تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عفريت الست فتحية



عبلة محمد زقزوق
27-12-2005, 12:26 AM
تسمع طرقاً على الباب ، فتنطلق سعياً لكي ترى القادم ، فهي تنتظر زوجها الذي خرج في باكورة صباح اليوم وهو يمُنيها بأكلة سمك طازج سوف يُؤتيه إليها .
فتفتح الباب وتراه أمامها يحمل غمراً ثقيلاً ينوء عن حمله ، فتساعده لكي يصلن به حتى باب المطبخ ، فيلقينه في الحوض فيمتلئ عن آخره ببياض وبوري ومياس يكاد أن يتطاير ويسقط على الأرض من شدة شوقه لماء البحر ، فتتراقص الست فتحية طربا وسعادة ، وتعانق زوجها سيد وتشكره ، وتُعدَّ معه مجموعة أصناف سوف تقوم بطهوها من أجلِه وأجل الأولاد ، الذين سيسعدون لهذا الطيب من الطعام . فيتركها قرير العين راض لرضائها ، ويمضي إلى فراشه لينام ، بعد أن يأخذ عليها عهداً ألا توقظه حتى ينتهي إعداد الطعام ، ويرجوها بأن لا تجعل الأولاد يوقظونه بضجيجهم إذا حضروا بعد الدراسة بالذات .
وتظل الست فتحية أمام سمكها تنتقي منه ما يناسب أصناف طعامها .
وتبدأ بتنظيف ما يستحق القلي ، وفجأة يدمى إصبعها شئ صلب ببطن إحدى السمكات ، فتخرجه وتنظر إليه في اندهاش : ماذا أري قطعة زجاج ببطن السمكة ! أم يكون فص ألماظ أو لولي ؟!!
فتضعه من فورها لتغسله تحت صنبور المياه فيزداد بريقاً أمام عينيها فتصيح : إنه وربي قطعة زجاج ، فأنا أعرف قدري ، فمن أين يأتيني هذا الماس ! نعم إنه قطعة زجاج .
وفجأة يهتز من حولها المكان ، وتكاد تسقط بعض الأشياء ، فترتعد ما هذا زلزال ؟ ولم تكد تكمل مقولتها حتى جاءها صوت جهوري ، لا تدري من أمامها أو من خلفها ، لكنها سمعته يناديها باسمها يا ست فتحية وكرر النداء حتى إستجابت ولبت النداء وهي ترتعد خوفاً ، فخرج صوتها متقطع الأنفاس نعم أنا فتحية ، تأمرني بشيء ؟ فيعود المكان لنفس اهتزازه وهو يحمل صدى الصوت الغامض المرعب : أنا خادم فص الخاتم الزجاج ، أ أمريني ألبي طلبك في الحال . فتحتار وتتساءل أي فص وأي خاتم هذا ؟ فيجيبها الصوت في الحال : فص الخاتم الزجاجي الذي قمتِ بتنظيفه الآن … يا ست فتحية ، أ أمريني فلكِ عندي طلبين اطلبي ما تشائين فسوف يجاب .
تبحث عن من يسعفها بالإجابة ، فتحاول الاستغاثة بزوجها سيد فلا تجد صدى لصوتها ، فتندهش هل لهذا الحد غرق زوجها في النوم . وأمام إلحاح هذا الخادم لفص الخاتم بالإجابة لا تجد إلا أن تقول له بصوت تحاول أن يخرج منها متماسك لتنهي هذا الرعب القاتل ، فتتسارع ألفاظها وتتسابق حروفها : أريد أن أبدو صغيرة عشرين عاماً عن سني هذا ، وأريد أن لا يبدو سني مهما تقدم بي العمر ؛ أتعرف هذا ؟
وكأن الخادم كان هو الآخر في عجلة من أمره فيجيبها بنفس سرعتها : أمرك مطاع يا ست الحُسن والجمال … ها ها ها يا ست فتحية انظري خلفك بالمرأة . وما تكاد تنظر في المرأة حتى كاد أن يغشى عليها .

وإلى حلقة قادمة لتكملة القصة .

مع خالص أمنياتي أن تنال الإعجاب .

محمد سمير السحار
27-12-2005, 03:11 AM
أختي المبدعة عبلة محمد زقزوق
قصتكِ جميلة وطريفة وسوفَ أنتظر الحلقة القادمة بشوق وشغف
دائماً كنتُ أحلم بهذه السمكة ولذلك كنتُ أفضل تنظيف السمك في البيت لعلي أظفر بصيدٍ ثمين بداخلها لكن نصيب الست فتحية أن تظفر بهذا الصيد ولا ندري ماذا يُخبّىء لها هذا الصيد
مع خالص تقديري وأطيب أمنياتي
أخوكِ
محمد سمير

أحمد فؤاد
27-12-2005, 09:47 AM
الأخت الغالية / عبلة


جميلة هي قصّتكِ .


تذكّرت مشهداً من فيلم أجنبي بعنوان Wish Master , حيث كان هُناك جنيّ شرير يقوم بتلبية اُمنيات البشر و لكن بأسلوب شيطانيّ , و كانت أحد الأمنيات التي قد طُلبت منه , كانت من فتاة في العشرينات من عمرها , و كانت أمنيتها هي أن يظل جمالها دائماً مهما تقدّم به الزمن , فلبّى طلبها بطريقته الشيطانية و حوَلها إلى تمثال جميل .!!



في انتظار بقية الحلقات ..



لكِ مني كل التحية


أحمد فؤاد

سحر الليالي
27-12-2005, 10:49 AM
الحبيبة عبلة:

قصة رائعة

سلمت يداك أيتها الرائعة

بإنتظار الحلقة القادمة بفارغ الصبر

لك خالص حبي وودي المعطر بالورد:001:

عبلة محمد زقزوق
27-12-2005, 03:36 PM
مرور أسعدني أخواني وأحبابي في الله

أخي الفاضل م / محمد السحار
أخي الفاضل أ / أحمد فؤاد
أختي الرقيقة أ / سحر الليالي

وإليكم ، وإلى كل أصدقاء الواحة ؛ أكمل ما بدأت من قصة ( عفريت الست فتحية )

الجزء الثاني

ومن فورها تلتفت إلى مرآتها ، فتشهق شهقة تتلفت بعدها فيمن حولها ، غير مصدقة أن تلك الفتاة هي نفسها .
نعم هي نفسها ألست فتحية ذات الأربعين عاما وما يزيد بالقليل .
فتعاود النظر مدققة فاتحة ألفاه متوجسة خيفة ولكنها تقول : أنني هي والله ؛ هي فلقد صدق الجني !! وأعاد لشبابي جماله رونقه وبهاءه ، ولكن يا ترى هل سيعاود السن يطفح فوق وجهي ، ويكيل لي ما لا أرغبه ؟
سؤال دار بخلدها لحظة تأكدها من صدق أعاجيب هذا الجني ، فخرج صوتها بصوت يرجو هذا الجني فيجيبها ، ولكنه انصرف ... فهي لم تعد تستشعر بقشعريرة بدنها أو بزلزلة أركان جدرانها . فتأكدت أنها وحدها ، وبأن الجني قد انصرف وأنه لا يراها سوى مرآتها ، فتتذكر زوجها فتسعى إليه وتقتحم عليه غرفته مهللة : استيقظ يا سيد وأنظر لي جيداً .
فيكاد هذا النائم المستيقظ أن يفيق من سباته ليرى أمامه صبية لا يتجاوز عمرها العشرين عاماً ، فيصعق ويضطرب ويهب جالساً فوق فراشه متفرساً في وجه مستيقظته ، فينادى على من أستأمنها حق نومه : يا فتحية … يا ست فتحية . فتجيبه من فورها والسعادة ما زالت تغمر كل نبضة من نبضات وجهها : نعم يا سيد ماذا تريد أنا أمامك هنا آلا تراني ؟ !! فيزداد اندهاشاً ويقول : من أنتِ بحق الله ؟ وكيف سمحتِ لنفسكِ اقتحام خلوتي ومنامتي بهذا الشكل المهان ؟ أين ذهبت تلك المرأة وتركت لك حرية التجوال والاقتحام هكذا ؟
تبتسم وتكاد ابتسامتها أن تنفلت إلى سخرية وهي تقول له : آلا زلت لا تعرفني ؟ !!أنا فتحية زوجتك ، تقولها وهي تدور حول نفسها يمنة ويسرة وتغدو فوق الفراش قافزة وفوق الأرض باسطة القدمين مستبشرة بهذا الانبهار .
فينهرها زوجها وهو لا يكاد يصدق عينيه ، فيعاود سؤالها : إذا كنتِ فتحية زوجتي فاذكري أسماء أبناءنا . !!! فتستشعر أنها أمام امتحان سهل وميسور عليها فتتجاوب معه بالرد في سرعة الشباب وحميتهم : أحمد ومصطفى ومحمود وعلية ونورا وهما الآن بالمدرسة .
فيعتدل سي سيد بمجلسه ويقترب من وجهها متفحصا متأملاً : نعم إنها فتحية أذكرها بتلك الندية فوق حاجبها الأيسر ، هكذا خرجت من فمه تلك الكلمات وكأنه يؤكد لنفسه صدق ما يراه أمام عينيه ، فيعاود النظر إليها ويدقق ويتفرس فيها باندهاش .
... وفجأة وكأن عقرب لدغة ، يقوم ناهضاً من على فراشة واقفاً أمامها بأرض الغرفة صائحا : من أين آتيتي بهذا المسحوق الغريب على وجهك ؟ ألم تكوني بالمطبخ تعُدين طعام الغداء أيتها المرأة ؟!!
فتتراقص طرباً وكأن صياحه في وجهها زادها ألقً : إنه خادم فص الخاتم الزجاجي يا سيد .
أي خادم وأي فص هذا ؟ إنكِ تتكلمين بالألغاز !! إي خادم يا امرأة لقطعة الزجاج تلك ؟ ومن أين أتى إليكِ وكان ما كان وأنا معك بالجوار ؟ !!
فتخشى أن يتهمها بما لا يحمد عقباه ، وتقضي على فرحتها بشكه وظنونه ، فتقص عليه كل ما صار من أمرها ، من لحظة أن تركها وذهب للفراش كي ينام ، حتى لحظة وقوفها أمام المرآة مأخوذة العقل واللب كما تراه هو الآن .
فيمسكها من يديها وهو يكاد يعتصرها بين يديه والشرر يتطاير من عينيه : أهذا ما فتح به الله عليكِ أيتها المرأة الساذجة ؟ ، فتندهش وتقترب منه همساً قائلة : وما الذي كنت تريده مني أمام هذا الزلزال وذاك الجني ؟ فلقد ناديت عليك ولكنك لم تستجب ؟!! فيُحدث نفسه وكأنه ذهب بعيداً عن سذاجة زوجته ويقول : كان من الممكن … أن تطلبي منه مكاناً أوسع وأرحب من مسكننا هذا الذي أصبح يضج من كثرتنا !!! أو أن تطلبي منه … أن يجعلني رئيسا أو مالكاً لأمر نفسي في عمل ما ؛ يدر علينا مالاً وفيراً ؟!! وكأنه استفاق من غيبوبته واستطاب له عظيم أفكاره فيسألها بحدة وقسوة تعادل عظيم فكره : أين هذا الفص ؟ هل ألقيته ؟ وهل ما زال ساري المفعول أم أنهيته ؟ يحدثها وهو ينظر إليها شراً ، فيراها منكمشة على نفسها بعيداً عن يديه ، فيقترب منها ويمسك بها ويعاود سؤالها برقة مصطنعة ، فيراها ترتجف بين يديه من رأسها حتى أخمص قدميها ، فيضمها بشدة إليه ويعاود للمرة الثالثة السؤال ؛ فتشير إليه للمكان الذي تركت بجواره هذا الفص العجيب . فيتركها بسرعة وكأنه يلقيها بعيداً عن يديه ، ويذهب حيث ما يرجو ويأمل .

