المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفصل الأول من روايتي (( عندما تموت الملائكة ))



صابرين الصباغ
13-01-2006, 01:57 PM
الطلقة الأولى



- ادفعي لأسفل .. تنفسي بعمق ..
- تعبت .. لي أكثر من ثلاث ساعات أدفع ، أتنفس ، حتى شعرت أن جدران و سقف الحجرة ؛ تضغط عليَّ ، تُساعدني ..
- ساعديني ، إنني أرى الرأس ، اضغطي أكثر ..
انقطع جهدي ، لم أستطع التحمل ، تكاد بطني تنفجر ، عيناي تخرجان من محجريهما ، ليتهم يعلمون أن طفلي ، لايريد الهبوط للدنيا ، لعله يرهبها ، أو أنه لايرغب في رؤيتي .
تدخل أمي يكاد ينفطر قلبها خوفاً ، تناشدني أن أساعد الطبيب في دفع سيارة طفلي حتى يترجل منها على فراش عمري ..
أبكي من الألم المبرح ، كل طلقة ، تكاد تنخلع معها أعمدة ضلوعي ، لتهوي روحي ، فأموت ..
- والله يا أمي .. أساعده ، تعبت ، شارفتُ على الموت ..
- رأس المولود بيدي ، شعره أسود متفحم ، إنها مُتعبة ..
صرختُ صراخاً ميتاً ، لم أعد أحتمل ، لن ألد ، لا أريد الصراخ ..
- أتركـــوني .. أتركـــوني ، سأبقى هكذا حتى الموت ، أخرج .. أنتَ لا تفهم شيئاً ، أنتَ لستَ طبيباً ..!! من أي الحظائر أتوا بك ..؟
ينهض من أمامي ، يجمع بعضه – كله – يرحل ..
لأبقى بين أيديهم جرح ينزف ، يؤلمهم جميعاً ، بدفقات خوف عليَّ وعلى وليدي ، الرافض للحياة ..
كل طلقة تأتي ، كأنها قطار يمر بلا هوادة فوق فلنكات جسدي ليدهسه ، أبكي ويبكي الجميع من حولي ، يحملونني بسيارة لأحد المستشفيات ..
لم يعد لديَّ قوة ، فقد وَلدتُ قوتي ولم ألد طفلي ..!! يحملونني حملاً ، عندما تأتي طلقة جديدة ؛ أقفز- أرتعد – أتلوى من شدة ألمها ، أصرخ صراخاً أبكم ..
أمام المستشفى .. يحضرون سريراً متحركاً ، يأخذوني ، تأخذ أمي غطاء رأسي وحذائي ، يجري بي الممرض ، حالة مستعجلة ، الجميع يستعجل ، طفلي – الوحيد الرافض الحياة ، لا يشفق عليَّ من شدة الألم ، شعرتُ أني أتعرض لعملية أغتيال - طفلي - هو من يقودها..
تُفتح لي الأبواب ، يدفعوني بالسرير ،كما يدفع بالخبز داخل فرن مشتعل ..
أدخل باباً مظلماً ، بمفردي ، أنظر لأمي ، أستنجد بها ، تضغط على يدي بنظرة من عينيها ..
رحلة قاتمة ، يدفعني الرجل بعنف ، من جهة قدمي ، حتى شعرت أن ابني سيخرج من فمي ..!!
لا زال الألم العابث – الطائش ، يتتابع سعيداً ينهش أعضاء - أعضائي ..
أنظر بالباقي من فتات بصري ، أرى نساءاً جالسات ، منهن من تبتسم ، من تصرخ - تتأوه ..
أدخل غرفة إعدامي .. هناك امرأة تصرخ ، لي – لها، يلتفون حولها ، يعنفونها ، تلد- طفلها - هي- يصرخان ، ضاع ألمي ، غرق في بحر صراخهما ..
أنام .. سبعة أطباء يلتفون حولي – الذبيحة – يبتسمون ، لايعلمون بكم الألم ، كأنهم يستعذبون آلامي ، يصرخ أحدهم ..
- أضغطي .. لأسفل ، كلا ، لن أضغط ..
تناشدني .. طبيبة صغيرة شفقة عليَّ ، أن أنفذ مايقولونه ..
لي أكثر من خمس ساعات أضغط – أدفع ، هلا رحمتوني ، نفذي يا امرأة ، وإلا أحضرنا ( الجفت ) وأجرينا لك جراحة ، إفعلوا ما شئتم ، لن ألد بهذه الطريقة ، فلو كانت صالحة لكنت ..
يضربني أحدهم على فخذي ، أصرخ - مرة - مرتين ، كنافورة ألم في وجوههم جميعاً ، أنهض من فوق الفراش المتسخ بدم وبقايا مياهٍ أسودٌ لونها ..
- لن ألد .. أتركوني ، سأرحل ، لن ألـد ..!! تقترب الطبيبة مني ، صدقيني ، وليدُكِ نراه جميعاً ، ستقتلينه بعِنادك ، تعالي .. كلا .. لا دخل لكم بي – به سأرحل ، حتى وإن مت – متنا ..
أسير بدهليز مظلم ، مبعثرة الشَعَرِ – الشعور ، حافية القدمين ، عارية من كرامتي التي تركتها هناك ، جثة هامدة فوق السرير الملوث ببقايا نساءٍ ، خلقن ليتعذبن برسالتهن ..
الجميع ينظر إليَّ ، كأني جننتُ ، يضربون أستفساراً فوق أستفسار ، عيون الخوف والإندهاش تتبعاني ..!!
الممر لا ينتهي ، الظلام الدامس يحوطني ، لو كانت هناك كاميرا تصور هذا المشهد لفزتُ بجائزة أوسكار كبطلة لأكبر أفلام الرعب ..
تقفز إحدى الطلقات المؤلمة من فوق قارب جسدي ، لأهدأ بعض الوقت ، أستريح ..
أعود بذكرياتي للوراء ..
- ادفعي ..
- هيا .. ساعدينا ، سيخرج وليدك الآن ..
صرخة أخيرة تمسك بيديها الطفل لتنزل به ، فيهدأ الجميع ..
يعطيني الطبيب – المولود – يسترشد بي ، ليرى العالم الجديد ، فأُ غسِلهُ ، ألبسه ثيابه التي سيواجه بها العالم ..
تخرج الأم ، تحتضن طفلها ، أذهب إليها من آن لآخر ؛ لأداعب ضيف الحياة ، أشم عبق الطفولة في راحتيه ..
انتهت نوبتي ، لليوم الأول لي بهذه المستشفى ، التي ألحقني للعمل بها أحد أصدقاء أبي ، بعدما انتهيت من دراستي ..
ما أروع أن تولد على يديك حياة جديدة ..!! تكون أنتَ أول من يستقبل سائح جديد، لا يحتاج جواز مرور لدخول الدنيا ، لديه الإقامة الجبرية ، برغم أنف الجميع ../align

محمد الدسوقي
13-01-2006, 04:21 PM
صابرين الرائعة

عشت المشهد بكل تأوهاته وآلامه وكأنني الذي يلد ...؟!

تصورات لا يستطيع كتابتها إلا مجرب ..يا لك من حاذقة .
أخذتني فلول الهواجس بتمنعك عن الولادة ....وقلت هل هذا يعقل ..؟

أنها حرب الحياة من أجل الحياة .....بدون طلقات .

الحمد لله الذي جعل الرجل لا يحمل ..!

(يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويرزق ما يشاء بغير حساب )

بداية موفقة إن شاء الله

لك التحايا ... حتى يزول آلام المخاض

عبلة محمد زقزوق
13-01-2006, 04:44 PM
رائعة الروائع أ / صابرين الصباغ

تحفة روايتك تلك ، تعايشت معها حتى كدت أصرخ وأتنفس لها .

ولكن البداية كانت للسيدة الحامل ، والنهاية جاءت من ممرضة ، لست أدري !
ولكني فوجئت .

خالص الحب والود لجميع روائعك أختاه .

إبراهيم القهوايجي
13-01-2006, 04:59 PM
الرائعة صابرين
انا استغرقت دهشتي بنصك/فصل روايتك لما استقبلته لاول وهلة يومها على المسنجر، وقلت لك أن هذه البداية - الطلقة هي نسيج لوحدها على مستوى اشتغال طريقة السرد واللغة والوصف الدقيق لالم المخاض والولادة/ ولادة الرواية ايضا وهذه الدرامية التي تميز أجواء النص ، بحيث يسبد بي التوتر والضغط وأنا أقرأ الفصل ، وتلك ، لعمري ، مميزات الادب الرفيع ..لانه ببساطة يتضمن الصدق الفني ، بمعنى أن الادب الجميل لا بد للاديب فيه من معاناة، انها تلك اللحظة الحرون/الولادة التي تستعصي على التحديد ، لكن بمقدرتك الفنية وفقت في الالمام بدقائقها ، انها لحظة تصادم الحياة بالموت او الموت بالحياة او انبثاق الحياة من الحياة...
دمت مبدعة يا صايرين
مع حبي وودي

الصباح الخالدي
13-01-2006, 05:18 PM
شاهدت افلام علمية للولادة وعاصرت حوادث ولادة
لكن هنا مشهد متقن لحالة امرأة تلد لأول مرة
صابرين كأنني كنت ألد

صابرين الصباغ
13-01-2006, 05:45 PM
[QUOTE=محمد الدسوقي]
صابرين الرائعة

عشت المشهد بكل تأوهاته وآلامه وكأنني الذي يلد ...؟!

تصورات لا يستطيع كتابتها إلا مجرب ..يا لك من حاذقة .
أخذتني فلول الهواجس بتمنعك عن الولادة ....وقلت هل هذا يعقل ..؟

أنها حرب الحياة من أجل الحياة .....بدون طلقات .

الحمد لله الذي جعل الرجل لا يحمل ..!

(يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويرزق ما يشاء بغير حساب )

بداية موفقة إن شاء الله

لك التحايا ... حتى يزول آلام المخاض [/QUOT


وأنا معك محمد

ان الولادة حرب أنفصالية

لتعيش الحياة

اشكر لك مرورك الكريم

دمت مبدعا

صابرين الصباغ
13-01-2006, 05:48 PM
رائعة الروائع أ / صابرين الصباغ

تحفة روايتك تلك ، تعايشت معها حتى كدت أصرخ وأتنفس لها .

ولكن البداية كانت للسيدة الحامل ، والنهاية جاءت من ممرضة ، لست أدري !
ولكني فوجئت .

خالص الحب والود لجميع روائعك أختاه .


