المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحطـام قصة قصيرة



حسام القاضي
02-04-2006, 11:35 PM
الحطــام
تهدجت أنفاسه , وخارت قواه فألقى معوله وجلس يستريح وسط ما حوله من حطام .. لا يذكر منذ متى يقوم بهذه المهمة, وكم تمنى أن تكون الأخيرة .. ولكن لا مفر فعليه أن ينجز مهمته متى وجدت , وأينما وجدت .. دائما لا يتقاضى أتعابا على مهمته .. فلا أحد يستأجره .. فهي ليست مهنة بقدر ما هي رسالة وليس له الخيار في أن يرفض , فهي قدر مقدور عليه .
نظر إلى يمينه فراعه الحطام .. هز رأسه بأسى ( كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه إلى مصاف الآلهة .. يقدره أولا , ثم يحبه .. فيجله .. فيرفعه إلى تلك المكانة وعندئذ .. عندئذ فقط يتحول إلى تمثال ينظر إليه من عليائه ببرود واحتقار .. لكنه كان دائما يصبر عليه وعلى غطرسته .. بل ربما توجه إلى السماء بدعاء حار له .. ويصبر .. وصبر لكنه أبدا لا يستسلم .. فاللحظة آتية .. آتية لا ريب فيها .. عندها يهب فجأة قابضا على معوله بادئا في تحطيمه لا يحول بينهما حائل )
خطف معوله وهب واقفا وشرع في العمل مرة أخرى .. رفعه عاليا وهوى به عليه فطاشت ضربته في الهواء.. رفعه مرة أخرى وهوى .. تكرر الأمر مرة أخرى .. وثالثة .. ورابعة .. لا يعرف ماذا دهاه .. يشعر بحائل بينهما .. حائل غير مرئي ـ لا يعرف كنهه ـ يجعل ضرباته تطيش في الهواء .
كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..
كم كان صادقا .. وكم كان خفيض الصوت .. وكم كان مستمعا جيدا قبل أن يصيبه ما أصاب سابقيه .. لم يعد يسمع صوتا إلا صوته.. بل ويستطربه .. عيناه اختفى منهما ذلك البريق المحبب ، وصارتا كرتين من حجارة لا إحساس فيهما .. يراهما أحيانا وكأنهما شواظ من نار .. كم كانتا وديعتين عيناه ..
إلى عينيه نظر في تحد وقام ممسكا بمعوله وصوبه إلى وجهه في ضربة قوية ، لكنها طاشت .. سمع قهقهة عالية .. نظر إليه وجده يرمقه بسخرية واستهزاء .. كرر المحاولة مرة أخرى .. فشل .. سمع قهقهاته تدوي في الأرجاء .. زادته الضحكات عزما وتصميما ، وانهال بضرباته الطائشة يمينا ويسارا ، أعلى وأسفل .. ما زال ينظر إليه من عليائه بسخرية وتحد .. مازالت ضحكاته تدوي في أذنيه .. وهو على حاله في ضرباته الطائشة .. يتصبب منه العرق بغزارة .. يتعب فيستريح ليهب واقفا من جديد .. مكررا محاولاته وسط نظرات السخرية والضحكات المدوية .. لاشيء يثنيه عن عزمه .. فإنه محطمه محطمه .

حوراء آل بورنو
03-04-2006, 02:19 AM
أهلا بالفاضل بيننا

غارقة الأقصوصة في الرمزية ، و إساقطها على كثير دليل بارعة كاتبها ،

تقديري .

د. محمد حسن السمان
03-04-2006, 06:34 AM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب حسام القاضي

قصتك الحطام , عمل ادبي حقيقي , اعتمد الرمزية , اجاد في
الفكرة العامة .
توقفت طويلا , عند بعض الجزئيات , ومدى توظيفها , لتدعيم
الفكرة الرئيسية , والهدف من القصة , والحقيقة إن مثل هذا
الاسلوب في القص , صعب جدا , وشديد الحساسية .
وفي النهاية , لابد لي ان اعود لأقول بانك قدمت عملا ادبيا
حقيقيا .

اخوكم
السمان

محمد سامي البوهي
03-04-2006, 12:17 PM
الحطــام

تهدجت أنفاسه , وخارت قواه فألقى معوله وجلس يستريح وسط ما حوله من حطام .. لا يذكر منذ متى يقوم بهذه المهمة, وكم تمنى أن تكون الأخيرة .. ولكن لا مفر فعليه أن ينجز مهمته متى وجدت , وأينما وجدت .. دائما لا يتقاضى أتعابا على مهمته .. فلا أحد يستأجره .. فهي ليست مهنة بقدر ما هي رسالة وليس له الخيار في أن يرفض , فهي قدر مقدور عليه .
نظر إلى يمينه فراعه الحطام .. هز رأسه بأسى ( كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه إلى مصاف الآلهة .. يقدره أولا , ثم يحبه .. فيجله .. فيرفعه إلى تلك المكانة وعندئذ .. عندئذ فقط يتحول إلى تمثال ينظر إليه من عليائه ببرود واحتقار .. لكنه كان دائما يصبر عليه وعلى غطرسته .. بل ربما توجه إلى السماء بدعاء حار له .. ويصبر .. وصبر لكنه أبدا لا يستسلم .. فاللحظة آتية .. آتية لا ريب فيها .. عندها يهب فجأة قابضا على معوله بادئا في تحطيمه لا يحول بينهما حائل )
خطف معوله وهب واقفا وشرع في العمل مرة أخرى .. رفعه عاليا وهوى به عليه فطاشت زوجته في الهواء.. رفعه مرة أخرى وهوى .. تكرر الأمر مرة أخرى .. وثالثة .. ورابعة .. لا يعرف ماذا دهاه .. يشعر بحائل بينهما .. حائل غير مرئي ـ لا يعرف كنهه ـ يجعل ضرباته تطيش في الهواء .
كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..
كم كان صادقا .. وكم كان خفيض الصوت .. وكم كان مستمعا جيدا قبل أن يصيبه ما أصاب سابقيه .. لم يعد يسمع صوتا إلا صوته.. بل ويستطربه .. عيناه اختفى منهما ذلك البريق المحبب ، وصارتا كرتين من حجارة لا إحساس فيهما .. يراهما أحيانا وكأنهما شواظ من نار .. كم كانتا وديعتين عيناه ..
إلى عينيه نظر في تحد وقام ممسكا بمعوله وصوبه إلى وجهه في ضربة قوية ، لكنها طاشت .. سمع قهقهة عالية .. نظر إليه وجده يرمقه بسخرية واستهزاء .. كرر المحاولة مرة أخرى .. فشل .. سمع قهقهاته تدوي في الأرجاء .. زادته الضحكات عزما وتصميما ، وانهال بضرباته الطائشة يمينا ويسارا ، أعلى وأسفل .. ما زال ينظر إليه م من عليائه بسخرية وتحد .. مازالت ضحكاته تدوي في أذنيه .. وهو على حاله في ضرباته الطائشة .. يتصبب منه العرق بغزارة .. يتعب فيستريح ليهب واقفا من جديد .. مكررا محاولاته وسط نظرات السخرية والضحكات المدوية .. لاشيء يثنيه عن عزمه .. فإنه محطمه محطمه .

الصديق العزيز / حسام القاضي

جاءت مرحلة التنوير بالنص وسطية واتضحت خلال القصة في بعض الألفاظ ، فالرمزية في القصة حتمية لا محالة نظراً للظروف التي تحوم حولها الفكرة والتي عهدناها دائماً رمزية فالقصة رائعة والرمز له امتداداً زمنياً يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل .

شكراً لك

عبلة محمد زقزوق
03-04-2006, 12:57 PM
أسلوب أنيق ، قريب من نفسي عميق .
أحسنت بالرمز فيه ، جاء برمزيته يؤكد فخامة اللفظ ، وعراقة النص .

أحسنت ؛ وبارك الله في فكرك وعميق نصك أخي الفاضل / حسام القاضي

حسام القاضي
03-04-2006, 08:28 PM
أهلا بالفاضل بيننا

غارقة الأقصوصة في الرمزية ، و إساقطها على كثير دليل بارعة كاتبها ،

تقديري .

الفاضلة حوراء
شكرا لترحيبك

سعدت جدا لمرورك الكريم .. وتعليقك القيم الذي أعتز به كثيرا

تحياتي وإمتناني لك

حسام القاضي
03-04-2006, 10:38 PM
سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب حسام القاضي

قصتك الحطام , عمل ادبي حقيقي , اعتمد الرمزية , اجاد في
الفكرة العامة .
توقفت طويلا , عند بعض الجزئيات , ومدى توظيفها , لتدعيم
الفكرة الرئيسية , والهدف من القصة , والحقيقة إن مثل هذا
الاسلوب في القص , صعب جدا , وشديد الحساسية .
وفي النهاية , لابد لي ان اعود لأقول بانك قدمت عملا ادبيا
حقيقيا .

