المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا للعلمانية ...؟؟؟



ابو دعاء
14-04-2006, 01:22 AM
الإســــلام هو الحــــــل
لأن العلمانية هي المشكلة!!!
بقلم :د : يحيى هاشم حسن فرغل
لما كانت العلمانية بأطيافها المختلفة هي المشكلة المستعصية بما جرته على مشاريع النهضة الإسلامية من خيبة وإحباط وفشل وتخريب شامل منذ وضع الاستعمار الصليبي الحاضن لها أقدامه في بلادنا … ناسبها بداهة أن يكون الحل هو الإسلام!؟.
· ‏يقول د. عصام العريان القيادي البارز في جماعة الإخوان المحظورة وعضو مجلس الشعب السابق:
( إن شعار الإسلام هو الحل: نحن نقصد به ثلاثة امور..
الأول هو هوية حضارية للأمة كلها تميز الحضارة العربية والإسلامية عن بقية حضارات العالم وشارك في صنعها مسلمون ومسيحيون ويهود. والأمر الثاني أن الشعار يعتبر مرجعية عامة للشعب المصري وتعني الاتفاق والاختلاف في إطارها..
وأخيرا إن الشعار إطار عام تنبثق منه البرامج التفصيلية التي يجتهد كل الناس في إبرازها ويمكن أن تكون مختلفة من مكان لآخر ومن زمان لزمان ومن مجموعة لأخري.. فالإسلام مرجعية الجميع. ونحن نرفض اختزاله في شعار سياسي.. وهو ليس شعارا دينيا وإنما يعتبر توجه سياسي للإخوان المسلمين وقد سبق أن استخدمه حزب العمل الاشتراكي في انتخابات سابقة .) نقلا عن الأخبار بتاريخ 30\10\2005
ولما كانت القضية تنطلق من واقع تاريخي ملموس أراد العلمانيون أن يهربوا من المواجهة بتحويلها إلى مبحث بيزنطي فأخذوا يتساءلون عن :
أي إسلام نريد ؟
· ‏كأنما الإسلام لا يزال مجهول النسب بعد أكثر من أربعة عشر قرنا من ظهوره ، أو بسبب مرور أربعة عشر قرنا !! والغريب أن هؤلاء المتسائلين عندما يطرحون ما يطرحون لا يقبلون تشكيكا : عن أي حضارة ؟ وأي حقوق إنسان ؟ وأي حرية ؟ وأي ديموقراطية ؟ وأي ليبرالية ؟ وأي اشتراكية ؟ وأي شيوعية ؟ وأي علمانية ؟ وأي علموية ؟ وأي حداثة ، واي تغيير ؟ وأي تجمع ؟ وأي تحالف ؟ يريدون لنا ؟؟
· ‏وإذا كان هذا السؤال يأتي من جهات مشبوهة نعرفها في النسبية التاريخية والتطورية فلاشك عندنا أنه أخذ يتسلل إلى معترك السياسة حول مبدأ الإسلام هو الحل ، إجهاضا له من الأساس وهذا ما جعل القضية أكثر خطورة ، وجعل التصدي لها أكثر لزوما.
· وهم يطرحون هذا السؤال في سياق محاولة منهم لنقل القضية من مجالها العملي إلى مجال نظري جدلي تغطية منهم على حقيقتها ‏كمبضع جراحي لمشكلة تورمت نشأت من واقع مريض اشتد مرضه وانتفى برؤه وطال أمده : يئن صارخا في ألم : " العلمانية هي المشكلة " .
· ‏يتساءلون :
أي إسلام نريد ونحن نتحدث عن الإسلام ؟ أإسلام أبي ذر ؟ أم معاوية بن أبي سفيان ؟ أم الحسين بن علي أم الحاكم بأمر الله ؟ أم إسلام ابن سينا أم إسلام الغزالي أم إسلام محيي الدين بن عربي ؟ أإسلام الأشاعرة ؟ أم إسلام المتصوفة ؟ أم إسلام الظاهرية ؟ أم إسلام الشيعة أم إسلام الخوارج ؟ إسلام ابن لادن ، أم إسلام الأزهر ، أم إسلام الإخوان ؟ أم إسلام الجماعات؟؟؟
1. ويتجاهل بعضهم أن النسبية التي يستعملون سلاحها تعني إنكار حقائق الأشياء ، أو قصر الاعتراف بها بالنسبة لمن يعتقد بها ، فأنت تقول : القمر جميل فهذا لا يعني أن للقمر جمالا غير ما تعتقد أنت به ، ومن حقك أن تعتقد ما تشاء ، فهذه رؤيتك الخاصة ، وليس من حقك أن تلزم غيرك بها ، فأنت لا تملك الحقيقة ، كما أنه ليس من حق غيرك أن ينكرها عليك فتلك رؤيته الخاصة وهو لا يملك الحقيقة أيضا ، فأين هي الحقيقة إذن : المسألة نسبية . جفت الأقلام وطويت الصحف .
2. وهذا يعني مصادرة الجدل من دائرة التنافس الحزبي منذ البداية إذ يلغي القاعدة التي تقوم عليها المناقشة أصلا وتنتهي المشكلة وينفض السامر ، وتتبخر الندوة .
