د. جهاد بني عودة
03-03-2006, 09:03 PM
حَاشى لِوَجهِكَ أن يأتي به القَلَمُ
أقولُ فيكَ ودَمعُ العَينِ يَنسَجِمُ = حاشَى لِوَجهِكَ أن يَأتي به القََلََم
حاشى لِوَجهٍ كَشَمسِ الأرضِ طالِعَةً = أن تَستَقيمَ بإشراقاتِهِ الرُّسُمُ
حَاشى لِشَخصِكَ أن تَغتابَه صُوَرٌ = حَاشى لِذِكرِكَ أن تَنتابَه التُّهَمُ
كيف استَطابَ يَراعٌ رَسمَ هَيئَتِهِ = يا ذلكَ الحَدَثُ المَشنوءُ والجُرُمُ
لو كانَ يَعلَمُ من قد راحَ يَرسُمُهُ = لَقامَ في خَجَلٍ يَذوِي ويَنقَسِمُ
وقامَ عن كلِّ خَطٍّ منه مُعتَذِراً = والحُزنُ يَعصُرُهُ والسُّخطُ والنَّدَمُ
يُنَزَّهُ الجِسمُ عن وصفٍ وعن صُوَرٍ = تُنَزَّه الرأسُ والاردانُ والقَدَمُ
لو كانَ يَعرِفُكَ الكُتّابُ لارتَكَسُوا = وقامَ مُعتَذِراً عنهم يَراعَهُمُ
لو يُنصِفوكَ لَقالوا أنتَ سَيِّدَنا = أو يَفهَموكَ أقامُوا الدِّينَ عِندَهُمُ
قد صَنَّفوكَ عَظيمَ الأرضِ واحِدَها = لكنَّهم جَهِلوا من بعدِ ما عَلِموا
يا وَيلَ ما كَسَبت أقلامُهُم هُزُواً = يا ويلَ ما اكتَسَبَت أيمَانُها العَجَمُ
كَيف استَساغُوا بِأن يَحووهُ في وَرَقٍ = يا قُبحَ ما فَعَلوا يا وَيلَ ما رَسَموا
كُلُّ الشَّمائِلِ قَامَت تَحتَ صُورَتِهِ = العَزمُ والفَخرُ والإقدامُ والهِمَمُ
ما أظلَمَ الغَربَ في إفكٍ يَخوضُ بِهِ = أيُّ البُغاةِ هُمُ .... أيُّ الجُناةِ هُمُ
يا ويحَكُم أبِخَيرِ الخَلقِ لَمزَكُمُ = أما وَجَدتُّم سوى المَعصومِ وَيلَكُمُ
تَخَبَّطَ الغَربُ من مَسِّ الجُنونِ بِهِ = وأوهَنَ الغَربَ في تَخربفِهِ الهَرَمُ
يا سَيِّدَ الناسِ قد غَالَت غوائِلُهُم = فَصَوَّروكَ بما لا تَقبلُ الشِّيَمُ
لكنّ مثلَكَ ما ضَرُّوا بِإظفَرِهِ = مهما رَمَتكَ بِهِ الغربانُ والبُوَمُ
ما ضَرَّهُ البَدرُ سارٍ في مَهَابَتِهِ = أن تَعتَرِضهُ بإيضاءاتِهِ الدِّيَمُ
فالنّورُ أنتَ وأنت النُّورُ مَصدَرُهُ = زالَ الظَّلامُ بِهِ والظُّلمُ والظُّلَمُ
لولاكَ يا حِليَةَ الدُّنيا وزِينتَها = ما تَأمَنُ الذِّئبَ في مِسراحِها الغَنمُ
لولاكَ لم تََعرِف الدُّنيا مَكارِمَها = ما الجُودُ ما النُّبلُ الإحسانُ ما الكَرَمُ
لولاكَ يا من بِهِ المَولى تَدَارَكَنا = لَكانَ يُعبَدُ نَجمُ اللّيلِ والصّنَمُ
فَدِينُكَ اليَومُ سارٍ في حَواضِرِنا = تَعاقَبا نَشرَهُ الإصباحُ والغَسَمُ
وكُلِّ أرضٍ بِها من نُورِهِ قَبَسٌ = وَحيٌ بِهِ تُحفَظُ الأعراضُ والحُرَمُ
لَولاهُ ظَلَّت بِلادُ الغَربِ غَابِرةً = عَصرُ العَبيدِ بِها والأعصُرُ الدُّهُمُ
إذا ادلَهَمَّت على الأعلامِ مُعضِلَةً = فإنَّ رأيَكَ فيها الفَصلُ و الحَكَمُ