اخوكم
السمان

أستاذنا الكبير د / السمان
تحياتي وتقديري ..

شرف كبير لي أن تتكرمون بالمرور علي قصتي هذه ثم الإهتمام
بالنقد والتحليل بمثل هذه الإفاضة..
أستاذي العزيز رأيك أسعدني جدا وأعتبره بمثابة جائزة خاصة لي أعتز بها كثيرا فهو بلا شك سيدفعني نحو المزيد
وأيضا سيجعلني أطمع في أن تتكرم بالمرور على قصتي السابقة
( نفس ما أرادوا ) فتسعدني وتسعدها.. فهل يمكن ..؟
لكم كل الشكر والإمتنان

حسام القاضي
03-04-2006, 10:57 PM
الصديق العزيز / حسام القاضي

جاءت مرحلة التنوير بالنص وسطية واتضحت خلال القصة في بعض الألفاظ ، فالرمزية في القصة حتمية لا محالة نظراً للظروف التي تحوم حولها الفكرة والتي عهدناها دائماً رمزية فالقصة رائعة والرمز له امتداداً زمنياً يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل .

شكراً لك

الصديق المبدع / محمد سامي
تحياتي
كعادتك دائما سباقا متابعا لأعمالي قارئا ومدققا .. ومحللا ..
دام قلمك الناقد .. ودمت مبدعا
أشكرك

حسام القاضي
03-04-2006, 11:24 PM
أسلوب أنيق ، قريب من نفسي عميق .
أحسنت بالرمز فيه ، جاء برمزيته يؤكد فخامة اللفظ ، وعراقة النص .

أحسنت ؛ وبارك الله في فكرك وعميق نصك أخي الفاضل / حسام القاضي

الفاضلة / عبلة زقزوق
تحياتي وتقديري
أشكرك لمرورك الكريم .. وفائق إهتمامك
أسعدني أنك وجدت أسلوبي قريب من نفسك
كما أسعدني جدا رأيك في عملي وشرفت به فهذا شيء أعتز به وأقدره
أشكرك مرة أخرى وأرجو دوام التواصل

حسام القاضي
19-04-2006, 09:28 AM
تنويه
نٌشرت هذه القصة من قبل في
جريدة عٌمان يوم 30 / 12 / 1995 ( سلطنة عٌمان )
جريدة القبس يوم 4 / 5 / 2004 ( الكويت )

صابرين الصباغ
28-08-2006, 11:11 PM
الأديب دائما وأبدا

حسام

هرعت إلى هنا لأجمع حطام حروفك

أحضرت معولي لاساعدك في هدم تلك المسوخ البشرية

التي نساهم في صنعها لنسجد لها

أصنام من بشر

ننحتها ونر فعها فوق أكتافنا لتدهسنا


قصة أكثر من رائعة

حرفية قاص يعرف ماذا يقول ؟؟؟

وكيف يقوله ؟؟

كلما قرأت لك زاد رصيدي الأبداعي

دمت أديبا ومبدعا

صابرين الصباغ

حسام القاضي
29-08-2006, 08:37 PM
الأديب دائما وأبدا
حسام
هرعت إلى هنا لأجمع حطام حروفك
أحضرت معولي لاساعدك في هدم تلك المسوخ البشرية
التي نساهم في صنعها لنسجد لها
أصنام من بشر
ننحتها ونر فعها فوق أكتافنا لتدهسنا
قصة أكثر من رائعة
حرفية قاص يعرف ماذا يقول ؟؟؟
وكيف يقوله ؟؟
كلما قرأت لك زاد رصيدي الأبداعي
دمت أديبا ومبدعا
صابرين الصباغ

القديرة / صابرين

أشكرك لمرورك المميز
وقرائتك الواعية المتأنية
لقد نجحت بالفعل في جمع حطام حروفي باقتدار يحسب لك
أمطت اللثام عما كان خافيا بين السطور ، وحللت شيفرة النص..

نعم انهم حكامنا الذين نحملهم على أعناقنا ، ونجلسهم على العروش
ونبجلهم ، وربما يقدسهم البعض ، ويضعهم في مصاف الآلهة ..
انهم تماثيلنا الذين نصنعهم بأيدينا ؛ فيستعبدوننا ..
ولكن نهايتهم آتية آتية ، وبأيدينا.

دمت رائعة .

وفاء شوكت خضر
29-08-2006, 08:56 PM
الأديب القاص المبدع / حسام القاضي ..

هنا ألملم الحروف ، وأجمع الصور ، وإن كانت حطاما لأعي الدرس جيدا ..
أتعلم منك بكل حرف ، وأعشق هذا الأسلوب المتميز ..
أتمنى أن تتكرم بقبولي تلميذة في مدرستك ..

أستاذي كتلميذة .. أذهلتني قصتك وأسلوبك الجميل في رسم الصورة بدقة ونص لا يعتمد السرد والإطالة ،، لفكرة يحتاج التاريخ لها مجلدات ليحكيها .
سعيدة أنا بمروري على هذا المتصفح لأنهل درسا جديدا في فن القصة .

لك منى كل تقدير وإحترام ...
صادق ودي ........

مجدي محمود جعفر
29-08-2006, 09:29 PM
( الحطام ) من القصص القلائل التي تهز أوتار الوجع في دواخلنا ، وتصيب كبد الحقيقة عندما تعلن في إحدى تجلياتها أننا نصنع هؤلاء الجلادين والطغاة و.. و .. بأيدينا ، ورغم هذا لم نعدم الأمل في نسفهم وهدمهم كما صنعناهم ، ودلالة هدم صاحب القبعة وصاحب الطربوش لا تخفى على فطن ، وبطل حسام القاضي أعجبني فيه مراجعاته لنفسه ومحاولته من جديد بل واصراره على هدم الصنم ( أعانه الله ) رغم محاولاته التي تطيش ، ليت القلم في يد الكاتب يتحول إلى معول والريشة في يد الفنان تتحول إلى معول ونغمة الكمان ورنة الوتر و. و.. فإذا كانت هذه الأدوات ساهمت في بناء وصنع هؤلاء الطواغيت والتي كانت بداياتهم غير هذه النهايات المخزية والمزرية فعلينا جميعا أن نساهم في الهدم ، والهدم هنا بمعناه الإيجابي ، لأننا سنعيد البناء من جديد ، القصة محكمة البناء ومتماسكة الحبكة ويسستتر خلف لغتها الشفافة معان كثيرة والمسكوت عنه في هذه القصة يحتاج إلى وقفات ، تعجبني تلك القصص التي تلمح ولا تصرح والايماءة والاشارة فيها تغني عن العبارة ، شكرا لحسام القاضي الذي يعي تماما دور الكاتب والمثقف والفنان

حسام القاضي
31-08-2006, 12:18 AM
الأديب القاص المبدع / حسام القاضي ..
هنا ألملم الحروف ، وأجمع الصور ، وإن كانت حطاما لأعي الدرس جيدا ..
أتعلم منك بكل حرف ، وأعشق هذا الأسلوب المتميز ..
أتمنى أن تتكرم بقبولي تلميذة في مدرستك ..
أستاذي كتلميذة .. أذهلتني قصتك وأسلوبك الجميل في رسم الصورة بدقة ونص لا يعتمد السرد والإطالة ،، لفكرة يحتاج التاريخ لها مجلدات ليحكيها .
سعيدة أنا بمروري على هذا المتصفح لأنهل درسا جديدا في فن القصة .
لك منى كل تقدير وإحترام ...
صادق ودي ........

الأخت الفاضلة الأديبة / دخون

شرف وسعادة كبيرين تمنحينهما لي بمرورك على أعمالي المتواضعة

أشكرك كل الشكر لقرائتك الواعية ورأيك الذي أعتز به جداً.

تقديري واحترامي .

