تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الرسالة و المسؤولية



محمد المختار زادني
03-03-2006, 05:49 PM
العجيب فيما نكتب أننا نر سم الألم ، ونكسو الخيبة جمالا،
ونقترف إثم الحرف البراق ببرودة دم. وسواء أكان إصرارا منا على اقتراف ذاك الإثم أم
هفوة من اتباع الهوى وزلة اللسان كما يسميها البعض؛ فإن عدونا يتلذذ قراءة ما أملاه
علينا في بداية القرن الماضي حين كان يعلّمنا أبجديته المقيتة ويزرع في نفوسنا
كراهية تراثنا وتقاليدنا، ويتفّه فينا كل ما هو أصيل كالشهامة والوفاء والكرم
والصدق، وكل القيم النبيلة؛ ويصبغ لنا أوثانه بالنبل على شاشات دور العرض
"السينمائي" وعلى صفحات الكتب المدرسية التي كانت مقررة في برامجنا التعليمية؛ حتى
سرى السم في جسد أمتنا واعتراها ما اعتراها من أمراض بدت منذ منتصف القرن الفائت،
وتجلت فروعها كأنها رؤوس الشياطين في العقد الأخير قبل أن تعيث في عقول شبابنا
فسادا مع مطلع هذا القرن.
نسي الأديب منا كيف تصاغ الأساليب إلا ما رسّخ العدو من تحجر ألفنـاهُ في النظرة
الدونية لما لدى علماء لغتنا من تمسك بالرصانة والنسج البليغ للأدب العربي الأصيل؛
ونحن نلبس مما حاك العدو لنا من خرق الوهن والضعف كل يوم رداء أثقل وأنتن.
وبات الشاعر في مأزق بين فساد الذوق وتدني صدق الحس إلى حد لم يعد معه قادرا على
سماع صوت روحه الصارخة في قطرات دمه الآخذ في التجمد تحت ضغط الفاقة المادية
والفكرية، وتبخّر الآمال، وجليد ركام النمط الغربي للأساليب الغريبة عن هويته وعن
المحيط الذي نشأ فيه فبات لا يكتب إلا ما ترسمه يد عابثة بالقلم خارج دائرة الوعي
تتبدى من وراء صيغ مفككة منحطة الدلالات ، بذيئة لا يقبلها الذوق السليم ، بل لا
يقبل عليها إلا السافلون وكأنها " طعام من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون " .
ومشت علينا دواليب الزمن تزيد تلكؤنا ثقلا و بطئا حتى وصلت أمتنا من التخلف ما هي
عليه اليوم. تكاد لا تؤمن بشيء غير الجري وراء لقمة العيش . وكلما جاءها الغرب بخطة
لينتزع منها جوهرة لم تعد تقيم لها وزنا، نفذت ما يملى عليها دون أدنى تمحيص. وكلما
أحكم العدو قبضته على شيء من مقدراتها وعكس لها صورة وهمية لسبب لا وجود له تبعته
لاهثة وراء السراب... فالتمست العزة بأسباب الذّل والمهانة، وطلبت التقدم بالتبعية
العمياء وتخلت عن قيمها وعن كل ما كان مبعث قوتها ورفعة شأنها فلبست ثوبا ليس لها.
غير أن أكبر عدوّ لها تجسّد في القنوط واليأس الذي عصف بروح شبابها خلال الثلاثة
عقود الأخيرة من القرن المنصرم؛ ظهرت آثاره في تعاطي المخدّرات والركون لوسائل
التغييب، رفضاً للواقع الأليم بكل الحيل والسبل لتمويه الإحباط العام واليأس
الخانق...
وكما يتلو الفجر الغسق، بانت علائم عصر الرقمية الجديد بكل تحدياته لما تعرفه
الساحة الفكرية والأدبية ، حيث سخر الله لنا سبلا لم نكن نعرفها من قبل، وبات علينا
من المسؤوليات أكبر مما كان على الكتاب والأدباء ممن سبقونا . علينا الآن بمقاومة
الظواهر السيئة في سلوك أبناء أمنتا وعلينا أن نستنهض الهمم الحية في كل بقاع
العالم من ذوي الأقلام المخلصة للحق والتي تعلي من شأن كلمة الحق وتحض على التمسك
بالأمل وحبل الإيمان المتين بالله ناصر الحق فالق الإصباح... وليفهم القارئ أننا
ندعو لإعادة الصياغة باعتماد مبادئ راسخة في جذور العقيدة وأسسها دون بث الرعب
والفوضى؛ فنحن نقاوم أولا سوء الأخلاق بالتربية السليمة على ساق الفضيلة التي يسخر
منها الغرب، اعتقادا منا أنه لا يسخر من الفضيلة استهزاء بها بل ليتفّهها في عقول
الشباب الحائر ويحل أمشاج الانحلال بدلا منها ؛ فيرسخ التبعية الفكرية والاقتصادية
والسياسية وكل ما يريد أن يبث في هذه الأمة من ألوان التفكك والأوبئة الاجتماعية .
ذلك أن الأخلاق الفاضلة كانت دائما عماد الرقي والتحضر والعدو يخاف بشدة زوال مظاهر
الحضارة وتحولها إلى أهلها الأصليين. فما قويت أمة إلا بأخلاقها وما ضعفت الشعوب
إلا بتذبذب عقيدتها وانحلال سلوك أفرادها.
ثم إننا نقاوم الجهل البغيض بكل مظاهره من أمية حرفية وأمية رقمية وأمية مقنعة. لأن
الجهل كان من أهم أسباب انحطاط أمتنا وما زال يفعل فعله في كل مكان من العالم ويعين
أعداءنا على اللعب بالنفوس وجرها نحو الهمجية قبل تحويلها عن العقيدة وقلب الحقائق
أمامها لترى الصورة كما يريدها العدو وليس كما هي في واقع الحال...
وإننا لا نلقى رفضا من أولي الأمر والنهي ولا من الدعاة للخير ولا من ذوي الضمائر
الحية، بقدر ما نجد الرفض والمقاومة من قوى الظلم والحيف الذين ينادون بالأسلوب
الأوحد لقيادة العالم على أسس الهوى وسيطرة الصفات الحيوانية على السلوك البشري
مقنعة برداء "حرية الرأي" وحقوق الإنسان المزيفة. فهم يعلمون أن عقيدتنا احترمت كل
الحقوق وأوجبت ما يجب وأباحت ما يباح وحظرت ما يضر الناس ولذلك يريدون الباطل للحق
بديلا كي يمرروا كل مخططاتهم المكشوفة لأولي البصائر. وقد آن للفاعلين بالمجالات
الأدبية والفكرية أن يعوا ما يحاك ضد خير أمة أخرجت للناس...