ما الناسُ لولا رَسولَ اللهِ بينَهُمُ = ما الأرضُ لولاهُ ما الإنسانُ ما الأمَمُ
ضَجَّت له الأرضُ والأخلاقُ ثائِرَةً = العُرفُ والنُّبلُ والأعراقُ والقِيَمُ
تَفديهِ أفئِدَةٌ تَفنى لِنُصرَتِهِ = لا تَشتَفي أبَداً حَتى يُراقَ دَمُ
تَبتَزُّها غَدَراتُ الرّومِ سَيِّدَها = كالمَشرَفِيَّةِ إذ تَبتَزّها اللّجُُمُ
تَحِنُّ للبَشَرِ المَبعوثِ أمَّتهُ = كَما تَحِنُّ إلى أمَّاتِها الفُطُمُ
هذي المَسيراتُ في الدُّنيا تُذَكِّرُهُم = بِأنَّهُ حَرَمٌ وذِكرُهُ حَرَمُ
يا ابنَ الخِيارِ خِيارِ العُربِ من مُضَرٍ = ساداتِ يَعرُبَ كلٌ سَيِّدٌ عَلَمُ
لمّا أتيتَ وَقد غَنّى الرَّبيعُ رِضىً = واستَبشَرَ النَّخلُ والزُّراعُ والأكَمُ
صاحَت وُحوشُ الفَلا وانتَشَت فَرَحاً = النَسرُ والصَّقرُ والعُقبانُ والرَّخَمُ
الوَحيُ هَلَّ وهَلَّ الخَيرُ يَعقُبُهُ = النُّورُ والهَديُ والنَّعماءُ والنِّعَمُ
عَزَّت قُريشُ بهذا الأمرِ وافتَخَرَت = فَخرَ المُلوكِ فلا كِندَا ولا لَخَمُ
البَحرُ والبَرُّ في طَه سَعادَتُهُم = الجِنُّ والإنسُ والأحيَاءُ والرِّمَمُ
إنّ الحَضارَةَ بالعَدنانِ مَبدؤُها = فَهوَ المُؤسِّسُ لا عادٌ ولا إرَمُ
وكلّ خَيرٍ من الإصلاحِ أصَّلَهُ = في كُلِّ أمرٍ فلا قَيسٌ ولا هَرِمُ
يا سَيِّدَ الناسِِ إني اليومَ أعلِنُها = حَرباً على الشِّركِ فيها الشِّعرُ يَنتَقِم
ما قيلَ فيكَ من المُدَّاحِ مُقتَضَبٌ = ما كان فيكَ يَفيهِ القَولُ والكَلِمُ
في مثلِ طَه و هَل من مِثلِهِ أحَدٌ = يَحلو النَّشيدُ و يَحلو الشِّعرُ والنَّغَمُ
وكلّ نَظمٍ بِهِ مُستَعذَبٌ حَسَنٌ = فالمَدحُ فيهِ كما الياقوتِ يَنتَظِمُ
فقد أفاضَ أميرُ الشِّعرِ بُردَتَهُ = تَشيبُ منها نواصِي الشَّعرِ واللِّمَمُ
وثَجَّ من مُعصِراتِ الجَوَى وَدَقاً = كأنّهُ دِيمَةٌ مِدرارَةٌ تَثِمُ
نَفيسَةٌ سَكَنت اصدَافَ لُؤلُؤةٍ = إن النّفائِسَ في أصدَافِها التُّوَمُ
كَأنَّها لُجَجٌ مِن فَوقِها لُجَجٌ = وإنَّهَا قِمَمٌ مِن فَوقِها قِمَمُ
فما ذَكَرتُكَ يا طَهَ بِقافِيَةٍ = إلا وقَلبيَ والعَينينِ تَختَصِمُ
فما يُفَرِّقُ غَيرَ الدَّمعِ بينَهُما = يَجري َ سَخِيناً عَلى الخَدَّينِ يَزدَحِمُ
والنَّفسُ بينَهُما مَقهورَةٌ كَمَداً = ما بينَ مُعتَرَكِ الأعضاءِ تَلتَطِمُ
يا سَيِّدَ النّاسِ قََسراً عن أنُوفِهِمُ = إن أخرَجَت أشَراً سَاداتِها الأمَمُ
إني أهَابُكَ في قَولي وقافِيَتي = فالشِّعرُ فيكَ مَنيعُ الجَنبِ مُعتَصِمُ
أقسَمتُ باللّهِ لا أنفَكُّ مُمتَدِحاً = لا يشفَعُ الفِعلُ إن لم يَشفَعِ القَسَمُ