محمد إبراهيم الحريري
31-08-2006, 03:30 PM
الحطــام
تهدجت أنفاسه , وخارت قواه فألقى معوله وجلس يستريح وسط ما حوله من حطام .. لا يذكر منذ متى يقوم بهذه المهمة, وكم تمنى أن تكون الأخيرة .. ولكن لا مفر فعليه أن ينجز مهمته متى وجدت , وأينما وجدت .. دائما لا يتقاضى أتعابا على مهمته .. فلا أحد يستأجره .. فهي ليست مهنة بقدر ما هي رسالة وليس له الخيار في أن يرفض , فهي قدر مقدور عليه .
نظر إلى يمينه فراعه الحطام .. هز رأسه بأسى ( كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه إلى مصاف الآلهة .. يقدره أولا , ثم يحبه .. فيجله .. فيرفعه إلى تلك المكانة وعندئذ .. عندئذ فقط يتحول إلى تمثال ينظر إليه من عليائه ببرود واحتقار .. لكنه كان دائما يصبر عليه وعلى غطرسته .. بل ربما توجه إلى السماء بدعاء حار له .. ويصبر .. وصبر لكنه أبدا لا يستسلم .. فاللحظة آتية .. آتية لا ريب فيها .. عندها يهب فجأة قابضا على معوله بادئا في تحطيمه لا يحول بينهما حائل )
خطف معوله وهب واقفا وشرع في العمل مرة أخرى .. رفعه عاليا وهوى به عليه فطاشت ضربته في الهواء.. رفعه مرة أخرى وهوى .. تكرر الأمر مرة أخرى .. وثالثة .. ورابعة .. لا يعرف ماذا دهاه .. يشعر بحائل بينهما .. حائل غير مرئي ـ لا يعرف كنهه ـ يجعل ضرباته تطيش في الهواء .
كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..
كم كان صادقا .. وكم كان خفيض الصوت .. وكم كان مستمعا جيدا قبل أن يصيبه ما أصاب سابقيه .. لم يعد يسمع صوتا إلا صوته.. بل ويستطربه .. عيناه اختفى منهما ذلك البريق المحبب ، وصارتا كرتين من حجارة لا إحساس فيهما .. يراهما أحيانا وكأنهما شواظ من نار .. كم كانتا وديعتين عيناه ..
إلى عينيه نظر في تحد وقام ممسكا بمعوله وصوبه إلى وجهه في ضربة قوية ، لكنها طاشت .. سمع قهقهة عالية .. نظر إليه وجده يرمقه بسخرية واستهزاء .. كرر المحاولة مرة أخرى .. فشل .. سمع قهقهاته تدوي في الأرجاء .. زادته الضحكات عزما وتصميما ، وانهال بضرباته الطائشة يمينا ويسارا ، أعلى وأسفل .. ما زال ينظر إليه من عليائه بسخرية وتحد .. مازالت ضحكاته تدوي في أذنيه .. وهو على حاله في ضرباته الطائشة .. يتصبب منه العرق بغزارة .. يتعب فيستريح ليهب واقفا من جديد .. مكررا محاولاته وسط نظرات السخرية والضحكات المدوية .. لاشيء يثنيه عن عزمه .. فإنه محطمه محطمه .
الأخ القاص حسام
تحية / بداية أوجه شكري لفكرك السمق وقلمك الندي خيالا .
يقال إن القصة القصيرة تحتاج التركيز فكل حركة من قلم أ و مضغة حرف لا تترك سدى بل موظفة بيقين الغاية ، نجد ذلك برمزية القاص حسام ، ألفاظ تناسب الواقع تسرق خطانا لنرى بل نقف مشدوهين على جرأته
أيحطم التمثال ؟ لا بد أنه سيق بقيود الجنون لكنه كثيرا ما يفعلها ، دلني عليه أيها الفاضل ، خذ بمعول التحطيم واسند ظهرك على حائط السرار سأكون معك لا تخف .............
يصنع من الحجارة ما يؤمر به ثم يسجد لها
لكنه لا يطيق استمرارا بعقم فكره فينهال ضربا حتى تأتي المفاجأة هذه المرة لن يستطيع تحطيم ما صنع
نهاية لم تكت متوقعة لكنها تتميز بحيرة قارئ
أخوك محمد

حسام القاضي
01-09-2006, 07:36 PM
( الحطام ) من القصص القلائل التي تهز أوتار الوجع في دواخلنا ، وتصيب كبد الحقيقة عندما تعلن في إحدى تجلياتها أننا نصنع هؤلاء الجلادين والطغاة و.. و .. بأيدينا ، ورغم هذا لم نعدم الأمل في نسفهم وهدمهم كما صنعناهم ، ودلالة هدم صاحب القبعة وصاحب الطربوش لا تخفى على فطن ، وبطل حسام القاضي أعجبني فيه مراجعاته لنفسه ومحاولته من جديد بل واصراره على هدم الصنم ( أعانه الله ) رغم محاولاته التي تطيش ، ليت القلم في يد الكاتب يتحول إلى معول والريشة في يد الفنان تتحول إلى معول ونغمة الكمان ورنة الوتر و. و.. فإذا كانت هذه الأدوات ساهمت في بناء وصنع هؤلاء الطواغيت والتي كانت بداياتهم غير هذه النهايات المخزية والمزرية فعلينا جميعا أن نساهم في الهدم ، والهدم هنا بمعناه الإيجابي ، لأننا سنعيد البناء من جديد ، القصة محكمة البناء ومتماسكة الحبكة ويسستتر خلف لغتها الشفافة معان كثيرة والمسكوت عنه في هذه القصة يحتاج إلى وقفات ، تعجبني تلك القصص التي تلمح ولا تصرح والايماءة والاشارة فيها تغني عن العبارة ، شكرا لحسام القاضي الذي يعي تماما دور الكاتب والمثقف والفنان

الأخ الأديب والناقد الكبير / مجدي محمود جعفر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يبقى مرورك على أعمالي المتواضعة علامة تميز لها ..
أشكرك على قرائتك المتانية ، وتشريحك لعملي بهذه الدقة
إشارتك لرموز النص ( القبعة ، والطربوش ) بمثابة تقديم جديد للنص ، فهي تلقي الضوء على جزء مهم من جوهر العمل .
إمتناني العميق لرأيك واطرائك .

تقديري واحترامي .

حسام القاضي
03-09-2006, 08:02 PM
الأخ القاص حسام
تحية / بداية أوجه شكري لفكرك السمق وقلمك الندي خيالا .
يقال إن القصة القصيرة تحتاج التركيز فكل حركة من قلم أ و مضغة حرف لا تترك سدى بل موظفة بيقين الغاية ، نجد ذلك برمزية القاص حسام ، ألفاظ تناسب الواقع تسرق خطانا لنرى بل نقف مشدوهين على جرأته
أيحطم التمثال ؟ لا بد أنه سيق بقيود الجنون لكنه كثيرا ما يفعلها ، دلني عليه أيها الفاضل ، خذ بمعول التحطيم واسند ظهرك على حائط السرار سأكون معك لا تخف .............
يصنع من الحجارة ما يؤمر به ثم يسجد لها
لكنه لا يطيق استمرارا بعقم فكره فينهال ضربا حتى تأتي المفاجأة هذه المرة لن يستطيع تحطيم ما صنع
نهاية لم تكت متوقعة لكنها تتميز بحيرة قارئ
أخوك محمد

الأخ المبدع / محمد الحريري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك جداً على قرائتك المتانية الواعية ، وتحليلك الرائع العميق ..
ليتنا نكون معاً جميعاً يداً بيد لنحطم كل اصنامنا التي صنعناها برضانا، والأخرى التي فرضت علينا فرضاً .
دمت مبدعاً شاملاً .
أخوك حسام .

وفاء شوكت خضر
09-06-2007, 04:32 PM
أستاذي وأخي الفاضل / حسام القاضي ..