3. من الواضح أن هؤلاء الحزبيين المعارضين للإسلام الجاحدين " لحقيقته " المنكرين لكونه حلا ( إنما يفعلون ذلك لنقل القداسة والإطلاق والسمو التي هي من صفات جوهر الدين وحقيقته إلى تصوراتهم النسبية والمحدودة ، ويحاولون فرض تصورهم الناقص المتناقض على الواقع ، دون مبالاة لما يقوم عليه موقفهم هذا من انتهازية ، ومعاداة للقيم ، ومنافاة للأخلاق ، فضلا عما فيه من نزعة استبدادية بالغة القبح .)
إن الحل الإسلامي إنما هو بالرجوع إلى الحلقة الأولى :
· ‏إنه " إسلام الوحي المنزل على محمد " صلى الله عليه وسلم ، دون السماح بدحرجة القضية ككرة الثلج عبر حلقات لا تنتهي.
· ‏وبالنسبة للحلقة الأولى : يأتي الحل من إسلام الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مباشرة عقيدة وشريعة وأخلاقا ، وعلما وعملا : فيما تركه لنا من سعة الأفق ، ثم فيما تركه من مبادئ واضحة ، أو مبادئ استخلصها العلماء من تراثه واتفقوا عليها وعلى سعة الأفق فيها للتطبيق الصالح لكل زمان ، وفق آلية الاجتهاد ممن يملك أدوات الاجتهاد ، أجران للمصيب وأجر واحد للمخطئ ، مع تأثيم المسارعة إلى المراء والفتنة والتكفير ، والتفرقة بين التكفير والتبديع ، والتفرقة بين كفر الملة وكفر النعمة
· ‏ وفيما هو مقرر أيضا من التمييز بين العلم الضروري والنظري ، والتفرقة بين الفهم والتصور ، والتمييز بين العقل النظري والعقل العملي ، والأصول والفروع ، والمقاصد الضرورية والحاجية والتحسينية ، ونحو ذلك من المبادئ التي وردت في كتب الأصول ، والتي لا نتعرض لحصرها الآن ، وعلى الجاهل أن يتعلم ، وما علينا إذا كانت ثقافته محض إفراز لمناهج تعليمية تجهيلية مستغربة ، وما علينا إذا لم تفهم الخشب المسندة .
والحل الإسلامي
أبعد ما يكون عن اتهام كاذب بالتعصب الديني أو التفرقة الجماهيرية ، أو الفتنة الطائفية لأنه يستند قانونيا إلى الدستور الذي ينص على أن الإسلام هو دين الدولة لا دين طائفة بعينها ، وهو إسلاميا يستند إلى كونه – أي الإسلام – مرجعية جميع الملل الكتابية :
1. إذ هو الدين عند الله أولا ،
2. وهو دين جميع الأنبياء إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ، عليهم الصلاة والسلام ،
3. وهو فقهيا يستند إلى قاعدة إسلامية واجبة العمل في علاقة المسلم بغيره ممن لا يدينون به " لهم مالنا وعليهم ما علينا " ، وقوله صلى الله عليه وسلم " من ظلم معاهدا فأنا خصيمه يوم القيامة ومن خاصمته خصمته "
4. وهو عقديا ، لا يصادر على من لا يدينون به من أهل الكتاب عقيدتهم او كتابهم ، وإن كفرهم فهم يكفرونه وتنتهي المشكلة لهم دينهم وللمسلم دينه ،
5. وهو تشريعيا لا يزاحمهم في تشريع ،
6. وهو أقرب إليهم في مقياس الحقيقة والواقع والإنصاف من العلمانية نفسها،
7. وهو واقعيا كان وما يزال يحمي في مصر طوال أربعة عشر قرنا حرمة الجوار والأخوة الإنسانية معهم ، ومن ثم لا يجوز أن يحتج عليه بتصرفات الجهلاء وتدبيرات الفاتنين وتخرصات المبشرين ، وأوهام المستشرقين ، وحسابات العملاء ، وتصريحات الحاقدين من المرتزقة أوالمتعصبين والمنحرفين .
وإذا كان سلاح التشكيك في يد النسبيين ما يزال قائما :
إذ المعضلة التي يطرحونها هي هنا :
· ‏كيف يمكن هذا التمييز بين المصطلحات المذكورة أعلاه دون الوقوع في فخ النسبية الارتيابية التي تم طرحها من جهتهم وإن كانوا لا يستمرون عليها عندما يكون الأمر لصالحهم . ؟
· ‏فإن تدمير هذا السلاح موضوعيا إنما يكون :
1. أولا : بالحد من فلسفة النسبية فلسفيا ، والحد من سلطة العقل النظري وسحب القضية منه ونقلها إلى ساحة العقل العملي.
2. وثانيا : بالتفنيد المباشر لأكثر الاتجاهات النسبية المعاصرة انتشارا على الساحة الإسلامية
إن كل مطلع منصف على ما كتبه زعماء الفلسفة النسبية يجدهم يعترفون من خلال فلسفتهم النسبية بوجود المطلق ، إذ لابد فيها من التسليم بنقيضها ، أو عدم إنكاره على الأقل ، وإلا لم يعد النسبي نسبيا ، وانقلبت الفلسفة النسبية نفسها إلى فلسفة مطلقة أو انقلب النسبي نفسه إلى مطلق ، ، وهذا بإجمال ما ذهب إليه بعض فلاسفة النسبية مثل الفيلسوف الإنجليزي هاملتون ( 1788-1856) ومنسل ( 1820-1871 ) وهربرت سبنسر 0( 1820 – 1903 )
كذلك فإن كل مطلع منصف على ما وجهته الفلسفة إلى العقل من نقد فيما يسمى نظرية المعرفة سواء من ناحية ماهيته أو إمكاناته ووسائله لا بد أن يعترف - دون أن يقع في النسبية المطلقة أو النسبية بأنواعها المختلفة - بأن العقل البشري محدود وأقصى ما يصل إليه من ذلك ما ذهب إليه عمانويل كانت في نقد العقل الخالص من عجز العقل عن معرفة الشيء في ذاته مع الإقرار بوجوده ، انتقالا منه إلى التعامل معه بمنطق العقل العملي
وخلاصة القول
أنه لابد من افتراض وجود شيء ثابت يكمن خلف شتى الأعراض المتغيرة دون أن يكون من الضروري لعقولنا أن تقدر على تحديده . فقوانين الفكر التي تحظر علينا تكوين تصور عن " الوجود المطلق " هي بعينها التي توجب علينا التسليم بوجوده .
ومن هنا ينطلق العقل العملي إلى الكشف عن قواعد الدين من هذا السبيل ، فقد قررها من قبله بعض كبار الأئمة كالإمام الشاطبي ، والغزالي ، والجويني ، وابن الوزير، وبعض علماء الكلام والأصول : مما لا مجال للدخول في تفاصيله في هذا المقام .
هذا من جهة ،
· ‏ومن جهة أخرى فقد انتهت فلسفة الشك إلى أنه لا يمكن لها بحكم الضرورة العملية أن تجعل الفيلسوف اللاأدري يتوقف عن العمل ، وإذن فهي تنتهي إلى الإيمان التسليمي بحكم الضرورة العملية
· ‏كذلك فإن الفلسفة العقلية اليقينية مهما انسجمت واستقرت تنتهي بنا - بحكم الضرورة العملية – إلى ممارسة التفكير على أساس الثقة بالعقل ، دون أن نضع هذه الثقة على غير القاعدة الإيمانية التسليمية بالعقل نفسه
· ‏كذلك فإن الفلسفة التجريبية وهي تقوم على إنكار ما لم يثبت بالتجربة تتنازل عن هذا الشرط – شرط التجربة – في العلم بالمبادئ الأولى اللازمة لتدعيم الاستدلالات العلمية : كمبدأ القوة والزمان والمكان والحركة إذ هي كما يقول برتراند رسل ( غير قابلة للبرهان بأي معنى مألوف ) " ولكنها تأخذ بها بحكم الضرورة العملية
والضرورة العملية هي التي أخذت بيد كثير من الفلاسفة إلى الإيمان : مثل بسكال ، وباركلي وديفيد هيوم وشلر ووليم جيمس ، على اختلاف اتجاهاتهم وعقائدهم ومشاربهم
وليس المقصود بالضرورة العملية الجبر المطلق
ولكنها كما يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي " الإلجاء الذي لا يخرج الملجأ من أن يكون على العمل قادرا وباختياره متعلقا " وهو الوضع الذي يهجر فيه المرء ما يسمى العقل النظري إلى ما يسمى العقل العملي الذي عرفه القاضي عبد الجبار بأنه ( قوة التصرف في الموضوعات واستنباط الصناعات وتمييز المصالح من المفاسد لانتظام المعاش وأمر المعاد )
ومن طبيعة هذا العقل العملي التي تختلف جوهريا مع العقل النظري أنه – أي العقل العملي - يجد فيه المرء نفسه مخيرا بين قرارين لا ثالث لهما : أن يفعل هذا أو ذاك ، وليس أمامه ألا يفعل ، فإذا قلت لابنك ذاكر ، فإنه ليس أمامه ،إلا أن يفعل أحد أمرين لا ثالث لهما : أن يقوم بفعل المذاكرة أو يقوم بفعل اللامذاكرة ، وعلى كل منهما تترتب الآثار وكما يقول وليم جيمس : إن عدم اتخاذ قرار بالعمل في هذا الوضع هو قرار بعدم العمل ، هنا لا يوجد مجال الوسط الذي ينشا عن موقف الشك والتوقف والذي ينتسب بطبيعته إلى ترف العقل النظري
إنه لا مفر من التسليم الإيماني عند ما يجد الإنسان نفسه أمام المبدأ الأول : العقل عند العقليين ، و الفعل عند اللاأدريين ، والتجربة عند العلميين ، وإذن فالله أكبر، وهو الأول والآخر ، هنا تكون أولوية التسليم ، بحكم القاعدة العملية المقررة عند الجميع
إن العقيدة الدينية هي من المسائل العملية الملحة التي لا يمكن الانتظار في شأنها وهي :
مسائل القضاء ، والعلاقات الشخصية ، والاجتماعية ، وكذلك الأمر في العقيدة الدينية إذا بدأنا النظر إليها عمليا من حادثة الموت وهو حادث متيقن .
وكما يقول باسكال ت 1662 إن الإنسان إن كان لا يستطيع أن يتأكد من صحة معتقداته –أي نظريا – فإنه ( لا يستطيع الاستسلام للشك ، إن عليه أن يتصرف بحزم في المسائل العملية ، بل حتى في المسائل الحميمة كالخلود الإنساني ) ( فلنذكر الملحد بالموت وبالأبدية : ماذا لديه من القول عنهما : أنه لا يبالي ؟ أليس منتهى الحماقة ونحن نعنى أكبر العناية بصغائر الأمور ألا نثير اهتمامنا بالمسألة الكبرى التي يتوقف عليها النعيم الأبدي أو الشقاء الأبدي ؟ ) … إنه لا بد من الاختيار ، والملحد هنا غبي عمليا لأن اختياره ( استهداف للجهة الأشد خطرا من حيث إنه استهداف للعذاب الأبدي )
· ‏والخطأ المنهجي الذي ارتكبه الفكر البشري منذ التحم بالفلسفة اليونانية والهيلينية هو أنه نقل العقيدة من بيئتها العملية كما كان حالها في فجر البشرية ، إلى بيئة العقل النظري الذي انتحر في خطوته الأخيرة مع فلسفة الشك.
والسؤال هنا :
إذا كان الأمر كذلك فكيف كانت بداية المنهج الإسلامي – على يد أستاذه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في طرحه للعقيدة وما بني عليها ؟
نقول :
لقد بدأ طرح المسألة عمليا في بداية الرسالة ، وذلك في طرح " الإنذار " يا أيها المدثر قم فأنذر" ( مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل جاء قومه فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني ، إني أنا النذير العريان . فصدقته طائفة فنجا ونجوا على مهلهم ، وكذبته طائفة فصبحهم الجيش فاجتاحهم ) ( يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ) وكذلك الأمر في رسالات الأنبياء السابقين ، جميعا من قبل ، وفي قصص الأنبياء عندما ربط القرآن بين إنذارين :
1. أحدهما عن الآخرة ،
2. والآخر عن حادث دنيوي : في حادث الطوفان في قوم نوح ، و حادث الناقة في ثمود قوم صالح وفيما حدث لعاد قوم هود بعد إنذار ، وغيرهم ، ليكون الإنذار الدنيوي نموذجا منهجيا للإنذار الأخروي
3. من حيث استبعاد العقل النظري واستدعاء العقل العملي بحكم الضرورة العملية : وجوهره انتفاء موقف اللاقرار
هذا المنطق العملي تمثل في قول علي رضي الله عنه لمن كان يشاغبه في أمر الآخرة ( إن كان الأمر كما قلتَ تخلصنا جميعا ، وإن كان كما قلتُ هلكتَ ونجوتُ )
· ‏وفي قول أبي العلاء المعري ( زعم المنجم والطبيب كليهما لا تحشر الأجساد قلت إليكمـــا
إن صح قولكما فلست بخاسـر أو صح قولي فالخسار عليكما )
وهو المنطق العملي الذي تمثل في أقوال كثيرين من أهل السنة والمعتزلة لا يتسع المقام لسردها وإن لم يلتفت إليها علم الكلام كثيرا ، لغلبة منطق العقل النظري ، الذي استورد من الفلسفة اليونانية لسوء الحظ.
ولا يعني هذا الإنذار إسقاط دافع التبشير ،
ولكنه يعني أن التبشير يمكن التخلص منه ببساطة :
· ‏إذ يقول لك المبشر – بتشديد الشين وفتحها - إليك عني لا أريد جنتك ،
· ‏بخلاف الإنذار إذ لا يملك المنذر – بفتح الذال - أن يقول : إليك عني لا أريد جهنمك
ولا يعني الإنذار أيضا أنه يفتقر إلى " اليقين " إذ هو يملك يقينا عمليا هو يقين النجاة ، مختلفا عن يقين العقل النظري التائه الذي ما إن يصل إلى يقينه حتى ينقلب على نفسه .
ولا يعني الإنذار استبعاد وسائل اليقين الأخرى ولكنها تأتي مشروطة به ، وتأتي تالية له : ن
فسيا وخلقيا وفكريا وعقليا وقلبيا و علميا إلخ
كذلك لا يعني الإنذار أن يتم التسليم له تلقائيا بدون شروط،
ولكنه يعني أن تكون شروطه من بيئتة أي بيئة العقل العملي ، وإلا انتكست القضية مرة أخرى ، وأهمها أربعة :
1. أولها : في طبيعة الإنذار ، بمعنى انه إذا تكاثرت الإنذارات كان للأكبر منها أن يلغي ما تحته ، والإنذار بجهنم هو الأكبر مطلقا .
2. الثاني : في مصدر الإنذار ، بمعنى أنه إذا جاءك الإنذار الكبير من منذر صغير سقط هذا الإنذار مهما يكن أمره لأنه لا يملكه ولو افتراضا ، وهنا يكون المصدر الأكبر هو الله تعالى .
3. الثالث : في مورد الإنذار ، وهو يعني أن يكون الإنذار موجها لمن يستطيع الاستجابة ، وهنا يأتي شرط " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"
4. الرابع : في حامل الإنذار ، وهو يعني أن يكون حامل الإنذار " مثلا أعلى " في تطبيق محتواه ، وهنا يأتي شخصية الرسول القدوة . بهذا تتم الشروط العملية للتسليم لمصدر الإنذار
هذه التسليمية ترجع بالإنسان إلى الانسجام مع الكون
إذ هي صفة الوعي الجوهرية التي تتصف بها المخلوقات من أدناها إلى أعلاها .
· ‏فهي من ناحية أولى تتلقى الأمر : " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" 82 يس
· ‏وهي من ناحية أخرى تستجيب بالسجود . ( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة ) 49 النحل
هذا التسليم يتعامل كونيا مع درجات الوعي المختلفة للمخلوقات ،
وهي درجات تتصاعد : من درجة الانقياد المحض ، إلى الإحساس ، إلى النزوع ، إلى الوجدان ، إلى الذاكرة ، إلى الذكاء ، إلى التعلم ، إلى الإرادة ، إلى الهدى ( سل الله الهدى والسداد ، واذكر بالهدى هدايتك الطريق ، واذكر بالسداد تسديدك السهم ) رواه الإمام مسلم في صحيحه
إنها جميعا ليست إلا درجات لهذا الوعي المتصاعد ،
ولكل مخلوق درجة من الوعي تناسب وظيفته كما أرادها الله ، وهو في حدود هذا الوجود الوظيفي يكون طائعا – أو ينبغي أن يكون طائعا ، حتى الكائنات التي تتمتع في مرحلة ما بالاختيار فإنها في اختيارها هذا - كالإنسان - خاضعة للخالق .
إن التسليمية إذن طبيعة أولى في المخلوق أولا ،
وبالتالي فهي طبيعة أولى في الإنسان : . فإذا لم يختر الإنسان من يسلم وجهه إليه الذي هو الله الخالق بوعي صادق وقع في التسليم لغير الله ، ولكن الإنسان في جميع الأحوال لا ينكر - أو بتعبير أدق لا يمكنه أن ينكر - على الخالق أنه المـُسلـَم له بحق .
و" الإسلام " يعني أن يكون المسلم مسلما نفسه لله في كل ما يأخذ ويدع ، وما يسكن فيه أو يتحرك ، وما يكبر عليه أو يصغر ، وما ينظم له أو يشرع ، وما يحيا له أو يموت
ومن هنا كان جوهر الشعور الديني هو الخضوع والتسليم ،
ولذا عرف جيتة التقوى بأنها التسليم فقال : ( إن في طهارة أرواحنا تجيش رغبة قوية حارة في أن نسلم أنفسنا مختارين طائعين يحدونا الحمد والشكر لموجود غير معلوم أعلى واطهر ، مفسرين لأنفسنا عن هذا الطريق : الأزليًَ الأبديًَ الذي لا اسم له ) اشبنجلر لعبد الرحمن بدوي ص 220 ، مع التحفظ على بعض كلماته .
هنا نجد دعاة النسبية يسلمون ،
1. لكنهم بدلا من أن يسلموا للأكبر الذي هو " الله " سبحانه وتعالى ، وأمره ونهيه وشرعه : أسلموها للذات الأنوية إن كانوا من فلاسفة النسبية الذاتية ( الفلسفة الوجودية ) ،
2. أو للزمن إن كانوا من فلاسفة النسبية التطورية
3. أو التاريخية أو للحزب إن كانوا من مسترزقي السياسة .
وهم في ذلك ليسوا إلا ورثة السوفسطائية القديمة اليونانية التي تعرض لها علماؤنا في تراثهم من قبل وأزهقوها نظريا وعمليا : تلقف الإلحاد المعاصر بقايا من فتاتها ورشوا عليها بعض المقبلات العصرية تحت مفهوم النسبية التطورية ، والنسبية التاريخية ، وكلاهما يجتمع في إطار استبدال مادة هذه الدنيا بالألوهية
.
والله أعلم

خليل حلاوجي
14-04-2006, 01:30 AM
لو أنصفنا

وألصقنا الاسم على المسمى

لهالنا

أننا نعيش في كنف دول علمانية

وألأن رفعت شعارات تضاد معها

السنا
ودراهمنا ربوية

السنا
واحوالنا الشخصية
كيفية

السنا
والطغاة
لايعترفون بمنطق الشوروية

السنا
ولسنا
ولسنا

ضع أي مسمى تختاره

المهم
أن نحتكم الى المنهج المحمدي المهيمن
للخلاص
والتجدد
وأعمار قلوبنا وترابنا بل والارض أجمع

جوتيار تمر
14-04-2006, 02:23 PM
ابو دعاء............
اننا اصبحنا نهاب التسميات...
المصطلحات..........اكثر ما نهاب من الافعال................
اننا نفتقد الفعل بالموجود.............
ولسنا نفتقد الاسلوب............
اقصد التسميات............
اننا في خوض معركة المصطلحات جاهزون...
لكننا للفعل بما في المصطلحات ناكرون...بعيدون...........
العلمانية...بصورها...بافعاله ا... حتى هم عنها بعيدون.............
لذا ليس العيب في التسميات...انما في اهل الشأن... وهم عن رغباتهم لايحيدون
تقديري لك ولكاتب المقال
جوتيار