حُبّاً إليكَ رَسولَ اللّهِ قَافِيَتِي = والحُبُّ يُنجِي وَبَعضُ الحُبِّ ما يَصِمُ
جَاهَدتُّ كِتمانَها في مُهجَتي زَمَناً = حَتَّى تأبَّت فليسَ اليومَ تَنكَتِمُ
وَيَسأَمُ القَلبُ مِن أمرٍ يُسِرُّ بِهِ = يا وَيحَ مُضغَةِ صَدري طَبعُها السَّأمُ
كلُّ الحِبالِ و إن كانت مُغَلَّظَةً = ما كانَ فيها بِغَيرِ الحُبِّ يَنصَرِمُ
لَهُ صُنوفٌ بِأَسبَارِ الجَوَى عَدَدٌ = مِنها الشُّخوصُ ومِنهَا البَانُ والعَلَمُ
أقلُّ تَقدِمَتي شِعراً نَقَمتُ بِهِ = والشِّعرُ يُسعِفُ إن لم تُسعِفِ النِّقَمُ
لا بَارَكَ اللهُ في شِعرٍ تَلوكُ بِهِ = ولم يَكُن بِصِراطِ الحَقِّ يَلتَزِمُ
القولِ بالهَديِ أو لا قُلتَهُ أبَداً = فكلُّ ما قيلَ في غَيرِ الهُدى لَمَمُ
كُلُّ الرِّجالاتِ من عُربٍ ومن عَجَمٍ = بِِبَابِ أحمَدَ حُجَّابٌ لَهُ خَدَمُ
يا أمّةَ الغَربِ صَرحُ الشِّركِ مُهتَرئٌ = وكُل صَرحٍ بِغَيرِ الدِّينِ مُنهَدِمُ
أما قَرأتُم من التَّوراةِ هَيئَتَهٌ = ألم يُبَشِّر بِهِ الإنجيلُ عِندَكُمُ
أما عَلِمتم بأنّ الله ناصِرُهُ = يَكفيهِ هُزوَ شِرارِ النّاسِ مثلَكُمُ
لَم تَسمَعوهُ وَقَد شُقَّ الهِلالُ لَهُ = وكَيفَ يَسمَعُ من في سَمعِهِ صَمَمُ
إنّ انتِفاشَ حَضاراتِ العِدا عَرَضٌ = والدّاءُ يَظهَرُ من أعراضِهِ الوًَرَمُ
فاربأ بِبَطنِكَ أن يَقتاتَ حاجَتَهُم = أقلُّ حَربَهُمُ في بَيتِكَ اللُّقَمُ
فَكَيفَ يُفلِحُ قومٌ سُبَّ سَيُّدُهُم = وَلَم يَثورُوا على هذا وَيَنتَقِموا
وَالزَم تُراثَ رَسولِ اللّهِ سُنَّتَهُ = فالدِّينُ مُمتَنِعٌ والحَقُّ مُلتَزَمُ
كُلُّ المَبادِئ والأَعرافِ سَائِبَةٌ = من غَيرِ أحمَدَ لا عَهدٌ ولا ذِمَمُ
إن قَامَ قامَ أرِيجُ المِسكِ يَلحَقُهُ = نَوَاشِرُ الطِّيبِ من جَنبَيهِ يُنتَسَمُ
أو قالَ أجمَعَ بالإحكامِ مَنطِقَهُ = فََصلُ الخِطابِ و فَصلُ القَولِ والحِكَمُ
بِه بَيانٌ حَلالُ السِّحرِ فِتنَتُهُ = يُستَنطََقُ الصَّخرُ من مَبناهُ والبُكُمُ
تَفَجَّرَ الماءُ من إبهَامِ إصبَعِهِ = كَأنَّهُ نَهَرٌ أو هَاطِلٌ عَرِمُ
أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ تَذكُرُهُ = والجِذعُ حَنَّ لَهُ و الحِلُّ والحَرَمُ
ما قامَ قاصِدُهُ فيما يُؤمِّلُهُ = إلا وتَسبِقُهُ في سُؤلِهِ نَعَمُ
وَمَا تَحَدَّثَ نَحوَ النَّاسِ مُبتَدِراً = إلا وَيَظهَرُ نُورُ اللَّوحِ والقَلَمُ
يَهديكَ لِلحَقِّ من غيرِ الدُّعاءِ لَهُ = بِبَسمَةِ الوَجهِ حَولَ الثَّغرِ تَرتَسِمُ
قد أسلَمَ ابنَ جَريرٍ طُولُ نَظرَتِهِ = يُقَلِّبُ الطَّرفَ في خَدَّيهِ يَبتَسِمُ