لا أدري كيف طرق هذا النص تحديدا أبواب الذاكرة ، في لحظة كانت الصورة تتطابق مع الرمز فيه، لأعود إليه بعد زمن طال منذ أن قرأته ، مما يثبت أن نصوص الأديب حسام القاضي ، ترسخ صورها في الذاكرة ، لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بحياتنا الفعلية ، بخاصة إذا كان الرمز هو إسقاطات سياسية ، واجتماعية ، تعبر عن هم المواطن العربي أينما وجد .
الحطام ..
أي حطام قصده أديبنا هنا ؟؟ ومن هو بطل القصة هنا ؟؟
تهدجت أنفاسه , وخارت قواه فألقى معوله وجلس يستريح وسط ما حوله من حطام .. لا يذكر منذ متى يقوم بهذه المهمة, وكم تمنى أن تكون الأخيرة .. ولكن لا مفر فعليه أن ينجز مهمته متى وجدت , وأينما وجدت .. دائما لا يتقاضى أتعابا على مهمته .. فلا أحد يستأجره .. فهي ليست مهنة بقدر ما هي رسالة وليس له الخيار في أن يرفض , فهي قدر مقدور عليه .مدخل القصة ، يصف لنا حال البطل الذي استنفدت قواه وسط حطام صنعه بنفسه .
لا يذكر منذ متى يقوم بهذه المهمة ، مما يدل على فترة زمنية طويلة ، فقد خلالها بعض التفاصيل والتواريخ ، والالتزام بهذه المهمة التي لا أجر عليها ولا هي مهنة ، بل هي رسالة عليه أن يؤديها لأنها قدر مكتوب عليه ..
نظر إلى يمينه فراعه الحطام ..
نظر إلي يمينه ، اليمين دون الشمال ، لأن اليد اليمنى أقوى ، وهي رمز للخير ، و رمز للنجاة ، واليمين .. أيضا قسم ..
هز رأسه بأسى ( كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه إلى مصاف الآلهة .. يقدره أولا , ثم يحبه .. فيجله .. فيرفعه إلى تلك المكانة وعندئذ .. عندئذ فقط يتحول إلى تمثال ينظر إليه من عليائه ببرود واحتقارثم تأتينا هنا نقطة التنوير ، كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه ....
هذا الذي صنعه ليرفعه إلى مصاف الآلهة ، تحول بعد ذلك إلى نقمة عليه ، متكبرا متعجرفا ينظر إليه ببرود واحتقار . وهو يصبر ، ويدعو له ،، !!
يكمل أديبنا ..
لكنه كان دائما يصبر عليه وعلى غطرسته .. بل ربما توجه إلى السماء بدعاء حار له .. ويصبر .. ويصبر لكنه أبدا لا يستسلم .. فاللحظة آتية .. آتية لا ريب فيها .. عندها يهب فجأة قابضا على معوله بادئا في تحطيمه لا يحول بينهما حائل )تراه أي تمثال هذا ؟؟ لا زال الرمز مختفيا ، إلا أن بعض خيوط في النسيج أمسك بها القارئ .
خطف معوله وهب واقفا وشرع في العمل مرة أخرى .. رفعه عاليا وهوى به عليه فطاشت ضربته في الهواء.. رفعه مرة أخرى وهوى .. تكرر الأمر مرة أخرى .. وثالثة .. ورابعة .. لا يعرف ماذا دهاه .. يشعر بحائل بينهما .. حائل غير مرئي ـ لا يعرف كنهه ـ يجعل ضرباته تطيش في الهواء .
تشويق زائد في نسيج القصة ، تصوير آخر لحامل المعول ، الذي رغم كل ما أصابه من تعب ووصب ، لا زال مستمرا ..
إلا أن الأمر اختلف الآن فهنا محاولات تتكرر ، تبوء بالفشل ، وكأنه في قتال مع الريح ، لا تصيب ضربات معوله هذا التمثال .. ويستمر السرد ولا زال الرمز لم تكتمل حلقاته لنكتشفها ..
والآن نمسك بخيط آخر .. كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..التشابه في الملامح بين حامل المعول ، وبين التمثال ، الذي لم يكن غريبا .. هنا بدأ الرمز يتضح أكثر .. ما زال يذكر بدايته .. مما يوضح أن عهده ليس بعيدا ، وأنه يعرفه ، فقد ميزه عن ذي القبعة وذي الطربوش ، اللذين قام بتحطيمهما ، وتحطيم غيرهما .. ويميز هذا الأخير بقربه منه ، ومعرفته به ، حتى التشابه بينهما باللون والملامح ..
كم كان صادقا .. وكم كان خفيض الصوت .. وكم كان مستمعا جيدا قبل أن يصيبه ما أصاب سابقيه .. لم يعد يسمع صوتا إلا صوته.. بل ويستطربه .. عيناه اختفى منهما ذلك البريق المحبب ، وصارتا كرتين من حجارة لا إحساس فيهما .. يراهما أحيانا وكأنهما شواظ من نار .. كم كانتا وديعتين عيناه ..
مقارنة بين ما كان عليه ، وما صار إليه من تغير ، باستهجان لهذا التغير ، الصوت والنظرة ،
إلى عينيه نظر في تحد وقام ممسكا بمعوله وصوبه إلى وجهه في ضربة قوية ، لكنها طاشت .. سمع قهقهة عالية .. نظر إليه وجده يرمقه بسخرية واستهزاء .. كرر المحاولة مرة أخرى .. فشل .. سمع قهقهاته تدوي في الأرجاء .. زادته الضحكات عزما وتصميما ، وانهال بضرباته الطائشة يمينا ويسارا ، أعلى وأسفل .. ما زال ينظر إليه من عليائه بسخرية وتحد .. مازالت ضحكاته تدوي في أذنيه .. وهو على حاله في ضرباته الطائشة .. يتصبب منه العرق بغزارة .. يتعب فيستريح ليهب واقفا من جديد .. مكررا محاولاته وسط نظرات السخرية والضحكات المدوية .. لاشيء يثنيه عن عزمه .. فإنه محطمه محطمه .أتت نقطة التنوير قوية لكنها ليست صريحة ، ليبقى الخيط الأخير بيد الكاتب لا القارئ ، مما يجعل للقصة تأثيرا خاصا على نفس القارئ .
إسقاط سياسي بحت ، صور لنا من خلال الرمز الحاكم الذي بات لا يستطيع أحد أن ينزعه عن العرش ، بعد أن كان هو ذاته يوما يحمل المعول ليصنع الحطام .

هذه قراءة متواضعة لنص له قيمته الأدبية ، ولأديب قاص له أسلوبه القصصي المميز .

جوتيار تمر
10-06-2007, 11:17 AM
الاستاذ القاضي..
استحضرني منذ الوهلة الاولى حفار القبور الذي حفر في ذاكرتي منذ ان كنت في مرحلة المتوسطة، تلك القصيدة الرائعة التي اتحفنا بها الرائع للابد بدر شاكر السياب، حيث يقف مناجيا السماء:
"وهز حفار القبور يمناه في وجه السماء، وصاح رب اما تثور فتبيد نسل العار، تحرق بالرجوم المهلكات احفاد عاد، باعة الدم والخطايا والدموع...".
حيث جذبني وقفة صاحب المعول المتأملة ومن ثم وقفته وتفانيه في عمله، لكني ما ان انهيت القصة حتى وجدت اني امام كم هائل من الاحداث التي يمكن يؤلها القارئ، وكأني بك وبحرفنة متناهية قد تعمدت هذه الرمزية من اجل فتح مدارك القارئ على مسألة الاحتمالات بحيث يكون لكل قارئ احتمال يخصه، وفهم خاص به، وهذا ما لاحظت انك اجدته من خلال الردود التي توالت على النص، حيث قلما وجدت اثنان قد اتفقا على مفهوم، الا من حيث كون الرمزية هي العامل المشتكر بينهم.
لذا من خلال هذا المنطلق او ان اشير الى فهم جانبي لي للنص، حيث مع حفار القبور في الوهلة تولدت لدي معنى اخر، استنبطته من اسطور سيزيف، ومن ثم داهمني امر اخر اكثر قربا للواقع، وهو ان مسألة الشعوب التي تصنع الهتها، اقصد سلاطينها بانفسها، حيث تعمل ليل نهار وتصرخ وتجتهد من اجل ايصالهم الى كرسي البقاء، فتكون هذه السلاطين وبالا عليهم من بعد، فتعود جاهدة من اجل اخراج نفسها من هذه المحنة دون جدوى لانها عندما تثبت تتشبث، وتقوى ساعده دون ان يكون للاخر القدرة على مجاراتها، وهكذا، تبقى الشعوب تصنع الهتها، ومن ثم تعود لتهدم صرحها لكن قلما تستطيع ان تصل الى مبتغاها.
وربما الربط هنا بين حفار القبور وسيزيف، ومن ثم الشعوب، امر مجازي اكيد، لكنه في الواقع كان في ظني الاقرب الى حقيقة الموضوع .
وربما العنوان اضاف لي هذا التخيل، حيث الحطام يمكن ان يفهم على اكثر من وجه، وكذا النهاية التي اتت تؤكد الاستمرارية في العمل والمكافحة والبذل من اجل الوصول الى المبتغى الاساسي لد صاحب المعول، الذي يمثل الشعب الذي يوصل الحاكم الى عرشه ومن ثم يحاول ان يسقطه ..وربما اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا ان.....!
الاستاذ القدير حسام القاضي..
عذرا ان كان هذياني قد طال
محبتي لك
جوتيار

حسام القاضي
13-06-2007, 12:16 PM
أستاذي وأخي الفاضل / حسام القاضي ..
لا أدري كيف طرق هذا النص تحديدا أبواب الذاكرة ، في لحظة كانت الصورة تتطابق مع الرمز فيه، لأعود إليه بعد زمن طال منذ أن قرأته ، مما يثبت أن نصوص الأديب حسام القاضي ، ترسخ صورها في الذاكرة ، لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بحياتنا الفعلية ، بخاصة إذا كان الرمز هو إسقاطات سياسية ، واجتماعية ، تعبر عن هم المواطن العربي أينما وجد .
الحطام ..
أي حطام قصده أديبنا هنا ؟؟ ومن هو بطل القصة هنا ؟؟
تهدجت أنفاسه , وخارت قواه فألقى معوله وجلس يستريح وسط ما حوله من حطام .. لا يذكر منذ متى يقوم بهذه المهمة, وكم تمنى أن تكون الأخيرة .. ولكن لا مفر فعليه أن ينجز مهمته متى وجدت , وأينما وجدت .. دائما لا يتقاضى أتعابا على مهمته .. فلا أحد يستأجره .. فهي ليست مهنة بقدر ما هي رسالة وليس له الخيار في أن يرفض , فهي قدر مقدور عليه .مدخل القصة ، يصف لنا حال البطل الذي استنفدت قواه وسط حطام صنعه بنفسه .
لا يذكر منذ متى يقوم بهذه المهمة ، مما يدل على فترة زمنية طويلة ، فقد خلالها بعض التفاصيل والتواريخ ، والالتزام بهذه المهمة التي لا أجر عليها ولا هي مهنة ، بل هي رسالة عليه أن يؤديها لأنها قدر مكتوب عليه ..
نظر إلى يمينه فراعه الحطام ..
نظر إلي يمينه ، اليمين دون الشمال ، لأن اليد اليمنى أقوى ، وهي رمز للخير ، و رمز للنجاة ، واليمين .. أيضا قسم ..
هز رأسه بأسى ( كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه إلى مصاف الآلهة .. يقدره أولا , ثم يحبه .. فيجله .. فيرفعه إلى تلك المكانة وعندئذ .. عندئذ فقط يتحول إلى تمثال ينظر إليه من عليائه ببرود واحتقارثم تأتينا هنا نقطة التنوير ، كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه ....
هذا الذي صنعه ليرفعه إلى مصاف الآلهة ، تحول بعد ذلك إلى نقمة عليه ، متكبرا متعجرفا ينظر إليه ببرود واحتقار . وهو يصبر ، ويدعو له ،، !!
يكمل أديبنا ..
لكنه كان دائما يصبر عليه وعلى غطرسته .. بل ربما توجه إلى السماء بدعاء حار له .. ويصبر .. ويصبر لكنه أبدا لا يستسلم .. فاللحظة آتية .. آتية لا ريب فيها .. عندها يهب فجأة قابضا على معوله بادئا في تحطيمه لا يحول بينهما حائل )تراه أي تمثال هذا ؟؟ لا زال الرمز مختفيا ، إلا أن بعض خيوط في النسيج أمسك بها القارئ .
خطف معوله وهب واقفا وشرع في العمل مرة أخرى .. رفعه عاليا وهوى به عليه فطاشت ضربته في الهواء.. رفعه مرة أخرى وهوى .. تكرر الأمر مرة أخرى .. وثالثة .. ورابعة .. لا يعرف ماذا دهاه .. يشعر بحائل بينهما .. حائل غير مرئي ـ لا يعرف كنهه ـ يجعل ضرباته تطيش في الهواء .
تشويق زائد في نسيج القصة ، تصوير آخر لحامل المعول ، الذي رغم كل ما أصابه من تعب ووصب ، لا زال مستمرا ..
إلا أن الأمر اختلف الآن فهنا محاولات تتكرر ، تبوء بالفشل ، وكأنه في قتال مع الريح ، لا تصيب ضربات معوله هذا التمثال .. ويستمر السرد ولا زال الرمز لم تكتمل حلقاته لنكتشفها ..
والآن نمسك بخيط آخر .. كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..التشابه في الملامح بين حامل المعول ، وبين التمثال ، الذي لم يكن غريبا .. هنا بدأ الرمز يتضح أكثر .. ما زال يذكر بدايته .. مما يوضح أن عهده ليس بعيدا ، وأنه يعرفه ، فقد ميزه عن ذي القبعة وذي الطربوش ، اللذين قام بتحطيمهما ، وتحطيم غيرهما .. ويميز هذا الأخير بقربه منه ، ومعرفته به ، حتى التشابه بينهما باللون والملامح ..
كم كان صادقا .. وكم كان خفيض الصوت .. وكم كان مستمعا جيدا قبل أن يصيبه ما أصاب سابقيه .. لم يعد يسمع صوتا إلا صوته.. بل ويستطربه .. عيناه اختفى منهما ذلك البريق المحبب ، وصارتا كرتين من حجارة لا إحساس فيهما .. يراهما أحيانا وكأنهما شواظ من نار .. كم كانتا وديعتين عيناه ..
مقارنة بين ما كان عليه ، وما صار إليه من تغير ، باستهجان لهذا التغير ، الصوت والنظرة ،
إلى عينيه نظر في تحد وقام ممسكا بمعوله وصوبه إلى وجهه في ضربة قوية ، لكنها طاشت .. سمع قهقهة عالية .. نظر إليه وجده يرمقه بسخرية واستهزاء .. كرر المحاولة مرة أخرى .. فشل .. سمع قهقهاته تدوي في الأرجاء .. زادته الضحكات عزما وتصميما ، وانهال بضرباته الطائشة يمينا ويسارا ، أعلى وأسفل .. ما زال ينظر إليه من عليائه بسخرية وتحد .. مازالت ضحكاته تدوي في أذنيه .. وهو على حاله في ضرباته الطائشة .. يتصبب منه العرق بغزارة .. يتعب فيستريح ليهب واقفا من جديد .. مكررا محاولاته وسط نظرات السخرية والضحكات المدوية .. لاشيء يثنيه عن عزمه .. فإنه محطمه محطمه .أتت نقطة التنوير قوية لكنها ليست صريحة ، ليبقى الخيط الأخير بيد الكاتب لا القارئ ، مما يجعل للقصة تأثيرا خاصا على نفس القارئ .
إسقاط سياسي بحت ، صور لنا من خلال الرمز الحاكم الذي بات لا يستطيع أحد أن ينزعه عن العرش ، بعد أن كان هو ذاته يوما يحمل المعول ليصنع الحطام .
هذه قراءة متواضعة لنص له قيمته الأدبية ، ولأديب قاص له أسلوبه القصصي المميز .
أختي الفاضلة الأديبة متعددة المواهب / وفاء خضر (دخون)
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
تجربة نقدية ثالثة لك تتفوقين فيها كعادتك كلما عقدت العزم على خوض غمار مجال ما ؛ فلديك موهبة أصيلة كامنة ، وإرادة حديدية لو توفرت لعشر أمتنا فقط لصار حالنا إلى الأفضل .
اقتحمت نصاً أعرض عنه الكثيرون؛ فتوغلت في ثناياه لتعودي لنا برؤية عميقة كاشفة سلطت فيها الضوء على أسراره الكامنة ، وأمطت اللثام عما خفى منها .
رؤية نقدية عميقة ومتفردة تحمل بصمتك الخاصة .
لك كل الشكر والتقدير والاحترام .

حسام القاضي
15-06-2007, 04:33 PM
الاستاذ القاضي..
استحضرني منذ الوهلة الاولى حفار القبور الذي حفر في ذاكرتي منذ ان كنت في مرحلة المتوسطة، تلك القصيدة الرائعة التي اتحفنا بها الرائع للابد بدر شاكر السياب، حيث يقف مناجيا السماء:
"وهز حفار القبور يمناه في وجه السماء، وصاح رب اما تثور فتبيد نسل العار، تحرق بالرجوم المهلكات احفاد عاد، باعة الدم والخطايا والدموع...".
حيث جذبني وقفة صاحب المعول المتأملة ومن ثم وقفته وتفانيه في عمله، لكني ما ان انهيت القصة حتى وجدت اني امام كم هائل من الاحداث التي يمكن يؤلها القارئ، وكأني بك وبحرفنة متناهية قد تعمدت هذه الرمزية من اجل فتح مدارك القارئ على مسألة الاحتمالات بحيث يكون لكل قارئ احتمال يخصه، وفهم خاص به، وهذا ما لاحظت انك اجدته من خلال الردود التي توالت على النص، حيث قلما وجدت اثنان قد اتفقا على مفهوم، الا من حيث كون الرمزية هي العامل المشتكر بينهم.
لذا من خلال هذا المنطلق او ان اشير الى فهم جانبي لي للنص، حيث مع حفار القبور في الوهلة تولدت لدي معنى اخر، استنبطته من اسطور سيزيف، ومن ثم داهمني امر اخر اكثر قربا للواقع، وهو ان مسألة الشعوب التي تصنع الهتها، اقصد سلاطينها بانفسها، حيث تعمل ليل نهار وتصرخ وتجتهد من اجل ايصالهم الى كرسي البقاء، فتكون هذه السلاطين وبالا عليهم من بعد، فتعود جاهدة من اجل اخراج نفسها من هذه المحنة دون جدوى لانها عندما تثبت تتشبث، وتقوى ساعده دون ان يكون للاخر القدرة على مجاراتها، وهكذا، تبقى الشعوب تصنع الهتها، ومن ثم تعود لتهدم صرحها لكن قلما تستطيع ان تصل الى مبتغاها.
وربما الربط هنا بين حفار القبور وسيزيف، ومن ثم الشعوب، امر مجازي اكيد، لكنه في الواقع كان في ظني الاقرب الى حقيقة الموضوع .
وربما العنوان اضاف لي هذا التخيل، حيث الحطام يمكن ان يفهم على اكثر من وجه، وكذا النهاية التي اتت تؤكد الاستمرارية في العمل والمكافحة والبذل من اجل الوصول الى المبتغى الاساسي لد صاحب المعول، الذي يمثل الشعب الذي يوصل الحاكم الى عرشه ومن ثم يحاول ان يسقطه ..وربما اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا ان.....!
الاستاذ القدير حسام القاضي..
عذرا ان كان هذياني قد طال
محبتي لك
جوتيار