الجميلة والحبيبة أ/// عبلة

نعم بطلتي كانت تحتاج مساعدتك لها لتلد

البداية لها لكنها بلحظة تختفي الطلقات

تعود وتتذكر حادث ولادة كانت تحضرها كممرضة

لكن اخبريني هل أكمل فصولها

أم اكتفي بهذا القدر

وكل عام وأنت حبيبتي بكل الخير

وعائلتك الكريمة

محمد عسران
14-01-2006, 05:15 PM
استاذة صابرين

بداية رائعة

أحييك عليها

تملكين من اللغة والتشبيهات بحرا غزيرا

رائعة فى تصاويرك النثرية

ماذا اقول غير شاعرة روائية

تقبلى منى

محمد عسران

صابرين الصباغ
14-01-2006, 07:32 PM
الرائعة صابرين
انا استغرقت دهشتي بنصك/فصل روايتك لما استقبلته لاول وهلة يومها على المسنجر، وقلت لك أن هذه البداية - الطلقة هي نسيج لوحدها على مستوى اشتغال طريقة السرد واللغة والوصف الدقيق لالم المخاض والولادة/ ولادة الرواية ايضا وهذه الدرامية التي تميز أجواء النص ، بحيث يسبد بي التوتر والضغط وأنا أقرأ الفصل ، وتلك ، لعمري ، مميزات الادب الرفيع ..لانه ببساطة يتضمن الصدق الفني ، بمعنى أن الادب الجميل لا بد للاديب فيه من معاناة، انها تلك اللحظة الحرون/الولادة التي تستعصي على التحديد ، لكن بمقدرتك الفنية وفقت في الالمام بدقائقها ، انها لحظة تصادم الحياة بالموت او الموت بالحياة او انبثاق الحياة من الحياة...
دمت مبدعة يا صايرين
مع حبي وودي

ابراهيم القهوايجي

أدمنت حروفك شاعر

وتعلمني بحرفك وانت ناقد

وبين هذا وذاك احتار

انت اقوى بايهما

وجدتك شاعر يولد من رحم ناقد

وناقد أنجبه شاعر


دمت مبدعا

حوراء آل بورنو
16-01-2006, 02:17 PM
بل ننتظر إكمال الرواية و إنّا لها لفي شوق ؛ فما قلمك إلا إبداع يخط .

ننتظر بكل شوق .

صابرين الصباغ
16-01-2006, 02:49 PM
شاهدت افلام علمية للولادة وعاصرت حوادث ولادة
لكن هنا مشهد متقن لحالة امرأة تلد لأول مرة
صابرين كأنني كنت ألد


مرحبا أيها الصباح

المفعم بكل الخير

اجمل مافي الحروف الصدق

وأقسم لك أني لااحترف الكتابة

بل تحترفها مشاعري

دمت بكل الخير

صابرين الصباغ
16-01-2006, 02:51 PM
استاذة صابرين

بداية رائعة

أحييك عليها

تملكين من اللغة والتشبيهات بحرا غزيرا

رائعة فى تصاويرك النثرية

ماذا اقول غير شاعرة روائية

تقبلى منى

محمد عسران

شاعري الصغير

ابن حرفي

محمد

يسعدني وجودك بين نصوصي

ايها الشاعر الذي أرى مستقبله

كبيرا بحجم قلب أم

دمت بكل الخير

الصباح الخالدي
17-01-2006, 06:55 AM
مرحبا أيها الصباح

المفعم بكل الخير

اجمل مافي الحروف الصدق

وأقسم لك أني لااحترف الكتابة

بل تحترفها مشاعري

دمت بكل الخير
مشاعرك أحد العمالقة دمت بخير

صابرين الصباغ
17-01-2006, 02:54 PM
بل ننتظر إكمال الرواية و إنّا لها لفي شوق ؛ فما قلمك إلا إبداع يخط .

ننتظر بكل شوق .

وماوجودك حرتي

إلا رقة تسيل بين أروقة نصوصي

دمت عبقا

عبلة محمد زقزوق
21-02-2006, 09:18 AM
http://pic.alfrasha.com/data/media/51/1_5.gif

صبـــــــاح جميل أختاه ـ صابرين الصباغ

نعم وما زلت أبحث عن بقيتها وتكملتها فلم أجد ؟!

أين بقية الحلقات لــ " عندما تموت الملائكة " .

ما زلنا ننتظر ، ولن يعترينا الملل ، بل أشرعي وأنشري جمال يراعك للفكرة بيننا .

خالص الود والحب دوماً بيننا .

صابرين الصباغ
21-02-2006, 12:01 PM
عبلتي الجميلة

سأعود لأكمل طلقات الرواية الأولى لي

عندما تموت الملائكة

أن شاء الله

سأعود لك بها

فقط كل ماعليك ان تأمريني

دمت عاشقة للحرف

المبدع

الصباح الخالدي
21-02-2006, 04:12 PM
ننـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــظر