فراس القافي
31-01-2006, 04:31 PM
صُليتُ فصحتُ النارُ ؟ صيحَ بيَ العِشْقُ=فإنْ لكَ منها العِتقُ ما في الهوى عِتْقُ
عشقتُ الأسى دهراً ، و صرفاً شربتُهُ =فما عاد يحلو لي سوى رشفهِ ذَوْقُ
على أنَّ لي قلباً إذا بثَّ همَّهُ =لأفضى الذي أفضى فلم يسع الأفقُ
و بي أنَّةٌ لو شئتُ أُرخي عنانها =لرقَّ لها خصمي و ناح لها الوِرْقُ
و قد رقَّ أعدائي لحالي ، و أخوتي =رأوا ملءَ أحداقي الدموعَ و ما رقّوا
تساقوا زلالَ الوصلِ في ظلِّ أيكتي =فللنورِ من بين ارتعاشاتِها بثقُ
و حين عرى غصني الخريفُ تطايروا=كأنْ لم ْيكنْ خيري عليهم بهِ غَدْقُ
فذا خافقي يا شانئيهِ أمامكم =من اللهِ ، لا منكم ، بهِ يُطلبُ الرِّفْقُ
خوى من دبيبِ السعدِ في خفقانِهِ =و ما زالَ في أطلالِهِ يعصفُ الشوْقُ
فدكّوهُ فالأوتاد يا فضلةَ الخنا =تزيدُ ثباتاً حين للأرضِ تندقُّ
*************************
و قيلَ لماذا لا نراك مردّداً =لما سطّرتْ يمناك كي يطربَ الخلقُ
فقلتُ لهمْ و الدَّمْعُ يسبقُ نبرتي =لإنَّ مكاتيبي يغصُّ بها الحلْقُ
فقد تخرجُ الأزهارُ من بطنِ زهرةٍ =و قد يوصلُ الكتمانُ ما يعجزُ النطْقُ
و في الناس من يُسْمي رثائي تشاؤماً =لهُ الحقًُّ لا يدري انكساري ، له الحقُّ
فلستُ أرى صبحي ظلاماً و إنَّما =لليلي عمود الفجر ما عادَ ينشقُّ
يزيدُ ضياءُ الصبحِ عُتمةَ غيهبي =و يمطرني جدباً إذا مرّ َبي الودْقُ
و إن رفعتْ للشمسِ رأساً أزاهري =من العتمةِ الدَّهماءِ هُيِّء لي الرِّزْقُ
فمي يلتظي ناراً أمضَّ بهِ الظمى=و مائي على الرَّملِ اليبيسِ لهُ دلْقُ
فمنذُ الصِّبا المُضنى و للآنَ لم تزلْ= نبالُ الرَّزايا في فؤادي لها رشْقُ
و كنتُ إذا لاحتْ من البدْرِ غمرةٌ =من الضَّوءِ يغشاني مُحيّا أبي الطَّلقُ
ينادي الأسى قلبي إن استشعر الرَّدى =جراحُكَ في غوْرِ الحشا ما لها عُمْقُ
فأشفِ الأسى بالدمعِ ( دهراً ) فإنَّما =دوا جرحِكَ الدَّامي هو الكيُّ و الحرْقُ
فلو لا انثيالُ الصبرِ بين جوانحي =و لو لا أمانٍ في فؤادي لها خفْقُ
لكان لروحي و هْيَ ضاهت رواسياً = ثباتاً على إقصاءِ أعدائها زهْقُ
و لكنَّني لَمْ أُرْخِ للذُّلِ هامتي =و للعزِّ دونَ الناسِ كان ليَ السَّبْقُ
و كانت أماني الطامحين إلى العلى =لها مثل سوْقِ النِّيبِ نحوَ يدي سَوْقُ
و إنْ أُدْعَ أوْفِ النَّاسَ فعلاً قُبيلَ أنْ=أقولَ ، فصوت الرَّعدِ يسبقهُ البَرْقُ
و إن قادني زهوي الرشيدُ لِمَغنمٍ =بهِ غضبُ الجبّارِ ، زِيْنَ ليَ الْحُمْقُ
و لمْ أدرِ لونَ الأرضِ إلا بسجدتي =و عينايَ للنَّجمِ القصيِّ لها تَوْقُ
فإنْ كُنْتُ أرضى الذّلَّ زاداً و مشرباً =فبينَ الثُّريّا و الثرى لم يعدْ فَرْقُ
فلن تتلاقى هذهِ الأرضُ و السَّما =و لن يتساوى الحرُّ ( هيهات ) و الرِّقُّ
سيوصدُ بابُ المجدِ إنْ لَمْ يكُنْ بهِ =لكفّي التي لاوتْ أكفَّ الرَّدى طَرْقُ
و كم ألْسُنٍ غرثى تفيضُ بلاغةً =لأحذيةِ الطاغينَ كانَ لها لَعْقُ
أُعارضُها ديناً و رأياً و فكرةً =إذا الكِذْبُ أنجاهُنَّ فلْيُفْنِني الصِّدْقُ
أذلَّتْ عرانينَ الطُّغاةِ قصائدي =ففي كُلِّ أبياتي لأعرافِهمْ خَرْقُ
و كُمِّمَتِ الأفواهُ حتّى تصافحتْ =من الخوفِ من كيدِ العدى الشِّدْقُ و الشِّدْقُ
و ظلَّ فمي يهجو و يهجو و لم يكنْ =كأفواهِ رِقِّ الْجُبْنِ ، ما غالَهُ الرَّتْقُ
هجوتُ و لمْ أرهبْ فكانت منصّتي =صليباً على زنْديهِ يُستعذبُ الشَّنْقُ
سيملأ سمعَ الدهْرِ رَعْدُ قصائدي =و لَمْ يُسْتَطَعْ للرَّعْدِ من بطشِهمْ خَنْقُ
و لَمْ أبتذلْ وجْهاً مكانتُهُ الذُّرى =و لَمْ أمتدحْ وجْهاً حريٌّ بهِ البصْقُ
عداتي بغير الدينِ أهلي و أخوتي =فطبعُ العراقيين سَمْحٌ كما العِثْقُ
أنا ما تقمّصتُ الغرام و إنَّما =بغيرِ هوى بغدادَ لا ينبضُ العِرْقُ
يُرنِّمها كرخاً ( فمي ) و رصافةً =هما البدْرُ لكنْ لاستدارتِهِ فَلْقُ
هوىً لا يُجاريهِ هوى الكونِ كُلِّهِ =و لَمْ يَحْوِ مِعْشاراً لهُ الغَرْبُ و الشَّرْقُ
حياةُ العراقيّين عِشْقٌ ، فروحُهم =على صرْحِها السَّامي سُموَّ السُّرى طَوْقُ
فللسَّعْدِ ميلادٌ بعُتْبَتِها غداً =و للكرْبِ و الأتراحِ من حولِها مَحْقُ
و لَمْ ندَّعِ الإيمانَ و الطُّهرَ و الهُدى =بعصرٍ تنـزََّى عبرَ تأريخهِ الفُسْقُ
و لكنَّنا قومٌ جياعٌ إلى العُلى =و ما زالَ فينا مُشرئبّاً لها العُنْقُ
فراس القافي
عشقتُ الأسى دهراً ، و صرفاً شربتُهُ =فما عاد يحلو لي سوى رشفهِ ذَوْقُ
على أنَّ لي قلباً إذا بثَّ همَّهُ =لأفضى الذي أفضى فلم يسع الأفقُ
و بي أنَّةٌ لو شئتُ أُرخي عنانها =لرقَّ لها خصمي و ناح لها الوِرْقُ
و قد رقَّ أعدائي لحالي ، و أخوتي =رأوا ملءَ أحداقي الدموعَ و ما رقّوا
تساقوا زلالَ الوصلِ في ظلِّ أيكتي =فللنورِ من بين ارتعاشاتِها بثقُ
و حين عرى غصني الخريفُ تطايروا=كأنْ لم ْيكنْ خيري عليهم بهِ غَدْقُ
فذا خافقي يا شانئيهِ أمامكم =من اللهِ ، لا منكم ، بهِ يُطلبُ الرِّفْقُ
خوى من دبيبِ السعدِ في خفقانِهِ =و ما زالَ في أطلالِهِ يعصفُ الشوْقُ
فدكّوهُ فالأوتاد يا فضلةَ الخنا =تزيدُ ثباتاً حين للأرضِ تندقُّ
*************************
و قيلَ لماذا لا نراك مردّداً =لما سطّرتْ يمناك كي يطربَ الخلقُ
فقلتُ لهمْ و الدَّمْعُ يسبقُ نبرتي =لإنَّ مكاتيبي يغصُّ بها الحلْقُ
فقد تخرجُ الأزهارُ من بطنِ زهرةٍ =و قد يوصلُ الكتمانُ ما يعجزُ النطْقُ
و في الناس من يُسْمي رثائي تشاؤماً =لهُ الحقًُّ لا يدري انكساري ، له الحقُّ
فلستُ أرى صبحي ظلاماً و إنَّما =لليلي عمود الفجر ما عادَ ينشقُّ
يزيدُ ضياءُ الصبحِ عُتمةَ غيهبي =و يمطرني جدباً إذا مرّ َبي الودْقُ
و إن رفعتْ للشمسِ رأساً أزاهري =من العتمةِ الدَّهماءِ هُيِّء لي الرِّزْقُ
فمي يلتظي ناراً أمضَّ بهِ الظمى=و مائي على الرَّملِ اليبيسِ لهُ دلْقُ
فمنذُ الصِّبا المُضنى و للآنَ لم تزلْ= نبالُ الرَّزايا في فؤادي لها رشْقُ
و كنتُ إذا لاحتْ من البدْرِ غمرةٌ =من الضَّوءِ يغشاني مُحيّا أبي الطَّلقُ
ينادي الأسى قلبي إن استشعر الرَّدى =جراحُكَ في غوْرِ الحشا ما لها عُمْقُ
فأشفِ الأسى بالدمعِ ( دهراً ) فإنَّما =دوا جرحِكَ الدَّامي هو الكيُّ و الحرْقُ
فلو لا انثيالُ الصبرِ بين جوانحي =و لو لا أمانٍ في فؤادي لها خفْقُ
لكان لروحي و هْيَ ضاهت رواسياً = ثباتاً على إقصاءِ أعدائها زهْقُ
و لكنَّني لَمْ أُرْخِ للذُّلِ هامتي =و للعزِّ دونَ الناسِ كان ليَ السَّبْقُ
و كانت أماني الطامحين إلى العلى =لها مثل سوْقِ النِّيبِ نحوَ يدي سَوْقُ
و إنْ أُدْعَ أوْفِ النَّاسَ فعلاً قُبيلَ أنْ=أقولَ ، فصوت الرَّعدِ يسبقهُ البَرْقُ
و إن قادني زهوي الرشيدُ لِمَغنمٍ =بهِ غضبُ الجبّارِ ، زِيْنَ ليَ الْحُمْقُ
و لمْ أدرِ لونَ الأرضِ إلا بسجدتي =و عينايَ للنَّجمِ القصيِّ لها تَوْقُ
فإنْ كُنْتُ أرضى الذّلَّ زاداً و مشرباً =فبينَ الثُّريّا و الثرى لم يعدْ فَرْقُ
فلن تتلاقى هذهِ الأرضُ و السَّما =و لن يتساوى الحرُّ ( هيهات ) و الرِّقُّ
سيوصدُ بابُ المجدِ إنْ لَمْ يكُنْ بهِ =لكفّي التي لاوتْ أكفَّ الرَّدى طَرْقُ
و كم ألْسُنٍ غرثى تفيضُ بلاغةً =لأحذيةِ الطاغينَ كانَ لها لَعْقُ
أُعارضُها ديناً و رأياً و فكرةً =إذا الكِذْبُ أنجاهُنَّ فلْيُفْنِني الصِّدْقُ
أذلَّتْ عرانينَ الطُّغاةِ قصائدي =ففي كُلِّ أبياتي لأعرافِهمْ خَرْقُ
و كُمِّمَتِ الأفواهُ حتّى تصافحتْ =من الخوفِ من كيدِ العدى الشِّدْقُ و الشِّدْقُ
و ظلَّ فمي يهجو و يهجو و لم يكنْ =كأفواهِ رِقِّ الْجُبْنِ ، ما غالَهُ الرَّتْقُ
هجوتُ و لمْ أرهبْ فكانت منصّتي =صليباً على زنْديهِ يُستعذبُ الشَّنْقُ
سيملأ سمعَ الدهْرِ رَعْدُ قصائدي =و لَمْ يُسْتَطَعْ للرَّعْدِ من بطشِهمْ خَنْقُ
و لَمْ أبتذلْ وجْهاً مكانتُهُ الذُّرى =و لَمْ أمتدحْ وجْهاً حريٌّ بهِ البصْقُ
عداتي بغير الدينِ أهلي و أخوتي =فطبعُ العراقيين سَمْحٌ كما العِثْقُ
أنا ما تقمّصتُ الغرام و إنَّما =بغيرِ هوى بغدادَ لا ينبضُ العِرْقُ
يُرنِّمها كرخاً ( فمي ) و رصافةً =هما البدْرُ لكنْ لاستدارتِهِ فَلْقُ
هوىً لا يُجاريهِ هوى الكونِ كُلِّهِ =و لَمْ يَحْوِ مِعْشاراً لهُ الغَرْبُ و الشَّرْقُ
حياةُ العراقيّين عِشْقٌ ، فروحُهم =على صرْحِها السَّامي سُموَّ السُّرى طَوْقُ
فللسَّعْدِ ميلادٌ بعُتْبَتِها غداً =و للكرْبِ و الأتراحِ من حولِها مَحْقُ
و لَمْ ندَّعِ الإيمانَ و الطُّهرَ و الهُدى =بعصرٍ تنـزََّى عبرَ تأريخهِ الفُسْقُ
و لكنَّنا قومٌ جياعٌ إلى العُلى =و ما زالَ فينا مُشرئبّاً لها العُنْقُ
فراس القافي