سَالَ الغَمامُ بِهِ من بَعدِ ما قَحَطَت = سَعدُ بنُ بَكرٍ ودَرَّ الشََّاءُ والنَّعَمُ
عَمَّ الرَّضيعُ بَني سَعدٍ بِطَلَّتِهِ = وأقحَطَت مُضَرٌ وأقفَرَت جُشَمُ
قد أثخَنوهُ جِراحَ الحَربِ في أحُدٍ = وهيَ الّتي بِرَسولِ اللّهِ تَلتَئِمُ
يَشفي السَّقيمَ إذا ما جاءَ مُشتَكِياً = بِِريقِهِ فيَزولُ السُّمُّ والسَّقَمُ
كَساهُ سَمتٌ وَقاراً لا عُلُوَّ بِهِ = عَلاهُ حُسنٌ بِسيما الخَيرِ يتَّسِمُ
لَمّا رأَتهُ قُرَيشٌ صَاحَ صَائِحُها = وَتوشِكُ الحَربُ أن تَضرا وتَضطَّرِمُ
هذا الأمينُ أمينُ القَومِ نَقبَلُهُ = هذا الصَّدوقُ وهذا الرُّكنُ يَستَلِمُ
بَنى بِهِ الحَجَرَ المُسوَدّ مَوضِعَهُ = بَنى بِهِ قَبلَهُ من بَينَهم رَحِمُ
فلا تَحُدُّ دروسُ العِلمِ سيرَتَهُ = ولا يُحيطُ بِهِ شَرحٌ ولا كَلِمُ
وكلّ ما ذََكَرَ التّاريخُ مُختَصَرٌ = ما خَطَّهُ قَلَمٌ أو قالَ عنهُ فَمُ
في عُقرِ دارِهِمُ نَرنو لِمَلحَمَةٍ = لو كانَ يَقصُدُ شَيخَ الحَربِ دارَهُمُ
حتّى نُعيدَ إلى سِبتِمبَرٍ حِقَباً = كانت رَحَاهَا لَهيبُ النَّارِ والحِمَمُ
فاغزُ رَعاكَ إلهَ الكَونِ أرضَهُمُ = وابدأ هَداكَ إلا رَدِّ العِدا بِهِمُ
ما بَالُ صَيدَكَ قد زادَت طَرائَدُهُ = يا ذلكَ اللّيثُ هل ضَاقَت بِك الأجَمُ
لِيَفهمَ الغَربُ أنَّ الحَقَّ مُعتَصِمٌ = ويَفهَمَ الموتَ إن لم يَفهَمِ الفَهِمُ
فَللسِّلاحِِ إلى أجسادِهِم وَلَعٌ = ولِلسُّيوفَ إلى أعناقِهِم قَرَمُ
وَاهاً على زَمَنٍ صُنَّاهُ مُحتَرَماً = فيهِ الكَنائِسُ و الأديانُ تُحتَرَمُ
دَكَّت خُيولُ بَني مَروانَ مَغرِبَهُم = واستَنهَضَتهُم إلى عَليائِها الهِمَمُ
الغَافِقِيُّ على أبوَابِهِم وَثِبٌ = والبَربَريُّ الَّذي سارَت بِهِ التُّخَمُ
لَنا مَعادٌ بِلادَ الغَربِ فَارتَقِبي = لَم يُنسِنا عَنكُمُ بُعدٌ وَلا قِدَمُ
ما قَصَّرَت عَنهُ خَيلُ المُسلِمينَ مَضَت = تَدعُوإلَيهِ هُناكَ الأينُقُ الرُّسُمُ
سَارَت قَوافِلُهَا بالدَّينِ تَنشُرُهُ = ما أعجَزَ السَّيفَ لَم يَعجِز لَهُ الأدَمُ
إنا رَضَعنا قَتامَ الحَربِ أغلِمَةً = والبَعضُ يَبلُغُهُ في ساحِها الحُلُمُ
يَشِبُّ ناشِئُنا حتى يَشيبَ بِها = والموتُ يَفطِمَنا عنها فننفَطِمُ
القابِضونَ على جَمرٍ عَقيدَتَهُم = مُستَمسِكون بِرُكنٍ لَيسَ يَنفَصِمُ
لا يُنصَرُ الحَقُّ إن لم يَحتَرِب زَمَناً = فالحَربُ تَفعَلُ ما لا يَفعلُ السَّلَمُ
أزكَى صَلاةً رَسولَ اللّهِ يَبعَثُها = قَولِي وَقَلبي بِها مُستَعذِبٌ شَبِمُ
مولايَ صلِّ وَسَلِّم دائماً أبَدَاً = على صَفِيِّكَ خَيرِ خَلقِ اللّهِ كُلِّهِمُ
