في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(9-10)بتاريخ(1416هـ)













تقديم وتقدير

بقلم : أبو الحسن علي الحسني الندوي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد: فإن حياة الدكتور نجيب الكيلاني حافلة بالعطاءات الأدبية، وقد خلد بقلمه آثارا قيمة نالت الاعتراف من رجال الفن والأدب، وغطت أعماله جميع أقسام الأدب، فقد كان كاتبا قصصياً، له اتجاه خاص في القصة، ولم يكن الكاتب كالأدباء الآخرين مصورا لواقع الحياة، وإنما كان معالجاً ومحللاً لقضايا الحياة التي عاشها الأديب أو عايشها، ثم كان الكيلاني شاعراً له مكانة معروفة في مجال الشعر، وألف كذلك في النقد والدراسات الأدبية، كما أسهم في فن كتابة السيرة الذاتية، وشرح فكرة " الأدب الإسلامي" وتصوره، وبذلك كان بحق من رواد الفكر الإسلامي المعاصر والمنظرين المبدعين لفكرة الأدب الإسلامي، ولذلك قامت رابطة الأدب الإسلامي بتكريمه والإشادة بخدماته في ندوة خاصة عقدت في القاهرة، وأخرى عقدت في الزقازيق أثناء حياته.

و قد حكى الدكتور نجيب الكيلاني رحلته من الأدب المجرد إلى الأدب الإسلامي، وأثبت أن الأدب الإسلامي هو الأدب الحقيقي، وأنه له صلة وثيقة بواقع الحياة، وأنه يرشد إلى الطريق السليم للحياة، وفي هذه الرحلة من الأدب الذي لا هدف له، أو الأدب الشارد، أو الأدب التائه الذي يتيه في كل واد، ويتبعه الغاوون بعد انحرافه عن الجادة، واكتشافه لأعماق الأدب الإسلامي تتجدد في الذهن قصة رحلة الإمام الغزالي- رحمه الله- التي حكاها في كتابه " المنقذ من الضلال" فقد درس الإمام الغزالي الفلسفة والعلوم العقلية، ونال الاعتراف من الفلاسفة، وألف كتبا في الفلسفة، وصار حجة في الفلسفة، ثم اكتشف تهافت الفلاسفة، وعرف عوج مناهجهم، وعقلياتهم، وهداه الله إلى طريق النور، ووجد طريق الخلود فسار في درب الحق، ومحيت آثار الفلاسفة من ذاكرة التاريخ، أو كانت آثارهم محدودة في الأوساط العلمية، لكن الغزالي أصبح علماً من أعلام التاريخ، يهُتدى بآثاره بعد مرور قرون. إن الأدباء والشعراء لهم عهود ولهم بيئات تنال آثارُهم الإعجاب والقبول في أوساط معينة فيها، لكن الأديب والشاعر الذي له رسالة خالدة، والذي يعالج المسائل الدائمة للحياة التي لا تتغير ويعالج نفس الإنسان ومجتمعه الحقيقي بروح صافية وقلب سليم، تخلد آثاره وتصبح عالمية تدرس في سائر المجتمعات البشرية.

وقد كان الكيلاني أديب مصر أو أديب المجتمع العربي، وقد نال الاعتراف الرسمي على إنتاجه، لكنه برحلته إلى الأدب الإسلامي صار أديباً عالمياً، وبتبنِّيه المثل الخالدة سيخلد اسمه وذكراه، وآثاره، وتعيش روحه، و إن لم ينل الاعتراف من دنيا الأدب المادي المحترف، وإن التاريخ حافل بذكر الأعلام الذين اضطهدوا، والذين أوذوا في سبيل الحق، فأغفل التاريخ الذين اضطهدوهم، وخلد آثار ومآثر هؤلاء الأعلام، وحفظ صفحات حياتهم الخالدة لتكون نبراسا للأجيال القادمة. إن حياة الكيلاني ليست حياة أديب أو شاعر- مهما كانت قيمته ومكانته الأدبية، وثراؤه الأدبي- إنها كانت حياة مكافح ومناضل في سبيل الحق، والكلم الطيب، وقد وعد الله برفع الكلم الطيب، ورفع شأن من يرفع الكلم الطيب، وإعلاء شأن من يسعى إلى اعتلاء الحق، ولذلك من حقه ومن حق الأدب الإسلامي أن تخلد آثاره، وتذكر مناقبه، لتكون إرشادا وريادة للأجيال الناشئة من الأدباء الذين يحبون أن يسيروا على درب الكفاح من أجل كلمة الحق. إن الاعتراف بآثار الكيلاني، والإشادة بها قبل رحلته إلى الأدب الإسلامي، وإغفالها بعد تلك الرحلة، يدل في ذاته على ضيق فكر، وتزمت الأدباء الذين جعلوا الأدب وسيلة للمتعة ولكسب المادة، بل وسيلة للإفساد، ويدل على احتكار هؤلاء الأدباء الذين يلعبون بمصير الأمم، ويقصرون صلاحياتهم وقدراتهم على ما يثير ويفسد، غير مبالين بردود الفعل لإنتاجهم على طبيعة الحياة، ومصير الإنسانية، ومحاولتهم لتطويق أو إحباط كل محاولة لإصلاح الوضع ومعالجة طبيعة الأحوال معالجة هادفة، وسيبقى هذا الاحتكار ما لم تسخر نفوس طيبة وتكرس صلاحيات سليمة أقوى لتصحيح مسار الأدب، وتقويم اتجاهه. وقد قام الدكتور الكيلاني بدوره حتى آخر حياته، ويجب أن يقتدي به الجيل الناشئ، ويحتل مكانته اللائقة في مجال الأدب، وهو أقصر وأقوى وسيلة للدعوة، وإحقاق الحق، وخدمة الإنسانية البائسة التائهة، والله يهدي إلى سواء السبيل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء).

