المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثرثـــرة في المــدرّج



د. حسين علي محمد
16-02-2006, 09:46 PM
ثرثـــرة في المــدرّج*

بقلم: حسين علي محمد
........................

استقبلها الزحام حين خطت خطواتها الأولى داخل الجامعة، اتجهت يميناً فقد كانت تعرف أن هذه هي كلية الآداب. سألت واحدة من الواقفات عن المدرج (78)، فأشارت بيدها قائلة ـ كأنها تُرحب بها ـ تعالي معي!
كادت أن تُدير ظهرها، وتترك الكلية خارجةً إلى فضاء الشارع، حينما رأت عشرات من الطالبات والقليل من الطلبة يتحدثون في حلقات، كل حلقة تتكون من طالب وعدة طالبات، ولكن استوقفها صوت أحمد ـ كأن الأرض انشقت عنه ـ:
ـ أهلا سميرة.
مالت بوجهها، كأنها تعاتبه:
ـ غبت أسبوعين، قلت أسأل عنك أنا.
أشار لها قائلا:
ـ الأستاذ غائب اليوم، تعالي نجلس ونتكلم.
قالت مذعورة:
ـ أين نجلس؟ في المدرج؟!
لحقت به، وكان قد سبقها بعدة خطوات:
ـ أقول فلنذهب معاً إلى حديقة الحيوان، أو حديقة الأورمان.
قال في صوت، اجتهد أن يحمل نبراته التي تعرفها:
ـ فلننتظر خمس دقائق، إني أنتظر مذكرة علم الاجتماع للدكتور الخشاب، سيحضرها صديق استعارها أمس.
مشت وراءه صامتة كأنها تمشي في جنازة حبها. أشار إلى الكرسي الأخير في الصف السادس من المدرج الذي يكاد يخلو من الطلاب، وقال:
ـ اشتقت لك يا سميرة.
قالت:
ـ لو اشتقت لنا لسألت علينا.
ـ أمي مريضة.
ـ ألف لا بأس عليها.
هل من الممكن أن تمرض هذه الحرباء؟. إنها هي التي حرضته على البعد عنها. قالت له ـ كما نُقِل عنها ـ أخوك مستشار وزوجته طبيبة، وأختك محاسبة وزوجها طيار، وأنت تتزوج واحدة تعمل على آلة كاتبة، وحاصلة على دبلوم تجارة، وأبوها محصِّل في أتوبيس الورّاق؟
قال في حزن شديد:
ـ مصابة بالمرارة، وحالتها متأخرة.
كادت تُزغرد، ولكنها قالت:
ـ لازم نزورها الليلة، ماما ستحزن إذا عرفت أنها مريضة!
هل ستحزن أُمي حقا؟!! .. لقد كانت تخدمها منذ خمس وعشرين سنة، قبل أن تتزوج أبي بعام أو عامين، وربما كانت خدمتها لها هي التي جعلتها تقف في وجه أحمد وتقول له: أنت الأول على قسم الاجتماع، وإن شاء الله ستكون دكتوراً في الجامعة، فهل تكون حماتك خادمتنا القديمة؟!
أخذ أحمد المذكرة من زميله، وتنبّه إلى وجود سميرة معه، وأنه لم يُحيِّها التحية اللائقة بها، قال لها: يمكننا أن نجلس ساعة معاً قبل المحاضرة التالية في كافتيريا الكلية، أو جزيرة الشاي في حديقة الحيوان، أو حديقة الأورمان.
أحست بحنين جارف إلى حديقة الأورمان التي شهدت بداية حبهما منذ عامين، وكيف كانت تترك المدرسة وهي في الدبلوم، وتجيء له من حيِّ الدرَّاسة البعيد إلى الجيزة، ولكنها شعرت أن اللقاء محكوم بساعة واحدة، قالت:
ـ نبقى في المدرَّج أحسن.
تركها، وبحث عن "عم حسن" عامل "بوفيه" القسم، ليحضر لهما كوبين من عصير الليمون.
*
جلس على بعد متر منها، وقال في صوت خالته كتغريد العصافير:
ـ طلبت لك عصير ليمون.
ـ كنت أفضل الشاي في هذا الجو البارد.
فاجأها:
ـ نحن في أبريل يا سميرة!!
أحست حزناً في نبرات صوته، قالت:
ـ لماذا تهرب مني؟
قال وهو لا يرفع عينيه عن الأرض:
ـ قلت لك أمي مريضة.
قالت ـ وهي تحس أنها تستدعي صوتها من بئر عميقة:
ـ ولماذا لم تهاتفني منذ فترة؟
ـ نحن مشغولون، الامتحانات على الأبواب.
نظر إلى وجهها الممتلئ بالحيرة، وقال:
ـ ولماذا لا تطلبيني أنت؟
ـ هل نسيت؟ لقد قلت لي لا تطلبيني في البيت.
ـ كنت أداعبِك!
ـ بل كنت تخشى غضب أمك.
امتلأت أساريره بالشفقة على أمه، وأضاف في صوت واهن:
ـ أمي في لحظاتها الأخيرة. ادعي لها بالشفاء!
قالت بسرعة، كأنها تريد أن تتخلص من عبء الكلمات:
ـ ربنا يشفيها.
غالبت تردَّدها، وسألته:
ـ سمية صاحبتي تقول إن أمك ستخطب لك سناء أخت الطيار، التي تعمل مضيفة أرضية بمطار القاهرة.
أجاب، وهو يحاول أن يُنهي الحديث:
ـ هذا كلام سابق لأوانه، يشغلنا الآن: مرض أُمي، وحصولي على الليسانس!
*
لا يدري إن كانت سميرة قد غضبت حين قال لها إنه لا يُفكر الآن إلا في مرض أمه، وحصوله على الليسانس، لكنه متأكد أنها لم تشرب الليمون، وأن عصفوراً أحمر على إيشاربها كان يُحاول الطيران، ولكن الدماء كانت تسيل من جناحه المهيض!
القاهرة 5/8/1969
ـــــــــــــــــــــ
القصة الفائزة بالجائزة الثالثة في مسابقة جامعة القاهرة ـ أكتوبر 1969م. وكانت بعنوان "ثرثرة في المدرج 78"، كما فازت بالجائزة الثالثة لوزارة الشباب في المسابقة الأدبية التي نظمتها على مستوى الجمهورية (يناير 1977م).

د. حسين علي محمد
16-02-2006, 09:54 PM
نشرت هذه القصة في مجموعة "أحلام البنت الحلوة"،للمؤلف، ط 1 ـ الإسكندرية 1999م، وط 2 ـ المنصورة 2001م.
وسنتبعها بمقالة نقدية عن هذه القصة للقاص والناقد: مجدي محمود جعفر، نشرها في صحيفة "الأهرام المسائي".

د. حسين علي محمد
16-02-2006, 09:56 PM
قصة "ثرثرة في المدرج" للدكتور حسين علي محمد
رؤية نقدية، بقلم : مجدي محمود جعفر
.......................................

فى مجموعته القصصية ( أحلام البنت الحلوة ) " 7 " نلاحظ أن د. حسين على محمد هو الراوي / البطل لمعظم نصوصه القصصية ، وتكاد تري أنه لا وجود لشخصية ولا لحدث ولا لمكان فى كل قصة، بعيداً عنه ، فالقصص فى عمومها شذرات من حياته ، ومواقف عاشها ، يكتب عن أماكن يعرفها وعاش فيها ، وعن أشخاص التقي بهم وصادفهم فى حياته ، تأثر بهم وأثر فيهم ، وعن حوادث وقعت له أو للمقربين منه ، والعوالم التي يكتب عنها عوالم حميمة امتزج فيها الخاص بالعام ، ومن ثم نري المعاني الإنسانية المطلقة تتراءى على حد تعبير ( جان بول سارتر) كالأفق من وراء تصوير المواقف الخاصة ..
** وإذا كانت القصة القصيرة تعتمد على السرد والحوار فيها ليس عنصراً أساسياً ، فإن بعض قصص د.حسين تأتي " كلوحة حوارية" وهي أقرب إلي المسرحية ذات الفصل الواحد مثل قصتيّ " ثرثرة فى مدرج" " والزواج فى عربة الدرجة الثالثة" وغيرهما...ونختار القصة الأولي كنموذج للقصة / اللوحة / المسرحية ، فالقصة اعتمدت بشكل أساسي على الحوار وتواري فيها السرد إلي الدرجة الثانية فاقتربت من المسرحية ، وتدور أحداث القصة في المدرج 78 بكلية الآداب ، والكاتب اختار مكاناً عابراً أو مؤقتاً أو أشبه بالمكان " الترانزيت" ويسوق د.خيري دومة مبررات وفوائد المكان " الترانزيت" ..( حيث يمكن وصف المشهد بسرعة ، وأن خبرة القارئ بأماكن مشابهة ستغنيه عن تفاصيل كثيرة، وأن السرد سيكون محكوماً بحدود الاطار الطبيعي للمكان ، وأنه يمكن تركيز المشهد – لوقت قصير – ودون تعنت على عدد محدود من الشخوص )
والمكان " الترانزيت " يمثل سمة أساسية في قصص د.حسين على محمد ، فتارة يختار المدرج ، وتارة أخرى يختار القطار ، وتارة ثالثة يختار " المقهى " وتارة رابعة يختار الطائرة ..وإذا كان د.خيري دومة قد برر لنا فنياً أهمية اختيار المكان " الترانزيت" لكاتب القصة القصيرة – فإننا نري أن ثمة أسباب أخري نفسية أو فكرية – وراء شيوع استخدام د.حسين للمكان " الترانزيت " في معظم قصصه ، ولعل كثرة أسفار الكاتب وتنقلاته فى رحلاته العلمية والعملية وعدم استقراره في مكان واحد منذ أن خرج طفلاً من قريته " العصايد" بحثاً عن العلم والعمل هي التي جعلته – لا شعورياً .
- يجعل المكان فى قصصه مكاناً مؤقتاً أو عابراً – وربما الفكرة الإسلامية العميقة المترسبة في أعماقه – والتي تجعل فى الأصل – الدنيا بأكملها – محطة من المحطات – بمعني أنها هي الأخرى "ترانزيت "..على أية حال – إن قصص د.حسين على محمد – تشير إلي إشكالية الزمان والمكان برؤية مختلفة – فيما نظن عن رؤى بقية الكتاب – وتحتاج هذه الإشكالية إلي دراسة متأنية ليس مجالها الآن!
