ليلى الزنايدي
28-02-2006, 02:59 PM
قاعة واسعة ...فارغة ...مفرغة...أنين، حشرجات ،طنين ذباب، أبواب تفتح ثم تغلق... ما هذه الأشلاء؟ ما هذه الدماء التي تغطي أرضية القاعة؟؟
عواء بعيد يصمّ الآذان، نظرات شفقة، قهقهات هازئة،
ماذا جرى ؟ اِستأصَلوها ؟؟....
كان يجب أن يحدث هذا من زمن، لم يكن عليها أن تصاب بهذا الداء الفتاك - كان يجب حماية العشيرة من العدوى- هي الجانية على نفسها فقد سمحت لهذا الوباء أن يستقر في روحها ...
هي القاتلة ...قاتلة ...قاتلة ...
صيحات اتهام و فزع و جنون - أصابع طويلة تمتد نحو كل جزء من أشلائها الملقاة على الأرض-أصابع تدين و تطالب بأقسى العقوبة -تطالب باختراق العادي في القوانين، تبحث عن طريقة غير مألوفة للإنتقام من هذه الأشلاء المتبقية،
بركة الدماء تمتد، و تمتد، تغطي الأرضية، تندفع نحو الأبواب
و النوافذ ، تتدفق ،تنهمر ...
يهرع الكل للهرب، للإبتعاد نحو أقصى نقطة في المكان، يريدون النجاة، يودّون النجاة ....
و لكن بركان الدم أقوى من أن يقاوَم ....
النجدة ...الغوث ...إلينا... ما من مجيب.
الداء في القلب، اِبحثوا عنه، مزِّقوه، أحرِقوه، اِستأصِلوه، هو سبب البلية، هو سبب الطوفان
حرام أن نموت غرقى ، حرام أن نصاب بهذا الداء اللعين،
يجب أن ننجوَ...
اِبحثوا عن الروح، دمِّروها ، حطِّموها ،أبعِدوها عن عالمنا المعافى ...
روح عفنة ...
قـــــــــذرة ...
روح مريضة ...
لم تقبل أن تشفى ….
أين العقل؟؟ أين بقايا العقل؟؟ أين حطام العقل؟
لا عقل ولا تعقّل... لا فكر ولا تفكير، الكل إلى زوال .... الطوفان يجرف كل شيء، الطوفان يجتث كل القيم الثابتة على هذه الأرض ....
كان يجب أن تشفى قبل استفحال الداء ... اللعينة، المتهورة، قرص واحد كان يكفي لعلاجها، حبة منومة، و أخرى منشطة و ثالثة مهدئة....
حبوب، حبوب، حبوب........
جبل من الحبوب لن يكفي الآن لإيقاف الطوفان،
العشيـرة في خطـر، القـيــم في خطـر .... المبـادئ في خطـر....
كانت عنيــــدة، رأسها أصلب من الفـولاذ، هي التي تواطأت مع المرض، فسمحت له بــأن ينخر جسمها اللعين، حاول كل الأطباء علاجها، استأصَلوا قلبها، روحها، فكرها، ذاتها،
استأصَلوها .............
و ما اكتشفـوا سر مرضها، وما استطاعوا تحديد الدواء الناجع لها،
قاموا بتجارب يائسة معها، فما توصلوا إ لى حلّ، وما زادها عجز الأطباء إلا صلابة و تمردا،
تخلصت من عقاقيرهم الخادعة
رمت بها بعيدا نحو البرق ...
و أغرقت تعابيرهم الجوفاء في أعماق المحيطات غذاء للأسماك اليائسة ....
الأشلاء تتحرك، تتحرك، تتحرك ....
ما الذي جرى؟ إنها تتقدم، تتقدم،
يدان تحتضنان زنبقة سوداء، قدمان تسيران في برك الدماء، تدوسان على الدماء المتخثرة،
جمجمة مفرغة، لا مشاعر، لا أحلام، لا أحاسيس.... مشهد باهت....
صار يبتعد شيئا فشيئا، صار نقطة في الأفق، نقطة سوداء .
أخيرا رحلت أشلاؤها إلى مدن النسيان ...
آثرت الرحيل من عالم الأصحاء جارّة كل آلام العالم، حاملة قبرين بين راحتيها:
قبر يجمع أشلاءها و آخر يضم بقايا كرامتها المصلوبة ....
الحمل ثقيل، ثقيل ....وهي متعبة ....منهكة....متألمة.....
الألم يعصرها و الذكرى تغتالها....لكن الرحيل أكيد،لا مفرّ.....
ربما أقرّت بينها و بين نفسها مرة أنها مريضة و أن عليها أن تبحث لنفسها عن عقاقير تقطر رحيقها بمفردها لكنها سئمت الكلام عن المرض و الشفاء. كانت تعرف من البداية أن شفاءها ميؤوس منه، لم تكن لتعيش على أمل زائف ....
علّتها أعمق من أن تعالَج ، ما من أمل،
ما من رجاء
فمرضها طال، كل من يحيطون بها، طال البشر و الأماكن و الأشياء، شفاؤها لم يعد حلاّ
لم يعد مجدٍ
الطوفان أغرق كل شيء، أتى على كل شيء و جرف كل شيء........
موج عاتٍ يدفعها نحو صخرة تقسم ظهرها..........
ظهرها فتح في الصخرة فجوة، ألمها أقوى من الصخرة،،،،، فجوة سوداء،،، هوة عميقة..............
لمَ لاتجرب الدخول إليها؟؟ ربما تشفى؟؟ ربما يكتب لها أن تصير ككل البشر؟؟؟ ليس عليها أن تيأس، الأمر لم يعد بيدها، الرغبة المجنونة أقوى من إرادتها، الرغبة شلّت إرادتها،
الرغبة أشد صلابة من رأسها الفولاذي.....
لمَ هذا النداء إلى الهوة؟؟
لمَ هذا الإنجذاب نحوها؟؟
ماذا بقي لها أن تلملم؟؟
حطام..... فراغ.....بقايا كرامة مذبوحة....
أين كبرياؤها؟؟؟ شموخها؟؟؟ عزتها؟؟؟
معان فقدت معانيها......
الوقت لا يسمح باللوم،، لا يسمح بالتفكير و البحث عن مزيد من الأشلاء..........
الفراغ الذي بداخلها يكفي ليملأ الهوة السوداء...
الألم المتبقي من روحها المستأصلة ستغرقه في أعمق أعماق هذا البحر......
ستدفنه تحت هذه الصخرة الخرافية.......
الهوة السحيقة تنادي،،،
الطوفان يغرق الشوارع،،
الطوفان يمتد إلى البحر .....
حذار،، اللونان قد امتزحا،
أحمر داكن و أزرق أكثر قتامة،، عليها الدخول قبل وصول دفق الطوفان.
الفجوة ....الهوة ...النداء....
الفجوة أرحم لها من حياة فارغة ... الفجوة أرحم من عالم مليء بالأغبياء...
الفجوة هي الأمل...هي المستقر....
أخيرا وجدت لذاتها المعذبة مقرا و مستقرا،
أخيرا تصالحت مع نفسها و طاب لها أن ترتاح راحة أبدية...
راحة لا شفاء منها..........
..............................
...............
عواء بعيد يصمّ الآذان، نظرات شفقة، قهقهات هازئة،
ماذا جرى ؟ اِستأصَلوها ؟؟....
كان يجب أن يحدث هذا من زمن، لم يكن عليها أن تصاب بهذا الداء الفتاك - كان يجب حماية العشيرة من العدوى- هي الجانية على نفسها فقد سمحت لهذا الوباء أن يستقر في روحها ...
هي القاتلة ...قاتلة ...قاتلة ...
صيحات اتهام و فزع و جنون - أصابع طويلة تمتد نحو كل جزء من أشلائها الملقاة على الأرض-أصابع تدين و تطالب بأقسى العقوبة -تطالب باختراق العادي في القوانين، تبحث عن طريقة غير مألوفة للإنتقام من هذه الأشلاء المتبقية،
بركة الدماء تمتد، و تمتد، تغطي الأرضية، تندفع نحو الأبواب
و النوافذ ، تتدفق ،تنهمر ...
يهرع الكل للهرب، للإبتعاد نحو أقصى نقطة في المكان، يريدون النجاة، يودّون النجاة ....
و لكن بركان الدم أقوى من أن يقاوَم ....
النجدة ...الغوث ...إلينا... ما من مجيب.
الداء في القلب، اِبحثوا عنه، مزِّقوه، أحرِقوه، اِستأصِلوه، هو سبب البلية، هو سبب الطوفان
حرام أن نموت غرقى ، حرام أن نصاب بهذا الداء اللعين،
يجب أن ننجوَ...
اِبحثوا عن الروح، دمِّروها ، حطِّموها ،أبعِدوها عن عالمنا المعافى ...
روح عفنة ...
قـــــــــذرة ...
روح مريضة ...
لم تقبل أن تشفى ….
أين العقل؟؟ أين بقايا العقل؟؟ أين حطام العقل؟
لا عقل ولا تعقّل... لا فكر ولا تفكير، الكل إلى زوال .... الطوفان يجرف كل شيء، الطوفان يجتث كل القيم الثابتة على هذه الأرض ....
كان يجب أن تشفى قبل استفحال الداء ... اللعينة، المتهورة، قرص واحد كان يكفي لعلاجها، حبة منومة، و أخرى منشطة و ثالثة مهدئة....
حبوب، حبوب، حبوب........
جبل من الحبوب لن يكفي الآن لإيقاف الطوفان،
العشيـرة في خطـر، القـيــم في خطـر .... المبـادئ في خطـر....
كانت عنيــــدة، رأسها أصلب من الفـولاذ، هي التي تواطأت مع المرض، فسمحت له بــأن ينخر جسمها اللعين، حاول كل الأطباء علاجها، استأصَلوا قلبها، روحها، فكرها، ذاتها،
استأصَلوها .............
و ما اكتشفـوا سر مرضها، وما استطاعوا تحديد الدواء الناجع لها،
قاموا بتجارب يائسة معها، فما توصلوا إ لى حلّ، وما زادها عجز الأطباء إلا صلابة و تمردا،
تخلصت من عقاقيرهم الخادعة
رمت بها بعيدا نحو البرق ...
و أغرقت تعابيرهم الجوفاء في أعماق المحيطات غذاء للأسماك اليائسة ....
الأشلاء تتحرك، تتحرك، تتحرك ....
ما الذي جرى؟ إنها تتقدم، تتقدم،
يدان تحتضنان زنبقة سوداء، قدمان تسيران في برك الدماء، تدوسان على الدماء المتخثرة،
جمجمة مفرغة، لا مشاعر، لا أحلام، لا أحاسيس.... مشهد باهت....
صار يبتعد شيئا فشيئا، صار نقطة في الأفق، نقطة سوداء .
أخيرا رحلت أشلاؤها إلى مدن النسيان ...
آثرت الرحيل من عالم الأصحاء جارّة كل آلام العالم، حاملة قبرين بين راحتيها:
قبر يجمع أشلاءها و آخر يضم بقايا كرامتها المصلوبة ....
الحمل ثقيل، ثقيل ....وهي متعبة ....منهكة....متألمة.....
الألم يعصرها و الذكرى تغتالها....لكن الرحيل أكيد،لا مفرّ.....
ربما أقرّت بينها و بين نفسها مرة أنها مريضة و أن عليها أن تبحث لنفسها عن عقاقير تقطر رحيقها بمفردها لكنها سئمت الكلام عن المرض و الشفاء. كانت تعرف من البداية أن شفاءها ميؤوس منه، لم تكن لتعيش على أمل زائف ....
علّتها أعمق من أن تعالَج ، ما من أمل،
ما من رجاء
فمرضها طال، كل من يحيطون بها، طال البشر و الأماكن و الأشياء، شفاؤها لم يعد حلاّ
لم يعد مجدٍ
الطوفان أغرق كل شيء، أتى على كل شيء و جرف كل شيء........
موج عاتٍ يدفعها نحو صخرة تقسم ظهرها..........
ظهرها فتح في الصخرة فجوة، ألمها أقوى من الصخرة،،،،، فجوة سوداء،،، هوة عميقة..............
لمَ لاتجرب الدخول إليها؟؟ ربما تشفى؟؟ ربما يكتب لها أن تصير ككل البشر؟؟؟ ليس عليها أن تيأس، الأمر لم يعد بيدها، الرغبة المجنونة أقوى من إرادتها، الرغبة شلّت إرادتها،
الرغبة أشد صلابة من رأسها الفولاذي.....
لمَ هذا النداء إلى الهوة؟؟
لمَ هذا الإنجذاب نحوها؟؟
ماذا بقي لها أن تلملم؟؟
حطام..... فراغ.....بقايا كرامة مذبوحة....
أين كبرياؤها؟؟؟ شموخها؟؟؟ عزتها؟؟؟
معان فقدت معانيها......
الوقت لا يسمح باللوم،، لا يسمح بالتفكير و البحث عن مزيد من الأشلاء..........
الفراغ الذي بداخلها يكفي ليملأ الهوة السوداء...
الألم المتبقي من روحها المستأصلة ستغرقه في أعمق أعماق هذا البحر......
ستدفنه تحت هذه الصخرة الخرافية.......
الهوة السحيقة تنادي،،،
الطوفان يغرق الشوارع،،
الطوفان يمتد إلى البحر .....
حذار،، اللونان قد امتزحا،
أحمر داكن و أزرق أكثر قتامة،، عليها الدخول قبل وصول دفق الطوفان.
الفجوة ....الهوة ...النداء....
الفجوة أرحم لها من حياة فارغة ... الفجوة أرحم من عالم مليء بالأغبياء...
الفجوة هي الأمل...هي المستقر....
أخيرا وجدت لذاتها المعذبة مقرا و مستقرا،
أخيرا تصالحت مع نفسها و طاب لها أن ترتاح راحة أبدية...
راحة لا شفاء منها..........
..............................
...............