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

نشر في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(9-10)بتاريخ(1416هـ)

الصباح الخالدي
20-12-2005, 07:01 AM
متابعة رائعة أخت زاهية
لك كل الامتنان
بانتظارا لمزيد

زاهية
20-12-2005, 07:11 AM
أعمال نجيب الكيلاني

تظل هذه القائمة أولية، وليست نهائية، وذلك لصعوبة الوصول إلى كل ما ألفه الكاتب الراحل فهناك مؤلفات نفدت بعد طبعها ولا توجد نسخ منها في مكتبته، كذلك فإن أسرته تعثر من حين لآخر على بعض كتاباته فتقدمها للنشر، وقد قامت دار " المختار الإسلامي" مثلا، بنشر كتاب له مؤخرا (رمضان 1416هـ) أي بعد عام تقريباً من رحيله- بعنوان "سراييفو... حبيبتي" عن مأساة البوسنة والهرسك، وكان رحمه الله قد حدثني قبيل وفاته في العام الماضي، عن مجموعة من المشروعات الروائية من بينها إعداده لكتابة " الجزء الثالث" من رواية " عبد المتجلي" التي بدأها باعترافات عبد المتجلي، ثم امرأة عبد المتجلي، وكان- يرحمه الله- ينوي أن يكتب الجزء الثالث تحت عنوان: عزبة عبد المتجلي. هناك بعض الأعمال الأدبية التي كتبها في المعتقل وضاعت في نبات التفتيش الفجائي الذي كان يقوم به مسئولو السجون في ذلك الزمان، وهناك بعضها الآخر الذي تم تهريبه ولم ينشر حتى اليوم، وعلمت منه في مرض موته أو قبله، أنه كتب ديوانا حمله أحد الضباط إلى خارج السجن، وأخبرتني أسرته بعد رحيله أن الديوان موجود لدى أحد أصدقائه في الكويت، وأنها في سبيل الحصول عليه ونشره. وسوف نسجل هنا، ما استطعنا الوصول إليه من آثار لها وجود حقيقي، أو وجود اسمي، آملين أن نصل، أو يصل آخرون إلى القائمة الكاملة لآثار الراحل الكريم، وخاصة بعد أن يتُاح نشر بقية أوراقه الخاصة التي تركها ولم تنشر من قبل. وكان من المفترض أن يتضمن هذا العدد قائمة أخرى بالدراسات والأبحاث والمقالات والقصائد التي تناولته مبدعا وكاتبا وإنسانًا، وللأسف، فقد كان هذا الأمر فوق طاقة هيئة التحرير المحدودة، ونأمل أن يتوافر من الباحثين والدارسين من يستطيع أن يقلب في الدوريات والسجلات والمكتبات ليقدم لنا القائمة المأمولة..

وفي الدراسات والمقالات المنشورة بهذا العدد إشارات عديدة إلى بعض ما كتب الكيلاني ودار حول أدبه قبل إصدار هذا العدد الذي بين يدي القارئ الكريم:

أولاً: الرواية: 1 – نور الله ( جزء أول). 2 – نور الله ( جزء ثان). 3 – الطريق الطويل. 4 – اليوم الموعود. 5 – قاتل حمزة. 6 – مواكب الأحرار (نابليون في الأزهر). 7 – النداء الخالد. 8 – دم لفطير صهيون. 9 – عذراء جاكرتا. 10 – ليالي تركستان. 11 – عمالقة الشمال. 12 – الظل الأسود. 13 – ليالي السهاد. 14 – رجال وذئاب. 15 – في الظلام. 16 – ليل الخطايا. 17 – ليل وقضبان (ليل العبيد). 18 – رأس الشيطان. 19 – عذراء القرية. 20 – الذين يحترقون. 21 – الربيع العاصف. 22 – طلائع الفجر. 23 – أرض الأنبياء. 24 – عمر يظهر في القدس. 25 – رحلة إلى الله. 26 – رمضان حبيبي. 27 – على أبواب خيبر. 28 – حمامة سلام. 29 – حكاية جاد الله. 30 – اعترافات عبد المتجلي. 31 – امرأة عبد المتجلي. 32 – ملكة العنب. 33 قضية أبو الفتوح الشرقاوي. 34 – مملكة البلعوطي. 35 – أهل الحميدية. 36 – الرجل الذي آمن. 37 – ابتسامة في قلب شيطان. 38 – لقاء عند زمزم. 39 – الرايات السوداء. 40 – أميرة الجبل. 41 – الكأس الفارغة.

ثانياً: المجموعات القصصية: 1 – عند الرحيل. 2 – العالم الضيق. 3 – موعدنا غدا. 4 – الكابوس. 5 – حكايات طبيب. 6 – دموع الأمير. 7 – فارس هوزان.

ثالثاً: الترجمة الذاتية: 1 – لمحات من حياتي (جزء أول). 2 - لمحات من حياتي (جز ثان). 3 - لمحات من حياتي ( جزء ثالث). 4 - لمحات من حياتي ( جزء رابع). 5 - لمحات من حياتي ( جزء خامس). 6 - لمحات من حياتي ( جزء سادس علمت به ولم أطلع عليه).

رابعاً: المسرحيات: 1 – على أسوار دمشق. 2 – الجنرال علي. 3 – محاكمة الأسود العنسي. 4 – الوجه المظلم للقمر. (ويلاحظ أن المتاح من مجموعة هذه المسرحيات هو المسرحية الأولى وحدها).

خامساً: المجموعات الشعرية: 1 – نحو العلا. 2 – كيف ألقاك؟. 3 – عصر الشهداء. 4 – أغاني الغرباء. 5 – مدينة الكبائر. 6 – مهاجر. 7 – أغنيات الليل الطويل. 8 – لؤلؤة الخليج (ديوان لم يكتمل).

سادساً : دراسات متنوعة: 1 – مدخل إلى الأدب الإسلامي. 2 – آفاق الأدب الإسلامي. 3 – رحلتي مع الأدب الإسلامي. 4 – تجربتي الذاتية في القصة الإسلامية. 5 – حول المسرح الإسلامي. 6 – القصة الإسلامية وأثرها في نشر الدعوة. 7 – نحو مسرح إسلامي. 8 – أدب الأطفال في ضوء الإسلام. 9 – الإسلامية والمذاهب الأدبية. 10 – الطريق إلى اتحاد إسلامي. 11 – الإسلام وحركة الحياة (جزء أول). 12 – الإسلام وحركة الحياة (جزء ثان). 13 – حول الدين والدولة. 14 – تحت راية الإسلام. 15 – نحن والإسلام. 16 – الثقافة في ضوء الإسلام. 17 – إقبال الشاعر الثائر. 18 – شوقي في ركب الخالدين. 19 – المجتمع المريض. 20 – الإسلام والقوى المضادة. 21 – الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق. 22 – أعداء الإسلامية. 23 – قصة الإيدز. 24 – الثقافة الصحية. 25 – مستقبل العالم في صحة الطفل. 26 – الصوم والصحة. 27 – رعاية المسنين في الإسلام. 28 – في رحاب الطب النبوي. وبعد: فإنه يسعد (المجلة) أن تتلقّى ملحوظات القراء على هذه القائمة بالتصويب والتصحيح، خدمة للبحث العلمي والحياة الأدبية.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

نشر في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(9-10)بتاريخ(1416هـ)

زاهية
20-12-2005, 07:12 AM
حوار مع د / نجيب الكيلاني

- الفن الإسلامي يقدم النماذج الخيرة والشريرة في آن واحد.

