مشاهدة النسخة كاملة : النجاح والرسوب يحتكمان إلى الدكتور سمير العمري
عطية العمري
17-04-2006, 11:56 AM
النجاح والرسوب يحتكمان إلى الدكتور سمير العمري
هممتُ ذات مساء بكتابة كلمة عن النجاح والرسوب ، وفيما كنتُ أشرع في الكتابة لمحتُ اثنين قادمَين ، ولمّا كانت هيئتهما متَّسِمةً بصفة الغرابة بالنسبة لي ، أوقفتُ الخيال بجِماح النظر والتحديق إليهما ، وبالخصوص كأنهما قاصدان إليَّ دون بقية الأنام .
أحدهما طويل القامة ، ضخم البنية ، مفتول العضلات ، كأنما هو بقيةٌ من قوم عاد !!
والآخر ، وما أدراك ما هو : رجل في منزلة بين المنزلتين .. كما تقول المعتزلة !! ليس فيه ما يلفت النظر ، إلا أنه يظهر للرائي بادئ الأمر أنه من قومٍ لمّا يُخلَقوا ، وإنما خِلقَتُهم شاغرة، كما في لغة الوظائف ؛ إذ ما سبق للتاريخ أن تبرع بوصفهم ، إلا في ألف ليلة وليلة ، وهو بعدُ مصدرٌ هام لإثبات تواريخ هؤلاء !!!
فلما قَرُبا مني ، انحنى العملاق العاديّ ( نسبة إلى قوم عاد ) انحناءةً تشبه انحناءة طائرة البوينج عندما تستعد لمصافحة الأرض . . ليصل أذن رفيقه الذي لا أعلم من صفته سوى أنه من قوم ما زالوا في كتمان الغيب . . ليقول له : أهو هذا ؟ وقد قالها فيما أحسب بصوت أخفض من صوت القلب حينما يتناجى مع المخ . . ولكنه مع ذلك ما كانت قولته في أذني إلا صوت مكبِّر في أصفى ما يكون ! لا لأن سمعي لا كالأسماع ، بل لأن صوت ذلك العملاق لا كالأصوات . فردَّ المجهول الغيبي : هو هو . . ولم أفهمها منه إلا بإشمامه لشفتيه، ولم أدرِ من أين للخبيث بالتجويد ؟!
فسلَّما ، فرددتُ ، فرحبتُ ، فجلسا . . ولمّا كان من عادتي أن لا أسأل القادم عن دوافع قدومه إلا إذا بدأ هو بطوعٍ من نفسه في الحديث عن أسباب مجيئه ، تريثتُ ، ريثما قدمتُ لهما شراباً ، وما إن أتى العملاق على نصيبه منه حتى رأيته متهيئاً للحديث ، فقلتُ : خيراً ؟
وهنا انبرى زميله فقال : جئنا إليك نختصم . . نطلب فتواكَ لا قِراك ! فقلتُ : هما لكما إذا شئتما ، فثنى العملاق عِطفَه ليقول : حسناً ، ولكن أرِنا منهما ما جئنا لأجله لنرى : أيُطمِعنا الخيرُ بالحسنى ، أما إذا انعكست الآية ، فلا هذا ولا ذاك . . وهنا أدركتُ أن هذا العملاق من فئة ذات مزاج ساخن . . فقلتُ : ما وراءكما ؟ قالا معاً : المسألة أنَّ . . وهنا قطعتُ عليهما الحديثَ قبل إتمامه ، وقلتُ : على رسلكما ، أحدكما فالآخر . . وهنا قال المُباين للعملاق : ذلك خير الحسنيين . فأذِنَ لصاحبه العملاق بالحديث ، فبدأ كأنما هو سيلٌ جارف . . قائلاً :
اسمي " النجاح بن فلان الفَوقيّ " ، وصديقي هذا اسمه " الرسوب بن مرسوب التحتي" . . ولمَّا كان فضلي أظهر ، ونوري أبهر ، وخيري أوقع وأجدر ، حاول هذا الطفيليُّ مشاركتي في سيما الخير ، بحكم ما بيننا من التلازم كالذي بين المبتدأ والخبر ، والفعل والفاعل ، والعدل والإسلام ، فحاول التطفل إلى خيري ، وبَزّي حقي ، فلما أبى إلا اللجاج والخصام . . دُلِلنا عليك لتحكم بيننا بما أراك الله ، فلا تكن للخائنين خصيمًا .
فاستغفرتُ الله ، وقلتُ للرسوب : ما عندك ؟
فأومأ بطرفه إلى نِدِّه ليقول له : أسمعُ جعجعةً ولا أرى طحنًا . . ما الخير الذي زعمتَه لنفسك ؟ أما آن لك أن تنزل من سمائك إلى أرضي ، فيذهب هديرك كما ذهب هدير بعض الظالمين ؟
بماذا تفضُلُني ؟ أبمعناك اللغوي أم بالاصطلاحي ؟ أم بِكُرةٍ ممرَّغةٍ في وحلٍ بينهما ؟ أم بقوتك وبدانتكَ التي أحسنَ وصفها حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه حين قال : "جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافيرِ " ؟ أم بوصف الباري لأشباهك ممن :" وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإن يقولوا تسمع لقولهم ، كأنهم خُشُبٌ مسنَّدة " ؟ فيا لك من مغرورٍ غرَّهُ هُزالي ، ورِقَّةُ حالي ، فظنَّ أنه كلُّ شيء ، وأنني كلُّ لا شيء !!
أعِدْ نظراً يا عبدَ قيسٍ لعلَّما أضاءت لكَ النارُ الحمارَ المقيدا
وعندما أنشد الرسوب البيت ، عيل صبر العملاق العاديِّ ، فعبس وبسر ، ثم أقبل وأدبر ، فأشار بكفه ، فكأنما الأشجار المركَّبة فيه ( الأصابع ) لا تكفي إحداها للإشارة !! فقال : لقد استنسر البُغات .. ألمثلي تقول هذا يا راسب بن مرسوب ؟؟!! أنا الذي سُهِرَ من أجلي ، وأعدَّ الآباءُ أبناءهم في استحصالي ، فواللهِ ما استعاذت الأمُّ على ابنها في دياجير الحوالك إلا منك ، ولا سألت ربَّها في السَّحَرِ لفلذة كبدها إلا إياي ، وما نيلت الرُّتَبُ إلا بي ، وما تعوقِدَ مع المعلمين في الأقطار النائية بباهظ الأجر إلا لأكون النتيجة في آخر العام .. ثم ، مَنْ علَّمكَ القول حتى تقول ؟ ومَنْ فرِحَ بكَ حتى تفرح بنفسك ؟
فلما وصل النجاح إلى هذا القول ، التفت الرسوب إليه التفاتة الساخر بما سمع ، ناظراً إليه نظرة مَنْ يؤمن بأنَّ الحقَّ بجانبه ، وأنَّ الخَطَلَ مع نِدِّهِ ، فقال : هذا قولكَ ، فما الشاهد عليه من التاريخ والواقع ؟ فلله نبراتُ صوتكَ ما أسهل انسياب الضلال من ثقوبها إلى مسامع الأبرياء الذين لم يتعوَّدوا إلا الحقَّ وسماعَهُ . قلتَ : إنهم فرحوا بك ؟! وهل كلُّ فرَحٍ يعتَبَر ؟! لكأنك من قوم قارون فتُرشَق بقوله تعالى : " إن الله لا يحب الفرِحين " . وهل معنى هذا الفرح إلا أنهم هضموا خمسة عشر كتاباً إن لم تزِدْ ، أقلُُّها صفحاتٍ ما حوى المائتين ، في تسعة أشهر على الأكثر ، ثلاثة أرباعها عطل . هنيئاً لك ولهؤلاء العلماء . . وإذا قرُبت الامتحانات ، خفقت القلوب ، ووجلت الأفئدة ، وسُهِر الليل ، وضُيِّعت فريضة الفجر ، ولا تسمعُ إلا همساً .
قال الراوي : فرفع النجاح عقيرته ليقول ويرُدّ ، ولكني لمَّا كنتُ غيرَ أهلٍ للحكم بين خصمين كهذين ، قطعتُ عليهما الحديث لأحيلهما على مليٍّ ، ومَنْ أحيل إلى مليٍّ احتال . وفعلاً أحلتهما إلى الدكتور سمير العمري ليسمع من الخصمين ويحكم بينهما . فأخذ النجاح بتلابيب الرسوب إلى أن وصلا إلى شارع الساحة ، فقلتُ الحمد لله على هذه الراحة .
عدنان أحمد البحيصي
17-04-2006, 06:04 PM
يااه
إبداع رائع يا أستاذ عطية
ذكرتني بالمقامات الهمدانية
ننتظر أخي د.سمير العمري
محمد الدسوقي
17-04-2006, 10:14 PM
أ - عطية العمري
الباطل ساعة ، والحق إلي أن تقوم الساعة .
وسيستمر الصراع ، ليعلم الله من يعبده على حرف ، ...
تحياتي ليراع مبدع
كن بخير
عطية العمري
18-04-2006, 12:11 PM
أخي الحبيب عدنان الإسلام
أخي الحبيب محمد الدسوقي
بارك الله فيكما على المرور والاهتمام
ودمتما بألف خير
د. سمير العمري
24-04-2006, 11:46 PM
قرأت هنا أسلوباً مميزاً جذاباً يعطي منهجية تربوية واضحة المعالم ، ويؤكد على قدرة أدبية في الكتابة لا أحسبك إلا تهملها يا أبا محمد.
سعدت والله بقراءة هذا الموضوع وأتمنى أن أجد مثله من إبداع يراعك دائما.
هما قد أتيا إلي وكان لي معهما واقعة ستصلك أخبارها بعد قليل.
تحياتي وأشواقي
:os::tree::os:
د. سمير العمري
24-04-2006, 11:47 PM
بَيْنَا كُنْتُ فِي الجَانِبِ الغَرْبِيِّ مِنَ الوَاحَةِ المُزْهِرَةِ أَنْحَنِي لأَغْرسَ فَسِيلَةَ فَضِيلَةٍ إِذْ بِجَلَبَةٍ تَنْبَعِثُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ ، وَلَغطٌ تَنفرُ مِنْهُ النَّفْسِ. الْتَفَتُّ مُسْتَنْكِرَاً إِلَى حَيْثُ رَأَيْتُ خَيَالَين شَاخِصَين يَحُثَّانَ الخُطَى نَحْوِي حَتَّى مَثَلا أَمَامِي.
أَمَّا الأَوَّلُ فَكَانَ طَوِيلَ القَامَةِ مُنْتَصِبَ الهَامَةِ ، شَامِخَ الجَبِينِ رَاسِخَ التَّكْوِينِ ، وَاضِحَ المَلامِحِ وَقُورَ الجَوَارِحِ ، حَسَنَ السَمْتِ قَوِيَّ الصَوْتِ ، ثَابِتَ النَظَرِ طَيِّبَ المَنْظَرِ ، وَاسِعَ الخَطْوَةِ ذَائِعَ السَّطْوَةِ. كَأَنِّي بِهِ قَدْ جَعَلَ الشُّمُوخَ إِزَارَهُ وَالكَوَاكِبَ دَارَهُ ، لا يَلْتَفِتُ إِلَى الوَرَاءِ بَلْ يُمْعِنُ النَّظَرَ فِي العَلاءِ ، تَرَى فِي وَجْهِهِ الإِبَاءَ وَالثِّقَةَ ، وَفِي كُنْهِهِ السَّنَاءَ وَالمِقَةَ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَحَقِيرَ الجِسْمِ ذَمِيمَ الرَّسْمِ ، زَائِغَ النَّظْرَةِ كَاذِبَ العَبْرَةِ ، مَغْلُولَ اليَدِ مَعْلُولَ القَدِ ، مُرْجِفَ الحَرْفِ مُرْتَجِفَ الطَرْفِ ، نَزِقَ العِبَارَةِ ، مُحِبَّاً لِلإِثَارَةِ ، مَعْسُولَ اللِسَانِ مَرِيرَ الجَنَانِ ، فِي قَوْلِهِ مُجَادَلَةٌ وَفِي فِعْْلِهِ مُخَاتَلَةٌ. إِذَا نَظَرْتَ إِلَيهِ أَصَابَكَ النُّفُورُ ، وَإِنْ أَمْعَنْتَ تَأَمُّلَ عَيْنَيهِ رَأَيتَ فِيهِمَا نَظْرَاتِ زُورٍ.
نَفَضتُ يَدِي منْ تُرَابِ العَمَلِ ، وَأَقْبَلتُ عَلَيهمَا مُرَحِبَاً بِلا مَلَلٍ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ بَاسِقَةٍ فِي فِرْدَوسِ الوَاحَةِ. فَلَمَّا أَنْ طَعِمَا وَشَرِبَا وَذَهَبَ مَا كَانَ بِهِمَا مِنْ وَعثَاءِ السَّفَرِ قُلتُ:
- أَلا عَرَّفْتُما مَنْ أَنْتُمَا ، وَمَا شَأَنُكُمَا؟
أَخَذَ الكَبِيرُ الجِسْمِ فِيهمَا نَفَسَاً عَمِيقَاً لِيَبْدَاَ الحَدِيثَ فَإِذَا بِالحَقِيرِ الجِسْمِ يَسْبقُهُ بِنَبْرَةٍ حَادَّةٍ وَمُزَاحَمةٍ مُتَعمَدةٍ فَقَالَ:
- أَمَّا أَنَا فَإِنَّني بِكُلِّ فَخْرٍ "الرُّسُوبُ بنُ مَرْسُوبٍ التَّحْتِيِّ" مِنْ قَوْمٍ يَهْتَمُونَ بِأَقْدَارِهِمْ وَيحْتَالونَ لِمَصالِحِهمْ فَهُمْ فِي هَذَا أَلَحُّ مِنْ ذُبَابَةٍ ، لا يَكُفُّونَ لِنَيْلِ ذَلِكَ عَنِ العَمَلِ مَهْمَا تَوَاضَعَتِ السُّبُلِ ؛ فَالغََايَةُ عِنْدَهُمْ تُبَرِّرُ الوَسِيلَةَ ، وَيَرْكَبُونَ لِتَحْقِيقِ مَأْرَبِهِمْ كُلَّ حِيْلَة.
الْتَفَتُّ بِهُدُوءٍ إِلَى الضَّيفِ الآخَرِ الذِي كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الأَمَامِ وَإِلى الأَعْلَى وَفِي وَجْهِهِ طَلاقَةٌ وَسَأَلْتُهُ:
- وَأَنْتَ؟؟
- أَنَا أَيُّهَا الكَرِيمِ "النَّجَاحُ بنُ فُلانٍ الفَوْقِيِّ" مِنْ قَوْمِ ....
قَاطَعَهُ الرُّسُوبُ بِحِدَّةٍ:
- وَمَا شَأْنُنَا بِقَومِكَ وَأَصلِكَ وَفَصْلِكَ؟؟ إِنَّهُ يُدْعَى النَّجَاحَ يَا سَيِّدِي ..
قَالَهَا بِبُغْضٍ ظَاهِرٍ وَأَرْدَفَ:
- دَعْنَا نَدْخُلُ فِي صُلْبِ مَا أَتَيْنَا لأَجْلِهِ فَلا نَنْشَغِلُ بِتَبَاهِي هَذَا المَغْرُورِ. قَدْ أَتَينَا إِلَيكَ أيُّهَا الرَّجُلُ الحَكِيم وَالكَرِيمُ وَالحَلِيمُ لِكَي ...
قَاطَعْتُهُ بِرِفْقٍ وَحَزْمٍ:
- لا تَنْشِغَلْ فِي كَيلِ كَلِمَاتِ المَدِيحِ لِي فَلَسْتُ مِمَّنْ يطْرَبُ لِذَلِكَ. وَقَدْ أَخَذْتَ حَقّكَ وَوَقْتَكَ لِتَقولَ عَنْ نِفسِكَ مَا تَشَاءُ ، فَكَيفَ تُصَادِرُ حَقَّهُ فِي أَنْ يُقَدِّمَ نَفْسَهُ بِمَا يَشَاءُ؟؟ ثُمَّ كَيفَ تُصْدِرُ عَلَيهِ حُكْمَاً بِالغُرُورِ وَالتَّبَاهِي وَهُوَ الذِي لَمْ يَفْعَلْ مَا قُلْتَ؟؟
رَدَّ الرُّسُوبُ مُحْتَدَّاً وَكَأَنَّمَا أَزْعَجَهُ قَولِي:
- بَلْ هُوَ مَغرُورٌ مَتَكَبِّرٌ. أَلا تَرَاهُ كَيْفَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فِي شَمَمٍ، وَيَتَحدَّثُ بِنَبرةٍ وَاثِقةٍ؟ أَلا تَرَاهُ كَيفَ ...
قَطَعْتَهُ بِهُدُوءٍ مُلْتَفِتاً عَنْهُ إِلى النَّجَاحِ وَقُلتُ لَه:
- أَكْمِلْ حَدِيثَكَ أَيُّهَا الضَّيفُ. مَنْ هُمْ قَومُكَ؟
- لا يَهُمُّ أَيُّهَا الكَرِيمُ ، قَومِي الكِرَامُ ، وَلكِنْ يَكْفِينِي فَخَرَاً أَنْ أَكُونَ نَفْسِي بِمَا أَنْجَزْتُ وَقَدَّمْتُ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ.
قَاطَعَهُ الرُّسُوبُ وَهْوُ يَتَقَافَزُ غَضَبَاً:
- أَرَأَيتَ؟؟ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إنَّهُ مَغْرُورٌ مُتَكَبِّرٌ ؛ لا يَرَى في الكَونِ غَيرَ نَفسِهِ وَيَشعُرُ بِأَنَّه أَكْبرُ مِنَ الآخَرِينَ. هَا أَنتَ تَرَى وَتَسْمَعُ مَا يُؤَكِدُ قَوْلِي وَأَسُوقهُ دَلِيلاً عَلَيهِ.
تَبَّسَمَ النَّجَاحُ في ثِقَةٍ مُسْتَأذِنَاً فِي الرَّدِّ عَلَيهِ:
- سُبحَانَ الله كَيفَ يَرَى هَذَا الرُّسُوبُ ثِقتِي بِقُدرَتِي وَاحتِفَالي بِحَصَادِ غَرْسِي غُرُورَاً وَتَكَبُّراً! هَلْ كَانَ إِلاهُ مَنْ يَدَّعِي بِغرُورِهِ أَنَّنِي أَرَى نَفْسِي أَكبرَ مِنْ كُلِّ مَنْ حَولِي؟؟ أَنَا لا رَيب أَشْعرُ بِي أَكبَر مِنْ قَدْرِ هَذَا الرُّسُوبِ كَثِيراً وَأَعظَم مِنْ دَوْرِهِ ، وَلَكِنَّنِي أَرَى فِي ابنِ عَمِّي "النَّجَاحِ بنِ عِلانٍ الفَوقِيِّ" نِدَّاً وَصِنْوَاً ، وَأَرَى فِي جَارِنَا "التَّفُوّقِ بنِ المُثَابَرَةِ الرَّاقِي" مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنِّي مَقَامَاً وَأَكبرَ قَدْرَا. هَكَذَا أَرَى الحَيَاةَ دَرَجَاتٍ كَمَا أَرَادَهَا اللهُ تَعَالى بَينَ مَخْلوقَاتِهِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ:
(لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً)
وقال تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
ويقول تعالى:
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)
بل إن الله تعالى قد فضل الرسل بعضهم على بعض كما أخبر الحق تعالى:
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)
نعم ، قد خلقنا الله سواسية ولكنه تعالى أمرنا بالعمل وهدانا سبل الصواب وجعل بيننا للتفاضل أسباباً من حازها فقد علا ، ومن قصر عنها فقد خاب واندثر.
أخذني بيانه وهو يتحدث في ثقة وثبات لا تردد منه ولا التفات ، وبهرني بقوة حجته بكلام من لا يرد له قول ولا يطعن في حكمه عدل ، فقسرت عيني عنه إلى الضيف الآخر الذي بات كأنما تخطفه الطير أو هوت الريح به من مكان سحيق ينظر حوله مطأطئ الرأس حائر الرأي زائغ النظرات حتى إذا رأي عيوني تستحث رده بلع ريقه وقال:
- أيظن هذا المغرور المتكبر أنه من يستدل بالقرآن؟ أنا سأدلك على آية تخبرك بأن مثله مغرور بضخامة جسمه ووسامة رسمه وخصيب وسمه ، ومتفاخر بعذب بيانه وفصاحة لسانه. يقول الله:
(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)
ثم رفع رأسه المغبر في خيلاء وهو يقول:
- ما نزلت الآية إلا في أمثاله وقد حذرك الله من أمثاله فهو عدو يجب الحذر منه والابتعاد عنه ، ولا أحسب صمته هذا إلا عجزاً عن دفع هذا الأمر عنه وقد ثبتت عليه الحجة وقام الدليل.
