تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الفارس و الشقيقات الثلاث - حكاية للأطفال



نزار ب. الزين
06-05-2006, 05:28 AM
من حكايات عمتي
حكاية للأطفال

الفارس و الشقيقات الثلاث
بقلم : نزار ب. الزين*
*****[align=right]كان يا ما كان في سالف العصر و الزمان
ثلاث شقيقات ، يسكنَّ في طاحون ، و في يوم من الأيام ، جاء خباز إلى الطاحون فاشترى عددا من أكياس الطحين ، وضعها في عربة يجرها حصان ، و قبيل أن يمضي سمعته كبراهن و هو يقول للطحان :
- أنا لا أخبز الخبز و أبيعه و حسب ، بل أخبز لزبائني الصفائح باللحم و دبس الرمان و الفطائر باليض و الأجبان و حتى الحلويات أشكال و ألوان .
سمعته (حنّا) كبرى الشقيقات الثلاث فسال لعابها ، و بسرعة اتخذت قرارها ؛ فقالت لشقيقتيها ( بنّا ) و ( كركزنّا ) :
- لقد مللت ضجيج رحى الطاحونة ، و ضجرت من أكل الحبوب مطحونة و غير مطحونة ، سأغادركما في الحال ؛ ثم ودعت شقيقتيها ، و قفزت إلى عربة الخباز و اندست بين أكياس الطحين .
بعد عدة أيام ، حضر إلى الطاحون لحّام ، فاشترى كيسا واحدا من الطحين ، وضعه فوق عربة صغيرة يجرها حمار ، و قبيل أن يمضي سمعته ( بنّا ) و هو يقول :
- كيس الطحين هذا للبيت ، فإن زوجتي تحب أن تخبز أرغفتها في البيت ، و تصنع لنا ( مناقيش الزعتر و اللحم بالعجين ) ، أما في الدكان ، فأنا أبيع اللحم ، و أحضِّر للزبائن خلطة الصفائح أو البيض بالجبن ، و الكبة و الكباب أو ( اللحمة بالصحن ) .
سمعته ( بنّا ) فسال لعابها ، و بسرعة اتخذت قرارها ؛ فقالت لشقيقتها ( كركزنّا )
- لقد مللت ضجيج رحى الطاحونة ، و ضجرت من أكل الحبوب مطحونة و غير مطحونة ، سأغادرك للتو و اللحظة ؛ ثم ودعت شقيقتها و قفزت إلى عربة اللحام و اختبأت وراء كيس الطحين الذي اشتراه .
*****
بعد حوالي شهر ، قدم إلى الطاحون فارس ، طويل القامة عريض المنكبين ، مفتول العضلات ، كث الشاربين ، و قد وضع خلفه كيسا من القمح جاء ليطحنه في الطاحون ، و لكنه فوجئ بالطاحون مغلقة الباب، و قد كتب عليه " الطاحون مغلقة لأغراض الصيانة " و إذ همَّ بالعودة ، برزت له ( كركزنّاَ) على حين غرة ، ثم خاطبته متوسلة :
- يا راكب فرسك ، يا مطنطن جرسك ، قل لحنّا ، قل لبنّا ، كركزنّا راح تموت.
أصيب الفارس الهمام بالهلع ، فركب حصانه على عجل ، و مضى سريعا و قد أذهله ما سمع و ما رأى .
و في طريق عودته ، تذكر أبو ضرغام أن عليه شراءالخبز للبيت، طالما أن القمح لم يتمكن من طحنه ، فزوجته لن تستطيع صنع الخبز في البيت بدون طحين .
عندما وقف أمام المخبز ، انتبه الخباز إلى وجهه المصفر و يده المرتعشة ، فسأله:
- خير إنشاء الله ، أيها الفارس ابو ضرغام ؟ مابك ، هل أنت – لا سمح الله - مريض ؟ فأجابه الفارس بفم مرتجف :
- إذا حدثتك بخبري فلن تصدقني .
= بل أصدقك ، فأنت الفارس المقدام ، أبو ضرغام ، الصادق الأمين ، في كل وقت و حين ، فما هو خبرك ، أطال الله عمرك ؟
قال الفارس و شفتاه لا زالتا ترتعشان :
- ذهبت إلى الطاحون لأطحن قمحي ، فوجدتها مغلقة الأبواب ، هممت بركوب فرسي استعدادا للعودة من حيث أتيت ، و فجأة برزت لي فأرة ، نعم فأرة هل تصدق ؟ خاطبتني بفصيح اللسان قائلة :
- يا راكب فرسك ، يا مطنطن جرسك ، قل لحنّا ، قل لبنّا ، كركزنّا راح تموت .
في هذه اللحظة برزت ( حنّا ) من جحرها وصاحت باكية :
- ويل لي ، إنها أختي !
أصيب الفارس و الخباز بالرعب ، الفارس اعتلى صهوة جواده على عجل و مضى مسرعا ، أما الخباز فقد جمده الرعب غير مصدق ما رأته عيناه و ما سمعته أذناه .
قبل أن يصل الفارس إلى مزرعته تذكر أن زوجته أوصته أن يحضر معه لحما معدا للكباب ، فعاد أدراجه إلى دكان اللحام ، الذي ما أن رآه حتى انتبه إلى وجهه المصفر و عرقه الغزير و يديه المرتجفتين فسأله :
- خير إنشاء الله ، أيها الفارس أبو ضرغام، مابك ، هل أنت – لا سمح الله - مريض ؟ فأجابه الفارس بفم مرتجف :
- إذا حدثتك بخبري فلن تصدقني !
= بل أصدقك ، فأنت الفارس المقدام ، أبو ضرغام ، الصادق الأمين ، في كل حين ، فما هو خبرك ؟
قال الفارس و شفتاه لا زالتا ترتعشان :
- ذهبت إلى الطاحون لأطحن قمحي ، فوجدتها مغلقة الأبواب ، هممت بركوب فرسي استعدادا للعودة من حيث أتيت ، و فجأة برزت لي فأرة ، نعم فأرة هل تصدق ؟ خاطبتني بفصيح اللسان قائلة :
- يا راكب فرسك ، يا مطنطن جرسك ، قل لحنّا ، قل لبنّا ، كركزنّا راح تموت .
و عندما حدثت الخباز بخبري ، برزت لي و له فأرة أخرى ، و صاحت باكية :
- ويل لي ، إنها أختي ...
في هذه اللحظة برزت (بنّا) من جحرها و صاحت باكية :
- ويل لي ، إنها أختي !
أصيب الفارس و اللحام بالرعب ، الفارس اعتلى صهوة جواده على عجل و مضى مسرعا ، أما اللحام فقد جمده الرعب غير مصدق ما رأته عيناه و ما سمعته أذناه .
*****
في اليوم التالي ، فوجئت ( كركزنّا ) بشقيقتها ( حنا ) في مدخل جحرها و قد جرَّت وراءها عربة صغيرة مليئة بالخبز الشهي و الفطائر بالجبن والبيض ، كانت كركزنّا المسكينة طريحة الفراش على حافة الموت جوعا ، بعد أن نضبت الطاحون من كل أثر للقمح أو الطحين ، عانقتها ( حنا ) و بدأت - في الحال - تغذيها .
و بينما هما كذلك ، إذا ب( بنَا ) تدخل عليهما و قد جرت وراءها عربة صغيرة ملأى بلحم الكباب و لحم الصفائح معجونا بدبس الرمان ، و قد هالها ما رأته من ضعف شقيقتها ( كركزنّا ) فانحنت عليها تعانقها و تقبلها ، ثم التفتت إلى شقيقتها ( حنا ) فعانقتها و قبلتها أيضا .
ارتدّت الروح إلى ( كركزنّا) برؤية شقيقتيها ، و أخذت ثلاثتهن يتحدثن - ضاحكات - عن الفارس الهمام ، الذي أرعبته الفئران !

و توتة توتة خلصت الحدوتة
----------------------------------------
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب

سحر الليالي
07-05-2006, 08:17 PM
قصة جميلة جدا

سلم قلمك أستاذي نزار

دمت لنا

تقبل خالص تقديري وباقة ورد:0014:

نزار ب. الزين
14-05-2006, 06:55 AM
قصة جميلة جدا
سلم قلمك أستاذي نزار
دمت لنا
تقبل خالص تقديري وباقة ورد:0014:

==========================
أختي الفاضلة سحر
شكرا لثنائك الدافئ و ألف شكر لباقة الورد
و دمت في رعاية الله
نزار ب. الزين

أيمن شمس الدين محمد
16-05-2006, 03:49 PM
أستاذنا العزيز نزار
بورك فيك.. قصة جميلة جداً حقاً وأسلوب أشبه بأسلوب ألف ليلة وليلة الجميل الذي يترك في النفس أثره.. وتظل كلماته تطن وترن في أذن قارئه..
شكراً لك على هذه القصة.. وتقبل خالص تحياتي..
وفي انتظار الجديد دوماً
والسلام عليكم

أيمن شمس الدين محمد
16-05-2006, 03:50 PM
صديقك دائماً
ايمن شمس الدين
ولا تنسى أن تخبر الشقيقات تحياتنا وألا يفترقن ثانية أبداً

محمد عبد الحميد الصعيدي
16-05-2006, 10:35 PM
بسم الله
أستاذنا العزيز نزار
أرجو منكم سعة الصدر لصغير - يبلغ من العمر الثلاثين - يحبو فى واحة أدبكم ؛ فما زلت أخطو خطواتى الأولى فى عالم ابتعدت - أو أبعدت مبنية للمجهول - عنه وهو عالم الأدب ... والآن أستاذى العزيز أسأل
هل هناك دلالة معينة أو رمز لأسماء الشقيقات الثلاثة؟ وإذا طلبت من سيادتكم اقتراح أسماء أخرى يستطيع طفل مصرى فهمها فماذا تقترحون؟ عفوا فأطفال اليوم عفاريت ومردة وابن أختى البالغ من العمر سنوات ثلاثة لا يرحم ولا يعرف أنصاف الإجابات ولست أدرى لماذا لا يقتنع بالإجابات التى كانت تسكتنى بها أمى التى هى جدته :002:
لماذا لم تقفز "كركزنا" هى الأخرى وتختفى وراء كيس القمح الذى جاء الفارس يطحنه وتذهي لتعيش عنده وتنجو بنفسها من الجوع؟ أم أن ما أتعبها هو بعد أخواتها عنها؟
فى النهاية ما هى أهم الدروس التى يجب أن أركز عليها وأنا أحكى القصة للأطفال؟
شكرا جزيلا وعذرا للإطالة
:hat: :NJ:

محمد سلطان الحريري
17-05-2006, 05:37 PM
العم الحبيب نزارالزين :
قصتك جميلة جدا ،قرأت مع أختي دعاء وأعجبتنا كثيرا ،وذكرتنا بكثير من القصص التي كان يحكيها لنا جدي .
وفرحنا لفرح حنا وبنا وكركزنا ،وننتظر منك قصة جديدة.

نزار ب. الزين
18-05-2006, 05:04 AM
العم الحبيب نزارالزين :
قصتك جميلة جدا ،قرأت مع أختي دعاء وأعجبتنا كثيرا ،وذكرتنا بكثير من القصص التي كان يحكيها لنا جدي .
وفرحنا لفرح حنا وبنا وكركزنا ،وننتظر منك قصة جديدة.
================================
تحية خاصة لك يا محمد و لشقيقتك دعاء فأنتما أول طفلين يعلقان على القصة
لقد أسعدني جدا إعجابكما بها ؛ و سأبذل جهدي لتقديم حكاية جديدة في أقرب فرصة ،
و بالمناسبة ألم تقرءا حكايات الأطفال الأخرى ؟ ، لقد قدمت حتى الآن ثماني حكايات .
شكرا لحضوركما أيها الصاعدان و إلى الأمام .
نزار ب. الزين

نزار ب. الزين
18-05-2006, 05:20 AM
بسم الله
أستاذنا العزيز نزار
أرجو منكم سعة الصدر لصغير - يبلغ من العمر الثلاثين - يحبو فى واحة أدبكم ؛ فما زلت أخطو خطواتى الأولى فى عالم ابتعدت - أو أبعدت مبنية للمجهول - عنه وهو عالم الأدب ... والآن أستاذى العزيز أسأل
هل هناك دلالة معينة أو رمز لأسماء الشقيقات الثلاثة؟ وإذا طلبت من سيادتكم اقتراح أسماء أخرى يستطيع طفل مصرى فهمها فماذا تقترحون؟ عفوا فأطفال اليوم عفاريت ومردة وابن أختى البالغ من العمر سنوات ثلاثة لا يرحم ولا يعرف أنصاف الإجابات ولست أدرى لماذا لا يقتنع بالإجابات التى كانت تسكتنى بها أمى التى هى جدته :002:
لماذا لم تقفز "كركزنا" هى الأخرى وتختفى وراء كيس القمح الذى جاء الفارس يطحنه وتذهي لتعيش عنده وتنجو بنفسها من الجوع؟ أم أن ما أتعبها هو بعد أخواتها عنها؟
فى النهاية ما هى أهم الدروس التى يجب أن أركز عليها وأنا أحكى القصة للأطفال؟
شكرا جزيلا وعذرا للإطالة
:hat: :NJ:
==================
أخي العزيز عابر
الأسماء هي محض ابتكار لكي تكون على قافية واحدة ، ففي الحياة العملية لا وجود - مثلا - لإسم ( كركزنا ) ، أما لماذا لم تقفز كركزنا ، فيبدو أنها لا تحب الإغتراب ( ؟! )
أهم درس يمكن استنتاجه أن ( المظهر لا ينبئ عن حقيقة الإنسان ) ، فبالرغم من طوله و عرض منكبيه و شاربيه الكثين و مظهره كفارس شجاع مقدام ، فقد أخافته الفئران حتى النخاع .
أما الدرس الثاني ، فهو محبة الشقيات الثلاث لبعضهن بعضا ، و سرعة الأختين ( حنا و بنا ) لنجدة شقيقتهما كركزنا .
شكرا لإهتمامك بالحكاية و تحية خاصة إلى ابن شقيقتك
مودتي و تقديري
نزار ب. الزين

محمد عبد الحميد الصعيدي
18-05-2006, 12:52 PM
أستاذى الرائع
سعدت بردكم , ودائما أسعد - وكلى شرف - بمصافحة أعمالكم .
دمت لنا

نزار ب. الزين
19-05-2006, 06:37 PM
صديقك دائماً
ايمن شمس الدين
ولا تنسى أن تخبر الشقيقات تحياتنا وألا يفترقن ثانية أبداً
====================
الأخ العزيز أيمن
سأبلغهن سلامك و تحياتك ، و أرجو ألا تخاف منهن إذا ظهرن لك و لو حتى في المنام
شكرا لمرورك و دمت بخير
نزار ب. الزين

ربيحة الرفاعي
12-09-2012, 05:54 AM
قصة جميلة تحمل للطفل إلى جانب المتعة روح الأخوّة ومعاني الاهتمام بالأهل والأخوة والحرص عليهم
ولو كلف ذلك التخلي عن مكتسبات شخصية وراحة متحققة

أهلا بك أديبنا الكريم ف يواحتك

تحاياي

وليد عارف الرشيد
19-09-2012, 09:18 PM
قصة ماتعة مفيدة بسردية تشد ببساطتها الكبار قبل الصغار
أحييك مبدعنا الراقي على جميل ما تتحفنا به من القص
هل تود أستاذي اقتراح أيٍ من قصص الطفولة لمشروع الواحة لقصص الأطفال أرجو إن كان كذلك أن ترسل لي نصوص نهائية أضيفها إلى متصفح القصص المشاركة
محبتي وكثير تقديري

براءة الجودي
11-05-2013, 11:37 PM
لك طابع قصصي خاص , وكأني اقرأ حكايا أجنبية مترجمة أو القصص العالمية كالأنف العجيب , والبجعات المتوحشات , وليلى والذئب والأميرة الحسناء النائمة وغيرها
كانت القصة تحمل هدفا وفكرا وهذا هو المهم , مما فهمته منها هو لابد ن يكون هناك صبر وإيثار لاأن تعم الأنانية ويذهب كل شخص همه نفسه وغراحتها ومتعتها وترك من معه في وحدة ووحشة دون سؤال وصلة واطمئنان
دمتَ بخير

سلوى سعد
12-06-2013, 08:56 PM
قصة جميلة ورائعة جدا وفي نفس الوقت مسلية وممتعة
شكرا لك

فاتن دراوشة
23-07-2013, 01:34 PM
حكاية جميلة ممتعة سلم بهاء حسّك أستاذي

مودّتي