- يؤسفني الأدباء الذين يروجون للبدع الغربية وينساقون وراءها.

- المخلصون وجدوا أنفسهم مرغمين على الاستسلام والصمت!!

- إثقال الفن بالقيم العنصرية المريضة يهبط بمستوى الأداء.

- ملايين النسخ من الأعمال الرديئة ملقاة في مخازنها يعشش فوقها العنكبوت!!

يعد الدكتور نجيب الكيلاني من أبرز الروائيين الإسلاميين المعاصرين.. وقد شهدت له الأوساط والمحافل الأدبية بحسن أدائه الرفيع، وإبداعه المميز، وفنه الأصيل الذي صاغه في القوالب الفنية المختلفة من الرواية، والقصة،و المسرحية، والشعر.. فضلاً عن الدراسات الأدبية المتنوعة. كما يعد الدكتور نجيب الكيلاني من أوائل الأدباء الذين تبنوا فكرة الدعوة إلى الأدب الإسلامي، وإنشاء رابطة للأدباء الإسلاميين.. حتى تحقق الحلم الجميل.. وقد كرمته رابطة الأدب الإسلامي العالمية تكريماً يليق بتاريخه الأدبي.. وبمكانته في الأدب الإسلامي. وفي هذا اللقاء مع نجيب الكيلاني نحاول أن نتعرف على رأيه في كثير من القضايا الأدبية التي تفرض نفسها على الساحة.. والتي تضاربت حولها الآراء، وتباينت فيها وجهات النظر.. بل إن اللقاء مع نجيب الكيلاني هو هدف- في حد ذاته- باعتباره قمة أدبية وفنية في عالمنا المعاصر، وضع قواعد وأسساً ونظرات فنية فريدة من نوعها كلها تمتاز بالأصالة والنضج العقلي والعاطفي الذي بلغ ذروته خلال مسيرته الأدبية وجاء الحوار مع الروائي نجيب الكيلاني- على النحو التالي: -

سألت الأديب الإسلامي الكبير د. نجيب الكيلاني- في البداية- عن القواعد الأساسية والخطوط العامة لما يمكن أن يسمى (أدباً إسلامياً).. فقال:

من حسن الحظ أن الإسلام لم يحدد (شكلاً) فنياً معيناً يلزمنا به، بحيث ندور في إطاره، فلا نتعدى رسومه، وإنما حدود الإسلام (المضمون) أو الفكر الذي يتناوله الفنان في الشكل الذي يختاره. فالإسلام يختلف عن غيره من الفلسفات الإنسانية، فمن الفلاسفة من يرى أن الإنسان طبيعته الشر، وأن الأصل في الحياة الكذب والنفاق والجبن، ومن الفلاسفة من يرى أن الفن غاية في حد ذاته وليس وسيلة لبلوغ أي هدف، وهم دعاة (الفن للفن). أما الفنان المسلم فله فهمه الشامل للحياة والإنسان، وله إيمانه بأن الفن وسيلة لبلوغ غاية عظمى، ألا وهي تكوين (الوجدان) المشبع بروح الحق والخير والحب.. والفن الإسلامي لا يختار نماذجه من أمثلة الخير والحب والفضيلة وحدها، بل يقدم شتى النماذج خيَّرها وشريرها، عاليها وسافلها، وإلا انعدمت الحركة الفنية، والصراع النفسي، إنها معاناة أصيلة نابضة، تبعث في نفسه لوناً من ألوان (القلق) العظيم، وتحرمه الإخلاد للكسل والسلبية والأنانية.. وهذا هو الفن العظيم. وعالم الأدب والفن الإسلامي علم فسيح رحب، يستوعب التجارب الأسطورية والتاريخية والواقعية المعاصرة، ويجول في أنحاء الشرق والغرب، ويبرز التجارب المحلية والعالمية، ويرتبط بقضايا المسلمين في شتى أنحاء المعمورة خاصة. أدب معقول.. وأدب مرفوض

- أستاذنا.. ما هو تقييمكم للتراث الفكري والأدبي المعاصر، على المستوى المحلي والعالمي- ماله وما عليه.؟؟

إذا نظرنا إلى التراث العالمي المعاصر، وجدنا ركامًا هائلاً من القصص والمسرحيات ودواوين الشعر، والأفلام السينمائية، واللوحات الفنية وغيرها، وكلها تئن تحت وطأة الإثم والتحلل والسخط واللامبالاة، وتعبر عن الرغبة المجنونة في الهدم والتدمير، والرفض الصاخب لصور الحياة السائدة. ولكن عالمنا العربي لا يرزح تحت نفس الظروف والأوهام والانحرافات التي عانى منها الغرب.. ويؤسفني كثيراً أن أرى مفكرينا وأدباءنا يروجون للبدع الغربية، وينساقون وراءها دون تَرَوّ، فالمفروض أن يكون أدبنا مرتبطاً بتراثنا، وواقعنا، ومعبراً عن آمالنا وآلامنا، ونابضًا بقيمنا الروحية الخالدة. وهذا يعطينا دليلاً على أن الجري خلف البدع المستوردة لا يكون دائما خطوة إلى الأمام.. وهذا لا يعني أن نغلق النوافذ والأبواب، ونتقوقع داخل قمقم من العزلة والأفق الضيق والتعصب، بل لا بد أن نكون مستعدين دائماً لاستعياب التجار الجديدة، دون أن نفقد أصالتنا وتميزنا والالتزام بقيمنا الخالدة.

الخراب الفكري والعقائدي: - ما رأيكم فيما يقال بأن الأدب والفن هو تمرد على الثوابت؟.. وإذا كانت الحرية هي من أهم شروط الإبداع الجيد.. فإلى أي مدى يمكن للأديب الإسلامي أن يجمع بين الحرية والالتزام في آن واحد؟!

لابد أن نعلم أن حرية الفكر لم تكن مجرد شعارات ترفع، أو كلمات جوفاء يتشدق بها الناس، إنما لا بد أن تكون واقعاً حيًا ملموسًا وسلوكًا عمليًا يراه الناس ويمارسونه، وأن الحريات لم تكن مجرد نصوص في دساتير ومواثيق وإنما هي تطبيق مؤثرٌ، ودافع قوي للإبداع. وهل كان غريباً أن ينظر الغرب المتخلف- يومًا ما – إلى الشرق نظرة إعجاب وتقدير وامتنان، حتى أدرك الغرب أنه لا يستطيع أن يقيم دعائم حياة كريمة إلا إذا استفاد من تراث الحضارة الإسلامية واستوعبها، وحاول مواصلة السير على منهاجها، حتى إنهم أخذوا يتعلمون لغتنا، وينقلون علومنا وفنونا، بل استفادوا من أساليبنا في الحياة، ومن الموسيقى والشعر والغناء، فهذا هو الشاعر الكبير (دانتي) في الكوميديا الإلهية يقتفي أثر شاعرنا الكبير أبي العلاء المعري في رسالة الغفران.. والصورة الحقيقة لحضارتنا أنها أقامت بناءها الشامخ الخالد، على دعائم ثابتة من حرية الفكر، فأنجبت نخبة فريدة من عمالقة الرجال في شتى فروع المعرفة الإنسانية. أما عن دعاة التمرد وأدعياء الحرية فكل ذلك بمثابة (بدعة) ليتشبث بها الضائعون والتائهون، وأسموها فلسفة، إلا لا ترمز إلا إلى الانعتاق من كل مسئوليات العقائد، والانفلات من كل القيم.. والغريب أن المروجين لهذه الشعارات يسمونها (موقفاً) و أحيانًا يدعونها (وجودية) و(تعبيراً عن الذات) بل يحاولون أن يضعوا لها القواعد والأصول، وقد تكون لهذه (البدع) الفكرية في أوروبا ما يسوغها، لكن في الشرق المستعبد الممزق التائه، يلتقطونها ويروِّجون لها، ويتخذونها ديناً جديداً، فيسقطون في خطر داهم،وفناء محتم.. وهو الخراب الفكري والعقائدي. إن من ينظر إلى صحفنا ومجلاتنا ومطبوعاتنا في السنوات الأخيرة يستطيع أن يقرأ بوضوح سوء المصير، ويشم رائحة الضياع والحسرة. والأديب الإسلامي الملتزم رجل عقيدة وفكر، رجل حركة وعمل، ويسترخص كل شي في سبيل عقيدته، ولا يقيس المعارك بحساب الحياة والموت، والخوف والخسائر المادية، وإنما يقيسها بالعمل الجاد والجهاد وبمقاييس الحق والعدل.

لكل فكرة موقف: - كيف تنظرون إلى التحيز الفكري والمذهبي عند الخصوم، فضلاً عن اتهامهم الإسلاميين بالرجعية والردة والتخلف إلى آخر هذه الأسماء التي امتلأت بها الصحف والمجلات ...؟!

أنا لا أرفض التحيز بالنسبة لأي مثقف، وهذا مجرد رأي، لكن الذي أرفضه أن يكون هذا التحيز منبعثاً من ثقافة ناقصة، إن لكل مفكر موقفاً، ولكي يختار موقفه، يجب أن يتدارس المواقف المهمة والبارزة، فكثيراً ما قرأت لقوم يهاجمون الأديان دون أن يلموا بأصولها الأولية، وكثيرون أخذوا علمهم من مبشر حاقد، أو مستشرق ناقم، أو كاتب موتور، دون أن يكلفوا أنفسهم مؤونة البحث عن الحقيقة. لذا أقول: لا بأس أن يكون لكل مفكر موقف، أي أن يتحيز لموقفه.. على أن ينطلق هذا الموقف عن وعي وفهم ودراسة.أما عن تلك الهجمة الشرسة التي تطارد أو تحاصر الشرفاء والمخلصين، وقد صورهم المغرضون بصورة المتخلفين عن قضايا عصرهم، وبصورة اللاهثين وراء فتات الموائد.. نعم.. إن هذا الإرهاب الفكري الذي يمارسه هؤلاء المتخبطون، الذي يرمون المخلصين بالانحراف والتخلف والتبعية، ومن ثم أصبح النقد لوناً من ألوان المطاردة العنيفة لكل ما هو جاد وأصيل، حتى وجد المخلصون أنفسهم محصورين في زوايا ضيقة، مرغمين على الاستسلام والصمت، وخلا الميدان إلا من العازفين على أوتار القيثارة الرسمية، وتحول الفن والفكر إلى هتاف وصياح وصرخات تشنجية!

مؤهلات الأديب: - بعد أن قطعتم شوطاً كبيراً في ممارسة الإبداع والنقد معاً نريد أن نتعرف على مؤهلات الأديب المعاصر- أو التي ينبغي أن تتوافر فيه- من وجهة نظركم..؟؟

