ريم مهنا
03-02-2006, 12:24 AM
تهيوء " قصة قصيرة "
كان صامتا أمامي ينظر إلى داخله ووجه خال من أي تعبير , ظهره مسندعلى حافة طاولة قريبة منه .. كنت أرقبه وهو بين فينة وأخرى يلملم أطرافه يجمعها وينشرها ..
استغربت من هذا السكون فنادرا ماتطبق شفتاه على بعضهما ففضوله يملأ ردهات الأزمنة .
قعدت أمامه وشوارع الليل الهادئة تصافحني كلما نظرت إليها من نافذة على يميني .. المطاعم الموجودة تحت منزلنا تغازل الأنوف وصيحات المشترين في أول الليل تداعب سمعي .. وأصوات متفرقة ترتفع بالغناء في محاولة لمعاندة الصمت فيستمر بعضها بإصرار ومكابرة لتتناقض تدريجيا .
عدت إلى نقطة اهتمامي مازال متوسدا صمته .. عينه الذابلة والمتعبة تشبه بندول الساعة وهي تنتقل يمنة ويسرة وتعود للتركيز في المنتصف . أنا قاعدة في المنتصف ربما وجد شيئا غريبا فيَّ لم يرق له .. بسرعة اعتدلت ونظرت إلى حيث يقع بصره فوجدت شعري كما هو مكسر من الأمام نصفه يسبح إلى الوراء , والبقية خصل ثائرة تصطف في المقدمة في عراك مستمر من شدة وقوفها متراصة ..
قدماي ليس بهما تغيير أو اختزال فهما بكامل هيئتهما . نهضت من مكاني لأبحث عن بقعة يتلاشى منها برد العواطف , تنبض بمعنى الحياة و يحيط بها الدفء أحسن من هذه الظلمة ..
فكرت أن أصنع شيئا أجذب به اهتمامه لكن بدون كلام بيننا .. وجدت الحل أن أصنع قهوة أصب فيها كل المرارة ربما ستلسعه ويفوق من تحت هذا الغمام ..
القهوة لم تقدم المطلوب . بل جعلته أكثر برودا بات يحدق في الجدار المواجه له المليء برسوم وأوهام وأمان مبهمة .. ا زددت حنقا وغيظا في استــئثار الجدار باهتمامه وتعلق أنفاسه . ويتركني ..
لم أيأس فكرت بكلام أمي دائما تطلق عليَّ المجنونة , ولهذا لم تعطني كل ملابسي حينما انتقلت إلى بيت زوجي , لأنها ترى بأنه سيعيدني إليها . فمن المستحيل أن يطيق أحد هذياني الممزوج بعنادي . لكني لم أفعل شيئا ومازلت في حالة سلام مع الآخرين . طلقات جنوني لم أصوبها بعد ,الصمت والخواء كالمتاريس التي تمنعني
وكيف أمارس هواياتي الحمقاء في هذا الجو الخانق . الضائعة منه الأحلام والآمال والطموحات .. تواريخ ذكرياتي تتداخل وتمتد عبر دقائق هذا الموقف الذي تتشكل فيه وشائج خفية أتجاوز بها حدود الزمن .
هبطت إلى الأرض لأكون بالقرب منه .. غيَّر وجهته وأخذ مجموعة من الأوراق يدون عليها أحلام زائفة لاحدود لها . وعوالم مليئة بالدفء والضوء والخوف .
غروري منعني أن اتحدث إليه أو أسأله عن سبب صمته وإلقاء كلماته في قعر وادٍ سحيق وقد ارتفعت من حوله جدران شاهقة تفصله عن الدنيا بكل مافيها ــ بما فيها أنا ــ
كان يتطلع حواليه ثم ترتد نظراته إلى الورق فقط .
نهض أخيرا من عالمه وأخذ يقلب نظره متأملا الكتابات التي صنعتها يده . فهو قد سجل أسماء وتواريخ في أزمان مختلفة , وجعل شخصيات ذات عواطف بسيطة وساذجة هم أبطاله الحقيقيين . مستحيل أن ينافسوني في مكاني داخل قلبه ربما سأحرقهم أو أعلقهم على قمم إن اكتشفت هذا ..
ترى مالذي دفعه ألى تسجيل شخصياته بقوة ؟ ألمجرد البوح أو لمجرد الهرب ؟ ام ليقرأها آخرون .. فوضاه هذه تجعلني لاأكترث به .. ولا أعيره أدنى اهتمام .
وجدت بجانبي علبة من المناديل الملونة ذات رائحة معقولة هي من بقايا هدايا أمي أيام عرسي .. أخذتها ورسمت على الأول منها طيورا وأغصانا مائلة وقلوبا مظللة باليأس ونزاعا محتدما بين زهرتي الياسمين والقرنفل ..وسماء تمطر بغزارة وعُـشا صامدا لايسقط ولاينطق .. ذاك هو وجه سيدي الماثل أمامي ..
تناول من يدي لوحاتي البهيجة وحدّق فيها .. علم أخيرا أني أكرم منه رسمته في البداية كهيئة عش ولم أحاول أن أسلط عليه النسور لتسقطه .
ابتسم لأول مرة وهو يراني أمامه أرسم بنهم ــ ولم يغرِنِي ــ وصول رائحة الطعمية الحارة لأنفي , لأنها حين تصل أنقض عليه ليذهب ويحضرها إلي ..
استمر إبداعي الصامت وكلما انهيت منديلا علقته على جانب سريري . لوحاتي تراصت فيما بينها زاحمت الشرشف المتدلي من على ذاك السرير
نهضت من غفوتي المصطنعة .. وكأن أمي تحدثني أفيقي من جنونك , انهضي من سباتك متى سيكبر عقلك !!!
رفعت رأسي بمعدة خاوية وذهن تغلفه غشاوة نوم لم يكتمل .. تأملت مليا ترى أين ذهب من كان برفقتي . !!
كان صامتا أمامي ينظر إلى داخله ووجه خال من أي تعبير , ظهره مسندعلى حافة طاولة قريبة منه .. كنت أرقبه وهو بين فينة وأخرى يلملم أطرافه يجمعها وينشرها ..
استغربت من هذا السكون فنادرا ماتطبق شفتاه على بعضهما ففضوله يملأ ردهات الأزمنة .
قعدت أمامه وشوارع الليل الهادئة تصافحني كلما نظرت إليها من نافذة على يميني .. المطاعم الموجودة تحت منزلنا تغازل الأنوف وصيحات المشترين في أول الليل تداعب سمعي .. وأصوات متفرقة ترتفع بالغناء في محاولة لمعاندة الصمت فيستمر بعضها بإصرار ومكابرة لتتناقض تدريجيا .
عدت إلى نقطة اهتمامي مازال متوسدا صمته .. عينه الذابلة والمتعبة تشبه بندول الساعة وهي تنتقل يمنة ويسرة وتعود للتركيز في المنتصف . أنا قاعدة في المنتصف ربما وجد شيئا غريبا فيَّ لم يرق له .. بسرعة اعتدلت ونظرت إلى حيث يقع بصره فوجدت شعري كما هو مكسر من الأمام نصفه يسبح إلى الوراء , والبقية خصل ثائرة تصطف في المقدمة في عراك مستمر من شدة وقوفها متراصة ..
قدماي ليس بهما تغيير أو اختزال فهما بكامل هيئتهما . نهضت من مكاني لأبحث عن بقعة يتلاشى منها برد العواطف , تنبض بمعنى الحياة و يحيط بها الدفء أحسن من هذه الظلمة ..
فكرت أن أصنع شيئا أجذب به اهتمامه لكن بدون كلام بيننا .. وجدت الحل أن أصنع قهوة أصب فيها كل المرارة ربما ستلسعه ويفوق من تحت هذا الغمام ..
القهوة لم تقدم المطلوب . بل جعلته أكثر برودا بات يحدق في الجدار المواجه له المليء برسوم وأوهام وأمان مبهمة .. ا زددت حنقا وغيظا في استــئثار الجدار باهتمامه وتعلق أنفاسه . ويتركني ..
لم أيأس فكرت بكلام أمي دائما تطلق عليَّ المجنونة , ولهذا لم تعطني كل ملابسي حينما انتقلت إلى بيت زوجي , لأنها ترى بأنه سيعيدني إليها . فمن المستحيل أن يطيق أحد هذياني الممزوج بعنادي . لكني لم أفعل شيئا ومازلت في حالة سلام مع الآخرين . طلقات جنوني لم أصوبها بعد ,الصمت والخواء كالمتاريس التي تمنعني
وكيف أمارس هواياتي الحمقاء في هذا الجو الخانق . الضائعة منه الأحلام والآمال والطموحات .. تواريخ ذكرياتي تتداخل وتمتد عبر دقائق هذا الموقف الذي تتشكل فيه وشائج خفية أتجاوز بها حدود الزمن .
هبطت إلى الأرض لأكون بالقرب منه .. غيَّر وجهته وأخذ مجموعة من الأوراق يدون عليها أحلام زائفة لاحدود لها . وعوالم مليئة بالدفء والضوء والخوف .
غروري منعني أن اتحدث إليه أو أسأله عن سبب صمته وإلقاء كلماته في قعر وادٍ سحيق وقد ارتفعت من حوله جدران شاهقة تفصله عن الدنيا بكل مافيها ــ بما فيها أنا ــ
كان يتطلع حواليه ثم ترتد نظراته إلى الورق فقط .
نهض أخيرا من عالمه وأخذ يقلب نظره متأملا الكتابات التي صنعتها يده . فهو قد سجل أسماء وتواريخ في أزمان مختلفة , وجعل شخصيات ذات عواطف بسيطة وساذجة هم أبطاله الحقيقيين . مستحيل أن ينافسوني في مكاني داخل قلبه ربما سأحرقهم أو أعلقهم على قمم إن اكتشفت هذا ..
ترى مالذي دفعه ألى تسجيل شخصياته بقوة ؟ ألمجرد البوح أو لمجرد الهرب ؟ ام ليقرأها آخرون .. فوضاه هذه تجعلني لاأكترث به .. ولا أعيره أدنى اهتمام .
وجدت بجانبي علبة من المناديل الملونة ذات رائحة معقولة هي من بقايا هدايا أمي أيام عرسي .. أخذتها ورسمت على الأول منها طيورا وأغصانا مائلة وقلوبا مظللة باليأس ونزاعا محتدما بين زهرتي الياسمين والقرنفل ..وسماء تمطر بغزارة وعُـشا صامدا لايسقط ولاينطق .. ذاك هو وجه سيدي الماثل أمامي ..
تناول من يدي لوحاتي البهيجة وحدّق فيها .. علم أخيرا أني أكرم منه رسمته في البداية كهيئة عش ولم أحاول أن أسلط عليه النسور لتسقطه .
ابتسم لأول مرة وهو يراني أمامه أرسم بنهم ــ ولم يغرِنِي ــ وصول رائحة الطعمية الحارة لأنفي , لأنها حين تصل أنقض عليه ليذهب ويحضرها إلي ..
استمر إبداعي الصامت وكلما انهيت منديلا علقته على جانب سريري . لوحاتي تراصت فيما بينها زاحمت الشرشف المتدلي من على ذاك السرير
نهضت من غفوتي المصطنعة .. وكأن أمي تحدثني أفيقي من جنونك , انهضي من سباتك متى سيكبر عقلك !!!
رفعت رأسي بمعدة خاوية وذهن تغلفه غشاوة نوم لم يكتمل .. تأملت مليا ترى أين ذهب من كان برفقتي . !!