نورا القحطاني
03-03-2006, 07:06 PM
http://framboise78.free.fr/Fleurs/bouquet4.gif

وقد آن للفاعلين بالمجالات
الأدبية والفكرية أن يعوا ما يحاك ضد خير أمة أخرجت للناس...
*
*
نداء ..نداء ..نداء

استاذنا محمد المختار..سلمت يدك وسلم لنا فكرك النير
نحتاج إلى هكذا مقالات بين الفينة والآخرى.

كن بخير

*
*
*
http://framboise78.free.fr/Fleurs/rosereflet.gif
تحية ورد
نـورا

د. سلطان الحريري
03-03-2006, 10:00 PM
بارك الله بقلم يعي ما يجري ، فيعيد بحروفه ألقا نسيناه أو تناسيناه، ولنا أيها السامق وقفات دائمة مع فكر نير ، وقلم مبدع يسد رمق أمة تعودت على الاستكانة ، نعم أيها الكبير نحن بحاجة إلى وقفات مع الذات .
أدمنت حروفك ، واسمح لي دائما بالوقوف عن عتباتك ألقك.
واسمح لي بنقل الموضوع إلى قاعة الصالون ، ليفيد منه الأعضاء ، وأظن أن مكانه المناسب هناك .
دم بخير

عبلة محمد زقزوق
04-03-2006, 03:19 AM
وقفات وتأملات
هــــكذا توقفت ؛ وتوقف الزمان أثناء عبوري بين المتصفحات ، لأقف هنا كبداية وليست نهاية لمشوار قد يطول ... ولكن لن يعييني المسير طالما وقفت أمام هذا الفكر المستنير ، نعم أخي وأستاذي الفاضل ـ محمد المختار زادني
الحق فيما أتيت ، وفيما لامست ... فقد أستوقفتني تلك العبارة منك : ـ
فما قويت أمة إلا بأخلاقها وما ضعفت الشعوب
إلا بتذبذب عقيدتها وانحلال سلوك أفرادها.
نعم الرأي الصواب ، والفكر النابض منك لكل ما يعترينا ويعرينا ويجردنا ، ويجعلنا أمة متذبذبة المفاهيم والتقاليد ... بين ما هو أصيل ، وما هو مستحدث ومدمر لكل القيم وكل الجذور والتعاليم النبوية الشريفة ... فلقد سلب منا العقل والرشد حين جعلنا لقمة العيش هي الهدف الأسمى وتناسينا أنها مؤنة لباقي القيم التي جبلنا عليها من بدء الخليقة .
لقد سلمنا رايات الفكر والعقل لأيدي عابثة لا ترعى حق دين أو مبادئ أصيله ، وتناسينا أننا أصل القيم النبيلة وأصل التقدم والإنجازات العظيمة ، والفتوحات التي منها أستنار العالم أسره بحضارات كانت لنا منذ قدم الزمان ، والتاريخ خير دليل فهو حافل ، ولن يبخل عن ذكر تلك الحقائق ، مهما حاول الغرب طمسها والتعالي فوقها .
نشكر دعوتك أخي الفاضل لإستنهاض الغافلين منا ، والمتكاسلين عن الدعوة ، والمثبطين للهمم ولروح العلم والفكر بين شبابنا ، نعم لابد أن تكون لنا وقفات أمام من يسعي لإحباط تلك الهمم بروح الشباب ، فكوننا أصحاب مبادئ وقيم نؤمن بها إيماننا بكتاب الله وسنة رسولنا الكريم " صلى الله عليه وسلم " ؛ إذن فلابد أن تكون لنا وقفات .

خالص التحايا أخي الكريم لهذا الفكر والرأي ، وجليل الدعوة منك .

محمد المختار زادني
04-03-2006, 08:35 PM
http://framboise78.free.fr/Fleurs/bouquet4.gif

وقد آن للفاعلين بالمجالات
الأدبية والفكرية أن يعوا ما يحاك ضد خير أمة أخرجت للناس...
نداء ..نداء ..نداء

استاذنا محمد المختار..سلمت يدك وسلم لنا فكرك النير
نحتاج إلى هكذا مقالات بين الفينة والآخرى.

كن بخير

تحية ورد
نـورا


مر حبا بتعليق أخت اعتز بكل ما تكتب

وبأفكارها النيرة

رعاك الله لي أختا عزيزة

محمد المختار زادني
04-03-2006, 08:52 PM
بارك الله بقلم يعي ما يجري ، فيعيد بحروفه ألقا نسيناه أو تناسيناه، ولنا أيها السامق وقفات دائمة مع فكر نير ، وقلم مبدع يسد رمق أمة تعودت على الاستكانة ، نعم أيها الكبير نحن بحاجة إلى وقفات مع الذات .
أدمنت حروفك ، واسمح لي دائما بالوقوف عن عتباتك ألقك.
واسمح لي بنقل الموضوع إلى قاعة الصالون ، ليفيد منه الأعضاء ، وأظن أن مكانه المناسب هناك .
دم بخير

أخي الحبيب د. سلطان الحريري

لك أخي أن تنقل هذه الصورة التي تؤلمني حيث ترى لها مكانا يناسبها

فأنت الأخ الحبيب والصديق الصدوق

رعاك الله أخي العزيز وبارك في قلمك

محمد المختار زادني
04-03-2006, 08:58 PM
وقفات وتأملات
هــــكذا توقفت ؛ وتوقف الزمان أثناء عبوري بين المتصفحات ، لأقف هنا كبداية وليست نهاية لمشوار قد يطول ...
نشكر دعوتك أخي الفاضل لإستنهاض الغافلين منا ، والمتكاسلين عن الدعوة ، والمثبطين للهمم ولروح العلم والفكر بين شبابنا ، نعم لابد أن تكون لنا وقفات أمام من يسعي لإحباط تلك الهمم بروح الشباب ، فكوننا أصحاب مبادئ وقيم نؤمن بها إيماننا بكتاب الله وسنة رسولنا الكريم " صلى الله عليه وسلم " ؛ إذن فلابد أن تكون لنا وقفات .

خالص التحايا أخي الكريم لهذا الفكر والرأي ، وجليل الدعوة منك .

توقفك أختي الكريمة؛ وقوف كريمة على مسرح ألم يصرخ لله

ويشكو ما يعاني منه شبابنا الحائر

لله درك من أخت تطل في وقت

هو النسب وتعلق بأسلوب يفيض حماسة

وقوة

دمت مخلصة لله والوطن

وبوركت من أخت غالية

مجدي محمود جعفر
04-03-2006, 09:19 PM
أستاذنا الجليل / محمد المختار
مقالتك الرائعة تعيدنا إلى زمن كبار الكتاب من الأدباء أصحاب القامات العالية ، والمواقف النبيلة ، بورك فيك وشكرا لك

محمد المختار زادني
05-03-2006, 02:57 PM
مرحبا بك أخي مجدي محمود جعفر

وأهلا بك أخا جديدا

بارك الله في قلمك

لك تحياتي الأخوية