مولايَ صَلِّ وبارِك ما أرَدتَّ على = مُحَمَّدٍ من بِهِ الأخيارُ قد خُتِموا
أقولُ فيكَ ودَمعُ العَينِ يَنسَجِمُ = حاشَى لِوَجهِكَ أن يَأتي به القََلََم
حاشى لِوَجهٍ كَشَمسِ الأرضِ طالِعَةً = أن تَستَقيمَ بإشراقاتِهِ الرُّسُمُ
حَاشى لِشَخصِكَ أن تَغتابَه صُوَرٌ = حَاشى لِذِكرِكَ أن تَنتابَه التُّهَمُ
كيف استَطابَ يَراعٌ رَسمَ هَيئَتِهِ = يا ذلكَ الحَدَثُ المَشنوءُ والجُرُمُ
لو كانَ يَعلَمُ من قد راحَ يَرسُمُهُ = لَقامَ في خَجَلٍ يَذوِي ويَنقَسِمُ
وقامَ عن كلِّ خَطٍّ منه مُعتَذِراً = والحُزنُ يَعصُرُهُ والسُّخطُ والنَّدَمُ
يُنَزَّهُ الجِسمُ عن وصفٍ وعن صُوَرٍ = تُنَزَّه الرأسُ والاردانُ والقَدَمُ
لو كانَ يَعرِفُكَ الكُتّابُ لارتَكَسُوا = وقامَ مُعتَذِراً عنهم يَراعَهُمُ
لو يُنصِفوكَ لَقالوا أنتَ سَيِّدَنا = أو يَفهَموكَ أقامُوا الدِّينَ عِندَهُمُ
قد صَنَّفوكَ عَظيمَ الأرضِ واحِدَها = لكنَّهم جَهِلوا من بعدِ ما عَلِموا
يا وَيلَ ما كَسَبت أقلامُهُم هُزُواً = يا ويلَ ما اكتَسَبَت أيمَانُها العَجَمُ
كَيف استَساغُوا بِأن يَحووهُ في وَرَقٍ = يا قُبحَ ما فَعَلوا يا وَيلَ ما رَسَموا
كُلُّ الشَّمائِلِ قَامَت تَحتَ صُورَتِهِ = العَزمُ والفَخرُ والإقدامُ والهِمَمُ
ما أظلَمَ الغَربَ في إفكٍ يَخوضُ بِهِ = أيُّ البُغاةِ هُمُ .... أيُّ الجُناةِ هُمُ
يا ويحَكُم أبِخَيرِ الخَلقِ لَمزَكُمُ = أما وَجَدتُّم سوى المَعصومِ وَيلَكُمُ
تَخَبَّطَ الغَربُ من مَسِّ الجُنونِ بِهِ = وأوهَنَ الغَربَ في تَخربفِهِ الهَرَمُ
يا سَيِّدَ الناسِ قد غَالَت غوائِلُهُم = فَصَوَّروكَ بما لا تَقبلُ الشِّيَمُ
لكنّ مثلَكَ ما ضَرُّوا بِإظفَرِهِ = مهما رَمَتكَ بِهِ الغربانُ والبُوَمُ
ما ضَرَّهُ البَدرُ سارٍ في مَهَابَتِهِ = أن تَعتَرِضهُ بإيضاءاتِهِ الدِّيَمُ
فالنّورُ أنتَ وأنت النُّورُ مَصدَرُهُ = زالَ الظَّلامُ بِهِ والظُّلمُ والظُّلَمُ
لولاكَ يا حِليَةَ الدُّنيا وزِينتَها = ما تَأمَنُ الذِّئبَ في مِسراحِها الغَنمُ
لولاكَ لم تََعرِف الدُّنيا مَكارِمَها = ما الجُودُ ما النُّبلُ الإحسانُ ما الكَرَمُ
لولاكَ يا من بِهِ المَولى تَدَارَكَنا = لَكانَ يُعبَدُ نَجمُ اللّيلِ والصّنَمُ
فَدِينُكَ اليَومُ سارٍ في حَواضِرِنا = تَعاقَبا نَشرَهُ الإصباحُ والغَسَمُ
وكُلِّ أرضٍ بِها من نُورِهِ قَبَسٌ = وَحيٌ بِهِ تُحفَظُ الأعراضُ والحُرَمُ
لَولاهُ ظَلَّت بِلادُ الغَربِ غَابِرةً = عَصرُ العَبيدِ بِها والأعصُرُ الدُّهُمُ
إذا ادلَهَمَّت على الأعلامِ مُعضِلَةً = فإنَّ رأيَكَ فيها الفَصلُ و الحَكَمُ