تتبع ... بآخر جزء لها .
مع خالص الأمنيات الطيبة .

سحر الليالي
27-12-2005, 05:08 PM
:NJ::v1:

رائعة

بإنتظار التتمة:001:

عبلة محمد زقزوق
27-12-2005, 06:28 PM
الحمد لله في أوله وآخره

عزيزتي أ / سحر الليالي

سعادتي تغمرني لإستحسانك قصتي بالأسلوب النثري ، والذي يحمل في طياته السجع كثيراً .

مع العلم أنها في الأصل عمل درامي للإذاعة ، كنت قد تقدمت به وتم قبوله ، وتحت التنفيذ ليكون أوبريت غنائي ، ولكن أسلوبها الدرامي يختلف عن هذا النص ، فلكل مقام مقال كما يقال .

فأنتظري معي مفاجأة نهاية القصة .
مع خالص الأمنيات الطيبة .

د.جمال مرسي
27-12-2005, 07:11 PM
ما شاء الله عليك أختي الكريمة عبلة
لك حس و خيال قصصي عاليين
ممتعة حد الدهشة و لقد قرأتهما بلا ملل و في انتظار البقية
دمت بخير و سعادة
د. جمال

بنت بجيلة
27-12-2005, 07:29 PM
فعلا مدهشة في تسلسلك للقصة رائعة ياعبلة.أكملي أريد أن أعرف النهاية ................تعرقين ياعزيزتي كم عجبني تلميحك لحواء كيف أنها تنشد الجمال حتى وهي في أحلك و أشد الحاجة لمأوى أو قوت يسد رمقها ...............ولكن مهلا الموازين في وقتنا الحاضرتغيرت نجد الرجال هم من يبالغ ويهتم ويتصنع ويتجمل أكثر من المرأة ......دمت عزيزتي متألقة لك مودتي

عبلة محمد زقزوق
27-12-2005, 10:43 PM
مرور كريم ، لأستاذ فاضل قدير .

شكرا على جميل هذا الإستحسان .

باقة زهر ، لجميل هذا التواجد الآخاذ .
أستاذي الفاضل د . جمال مرسي

محمد سمير السحار
27-12-2005, 10:55 PM
أختي الكريمة عبلة
ما زلتُ أنتظر بقية هذه القصة الرائعة بشوق وشغف
مع خالص تقديري وأطيب أمنياتي
أخوكِ
محمد سمير

عطية العمري
28-12-2005, 07:50 AM
الأخت عبلة حفظها الله
قصة رائعة شدتني خمسين عاماً إلى الوراء عندما كنت أتلذذ بسماع مثل هذه القصص الخيالية من المرحومة والدتي
أنتظر بفارغ الصبر معرفة النهاية
ودمتِ بألف خير

عبلة محمد زقزوق
28-12-2005, 10:30 AM
الشكر لا يفي حق من إهتم بالشكر ، وحُسن الإطراء .
وشكرا لمن تفضل وزار متصفحي هذا ، وإستمتع معي بقصة عشقت حروفها ، فكتبتها لمسرح الأسرة أيضا ً، ونالت لديهم الإستحسان .
والأن بين أيدي الكرام كعمل أدبي نثري المقام .

شكراّ أختي الفاضلة أ / بنت بجيلة
وأخي الفاضل م / محمد السحار
والأخ الفاضل أ / عطية العمري

باقات الزهور تستقبل كل أحباب الواحة الكرام :001:
بتحايا الست فتحية وزوجها سيد ؛ بالذات .:hat:

عبلة محمد زقزوق
28-12-2005, 10:44 AM
الجزء الأخير من ( عفريت الست فتحية ) ...