العزيز الأديب الفيلسوف / جوتيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بل أعجبني هذيانك جداً..
قراؤتك العميقة ورؤيتك الفلسفية
أثرتا النص وأضافتا له الكثير
أسطورة سيزيف .. حفار القبور
كل هذا صب في الخط الرئيس للعمل
كللته بتحليليك الأخير المصيب..
الشعوب التي تصنع سلاطينها و..
سبرت أغوار القصة ببراعتك المعهودة
لك كل شكري وتقديري واحترامي.

سحر الليالي
15-06-2007, 11:34 PM
أستاذي الفاضل " حسام":

بحق سعيدة بعودتك..

اشتقنا لك كثيراااا...

لا حرمنا الله منك

تقبل خالص إحترامي وتقديري وباقة ورد

علاء الدين حسو
20-06-2007, 01:26 PM
قصة تنمني براي الى تيار الوعي بامتياز وتصلح انموذجا عربيا لها تستحق الدراسة ادعوا السادة النقاد تناولها باسهاب اكثر ..فطريقة المعالجة والحبكة والحل كان باسلوب مبهر .. تحياتي

حسام القاضي
23-06-2007, 09:18 PM
أستاذي الفاضل " حسام":
بحق سعيدة بعودتك..
اشتقنا لك كثيراااا...
لا حرمنا الله منك
تقبل خالص إحترامي وتقديري وباقة ورد
أختي الفاضلة الأديبة / سحر الليالي
أشكرك جداً على مشاعرك الرقيقة الصادقة
امتناني العميق لك..
تقبلي تقديري واحترامي .

خليل حلاوجي
24-06-2007, 03:30 PM
يبدو أني سأقف هنا طويلا ً

فأنا الآن مندهش لهذه الروعة الادبية

\

ولي عودة
ايها الاديب النجيب

عدنان القماش
25-06-2007, 12:47 AM
أخي الكريم الأديب حسام القاضي،
قصة رمزية جميلة جدا، أبدعت في رسم سطورها...
"قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71)" سورة الشعراء

دمت مبدعا :001:

حسام القاضي
27-06-2007, 05:30 PM
قصة تنمني براي الى تيار الوعي بامتياز وتصلح انموذجا عربيا لها تستحق الدراسة ادعوا السادة النقاد تناولها باسهاب اكثر ..فطريقة المعالجة والحبكة والحل كان باسلوب مبهر .. تحياتي
أخي الفاضل الأديب / علاء الدين حسو
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك كل الشكر على قرائتك المميزة الواعية
رأيك أسعدني جداً .
تقبل تقديري واحترامي.

حسام القاضي
02-07-2007, 09:17 PM
يبدو أني سأقف هنا طويلا ً
فأنا الآن مندهش لهذه الروعة الادبية
\
ولي عودة
ايها الاديب النجيب
اخي الفاضل / خليل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك للمرور
وأقدر وقوفك الطويل الجميل..
وانتظر عودتك.
تحياتي.

حسام القاضي
02-07-2007, 09:26 PM
أخي الكريم الأديب حسام القاضي،
قصة رمزية جميلة جدا، أبدعت في رسم سطورها...
"قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71)" سورة الشعراء
دمت مبدعا :001:

أخي الكريم الأديب / عدنان القماش
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك لهذه القراءة المميزة
وأيضاً لهذا الربط الجميل
بين تماثيل الحكام (آلهة العصر)
وبين أصنام الكفار فالإثنين ألههما
البشر.
تحياتي .

ربيحة الرفاعي
18-04-2010, 11:15 PM
نظر إلى يمينه فراعه الحطام .. هز رأسه بأسى ( كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه إلى مصاف الآلهة .. يقدره أولا , ثم يحبه .. فيجله .. فيرفعه إلى تلك المكانة وعندئذ .. عندئذ فقط يتحول إلى تمثال ينظر إليه من عليائه ببرود واحتقار .. لكنه كان دائما يصبر عليه وعلى غطرسته .. بل ربما توجه إلى السماء بدعاء حار له .. ويصبر .. وصبر لكنه أبدا لا يستسلم .. فاللحظة آتية .. آتية لا ريب فيها .. عندها يهب فجأة قابضا على معوله بادئا في تحطيمه لا يحول بينهما حائل )
إختصار مذهل لتاريخ الأمم وثورات الشعوب، يصنعون القادة ، يمنحونهم القوة، وينضوون تحت ألويتهم، حتى إذا ما "تفرعنوا" أتت لحظة حتمية حمل المعول لتحطيم تمثال وصناعة آخر...
مقدمة أعلنت ببراعة عن هاجس القاص ورسمت ملامح فكره ورؤيته الإجتماعية والسياسية.



كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..
هذه انعطافة باتجاه أكثر حدة، حركات التحرر من الإستعمار الخارجي، وكشف ذكي لتطابق الحال بين حكومات احتلال غريبة، وأنظمة دكتاتورية حاكمة تحمل وجوها وطنية الملامح، ولكنها في واقعها نسخ ممسوخة مما سبقها من أنظمة استعمارية



كم كان صادقا .. وكم كان خفيض الصوت .. وكم كان مستمعا جيدا قبل أن يصيبه ما أصاب سابقيه .. لم يعد يسمع صوتا إلا صوته.. بل ويستطربه .. عيناه اختفى منهما ذلك البريق المحبب ، وصارتا كرتين من حجارة لا إحساس فيهما .. يراهما أحيانا وكأنهما شواظ من نار .. كم كانتا وديعتين عيناه ..
إلى عينيه نظر في تحد وقام ممسكا بمعوله وصوبه إلى وجهه في ضربة قوية ، لكنها طاشت .. سمع قهقهة عالية .. نظر إليه وجده يرمقه بسخرية واستهزاء .. كرر المحاولة مرة أخرى .. فشل .. سمع قهقهاته تدوي في الأرجاء .. زادته الضحكات عزما وتصميما ، وانهال بضرباته الطائشة يمينا ويسارا ، أعلى وأسفل .. ما زال ينظر إليه من عليائه بسخرية وتحد .. مازالت ضحكاته تدوي في أذنيه .. وهو على حاله في ضرباته الطائشة .. يتصبب منه العرق بغزارة .. يتعب فيستريح ليهب واقفا من جديد .. مكررا محاولاته وسط نظرات السخرية والضحكات المدوية .. لاشيء يثنيه عن عزمه .. فإنه محطمه محطمه .
تقع الأنظمة الثورية غالبا في مطبات تتمثل في تسليم الدفة لكوادر تفتقر للوعي والنضوج السياسي ولا تتمتع فعليا بالكفاءة والخبرة اللازمتين في إدارة شؤون الحكم والدبلوماسية، وتنحصر خبرات هؤلاء في الانقلابات والعمل السري ، مما يحيلهم بمجرد اعتلائهم أكتاف الأمم وجلوسهم على مقاعد السلطة الى دكتاتورات جدد، فالإنقلابات والثورات تنتهي في العادة بالعساكر والدكتاتوريات التي تقوم أصلا للإطاحة بصور أخرى منها.
هذا ما تقولة فلسفة الأنظمة الحاكمة

وهو أيضا ما طرحته القصة ، في تكثيف موفق لرمز ألّهته أمم، واتخذته أخرى وسيلة تعبير عن تقديس إله او زعيم مؤلّه
بحرفنة تضافر هنا عنصري البنية والفحوى، لصوغ إسقاط مميز لأشكال متنوعة من الصراع السياسي على امتداد العصور


كالعادة... نقف أمام نصوص أديبنا الكبير حسام القاضي، بانبهار وتوق لاستعادة واستزادة


همسة
لم يخل النص سيدي من هفوات طباعية
و..
أظنه كان يحتاج لقليل من المراجعة قبل النشر


دمت متألقا

حسام القاضي
25-04-2010, 08:35 PM
إختصار مذهل لتاريخ الأمم وثورات الشعوب، يصنعون القادة ، يمنحونهم القوة، وينضوون تحت ألويتهم، حتى إذا ما "تفرعنوا" أتت لحظة حتمية حمل المعول لتحطيم تمثال وصناعة آخر...
مقدمة أعلنت ببراعة عن هاجس القاص ورسمت ملامح فكره ورؤيته الإجتماعية والسياسية.




هذه انعطافة باتجاه أكثر حدة، حركات التحرر من الإستعمار الخارجي، وكشف ذكي لتطابق الحال بين حكومات احتلال غريبة، وأنظمة دكتاتورية حاكمة تحمل وجوها وطنية الملامح، ولكنها في واقعها نسخ ممسوخة مما سبقها من أنظمة استعمارية


تقع الأنظمة الثورية غالبا في مطبات تتمثل في تسليم الدفة لكوادر تفتقر للوعي والنضوج السياسي ولا تتمتع فعليا بالكفاءة والخبرة اللازمتين في إدارة شؤون الحكم والدبلوماسية، وتنحصر خبرات هؤلاء في الانقلابات والعمل السري ، مما يحيلهم بمجرد اعتلائهم أكتاف الأمم وجلوسهم على مقاعد السلطة الى دكتاتورات جدد، فالإنقلابات والثورات تنتهي في العادة بالعساكر والدكتاتوريات التي تقوم أصلا للإطاحة بصور أخرى منها.
هذا ما تقولة فلسفة الأنظمة الحاكمة

وهو أيضا ما طرحته القصة ، في تكثيف موفق لرمز ألّهته أمم، واتخذته أخرى وسيلة تعبير عن تقديس إله او زعيم مؤلّه
بحرفنة تضافر هنا عنصري البنية والفحوى، لصوغ إسقاط مميز لأشكال متنوعة من الصراع السياسي على امتداد العصور


كالعادة... نقف أمام نصوص أديبنا الكبير حسام القاضي، بانبهار وتوق لاستعادة واستزادة


همسة
لم يخل النص سيدي من هفوات طباعية
و..
أظنه كان يحتاج لقليل من المراجعة قبل النشر


دمت متألقا



أديبتنا القديرة / ربيحة الرفاعي
السلام عليكم
لي أكثر من ساعة أحاول ايجاد الرد المناسب لدرسك النموذجي هذا
ولكن بلا جدوى..
تحليلك للنص بهذه الدقة وبتلك الكيفية جعلني أعيد قراءته مرات عديدة
وكأن من كتبه غيري ..

حتى إذا ما "تفرعنوا" أتت لحظة حتمية حمل المعول لتحطيم تمثال وصناعة آخر...
"إذا ما تفرعنوا" هنا وصف دقيق للحالة ..اختزال لما يعرفه الجميع وفي كلمة واحدة


هذه انعطافة باتجاه أكثر حدة، حركات التحرر من الإستعمار الخارجي، وكشف ذكي لتطابق الحال بين حكومات احتلال غريبة، وأنظمة دكتاتورية حاكمة تحمل وجوها وطنية الملامح، ولكنها في واقعها نسخ ممسوخة مما سبقها من أنظمة استعمارية

وهنا القصة كما عشتها وعاشتني حتى خرجت للنور .. غوص رائع منك في أعماق العمل لتقديمه بهذا الشكل المبهر..



تقع الأنظمة الثورية غالبا في مطبات تتمثل في تسليم الدفة لكوادر تفتقر للوعي والنضوج السياسي ولا تتمتع فعليا بالكفاءة والخبرة اللازمتين في إدارة شؤون الحكم والدبلوماسية، وتنحصر خبرات هؤلاء في الانقلابات والعمل السري ، مما يحيلهم بمجرد اعتلائهم أكتاف الأمم وجلوسهم على مقاعد السلطة الى دكتاتورات جدد، فالإنقلابات والثورات تنتهي في العادة بالعساكر والدكتاتوريات التي تقوم أصلا للإطاحة بصور أخرى منها.هذا ما تقولة فلسفة الأنظمة الحاكمة.

رؤية متميزة ومختلفة تضيف إلى نصي المتواضع الكثير وتفتح آفاقاً جديدة بل وتدعو إلى إعمال التفكير في أحوالنا جميعا شرقنا وغربنا وأوسطنا.


لم يخل النص سيدي من هفوات طباعية
و..
أظنه كان يحتاج لقليل من المراجعة قبل النشر

برغم حرصي الكبير على اللغة ومراجعتي إلا انني أجد للآن بعض الأخطاء وأشكرك لهمستك الرقيقة.

نقد متكامل تحليل للفكرة وإبرازها مع الاشارة إلى فنيات السرد وكذلك السلبيات.

بل انا سيدتي من يقف منبهراً بقراءتك العميقة الواعية والفنية .

أرجو ان تتقبلي مني أسمى آيات التقدير والشكر والاحترام.

خلود محمد جمعة
24-09-2014, 12:50 PM
السياسة لعبة تلعب بقوانين لا مجال للعب فيه
ينساق البعض وراء الشعارت تشعله ثورته بحيث لا يرى من الحروف سوى شكلها مما يدفعهم الى تنصيب من لا يستحقون فيكونو كالنار يطعمونها فتحرقم وتحطم وجودهم بمعول السياسة الذي يرتدي اكثر من قناع لر أس واحدة
نص يحتاج التوقف
وحرف يستحق الاحترام
كل التقدير والشكر على اتحافنا دائما بالاجمل
دمت بخير

ناديه محمد الجابي
01-10-2014, 06:42 PM
نعم .. نحن من نصنعهم بأيدينا ثم نقدسهم ونرفعهم إلى مصاف الآلهة
نحن من نجعل منهم طغاة تتحكم فينا ـ ولكن أيضا نهايتهم على أيدينا
وكأنك هنا كنت تتنبا بتلك الثورات التي أطاحت بالطواغيت والطغاة.
بارع أنت في الرسم بالحروف ـ نص قصي ملفت بحسن بنائه السردي
الذي كان شائقا وموفقا لفكرة عميقة
عندما تمتد يد الحكمة في رسم المعاني تزيد الحرف وقارا
سلم نبض حرفك الراقي وسلمت. :001:

د. سمير العمري
13-03-2015, 02:54 PM
لا أعرف كيف فاتني هذا النص المميز.

بعيدا عن اللغة وما يتعلق بها باعتبار أن النص قديم فإني أركز على هذه الرمزية السياسية وهذا الوصف الدقيق للحالة العربية والتي تتضح أكثر وأكثر في هذه الأيام. وللحق فإني إذ أشكر الأستاذة ربيحة على ما تفضلت به من شرح أفسد علي كل ما خطر ببالي حين قرأت القصة لأكتفي بما قالت موافقا لما أردت أن أقول ، وأتقدم للقاص المبدع حسام القاضي هذا الألق في الطرح خصوصا من حيث المحمول والمأمول.

تقديري

د.حسين جاسم
06-04-2015, 01:04 AM
فكرة سياسية بتنفيذ قصصي حمل مذاق بجماليون الحكيم
قراءة القصة والتحليل الذي وضعته الأستاذة ربيحة الرفاعي منحاني متعة كبيرة
أحييك

نداء غريب صبري
27-06-2015, 06:44 PM
رمزية عميقة وتكثيف قوي
واختصار مدهش للحالة السياسة المتجددة بنفس الوتيرة

شكرا لك أخي
بوركت

حسام القاضي
11-08-2015, 08:40 PM
السياسة لعبة تلعب بقوانين لا مجال للعب فيه
ينساق البعض وراء الشعارت تشعله ثورته بحيث لا يرى من الحروف سوى شكلها مما يدفعهم الى تنصيب من لا يستحقون فيكونو كالنار يطعمونها فتحرقم وتحطم وجودهم بمعول السياسة الذي يرتدي اكثر من قناع لر أس واحدة
نص يحتاج التوقف
وحرف يستحق الاحترام
كل التقدير والشكر على اتحافنا دائما بالاجمل
دمت بخير

الأديبة الكبيرة / خلود

تحياتي

جميل جدا منك هذه الرؤية العميقة

وهذا التوصيف الدقيق لمقاصد القصة ..

نحن نحتاج إلى التأمل والكثير من الروية فيما يخص
ثوراتنا فكثيرا ما يختلط النقاء الثوري بالانتهازيين
والمدعين !!
لك دوما شكري الجزيل
مع فائق التقدير والاحترام .

حسام القاضي
11-08-2015, 08:44 PM
لا أعرف كيف فاتني هذا النص المميز.

بعيدا عن اللغة وما يتعلق بها باعتبار أن النص قديم فإني أركز على هذه الرمزية السياسية وهذا الوصف الدقيق للحالة العربية والتي تتضح أكثر وأكثر في هذه الأيام. وللحق فإني إذ أشكر الأستاذة ربيحة على ما تفضلت به من شرح أفسد علي كل ما خطر ببالي حين قرأت القصة لأكتفي بما قالت موافقا لما أردت أن أقول ، وأتقدم للقاص المبدع حسام القاضي هذا الألق في الطرح خصوصا من حيث المحمول والمأمول.

تقديري

عميد الواحة الشاعر الكبير / د. سيمر العمري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مداخلة رائعة ومميزة وهي ليست بمستغربة ممن هو بقدركم

بل أنا من يشكرك لهذا الاهتمام بالقصة ..

لعلك تعلم كم يعني لي رأيك الجميل هذا..

شكري الجزيل
مع فائق التقدير والإحترام

حسام القاضي
11-08-2015, 08:46 PM
فكرة سياسية بتنفيذ قصصي حمل مذاق بجماليون الحكيم
قراءة القصة والتحليل الذي وضعته الأستاذة ربيحة الرفاعي منحاني متعة كبيرة
أحييك

أخي الأديب / د. حسين جاسم

أشكرك لإهتامامك وتقديرك

تحياتي مع تقديري

حسام القاضي
11-08-2015, 08:52 PM
نعم .. نحن من نصنعهم بأيدينا ثم نقدسهم ونرفعهم إلى مصاف الآلهة
نحن من نجعل منهم طغاة تتحكم فينا ـ ولكن أيضا نهايتهم على أيدينا
وكأنك هنا كنت تتنبا بتلك الثورات التي أطاحت بالطواغيت والطغاة.
بارع أنت في الرسم بالحروف ـ نص قصي ملفت بحسن بنائه السردي
الذي كان شائقا وموفقا لفكرة عميقة
عندما تمتد يد الحكمة في رسم المعاني تزيد الحرف وقارا
سلم نبض حرفك الراقي وسلمت. :001:

الأديبة القديرة / نادية محمد الجابي
قبل أي شيء أين انت؟ نفتقدك وتفتقدك واحتك بشدة
أصبحنا نبحث عن حروفك في أرجائها ..
نعم نحن من نصنعهم ..ونحن أيضا من نحطمهم فقط
عندما يحين الوقت لذلك ..
أشكرك لهذه القراءة العميقة والعظيمة التي التفت فيها
لدقائق العمل ..

مع فائق تقديري واحترامي

مع دعاء خاص أن نراك هنا قريبا

كاملة بدارنه
16-08-2015, 11:27 PM
كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..
كم من زعيم نصّب أو انتخب وكان مصيره إلى زوال، لكنّ الشّعب باقٍ وصامد!
الحطام.. عنوان رائع لقصّة تحكي تاريخ أمّة، وتعكس حالة من التّمرّد على الآخر الذي أوجده، وعلى الذّات!
قصّة رائعة برمزيّتها وسردها، وحبكتها القويّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

ناديه محمد الجابي
27-08-2015, 10:36 PM
الأديبة القديرة / نادية محمد الجابي
قبل أي شيء أين انت؟ نفتقدك وتفتقدك واحتك بشدة
أصبحنا نبحث عن حروفك في أرجائها ..
نعم نحن من نصنعهم ..ونحن أيضا من نحطمهم فقط
عندما يحين الوقت لذلك ..
أشكرك لهذه القراءة العميقة والعظيمة التي التفت فيها
لدقائق العمل ..

مع فائق تقديري واحترامي

مع دعاء خاص أن نراك هنا قريبا


شكرا لك من الأعماق .. وبارك الله فيك
تحياتي وتقديري. :0014:

حسام القاضي
19-07-2017, 04:14 PM
رمزية عميقة وتكثيف قوي
واختصار مدهش للحالة السياسة المتجددة بنفس الوتيرة

شكرا لك أخي
بوركت

أشكرك أديبتنا الكبيرة / نداء غريب
لاهتمامك وقراءتك العميقة

تقبلي تقديري واحترامي

علاء سعد حسن
23-07-2017, 08:57 PM
الشعب - وهناك اشارة إلى أنه الشعب المصري بسمرته وارتباطه بالأرض - هو الذي يصنع التماثيل.. وسرعان ما يتحول التمثال إلى حاكم إله من دون الله الواحد القهار في وعي الشعب، حتى يصدق الحاكم نفسه انه إله فيتعالى على الشعب ويتيه عليهم وربما تاه منهم.. وعندها ينتفض الشعب فيحطم التمثال ليعاود صنع تمثال جديد..

قد يكون التمثال يرتدي قبعة كنابليون وكليبر وغيرهما فرنسي او انجليزي

وقد يكون تمثالا مطربشا كملك من اسرة محمد علي

وعندما صنع الشعب تمثالا لواحد منهم أسمر كلون بشرتهم فسرعان ما ألهوه وسرعان ما تأله..

الآن يصعب على الشعب تحطيمه لأنه في الاساس واحد منهم

كان هذا وقت كتابة هذه القصة الرمزية المبدعة..

بعد عام 2011 اثبت هذا المحطم انه يستطيع تحطيم التمثال الاسمر .. لكن الاسطورة تقول ان التمثال استطاع تجميع حطامه وعاود انتاج نفسه من جديد ونصب نفسه حاكما الها..

دام ابداعك سيدي

مصطفى الصالح
25-07-2017, 04:20 PM
نعم على الإنسان أن يهدم كل الأصنام التي تعشش في عقله حتى يتحرر
قد ينساها سنوات وحين يعود يجدها تكاثرت وتناسلت ويصعب تحطيمها
لذلك من الأفضل عدم التصنيم بداية
القصة رمزية متقنة الحبك والسبك
غير أني أراها ترهلت قليلا بالتكرار
وجاءت القفلة مكشوفة باهتة بلا صدمة
لكنها على مستوى الفكرة والأسلوب إبداعية

دام الإبداع

تقديري

حسام القاضي
19-09-2017, 11:50 AM
الشعب - وهناك اشارة إلى أنه الشعب المصري بسمرته وارتباطه بالأرض - هو الذي يصنع التماثيل.. وسرعان ما يتحول التمثال إلى حاكم إله من دون الله الواحد القهار في وعي الشعب، حتى يصدق الحاكم نفسه انه إله فيتعالى على الشعب ويتيه عليهم وربما تاه منهم.. وعندها ينتفض الشعب فيحطم التمثال ليعاود صنع تمثال جديد..

قد يكون التمثال يرتدي قبعة كنابليون وكليبر وغيرهما فرنسي او انجليزي

وقد يكون تمثالا مطربشا كملك من اسرة محمد علي

وعندما صنع الشعب تمثالا لواحد منهم أسمر كلون بشرتهم فسرعان ما ألهوه وسرعان ما تأله..

الآن يصعب على الشعب تحطيمه لأنه في الاساس واحد منهم

كان هذا وقت كتابة هذه القصة الرمزية المبدعة..

بعد عام 2011 اثبت هذا المحطم انه يستطيع تحطيم التمثال الاسمر .. لكن الاسطورة تقول ان التمثال استطاع تجميع حطامه وعاود انتاج نفسه من جديد ونصب نفسه حاكما الها..

دام ابداعك سيدي

أخي الأديب / علاء سعد حسن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قراءة عميقة وتفصيلية أنارت جنبات النص
ولمست كل تفاصيله..
سعدت جدا بقراءتك الكاشفة الدقيقة
جزيل شكري مع فائق تقديري واحترامي
أيها الأديب الكبير

حسام القاضي
19-09-2017, 11:54 AM
نعم على الإنسان أن يهدم كل الأصنام التي تعشش في عقله حتى يتحرر
قد ينساها سنوات وحين يعود يجدها تكاثرت وتناسلت ويصعب تحطيمها
لذلك من الأفضل عدم التصنيم بداية
القصة رمزية متقنة الحبك والسبك
غير أني أراها ترهلت قليلا بالتكرار
وجاءت القفلة مكشوفة باهتة بلا صدمة
لكنها على مستوى الفكرة والأسلوب إبداعية

دام الإبداع

تقديري

أخي الأديب / مصطفى الصالح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك لهذه القراءة المميزة
وكذلك اشاراتك الدقيقة
أقدر وجهة نظرك جدا ..
جزيل شكري مع تقديري واحترامي
أديبنا القدير