نعم.. إن من البديهي أن لكل إنسان استعداداته الخاصة، وميوله الشخصية، أو موهبته الفطرية، وهي أمر أساسي في أية مهنة أو حرفة يختطها الإنسان في حياته، ثم يأتي بعد ذلك دورنا في رعاية هذه الموهبة وصقلها، حتى يمكنها أن تؤدي الرسالة المنوطة بها، فضلاً عن ذلك هناك بعض الاشتراطات الجوهرية التي لا بد منها لأي أديب يريد أن يقدم عملاً أصيلاً في أي فرع من فروع الأدب. أولها اللغة: لأنها الأداة التي سوف يستعملها الأديب في صياغة أفكاره، ولذلك فإن تعلم اللغة العربية وقواعدها، والإلمام بالتراث يعد مسألة حيوية لأي أديب يريد أن يكون له شأن مذكور في عالم الأدب. الأمر الثاني: باعتبار أن الأديب مرآة عصره، فلا بد أن تكون له حصيلة من الثقافة العامة، بمعنى ألا يتقوقع في حيز ضيق من الثقافة حتى لا يفقد الرؤية السليمة والحكم الصادق على الأشياء.. ثالثًا: على الأديب أن يطَّلع على التجارب الأدبية المتنوعة لكبار كتاب العصر، فهذه النماذج هي في واقع الأمر الأستاذ الأول لأي أديب، وهي تأتي قبل الدراسة (الأكاديمية) للعلوم الأدبية مثل فن القصة أو فن المسرحية وعلم العروض وأوزان الشعر. رابعًا: من الضروري أن يرتبط الأديب بأهداف عليا، وغايات نبيلة، وهذا لن يكون إلا إذا كانت للأديب منطلق فكري واضح، أو فلسفة محددة يمكنه أن يلتزم بها، لأن الأدب ليس مجرد كلمات جميلة، أو عبارات عذبة، وإنما الأدب الأصيل هو الذي يجمع بين عناصره ثلاثة: 1 – إثارة العقل وإقناعه. 2 – تحريك الوجدان وإشعاله. 3 – التحريض على فعل شيء ما، وهو أمر مرتبط بسلوك المتلقي. عندئذ يكون لذلك الأدب قيمة حقيقية، ويكون الأديب- أيضا- حاملاً لرسالة عظيمة.. وهنا يكمن السر في ذلك الخلود الذي حظي به كثير من الكتاب على مر الأجيال والعصور، وهنا يتضح لنا كيف أن التاريخ جر أذيال النسيان على تراث كتاب كثيرين لم تكن مؤلفاتهم تساوي ثمن المداد والأوراق!!

الموهبة والثقافة: - د. نجيب الكيلاني.. كيف يختار الكاتب القصصي (الفكرة) وهل بالضرورة أن تعبر الفكرة عن شيء حقيقي في الحياة..؟

لا بد للعمل الناجح أن يكون نابعاً عن فكرة أو موقف في الحياة، وهي التي تدور حولها الصراعات والحوار والوصف والسرد والبناء العضوي ككل. المهم أن هذا يعتمد على حسن اختيار الكاتب للفكرة، ومدى قدرته على الإقناع، ولا يمكننا بطبيعة الحال أن نفصل الفكرة عن الشكل الفني الميز للقصة. وفي رأيي أن ثقافة الكاتب محصلة لخبراته في الحياة، وقراءاته المختلفة في شتى فروع المعرفة، ومواقفه المتباينة إزاء الأحداث والناس والقيم والأعراف والتقاليد.. والكاتب الموهوب يستطيع أن يمزج ذلك كله، ويستوعبه ويتمثله، ثم يخرج بالجديد الذي تكون لديه قناعة تامة، ومن ثم قد تكون الفكرة فكرته، وقد تعجبه فكرة اقتنع بها عبر التراث أو التجارب والأحداث التي مر بها الآخرون، وهل ينكر أحد أن التراث الديني والفلسفي والتاريخي في العصور الغابرة والعصور الحديثة أيضاً يعدُّ كنزاً فريداً لأفكار لا تعد ولا تحصى... المهم أن تكون الفكرة متوائمة مع احتياجات الواقع، ولها دور بناء في دفع عجلة الحياة إلى الأمام، والعمل على إسعاد البشر، وإثارة وجدانهم وعقولهم، وتجعلهم دائماً في شوق إلى اتخاذ موقف أو فعل شيء إيجابي.. من خلال الأقوال والأعمال..ولا بد أن نأخذ في الاعتبار أن إثقال الفن بالأفكار المقحمة، والقيم العنصرية المريضة عمل يسيء إلى الفن والفكر ويهبط بمستوى الأداء، ويهلهل الشكل الفني بالكلية. الفكرة إذا مهمة، لكنها في يد الفنان المقهور العاجز تضر بالصورة الفنية أبلغ الضرر، ولهذا سمعنا عن مؤسسات موجهة ساقت الفنانين إلى حظائر السخرية الفنية، وألزمتهم بموضوعات معينة، وأفكار مغرضة.. فكانت النتيجة أن بقيت ملايين النسخ من تلك الكتب، ملقاة في مخازنها يعشش فوقها العنكبوت، ولم تسطع رغم ألوانها الدعاية المختلفة والتسهيلات الكثيرة أن تجد الطريق إلى عقول القراء وقلوبهم...

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

نشر في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(9-10)بتاريخ(1416هـ)

زاهية
20-12-2005, 07:13 AM
حوار قبل الرحيل

-الأدب الإسلامي ليس حكراً على المسلمين.. بل يمتد إلى أعمال غير المسلمين بشروط.

- الخصومة المفتعلة بين الدين والآداب والفنون.. يروج لها أعداء الإسلام.

- الاطلاع على الآداب غير الإسلامية واجب على الأدباء الإسلاميين.

- هذه تحديات الأدب الإسلامي التي يجب علينا مواجهتها.

- أتمنى أن يدخل الأدب الإسلامي كل بيت.. وأن يعبر عن آمالنا بصدق. رحلة كفاح

- نريد أن نتعرف بإيجاز على رحلتكم مع الأدب الإسلامي بوصفكم رائداً من رواده?.

بدأت رحلتي مع الأدب بوجه عام من خلال أشعاري في المرحلة الثانوية.. وكانت عبارة عن أشعار حول الموضوعات الوطنية، والمناسبات الدينية، وقليل منه عاطفي.. وخرج أول ديوان لي وأنا في المرحلة الثانوية حول هذه الموضوعات..ثم بدأت كتابة القصة في المرحلة الجامعية، وكنت متأثراً فيها بحياة أهل القرية وأخلاقهم، وخاصة العلماء الذين كنت أجلس إليهم في قريتي شرشابة بالغربية، والذين كنت حريصاً عل معرفة رأيهم في كل ما أكتب..بعدها قرأت بنهم منقطع النظير كتابات الفيلسوف والشاعر الإسلامي محمد إقبال، الذي انبهرت بكتاباته التي ترجمها د/ عبد الوهاب عزام من الأردية والفارسية إلى العربية.. وكتبت كتاباً عن حياة إقبال اسمه ( إقبال الشاعر الثائر) وفاز هذا الكتاب بجائزة وزارة التربية والتعليم عام 1957- وكانت بدايتي الحقيقة مع القصة برواية (الطريق الطويل)، وذلك بدون معرفتي بالمذاهب الأدبية وفازت هذه الرواية أيضاً بجائزة وزارة التربية والتعليم، وأصبحت مقررة على طلبة الثانوية العامة عام 1959، وكان دهشتي كبيرة عندما قال المرحوم عبد الرحمن الشرقاوي والأديب رجاء النقاش في مؤتمر كتاب آسيا وأفريقيا إن هناك مستشرقاً روسياً يريد أن يترجم أبرز مؤلفاتي، فرشحت له رواية (الطريق الطويل) لأني اعتبرتها بدايتي الحقيقة وأقرب رواياتي إلى نفسي.

المذاهب الأدبية - قلتم إنكم بدأتم إنتاجكم الأدبي بدون سابق معرفة بالمذاهب والمدارس الأدبية.. فكيف اتجهت إلى الأدب الإسلامي.. وكيف تعرفت على المذاهب الأدبية التي لا صلة لها بالأدب الإسلامي من قريب أو بعيد؟

على الرغم من أنني لم أعرف شيئا عن الأدب الإسلامي أو المذاهب الأدبية إلا أنك إذا رجعت إلى الإنتاج الأدبي الأول بالنسبة لي تجده بعيداً عن الإسفاف والإباحية والعرى، بل هو أدب نابع من فكر رجل قروي بسيط، متمسك بأعراف القرية وتقاليدها التي هي أقرب ما تكون إلى الإسلام الصحيح.. لهذا فقد كانت أعمالي الأولى تمثل الأدب الإسلامي، ولكن بدون قصد أو تعمد مني، وإنما مرت بتلقائية عفوية. وبدأت أتجه إلى المذاهب، فقرأت فيها الكثير، وخاصة كتاب (الأدب ومذاهب) للدكتور محمد مندور.. وبعدها بدأت تتضح الرؤية بالنسبة لي.

مشكلات العالم الإسلامي - كتبتم عشرات القصص الواقعية التي تتناول حياة المسلمين بصدق، ليس في الداخل فقط بل في الخارج أيضاً، ولاقت هذه الأعمال المزيد من النجاح والتقدير لدى المسلمين بالخارج.. فما هي أشهر هذه الأعمال الأدبية ورد الفعل حولها؟

من واقع اهتماماتي بالشعوب الإسلامية، وقراءاتي في تاريخها، وانفعالي العاطفي بما تعانيه من مشكلات داخلية وخارجية كتبت العديد من الروايات، أهمها: ليالي تركستان وفيها عرضت لمشكلات شعب تركستان المسلم، وتوقعت بأنه سيحافظ على إسلامه، وسيكون له في يوم من الأيام كيان إسلامي مستقل وقد تحقق هذا الكلام بعد أكثر من عشرين عاماً؛ برغم سخرية الكثير مما كتبت في ظل الاضطهاد الشيوعي للمسلمين هناك.. وقالوا إن ما أكتبه عن تركستان مجرد أضغاث أحلام.. وكتبت رواية (عذراء جاكرتا)، وتناولت فيها الحرب الضروس بين الشيوعية والشعب الإندونيسي، والتي راح ضحيتها أكثر من ربع مليون مسلم، وترجمت هذه الرواية للإندونيسية. وكتبت كذلك رواية (عمالقة الشمال)، وفيها تناولت مشكلة المسلمين في نيجيريا، وقال لي مهندس نيجيري فيما بعد إنها من أصدق ما كتب عن نيجيريا، حتى كأنني كنت معايشاً لهذه المشكلات، برغم أنني لم أسافر قط إليها.. وكتبت رواية ( الظل الأسود) وتناولت فيها مشكلات المسلمين في أثيوبيا، وسردت فيه الكثير من الحقائق التاريخية التي يجهلها أهل أثيوبيا أنفسهم، وذلك لأن حصلت على وثائق تاريخية مهمة وسرية من ثوار أرتيريا ومشكلات المسلمين هناك... ولهذا فإن الأدب الإسلامي يجب أن يكون فيه متسع لكل مشكلات المسلمين في العالم، ويعبر بصدق عنها؛ حتى يظل مرتبطاً بروابط وثيقة بوجدان القارئ المسلم وعقله، في أي مكان بالعالم؛ لأنه يجد فيه ضالته، ويعبر عن آماله وآلامه بكل صدق وموضوعية.

خصومة مفتعلة - ما رأيكم في الخصومة المفتعلة بين الدين والفن والأدب.. والتي استغلتها بعض الأدباء لتشويه صورة الإسلام وموقفه من الفن والأدب؟

هذه خصومة مغرضة، يروج لها كل حاقد على الإسلام، أو غير فاهم لشريعتنا السمحة، ومهما قيل في مثل هذا الخصام فإنه لا يخرج عن كونه نتاج ظروف تاريخية قاسية، تشابكت ملابساتها، ونشوب هذا الخصام أدى إلى الاعتداء على كل الأطراف.. فاتهم الفن بالمروق والجنوح إلى التحلل والإباحية، تحت ستار شعارات الحرية الزائفة، واتهم الدين بالجمود ومساندة القوى الرجعية، وتقديس القديم بما فيه من غث وسمين، وأنا أدعو كل الأطراف إلى نبذ هذا الخصام والبعد عنه؛ لأن نقاط الالتقاء أكثر من نقاط الاختلاف بكثير، وخاصة إذا وضع الجميع نصب أعينهم مصلحة الإنسانية والرقي بالذوق والحس.. وما أجمل قول الشيخ أحمد الشرباصي رحمه الله تعالى حين سئل عن هذه العلاقة بين الدين والفن: ( على أهل الفن أن يتدينوا.. وعلى أهل الدين أن يتفننوا) فالإسلام لا يحارب الفن والأدب الراقي، بل إنه يشجعه ويحث عليه.. فالمسلم روح وجسد ولا يرفض الإسلام المتعة والتسرية لكل منهما، ما لم يخرج عن الآداب والأخلاق الإسلامية.

تحديات الأدب الإسلامي : ما هي أهم التحديات التي تواجه الأدب الإسلامي في الوقت الحاضر، وتحد من إنتاجه وتأثيره؟

يواجه أدبنا الإسلامي الكثير من التحديات التي تحد من إنتاجه وتأثيره .. ويمكن إجمال هذه التحديات في الآتي: تجاهل الأدب الإسلامي، سواء من الكتاب والمفكرين أم وسائل الإعلام.. هذا التجاهل قد يصل إلى درجة الحرب، وإعلان العداء له، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف بعض الأدباء عن الخوض في هذا الأدب؛ لتجنب هذه الحرب والتجاهل.. ومع هذا فإن هناك عشرات الرسائل الجامعية حول الأدب الإسلامي ليس في الدول الإسلامية فحسب بل في العديد من الدول الأوربية آخرها طالب جاءني من السويد يقوم بالإعداد لرسالة دكتوراه حول الأدب الإسلامي. جهل بعض الأدباء بأن الأدب الإسلامي هو أدب أمة، وليس بأدب حزب أو جماعة.. الأمر الذي يزيد الصفوف انقساماً حول أمور فردية، ما كان ينبغي الانقسام حولها.. فالأدب الإسلامي لكل العصور وللإنسانية جمعاء. الخصومة المفتعلة بين الأدب الإسلامي والأدب العربي.. رغم أنهما كل لا يتجزأ.. فالأدب العربي جزء من الأدب الإسلامي، جمعتهما لغة القرآن، ومشاعر المسلمين ومشكلاتهم وطموحاتهم وتطلعاتهم.. وكذلك الأمر بالنسبة للخصومة المفتعلة بين الأدب الإسلامي والفنون الأدبية الأخرى.. وبينه وبين حرية الإبداع والتفكير. قيام بعض الأدباء الإسلاميين بتناول قضايا وموضوعات تستفز السلطة والحكام، الأمر الذي يعرض بعضهم للاضطهاد والمحاكمة. صعوبة النشر وضعف الإمكانيات المادية والفنية اللازمة لهذا النشر.. فرابطة الأدب الإسلامي العالمية برغم دورها الرائد في خدمة الأدب الإسلامي إلا أنها تعاني من ضعف الإمكانات الأمر الذي يلقي بمسئولية التمويل على رجال المال الإسلاميين. بعض أدباء الإسلاميين يتسم أدبهم بالحماسة والحدة، ويكون مجرد نصائح ووعظ، دون مراعاة للقواعد والأصول المتفق عليها في بناء الفنون الأدبية.. الأمر الذي يتيح الفرصة لهواة خلطة الأوراق، وتصيد الأخطاء للإسلاميين. بعض الأدباء الإسلاميين يحصرون أنفسهم في فنون أدبية معينة، دون استغلال بقية الفنون الأدبية، رغم ما لها من تأثير قد يفوق فنوناً أدبية تحظى بالاهتمام الأكبر. بعض النقاد يغالي في تصعيد الأخطاء للإسلاميين، وخاصة عندما يصورون الحب والعواطف،.. ويكون قاسياً في تعامله مع النص الأدبي الإسلامي.. رغم أن هذه الأمور طبيعية، وموجودة في الغرائز الإنسانية، فليس كل البشر نسخة واحدة، وليسوا كلهم ملائكة يخطئون.. والأدب الإسلامي مطلوب منه أن يعبر عن واقع المسلمين بما فيه من سلبيات وإيجابيات بصدق وموضوعية. الاطلاع على آداب الآخرين - هل ترى أن هناك تعارضاً بين اتجاهات الأديب الإسلامي واطلاعه على الإنتاج الأدبي لغير المسلمين، وخاصة الآداب الغربية، التي هي الإسلام؟. بالعكس فإنني أرى أن الأديب الإسلامي من الواجب عليه الاطلاع على آداب الآخرين بلا حدود، فيأخذ الصالح منها؛ ليستفيد منها في زيادة خبرته ويفيد منه القراء.. وفي الوقت نفسه ينتقد الفاسد منها، ويحذر الآخرين من الاطلاع عليه... فليس معنى أن هذه الآداب أنتجتها غير المسلمين، ونشأت في مجتمع غير إسلامي أنها بعيدة كلية عن الإسلام ومبادئه، وأنها فحش وفجور ومجون يجب الابتعاد عنه ومقاطعته.. فهذا خطأ؛ فالإسلام يكره الانطواء على النفس، وإغلاق الأبواب علينا بدعوى أننا أفضل من الآخرين في آدابنا وفنوننا وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان... بل إن المسلم الواعي عليه أن يقرأ للآخرين للتعرف عليهم، وفهم طريقة تفكيرهم، واهتماماتهم، والرد عليهم، وتفنيد أكاذيبهم إذا لزم الأمر، والإشادة بالجيد من إنتاجهم.. فالتفاعل بين الآداب مطلوب، وهو مفيد لكل الأطراف.. فقد قرأت الآداب الشرقية والغربية بكل مذاهبها ومدارسها الأدبية بدون تعصب.. واستفدت منها كثيراً في كثير من كتاباتي.. وقارنت بينها وبين آدابنا.. وانتهيت إلى حقيقة مهمة وهي أننا نمتلك أعظم تراث وخلفية فكرية يمكن أن تساعدنا في التعبير عن أنفسنا، والنهوض بالمجتمع بكل فئاته، وتلبية احتياجاته الأساسية.. بعدها فكرت في أن يكون لنا اتجاه فني وأدبي يستند إلى عقيدتنا التي نعرفها من القرآن والسنة.. وكتبت في هذا بتدرج، ودعوت إلى أدب إسلامي في لقاءاتي مع كبار الأدباء، وفي كتاباتي في الصحف.. وظن البعض أن الأدب الإسلامي الذي أدعو إليه هو مجموعة من الخطب والوعظيات، وقصص أوائل الصحابة... وهاجمني بعضهم، وسخروا من دعوتي، وفي الوقت نفسه شجعني آخرون، ودخلنا في مناظرات علنية وكتابيه أدت إلى زيادة التعريف بهذا الأدب، الذي هو ليس وليد اليوم، فهو موجود منذ فجر الإسلام وقد عبر عن واقع المسلمين وآمالهم وآلامهم أصدق تعبير، وأسهم في حل مشكلاتهم، وفي نفس الوقت غذى أرواحهم بالأخلاق الإسلامية، التي جعلت المسلمين يسودون العالم، بعد أن كانوا مجرد قبائل متناحرة، يعيشون في ظل دولتي الفرس والروم. ضوابط الاطلاع - ما الشروط الواجب توافرها في الأدب الإسلامي عند اطلاعه على آداب الأمم الأخرى وخاصة نتاج الحضارة الغربية؟ أومن بمبدأ مهم هو أن الوقاية خير من العلاج، بمعنى أنه من الواجب أن يحصن الأديب أو أي راغب في الاطلاع على هذه الآداب والثقافات نفسه بالوعي الديني السليم، المستمد من القراءة الواعية للتراث الإسلامي، والالتزام الأخلاقي بمبادئه، وقراءة هذه النصوص غير الإسلامية مع فهم خلفيتها الثقافية، وظروفها الاجتماعية، التي قد تختلف مع ما نؤمن به.. فلتقرأ هذه الآداب والثقافات بلا تعصب ما دمنا نحصن أنفسنا بالوعي الإسلامي المستنير. حرية الإبداع

- ما هو ردكم على من يقول إن ربط الأدب بالإسلام يُعد قيداً على حرية الإبداع لدى الأديب وأن أدبه سيظل حبيساً لأفكار ومبادئ وقيم إسلامية تحول بينه وبين الإبداع؟

هذا اتهام باطل، يروج له الحاقدون على الإسلام، الذين يستهدفون تشويه صورته، واتهامه بأنه مصدر الجمود الفكري والتخلف الحضاري.. وأرد على هؤلاء قائلاً إن الأدب الإسلامي ليس له قيود، فهو يتسع لكل الآداب والفنون، ويدعو إلى الانفتاح على الآخرين، والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم الإنسانية، ما لم تتعارض مع أخلاق الإسلام.. ولهذا فالإسلام يدعو إلى الإبداع ويشجعه، ويعد صاحبه بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة.. وليس الأدب الإسلامي مجرد الانكفاء على تراث الماضي فقط، بل إنه يربط بين التراث والمعاصرة، ويستشف آفاق المستقبل.. فمن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل.. ولننظر إلى تاريخنا، فلم يحرم الإسلام كبار الأدباء والفلاسفة والعلماء وغيرهم من الاطلاع على ثقافات الآخرين، حتى ما يتعارض منها مع الإسلام، وذلك للاستفادة منه، والرد عليه، وتفنيد أكاذيبه... فحرية الإبداع ليس معناها الخروج على الآداب العامة، أو محاربة الإسلام والتطاول عليه.. فالإبداع إذا لم يحكمه عقل فهو أقرب إلى الجنون.. ولكن الحاقدين على الإسلام خلطوا الأوراق والحقائق، ليصلوا إلى أهدافهم الدنيئة، في تشويه صورته التي ستظل ناصعة البياض، مهما فعل الحاقدون الذين استغلوا الوضع المتردي للمسلمين ليحملوا على الإسلام.. وكثيرا ما قلت: إن المسلمين ليسوا حجة على الإسلام، بل إن الإسلام حجة عليهم، بدليل أنهم عندما تمسكوا به أبدعوا، ليس في مجال الأدب فقط بل في جميع ميادين الحياة، وأبهروا الآخرين.. وسادوهم.. وحين ابتعدوا عنه تخلفوا في جميع ميادين الحياة، وسادهم الآخرون الذين كانوا يعيشون في العصور المظلمة في عصر شهد بزوغ شمس الحضارة الإسلامية.

أدب شامل - أدبنا الإسلامي محاصر بين تيارين أحدهما يدعو إلى أن تظل عاكفين على التراث، وليس لنا أدنى صلة بالمعاصرة... في حين يدعو تيار آخر إلى العكس بأن نقطع صلتنا بالماضي ونرتبط بالمعاصرة.. فأين يوجد الأديب الإسلامي بين هذين التيارين؟

من الخطأ الفصل بين التراث والمعاصرة، فهما كل لا يتجزأ.. وهما استكمال للمسيرة الحضارية.. فلا حاضر بلا ماض.. وأقول: إن كل أديب يبدع في ضوء التصور الإسلامي فأدبه إسلامي، يستوي في هذا من يكتب من التراث ومن يأخذ بالمعاصرة.. ومن يجمع بينهما.. ومن يضيف إليهما أيضا.. فالأدب الإسلامي يتسع لكل العصور والكتابات.. ما لم تخرج عن التصور الإسلامي.. فأدبنا الإسلامي شامل وليس جزئياً. فائدة المؤتمرات

- هل ساهمت المؤتمرات القليلة التي عقدت باسم الأدب الإسلامي في دفع مسيرته للإمام؟

على الرغم من قلة هذه المؤتمرات نتيجة ضعف الإمكانيات وغيرها من الأسباب.. إلا إنها أدت إلى نتيجة طيبة ألا وهي تجميع الأدباء الإسلاميين، وتوجيه أهدافهم، وتلاقي أفكارهم، والمناقشات حول واقع الأدب الإسلامي ومشكلاته، وكيفية معالجتها، وغيرها من القضايا.. ويكفي أننا أصبحنا نتكلم عن هذا الأدب بكل فخر، وأصبح له كيان معترف به من الإسلاميين وغير الإسلاميين على السواء.. وزاد الاهتمام بأهمية دعم نشاط الرابطة التي تجمع كل الآداب الإسلامية في العالم.

- ما هو أملك بالنسبة لمستقبل الأدب الإسلامي؟

أتمني أن يدخل الأدب الإسلامي كل بيت.. وأن يحس كل مسلم أو غير مسلم من الشرفاء بوجوده وأنه يعبر عن آماله وآلامه.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ

نشر في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(9-10)بتاريخ(1416هـ)

زاهية
20-12-2005, 07:16 AM
بعد هذه المقدمات أخي الفاضل الصباح
يكون جميلاً أن تتحفنا ببعض أعماله الأدبية مشكوراً
أختك
بنت البحر

الصباح الخالدي
20-12-2005, 07:26 AM
كم امتعنا رحمه الله
بعض رواياته كنت اعيد مرارا وتكرارا قرائتها
وقد تدربت معه من خلال كتبه
لكن لله درك زاهية تجلبين لنا ماتجلبين
شكري لك صافيا بلا رتوش

الصباح الخالدي
20-12-2005, 07:30 AM
بعد هذه المقدمات أخي الفاضل الصباح
يكون جميلاً أن تتحفنا ببعض أعماله الأدبية مشكوراً
أختك
بنت البحر

لله درك يابنة الكرام
لست رشيقا هكذا
ينقل ابن القيم رحمه الله ولا أدري فيمن لكنك ذكرتني بها

من لي بمثل سيرك المدلل=تمشي رويدا وتجي في الاول

ولعله يصف ماتفضلت برقمه ناصعا هنا
لعل الله يأتي بخير
دمت سالمة