ما تكاد أن ترفع إصبعها مشيرة إلى مكان هذا الفص الزجاجي ، حتى يدفعها ويندفع تاركاً إياها أرضاً ، ويقف زائغ البصر ، محدقاً في كل ما تقع عليه عيناه ، باحثاً عن بريق هذا الفص .
يجده فيلتقطه بين يداه ، ويعبث بأنامله مستنجداً بهذا الجني ، لكن زوجته تهرع إليه شارحة له ، طريقة استدعاء من ترتعد له فرائس الإنسان ، وتحثه على تكرار اسمه موضحة له ما سوف يعقب ظهوره .
فيستمع ويلبي ما تقول ، وهو في ذهول منتظر ظهور تلك العلامات باسترجاء ؛ وقنوط . وأخيرا يهتز المكان وترتعد الأبدان ويقشعر رأس الأنس من الجان ، ويصيح بهن ملبياً النداء : شبّيك لُبيك عبدُك يا سي سيد وملك يديك .
فيستجمع شجاعته وهو ممسك بيد زوجته ، ويقول بصوت أجش عميق مرتعد النبرات ، متسرع الألفاظ مخافة انتهاء مفعول هذا السحر فيقول : كل ما أريده قصر منيف ، بمكان بعيد ، لا يسكنه إنس ؛ حتى يهدأ البال ، وأكون رئيساً على عمال النظافة بذاك المكان . هذا هو طلبي فهل تستطيع تلبيته لي في الحال ؟!!
فيهتز كل ركن ، بل يكاد أن يتصدع وينهار على رؤس العباد والجني يلبي ويقول : أمرك نافذ ، وبهذا أكون قد أوفيت ديني لأسرتك يا سيدي … سيد . أنظر الآن إنك تحيى وزوجتك بقصر النسيان ها ها ها .
يعم الهدوء ويتسع المكان أمام سيد وزوجته ، فتنبهر ويكاد عقلها أن يطيح بها ويتشكك لبها بأمرها ، فتطلب من سيد أن يقوم بوخزها لتعي حقيقة أمرها ؛ فيجيبها وهو يقول لها : هذا هو ما كان يجب عليكِ يا امرأة !
فتنظر إليه شذراً قائلة وهي تتراقص زهواً في بهو مملكتها : بجمالي وشبابي اكتمل نعيمنا يا سيد ألا ترى معي هذا ؟ !!
وتأخذه من يداه ، ويصعدان سلماً يرتقي بهن لعدة غرف ، فتنتقي بحسها الأنثوي أجملهم وأزهاهم أثاثاً وتقول : تلك لنا نمرح ونغدو ، فلا يدركنا السأم ؛ تلك هي حياتنا التي نستحقها يا زوجي منذ أمد .
وتنطلق معه لبقية الغرف : تلك لأحمد والأخرى لمحمود والتالية لمصطفي والرابعة لعلية وأختها نورا ، وبقية الغرف لاستقبال ومبيت ضيوفنا .
وتلتفت إلى زوجها وكأنها أدركت أخيرا بُعد أفكاره ، وعدم انسجامه فتتساءل واجسة خيفة من سوء حاله : ما بالك يا سيد ألا تشعر بالسعادة مثلنا ؟ فينظر إليها تائه البصر شارد الفكر ، فتلح عليه محاولة إخفاء سعادتها ، ومبادلته نفس توجسه ، فيجيبها بصوت خافت ، استطاع به أن ينتزع صمام الأمان من نفسها : وأين هم الأولاد منا الآن يا فتحية ؟!!
وكأنه فجر قنبلة موقوتة بداخلها فرددت نفس مقولته وبلهجة أشد وأعنف من طعنات الخناجر بالقلوب : الأولاد يا سيد… أولادي !! أولادي فين ؟ أليس الجني مسؤول عن إتيانهم معنا ؟! أولادي يا سيد أولادي ؟!!. وتنهار ببكاء حاد تتفطر له قلوب العباد ، وهي تجري باحثة عن منفذ للولوج لأطفالها من خلال هذا الأتساع . فيربت على كتفها ، يعانقها وهو يقول بصوت يائس حنون : انتظريني سوف أخرج وأرى ماذا يكون ، لعلني أستطيع الوصول لمسكننا القديم ، وآتيك بالأولاد .
فينطلق من توه تاركاً إياها والبكاء . فما يكاد أن يخرج من باب القصر ليرى أمامه حديقة شاسعة غناء مترامية الأطراف ، عامرة بكل أنواع الشجر والثمار، وتتوسط الحديقة غابة تكتحل بها العيون من كثرة الأزهار ، وتشابك السيقان بمختلف أنواع الزهور والألوان . فيكاد أن يتناسى سبب انصرافه وانطلاقه ويقف مشدوهاً مبهور الحس والحواس ، من جمال الطيور ورقيق صوتها الصداح ، لكنه يمضي إلى حيث نهاية تلك الحديقة الغناء باحثاً عن باب ينطلق منه حيث يأتي بالأولاد .
فيتيه ويضيع منه هذا المنفذ للولوج حيث البشر والناس ، فيعود أدراجه حيث ترك زوجته الست فتحيه ليراها مازالت باكية دامعة ، فيربت عليها مواسيا إياها وإياه ، فتستشعر من ربتاته عليها أن أمره جل عظيم ، فترفع إليه عيناها مستبينة صدق إحساسها ، فيومئ برأسه وهو يقول : لا يوجد باب للخروج من هذا القصر يا أم البنات والبنين . فترتمي أرضا مولولة صارخة مستنجدة بمن ترجو منه نجدتها … بزوجها !!! فيزداد بكاؤها ونحيبها لفقدان الأمل ، وفقدان المنقـذ لكليهما .فيأتها صوته راجياً إياها بالتوقف عن ما لا ينفع ، من هذا البكاء وذاك النحيب ، ويرجوها أن تنطلق معه حيث ترى ما بالحديقة من أشياء وأمور أخرى غريبة .
فتتوسد يديه ... وتكاد أن تستعطفه بأن لا يزف إليها ما هو أسوء مما آل إليه حالهن . لكنه يقول لها بصوت يعلوه الحزن والشجن ، ولا يخلو من الدهشة : هل تصدقي يا فتحية … أن الديدان تحث ثرا الحديقة عندما رأوني اختفوا ، والنحل بالمناحل ازدادوا نشاطاً ، والطيور على الشجر أخذت ترتب أعشاشها وتلقي بباقي طعامها ، وأبي قردان والهدهد كل من هؤلاء تغير في طريقة عيشه ، بمجرد أن أطللت عليهم ، فماذا تري في هذا الأمر ؛ خبريني ؟ !! يكاد الذهول يذهب عقلي ؟ فتنظر إليه محدقة باردة الإحساس والشعور لا تنطق بحرف يبعث السكينة والهدوء ، لهذا العقل والقلب الشارد الحزين . فيهزها مسترجياً إياها الإجابة عن هذا السؤال ، فيأتيه صوت تنهدها المكتوم ، وهي تحاول الرد على بعلها وحصنها بجواب لا يسعفها به حالها . فيستحثها راجياً ، فتلملم أشتات فكرها ويلتمع أخيراً نور عينها وتقول : أنك يا سيد طلبت من الجني قصر بعيد لا يسكن جواره بني إنسان وأعقبت ذلك بطلبك بأن تكون رئيساً على العمال ، فمن أين يأتيك من ترأسهم يا رئيس العمال !!!؟ سوى الطيور والحشرات والديدان . فيقف أمامها وكأن الطير حط على رأسه مشدوها ًغارقاً بفكره محدثاً ذاته : مستحيل … مستحيل أستطيع العيش بدون الأصدقاء ؟ ويتجاوب مع حاضرته قائلا : إنه صعب العيش هكذا بدون أولادنا أو أصدقاؤنا صعب علينا يا فتحية صعب .
فتجيبه باكية ناحبة : أنت من فعلت بنا هذا ؛ أيها الطماع . أريد أولادي في التو والحال . وتعود لنحيبها وصراخها بهستيرية تفقدها شعورها بالمكان والزمان مرددة أسماء أبنائها منادية إياهم : يا أحمد ، يا مصطفى ، يا محمود ، يا علية يا نورا . فتشعر بيديه تربت عليها ودموعه تغرق ساحات مجلسها ، فتحاول الإستفاقة من غيبوبتها ، خشيت فقدانه هو الآخر من كثرة ما يعتمل داخله من حسرات وندم ، لعزلتهم التي لا يؤنس وحدتهم بها لا ولد ولا خل ولا خليل .
فتحاول النهوض فتراه أمامها وكأن السماء وحدها قد إستجابت لنحيب قلبها ، تراه بجوارها بنفس الحجرة القديمة المتهالكة ، فيتراقص قلبها طرباً وتتساءل بشغف أم ملهوفة على أولادها : وأين الأولاد يا سيد ؟
فيجيبها بصوت خافت حنون النبرات : بحجرتهم مازالوا نائمين ، مالك أنت وهذا النحيب طوال نومك أيتها الغالية الحنون .
فتبتسم وتكاد أن تقص عليه منامها ، إلا أنه يذكرها بضرورة سعيه للعمل حتى لا يؤاخذه رئيس العمال كعادته . ويذكرها بأنه سيأتي لها بغمر من السمك الطازج كما كان قد وعدها ، بعد عودته من العمل .
فتصيح رافعة كفيها أمام وجهه : لا ، لا يا سيد … لا أريد هذا السمك .

تمـت بحمد الله .
مع خالص أمنياتي ، بأن تحوز الرضا والقبول ، من كل صديق بالواحة ودود .:010:

بنت بجيلة
28-12-2005, 01:17 PM
قصة ولا ألف ليلة ...........وأخيرا طلع حلم .؟!هل تصدقين فرحت أنه حلم .................لك أجمل التحايا وكل عام وأنت ونحن غرقين بأحلام سعيدة

عبلة محمد زقزوق
28-12-2005, 01:31 PM
والله يا أختاه ، لو كان حقيقة لزهدت به الأنفس والأرواح .

وما أستطاب عيش لبني الإنسان ، ما دام سيجد من يحقق له كل الأماني والأحلام .

فاللحلم نحيا ونعيش ، وللتمني ننشد الغد السعيد ، وبهذا يطيب لنا مر العيش ، ولو كان السعد بعيد .

الحمد والشكر لله ، حبيبتي أ / بنت بجيلة

سحر الليالي
28-12-2005, 01:41 PM
رررررررروووووووووووعة

نهاية جميلة جدددددددددددا:NJ:

الحمد الله انها كانت حلمD:

سلمت يداك أيتها الحبيبة عبلة:v1:

وبإنتظار المزيد من قصصك الجميلة:010:

دمت مبدعة :hat:

لك خالص حبي وودي المعطر بالياسمين:001:

محمد سمير السحار
28-12-2005, 02:58 PM
الحمد لله أنّه كانَ حلماً
بالفعل على قول المثل
الجنة دون ناس ما بتنداس
الطمع ضر ما نفع
وشكراً جزيلاً على هذه القصة الجميلة
مع خالص تقديري وأطيب أمنياتي
أخوكِ
محمد سمير

عبلة محمد زقزوق
28-12-2005, 06:24 PM
العطر عطر مرورك غاليتي أ / سحر الليالي

أتمنى أن يكون أسلوب قصتي أعجبك ، كما كانت الفكرة أيضا ؟


وأرجو إفادتي ممن لهم باع طويل في فن الأقصوصة والرواية ، بالأسلوب النثري ، وهذا السجع المتواجد بروايتي .

خالص التحايا والتقدير لكِ غاليتي .

عبلة محمد زقزوق
28-12-2005, 07:22 PM
حقا أخي الفاضل م / محمد السحار

إن الجنة بلا ناس ، لا تنداس .

شكرا لكريم مرورك ، وأسعدني ما أسعدك بقصتي .

أحمد فؤاد
29-12-2005, 05:08 PM
الأخت الرائعة / عبلة


قصتكِ رائعة حقاً , فترتيب الأحداث منطقي و سلس . كما و أن قصتكِ تحمل العديد من المواعظ التي بين السطور مثل ( غاية المرأة الجمال , و غاية الرجل المال ) , و ( شهوة الإمتلاك و قصر البصر و البصيرة حينها ) و الكثير و الكثير .


أكثر الأجزاء إبداعاً ( لحظة إخبار "فوزية " زوجها "سيد" بصغر سنها .


النهاية جاءت تقليدية نوعاً ما , حيث جاءت النهاية كحلم , و هو أسلوب معرفو جداً حيث يُصعّد الكاتب الأحداث و تتشابك بشكل يصعب الخروج منه سوى بطريقة ( الهروب من الباب الخلفي ) .


هُناك جزء واحداً جاء بغير حبكة , و هي لحظة الانتقال ما بين الحلم إلى الحقيقة , في رأيي المُتواضع أنه يحتاج لحبكة أكثر .



في النهاية سعدت جداً بقراءة تلك القصة الجميلة , و التي تُنبأ بكاتبة موهوبة , تملك أفكار رائعة , و قلم مُبدع .


لكِ مني كل التحية


أحمد فؤاد

عبلة محمد زقزوق
30-12-2005, 11:13 AM
أخي الفاضل أ / أحمد فؤاد

مرور أسعدني وأثلج قلبي

بهذا الإعجاب والإستمتاع بقصتي المحببة لنفسي ، وهذا هو بيت القصيد من نشرها وتعدد مصوغات تناولي لها .

أما من جهة النهاية ، عند إدراك الحلم من الحقيقة
فهذا كان مقصدي لحكمة أخري
وهي أننا للحلم نحيا ساعات ، بل زمن قد يطول ونتمنى عدم زواله
واحيانا نظن أنه لن ينتهى ، إذا كان كابوس يمتلك نبضات العمر ؛ فيقهره
وعند إدراك الحقيقة وظهورها ، وتلمسنا للواقع وما يحمله ، لا يستغرق ذلك من عمرنا سوى ثواني قليلة ... فهكذا كانت الست فتحية رمز لكل من يحيا حياة مغلولة مقهورة ، فهناك خيط ضعيف يربط بينه وبين الحلم والحقيقة ، وهو رفضه وإستماتته للوصول إلى الحقيقة ، فينفصل وينقشع هذا الوهم ؛ ليحيا الحقيقة ، فيرضي بالعيش معها رغم مرارتها ، إلا أنها تحمل ايضا عظمة تلك الحقيقة .

خالص، خالص التحايا لك أخي الفاضل ، فمعك حقاً ، أجد لكلماتي معنى ، ويتفجر نور المداد فيتألق بفكري.
شكرا لتواجدك الدائم .

د\أسماء علي
30-12-2005, 02:45 PM
الأخت المبدعة..عبلة....

قصة جميلة جدااااااااا....

و حقا الحمد الله انه كان حلم...

عبلة محمد زقزوق
30-12-2005, 11:40 PM
الحمد لله أن الحقيقة دائما هي الأروع .

شكرا حبيبتي د . أسماء على

وكفانا أحلام وأوهام ، فمع الواقع دائما نحقق أحلى الأحلام .

حوراء آل بورنو
31-12-2005, 05:32 PM
الحق أن قصتك تحمل بين طياتها العظة و العبرة و المتعة و التسلية و التشويق ، و أرى أن هذا كله من أهم دلائل النجاح لأي عمل أدبي راقٍ .
بوركت و بورك قلمك المبدع يا أختنا الغالية ، و أني لسعيدة بك أن زينت - مع كثيرين - دوحة النثر بقصص بهية و جميلة .

هناك بعض الزلل في إملاء و نحو بعض الكلمات ، و لكن هذا لا يقلل من قيمة وجمال قصتك .

تحية و ود .

عبلة محمد زقزوق
31-12-2005, 05:55 PM
كم أطربني مديحك ، وسعادتك بقصتي .

الشكر لك أختاه أ / حرة

وبالنسبة للهنات الأملائية أكتشفتها بنفسي بعد عرض العمل .
شكراً حد القلب ، على هذا التدقيق ، والذي إن دل ... دل على حُسن التذوق للعمل ذاته .
وكل عام وأنت بخير وسعادة .
وأقدم لك باقة زهر بمناسبة إنصراف هذا العام
وقدوم عام جديد بكل المحبة والإخاء .

2006

http://bouquetgarden.com/bgmothersroseslaura1_small.jpg

د . حقي إسماعيل
31-12-2005, 06:25 PM
الأخت الكريمة أستاذة عبلة .
تحية طيبة .
من دواعي السرور أن أكون متداخلا متواضعا هنا بين الأخوة الكبار الذين أفيد منهم أيما إفادة ، ( عفريت الست فتحية ) قصة أرادت إيصال معاني كثيرة .. قرأتهما بتمعن فأنستني القصة صاحبتها .. وذلك ـ لعمري ـ أسلوب من أساليب المبدعين .. أعجبت بالوحدة الموضوعية التي اكتنفتها القصة .. وبحوادثها التفصيلية ، وكأنني أنا أحد شخوصها ، كما أعجبني ـ بحق ـ تلك الأحداث المتصاعدة حتى وصول الحدث إلى حبكته الفنية ( عقدة النص ) ... قرأت قصصا كثيرة بعض الشيء ، وأعجبت ببعضها .. لكن التسلسل المنطقي اليومي ها هنا للشخوص والأحداث ، وطريقة العرض يدفعوني لتفضيل ( عفريت الست فتحية ) على كثير من الأعمال .
دام قلمك الذي يحمل نبض فكرك ، وإلى جديد لحضرتك .
دعواتي مزهوة بالتحايا .

عبلة محمد زقزوق
01-01-2006, 06:03 PM
أدام الله تواجدك بين حروفي

أستاذي الفاضل د . حقي إسماعيل

شكرا حد القلب

لهذا التواجد المعطر بجميل عطور الزهر .

د. سمير العمري
01-01-2006, 06:14 PM
سعدت بمتابعة أحداث مسلسلة عفريت الست فتحية هنا على مسرح الواحة وأجدها مسلية ومشوقة وتحمل الكثير من العظات والعبر. بل إنني قد استمتعت أيضاً بردود الأحبة هنا وخصوصاً الأخوين أحمد فؤاد ومحمد سمير و د. حقي فقد كانا يتعايشان الأحداث بتفاعل كبير. وأجد أن أشير إلى أهم ما يمكن للمرء أن يخرج به من القصة التي بنيت على فكرة تقليدية وزينت بأسلوب جديد.
1- طمع النفوس الذي يعمي الأبصار والبصائر.
2- أنانية الذات فحين تكون فرصة للخير لا ينصب تفكير المرء إلا بنفسه وخيره فقط.
3- اختلاف التوجه والاهتمامات بين الرجل والمرأة الذي تجسد هنا بأمنية كل واحد منهما.
4- لا سعادة حقيقية إلا بالرتباط بالحياة وبالناس ، ولا بهجة إلا بالأولاد فهم زينة الحياة الدنيا.
5- ربما أسعد الحلم ولكن لا يسعد إلا أن نراه متحققاً بالعمل والمثابرة.


ورغم استغراقي في تلك المعاني والعبر إلا أنني لم أستطع أن أمنع طبعي "غير المحبب للكثير" بأن أرصد عدداً من الملحوظات اللغوية والنحوية مما أرى أن يشار إليها إن أدنت أختي الغالية عبلة زقزوق فإن أدنت أشرت.



تحياتي
:os::tree::os:

عبلة محمد زقزوق
01-01-2006, 11:21 PM
سعادتي فاقت وتجاوزت حدود سطوري
فبتواجدك أستاذي الفاضل علا وسمى شأن متصفحي المتواضع .

شكراً حد القلب أخي الكريم د . سمير العمري
ياليتك تفرد لكل فصل من فصول قصتي رد ، يحمل ما به من أخطاء .:hat:
حتى يزدان جبين سيد وزوجته بشرف هذا التواجد .:010:
متصفحي أمر مدادك ، ودائما أشرف بجميل هذا التواجد .:001:

خليل انشاصي
02-01-2006, 12:28 AM
الأخت العزيزة والكاتبة الأنيقة المتألقة :
عبلة محمد زقزوق

لا أدري أين كنت أنا من تلك القصة الظريفة
لكنني قرأتها
ولو بعد حين
وقد خرجت منها بأمنية وهي :
هل لدى السيد عفريت إيميل سيدتي ؟
فقد أحتاجة في بعض الليالي
وهل هو موجود فقط في السمك ؟
أم أنه موجود في شيء أو مكان آخر ؟
معذرة لأسألتي الكثيرة سيدتي

والآن
حقاً أبدعتِ حقاً
وشكراً على تحفتك الأدبية الخفيفة على القلوب
دام عطاؤك أختاه متألقاً .

ملاحظة / أنا ما بخاف من العفاريت مطلقاً
لدرجة أنني لدي عفريت أربيه بشكل مخصوص للست فتحية .

أبو عبدالله .

عبلة محمد زقزوق
02-01-2006, 10:35 AM
هههههههههههD:
أضحك الله سنك أخي الفاضل أ / خليل انشاصي
كم أنا مدينة للست فتحية والأخ سيد زوجها بجميل تلك المصافحات الرقيقة .:noc:

أم أنه موجود في شيء أو مكان آخر ؟( الجني )
في عميق البحار أخي الفاضل دائما ما نجد كل ما هو خارج عن نطاق التصور والامعقول ، من جمال وسحر وكنوز ، سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ملاحظة / أنا ما بخاف من العفاريت مطلقاً
لدرجة أنني لدي عفريت أربيه بشكل مخصوص للست فتحية .
طيب سلفهولي ، الست فتحية خلاص حلفت ما راح تشوف وشه من تاني .

