تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : غيوم رمادية مبعثرة



جمال سعد محمد
18-05-2006, 04:12 PM
قراءة فى غيوم رمادية مبعثرة
ل سناء ابو شرار
إن قراءة رواية غيوم مبعثرة للروائية سناء أبو شرار تؤكد ربط الأحداث بالطابع العائلي وبخاصة أن الكاتبة اختارت عالم القرية لتحل فيه معظم أحداث الرواية حيث تتجلى الروابط العائلية هذه الروابط التى أخذت تضعف فى عالم المدينة والارتباط بالعائلة فى رواية سناء أبو شرار موظف لرصد الصراع العائلى لان الحدث يصاحبه ظواهر تتواءم مع هذا العالم آو لنقل أنها من منتجات هذا العالم ثم تأتى أحداث السفر والرحيل بوصفها أداة معيشية لكن هذه الأحداث قد تسلك مسلكا آخر إذ تتحول إلى تجربة نفسية قد تصعد إلى أفاق العرفانية إذ يحتاج النص إلى طاقة استقبالية خاصة لقراءته فى هذا الأفق :
( كان لابد لها من أن تنضج بسرعة وبقسوة واعقد طريق لهذا النضج السريع هو زواج فرض عليها أن تجد نفسها ملقاة فى قدر شخص لا تعرف عنه سوى الاسم وملامح الوجه خبرتها القليلة بهذه الحياة جعلتها تقف عاجزة عن البحث عن ذاتها ) (1)
وسواء تحركت الأحداث في المدينة أو في القرية فان غواية خاصة مع خلفيات معينة تصاحب الأحداث أحيانا وتتداخل معها أحيانا أخرى وبخاصة تلك الخلفيات الساكنة فى مرحلة الشباب لأبطال الرواية من الشباب ومواجهاتها بمرحلة الكبار ورصد المفارقة بينهما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا

وتعامل الروائية سناء أبو شرار مع الأحداث المعيشية لا ينفى ميلها أحيانا إلى الصعود بالشخوص من إطارها الواقعى المباشر إلى إطار الرمز والقناع بل أنها قد تصعد أحيانا إلى الإطار الأسطورى المباشر أو غير المباشر ولا نقصد بالأسطورية هنا أن ينشىء النص صراعا بين الشخوص الحاضرة والقوى العليا الغائبة وإنما نقصد أسطورية المسلك الذى تسلكه الشخصية أو وقوعها تحت سيطرة غيبية لا تتمكن من مقاومتها وعلى هذا النحو كانت شخصية هيام وكذا شخصية غيداء ذلك أن الأسطورية لم تكن مرتبطة بمكونات الشخصية وسلوكها فحسب بل تجاوزاتها إلى الطبيعة المكانية التى احتوت الأحداث والشخصية بل إن الأسطورية في هذه الرواية قد تجاوزت الإنسان إلى المكان أيضا
وبحق هذا التعالى الذي صنعته سناء أبو شرار بالشخوص فإنها – اى الشخوص – فارقت كينونتها الواقعية الثابتة وامتلكت طاقة تحولية هائلة داخليا وخارجيا كما امتلكت قدرة واسعة على الحركة دخولا وخروجا خفية أو علانية بإذن او بدون إذن بل أنها امتلكت الحق فى الغياب الجزئي و الكلى دون مبرر صريح او ضمنى كما انه أصبح مشروعا حضور ملفوظ الشخصية دون حضور الشخصية من فضاء الرواية – هذا ما حدث لى - وخاصة مع طول فقرات الحوار :
0( لا تفكرى بذلك ابني الأول تزوج والثاني يعمل فى المدينة أما زوجتى فلا علاقة زوجية بيننا سوى عقد زواج حتى اننى لا أكاد أراها
- ولكن اهلى سوف يستغربون طلبك هذا
ثم ماذا عن والدك ؟ مالك هذه الاراضى ؟ هل سيرضى ان تتزوج من ابنة احد المزارعين ) ( 2 )
ويتنوع هذا الملفوظ بين الاقوال المقدسة والمأثورة و الشعبية والادبية وغير ذلك من الاصوات التى تأتى موظفة فى نسيج الرواية
ومن المهم الإشارة هنا إلى إننا نلاحظ غواية الروائية مع ابنية لغوية بعينها يمكن أن تحقق نواتج محددة تسعى الى مزجها بالسياق فعندما تستهدف الرواية عملية التوثيق والتقرير تستدعى الأدوات المنتجة لها مثل صيغ التأكيد وصيغ التكرار والصيغ الدالة على اليقين عموما
وعندما تستهدف الانفعالية فإنها تستدعى الصيغة الإنشائية بوصفها مثيرة للتساؤل أحيانا ومنتجة للأوامر والنواهى أحيانا أخرى وفى هذه المنطقة نلحظ تعالى اللغة على نفسها أو لنقل على طبيعتها الحكائية لترتفع إلى أفاق الشعرية حيث تفقد اللغة قدرا كبيرا من طاقتها التوصيلية وتصبح مستهدفة لذاتها ويصل الفقد قمته عندما يتدخل الرمز والمجاز تدخلا واضحا فى بناء السرد والحوار والوصف وهو ما يعنى ان اللغة عند سناء ابو شرار في أجزاء غير قليلة من روايتها - تسعى لامتلاك إمكانات ليست من طبيعتها الوضعية لان الوضعية تتلازم مع المرجعية او لنقل مرجعيتها تأخذ طبيعة ضبابية فهى موجودة فى معنى معدومة
وفى بعض الأحيان تلجأ الكاتبة إلى ترجمة الحركة الجسدية إلى صياغة لغوية إذا كانت الأبجدية غير محددة أوملتبسة
إن اللغة عند سناء أبو شرار فى روايتها غيوم رمادية مبعثرة تميل أيضا إلى التدفق حتى إنها – أحيانا- لا تسمح للمتلقي بالتقاط أنفاسه وفى حالة التدفق يغيب التدقيق فتمتزج اللغة الصافية بالتداولية
لكن اللافت أننا نفتقد هذا المزج عندما ترتفع اللغة إلى أفاق الشعرية على معنى ابتعادها بمسافة مناسبة عن الدرجة التى ترتبط بالتداولي ارتباطا حميما ثم ترتفع اللغة عندها إلى منطقة الحياد التى تقربها إلى الشعرية وهذا الارتفاع التدريجى يصحبه بالضرورة ربط الصياغة بمراجعها الواقعية أو العرفية كلما ازداد الارتفاع ازداد الابتعاد عن هذه المرجعية
بقى أن أقول إن اللغة عند سناء أبو شرار لا تستحضر واقعها التداولي او الصافي أو الشعري فحسب بل أنها تحمل -ضمنا- مؤشرات الزمان والمكان والواقع الاجتماعي والثقافي وهذا ما أتاح لنا ن نقول أننا فى مواجهة نص ريفى بالرغم من وقوع الكثير من أحداثه فى المدينة

جمال سعد محمد
18-05-2006, 04:30 PM
الهوامش
(1) غييوم رمادية مبعثرة - سناء محمد ابو شرار - مطبوعات " ندوة الاثنين بالاسكندرية 2005 ص55
(2) السابق ص 204
+ سناء محمد ابو شرار
من مواليد غزة - فلسطين
ماجستير فى العلوم القانونية مونبلييه فرنسا وهى شقيقة الشهيد ماجد محمد ابو شرار
وشقيقة الكاتبة بشرى ابو شرار

نسيبة بنت كعب
18-05-2006, 10:43 PM
السلام عليكم

شكرا على هذه المشاركة والتى اعجبتنى كمعلومات فقط ولكنى لم استطع الاستفادة القصوى منها لعدم وجود النص لأطبق عليه ما قرأت

ليتك استاذنا الفاضل جمال سعد تنشر لنا القصة هنا فى منتدى القصة فنستطيع الربط ويكون للنقد اثر

تقبل تقديرى واحترامى لجهودك لأحياء هذه الدوحة المهمة هنا :0014::hat:

جمال سعد محمد
18-05-2006, 10:52 PM
شكرا لك استاذة
سعيد ايما سعادة بمرورك الكريم
فقط انوه انها رواية
وسأقوم باستئذان الكاتبة فى عرض جزء منها
دمت راقية

نسيبة بنت كعب
18-05-2006, 10:55 PM
نحن فى الانتظار استاذ جمال
يشرفنا المرور على مواضيعك التى نتعلم منها
بالمناسبة : توقيعك جميل مبروك عليك

تحيتى :001::014:

جمال سعد محمد
18-05-2006, 11:03 PM
استاذة نسيبة
لك كل المودة فقط خفت الا اكرر موضوع د- حسين

خليل حلاوجي
18-05-2006, 11:11 PM
قراءة فكرية ... أنارت لنا الكثير من المواضع ...

شكرا" لك أستاذ جمال ... نقدك الباهر


ممتن لحضورك معنا

جمال سعد محمد
18-05-2006, 11:22 PM
مليون الف شكر
كم اتمنى ان اقرا لك استاذى
وكم اشرف ان اتناول اعمالكم
دمت اعذب الشعراء طرا

سمير الفيل
21-05-2006, 03:54 PM
جمال سعد محمد ..
دراسة نقدية جيدة ..
عالم سناء ابوشرار غني بالدلالات ..
وقد نجحت في سبر اغوار هذا العالم .

تحياتي .