ما الناسُ لولا رَسولَ اللهِ بينَهُمُ = ما الأرضُ لولاهُ ما الإنسانُ ما الأمَمُ
ضَجَّت له الأرضُ والأخلاقُ ثائِرَةً = العُرفُ والنُّبلُ والأعراقُ والقِيَمُ
تَفديهِ أفئِدَةٌ تَفنى لِنُصرَتِهِ = لا تَشتَفي أبَداً حَتى يُراقَ دَمُ
تَبتَزُّها غَدَراتُ الرّومِ سَيِّدَها = كالمَشرَفِيَّةِ إذ تَبتَزّها اللّجُُمُ
تَحِنُّ للبَشَرِ المَبعوثِ أمَّتهُ = كَما تَحِنُّ إلى أمَّاتِها الفُطُمُ
هذي المَسيراتُ في الدُّنيا تُذَكِّرُهُم = بِأنَّهُ حَرَمٌ وذِكرُهُ حَرَمُ
يا ابنَ الخِيارِ خِيارِ العُربِ من مُضَرٍ = ساداتِ يَعرُبَ كلٌ سَيِّدٌ عَلَمُ
لمّا أتيتَ وَقد غَنّى الرَّبيعُ رِضىً = واستَبشَرَ النَّخلُ والزُّراعُ والأكَمُ
صاحَت وُحوشُ الفَلا وانتَشَت فَرَحاً = النَسرُ والصَّقرُ والعُقبانُ والرَّخَمُ
الوَحيُ هَلَّ وهَلَّ الخَيرُ يَعقُبُهُ = النُّورُ والهَديُ والنَّعماءُ والنِّعَمُ
عَزَّت قُريشُ بهذا الأمرِ وافتَخَرَت = فَخرَ المُلوكِ فلا كِندَا ولا لَخَمُ
البَحرُ والبَرُّ في طَه سَعادَتُهُم = الجِنُّ والإنسُ والأحيَاءُ والرِّمَمُ
إنّ الحَضارَةَ بالعَدنانِ مَبدؤُها = فَهوَ المُؤسِّسُ لا عادٌ ولا إرَمُ
وكلّ خَيرٍ من الإصلاحِ أصَّلَهُ = في كُلِّ أمرٍ فلا قَيسٌ ولا هَرِمُ
يا سَيِّدَ الناسِِ إني اليومَ أعلِنُها = حَرباً على الشِّركِ فيها الشِّعرُ يَنتَقِم
ما قيلَ فيكَ من المُدَّاحِ مُقتَضَبٌ = ما كان فيكَ يَفيهِ القَولُ والكَلِمُ
في مثلِ طَه و هَل من مِثلِهِ أحَدٌ = يَحلو النَّشيدُ و يَحلو الشِّعرُ والنَّغَمُ
وكلّ نَظمٍ بِهِ مُستَعذَبٌ حَسَنٌ = فالمَدحُ فيهِ كما الياقوتِ يَنتَظِمُ
فقد أفاضَ أميرُ الشِّعرِ بُردَتَهُ = تَشيبُ منها نواصِي الشَّعرِ واللِّمَمُ
وثَجَّ من مُعصِراتِ الجَوَى وَدَقاً = كأنّهُ دِيمَةٌ مِدرارَةٌ تَثِمُ
نَفيسَةٌ سَكَنت اصدَافَ لُؤلُؤةٍ = إن النّفائِسَ في أصدَافِها التُّوَمُ
كَأنَّها لُجَجٌ مِن فَوقِها لُجَجٌ = وإنَّهَا قِمَمٌ مِن فَوقِها قِمَمُ
فما ذَكَرتُكَ يا طَهَ بِقافِيَةٍ = إلا وقَلبيَ والعَينينِ تَختَصِمُ
فما يُفَرِّقُ غَيرَ الدَّمعِ بينَهُما = يَجري َ سَخِيناً عَلى الخَدَّينِ يَزدَحِمُ
والنَّفسُ بينَهُما مَقهورَةٌ كَمَداً = ما بينَ مُعتَرَكِ الأعضاءِ تَلتَطِمُ
يا سَيِّدَ النّاسِ قََسراً عن أنُوفِهِمُ = إن أخرَجَت أشَراً سَاداتِها الأمَمُ
إني أهَابُكَ في قَولي وقافِيَتي = فالشِّعرُ فيكَ مَنيعُ الجَنبِ مُعتَصِمُ
أقسَمتُ باللّهِ لا أنفَكُّ مُمتَدِحاً = لا يشفَعُ الفِعلُ إن لم يَشفَعِ القَسَمُ
حُبّاً إليكَ رَسولَ اللّهِ قَافِيَتِي = والحُبُّ يُنجِي وَبَعضُ الحُبِّ ما يَصِمُ
جَاهَدتُّ كِتمانَها في مُهجَتي زَمَناً = حَتَّى تأبَّت فليسَ اليومَ تَنكَتِمُ
وَيَسأَمُ القَلبُ مِن أمرٍ يُسِرُّ بِهِ = يا وَيحَ مُضغَةِ صَدري طَبعُها السَّأمُ
كلُّ الحِبالِ و إن كانت مُغَلَّظَةً = ما كانَ فيها بِغَيرِ الحُبِّ يَنصَرِمُ
لَهُ صُنوفٌ بِأَسبَارِ الجَوَى عَدَدٌ = مِنها الشُّخوصُ ومِنهَا البَانُ والعَلَمُ
أقلُّ تَقدِمَتي شِعراً نَقَمتُ بِهِ = والشِّعرُ يُسعِفُ إن لم تُسعِفِ النِّقَمُ
لا بَارَكَ اللهُ في شِعرٍ تَلوكُ بِهِ = ولم يَكُن بِصِراطِ الحَقِّ يَلتَزِمُ
القولِ بالهَديِ أو لا قُلتَهُ أبَداً = فكلُّ ما قيلَ في غَيرِ الهُدى لَمَمُ
كُلُّ الرِّجالاتِ من عُربٍ ومن عَجَمٍ = بِِبَابِ أحمَدَ حُجَّابٌ لَهُ خَدَمُ
يا أمّةَ الغَربِ صَرحُ الشِّركِ مُهتَرئٌ = وكُل صَرحٍ بِغَيرِ الدِّينِ مُنهَدِمُ
أما قَرأتُم من التَّوراةِ هَيئَتَهٌ = ألم يُبَشِّر بِهِ الإنجيلُ عِندَكُمُ
أما عَلِمتم بأنّ الله ناصِرُهُ = يَكفيهِ هُزوَ شِرارِ النّاسِ مثلَكُمُ
لَم تَسمَعوهُ وَقَد شُقَّ الهِلالُ لَهُ = وكَيفَ يَسمَعُ من في سَمعِهِ صَمَمُ
إنّ انتِفاشَ حَضاراتِ العِدا عَرَضٌ = والدّاءُ يَظهَرُ من أعراضِهِ الوًَرَمُ
فاربأ بِبَطنِكَ أن يَقتاتَ حاجَتَهُم = أقلُّ حَربَهُمُ في بَيتِكَ اللُّقَمُ
فَكَيفَ يُفلِحُ قومٌ سُبَّ سَيُّدُهُم = وَلَم يَثورُوا على هذا وَيَنتَقِموا
وَالزَم تُراثَ رَسولِ اللّهِ سُنَّتَهُ = فالدِّينُ مُمتَنِعٌ والحَقُّ مُلتَزَمُ
كُلُّ المَبادِئ والأَعرافِ سَائِبَةٌ = من غَيرِ أحمَدَ لا عَهدٌ ولا ذِمَمُ
إن قَامَ قامَ أرِيجُ المِسكِ يَلحَقُهُ = نَوَاشِرُ الطِّيبِ من جَنبَيهِ يُنتَسَمُ
أو قالَ أجمَعَ بالإحكامِ مَنطِقَهُ = فََصلُ الخِطابِ و فَصلُ القَولِ والحِكَمُ
بِه بَيانٌ حَلالُ السِّحرِ فِتنَتُهُ = يُستَنطََقُ الصَّخرُ من مَبناهُ والبُكُمُ
تَفَجَّرَ الماءُ من إبهَامِ إصبَعِهِ = كَأنَّهُ نَهَرٌ أو هَاطِلٌ عَرِمُ
أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ تَذكُرُهُ = والجِذعُ حَنَّ لَهُ و الحِلُّ والحَرَمُ
ما قامَ قاصِدُهُ فيما يُؤمِّلُهُ = إلا وتَسبِقُهُ في سُؤلِهِ نَعَمُ
وَمَا تَحَدَّثَ نَحوَ النَّاسِ مُبتَدِراً = إلا وَيَظهَرُ نُورُ اللَّوحِ والقَلَمُ
يَهديكَ لِلحَقِّ من غيرِ الدُّعاءِ لَهُ = بِبَسمَةِ الوَجهِ حَولَ الثَّغرِ تَرتَسِمُ
قد أسلَمَ ابنَ جَريرٍ طُولُ نَظرَتِهِ = يُقَلِّبُ الطَّرفَ في خَدَّيهِ يَبتَسِمُ
سَالَ الغَمامُ بِهِ من بَعدِ ما قَحَطَت = سَعدُ بنُ بَكرٍ ودَرَّ الشََّاءُ والنَّعَمُ
عَمَّ الرَّضيعُ بَني سَعدٍ بِطَلَّتِهِ = وأقحَطَت مُضَرٌ وأقفَرَت جُشَمُ
قد أثخَنوهُ جِراحَ الحَربِ في أحُدٍ = وهيَ الّتي بِرَسولِ اللّهِ تَلتَئِمُ
يَشفي السَّقيمَ إذا ما جاءَ مُشتَكِياً = بِِريقِهِ فيَزولُ السُّمُّ والسَّقَمُ
كَساهُ سَمتٌ وَقاراً لا عُلُوَّ بِهِ = عَلاهُ حُسنٌ بِسيما الخَيرِ يتَّسِمُ
لَمّا رأَتهُ قُرَيشٌ صَاحَ صَائِحُها = وَتوشِكُ الحَربُ أن تَضرا وتَضطَّرِمُ
هذا الأمينُ أمينُ القَومِ نَقبَلُهُ = هذا الصَّدوقُ وهذا الرُّكنُ يَستَلِمُ
بَنى بِهِ الحَجَرَ المُسوَدّ مَوضِعَهُ = بَنى بِهِ قَبلَهُ من بَينَهم رَحِمُ
فلا تَحُدُّ دروسُ العِلمِ سيرَتَهُ = ولا يُحيطُ بِهِ شَرحٌ ولا كَلِمُ
وكلّ ما ذََكَرَ التّاريخُ مُختَصَرٌ = ما خَطَّهُ قَلَمٌ أو قالَ عنهُ فَمُ
في عُقرِ دارِهِمُ نَرنو لِمَلحَمَةٍ = لو كانَ يَقصُدُ شَيخَ الحَربِ دارَهُمُ
حتّى نُعيدَ إلى سِبتِمبَرٍ حِقَباً = كانت رَحَاهَا لَهيبُ النَّارِ والحِمَمُ
فاغزُ رَعاكَ إلهَ الكَونِ أرضَهُمُ = وابدأ هَداكَ إلا رَدِّ العِدا بِهِمُ
ما بَالُ صَيدَكَ قد زادَت طَرائَدُهُ = يا ذلكَ اللّيثُ هل ضَاقَت بِك الأجَمُ
لِيَفهمَ الغَربُ أنَّ الحَقَّ مُعتَصِمٌ = ويَفهَمَ الموتَ إن لم يَفهَمِ الفَهِمُ
فَللسِّلاحِِ إلى أجسادِهِم وَلَعٌ = ولِلسُّيوفَ إلى أعناقِهِم قَرَمُ
وَاهاً على زَمَنٍ صُنَّاهُ مُحتَرَماً = فيهِ الكَنائِسُ و الأديانُ تُحتَرَمُ
دَكَّت خُيولُ بَني مَروانَ مَغرِبَهُم = واستَنهَضَتهُم إلى عَليائِها الهِمَمُ
الغَافِقِيُّ على أبوَابِهِم وَثِبٌ = والبَربَريُّ الَّذي سارَت بِهِ التُّخَمُ
لَنا مَعادٌ بِلادَ الغَربِ فَارتَقِبي = لَم يُنسِنا عَنكُمُ بُعدٌ وَلا قِدَمُ
ما قَصَّرَت عَنهُ خَيلُ المُسلِمينَ مَضَت = تَدعُوإلَيهِ هُناكَ الأينُقُ الرُّسُمُ
سَارَت قَوافِلُهَا بالدَّينِ تَنشُرُهُ = ما أعجَزَ السَّيفَ لَم يَعجِز لَهُ الأدَمُ
إنا رَضَعنا قَتامَ الحَربِ أغلِمَةً = والبَعضُ يَبلُغُهُ في ساحِها الحُلُمُ
يَشِبُّ ناشِئُنا حتى يَشيبَ بِها = والموتُ يَفطِمَنا عنها فننفَطِمُ
القابِضونَ على جَمرٍ عَقيدَتَهُم = مُستَمسِكون بِرُكنٍ لَيسَ يَنفَصِمُ
لا يُنصَرُ الحَقُّ إن لم يَحتَرِب زَمَناً = فالحَربُ تَفعَلُ ما لا يَفعلُ السَّلَمُ
أزكَى صَلاةً رَسولَ اللّهِ يَبعَثُها = قَولِي وَقَلبي بِها مُستَعذِبٌ شَبِمُ
مولايَ صلِّ وَسَلِّم دائماً أبَدَاً = على صَفِيِّكَ خَيرِ خَلقِ اللّهِ كُلِّهِمُ
مولايَ صَلِّ وبارِك ما أرَدتَّ على = مُحَمَّدٍ من بِهِ الأخيارُ قد خُتِموا