- ونعود إلي قصة " ثرثرة فى المدرج" وهي القصة محل القراءة والتي تقترب من المسرحية ذات الفصل الواحد فالكاتب / الراوي / يهيئ المدرج / المسرح لدخول البطلة سميرة بجمل وصفية قليلة ، من خلالها يتعرف القارئ/ المشاهد على البشر والديكور. والقصة تحكي قصة حب جمعت بين أحمد الشاب الجامعي الثري ، وسميرة الفتاة الفقيرة والحاصلة على دبلوم التجارة ، وتستشعر الفتاة فتور الحب وخفوت حرارته وغياب الحبيب عنها لأسبوعين ، فتذهب إليه فى الجامعة – في محاولة منها لاستعادة الحبيب وحبه – والقصة اعتمدت بشكل رئيسي على الحوار بين الشاب أحمد والفتاة سميرة ، والحوار بينهما يسير بالحدث بأسلوب المنحني الصاعد والهابط ، وإذا كان أنطون تشيكوف يري أن القصة الجيدة هي القصة المحذوف مقدمتها – فإن قصص د .حسين كلها باستثناء قصة " انتظار " تبدأ بالحدث مباشرة – والحدث في القصة هو نقطة الصفر بالنسبة للمنحنى ، وينمو الحدث بالحوار ويصعد حتى يقترب من الذروة ، وقبل لحظة التنوير بقليل ينقطع الحوار ، ليتغير مسار الحوار ومسار المنحني ، ويبدأ فى الصعود مرة أخري حتى قبل الذروة بقليل فيحدث قطع آخر ويعاود الحدث / المنحني الهبوط .
وقطع الحوار في هذه القصة حدث مرتين ، إحداهما عندما دخل زميل أحمد ليرد له مذكرة الاجتماع التي كان استعارها منه ، والأخرى – عندما أحضر لهما عامل البوفيه كوبين من عصير الليمون …وإذا كان د.حسين قد جعل الحوار بطلا فى القصة – فإن الحوار مهما بلغت دقته وإحكامه – يظل عاجزاً عن نقل كل المشاعر الداخلية للبطلين نقلاً كاملاً ومن هنا لجأ الكاتب إلى استخدام الصوت الداخلي للفتاة سميرة لتكشف لنا عما لا يستطيع الحوار كشفه ،فالفتاة سميرة تأخذ موقفاً من أم أحمد الذي يدعي مرضها ، فعندما يخبرها بأن أحد أسباب عدم اتصاله بها هو مرض أمه – نجدها تقول فى نفسها : هل من الممكن أن تمرض هذه الحرباء ؟!
ونعرف من الراوي - أنها – أي الأم - هي التي حرضته على البُعد عن سميرة قالت له : " أخوك مستشار وزوجته طبيبة وأختك محاسبة وزوجها طيار ، وأنت تتزوج واحدة تعمل على آلة كاتبة وحاصلة على دبلوم تجارة ، وأبوها محصل فى أتوبيس الوراق ؟"
ومن هذه الجمل القليلة نقف على الفارق الطبقي بين أحمد وأسرته وبين سميرة وأسرتها ، وتبلغ الأحداث ذروتها ويبلغ المنحني قمته عندما نعلم أن أم الفتاة سميرة كانت تعمل خادمة عند أم أحمد منذ خمس وعشرين سنة قبل أن تتزوج أبا سميرة بعام أو عامين .
والحوار عند د.حسين على محمد يكشف عن رؤية ويبين موقفاً وينمي حدثاً ويخلق دراما ..قالت : لو اشتقت لنا لسألت علينا .."
- " أمي مريضة "
- " ألف لا بأس عليها "
( هل من الممكن أن تمرض هذه الحرباء؟..إنها هي ..)
نلاحظ من خلال هذا الحوار القصير والمذيل " بمونولوج " داخلي للفتاة .
- القناع الاجتماعي الزائف للفتاة التي تبأس ظاهرياً لمرض أم أحمد في حين أنها تضمر السعادة لمرضها أو حتى لموتها ، وهذا التناقض الحاد بين الظاهر والباطن أحد أمراضنا الاجتماعية.. وفي تصوري أن الحادثة في عمومها – ليست انفصاما لعري علاقة بين شاب وفتاة جمع الحب بينهما .
ولكنها محاولة انفصال بين طبقتين مختلفين ، طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء ، وفي محاولة صعود الطبقة الدنيا إلي الطبقة العليا ، تأتي الفتاة سميرة من حي الدراسة الفقير إلي الجيزة لتلقي بأحمد الذي يقطن فى أحد أحيائها الراقية - في حديقة الأورمان أو في جزيرة الشاي 0
والكاتب قريب من حرفية الكتابة للسينما ( السيناريو والحوار ) ..فمثلاً الحوار السابق ينهي الراوي الجملة الحوارية علي لسان البطل بكلمة " مريضة " لتتسلمها البطلة وتبني عليها من خلال صوتها الداخلي ، وتكشف وتنمي الحدث مثل قولها( هل من الممكن أن تمرض هذه الحرباء ؟!) ..وتستمر فى الحوار الداخلي كاشفة عما لا يكشف عنه بالحوار ، وتأمل الحوار التالي:
" قال فى حزن شديد : أمي مصابة بالمرارة وحالتها متأخرة "..
كادت تزغرد .ولكنها قالت : " لازم نزورها الليلة ، ماما ستحزن إذا عرفت أنها مريضة "..
وهنا تأكيد آخر على التناقض البين بين الظاهر والباطن ، وتأكيد آخر علي فنية ومهارة استلام نهاية الجملة الحوارية ، وبناء أصوات داخلية ، حيث تتسلم الفتاة كلمة الحزن وتقول نفسها ( هل ستحزن أمي حقا؟!).. وتبدأ الفتاة فى الكشف ، وتصل بالحدث إلي قمته ..( لقد كانت تخدمها منذ خمس وعشرين سنة قبل ..)
وإذا كان الكاتب قد أبان عن مهارات عديدة -فى استخدام التقنيات الفنية – مثل الحوار ، الصوت الداخلي – فإننا لا نستطيع أن نغفل مهارته كسارد حيث يسجل بذكاء وحيادية مشاهداته للبطلين ، وملاحظاته مثل :خلجات الوجه ، نظرات العيون ، لحظات الصمت ، عمليات الشرود ، حركات البطلين الجسدية ، وسكناتهما ، وعبر عن المسكوت عنه من خلال إشارات سريعة وإيماءات خاطفة .
وإذا قسمنا القصة/ المسرحية / اللوحة إلي مشهدين أو لوحتين وتتبعنا الجمل السردية القصيرة للسارد في المشهد/ اللوحة الثانية ، وأخذنا جملة البداية للمشهد/ اللوحة ..بعد أن طلب أحمد كوبين من عصير الليمون وقبل أن يأتي عامل البوفيه بالعصير – كان المنحني قد بلغ بالحدث ذروته ثم حدث القطع للحوار ، وعاد المنحني ليبدأ من نقطة الصفر ..يقول السارد فى بداية اللوحة الثانية :
" جلس علي بُعد متر منها "..لاحظ الفجوة ، فالمسافة اتسعت بين الحبيبين أو بين الطبقتين ، أصبحت متراً، والمتر فى عيون العاشقين أميال ، ويبدأ الحوار فى الصعود مرة أخري ، ولكن الصعود هذه المرة ، وإن تشابه مع الصعود فى المرة الأولي – إلا أنه يختلف بالنسبة للبطلين أحمد وسميرة وبالنسبة للمتلقي / القارئ /المشاهد أيضاً ..فالبطل لا يكف عن ترديد نغمة أمي مريضة – ادعي لها بالشفاء ، ونغمة انشغاله بالحصول على الليسانس ، والرؤية تنكشف شيئاً فشيئاً ، وفى هذا المشهد تتجلي روعة السرد على قلته عند السارد .إذ تشكل الجمل السردية القليلة مع الحوار – الخطوط الرئيسية للوحة ...فأول جملة سردية فى المشهد الثاني " جلس على بُعد متر منها " تشير إلي التباعد بين البطلين ثم تأتي عبارة فاجأها بها ، والمفاجأة هنا من الحبيب غير متوقعة – ثم عبارة " لا يرفع عينيه عن الأرض " ..عبارة دالة على الخجل ، خجل البطل من مراوغاته ومما ينتوي فعله بالابتعاد عنها والتخلص منها ، ثم عبارة " تحس أنها تستدعي صوتها من بئر عميقة" ..دلالة على الوهن والحزن ..ثم جمل سردية سريعة وخاطفة تبين حيرة البطلة وترددها ، حتى تنجح فى التغلب على التردد وتلقي فى وجهه بالقنبلة .
- " سمية صاحبتي تقول إن أمك ستخطب لك سناء أخت الطيار التي تعمل مضيفة أرضية بمطار القاهرة .
" هذا كلام سابق لأوانه ، يشغلنا الآن : مرض أمي ، وحصولي على الليسانس !"
إجابة مراوغة كما تري أغصبت سميرة ، وكما يُحسن د.حسين ابتداء قصته – حيث يبدأ من الحدث مباشرة – وربما يكون العنوان عنده هو الحدث – فإنه يُحسن أيضاً إنهاء قصته، وغالباً ما تأتي النهاية صورة رمزية شعرية مكثفة – فانظر كيف أنهي قصته " ثرثرة فى المدرج "
( لا يدري إن كانت سميرة قد غضبت حين قال لها إنه لا يفكر إلا فى مرض أمه وحصوله على الليسانس ، لكنه متأكد أنها لم تشرب الليمون ، وأن عصفوراً أحمر على إيشاربها كان يحاول الطيران ، ولكن الدماء كانت تسيل من جناحه المهيض !".

معاذ الديري
17-02-2006, 01:01 AM
الاستاذ الكبير الدكتورحسين :
لعله شرف كبير لي ان اكون معلقا على حروفك وانت من انت ..
انت لا تعرفني طبعا .. ولكني اعرفك عن بعد ..فشهرتك سيدي سبقتكم .
وبحث بسيط يخبر عن من انت ..
طبعا الشهرة لا تعطي شيئا اضافيا للكبار امثالكم .. وكذلك فغيابها عن المغمورين امثالنا لا يبخس قدرنا شيئا ايضا .. وانا لا اقارن هنا بيننا فالعين لا تعلو عن الحاجب .. لكن الدلالة لها استئناسها .
وبما ان الشهرة ليست معيارا وحيدا فيكفي ان نعتمد على ذائقتنا الفنية لادراك نوعية قلمك الفريدة .. قلم ذكي نابض .. قليله كثير .. وفكره بسيط ولكنه كبير .. وهذه القصة شاهد بيننا ..
واقولها بملء الفم انني اسعد الناس لوجودك بيننا هنا ..


شكرا واحتراما من اعماق عاقد.

د. حسين علي محمد
17-02-2006, 12:30 PM
شكراً للأديب الأستاذ عاقد الحاجبين، مع تحياتي وموداتي.

محمد عصام
17-02-2006, 01:54 PM
ااااااااااااخ
يا لك من مؤلف سريع للقصص
ادهشتنى جدا سرعتك
شكرا لك دمت بكتاباتك للواحة
مع محبتى.

د. حسين علي محمد
18-02-2006, 04:00 PM
شكراً للدكتور محمد عصام.
لستُ سريع التأليف.
انظر تاريخ الكتابة.
تحياتي.

د. حسين علي محمد
09-03-2006, 11:06 PM
تعليق على القصة

بقلم: جمال علوش ـ سورية
..............................
دافئة الخاتمة لقصة كانت أكثر من دافئة . لقد ذكَّرتني أيها الجميل ، أو ربما أعدتني للحظات جميلة وومتعة قضيتها في حضور أمسية شعرية دافئة للشاعر الكبير : عمر أبو ريشة، وذلك قبيل رحيله بفترة قريبة . لقد كان -رحمه الله -يجعل بيته الأخير في كل قصيدة يكتبها ، تكثيفاً واختصاراً للقصيدة كلّها... وهذا مالمسته في قصتكَ أيها الأخ المبدع . كانت خاتمة قصتك رائعة حقاً ، ودافئة، ومتألقة .

د. حسين علي محمد
22-04-2006, 11:14 PM
للـــــــــرفع