وكأن الرسوب قد حقق الأمر وأوضع له القدر ، فكأني بجسده القزم قد تورم انتشاء وتعملق ازدراء لمقام خصمه الذي كان ينظر إليه في صمت وهدوء.
قلت:
- هل أنت منهم حقاً؟؟
تبسم ضاحكاً وقال:
- كلا أيها السيد ، وإنما هو دأب هذا الرسوب وأمثاله المخاتلة والمجادلة ، يهرفون بما لا يعرفون ، ويظلمون ولا يعترفون. أما قول الله في الآية التي ساقها فإنما تصيبه هو وأمثاله من أهل الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق. أما مثلي من أهل البناء وعمارة الأرض ، ومن أصحاب الهمة والذمة فإنما قال الله تعالى فينا:
(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:247)
فكان هذا الجسم الكبير والعلم الغزير والجهد الوفير هو سبب اصطفاء للملك والتفضيل في القدر. أيها الكريم: لا يولد القدر إلا من رحم القدرة ، ولا يتقدم في الأمة إلا صاحب الهمة والذمة ، هكذا أراد الله ناموس الحياة لعمارة الأرض.
قاطعه الرسوب محتداً:
- فهل إن حباك الله بسطة في الجسم وسعة في العلم وعدل في الحكم تفرح وتفتخر كقارون الذي من قوم موسى إذ فرح بما آتاه الله وتاه على قومه حتى خسفه الله ووأد أثره. لو كان لي مثلك لكنت أكثر منك فلاحاً وأعظم صلاحاً وإصلاحا.
تبسم النجاح ضاحكاً من قوله وقال:
- ذلك من فضل ربي علي أحمده تعالى. خلقني ووهبني كل نعمة لا أفي شكرها لو قضيت العمر له ساجداً ، وإنما بالجهد تتنافس الهمم ، وبالشكر تدوم النعم. أما بسطة الجسم فكانت لك كما لي ولكني حفظت جسمي عن أذى الضلال ، وزكيته بالصلاة والصيام والمال الحلال ، وجعلته آية لله تتحدث عن عظيم خلقه ومعنى عبادته ، وقيمة العمل تقرباً وتعبدا. وأنت رتعت بجسمك في موارد الغي ، واكتفيت من العبادة بالهوى ، وانشغلت عن العمل بالنميمة والشتيمة وازدريت كل فضيلة وقيمة. وأما العلم فقد سهرت الليالي في تحصيله ، وركبت المعالي في تأويله ، وطهرته وحفظته بأن بذلته بصدق وحرص لكل طالب له وكل محتاج إليه لا أكتمه ولا أظلمه. أما أنت فسهرت الليالي في المجون ، واللهو والظنون ، وجعلت الأماني سبيل المعالي فكنت كحالم يرى أن مكانه القمر ليجد نفسه حين يصحو قابعاً في وكر الثعالب يبحث عن حيلة ليوقع الليث الهصور. وأما الحكم فقد تحريت فيه الصدق واتبعت منهج الحق فجعلت رضا الله غايتي ورضا الناس أمنيتي ؛ أنصف الحق وإن أصابني ، وأمقت الظلم وإن أفادني. أما أنت فاحتكمت دوماً لما يوافق هواك ويخدم صالحك ، واحتلت في هذا الأمر بكل كذب وزور ، وتنميق وتلفيق حتى بات العدل عندك جوراً والجور عدلاً ، والحق باطلاً ، والباطل حقاً ؛ لا يعنيك من هذا كله إلا أن تكون أنت صاحب الغنيمة ولو سلكت لها كل الطرق الوضيعة واللئيمة.
هم الرسوب بالرد عليه وقد غلت وجهه غمامة من سخرية حاقدة فأسرعت لأسال:
- هلا هدأتما وأخبرتماني ما شأنكما وماذا تريدان مني؟
أسرع الرسوب يقول بحنق وبامتعاض:
- إنما جئتك أشتكي غرور هذا النجاح وتعاليه ، وتضخم الأنا فيه ، وكنت أتوقع أن تنتصر لي منه وترى أنني أحق منه بالاهتمام والاحترام لأنني متواضع ولا أتفاخر ، وما أحببت أن تركت له المجال ليقول لك كل ما قال.
قلت:
- وأنت أيها النجاح ماذا تقول؟
- أقول بأننا جئناك لتكون علينا حكماً وقد أنشب هذا الرسوب أظفاره في أقدامي يحاول أن يشدني إلى حيث يقبع في القاع يريد أن يصعد على أكتافي بدل أن يجتهد في تسلق سفوح الصعاب وبذل الجهد لنيل المطالب. كنا قصدنا كريماً ممن يشيد بحكمته وحنكته الأنام فلما أن عيل صبره من جدل هذا الرسوب ومكابرته أرشدنا إليك لنحصد الإنصاف على يديك.
- أهلاً بكما ومرحباً ، وأسأل ربي أن أحكم بينكما بما يرضيه ويرفع راية الحق. إنني ممن لا يحكم إلا بعد أن يسمع للخصوم.
رد النجاح بأدب:
- الرسوب ليس خصمي وليس ندي ، وإنما هو علة أرجو من آفتها البرء فهل أجد عندك الدواء؟؟
أربد الرسوب وأزبد ، وقام وقعد وصرخ في وجهه:
- بل خصمك وعدوك أيها المتوهم قدره المتجبر أمره.
ثم التفت إلي وقد رسم ابتسامة غير صافية بشكل مفاجئ وقد لمعت في طرفه نظرة ابتذال وأردف غامزاً:
- ولكن هذا السيد الكريم ، الراشد الحكيم سيحكم بيننا وسترى بأنه سيحكم لي كي يثبت بأنه ذو رأي فأنا قادر على أن أذيع له صيتاً حسناً بين الناس فيشتهر ويكون أمره إلى خير.
أنا يا سيدي الفاضل لا أطيق أن أرى هذا النجاح وقد سد الآفاق ، ولوى إليه الأعناق ، وسبق بالأرزاق ، وأسعد الأذواق ، حتى بات الكل إليه تواقاً ، وبمدحه مغداقاً ، ولأمره منساقاً. لقد سرق مني مكاني حتى غدوت تحت الأقدام تدوسني دون أن تلتفت إلي باعتذار ، وتلوكني الألسن في كل درب ودار. هذا النجاح أرق ليلي ، وشوش عقلي ، وقهرني وأهلي. أستنكر منه هذا الغرور الذي يملؤه ، وهذا العمل الذي يكلؤه حتى إنه ليظن نفسه وحيد زمانه ، ونعمة الله على عباده ، وكأنني أنا لا قيمة لي ولا اعتبار ، ولا قرط لي ولا سوار. أيرضيك هذا الظلم الذي أوقعه علي هذا النجاح حتى يصيبني بالهم كل صباح ، ويقلبني ما بين ناقد ولاحٍ؟
استمعت إليه بإنصات ثم أومأت برأسي والتفت إلى النجاح
- فماذا تقول أيها النجاح؟
انتصب النجاح في جلسته ليقدم كلمته وحجته فإذا بالرسوب يقاطع بحدة وتبرم:
- يا سيدي ، وهل نحتاج منه إلى قول وقد قال فأطال وما أحسبه يجيبك إلى سؤال إلا من لسان الضلال.
قاطعته وقد رأيت منه ما لا يجوز من مصادرة الرأي واستلاب الحق:
- صه ، فإن له حقاً أن يسمع له وأن يقول ما يريد كما فعلت ، ولا يحق لك أن تكون خصماً وحكماً فتصدر الأحكام وتأمل مني أن أوافقها دون منطق أو دليل. هيا أيها النجاح قل ما ترى.
- أيها السيد ، لا قول عندي فالفعل يكفيني ، والبذل يغنيني. أنا الذي بنى الأمم ، واستحث الهمم ، وعشق القمم. تأنف نفسي الرذيلة وتسمو إلى الفضيلة ، وتعاف نفسي الضعة وتسمق بالتواضع ، مللت جهد لساني ، وأملت جهد ذراعي وبناني ، لا أرتضي بالذل ولا أشعر بالغل ، أثق في ربي وأعرف بالحق دربي ، وأثق بنفسي وأحمل سيفي وترسي ، لا أنشغل بالأحقاد ولا ألتفت لمن يضع في الخلال ويرجو لي سوء المآل ، لا أسعى للأضواء ولا أبتغي شهرة ولكنهما على آثاري بإصرار وإكبار تسعيان. أنا من يعيش في حلم كل إنسان ولا أعيش إلا في إنسان كل حلم ، وكل صاحب الصدق والبذل والمثابرة ، وأترفع عن حقد أهل الحقد والعذل والمهاترة.
الرسوب يراني عدوه ويحقد علي ، ويقضي وقته منشغلاً بي وأجدر به أن يلتفت إلى نفسه ويهتم بأمره ليحقق ما يريد من رفعة بالعمل الحثيث لا بالمكر الخبيث. أنا حقاً أشفق عليه من غول نفسه وأحقاد قلبه فالحقد داء يقتل صاحبه.
ابتسمت مستريحاً إلى قرار رأيته منصفاً وحكم حسمته عادلاً فقلت مستعيناً بالله:
- قد اشتغلت أيها النجاح بالبناء والنماء ، وعملت بجهد ورجاء ، وما احتفلت سوى بالعطاء فأدركت بهذا العلاء ، وكان في حلمك وعلمك الدواء فلا تهن ولا تحزن وأنت الأعلى.
أما أنت أيها الرسوب فقد انشغلت بغيرك ونسيت أمر نفسك ، يدفعك الحقد لتمج عذب نبعه ، وتعكر صفو دربه ، تحفر له الحفر ليقع فيها فتشعر بوقوعه انتصارك ، وتدرك في اضطرابه قرارك. لولا اشتغلت بما يرفعك ، وترفعت عما يضعك ، فاجعل بالحب مدرجك ، وبالعدل منهجك ، وبالفضل بين الناس مخرجك ، فليس أقتل للنفس من حقد يعض ، وظلم يغض، ولأواء تقض ، وعداء يستفحل.
فما إن انتهيت من حكمي حتى هاج الرسوب وماج ولوى عطفه مولياً والتفت التفاتة أخيرة ليقول:
- لا أقبل بحكمك فقد خاتلت به وجاملت ، أنا صاحب الحق ولن أجعل هذا النجاح يسحقني في كل مرة ، ولا أرى إلا أن قدري أن أكون عدو هذا النجاح.
نَظَرْتُ إِلى النَّجَاحِ فَرَأَيْتُهُ يَبْتَسِمُ في هُدُوءٍ وَرُسُوخٍ وَيَنظُرُ للأُفُقِ المُوغِلِ فِي الرُّقِي ، وَإِذْ بِالرُّسُوبِ يَعُودُ مُغْتَاظاً لِيَرشُقَ النَّجَاحِ بِحَجَرٍ أَصَابَ إِصْبعَ قَدَمِهِ فَسَالَتْ مِنْهَا قَطْرَةُ دَمٍ وَاحِدَةٌ.
وَمِنْ تَلكَ القَطْرَة نَبَتَتْ فِي الأَرْضِ زَهْرَةٌ.
تحياتي
:os::tree::os:
عطية العمري
25-04-2006, 01:21 PM
ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله
قطعة فنية رائعة
وحكم عادل
وقولة صدق ، لا تأخذك في الحق لومة لائم
بارك الله فيك ودمت بألف خير يا أبا حسام
نسيبة بنت كعب
25-04-2006, 04:51 PM
نظرت إلى النجاح فرأيته يبتسم في هدوء ورسوخ وينظر للأفق الموغل في الرقي ، وإذ بالرسوب يعود مغتاظاً ليرشق النجاح بحجر أصاب إصبع قدمه
فسالت منها قطرة دم واحدة.ومن تلك القطرة نبتت في الأرض زهرة
.
رااائعة بكل المقاييس :v1:
قطعة ادبية فاخرة تضاف الى رصيدك الهادف والفكر السامق
تذكرنى بالنحلة والدبور
النص المحدد بالأحمر له الف والف مغزى - احتفظ به لنفسى
دمت فى رفعة وارتقاء اخى الكريم
أقترح ادراجها فى حصاد الواحة لهذا الأسبوع
صادق تقديرى للشاعر الأديب / د. سمير العمرى
كما اشكر استاذ عطية العمرى صاحب الرسالة و الذى اوحى لدكتور سمير بالفكرة فأخرجوا لنا هذا العمل الراقى .
وادعو اختى عبير النحاس لترجمة القصة الى حكاية مصورة هادفة على واحة ادب الطفل لما فيها من نفع وعبر !
أم محمد العمري
25-04-2006, 06:43 PM
كلام جميل ومغاير لما اعتدنا عليه من صراع بين الحق والباطل
بارك الله في حسناتكما وابقاكما ذخرا للعائلة وللوطن
وتذكرت هنا حوارا دار يوما بين الحق والباطل هذا نصه
تمشى الباطل يوما مع الحق
فقال الباطل : أنا أعلى منك رأسا .
قال الحق : أنا أثبت منك قدما .
قال الباطل : أنا أقوى منك .
قال الحق : أنا أبقى منك .
قال الباطل : أنا معى الأقوياء والمترفون .
قال الحق: قال الله تعالي
(وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون الا بأنفسهم
وما يشعرون ).
قال الباطل : أستطيع أن أقتلك الآن .
قال الحق : ولكن أولادي سيقتلونك ولو بعد حين.
عطية العمري
26-04-2006, 12:40 PM
شكراً أخت نسيبة بنت كعب
واقتراحاتك جيدة
أرجو أن تجد طريقها للتنفيذ
ودمت بألف خير
عطية العمري
26-04-2006, 12:47 PM
ابنتي العزيزة أم محمد العمري
بارك الله فيك على الاهتمام وعلى إثراء الموضوع بهذه الأفكار الجميلة
وآمُل أن يكون هذا الموضوع حافزاً للجميع لإظهار إبداعاتهم وإبراز كتاباتهم
ودمت بألف خير
عطية العمري
19-03-2016, 08:20 AM
مناظرة بين النجاح والفشل ،،،، وأنت الحكم
النجاح : أنا سر سعادة الإنسان
الفشل: ومن قال أن النجاح سر السعادة ، فنحن نعرف أن السعادة شعور داخلي قد يكون النجاح من أحد عوامله ، ولكن كم من ناجحين تعساء !!!
النجاح : أنا سبب تقدم البشرية
الفشل : وهل تقدمت البشرية ابتداء ، أم تعلمت من الفشل لتتقدم ؟
النجاح : لا تتشدق أيها الفشل ، فأنت سبب الإحباط ، واليأس ، والحزن
الفشل : مهلا أيها النجاح ، قد يكون قولك صحيحا ً عند البعض ( وهؤلاء هم المهزومون من الداخل ) ولست أنا سبب إحباطهم أو يأسهم أو حزنهم
بل أنا سبب نجاح الكثيرين ، فلولا أنهم تعلموا من الفشل لما نجحوا
النجاح : أراك تمجد نفسك ، وكأن الفشل نعمة
الفشل : نعم هو نعمة لو اتخذها الإنسان سلما ليصعد به للقمم
نعم هو نعمة لو صبر واحتسب ، ثم واصل طريقه مستفيدا من الخبرات التي تعلمها من الفشل
النجاح : الله ، الله ، كم تجيد التسويق لنفسك أيها الفشل
الفشل : كأني اشتم رائحة السخرية من قولك ، يكفي أنك أيها النجاح سبب وقوع الكثيرين في الغرور والكبر
النجاح : لا ..لا.. لا ، انتبه لألفاظك ، ولا تتجاوز بكلماتك أيها الفشل
لن يتكبر الناجح الحقيقي ، بل يتكبر الفاشل الذي يغطي فشله أو نقصه
الفشل : عن أي تجاوز تتحدث ، وأنت سيد المتجاوزين
أنت : مهلا مهلاً أيها النجاح ، وأيها الفشل ، بدا لي أنكما صرتما في الاتجاه المعاكس
ولذا يتوجب علي أن أكون الفيصل القاسم بينكما
أنت : بعد أن التقطتم أنفاسكم ، وقيـّـم كل واحد منكم كل ما قيل في الجلسة السابقة ، دعوني أسمع ما لديكم
النجاح : أعترف أن المرارة التي يسببها الفشل هو أحد أبرز عوامل النجاح
الفشل : وأنا أعترف بدوري أني دوما أغبطك ، وبصراحة أغار منك أحيانا لما تحققه للبشرية من منافع
النجاح : ولكني بصراحة أقول :
لم أكن لأقدم تلك المنافع للبشرية لولا التجريب ، والخطأ والصواب
ألم يقم أديسون بتنفيذ 898 تجربة ( فاشلة إن جاز التعبير) قادت إلى اكتشاف الكهرباء
الفشل : وأنا أقول : طعمك أيها النجاح ألذ من طعمي المر:p
النجاح : وهل كان الإنسان سيعرف مدى لذة النجاح لولا أنه تذوق مرارة الفشل
أي أنك سبب إحساس الإنسان بحلاوتي
الفشل: أعترف أنك من أحد أهم مصادر السعادة
النجاح : وأنا اقول أن الحرمان من بعض الأمور التي نرغب بها ، جزء لا يتجزأ من السعادة
أنت : الله ، الله ، صرت أسمع دررا منكما أيها الإخوة الأعزاء
الحكم النهائي
حكمت المحكمة حضوريا على كل من الفشل والنجاح بـ ( البراءة من كل جملة سيئة قيلت في حقهما ، مع إثبات كل جملة إيجابية قيلت عن كل منهما )
" الفشل والنجاح كلاهما أمر مطلوب في حياة البشر ، وكلاهما مفيد للبشر متى أحسن الإنسان الاستفادة منهما
ولن يوجد النجاح ما لم يوجد الفشل
ولولا النجاح لدمر الفشل البشرية
عندما تتحطم بعض أحلامنا ، وحينما نفشل في صعود درجات سلم النجاح وسلم الحياة
وعندما نشاهد آمالنا وقدر ذرتها الرياح فصارت سرابا " يحسبه الظمآن ماء " ، حينها يتحتم علينا ألا نستسلم ، ولا ننكسر، فليس الفشل سوى أول طريق النجاح"
باختصار :
أنت وحدك ( وليس أحد ٌ سواك ) من يجعل الفشل فشلا ، ومن يجعله سلما نحو النجاح
أنت : صديقاي العزيزان ( النجاح والفشل )
تركتم تقولون ما تشاؤون ، وآن لي أن أتكلم
وبالطبع ليس بوسعكم سوى الانصات ( دعوني أكن دكتاتورية لبعض الوقت ) ثم لكم أن تناقشوا ما قلته لكم لو كان لكم أي تعقيب لاحقا
وبالطبع يمكن لأي قارىء لديه أي تعقيب أن يساهم فيما كتبته
لحظة من الصمت
أنت : اعلما ياصديقاي العزيزان أنه :
1- يتوقف ارتقاء الرجل أو سقوطه ، نجاحه أو فشله ، سعادته أو تعاسته على موقفه من الأمور . إن موقف الرجل هو الذي يخلق الوضع الذي يتخيله .......محمد على كلاي.
2- تصل الى ذروة النجاح حالما تصبح غير مهتما بالمال والمديح والدعاية ... دكتور باتيستا
3- جعل النجاح رجالا كثيرين أشخاص فاشلين في حياتهم الخاصة ... سندي أدامز
لا شيء يتقهقر ويتراجع كالنجاح .... بريان فوربز
4- لو كان حاضرك جميلا ، فاعلم أنه ثمرة تجارب وفشل الماضي.... سعاد نظر بخاري
النجاح والفشل : سمعنا لك كثييييييييييرا وآن لنا أن نتكلم
أنت : تفضلوا
النجاح والفشل بصوت واحد : الحقيقية أنه لا النجاح ولا الفشل مسئولان عما أنت فيه الآن سواء كنت ناجحا أو فاشلا
أنت ثم أنت ثم أنت سبب ما أنت عليه الآن مهما كان حالك الراهن
وأنت ثم أنت ثم أنت مسئول عما ستكون عليه مستقبلا
فلاتتهرب أيها الإنسان من مسئوليتك وتحملنا تبعية ما وصلت له
ومسك الختام تذكيرنا لك
" إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
ميسون المدهون
16-10-2020, 01:01 PM
سيبقى الصراع قائماً أبد الدهر ما دام الإنسان يراوح بين العمل و الاستكانة..
ليتنا درسنا في مقرراتنا ذات صبا مثل هذه النصوص المسبوكة بحرفية و جمال يترك أثرا في النفس لا ينسى!
كل التقدير لكم أساتذتنا الفضلاء..
استمتعت جداً..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir