صالح العَمْري
13-05-2006, 10:30 PM
رسالة إلى ابن زريق البغدادي !!
شعر: صالح بن علي العمري- الظهران
هذه رسالة أرسلها إلى محمد ابن زريق البغدادي الذي بكى بغداد وودّع حبيبته على فراش الموت بيتيمته الباكية بعد أن غادرها لطلب الرزق ولم يعد إليها.. والتي بقول في مطلعها مخاطبا زوجته:
لاتعذليهِ فإن العذلَ يولعُــهُ = قد قلتِ حقّا ولكن ليس يسمعُهُ
يكفيهِ من لوعةِ التفنيدِ أنّ له= من النّوى كلّ يوم ما يروعُه
أستودعُ الله في بغدادَ لي قمرا =بالكرخِ من فلك الأزرارِ مطلعهُ
ودّعتُهُ وبودّي لو يودعني =صفو الحياةِ وأنّي لا أودعُهُ
واليوم تذوي بغداد بين خذلان الصديق، وصمت العلماء، وغّدْرة العملاء، وسطوة العدو..
بغدادُ كم مـن قتيـلٍ فيـكِ مصرعُـهُ = وأدمـعُ ابـن ِ زُريـقٍ لا تشيّـعُـهُ
عِظامُه طُحنت في الأعظمـيِّ سُـدى = والكاظمـيّـة ُ هيـعـاتٌ تـروّعُـهُ
وفـي الرمـاديِّ أعـراضٌ مـبـدّدةٌ = وفي ثرى الكرخ ِ-بالأصفاد- مضجعُهُ
كانت فتـوحُُ بنـي العبـاسِ تُطربُـهُ = واليومَ صارت كلابُ الغربِ تُفْزِعُـهُ
محمّدَ ابن زريـقٍ كنـتَ فـي زمـنٍ = من رفعة ِ الدينِ.. والأبطـالُ تمنعُـهُ
هـذا حبيبُـكَ مخـفـوراً بعـزّتـهِ = أمّـا حبيبـي ففـي عيْنِـي تفَجُّعُـهُ
حسبي مـن الضيـمِ أحقـادٌ مُبَيَّتـة = ٌوالعلجُ مـن فلـكِ الأزرارِ مطلعُـهُ
شكوتَ غربتك الحـرّى علـى سفـرٍ = واليومَ ثارتْ علـى المظلـومِ أَرْبُعُـهُ
أبكـاكَ ظبـيٌ عراقـيٌ نـأى، وأنـا = يُبْكي فؤادي عـراقُ الحـبِّ أجْمَعُـهُ
أنت َ الغريبُ المسجّى، والمقيـمُ أنـا = على لظى غربـةٍ حلّـتْ هنـا معَـهُ
ماذا أحدّث عن بغداد فـي زمنـي!! = وللمـدافـعِ إرعـــادٌ تلَعْـلـعُـهُ
وأمتـي فـي سـرابِ الـذلِ هائمـةٌ = قـد اجتواهـا عـدوٌ ليـس تُمْنَـعُـهُ
وللنفـاقِ انتفـاشٌ بـيـن أظهـرهـا = إذ لـم يجـد درّةَ الفـاروق ِ تقمعُـهُ
وللفـؤاد اضطـرابٌ فـي أزِقَّتِـهـا = والدارُ –دارُ الدواهي- ليس توسعُـهُ
فربمـا ثــار بالتفجـيـرِ مركـبُـهُ = وربمـا ضـجَّ بالبـارودِ مضجعُـهُ!!
وربمـا انهـارَ بالصـاروخ مسجـدُهُ = وبمـا طـار بالألغـامِ مخـدعُـهُ!!
وربمـا غُـلَّ ليـلا فـي مداهـمـةٍ = والأمُّ مـن قبضـة الباغـي تنازِعُـه
والزوجُ مغلوبـةٌ.. والبنـتُ حائـرةٌ = يهتاجُ مـن دمعهـا الفيّـاضِ مدمعُـهُ
والشيخُ كالشبحِ الجاثي أسى وطَـوَى = والطفلُ ثديٌ بُغاثُ الجـوعِ تَرْضَعُـهُ
كم مـن فتـاوى مضـلاّتٍ مُسَسْتَنَـةٍ = كأنّـهـا حـيّـة ٌ والـسـمُّ تُنْقِـعُـهُ
وكـم فتـى قُطِّعـتَ أشـلاؤه إربـاً = لم يدرِ –وهو المُعنّى- فيمَ مصرعُهُ!!
وكم ذوى في ربيعِ العُمْرِ مـن عُمَـر = تضلّعتْ بعُـرى التعذيـبِ أضلُعُـهُ!!
كم من أسيرٍ رمـاح الحقـدِ تنهشُـهُ = والموتُ –في زحمة الأهوالِ- مطمعُهُ
بغـدادُ يـا درّة الدنيـا و سـؤددَهـا = أليس مـن يرفـعُ القـرآن يرفعُـهُ؟!
كانت سحابـةُ هـارون تـؤوبُ لهـا = واليومَ حتّى فتاتُ الخبـز ِ نُمنَعُـهُ!!
منائـرُ الذكـر قـد حُطَّـت أهلَتُهـا = وخيرُ أرضي لرأس الكفـرِ نجمعُـهُ
واليومَ يا ابن زريـق ٍ شملُنـا مـزقٌ = وكـلُّ قلـب ٍ هـوى فيمـا يمتّـعُـهُ
وقُطّعَـتْ بيننـا الأوشـاجُ أزمـنـةً = بغيا.. وظلمُ أولي الأرحـامِ أشنعُـهُ..
قد الْتهى علماءُ الديـنِ عـن كُرَبـي = وكيف يشكو الجوى من لا يُجرّعُـهُ؟!
يَجّادلـون علـى "أرلا"* وعجلَتِـهـا = والعلجُ يفري.. وجيشُ الغـدرِ يتبعُـهُ
كأننـي فـي عذاباتـي ومسغبـتـي = موكّـلٌ بغِـلال ِ الجُبـن ِ أجْمَعُـهُ!!
واليومَ يا ابن زريقٍ لم يمـت أملـي = آمنـتُ باللهِ.. مـا يختـارُ يصنعُـهُ..
والله حسبي.. وسلواني.. ومعتضدي.. = كم كفَّ بلوى.. وكم ضيـقٍ يوسّعُـهُ
لعـلَّ فـي حُرقـة الآلام ِ صحوتَنَـا = والكيُّ في مُعضِـلِ الأدواءِ أنفعُـهُ!!
هنـا فتـى عتّقـتْ وجدانَـهُ فتـنٌ.. = والمسكُ بالعصر ِ فـوّاحٌ تضوعُـهُ!!
ذو مِـرّةٍ.. فـي سبيـل الله غدوتُـهُ = فلا الأماني ولا الأهـوالُ تُخضِعُـهُ..
لــه مــن الله آيــاتٌ تبـصّـرُهُ = ومـن نبـي السجايـا مـا يُطَبّـعُـهُ
فانظرْ أيا ابن زريـقٍ نـورَ طلعتِـهِ = فالفجرُ من حالك الظلمـاءِ مطلعُـهُ..
* أرلا: شركة الأبقار الدنماركيّة
شعر: صالح بن علي العمري- الظهران
هذه رسالة أرسلها إلى محمد ابن زريق البغدادي الذي بكى بغداد وودّع حبيبته على فراش الموت بيتيمته الباكية بعد أن غادرها لطلب الرزق ولم يعد إليها.. والتي بقول في مطلعها مخاطبا زوجته:
لاتعذليهِ فإن العذلَ يولعُــهُ = قد قلتِ حقّا ولكن ليس يسمعُهُ
يكفيهِ من لوعةِ التفنيدِ أنّ له= من النّوى كلّ يوم ما يروعُه
أستودعُ الله في بغدادَ لي قمرا =بالكرخِ من فلك الأزرارِ مطلعهُ
ودّعتُهُ وبودّي لو يودعني =صفو الحياةِ وأنّي لا أودعُهُ
واليوم تذوي بغداد بين خذلان الصديق، وصمت العلماء، وغّدْرة العملاء، وسطوة العدو..
بغدادُ كم مـن قتيـلٍ فيـكِ مصرعُـهُ = وأدمـعُ ابـن ِ زُريـقٍ لا تشيّـعُـهُ
عِظامُه طُحنت في الأعظمـيِّ سُـدى = والكاظمـيّـة ُ هيـعـاتٌ تـروّعُـهُ
وفـي الرمـاديِّ أعـراضٌ مـبـدّدةٌ = وفي ثرى الكرخ ِ-بالأصفاد- مضجعُهُ
كانت فتـوحُُ بنـي العبـاسِ تُطربُـهُ = واليومَ صارت كلابُ الغربِ تُفْزِعُـهُ
محمّدَ ابن زريـقٍ كنـتَ فـي زمـنٍ = من رفعة ِ الدينِ.. والأبطـالُ تمنعُـهُ
هـذا حبيبُـكَ مخـفـوراً بعـزّتـهِ = أمّـا حبيبـي ففـي عيْنِـي تفَجُّعُـهُ
حسبي مـن الضيـمِ أحقـادٌ مُبَيَّتـة = ٌوالعلجُ مـن فلـكِ الأزرارِ مطلعُـهُ
شكوتَ غربتك الحـرّى علـى سفـرٍ = واليومَ ثارتْ علـى المظلـومِ أَرْبُعُـهُ
أبكـاكَ ظبـيٌ عراقـيٌ نـأى، وأنـا = يُبْكي فؤادي عـراقُ الحـبِّ أجْمَعُـهُ
أنت َ الغريبُ المسجّى، والمقيـمُ أنـا = على لظى غربـةٍ حلّـتْ هنـا معَـهُ
ماذا أحدّث عن بغداد فـي زمنـي!! = وللمـدافـعِ إرعـــادٌ تلَعْـلـعُـهُ
وأمتـي فـي سـرابِ الـذلِ هائمـةٌ = قـد اجتواهـا عـدوٌ ليـس تُمْنَـعُـهُ
وللنفـاقِ انتفـاشٌ بـيـن أظهـرهـا = إذ لـم يجـد درّةَ الفـاروق ِ تقمعُـهُ
وللفـؤاد اضطـرابٌ فـي أزِقَّتِـهـا = والدارُ –دارُ الدواهي- ليس توسعُـهُ
فربمـا ثــار بالتفجـيـرِ مركـبُـهُ = وربمـا ضـجَّ بالبـارودِ مضجعُـهُ!!
وربمـا انهـارَ بالصـاروخ مسجـدُهُ = وبمـا طـار بالألغـامِ مخـدعُـهُ!!
وربمـا غُـلَّ ليـلا فـي مداهـمـةٍ = والأمُّ مـن قبضـة الباغـي تنازِعُـه
والزوجُ مغلوبـةٌ.. والبنـتُ حائـرةٌ = يهتاجُ مـن دمعهـا الفيّـاضِ مدمعُـهُ
والشيخُ كالشبحِ الجاثي أسى وطَـوَى = والطفلُ ثديٌ بُغاثُ الجـوعِ تَرْضَعُـهُ
كم مـن فتـاوى مضـلاّتٍ مُسَسْتَنَـةٍ = كأنّـهـا حـيّـة ٌ والـسـمُّ تُنْقِـعُـهُ
وكـم فتـى قُطِّعـتَ أشـلاؤه إربـاً = لم يدرِ –وهو المُعنّى- فيمَ مصرعُهُ!!
وكم ذوى في ربيعِ العُمْرِ مـن عُمَـر = تضلّعتْ بعُـرى التعذيـبِ أضلُعُـهُ!!
كم من أسيرٍ رمـاح الحقـدِ تنهشُـهُ = والموتُ –في زحمة الأهوالِ- مطمعُهُ
بغـدادُ يـا درّة الدنيـا و سـؤددَهـا = أليس مـن يرفـعُ القـرآن يرفعُـهُ؟!
كانت سحابـةُ هـارون تـؤوبُ لهـا = واليومَ حتّى فتاتُ الخبـز ِ نُمنَعُـهُ!!
منائـرُ الذكـر قـد حُطَّـت أهلَتُهـا = وخيرُ أرضي لرأس الكفـرِ نجمعُـهُ
واليومَ يا ابن زريـق ٍ شملُنـا مـزقٌ = وكـلُّ قلـب ٍ هـوى فيمـا يمتّـعُـهُ
وقُطّعَـتْ بيننـا الأوشـاجُ أزمـنـةً = بغيا.. وظلمُ أولي الأرحـامِ أشنعُـهُ..
قد الْتهى علماءُ الديـنِ عـن كُرَبـي = وكيف يشكو الجوى من لا يُجرّعُـهُ؟!
يَجّادلـون علـى "أرلا"* وعجلَتِـهـا = والعلجُ يفري.. وجيشُ الغـدرِ يتبعُـهُ
كأننـي فـي عذاباتـي ومسغبـتـي = موكّـلٌ بغِـلال ِ الجُبـن ِ أجْمَعُـهُ!!
واليومَ يا ابن زريقٍ لم يمـت أملـي = آمنـتُ باللهِ.. مـا يختـارُ يصنعُـهُ..
والله حسبي.. وسلواني.. ومعتضدي.. = كم كفَّ بلوى.. وكم ضيـقٍ يوسّعُـهُ
لعـلَّ فـي حُرقـة الآلام ِ صحوتَنَـا = والكيُّ في مُعضِـلِ الأدواءِ أنفعُـهُ!!
هنـا فتـى عتّقـتْ وجدانَـهُ فتـنٌ.. = والمسكُ بالعصر ِ فـوّاحٌ تضوعُـهُ!!
ذو مِـرّةٍ.. فـي سبيـل الله غدوتُـهُ = فلا الأماني ولا الأهـوالُ تُخضِعُـهُ..
لــه مــن الله آيــاتٌ تبـصّـرُهُ = ومـن نبـي السجايـا مـا يُطَبّـعُـهُ
فانظرْ أيا ابن زريـقٍ نـورَ طلعتِـهِ = فالفجرُ من حالك الظلمـاءِ مطلعُـهُ..
* أرلا: شركة الأبقار الدنماركيّة