المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفحولة حين تتحول لأحد مقاييس الأدب العربي



مهند صلاحات
03-05-2006, 06:04 AM
الفحولة حين تتحول لأحد مقاييس الأدب العربي


لم يزل حتى اللحظة المجتمع العربي رغم دخوله اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً وثقافياً وأدبياً مراحل متقدمة من الحداثة، وما بعد الحداثة، إلا أن العقل العربي لم ينضج حتى الآن النضوج الكافي الذي يوحي بأنه قد خرج عن نطاق التراث الشرقي السابق، فنراه يدخل مرحلة ما بعد الحداثة في المسرح العربي، ولكنه يعجز عن كسر قيود التطرف الاجتماعي في تعاطيه مع العرض المسرحي أو النص الشعري أو غيره، فلم تزل المرأة العربية مهددة أمام الممارسات التي قد تصح تسميتها بالبهائمية، أو النظرة الدونية لها لأن التصنيف لم يزل إياه منذ النشأة الأولى للمجتمعات البدائية التي اعتمدت التقسيم على أساس الجنس، ولأن المقياس بلحظتها كان يعتمد على من يمتلك القوة العضلية، من هو قادر على الصيد، والقادر على حماية القبيلة، ولكن حتى مع تلاشي مقاييس القوة لم يزل تراث الأجداد يحتل حيز العقل الرجولي العربي، ولم تزل نظرته وممارساته وربما أدبه في بعض الأحيان يُشعر المرأة بعدم الأمان، وبالتمييز العنصري على أساس الجنس.
في المقابل نجد ردة الفعل في مقابل هذا الكبت الغريب والتكتل ضد المرأة وأمام صعودها ومحاولاتها كسر قيودها يأخذ أشكالاً أكثر غرابة، فظهور دعاة التعري من ناحية كرد فعل على ظاهرة التغطي كاملة والتي تُمارس ضد المرأة لم تختلف كثيراً، فكلاهما أيضاً ضد المرأة.

فهذا يرى أن المرأة هي كتلة من الخطايا، أو أنها عارٌ عليه كرجل لا يجب أن يراهُ الناس لذلك يغطيها من رأسها حتى أخمص قدميها، ويخجل حتى في ذكر أسمها، بينما الأخر لا يرى من المرأة أو لا يريد أن يرى منها سوى الصدر المكشوف، والجسد العاري.

كلاهما لا يريد أن يرى امرأة أو إنسان، فنجد المرأة العربية قد وقعت ضحية جدلية الاثنان، سواء من يريد أن يوشحها بالسواد طيلة حياتها، أو الذي يريد أن تكشف عن صدرها لأنها إن لم تفعل فهي لم تزل تغرق في تخلفها.

كلاهما غارق في تطرفه، ولكنهما في غياهب هذا التطرف لا يريدان كيان امرأة، فكلاهما لم يخرج عن نطاق البحث في مسالة الجسد وتفاصيله فقط، لذلك جدلهما لم يزل حول تعرية أو تغطية الجسد فقط.
فعلا جدل غريب لا نجده إلا في المجتمع الشرقي، بينما اختفى قديماً من مجتمعات أوروبا القديمة، والسؤال: لماذا على المرأة أن تغطي وجهها وتكتم أنفاسها ولا يغض الرجل بصره، ويضبط معايير شهوته التي تقوده بدلاً من عقله؟

ولماذا إذا المرأة غطت وجهها ولبست الكفن الأسود ينعتها بالرجعية والمتخلفة ؟ وإذا خلعت ملابسها حتى ترضي رغباته وشهواته ينعتها بالخائنة أو العاهرة أو الشاذة ؟
لماذا لا يفكر للحظة واحدة بالتعامل معها كإنسان له كيان وكرامة وقيمة، واستقلالية كامنة في كونها إنسان قبل أن تكون جسد ؟ وهل الحل في أن نعيد صياغة المجتمع العربي على أسس رجولي فقط فنعيد تجديد فكرة وأدها في التراب للتخلص من الجدل حولها ؟.

مشكلة الشرقي ليست في لباس المرأة وزيها، لكن مشكلته في ذات المرأة لكونها امرأة وكأنها العبء الوحيد في هذا الكون عليه، وكأنه لم يعش تاريخ هزائم في حياته جلبها هو لنفسه ولأطفاله وللنساء في مجتمعه عبر تسلمه منفرداً دفة القيادة السياسية العربية.

المشكلة حقيقة هي مشكلة اجتماعية تربوية بالدرجة الأولى، وفي شرخ ضخم في التنشئة الاجتماعية العربية يبدأ من الطفولة، ومن سياسة الفصل العنصري بين الأطفال منذ الولادة في التمييز ما بين ذكر وأنثى.

على الرغم من كل ما ذكرناه سابقاً، نجد أن المشكلة قد تكون أكثر ضخامة إذا ما حاولنا فقط النظر لصورة المرأة في الأدب الشرقي، وأن ينقل العربي معتقداته ونظرته وأفكاره ويترجمها لأدب بكل أجناسه من مسرح، ورواية، وقصة، وقصيدة، ومثال ذلك أحد القصائد التي احتوت على كثير من السخافات، والكثير من الاستعراضات الشرقية بالفحولة العربية، والسادية في التعاطي مع العاطفة تجاه المرأة لشاعر يمني اسمه محمود قحطان إن صح وصفه بشاعر، يقول في مطلعها:


كلُّ النسَـاءِ خَائِـنَاتٌ
وسَأطعنُ كـلُّ النسَـاءْ


صورة واضحة وعمومية لمكنونات الشاعر الشرقي حول صورة المرأة، فكل النساء برأيه خائنات يستوجبن القتل، وإن قرأناه بشكل أكثر جدية ربما نجده يريد كذلك وأدها منذ الطفولة، فقط لمجرد كونها امرأة، وحين نتابع معه في ذات القصيدة نجده يقول :

طابتْ بكِ شَهـوتُـكِ
فَخَلَعتِ عَنكِ الــرِداءْ

تَلعثَمتْ بِكِ الأرصِفَـة
فأنتِ بَعضُ الأشـيَـاءْ

هيَّا اسقُطي وانْـطَـوي
وتَمَـددَّي .. بلا عـنَاءْ

سُحباً موبـوءةً مُنْـفِـرَة
تَـتَـلاطمُ في الخَـفَاءْ

ذات الجدل إياه بين المتغطية وبين المتعرية، فلا هذه أرضته ولا هذه سترضيه، فقد أصبحت مومس بنظره حين قررت خلع الغطاء أو غطاء الكفن الأسود عن وجهها وبالتالي نجده يعيد تكرار حكمه السابق ويعلن بتباهي بأنه أصدر الحكم على كل النساء بالعهر الأبدي.

أصدرتُ حُكميَ أنَّنـي
مَا عرفتُ امـرأة ًبَـرَاءْ

فكُلُّ النِّسَـاءِ خائنـاتٌ
وسَأطعنُ كُلُّ النِّـسَـاءْ


توقفت كثيراً عند هذه القصيدة، وفكرت كثيراً هل يستحق كاتبها أن أرد عليه، ولكني شعرت للحظة بأن الرد عليه وأمثاله هو الوقوف بوجه التراث العفن الذي ورثناه، ودققت أكثر في محاولة لتخيل حالة عربية عامة تنظر للمرأة بهذا الشكل، ومن خلال هذه النظرة بدأت استوضح لماذا نرى المرأة دوما ملفوفة بثوب الخطيئة الأسود في غالبية بلداننا العربية، وتغطي وجهها بالأسود أيضاً، وكأنها تلبس كفنها الدائم، وبدأت بتفسير عدم قدرة العربي عن الخروج عن مقاييس الشرقية العربية، وكأن فحولته غدت مقياس أدبي جديد في أطر استخدام وتوظيف اللغة في التعبير عن كوامنه، ولأنه يظن للحظات أن بوحه بمشاعره تجاه المرأة تنتقص من قدره وشرقيته وفحولته، وربما الإفصاح عن الحب يمس قدرات الرجل الجنسية، فنراه ينتج مسخاً من الكلام يدعي بأنه شعر، متناسياً بأن الشعر هو أداة تعبير عن الذات والنفس لغوياً، وأن الشعر كما وصفته المدرسة الرومانسية بأن الشعر هو الشعور، فمصيبة وكارثة بأن يكون هذا هو فعلا شعورنا تجاه الإنسان، وبنفس الوقت أن الشعر أداة خطاب الأخر لإيصال صورة المجتمع للأخر، فإن كان الشعراء العرب سيكتبون كما كتب هذا الشويعر المسمى محمود قحطان، فالأفضل لنا أن نجعل من ديوان العرب مطحنة بن، أو بئر نفط ونستريح، كي نكتفي بتصدير البن والتمر والنفط بديلاً واقعياً لمجتمعاتنا في تصدير الأدب الشرقي للمجتمعات الأخرى، لأن ما سننتجه من أدب على هذه الشاكلة سيجعل العالم ينظر لنا كإنسان العصر الحجري الأول، والأولى أن نعيد كتابة هذه القصائد الشرقية حفراً بالمسماريات على الجدران أفضل من تدوينها على الورق، لكي نثبت حقاً بأن مثل هذه العقول لا يصلح لها إلا الحفر بالمسماريات كتعبير عن تخلفها عن العالم بأكثر من عشرة ألاف عام.

وعلينا أن نمنع دخول الأدب الغربي لأسواقنا كي لا نتلوث بحرية هذا الغرب اللعين الذي يرى بأن ميزان الإنسانية كفتان متعادلتان في مقابل بعضهما بالنسبة للرجل والمرأة، وأن نعلن في كل بيانات الشرق العربي بأن كوندليزا رايس ومارجريت تاتشر وغيرهن لم يكن نساءً عاديات، بل أن الجن قد تلبسهن ولكن أهلهن لم يجدوا حتى اللحظة شيخاً يستخرج منهن الجن.

وفي المقابل على من يريد التغريد خارج السرب فقط أن يخرج من كهف الشرق ويهاجر، ليستطيع يوما تعليق عبارة تناسب امرأة أحبها على شاكلة : " كيف اجمّع ما خرج من صدركِ وأتنفسه؟"
لأن أنفاس المرأة كذلك رجس من عمل الشيطان، ولأنها بمقاييس الشاعر العربي محمود قحطان فاجرة لا تستحق أن نجالسها أو أن نسمح لها أن تبدي وجهها للآخرين كي تصيبهم بداء الخطيئة.



بقلم : مهند صلاحات
كاتب فلسطيني مقيم في الأردن
salahatm@hotmail.com

سارة محمد الهاملي
03-05-2006, 03:24 PM
شكراً لك أخ مهند على المقالة التي استمتعت بها والتي أتفق وأختلف معها.
تقبل تحياتي.

مهند صلاحات
04-05-2006, 10:33 PM
العفو
وما المشكلة في أن نختلف ؟؟
الإختلاف هوية

حوراء آل بورنو
04-05-2006, 11:04 PM
الاختلاف لأجل الاختلاف ليس إلا جنسية اسمها " الشقاق " ! هذا البدء .

ثم أيها الرجل ، لم لا تترك النساء تدافع عن أنفسهن ، إلا إذا كنت مثل هؤلاء الذكور الذين وصفتهم في مقالك " لا يعرفون للمرأة إنسانية " !

ثم لم تكرارك المقيت لكلمة " الكفن " !! فهل غدا حجاب المرأة كفن لها ! أم أن الله - سبحانه و علا - يبغض كل بنات حواء فأجبرهن في شرع أنزله على الحجاب نكاية بهن - سبحانه و تعالى عما يصفون .
ثم ما كان الحجاب فرضا على النساء إلا حماية لهن من أمثال أنت تعرفها ، و صوناً لها من عيون وقحات أنت قرأت عن أصحابها !

ما بال قوم من بني يعرب يعرف من الإسلام حجاب المرأة و لا يعرف عنه عفة القلم و لا نزاهة الكلمة !

إن كنت تقول لا إله إلا الله فتقبل من إلهك كل ما فرضه عليك و إلا فأعلن كفرك بشرعه و تنحى .

إذا كنت ممن يحترم كلمته فاحترم شرع الله بداية فهو أولى .
و لا تجعل من قضية الدفاع عن المرأة حجة لبث احتجاجك على حجاب المسلمات و رفضك لحقهن في صيانة أنفسهن من كُثر لا يعرفون لله حقاً و لا للعزة منطقاً .

دع المرأة تدافع عن نفسها فهي بهذا أولى إلا إذا كنت تظن أنها دونك في الحق .

مهند صلاحات
04-05-2006, 11:44 PM
الاختلاف هوية بغض النظر
لكن لا يحق لك مصادرة راي الاخر كما فعلت هنا
من حقي ان اقول ومن حق من يشار ان يقرأني ومن حقك ان تردي لا ان تصادري الراي

مهند صلاحات
04-05-2006, 11:45 PM
انت تريدين ان ارى مشهدا كهذا واقول قضاء وقدر


http://www.diwanalarab.com/article.php3?id_article=4305

ان كنت تقبلين فغيرك لا يقبل وانا لن اقبل

حوراء آل بورنو
05-05-2006, 12:00 AM
ليست المرة الأولى التي نتناقش فيها حول نقطة معينة لترد في ناحية أخرى !!!

هل كنا نتحدث عن تفريط بعض الناس في شرع الله و ضياع حقوق أبنائهم !!!
لا ... بل صدقت . كنّا نتحدث عن تفريط الناس في شرع الله أمثال من يتعرض للحجاب ، ثم تسوق شواهداً على اعتداء الذكور على حق أنثاهم في الحياة .

عجبي .

مهند صلاحات
05-05-2006, 12:14 AM
أنت تبحثين في الشرع لانه يحد وجهة نظرك وانا ابحث في موضوع الانسان كإنسان وليس لك أن تقيديني بطريقة تفكيرك
مسألة الشرع مسألة حرية ( لا إكراه في الدين ) فأنا أنطلق مما أعتقد سواء فكر حر
فكر علماني
فكر تحرري
فكر إنساني
لا يحق لك مصادرة وجهات نظر الأخرين إلا إذا كنت من جماعة الزرقاوي

حوراء آل بورنو
05-05-2006, 12:32 AM
أتظن أن الشرع يحد وجهات النظر و يقنن التفكير و الفهم ؟؟؟
أهذا ظنك بشرع الله ؟؟؟
و أي إنسان تبحث عنه ؟؟؟
إليس الإسلام - بشرعه - أرقى فكر رعى الإنسان و الإنسانية ؟؟؟
أتنكر هذا ؟؟؟
إن كنت تنكره ففي يقينك بدين الله - الإسلام - شك ؟؟؟

ثم أي حرية تتحدث عنها ؟؟؟
أليست العلمانية و التحريرية و الإنسانية تخض لقواعد و قوانين - و إلا لكانت العبث بعينه - ، ثم قوانين كل تلك الترهات التي تفخر أنك تنتمي إليها إليست وضع من
بشر ؟؟؟
و هل البشر أكثر فقها وفهما من خالق البشر ؟؟؟

حق الآخر - يا آخر - يقف عند حد الطعن بالدين ، أتفهم هذا أم لا ... لا حق لك هنا و لا في أي مكان يرفع راية أن لا إله إلا الله و أن محمد رسوله الله ما دمت تنكر شرعه و تجحد قواعده و ترفض قوانينه .
فاذهب إلى قواعد أمريكية و ارفع راية العلمانية التي تحملها لعلها ترفرف هناك ؟؟؟

دين الحق لا يتجزأ ، إما أن تقبل بالله ربا و بالإسلام دينا و ترضى بشرعه قانونا عليك و إلا فاعترف أنك المنافق .

و هذا آخر رد عليك ، فليس لمثلك حق علينا .

خليل حلاوجي
05-05-2006, 12:40 AM
لاأعتراض على ضرورة ألتزام المرأة لحجابها ... بتاتا"

كما لاأعتراض على ألتزام المرآة دورها الحضاري في مجتمعنا الاسلامي

العلة أننا لانتقبل المرأة في أدوارها القيادية ، نحن نرفض أن تقود سيارة ونغض الطرف عن أنها تقاد ويبغي عليها القساة ويحللون بيعها وشرائها ... بأنواع الانكحة التي بدأنا نسمع عنها ... كزواج المسيار وغيره

نحن نغض الطرف عن عشرات الاشتراطات الاجتماعية التي تجعل المرأة في مجتمعنا مغبونة الحظ حتى عن شرع الله تعالى

الحق أقول ...
أننا لو تشبثنا بروح ماوهب الشرع للمرأة من حقوق لعشنا وعاشت معنا وفق مراد الله لاستخلافنا الارض

لكننا نركز على الحجاب وننسى أن ثمة رق حقيقي غير معلن ...

والله أيها السادة ... لقد أطلعت على أعراف تتم عندنا في العراق وأبكاني مشهد التعسف والجور في ميراثها وزواجها وطلاقها ...
نحن ننادي بتخم وعضية والواقع يشهد أننا لانطبق ماندعوا له

ومن ناحية ثانية أؤيد أستنتاج الاخ مهند وأذكره بما أورده مالك بن نبي حول تأكيدنا على حجاب الشعر وأغفالنا حجاب الفكر ... أنها ذات جذر نفسي له علاقة بسايكلوجيا وطبيعة أنساننا المضطرب جنسيا"

والله تعالى أحكم وأعلم

مهند صلاحات
05-05-2006, 01:21 AM
أخي العزيز خليل جميل منك ان تكون قد فهمت المقال بحرفيته وفهمت جوانبه والمشكلة التي لم يستطع البعض الا ان يقرأ اول كلمتين ويأتي ليهجم فقط

المشكلة يا عزيزي خليل اني تطرقت لنقطة ان البعض فينا لا يرى انثى وذكر
يرى فقط اجساد
يميز الرجل من المرأة بالصدر المنتفخ او بالباس بالتالي هو لا يدرك اي قيمة لا فكرية ولا غيرها هو يدرك قيمة جسدية فقط
جميعهم يا صديقي تجسيديون فقط يرون اجساد ويلهثون خلفها
والبعض في الطرف الاخر يتطرف جدا خوفا من الجسد فيغطيه وكلاهما مخطئ
سعدت جدا بكل كلمة كتبتها اخي خليل وكأنك تقرأني