المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " اليمامتان " من وحي القلم



حوراء آل بورنو
01-03-2006, 12:32 PM
جاء في تاريخ الواقدي " أن (المٌقوقِس) عظيم القبط في مصر، زوج ابنته ( أرمانوسة) من (قسطنطين بن هرقل) وجهزها بأموالها حشما لتسير إليه ، حتى يبنى عليها في مدينة قَيسْارِيَة "مدينة في فلسطين"، فخرجت إلي بُلبِيس "مدينة بمحافظة الشرقية في مصر" و أقامت بها ... وجاء عمرو بن العاص إلي بُلبِيس فحاصرها حصاراً شديداً وقاتل من بها، وقتل منهم زُهاء ألف فارس، وانهزم من بها إلى المٌقوقِس ، و أُخذت أرمانوسة و جميع مالها، و أخذ كل ما كان للقبط في بُلبِيس. فأحب عمرو ملاطفة المٌقوقِس، فسّير إليه ابنته مكرمة في جميع مالها (مع قيس بن أبي العاص السّهمي), فسّر بقدومها...."

هذا ما أثبته الواقدي في روايته، ولم يكن معنياً إلا بأخبار المغزى و الفتوح، فكان يقتصر عليها في الرواية، أما ما أغفله فهو ما نقصه نحن:
كانت لأرمانوسة وصيفة مولَّدة تسمى (مارية)، ذات جمال يوناني أتمته مصر ومسحتها بسحرها، فزاد جمالها على أن يكون مصريا، ونقص الجمال اليوناني أن يكمله، فهو أجمل منهما، ولمصر طبيعة خاصة في الحُسن، فهي قد تهمل شيئاً في جمال نسائها أو تشعث منه"أي تفرق منه"، وقد لا توفيه جهد محاسنها الرائعة، ولكن متى نشأ فيها جمال ينـزع إلى أصل أجنبي أفرغت فيه سحرها إفراغاً، وأبت إلا أن تكون الغالبة عليه، وجعلته آيتها في المقابل بينه في طابعه المصري، وبين أصله في طبيعة أرضه كائنة ما كانت، تغار على سِحرها أن يكون إلا الأعلى.
وكانت مارية هذه مسيحية قوية الدين و العقل، اتخذها المٌقوقِس كنيسة حية لإبنته، وهو كان والياً وبَطْرِيَرْكاً على مصر من قِبل هرقل، وكان من عجائب صنع الله أن الفتح الإسلامي جاء في عهده، فجعل الله قلب هذا الرجل مفتاح القفل القبطي، فلم تكن أبوابهم تدافع إلا بمقدار ما تُدفع، تقاتل شيئا من قتال غير كبير، أما ألأبواب الرومية فبقيت مستغلقة حصينة لا تُذعن إلا للتحطيم، وراءها نحو مائة ألف رومي يقاتلون المعجزة الإسلامية التي جاءتهم من بلاد العرب أول ما جاءت في أربعة آلاف رجل، ثم لم يزيدوا آخر ما زادوا على اثني عشر ألفاً. كان الروم مائة ألف مقاتل بأسلحتهم - ولم تكن المدافع معروفة - ولكن روح الإسلام جعلت الجيش العربي كأنه اثنا عشر ألفَ مدفع بقنابلها، لا يقاتلون بقوة الإنسان، بل بقوة الروح الدينية التي جعلها الإسلام مادة متفجرة تشبه الديناميت قبل أن يعرف الديناميت!
ولما نزل عمرو بجيشه على بُلبِيس، جزِعت مارية جزعاً شديداَ، إذ كان الروم قد أرجفوا أن هؤلاء العرب قوم جياع ينفضهم الجدب على البلاد نفض الرمال على الأعين في الريح العاصف، وأنهم جراد إنساني لا يغزو إلا لبطنه، وأنهم غِلاظ الأكباد كالإبل التي يمتطونها، وأن النساء عندهم كالدواب يُرتطبن على خَسْف"من الذل"، وأنهم لا عهد لهم ولا وفاء، ثَقٌلت مطامعهم وخفت أمانتهم، وأن قائدهم عمرو بن العاص كان جزاراً في الجاهلية، فما تدعه روح الجزار ولا طبيعته، وقد جاء بأربعة آلاف سالخ من أخلاط الناس و شُذَّاذِهم، لا أربعة آلاف مقاتل من جيش له نظام الجيش!
وتوهمت مارية أوهامها، وكانت شاعرة قد درست هي و أرمانوسة أدب يونان وفلسفتهم، وكان لها خيالُ مشبوب متوقِد يشعرها كل عاطفة أكبر مما هي، ويضاعف الأشياء في نفسها، وينـزعُ إلى طبيعته المؤنثة، فيبالغ في تهويل الحزن خاصة، ويجعل من بعض الألفاظ وقوداً على الدم ...
ومن ذلك أسْتُطير قلبُ مارية و أفزعتها الوساوس، فجعلت تندب نفسها وصنعت في ذلك شعراً هذه ترجمته:
جاءك أربعة آلاف جزار أيتها الشاة المسكينة!
ستذوق كل شعرة منك ألم الذبح قبل أن تُذبحي!
جاءك أربعة آلاف خاطف أيتها العذراء المسكينة!
ستموتين أربعة آلاف ميتة قبل الموت!
قونِّي يا إلهي، لأغمد في صدري سكيناً يرد عني الجزارين!
يا إلهي، قوِّ هذه العذراء، لتتزوج الموت قبل أن يتزوجها العربي..!

وذهبت تتلو شعرها على أرمانوسة في صوت حزين يتوجع، فضحكت هذه وقالت: أنت واهمة يا مارية، أنسيت أن أبي قد أهدى إلى نبيهم بنت " أنصِنا " – هي مارية القبطية – فكانت عنده في مملكة بعضها السماء و بعضها القلب؟ لقد أخبرني أبي أنه بعث بها لتكشف له عن حقيقة هذا الدين وحقيقة هذا النبي، وأنها أنفذت إليه دسيسا يٌعلمه أن هؤلاء المسلمين هم العقل الجديد الذي سيضع في العالم تمييزه بين الحق و الباطل، وأن نبيهم أطهر من السحابة في سمائها، وأنهم جميعا ينبعثون من حدود دينهم وفضائله، لا من حدود أنفسهم وشهواتها، وإذا سلَّوا السيف سلٌّوه بقانون، وإذا أغمدوه أغمدوه بقانون. وقالت عن النساء: لأن تخاف المرأة على عفتها من أبيها أقرب من أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبي، فإنهم جميعاً في واجبات القلب وواجبات العقل، ويكاد الضمير الإسلامي في الرجل منهم يكون حاملاً سلاحاً يضرب صاحبه إذا هم بمخالفته.
وقال أبي: إنهم لا يُغيِرُون على الأمم، ولا يحاربونها حرب المُلك، وإنما تلك طبيعة الحركة للشريعة الجديدة، تتقدم في الدنيا حاملة السلاح والأخلاق، قوية في ظاهرها وباطنها، فمِن وراء أسلحتِهم أخلاقُهم، وبذلك تكون أسلحتُهم نفسُها ذات أخلاق!
وقال أبي: لها إن هذا الدين سيندفع بأخلاقه في العالم اندفاع العصارة الحية في الشجرة الجرداء، فطبيعة تعمل في طبيعة، فليس يمضي غير بعيد حتى تخضر الدنيا و ترمي ظلالها، وهو بذلك فوق السياسات التي تشبه في عملها الظاهر المُلفق ما يُعَدُّ كطلاء الشجرة الميتة الجرداء بلون أخضر..
شتَّان بين عمل وعمل، وإن كان لون يشبه لوناً...
فاستروحت مارية واطمأنت باطمئنان أرمانوسة، وقالت: فلا ضير علينا إذا فتحوا البلد، ولا يكون ما نستضير به؟
قالت أرمانوسة: لا ضير يا مارية، ولا يكون إلا ما نُحب لأنفسنا، فالمسلمون ليسوا كهؤلاء العلوج من الروم، يفهمون متاع الدنيا بفكرة الحرص عليه، والحاجة إلى حلاله وحرامه، فهم القساة الغلاظ المستكلبون كالبهائم، ولكنهم يفهمون متاع الدنيا بفكرة الاستغلاء عنه و التمييز بين حلاله وحرامه، فهم الإنسانيون الرُّحماء المتعففون.
قالت مارية: وأبيك يا أرمانوسة، إن لهذا لعجيب! فقد مات سقراط و أفلاطون و أرِسطو وغيرهم من الفلاسفة والحكماء، وما استطاعوا أن يؤدبوا بحكمتهم وفلسفتهم غير الكتب التي كتبوها ... ! فلَم يٌخرِجوا للدنيا جماعة تامةَ الإنسانية، فضلا عن أمة كما وصفت أنتِ من أمر المسلمين، فكيف استطاع نبيهم أن يُخرج هذه الأمة وهم يقولون أنه كان أمياً ؟ أفتسخر الحقيقة من كبار الفلاسفة و الحكماء وأهل السياسة و التدبير، فتدعهم يعملون عبثاً أو كالعبث، ثم تستسلم للرجل الأمي الذي لم يكتب ولم يقرأ ولم يدرٌس ولم يتعلم؟
قالت أرمانوسة: إن العلماء بهيئة السماء و أجرامها وحسابِ أفلاكها، ليسوا هم الذين يشقون الفجر و يُطلعون الشمس، وأنا أرى أنه لابد من أمة طبيعية بفطرتها يكون عملٌها في الحياة إيجاد الأفكار العملية الصحيحة التي يسير بها العالم، وقد درستُ المسيح وعمله وزمنه، فكان طيلة عمره يحاول أن يوجد هذه الأمة، غير أنه أوجدها مصغرة في نفسه وحواريَّيه، وكان عمله كالبدء في تحقيق الشيء العسير، حسبُه أن يُثبِت معنى الإمكان فيه .
وظهور الحقيقة من هذا الرجل الأمي هو تنبيه الحقيقة إلى نفسها، وبرهانها القاطع أنها بذلك في مظهرها الإلهي. و العجيب يا مارية، أن هذا النبي قد خذله قومه وناكروه و أجمعوا على خِلافه، فكان في ذلك كالمسيح، غير أن المسيح انتهى عند ذلك، أما هذا فقد ثبت ثبات الواقع حين يقع، لا يرتد ولا يتغير، وهاجر من بلده، فكان ذلك أول خُطا الحقيقية التي أعلنت أنها ستمشي في الدنيا، وقد أخذت من يومئذ تمشي. فهذا فارق آخر بينهما. والفرق الثالث أن المسيح لم يأت إلا بعبادة واحدة وهي عبادة القلب، أما هذا الدينُ فعلمت من أبي أنه ثلاث عبادات يشد بعضها بعضاً: إحداها للأعضاء، والثانية للقلب، و الثالثة للنفس، فعبادة الأعضاء طهارتها و اعتيادها بالضبط، وعبادة القلب طهارته وحبُه للخير، وعبادة النفس طهارتها وبذلها في سبيل الإنسانية. وعند أبي أنهم بهذه الأخيرة سيملكون الدنيا، فلن تُقهر أمة عقيدتها أن الموت أوسع الجانبين و أسعدهما.
قالت مارية: إن هذا والله لسِّر إلهي يدل على نفسه، فمن طبيعة الإنسان ألا تنبعث نفسه غير مبالية الحياة و الموت إلا في أحوال قليلة، تكون طبيعة الإنسان فيها عمياء: كالغضب الأعمى و الحب الأعمى و التكبر الأعمى، فإذا كانت هذه الأمة الإسلامية كما قلت منبعثة هذا الانبعاث، ليس فيها إلا الشعور بذاتيتها العالية – فما بعد ذلك دليل على أن هذا الدين هو شعور الإنسان بسمو ذاتيته، وهذه هي نهاية النهايات في الفلسفة والحكمة.
قالت أرمانوسة: وما بعد ذلك دليل على أنك تتهيئين أن تكوني مسلمة يا مارية!
فاستضحكتا معا وقالت مارية: إنما ألقيت كلاماً جاريتُكِ فيه بحسبه "أي قلت كلاما فا مشيت معك فيه"، فأنا وأنتِ كافرتان لا مسلمتان.

يتبع .

عبلة محمد زقزوق
01-03-2006, 02:06 PM
لا يسعني سوى أن أقول أكملي

أكملي يرحمنا ويرحمك الله حبيبتي ـ حرة

شكراً على هذا الجمال الحرفي الممتع .

تابعي فبإذن الله وبمشيئته من المتتبعين لكِ .

خالص محبتي .

حوراء آل بورنو
02-03-2006, 07:45 PM
قال الراوي: وانهزم الروم عن بُلبِيس، وارتدُّوا إلى المٌقوقِس في (مَنَفْ)، وكان وحي أرمانوسة مدة الحصار – وهي نحو شهر- كأنه فِكرُ سكن فِكراً و تمدد فيه، فقد مر ذلك الكلام بما في عقلها من حقائق النظر في الأدب و الفلسفة، فصنع ما يصنع المؤلف بكتاب ينقحه، وأنشأ لها أخيلة تجادلها وتدفعها إلى التسليم بالصحيح لأنه صحيح، والمؤكد لأنه مؤكد.
ومن طبيعة الكلام إذا أثر في النفس، أن ينتظم في مثل الحقائق الصغيرة التي تُلقى للحفظ، فكان كلام أرمانوسة في عقل مارية هكذا:"المسيح بدء وللبدء تكملة، ما من ذلك بدّ . ولا تكون خدمة الإنسانية إلا بذات عالية لا تبالي بغير سموها. الأمة التي تبذل كل شيء و تستمسكُ بالحياة جُبناً وحرصاً لا تأخذ شيئاً، والتي تبذل أرواحها فقط تأخذ كل شيء".
وجُعلت هذه الحقائق الإسلامية و أمثالُها تُعرّب هذا العقل اليوناني، فلما أراد عمرو بن العاص توجيه أرمانوسة إلي أبيها، وانتهى ذلك إلى مارية قالت لها: لا يَجمُل بمن كانت مثلَك في شرفها و عقلها أن تكون كالأخيذة، تتوجه حيث يسار بها، والرأي أن تبدئي هذا القائد قبل أن يبدأك، فأرسلي إليه فأعلميه أنك راجعة إلى أبيك، واسأليه أن يُصحبَكِ بعض رجاله، فتكوني الآمرة حتى في الأسر، وتصنعي بذلك صُنع بنات الملوك!
قالت أرمانوسة: فلا أجد لذلك خيراً منك في لسانكِ ودهائك، فاذهبي إليه من قِبًلي، وسيصحبُك الراهب (شطَا)، وخذي معك كوكبة من فرساننا.
قالت مارية وهي تقص على سيدتها: لقد أديتُ إليه رسالتك فقال:
كيف ظنها بنا؟ قلت: ظنها بفعلِ رجل كريم يأمره اثنان: كرمه ودينُه.
فقال: أبلغيها أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) قال:" استوصوا بالقبط خيرا فإن فيكم صِهراً و ذِمة". وأعلميها أننا لسنا على غارة نُغيِرُها، بل على نفوس نُغيّرُها.
قالت: فصفيه لي يا مارية.
قالت: كان آتياً في جماعة من فرسانه على خيولهم العِراب، وكأنها شياطينُ تحمل شياطينَ من جنس آخر، فلما صار بحيث أتبينه أومأ إليه الترجمانُ – وهو(وردان) مولاه- فنظرتُ، فإذا هو على فرس كُميت أحمَّ "هو الأحمر الضارب السواد" لم يخُلص للأسود ولا للأحمر، طويل العنق مُشرف له ذُؤابةٌ "خصلة" أعلى ناصيته كطُرَّة المرأة، ذيَّال يتبختر بفارسه و يُحمحم كأنه يريد أن يتكلم، مُطَّهم...
فقطعت أرمانوسة عليها وقالت: ما سألتك صفة جوادِه...
قالت مارية: أما سلاحه ....
قالت: ولا سلاحه، صفيه كيف رأيته (هو)!
قالت: رأيته قصير القامة علامةَ قوة وصلابة، وافر الهمةِ علامة عقل وإرادة، أدعج العينين ....
فضحكت أرمانوسة وقالت: علامة ماذا؟...
...... أبلجَ يُشرِقُ وجهه كأن فيه لألاء الذهب على الضوء، أيِّدا اجتمعت فيه القوةٌ حتى لتكاد عيناه تأمران بنظرهما أمراً... داهية كُتب دهاؤه على جبهته العريضة يجعل فيها معنىً يأخذ من يراه، وكلما حاولتُ أن أتفرس في وجهه رأيتُ وجهه لا يُفسره إلا تكرار النظر إليه...
وتضجرت وجنتاها، فكان ذلك حديثاً بينها وبين عيني أرمانوسة....
وقالت هذه: كذلك كل لذة لا يفسرها للنفس إلا تكرارها...
فغضَّت مارية من طرفها وقالت: هو والله ما وصفت، وإني ما ملأتُ عيني منه، وقد كدتُ أنكر أنه إنسان لما اعتراني من هيبته....
قالت أرمانوسة: من هيبته أم عينيه الدعجاوين....؟

ورجعت بنت المٌقوقِس إلى أبيها في صحبة (قيس)، فلما كانوا في الطريق وجبت صلاة الظهر، فنزل قيس يصلي بمن معه و الفتاتان تنظران، فلما صاحوا: " الله أكبر....!" ارتعش قلب مارية، وسألت الراهب (شطا): ماذا يقولون؟ قال: إن هذه كلمة يدخلون بها صلاتهم، كأنما يخاطبون بها الزمن أنهم الساعةَ في وقت ليس منه ولا من دنياهم، وكأنهم يعلنون أنهم بين يدي من هو أكبر من الوجود، فإذا أعلنوا انصرافهم عن الوقت ونِزاع الوقت و شهوات الوقت، فذلك هو دخولهم في الصلاة، وكأنهم يمحون الدنيا من النفس ساعة أو بعض ساعة، ومحوها من أنفسهم هو ارتفاعهم بأنفسهم عليها، انظري، ألا ترين هذه الكلمة وقد سحرتهم سِحراً فهم لا يلتفتون في صلاتهم إلى شيء، وقد شملتهم السكينة، ورجعوا غير من كانوا، وخشعوا خشوع أعظم الفلاسفة في تأملهم!
قالت مارية: ما أجمل هذه الفطرة الفلسفية..! لقد تعبت الكتبُ لتجعل أهل الدنيا يستقرون ساعة في سكينة الله عليهم فما أفلحت، وجاءت الكنسية فهوَّلت على المصلين بالزخارف و الصور و التماثيل و الألوان، ولتوحي إلى نفوسهم ضرباً من الشعور بسكينة الجمال و تقديس المعنى الديني، وهي بذلك تحتال في نقلهم من جوّهم إلى جوّها، فكانت كساقي الخمر، إن لم يعطك الخمر عجز عن إعطائك النشوة. ومن ذا الذي يستطيع أن يحمل معه كنيسة على جواد أو حمار؟
قالت أرمانوسة: نعم إن الكنيسة كالحديقة، هي حديقة في مكانها، وقلما تُوحي شيئاً إلا في موضعها، فالكنسية هي الجدران الأربعة، أما هؤلاء فمعبدهم بين جهات الأرض الأربع.
قال الراهب شطا: ولكن هؤلاء المسلمين متى فُتحت عليهم الدنيا وافتتنوا بها وانغمسوا فيها – فستكون هذه الصلاة بعينها ليس فيها صلاة يومئذ.
قالت مارية: وهل تُفتَح عليهم الدنيا، وهل لهم قُواد كثيرون كعمرو ..؟
قال: كيف لا تفتح الدنيا على قوم لا يحاربون الأمم بل يحاربون ما فيها من الظلم و الكفر و الرذيلة، وهم خارجون من الصحراء بطبيعة قوية كطبيعة الموج في المد المرتفع، ليس في داخلها إلا أنفُس مندفعة إلى الخارج عنها،
ثم يقاتلون بهذه الطبيعة أمماً ليس في الداخل منها إلا النفوس المستعدة أن تهرب إلى الداخل....!
قالت مارية: والله لكأننا ثلاثتنا على دين عمرو .....
وانفتل قيس من الصلاة، وأقبل يترحَّل، فلما حاذى مارية كان عندها كأنما سافر ورجع، وكانت لا تزال في أحلام قلبها، وكانت من الحُلم في عالم أخذ يتلاشى إلا من عمرو وما يتصل بعمرو. وفي هذه الحياة أحوالُ "ثلاُث" يغيب فيها الكون بحقائقه: فيغيب عن السكران، والمخبول، والنائم، وفيها حالة رابعة يتلاشى فيها الكون إلا من حقيقة واحدة تتمثل في إنسان محبوب.
وقالت مارية للراهب شطا: سَلهُ: ما أربَهُم من هذه الحرب، وهل في سياستهم أن يكون القائد الذي يفتح بلداً يكون حاكما على هذا البلد...؟
قال قيس: حسَبُكِ أن تعلمي أن الرجل المسلم ليس إلا رجلاً عاملاً في تحقيق كلمة الله، أما حظ نفسه فهو في غير هذه الدنيا.
وترجم الراهب كلامه هكذا: أما الفاتح فهو في الأكثر الحاكم المقيم، الحربُ فهي عندنا الفكرة وأما المصلحةُ تريد أن تضرب في الأرض وتعمل، وليس حظ النفس شيئاً يكون من الدنيا، وبهذا تكون النفس أكبر من غرائزها، وتنقلب معها الدنيا برعونتها وحماقتها وشهواتها كالطفل بين يدي رجل، فيهما قوةُ ضبطه وتصريفه. ولو كان في عقيدتنا أن ثواب أعمالنا في الدنيا، لانعكس الأمر.
قالت مارية: فسَلهُ: كيف يصنع (عمرو) بهذه القِلة التي معه و الروم لا يُحصى عددهُم، فإذا أخفق (عمرو) فمن عسى أن يستبدلوه منه؟ وهل هو أكبر قُوادهِم، أو فيهم أكبر منه؟
قال الراوي: ولكن فرس قيس تمطَّر وأسرع في لحاق الخيل على المقدمة كأنه يقول: لسنا في هذا ...
وفُتحت مصر صُلحا بين عمرو و القبط، وولَّى الروم مُصعدين إلى الإسكندرية، وكانت مارية، في ذلك تستقرئ أخبار الفاتح تطوف منها على أطلال من شخص بعيد، وكان عمرو من نفسها كالمملكة الحصينة من فاتح لا يملك إلا حُبَّه أن يأخذها، وجعلت تذوي وشحب لونها وبدأت تنظر النظرة التائهة: وبان عليها أثر الروح الظمأى، وحاطها اليأس بجوَّه الذي يحرق الدم؛ وبدأت مجروحة المعاني، إذ كان يتقاتلُ في نفسها الشعوران العدوَّان: شعور أنها عاشقة، وشعور أنها يائسة!
ورقَّت لها أرمانوسة، وكانت هي أيضاً تتعلق فتىً رومانيا، فسهرتا ليلةَ تديران الرأي في رسالة تحملها مارية من قِبَلِهَا إلى عمرو كي تصل إليه، فإذا وصلت بلَّغت بعينيها رسالة نفسها ...
واستقر الأمر أن تكون المسألة عن مارية القبطية وخبرِها و نسلها وما يتعلق بها مما يطول الإخبار به إذا كان السؤال من امرأة عن امرأة. فلما أصبحتا وقع إليها أن عمرا قد سار إلى الإسكندرية لقتال الروم، وشاع الخبر أنه لما أمر بفسطاطه أن يُقوَّض أصابوا يمامة قد باضت في أعلاه، فأخبروه فقال:" قد تَحَرَّمت في جوارنا، أقِرُّوا الفسطاط حتى تطير فِراخُها".
فأقَرُّوه!

ولم يمض غيرُ طويل حتى قضت مارية نحبها، وحفظت عنها أرمانوسة هذا الشعر الذي أسمته: نشيد اليمامة:
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
تركها الأمير تصنع الحياة، وذهب هو يصنع الموت!
هي كأسعد امرأة، ترى وتلمس أحلامها
إن سعادة المرأة أولها و آخرها بعض حقائق صغيرة كهذا البيض

على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
لو سُئلت عن هذا البيض لقالت: هذا كنزي
هي كأهنأ امرأة، ملكت مِلكها من الحياة ولم تفتقر
هل أُكلف الوجود شيئاً كثيراً إذا كلفته رجلاً واحداً أحبه!

على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
الشمسُ و القمرُ و النجوم، كلها أصغر في عينيها من هذا البيض
هي كأرق امرأة؛ عرفت الرقة مرتين: في الحب و الولادة
هل أٌكلف الوجود شيئاً كثيراً إذا أردت أن أكون كهذه اليمامة!

على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
تقول اليمامة: إن الوجود يحب أن يُرى بلونين في عين الأنثى؛
مرةً حبيباً كبيراً في رجلها، ومرة حبيباً صغيراً في أولادها
كل شيء خاضع لقانونه، والأنثى لا تريد أن تخضع إلا لقانونها

أيتها اليمامة، لم تعرفي الأمير وترك لك فسطاطه!
هكذا الحظ: عدلٌ مضاعف في ناحية، وظلمٌ مضاعف في ناحية أخرى
احمدي الله أيتها اليمامة، أن ليس عندكم لغات وأديان،
عندكم فقط: الحب و الطبيعة والحياة

على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
يمامة سعيدة، ستكون في التاريخ كهدهد سليمان،
نُسِب الهدهد إلى سليمان و سُتنسب اليمامة إلى عمرو
واهاً لك يا عمرو! ما ضرَّ لو عرفت (اليمامة الأخرى) .....!

سحر الليالي
12-03-2006, 12:02 AM
حرة أيتها الحبيبة :

ما أروعك

اشتقت لك

وبإنتظارك دوما

كوني بخير

لك خالص حبي

حوراء آل بورنو
14-03-2006, 11:23 PM
لا يسعني سوى أن أقول أكملي

أكملي يرحمنا ويرحمك الله حبيبتي ـ حرة

شكراً على هذا الجمال الحرفي الممتع .

تابعي فبإذن الله وبمشيئته من المتتبعين لكِ .

خالص محبتي .


بارك الله بك يا عبلة الكريمة ، و ما أجمل الأدب الذي به تتحلين .

سعيدة أني أرى اهتمامك بك أدب راقٍ و ماتع .

أسماء حرمة الله
15-03-2006, 04:09 PM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

تحية قطفتُها من شغاف القلب

حرة الحبيبـة،

أشكركِ ألفَ مرة، وألفَ امتنان على هديتكِ التي أهديتِ لنا..هديتكِ المكتوبة بماء القلب لابمداد الأنامل..
سافرتُ معكِ في رحلة ممتعة مؤثرة، وكأنني كنتُ أجالسُ أرمانوسة ومارية، أستمع إلى حديثهما، وأسمع بثَّهما، وأقتفي خطوَ خلجاتهما وتفكيرهما..
لقدْ قطفتِ مني دموعاً حرة، عشتُ قصةَ اليمامة الأولى واليمامة الراحلـة حتى الثمالة: التي رحلتْ قبلَ أن تصلَ رسالتُها العاشقة، حتى كادتْ أنفاسي تحلّق هناك..وعشتُ تقاسيمَ الأحداثِ التي أورقتْ بين حنايا القصة، عنْ ديننا الحبيب وأخلاق المسلمين وحبهمْ لربهم ونبيهم وتعاليم دينهمْ..

ممتنـة وشاكرة لكِ حدّ القلب والروح..
أسعدكِ الرحمنُ كما أسعدتِنا

لكِ قلبي ووردة :0014:
بل ألف باقة من الورد والمطر

حوراء آل بورنو
15-05-2006, 12:20 AM
حرة أيتها الحبيبة :

ما أروعك

اشتقت لك

وبإنتظارك دوما

كوني بخير

لك خالص حبي


ليتني أيتها الحبيبة أستطيع أن أنقل إليك روائع فكره و عجيب فنه !
لكنها " اليمامتان " فناء في الحب ، ذاك الحب الذي لا تعرفه إلا طيور السماء و زهور الأرض ، و زخات المطر ، حب لا يعي لم ْ و لا يدرك ما السبب و لا ينتظر أجله لأنه لا ينتهي و لا ينقضي و إن ذابت الأجساد و طواها التراب .

و لك خالص ودي يا سحر الحبيبة .

أنس الحجّار
19-05-2006, 12:19 AM
أشكرك أيتها الحرة على نقل درة من درره الأدبية

لك التحية

دمت بخير

أنس الحجّار
19-05-2006, 12:25 AM
شكرا مرة أخرى

حوراء آل بورنو
31-05-2006, 11:34 PM
سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

تحية قطفتُها من شغاف القلب

حرة الحبيبـة،

أشكركِ ألفَ مرة، وألفَ امتنان على هديتكِ التي أهديتِ لنا..هديتكِ المكتوبة بماء القلب لابمداد الأنامل..
سافرتُ معكِ في رحلة ممتعة مؤثرة، وكأنني كنتُ أجالسُ أرمانوسة ومارية، أستمع إلى حديثهما، وأسمع بثَّهما، وأقتفي خطوَ خلجاتهما وتفكيرهما..
لقدْ قطفتِ مني دموعاً حرة، عشتُ قصةَ اليمامة الأولى واليمامة الراحلـة حتى الثمالة: التي رحلتْ قبلَ أن تصلَ رسالتُها العاشقة، حتى كادتْ أنفاسي تحلّق هناك..وعشتُ تقاسيمَ الأحداثِ التي أورقتْ بين حنايا القصة، عنْ ديننا الحبيب وأخلاق المسلمين وحبهمْ لربهم ونبيهم وتعاليم دينهمْ..

ممتنـة وشاكرة لكِ حدّ القلب والروح..
أسعدكِ الرحمنُ كما أسعدتِنا

لكِ قلبي ووردة :0014:
بل ألف باقة من الورد والمطر

أسماء الحبيبة
قد صدقت ، فكأني أستمع إلى أرمانوسة و مارية في بثهما ، و أخطو معهما خطو الحب في قلبيهما !

و قد صدقت مرة أخرى أيتها الحبيبة و صدق الدمع في اختيار مواقعه ؛ فما أرى الآن الدمع إلا آخر تعبير لكلمة محبوسة بين قضبان العجز ؛ فما من خلق بات على الأرض كأخلاق هؤلاء ، و لا من حب غدا حياً كحب أولئك .

لك كل ودي .

إدريس الشعشوعي
14-06-2006, 08:30 PM
حوراء الفاضلة .. بارك الله فيك هذا النقل الرائع ..

من وحي القلم ، قلم الرافعي .. انّ له لحلاوة و حكمة و تميّزا .


فما من خلق بات على الأرض كأخلاق هؤلاء ، و لا من حب غدا حياً كحب أولئك .

موجود يا سيدتي ، و لكنّه قليل و مخفي ، يصدقه ما قاله صلى الله عليه و سلم " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق .." و هاته الطائفة على قدم الأولين خلقا و حالا و علما ... و لكنّهم مخفيون عن الناس لسوء الحال و الزمن .. ومن صدق الطلب عثر عليهم .

و مع ذلك .. فلسان قلمك يكون صادقا اذا غرقنا في واقعنا المبتذل . و كلما قرأنا شيئا من سيرهم خيّل الينا أنّها الأساطير ، و القصص المبتكرة خيالا . لعدم وجود ما يقابلها قي واقعنا و زمننا على العموم .

شكرا لك مرة أخرى على هذه التحفة الرائعة ..

و أعزّ الله دينه لتعود أيّام عزّه ، و مجده ، و أخلاقه شائعة في العالمين . آمين .

حوراء آل بورنو
23-07-2006, 09:12 PM
أشكرك أيتها الحرة على نقل درة من درره الأدبية

لك التحية

دمت بخير


بل الشكر لله في الأولى و التالية .

و دم بكل خير أخي الفاضل و الكريم .

البحترى
23-07-2006, 10:10 PM
الأخت الفاضلة حوراء
اعتبر وحي القلم من أعظم الكتابات الأدبية في التاريخ الإنساني ، هو ليس بكتاب ولكنه مجموعة مقالات للرافعي نشرها بالصحف وجمعت وطبعت في كتاب من ثلاثة أجزاء بعد وفاته. قال سعد زغلول عن هذا الكتاب عندما قرأه (بيان كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم).
اعلق هنا على اسم مدينة بلبيس التي تم ذكرها في هذه المقالة لينتفع بها من يقرأ المعلومة..
بلبيس بكسر الباء هي مدينة صغيرة بمحافظة الشرقية كانت في زمن الفتح الإسلامي أول بوابات مصر الشرقية بعد سيناء، والمدينة في الأصل فرعونية كان اسمها الأصلي هو (بل باست) أي معبد باست ، وباست كان يرمز للقطة السوداء التي كان يعبدها الفراعنة ويعتبرونها إلها والعياذ بالله ومازالت تماثيلها تباع في خان الخليلي وأماكن كثيرة بمصر، وكان أكبر معابد هذا الباست في مصر في هذه المدينة. تم تحوير اسم المدينة بمرور الوقت من (بل باست) إلى (بلبيس) والتي مازالت بهذا الاسم حتى الآن. العجيب أننا حتى الآن وخاصة في مصر عن جهل نخشى القطة السوداء ونحذر من الاقتراب منها ونبتعد عنها ونقول أنها بسبعة أرواح وتجلب الشؤم لمن يمسها بسوء !! الكل يفعل ذلك عن جهل مدقع دون أن يعرف السبب !! إنه الموروث الفرعوني البغيض الذي مازال يصبغ لسان وعادات وتقاليد ومعتقدات المصريين حتى الآن ولا تجد الإعلام الذي ينبه عنها حتى أنك تجد في اللهجة المصرية كلمة (بس) ونعني بها (فقط) ولكنها في القديم كانت تعني القسم باسم الإله المزعوم باست والذي يعرف الآن باسم (بسه) أي قطة !! وغير ذلك كثير وربما أفرد له مقالا خاصاَ لو كان في العمر بقية.
الأمر الآخر هو ما حدث في مدينة بلبيس عند الفتح الإسلامي حيث استشهد الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم في معركة بلبيس وتم دفنهم بملابسهم وسلاحهم ودمائهم في ارض المعركة ببلبيس وقام الناس في وقت لاحق ببناء مسجد فوق هذا المكان أسموه مسجد الشهداء. المسجد مازال موجوداَ حتى الآن ولكن لا أحد يعرف لماذا له هذا الإسم للجهل بالتاريخ !! العجيب أنه كانت هناك منذ سنوات عملية ترميم لهبوط حدث بأرض المسجد أو شيء من هذا القبيل ووجد العمال بالأرض سيوفاً عربية وعدداً حربية وملابساً قديمة وعظاماً آدمية، أبلغ العمال السلطات التي غطت كل هذا بالبناء كما هو حتى لا يعبث به أحد. إنهم شهداء المسلمين في الفتح الإسلامي لمصر يشاء العلي القدير أن يطهر بدمائهم ارض كانت معبداَ لقطة أو للبسة وعنوان للشرك بالله.
كان للفتح الإسلامي لمصر التأثير المباشر في تسمية العديد من القرى والمدن المصرية وذلك بحث آخر فتاريخ مصر على مر الحضارات يمكن قراءته من لسان المصريين ومن مسميات مدنهم وقراهم.
لست أدري ما الذي جعلني أسهب هكذا فلست بمتخصص ولكنها معلومات من الثقافة العامة ولكن وحي القلم الذي تفضلت الأخت حوراء بذكر قصة منه هنا فتح الشهية لحديث قد يهم المسلمين فلك أيها الأخت الفاضلة الشكر والتقدير

حوراء آل بورنو
12-08-2006, 02:55 PM
حوراء الفاضلة .. بارك الله فيك هذا النقل الرائع ..

من وحي القلم ، قلم الرافعي .. انّ له لحلاوة و حكمة و تميّزا .



موجود يا سيدتي ، و لكنّه قليل و مخفي ، يصدقه ما قاله صلى الله عليه و سلم " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق .." و هاته الطائفة على قدم الأولين خلقا و حالا و علما ... و لكنّهم مخفيون عن الناس لسوء الحال و الزمن .. ومن صدق الطلب عثر عليهم .

و مع ذلك .. فلسان قلمك يكون صادقا اذا غرقنا في واقعنا المبتذل . و كلما قرأنا شيئا من سيرهم خيّل الينا أنّها الأساطير ، و القصص المبتكرة خيالا . لعدم وجود ما يقابلها قي واقعنا و زمننا على العموم .

شكرا لك مرة أخرى على هذه التحفة الرائعة ..

و أعزّ الله دينه لتعود أيّام عزّه ، و مجده ، و أخلاقه شائعة في العالمين . آمين .

لست أدري أخي الفاضل ؛ فهل هذا القليل كافٍ لنحيا حياة طيبة بين بني البشر ؟!
ألا ترى كم نتوجع لقلة هذا الخير و ضعفه و تخاذل الكثير عن نصرته بالتخلي عنه و تقديم المنافع الشخصية عليه ... .

و أنا أقول معك آمين .

تقديري .