وأنا مثلك ما أخاف D: نص نص D:

د. سمير العمري
02-01-2006, 08:59 PM
إنما هو فضلك وعلو خلقك وسمو همتك ، وسأعمل بما أشرت إليه وسأعود لكل جزء أتناوله لغوياً ونحوياً بما نرجو به أن ينفع العمل وينشر الفائدة للجميع.


تحياتي
:os::tree::os:

حوراء آل بورنو
02-01-2006, 10:13 PM
جميل يا سيدي أن تشاركني إعادة الصياغة لنصوص أحبابنا في دوحة النثر .

ممتنة لك و شاكرة .

عبلة محمد زقزوق
03-01-2006, 12:13 AM
يافرحة القلب الحزين ، يا عمري القادم السعيد .:001:
الشكر لا يفي ، حق هذا الأكرام والتكريم .:hat:
شكراً أخي الفاضل ، وأستاذي الكريم
د . سمير العمري

وما زلت أنتظر هذا المداد :v1::0014:

أسماء حرمة الله
04-01-2006, 09:09 AM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

تحية مكتوبة بماء الزهر

الأخت الغالية عبلـة،

قصة مكتوبة بماء التشويق، عشتُ تنامي أحداثها وخوفَ وقلقَ أبطالها وكلَّ مشاعرهم المتضاربة، حتى أنني أحسستُ بما أحستْ به "الست" فتحية حين وجدت نفسها بذلك القصر، وأبناؤها بعيدون عنها فبكيتُ لبكائها، وتأثرتُ لبكاء زوجها حين أُسقِط في أيديهما ووقعا في قبضة الوحدة، وفلذاتُ الأكباد بمكانٍ مجهولِ الطريق.. مغيّب الملامح..
تمتلكين أساليب القصّ باقتدار، وإن كانت كان الانتقال من أرض الحلم إلى أرض الحقيقة بنهاية قصتك الجميلة والممتعة كان يحتاج قليلا من النسج، لكنكِ قد قدمتِ لنا لوحة نابضةً بالعبر والحكم، حين يصير المال هدفاً وغايةً بدل أن يكون وسيلةَ خير وبناء للحلم المشروع..وحين تقف المرأة بطموحاتها وآمالها عند أحلام صغيرة..وحين يتقاعس الإنسان عن تحقيق حلمه المشروع بالمثابرة، ويركن إلى الأساليب السهلة الجاهزة التي لاتورث غير الندم ولاريب.
ماكان لي أن أشير إلى بعض الخيوط اللغوية والنحوية الهاربة التي وردت بحلقات قصتك، إلاّ بعد الاستئذان من أستاذنا د. سمير، وهو السبّاق دوماً للفضل والكرم ونشرالفائدة، فله وللحبيبة حرة أهدي باقات شكري وامتناني، وسأبدأ على بركة اللـه، فإن أخطأت فقوموني وإن سهوتُ فنبّهوني..

عبلة العزيزة، لقد قمتُ بتعديل بعض التراكيب وتصحيح بعض الخيوط اللغوية والنحوية الهاربة، والتي لاتحرم نصك أبدا جماله ولارونقه الخاص، بل حرصاً عليه وعلى أن يخرج في حلّة بهية وقشيب أجمـل، وبناءً على ذلك، قمتُ بصياغة الحلقة الأولى على الشكل التالي:


...................................
تسمع طرقاً على الباب، فتنطلق سعياً لكي ترى القادم ، فقد كانت تنتظر زوجها الذي خرج في باكورة صباح اليوم، وهو يمُنّيها بأكلة سمك طازج سيحضره لها.(بدل يؤتيه إليها)
فتفتح الباب، لتجد زوجها وهو يحمل غمراً ثقيلاً ينوء بحمله، فتساعده لكي يصل به حتى باب المطبخ، فيلقيه في الحوض الذي امتلأ عن آخره بسمك"البياض والبوري والمياس" الذ كاد أن يتطاير ويسقط على الأرض من شدة شوقه لماء البحر، فتتراقص"الست" فتحية طربا وسعادة، وتعانق زوجها سيد وتشكره ، وتعدّ معه الأصناف التي ستقوم بطهوها من أجلِه ومن أجل أولادهما الذين سيسعدون لهذا الطيب من الطعام . فيتركها قرير العين راضياً لرضاها، ويمضي إلى فراشه بعد أن أخذ عليها عهداً ألا توقظه حتى ينضج الطعام، وبألاّ تجعل الأولاد يوقظونه بضجيجهم إذا حضروا بعد الدراسة بالذات .
وتظل الست فتحية أمام سمكها تنتقي منه ما يناسب أصناف طعامها، وبينما كانت تقوم بتنظيف ما يستحق القلي، أدمى أصبعها شيء صلب ببطن إحدى السمكات ، فأخرجته ونظرت إليه باندهاش قائلة:
"- ماذا أرى؟ قطعة زجاج ببطن السمكة، أم يكون فصّاً من الماس أو اللؤلؤ؟؟"
فأخذته من فورها لتغسله تحت صنبور المياه، فازداد بريقاً فتصيح :
"-إنه وربي قطعة زجاج ، فأنا أعرف قدري، فمن أين يأتيني هذا الماس ! نعم إنه قطعة زجاج."
وفجأة يهتز المكان من حولها، وتكاد تسقط بعض الأشياء، فارتعدت قائلةً:
"-ما هذا زلزال ؟"
حتى ترامى إلى مسامعها صوت جهوري لم تدرِ مصدره، لكنها سمعته يناديها باسمها:
"-يا ست فتحية"، وكرر النداء حتى استجابت وهي ترتعد خوفاً ، فخرج صوتها متقطع الأنفاس:
"- نعم أنا فتحية، هل تأمرني بشيء؟"، فيعود المكان لنفس اهتزازه وهو يحمل صدى الصوت الغامض المرعب :"- أنا خادم فصِّ الخاتم الزجاجي، مُريني وسألبّي طلبك في الحال"، فتحتار وتتساءل:
"-أي فص وأي خاتم هذا ؟" فأجابها الصوتُ في الحال:
"- فصّ الخاتم الزجاجي الذي قمتِ بتنظيفه الآن يا" ست" فتحية ، مُريني، فلكِ عندي طلبان، اطلبي ما تشائين وسوف يجاب".
تبحث عمّن يسعفها بالإجابة ، فتحاول الاستغاثة بزوجها سيد فلا تجد صدى لصوتها، فتندهش أإلى هذا الحد غرق زوجها في النوم . وأمام إلحاح هذا الخادم لفص الخاتم بالإجابة، أجابته بصوتٍ حاولت أن يكون متماسكا، لتنهي هذا الرعب القاتل، وقد تسارعت ألفاظها وتسابقت حروفها :
"- أريد أن أبدو صغيرة عشرين عاماً عن سني هذا ، وألاّ يبدو سني مهما تقدّم بي العمر، أتعرف هذا؟
وكأن الخادم كان هو الآخر في عجلة من أمره ،فأجابها بنفس سرعتها:
"- أمرك مطاع يا سيدة الحُسن والجمال …ها ها ها يا "ست" فتحية، انظري خلفك بالمرآة". وماكادت تنظر في المرآة حتى كاد أن يُغشى عليها/أو كادت تسقط مغشيا عليها"..
.................................


ولي عودة بالحلقة الثانية بإذن اللـه، منقحة مااستطعت..
دمتِ لنا.. :0014: :0014: :0014:
لك مني خالص الود والتقدير
وألف باقة من الورد والمطر

عبلة محمد زقزوق
04-01-2006, 09:29 AM
سلام الله ومحبته ، أختاه أ / أسماء حرمة الله

بيد السرور أشكرك ، على هذا الجهد وذاك التعديل ، فهو جهد حقاً تشكرين عليه حد القلب وما يزيد .

ولكن كل ما أرجوه عدم تغيير سياغة هذا الأسلوب السابق ، إلا في حدود الغلطات الأملائية أو النحوية .
لأنه عمل عزيز على نفسي ، فأرجو تواجده بنفس الأسلوب والأسترسال .
فمثلا المرأة = المرآة ، هذا هو ما كنت أجده خطأ يستحق التعديل والتنويه عنه . وما يشبه ذلك من الممكن أن يقل أو يكثر . دون التغيير في إنسياق الأسلوب بالزياد أو النقصان .

ولا يسعني إلا أن أشكرك ، على إستجابتك ، فدائما ما كان هذا هو حالكِ أيتها الحبيبة التلبية لحُسن اللفظ ، وجمال الأسلوب .
الشكر لا يفيكِ حقك ، وما زلت متتبعة .
ولو كنت أرجو في ذلك تواجد أستاذي وأخي الكريم د . سمير العمري لهذا الأمر البسيط ، والعظيم لجميل تواجده بين أسطر متصفحي هذا ، ولو إنتظرت عمراً آخر .
خالص التحايا ورقيق وعظيم الشكر لكِ أختي الحبيبة / أسماء حرمة الله

أسماء حرمة الله
04-01-2006, 10:03 AM
...........

لكِ ذلك أختاه..ماكنتُ لأغير بعض التراكيب اللغوية التي وظفتِها بنصك بزيادة ولا نقصان، ولكنها كانت اقتراحات لغوية مني أو بدائل أسلوبية وحسبُ، لبعض التراكيب بالقصة التي بدت لي بأنها تحتاج لمزيد من النسج، أما وقد طلبتِ، فقد قمتُ بالتعديل كما أردتِ..
لك خالص شكري وتقديري

نسيبة بنت كعب
05-01-2006, 10:08 PM
الباااااقى يا عبلة بسررررررعة

انتم وزاهية تتركونا وتنسونا

لا تتأخرى .. الحكم بعد المداولة :v1:

عبلة محمد زقزوق
06-01-2006, 09:17 AM
الشكر لا يفي حق ذوقك وإخلاصك وتفانيكِ للحرف أختاه أ / أسماء حرمة الله

وأغفري لي لو كان بقولي تقصير بحق هذا الثناء على جمال تواجدك بين أسطر حروفي المتواضعة .

ولكن ها هو د . سمير يتقدم بعد عهد قد طال ، وإن كان قصير ولكنه أصبح زمن طويل بعد هجره أسطر عبدة من عباد الله تواجدت بهذا الصرح العظيم ، لجليل خلقه وعظيمها .
أغفري لي حبيبتي فكلنا لحرف أستاذنا وأخينا د . سمير نتسابق ...

والشكر لا يفي حق الكرام الذين تواجدوا بصرح بناه أخاً لنا كريم الخلق والطباع ، فسمى الجميع بعظيم خلقهم ليعلوا ، ويصلوا بعظيم أستاذيتهم لغيرة كل المنتديات .
وكنتِ منهم حبيبتي أ / أسماء .

د. سمير العمري
08-01-2006, 04:50 AM
للحق أرى الأخت المبدعة أسماء قد قامت بعمل ممتاز ولكن وتلبية لرغبة أختي في الله الغالية عبلة أقوم بالإشارة إلى بعض ما يجب أن يشار إليه جزءاً فجزء ، وأعتذر على تأخر ردي للانشغال.

سنبدأ مع الجزء الأول وسأشير إلى مواضع التغيير باللون الأحمر وسأحرص على أن لا أغير في التراكيب ما تأنى ذلك.

تسمع طرقاً على الباب ، فتنطلق سعياً لكي ترى القادم ، فهي تنتظر زوجها الذي خرج مبكراً صباح اليوم وهو يمُنيها بأكلة سمك طازج سوف يأتيها به.
تفتح الباب فتراه أمامها يحمل غمراً ثقيلاً ينوء بحمله فتساعده لكي يصلا به إلى باب المطبخ ، فيلقيانه في الحوض الذي امتلأ تماماً بسمك"البياض والبوري والمياس" يتطاير ويكاد أن يسقط على الأرض من شدة شوقه لماء البحر ، فتتراقص الست فتحية طربا وسعادة ، وتعانق زوجها سيد وتشكره ، وتُعدَّ معه مجموعة أصناف سوف تقوم بطهوها من أجلِه وأجل الأولاد ، الذين سيسعدون بهذا الطيب من الطعام. يتركها قرير العين راضياً لرضاها ، ويمضي إلى فراشه لينام بعد أن أخذ عليها عهداً ألا توقظه حتى ينتهي إعداد الطعام ، بأن لا تجعل الأولاد يوقظونه بضجيجهم إذا حضروا بعد الدراسة بالذات .
تقبل الست فتحية على السمك تنتقي منه ما يناسب أصناف طعامها. تبدأ بتنظيف ما يستحق القلي ، وفجأة يدمى إصبعها شئ صلب ببطن إحدى السمكات ، تخرجه وتنظر إليه باندهاش :
- ماذا أري؟ قطعة زجاج في بطن السمكة؟! أم تراه ربما فصاً من الماس أو اللؤلؤ؟!!
تضعه من فورها لتغسله تحت صنبور المياه فيزداد بريقاً أمام عينيها فتصيح:
- إنه وربي قطعة زجاج ، فأنا أعرف حظي ، فلست ممن يحظى بالماس! نعم لا بد أنها قطعة زجاج لا غير.
فجأة يهتز المكان من حولها ، وتكاد تسقط بعض الأشياء ، فترتعد:
- ما هذا؟ زلزال؟!
ولم تكد تكمل قولها حتى جاءها صوت جهوري ، لم تدرِ أمن أمامها أم من خلفها ، لكنها سمعته يناديها باسمها:
- يا ست فتحية!
تكرر النداء حتى لبت وهي ترتعد خوفاً ، فخرج صوتها متقطع الأنفاس:
- نعم أنا فتحية ، أتأمرني بشيء ؟
يعود المكان لنفس اهتزازه وهو يحمل صدى الصوت الغامض المرعب:
- أنا خادم فص الخاتم الزجاج ، مريني ألبِ طلبك في الحال. تحتار وتتساءل:
- أي فص وأي خاتم هذا؟!
فيجيبها الصوت في الحال:
- فص الخاتم الزجاجي الذي قمتِ بتنظيفه الآن. يا ست فتحية ، مريني فلكِ عندي طلبان ، اطلبي ما تشائين وسوف أجيب .
تبحث عن من يسعفها بالإجابة ، فتحاول الاستغاثة بزوجها سيد فلا تجد صدى لصوتها ، فتندهش ألهذا الحد غرق زوجها في النوم . وأمام إلحاح هذا الخادم لفص الخاتم بالإجابة لا تجد إلا أن تقول له بصوت تحاول أن يخرج منها متماسكاً لتنهي هذا الرعب القاتل ، تسابق ألفاظها حروفها:
- أريد أن أبدو أصغر بعشرين عاماً ، وأريد أن لا يبدو الهرم علي مهما تقدم بي العمر ؛ أتقدر على هذا؟
وكأن الخادم كان هو الآخر على عجل من أمره فأجابها بنفس سرعتها:
- أمرك مطاع يا ست الحُسن والجمال. … ها ها ها يا ست فتحية انظري خلفك في المرآة. وما تكاد تنظر في المرآة حتى كاد أن يغشى عليها.


وإلى اللقاء في الجزء الثاني بعد إذن الست فتحية وإذن الأخت العزيزة عبلة :001:



تحياتي
:os::tree::os:

عبلة محمد زقزوق
08-01-2006, 09:30 AM
أي عظمة ، وأي عمل عظيم حظيت به الست فتحية وزوجها من قبلي ؟!!

هذا ما كنت أنشده أستاذي ومعلمي القدير للفظ
د . سمير العمري
من حُسن توافق الألفاظ مع إنسياق لفظي .
أنني أجل فيكم حُسن توافق الألفاظ ، مع الفارق بين لفظي ولفظكم ، ولكن تواضعكم يجعل حرفكم طوعاً ، لبسيط حرفي فيرتقي به ، وكأننا على مسيرة واحدة .

دين لن نفي حق قدره ، مهما تعالينا بالعطاء .
ومازلنا نحن وأنتم في إنتظار البقية من خير الحروف وعظيم المداد أخي الكريم .

http://bouquetgarden.com/bgmothersrosekelly_small.jpg

د. سمير العمري
09-01-2006, 10:56 PM
بارك الله بك أيتها النقية الراقية أختي الغالية عبلة. بل هو الشرف لي بأن أسعد بمصافحة حرفك المبدع ها هنا. لنواصل الآن مع الجزء الثاني:

تلتفت من فورها إلى مرآتها ، فتشهق شهقة تتلفت بعدها حولها غير مصدقة أنها نفس تلك الفتاة التي تراها في المرآة.
نعم هي نفسها الست فتحية ذات الأربعين عاما ويزيد.
تدقق النظر مجدداً فاغرة فاها وقد توجست خيفة ولكنها تتماسك قليلاً وتقول:
- أنني هي والله ؛ نعم هي ، لقد صدق ذلك الجني ، وأعاد لشبابي جماله رونقه وبهاءه! ولكن يا ترى هل سيعود الهرم يطفح على وجهي ، وويظهر لي ما لا أرغب؟!
سؤال دار بخلدها لحظة تأكدها من صدق أعاجيب هذا الجني ، فخرج صوتها متوسلاً هذا الجني أن يجيبها ، ولكنه كان انصرف ؛ فهي لم تعد تشعر بقشعريرة بدنها أو بزلزلة أركان جدرانها . تأكدت أنها وحدها ، وبأن الجني قد انصرف وأنه لا يراها سوى مرآتها. تتذكر زوجها فتسعى إليه وتقتحم عليه غرفته مهللة:
- استيقظ يا سيد وأنظر لي جيداً .
ما إن يستيقظ هذا النائم من سباته حتى يرى أمامه صبية لا يتجاوز عمرها العشرين ، فيصعق ويضطرب ويهب جالساً فوق فراشه متفرساً في وجه من أيقظته ، منادياً على من أستأمنها حق نومه:
- يا فتحية … يا ست فتحية.
تجيبه الست فتحية من فورها والسعادة ما زالت تغمر كل نبضة من نبضات وجهها:
- نعم يا سيد ماذا تريد أنا هنا أمامك ،ألا تراني؟!!
فيزداد اندهاشاً ويقول:
- من أنتِ بحق الله؟ وكيف سمحتِ لنفسكِ اقتحام خلوتي وتزعجين نومي بهذا الشكل المهين؟ أين ذهبت تلك المرأة وتركت لك حرية التجوال والاقتحام هكذا؟
تبتسم وتكاد ابتسامتها أن تنفلت إلى سخرية وهي تقول له:
- أما عرفتني بعد؟!! أنا فتحية زوجك!
تقولها وهي تدور حول نفسها يمنة ويسرة وتغدو فوق الفراش قافزة وفوق الأرض باسطة القدمين مستبشرة بهذا الانبهار .
فينهرها زوجها وهو لا يكاد يصدق عينيه ، ويعاود سؤالها:
- إذا كنتِ حقاً زوجي فاذكري أسماء أبناءنا.
تشعر فتحية أنها أمام امتحان ميسور فتجيبه بسرعة الشباب وحميتهم:
- أحمد ومصطفى ومحمود وعلية ونورا وهم الآن في المدرسة.
يعتدل سي سيد بمجلسه مشدوهاً ويقترب من وجهها متفحصا متأملاً:
- نعم إنها فتحية أذكرها بتلك الندية فوق حاجبها الأيسر.
هكذا خرجت من فمه تلك الكلمات وكأنه يؤكد لنفسه صدق ما تراه عيناه ، ثم يعيد النظر إليها يتفرسها باندهاش.
وفجأة وكأن عقرباً لدغه ، فينهض من على فراشة واقفاً أمامها في الغرفة صائحا:
- من أين جئت بهذا المسحوق الغريب على وجهك؟ ألم تكوني في المطبخ تعُدين طعام الغداء أيتها المرأة؟!!
فتتراقص فتحية طرباً وكأن صياحه في وجهها زادها ألقاً:
- إنه خادم فص الخاتم الزجاجي يا سيد.
- أي خادم وأي فص هذا؟ إنكِ تتكلمين ألغازاً. أي خادم يا امرأة لقطعة الزجاج تلك؟ ومن أين جاء؟؟ وكيف جرى ما جرى وأنا معك بالجوار دون أن أشعر به؟!!
تخشى أن يتهمها بما لا يحمد عقباه ، وتقضي على فرحتها بشكه وظنونه ، فتقص عليه كل ما كان من أمرها ، منذ لحظة أن تركها وذهب للفراش لكي ينام ، حتى لحظة وقوفها أمام المرآة مأخوذة العقل واللب بما يراه هو الآن.
يمسكها سيد من يديها وهو يكاد يعتصرهما والشرر يتطاير من عينيه:
- أهذا ما فتح به الله عليكِ أيتها المرأة الساذجة؟
تندهش من أمره وتقترب هامسةً:
- وما الذي كنت تريده مني أمام هذا الزلزال وذاك الجني ؟ قد ناديت عليك ولكنك لم تستجب؟!!
يُحدث نفسه وكأنه ذهب بعيداً عن سذاجة زوجته ويقول:
- كان من الممكن … أن تطلبي منه مثلاً مكاناً أرحب وأنسب من مسكننا هذا الذي أصبح يكتظ بنا!!! أو أن تطلبي منه مثلاً … أن يجعلني رئيسا أو مالكاً لأمر نفسي في عمل ما ؛ يدر علينا مالاً وفيراً؟!!
وكأنه استفاق من غيبوبته واستطاب له عظيم أفكاره فيسألها بحدة وقسوة تعادل ما خطر بباله:
- أين هذا الفص؟ أهو ما يزال معك؟ هل ما زال ساري المفعول؟
كان يحدثها وهو ينظر إليها شزراً ، فيراها منكمشة على نفسها بعيداً عن يديه. يقترب منها ويمسك بها ويعاود سؤالها برقة مصطنعة ، فيراها ترتجف بين يديه من رأسها حتى أخمصي قدميها. يضمها بشدة إليه وهو يسأل للمرة الثالثة ، فتشير للمكان الذي وضعت فيه هذا الفص العجيب.
يتركها بسرعة وكأنه يلقيها بعيداً عنه ، ويذهب حيث ما يرجو ويأمل .




تحياتي
:os::tree::os:

أسماء حرمة الله
10-01-2006, 08:25 AM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

تحية طيبة

الأخت الغالية عبلة

برّاً بوعدي، هاهو الجزء الأخير من ( عفريت الست فتحية )، وقد كنتُ على وشك اعتماد الجزء الثاني لولا أن أستاذي العزيز د. سمير قد سبقني للفضل والخير كما هو دوماً، بارك اللـه فيه وفي يراعه..وإليكِ الجزء الأخير وقد حاولتُ قدر المستطاع ألا أغيّر التراكيب اللغوية الواردة به إلاّ قليلا مما دعت الضرورة إليه.
-----------------

لم تكد ترفع أصبعها مشيرة إلى مكان هذا الفص الزجاجي ، حتى دفعها واندفع تاركاً إياها مطروحةً أرضاً، ويقف زائغ البصر، محدقاً في كل ما تقع عليه عيناه ، باحثاً عن بريق هذا الفص .
يجده فيلتقطه بين يديه ، ويعبث بأنامله مستنجداً بهذا الجني ، لكن زوجته تهرع إليه شارحة له طريقة استدعاء من ترتعد له فرائص الإنسان ، وتحثه على تكرار اسمه موضحة له ما سوف يعقب ظهوره .
فيستمع وينفذ ما تقول، وهو في ذهول ينتظر ظهور تلك العلامات برجاء وقنوط. وأخيرا يهتز المكان وترتعد الأبدان ويقشعر رأس الإنس من الجان ، ويصيح بهم ملبياً النداء : "لبيك لبيك، عبدُك يا "سي" سيد وملك يديك" .
فيستجمع شجاعته وهو ممسك بيد زوجته ، ويقول بصوت أجش عميق مرتعد متلاحق الحروف، مخافة بطلان مفعول هذا السحر فيقول :
"- كل ما أريده، قصر منيف بمكان بعيد ، لا يسكنه إنس حتى يهدأ البال ، وأكون رئيساً على عمال النظافة بذاك المكان . هذا هو طلبي فهل تستطيع تلبيته لي في الحال ؟!!"
فيهتز كل ركن ، بل يكاد أن يتصدع وينهار على رؤوس العباد، والجني يلبي ويقول :
"-أمرك نافذ ، وبهذا أكون قد أوفيت ديني لأسرتك يا سيدي … سيد.أنظر الآن، إنك وزوجتك بقصر النسيان ها ها ها".
يعم الهدوء، ويبدو المكان رحباً أمام سيد وزوجته ، فتنبهر ويكاد عقلها أن يطيح بها ((ويتشكك لبها بأمرها)) ، فتطلب من سيد أن يقوم بوخزها لتعي حقيقة أمرها ؛ فيجيبها قائلاً :
"-هذا هو ما كان عليكِ أن تفعليه يا امرأة ! "
فتنظر إليه شزراً، وهي تتراقص زهواً في بهو مملكتها قائلةً :
"- بجمالي وشبابي اكتمل نعيمنا يا سيد، ألا تتفق معي ؟ !! "
وتأخذه من يديه ، ويصعدان سلماً يرتقي بهما لعدة غرف ، فتنتقي بحسها الأنثوي أجملها وأزهاها أثاثاً وتقول : "- تلك لنا نمرح ونغدو ، فلا يدركنا السأم ؛ تلك هي حياتنا التي نستحقها يا زوجي منذ أمد . "
وتنطلق معه لرؤية بقية الغرف : "- تلك لأحمد والأخرى لمحمود والتالية لمصطفى والرابعة لعلية وأختها نورا ، وبقية الغرف لاستقبال ومبيت ضيوفنا ."
وتلتفت إلى زوجها وكأنها أدركت أخيرا شرود فكره وتشتتَه، فتتساءل متوجسةً خيفة من سوء حاله :" ما بالك يا سيد ألا تشعر بالسعادة مثلي؟"، فينظر إليها تائه البصر شارد الفكر ، فتلح عليه محاولة إخفاء سعادتها ومشاطرته نفس توجسه، فيجيبها بصوت خافت انتزع صمام الأمان منها :
"-وأين هم الأولاد الآن يا فتحية ؟!!"
وكأنه فجر قنبلة موقوتة بداخلها، فرددت نفس قوله.. وبلهجة أشد وأعنف من طعنات الخناجر بالقلوب : "-الأولاد يا سيد… أولادي !!أين أولادي ؟ أليس الجني مسؤولا عن مرافقتهم لنا؟! أولادي يا سيد أولادي ؟!!."
وتنهار مجهشةً في بكاء تنفطر له قلوب العباد ، وهي تجري باحثة عن منفذ للخروج إلى أطفالها من خلال هذا المدى المتسع. فيربت على كتفها ، يعانقها وهو يقول بصوت يائس حنون :
"-انتظريني سوف أخرج وأرى ماذا يكون ، لعلي أستطيع الوصول لمسكننا القديم ، وأحضر لك الأولاد" .
فينطلق من توه تاركاً إياها غارقة في البكاء. فما إن خرج من باب القصر حتى رأى أمامه حديقة شاسعة غناء مترامية الأطراف ، عامرة بكل أنواع الشجر والثمار، وتتوسط الحديقة غابة تكتحل بها العيون من كثرة الأزهار وتشابك السيقان بمختلف أنواع الزهور والألوان . فكاد أن ينسى سبب خروجه وانطلاقه، وقد وقف مشدوهاً مبهور الحس والحواس ، من جمال الطيور ورقيق صوتها الصداح ، لكنه يمضي إلى حيث نهاية تلك الحديقة الغناء، باحثاً عن باب يخرج منه للبحث عن الأولاد وإحضارهم.
فيتيه ويضيع منه هذا المنفذ الخاص بالخروج حيث العمران، فيعود أدراجه حيث ترك زوجته الست فتحية ليجدها ماتزال باكية، فيربت عليها مواسيا إياها وإياه ، فتشعر بأنه يخفي أمراً جللاً، وترفع بصرها إليه لتتأكد من صدق إحساسها، فيومئ برأسه وهو يقول :
"-لا يوجد باب للخروج من هذا القصر يا أم البنات والبنين ". فترتمي أرضا مولولة صارخة مستنجدة بزوجها، بمن كانت ترجو منه نجدتها!!! فيزداد بكاؤها ونحيبها لفقدان الأمل، وفقدان المنقـذ لكليهما .فيرجوها زوجها بالكفّ عن هذا البكاء وذاك النحيب، ويرجوها أن تنطلق معه حيث ترى ما بالحديقة من أشياء وأمور أخرى غريبة .
فتتوسد يديه ... و تستعطفه بألاّ يخبرها بما هو أسوأ من حالهما. لكنه يقول لها بصوت مفعم بالحزن والشجن لايخلو من الدهشة : "- هل تصدقين يا فتحية … أن الديدان تحث ثرى الحديقة، عندما رأتني اختفت ، والنحل بالمناحل ازداد نشاطاً ، والطيور على الشجر أخذت ترتب أعشاشها وتلقي ببقايا طعامها ، كلهم غيروا نمط عيشهم بمجرد أن رأوني. فما رأيك؟؟ أخبريني ؟ !!، يكاد الذهول يُذهب عقلي ؟ ".
فتنظر إليه محدقة باردة الإحساس والشعور، لاتنبس ببنت شفة، وقد فارقت السكينةُ والهدوء عقلَها وقلبها الشارد الحزين. فيرجوها الإجابة عن السؤال، فيباغته تنهدها المكتوم ، وهي تحاول الرد على بعلها وحصنها بجواب لا يسعفها به حالها. فيتوسل إليها، فتلملم شتات فكرها وقد امتلأت عيناها بريقاً فتقول له : "-إنك يا سيد طلبت من الجني قصرا بعيدا لا يجاوره بشر، وأعقبت ذلك بطلبك أن تكون رئيساً على العمال ، فأين العمّال يا رئيس العمال !!!؟ سوى الطيور والحشرات والديدان" . فيقف أمامها، وكأن الطير حط على رأسه، مشدوها ًغارقاً بفكره وهو يحدثّ نفسه :
"- مستحيل … مستحيل أن أستطيع العيش بدون أصدقاء ؟" ويتجاوب مع واقع الحال قائلا:" - إنه صعب العيش هكذا بدون أولادنا أو أصدقائنا، صعب علينا يا فتحية صعب ."
فتجيبه باكية منتحبة : "-أنت من فعلت بنا هذا أيها الطماع . أريد أولادي في التو والحال" . وتعود لنحيبها وصراخها بهستيرية تفقدها شعورها بالمكان والزمان، وهي تردد أسماء أبنائها وتناديهم: "-يا أحمد ، يا مصطفى ، يا محمود ، يا علية يا نورا ". فتشعر بيديه تربت عليها ودموعه تغرق المكان، فتحاول الاستفاقة من غيبوبتها وقد خشيت فقدانه هو الآخر من كثرة ما يعتمل بداخله من حسرة وندم ، لعزلتهما التي لا يؤنسها لا ولد ولا خل ولا خليل .
فتحاول النهوض لكنها تلفيه أمامها وكأن السماء وحدها التي استجابت لنحيبها، تراه بجوارها بنفس الحجرة القديمة المتهالكة ، فيتراقص قلبها طرباً وتتساءل بشغف أم ملهوفة على أولادها :
"-وأين الأولاد يا سيد ؟"
فيجيبها بصوت خافت حنون: "إنهم بحجرتهم مازالوا نائمين ، مابك أنت قد استسلمتِ للنحيب طوال نومك أيتها الغالية الحنون؟" .
فتبتسم وتقص عليه منامها، إلا أنه يذكرها بضرورة سعيه للعمل حتى لا يؤاخذه رئيس العمال كعادته . ويذكرها بأنه سيأتي لها بغمر من السمك الطازج كما كان قد وعدها بعد عودته من العمل .
فتصيح ملوّحةً بيديها أمامه: "-لا ، لا يا سيد … لا أريد هذا السمك".

هذه لم أتبين بها المعنى : ((ويتشكك لبها بأمرها))..
عيدك مبارك سعيد ..وكل عام وأنت وواحتنا والأمة الإسلامية بألف ألف خير
لك مني خالص تحياتي وودي وتقديري
وألف باقة من الورد والمطر

ابتسام اسماعيل شاكوش
10-01-2006, 12:09 PM
العطر عطر مرورك غاليتي أ / سحر الليالي

أتمنى أن يكون أسلوب قصتي أعجبك ، كما كانت الفكرة أيضا ؟


وأرجو إفادتي ممن لهم باع طويل في فن الأقصوصة والرواية ، بالأسلوب النثري ، وهذا السجع المتواجد بروايتي .

خالص التحايا والتقدير لكِ غاليتي .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميل هذا القص وأجمل منه خذا الخيال الجامح
عزيزني لم أجد في القصة بكل أجزائها ذلك السجع المبهظ
كانت أحداثها تنسا بشكل يسحب القارئ في تيار التشويق ليصل الى النهاية المفاجئة
لكن,,
المقاطع الثلاث تنوء بالأخطاء اللغوية " لم يشر اليها أحد وهذا أهم عيوب النشر في مواقع الانترنت ليست هذه قسوة مني بل اني أرى أن من حق الكاتب على المتابعين الاشارة الى أخطائه ليتجنبها في نصوصه القادمة وربما تكون الاشارة ضمن رسالة خاصة
لو نسمحين بتفصيلها سأفصلها
أنتظر ردك
تحيتي لك

حوراء آل بورنو
10-01-2006, 01:06 PM
أختي الفاضلة ابتسام

بارك الله بك ، و جميل الوعي و الإدراك بضرورة التنبيه على الخطأ و التأكيد على تصحيحه ، و لقد كان هذا بحق ؛ فقد نبهتُ الأخت الفاضلة عبلة و كذا الأستاذ سمير و كذا الأخت الحبيبة أسماء ، و لم يقف الأمر عند هذا فقط بل قاموا بتصحيح النص كاملاً مشكورين .

أشكر اهتمامك و الذي يدل على حب كبير .

الصباح الخالدي
10-01-2006, 04:27 PM
عفريت الست فتحية بوركت

محمد عصام
10-01-2006, 07:13 PM
الاخت/ عبلة..
ام نقول الكاتبة الاديبة العظيمة/ عبلة...
لا ادرى ماذا اقول فان لسانى لا يجد كلام يقوله من جمال قصتك ...
(عذرا لتأخر ردى عنكِ ولكن كان ذلك بسبب سفر مفاجىء)..
فقصتك يوجد بها افكار ومعانى كثيرة..
قصة جميلة..بل رائعة...
سعدت بمرورى على متصفحك هذا ..
ان شاء الله عندما ادخل متصفحك مرة أخرى يكون عقلى صافى الذهن فاكتب لكى كلام يسعدك ويشرفك..
شكرا لكِ وعلى قصتك وموضوعك.

عبلة محمد زقزوق
11-01-2006, 10:26 AM
يخجل المداد أمام هذا الفيض من العطاء .
الشكر موصول ، لكل من شاركني تحفتي ، وأستمتع معي برنين عباراتها ، وتشويق حدثها البسيط .

الشكر لأخي في الله ، وأستاذي الفاضل د . سمير العمري
وللأخت العزيزة أ / أسماء حرمة الله
فهذا هو عهدنا بك منذ إلتقائنا بساحة الواحة الرائعة بجميل تواجدك .
والشكر للأخت الفاضلة أ / إبتسام شاكوش
حيث شرفت أنا وكل من الست فتحية وزوجها سيد ، بشرف مرورك وإطلاعك على حلمهما ، وحلمي أنا ايضا معهما .
ولله الحمد لن نجد مكان أفضل لنشر إبداعاتنا المتواضعة ، إلا هنا بالواحة حيث تعم الأخوة والمسارعة لتنقية الحروف من شوائب اللغة ، والشاهد والدليل هنا بمتصفح الست فتحية وزوجها .
والشكر لكِ أختاه حرة لعظيم تواجدك كمتابعة نشرف بهمتها ، وحُسن إستقبالها لضيوف موقعها .
والشكر لك أخي في الله ـ الصباح ومن الست فتحية وزوجها سيد .
ويكفي مرورك وتصفحك أخي الفاضل ـ محمد عصام
فهو خير التواجد ، وعظيم الثناء .